|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من أقوال السلف عن عالم القبور وأحوال أهلها فهد بن عبد العزيز الشويرخ الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فلكل شيء نهاية, ونهاية الإنسان في هذه الحياة الدنيا: الموت, ثم الدفن في القبور إلى يوم القيامة, يوم يقوم الناس لرب العالمين فيحاسبهم على أعمالهم. إن خيراً فخير, وإن شراً فشر. القبور ظاهرها تراب, وهي في الحقيقة إما روضة من رياض الجنة, أو حفرة من حفر النار. فما هي حال المشيعين للموتى إلى تلك القبور ؟ يقول الإمام الغزالي رحمه الله: " اعلم أن الجنائز عبرة للبصير, وفيها تنبيه وتذكير, قال أسيد بن حضير: ما شهدت جنازة فحدثتني نفسي بشيء سوى ما هو مفعول به, وما هو صائر إليه. وقال الأعمش: كنا نشهد الجنائز, فلا ندري من نعزي لحزن الجميع. هكذا كان خوفهم عند الموت, والآن لا ننظر إلى جماعة يحضرون جنازة إلا وأكثرهم يضحكون ويلهون ولا يتفكر واحد منهم إلا ما شاء الله في جنازة نفسه وفي حاله إذا حمل عليها ولا سبب لهذه الغفلة إلا قسوة القلب بكثرة المعاصي والذنوب حتى نسينا الله تعالى واليوم الآخر, والأهوال التي بين أيدينا, فصرنا نلهو, ونغفل, ونشتغل بما لا يعنينا, فنسأل الله تعالى اليقظة من هذه الغفلة, فإن أحسن أحوال الحاضرين على الجنائز. بكاؤهم على الميت, ولو عقلوا لبكوا على أنفسهم, لا على الميت." كم في القبور من مواعظ وعبر, لو كانت القلوب حية, نسأل الله الكريم الرحيم أن يوقظ قلوبنا من غفلتها. للسلف أقوال عن عالم القبور وأحوال أهلها, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
ـــــــــــــــ
وقال رحمه الله: كان بعض الناس فيما سبق يحفرون قبورًا لهم، ومن الناس من أحدثوا في هذه بدعة، وصار كل يخرج يوم إلى هذا القبر الذي حفر ويضطجعُ فيه، ويزعمُ أنَّ هذا موعظة وتذكير، ولا شك أن هذا بدعة. حفر الإنسان لقبره قبل أن يموت: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا يُستحب للرجل أن يحفرَ قبره قبل أن يموت, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك هو ولا أحد أصحابه, وأيضاً فإن الله تعالى يقول: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:34] والعبد لا يدري أين يموت, وكم من أعدّ له قبراً وبنى عليه بناءً, وقُتِلَ أو مات في بلد آخر, وإذا كان مقصودُ الرجل الاستعداد للموت فهذا يكون بالعمل الصالح.
ويؤمن المؤمنون بأن هذا البرزخ حاجز بين الدنيا والآخرة, وأن الإنسان بعد مفارقته للدنيا لا تنعدم روحه, أما بدنه فإنه ينعدم ويفنى, قد تأكله الأرض ويصير تراباً ورفاتاً, وقد يحرق ويذرى ولا يبقى له بقية, ولكن روحه تبقى, وهي التي يكون عليها العذاب والنعيم, ويقدر الله أن يوصل إلى بدنه _ ولو كان تراباً _ ما يتألم به أو ما يتنعم به. والعبد متى آمن بهذا استعد له, فمتى صدقت بأن هذا القبر إما نعيم, وإما جحيم, حملك ذلك على أن تتأهب بالأعمال الصالحة وبالعقيدة السليمة, حتى تنجو من العذاب, وحتى تسلم منه, وحتى تظفر بالنعيم الذي هو مقدمة بين يدي نعيم الآخرة
نوع دائم, سوى ما ورد في بعض الحديث أنه يخفف عنهم ما بين النفختين, فإذا قاموا من قبورهم قالوا: {يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} [يس:52] ويدل على دوامه قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:46] النوع الثاني: إلى مدةٍ, ثم ينقطع, وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم, فيعذب بحسب جُرمه, ثم يخفَّفُ عنه, كما يعذب في النار مدة, ثم يزول عنه العذاب وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء أو صدقة أو استغفار, أو ثواب حج.... ** قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: عذاب القبر على نوعين: النوع الأول: عذاب دائم وهو عذاب الكافر كما قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:46] الثاني يكون إلى مدة ثم ينقطع وهو عذاب بعض العصاة من المؤمنين فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه وقد ينقطع عنه العذاب بسبب دعاء أو صدقة أو استغفار. من قيل له في قبره: نمً صالحاً, فهذا حاله أحسن من الدنيا بألف مرة: قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «أبدله دارًا خيرًا من داره» الدار الذي سينتقل إليها أول ما ينتقل من الدنيا هي القبر؛ لكن هل يمكن أن تكون خيرًا من داره؟ الجواب: نعم، ولولا ذلك ما دعا الرسول بها؛ إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعو بأمر محال، والقبر يكون خيرًا من الدنيا إذا فُسح للإنسان مد بصره، وقيل له: نم صالحًا، وفُتح له باب إلى الجنة، أتاه من روحها ونعيمها، وفرش له من الجنة، فمن كانت هذه حاله، فوالله إنها أحسن من الدنيا بألف مرة، بل ولا ينسب.
