|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مالك الروح.. قصيدة اللواء متقاعد عبد القادر كمال د. محمد منير الجنباز بين حين وآخر وأنا أستعرض عدداً من الصحف الصادرة بالمملكة إذا بي أجدني أمام قصيدة طريفة للشاعر اللواء عبد القادر كمال، فلاعجب فهو ابن الشاعر عبد الحي كمال الذي كان لي شرف ترجمته في الموسوعة التي أصدرها محب الأدب الشيخ عبد العزيز بن سعود البابطين (معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين) الذي عاش في منطقة جبال عسير المنطقة التي تنطق لوحاتها التي أبدعها الخالق شعراً، وغالباً ما تصنع البلدان المتميّزة بمناظرها الخلابة الشاعر المبدع، إضافة إلى عوامل أخرى فطرية ولغوية وثقافية وسعة اطلاع، ولقد عرفت الشاعر من خلال المجلة العربية في صفحتها الأخيرة قبل أن ألتقيه شخصياً، لأراه ظرفاً ملئاً علماً وثقافة ومعرفة واسعة فضلاً عن حبه وانتمائه لوطنه الكبير، وعمله الدؤوب لخدمته ورفع شأنه، لذلك لا غرو أن يُختار لمجلس الشورى ويجدد له لدورات متعاقبة ثلاث، ولقد كان في غاية النشاط مع ثلة من الأعضاء من خلال تبادلهم في أوقات الاستراحة في المجلس لطائف الشعر، وكذلك في متنزهاتهم ورحلاتهم الصحراوية التي كان فيها من ضمن برنامج الرحلة مسافات يقطعونها سيراً على الأقدام، أقول هذا لأنني لمست بعد تقاعده من مجلس الشورى ثراء شعرياً كأنه كان يختزنه لفترة ما بعد الخروج من المجلس ليخرجه متتالياً، بعد أن كان حبيس سجن الفكر المختزن، بيْد أن الملفت لمن يتابع تطور شعره عبر الزمن يرى أنه في ارتقاء، ففي هذه الفترة أمتعنا بشعر رقيق الحواشي بديع المعاني، راقي الأسلوب، ندياً منفتحاً على النسيب الحلال المصفى، ليس بالمسف وصفاً، ولا بالعاصف عصفاً، لكنه مليء بالعاطفة والوجدان، فيه ذائقة الأدب الندية، والعبارات السلسة الرائقة الوردية التي عدمت من كثير من شعراء الفصحى في هذه الأيام، بيْد أنه لا يخلو من إيراد بعض الكلمات المتكلفة التي اختفت من تعاملنا اللغوي في هذا العصر، فأراد إحياءها أو اختبار ثقافة القارئ في الوصول إلى معناها؛ ثم عاد بشيء من الإشفاق فسهّل على القارئ مؤونة البحث عنها والإخفاق؛ فأثبت له معناها في ذيل القصيدة. ومما يلاحظ على الشاعر عبد القادر كمال، أنه دأب في قصائده الغزلية إلى الانسلال متراجعاً بعد أن يصل فيها إلى قمة الوصف في النسيب والشوق الحالم بكل ما أوتي في هذا الاتجاه من الانصهار بشعوره وعواطفه، فكان سرعان ما يفيق من جنوح الخيال والانقياد وراءه إلى مرحلة الذوبان، فكأنه كان في غيبوبة اللاشعور، ثم طرقته إفاقة فأنزلته من حالق الخيال الرهيف، وما ذاك في تقديري إلاّ الخشية من أن يقال عنه «رجوع الشيخ إلى صباه» فسنّه - أمدّ الله في عمره - والتزامه الديني والفكري، جعله يقف عند حد لا يريد تجاوزه، وإن كان كثير من العلماء الشرعيين قد أجازوا للشاعر ما لا يجيزونه لغيره، لأنّ الشعر مبالغة وما خلا منه من المبالغة يرجعه كثير من الأدباء إلى النظم. وكمثال لما أقوال، ما ورد في قصيدته المساء المعطّر: مساؤكِ عِشْقٌ وبَوْحٌ مُعَطَّرْ ![]() وقِنْديلُ زَيْتٍ وزَيْتونُ أخْضَرْ ![]() مساؤكِ يا حُلْوتي أغْنِياتٌ ![]() وصَوْتٌ شَجِيٌّ ونَغْمَةُ مِزْهَرْ ![]() مساؤكِ حِضْنٌ شَهِيٌّ ودِفْءٌ ![]() ودُرَّاقَتانِ وكوزٌ وسُكَّرْ ![]() مساؤكِ يا شَوْقُ هَمْساتُ حُبٍّ ![]() ورفَةُ جَفْنٍ وعِطْرٌ وعَنْبَرْ ![]() إذا زُرْتُ رَوْضَكِ يَهْتَزُّ قلْبي ![]() ويَنْسابُ هَمْسُ القَميصِ المُخَصَّرْ ![]() أَصَخْرٌ أنا أمْ تُراني جَمادٌ؟ ![]() وحتى الجَمادُ لهُ ألْفُ مَنْظَرْ ![]() وبعد هذا الاسترسال يأتي التراجع والانسحاب، أو قل: الاستجابة طواعية للداخل المتديّن الذي يأمر بالانسحاب، فيقول: أُحَدِّقُ فيكِ ويَزْدادُ شَوْقي ![]() وأَلْجِمُ حِسِّي ولا أَتَسَوَّرْ ![]() وأَغْمِضُ عَيْني عَن المُغْرِياتِ ![]() وعَنْ يانِعٍ مِنْ قِطافٍ مُدوَّرْ ![]() أَهِمُّ، وتَمْنَعُني شِيمَتي ![]() وأُغْضي حَياءً وفي القلبِ خنْجَرْ ![]() أُعِيذُكِ يا شَوْقُ عمّا يُشِينُ ![]() فأنْتِ لِعَمْرِيَ أَسْمَى وأَكْبَرْ ![]() ومَنْ يَعْشَق الرّيمَ لا يبْتَغي ![]() هَواناً لها وهْيَ أَزْكَى وأَطْهَرْ ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |