بين يدي رواية ( حجر الكحل ) للأستاذ محمود توفيق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-02-2022, 03:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي بين يدي رواية ( حجر الكحل ) للأستاذ محمود توفيق

بين يدي رواية ( حجر الكحل ) للأستاذ محمود توفيق
عمار سليمان





إن أروع الروايات هي التي تُجبِرك على البكاء بين يديها، فتشعر بشخوصها، وتلمَس السنين على وجوههم، فتكبَر معهم وتلاعب أطفالهم، وتبكي على آلامهم وأتراحهم، سحرٌ من الأدب والتشبيهات أحلَّت على الأشياء قطعة من رُوح الكاتب التي لفَحها عبقُ الصحراء وبساطة الأرياف، هذا وأكثر منه رسمه الأستاذ محمود توفيق في رائعته الصغيرة (حجر الكحل)، وعلى الرُّغم أن الرواية لا تتعدَّى المائة والأربعين صفحة، فإنها تُسافِر بك فتأخذك من زمن إلى زمن بتسلسل مُتموِّج بين ضعْف وبراءة الطفولة إلى ضجيج الغريزة وحب الانتقام، وترسو بك على شواطئ الرحمة والعفو والالتئام.

يبدأ الأستاذ روايتَه بتشبيه بديع لتلك الحُجرة التي يَسكنها الظل، وخوف (صابرة) وابنها بعد موت الأب الظهير، جموع الأمطار تَصطفُّ لتسيل عبر الطين كدموع تسبلت بالكحل الأسود، فهي لا تعني إلا الحزن والمستقبل المجهول، فهي كخط الزمن لا يتوقَّف، ففي كل زمن هناك (صابرة) وابنها وتختلِف الشخوص وحكاية الظلم واحدة!

ثم يتابِع أستاذنا سردَه واصفًا مرَّ الظلم وعلقمه ينتفخ في صدر ذاك الطفل الذي صنعوا منه وحشًا، ونزعوا منه معالم الطفولة بعملهم الأثيم، ثم يُصوِّر كِبَر الطفل، وكيف يكبر معه موت أمه وظلمها إلى أن يتحوَّل إلى وحشٍ كاسر لا يعرف من الحياة إلا معنى الثأر ولذة الانتقام.

وفي ظل هذا الارتباكِ الإنساني وضياعه يظهر قرينٌ لابن (صابرة)، يكون معنى الخير في الرواية وعُقدتها المميَّزة، فهو ظل الرواية، وأروع ما فيها من معاني الأخلاق والسموِّ الإنساني، فيكون هذا القرين القريب صناعة الألم، كما هو ابن (صابرة)، وتتلاقى أطيافهما على بحور الظلم، ويجمعهم القدرُ ثم يُفرِّق بينهم بُرهة ليجمعهم الاجتماع الأبدي الذي لا ينتهي بانتهاء الرواية؛ لأن المعنى السامي في الرواية هو ما خطَّه الراوي من قلبه، وزرَعه القارئ في وِجدانه، فهو تواصُل غير مرئي بين الكاتب والناظر، لكل منهما دورٌ في بناء الآخر.

لم تخلُ الرواية من بعض شذرات الحكمة العالية والتوجيه السديد؛ فقد قال الأستاذ بين ثنايا روايته عن بطل الظل (حسان) أنه:
آمن بأن الداعية في رَغدٍ إيماني بين أصحابه يُدلِّل نفسه، ولا يَختبِر إيمانَه إلا بخروجه للناس على عِلّاتهم.

ومن روعةِ الحِكم التي سردها الأستاذ عن بطله (عاصم) في معنى الطغيان والعطف إذ اجتمعا:
لعله من تلك الفئة الغربية التي تشمئزُّ من الطاغية، ثم تنفجِر فيها مشاعر الحب والولاء له، حينما يَسقُط ويُذَل ويَنفضّ عنه الناس.

ومن أجمل ما يميِّز الرواية الانتقال الهادئ من جفاء الصحراء والطباع المُغلَقة والحمية المُفرِطة إلى زيف المدنية ونِسيان القضيَّة، وهنا إيماء لمعانٍ في الاجتماع والنفس وتقلُّب الحال بسبب المكان، فاستطاع الكاتب أن يُطوِّعها ليَلُفّ الرواية بسياج من الخيوط المحبوكة بإتقان رائع مُذلَّل بطِباع النفْس وعلاقتها الدائمة مع الزوايا والزقاق.

ومن روائع مِثل هذه الروايات الاستدلال بالآيات والأحاديث والتقريرات النبوية داخل القصة، فيجعلها محور الخير ودافع التحول في النفس، فليس يُغيِّر النفس إلى هذه النسمات الإيمانية التي يهبط بها الكاتب من شفتَي (زايد الصغير) فتسقُط على نفس السامع كقطع الضياء تُصفِّيه من أي شوائب أثخنتْه بمعنى الظلم أو الانتقام، فهذا البلسم المُرتسِم بالكلام يُخمِد فوران نار الدم في القارئ، فيجعله يُعيد حسابَه، وهنا نقطة فاصلة في الرواية تنتقِل من الأبطال على مسرح الخيال إلى الارتجال في عالَم الواقع، فقد تُعيد تائهًا عن أهله أو مظلومًا يُخطِّط لظُلْم نفسه بغيره.

وبخصوص ألفاظ الرواية فهي فخمة مُرصَّعة بالتصوير، مُشبَعة بالتشبيه والوصف الدقيق لبقايا الأماكن، ويتخلَّلها بعض الأمثلة العامية الفصيحة الدارجة على اللسان؛ مما يُقرِّبها من عالمنا، فيشعرنا أن الكلام، وإن كان في زمن بعيد، فهو ماثل الآن وبقوة في كل معاني الظلم التي ألِفها البشر.


وخاتمة الرواية كانت إعادة تراجيديَّة سامية لحجر الكُحل، حيث كان في (صابرة) معنى الحزن، فأضحى في (رابعة) معنى اللقاء، وانسداح الصباح وشدوِ البلبل على صفحات الرياح.

أخيرًا: آثرتُ أن أصِف الرواية وصفًا عامًّا؛ كي لا أَنزِع لذَّتها عنكم حين قراءتها، وها أنا وضعتُ نفسي هنا وما فعلتْه الرواية بي على أمل تَجدُّد مِثل هذه الأعمال الراقية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.61 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.45%)]