** وقال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: برزخ, هو الحاجز بين الشيئين, فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة, وفي هذا البرزخ, يتنعم المطيعون, ويعذب العاصون, من ابتداء موتهم واستقرارهم في قبورهم, إلى يوم يبعثون. أي: فليُعدوا له عُدّته, وليأخذوا له أُهبتهُ.
العاقل من ينظر إلى قبور غيره فيرى مكانه بين أظهرهم: قال الإمام الغزالي رحمه الله: البصير هو الذي ينظر إلى قبر غيره فيرى مكانه بين أظهرهم, فيستعد للحوق بهم, ويعلم أنهم لا يبرحون مكانهم ما لم يلحق بهم, وليتحقق أنه لو عرض عليهم يوم من أيام عمره الذي هو مضيع له كان أحب إليهم من الدنيا بحذافيرها, لأنهم عرفوا قدر الأعمار, فإنما حسرتهم على يوم من العمر ليتدارك المقصر به تقصيره, فيتخلص من العذاب, فإنهم عرفوا قدر العمر بعد انقطاعه, فحسرتهم على ساعة من الحياة, وأنت قادر على تلك الساعة, ثم أنت مضيع لها.
والمعاصي التي يعاقب عليها العبد يوم القيامة نوعان: حق الله, وحق العباد, وأول ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة, ومن حقوق العباد الدماء. وأما البرزخ فقضى فيه في مقدمات هذين الحق ووسائلهما, فمقدمة الصلاة: الطهارة من الحدث والخبث, ومقدمة الدماء: النميمة والوقيعة في الأعراض, وهما أيسر أنواع الأذى, فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والمعاقبة عليهما.
تالله لقد وعظت, فما تركت لواعظ مقالاً, ونادت: يا عمار الدنيا لقد أعمرتم داراً موشكة بكم زوالاً, وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالاً, عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها, خربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها.
وليس للعبد أنفعُ من هذه التوبة ولا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النوم, حتى يغلبه النوم, فمن أراد الله به خيراً وفقه لذلك, ولا قوة إلا بالله.
** قال ميمون بن مهران: خرجت مع عمر بن عبدالعزيز إلى المقبرة, فلما نظر إلى القبور بكى, ثم أقبل عليّ, فقال: يا ميمون, هذه قبور آبائي بني أمية, كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم وعيشهم, أما تراهم صرعى قد حلت بهم المثلات, واستحكم فيهم البلى, وأصابت الهوام أبدانهم, ثم بكى. ** قال الإمام الغزالي رحمه الله: تفكر أولاً فيما يقرع سمع سكان القبور من شدة نفح الصور, فإنها صيحة واحدة, تنفرج بها القبور عن الموتى, فيثورون دفعة واحدة. قال تعالى: ﴿ { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} ﴾ [الزمر:68] فتفكر في الخلائق, وذلهم وانكسارهم, واستكانتهم عند الانبعاث خوفاً من هذه الصعقة, وانتظاراً لما يقضي عليهم من سعادة أو شقاوة, وأنت فيما بينهم منكسر كانكسارهم, متحير كتحيرهم, بل إن كنت في الدنيا من المترفين, والأغنياء المتنعمين, فملوك الأرض في ذلك اليوم أذل أهل الأرض وأصغرهم وأحقرهم, فتفكر في حالك, وحال قلبك هنالك. ** قال بشر الحارث رحمه الله: نعم النزل القبر لمن أطاع الله عز وجل. وختاماً فالقبور فيها مواعظ وعير لأصحاب القلوب الحية, فهذا ثالث الخلفاء الراشدين, أحد العشرة المبشرين بالجنة, أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه, كان إذا وقف على قبرٍ يبكى, حتى يبلً لحيتهُ, فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكى, وتبكى من هذا ؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن القبر أول منازل الآخرة, فإن نجا منه, فما بعده أيسرُ منه, وإن لم ينج منه, فما بعده أشدُ منه.)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه» [أخرجه الترمذي وابن ماجه, وحسنه العلامة الألباني ]
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |