|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الطلاق في الحيض د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني تعريف الطلاق: الطلاق لغة: الطاء، واللام، والقاف أصل صحيح يدل على التخلية، والإرسال، والترك[1]، يقال: أطلقت الناقة، و: طلقتُ هي إذا حللتُ عقالها، فأرسلتها[2]، و: طلقت البلاد إذا فارقتها، و: طلقت القوم إذا تركتهم[3]، و: أطلقت القول إذا أرسلته من غير قيد، ولا شرط[4]، ومن المجاز: طلقت المرأة من زوجها، إذا بانت منه[5]. والطلاق هنا مأخوذ من قولك: أطلقت الناقة، فطلَقت إذا أرسلتها من عقال وقيد، فكأن الزوجة موثقة عند زوجها، فإذا فارقها أطلقها من وثاق، ويدل على ذلك قول الناس: هي في حبالك إذا كانت تحتك، يراد أنها مرتبطة عندك كارتباط الناقة في حبالها[6]. الطلاق شرعا: تنوعت تعريفات الفقهاء للطلاق إلا أنها تقاربت في المعنى. عرفته الحنفية بأنه رفع القيد الثابت شرعا بالنكاح[7]في الحال، أو المآل بلفظ مخصوص[8]. قولهم: «شرعا»: يحترز به عن رفع القيد الثابت حسًّا، وهو حل الوثاق، وقولهم: «بالنكاح»: يحترز به من العتق؛ لأنه رفع قيد ثابت شرعا لكنه لا يثبت ذلك القيد بالنكاح[9]. وقولهم: «في الحال»: أي الطلاق البائن، وقولهم: «المآل»: أي الطلاق الرجعي، وقولهم: «بلفظ مخصوص»:أي ما اشتمل على الطلاق بخلاف الفسخ[10]. وعرفته المالكية بأنه حلُّ العصمة المنعقدة بين الزوجين[11]بصيغة تقتضي ذلك[12]. وعرفته الشافعية بأنه حل قيد النكاح بلفظ طلاق، أو نحوه[13]. وعرفته الحنابلة بأنه حل قيد النكاح، أو بعضه[14]. قولهم: «أو بعضه»: أي حل بعض قيد النكاح بالطلاق الرجعي إذا طلقها طلقة رجعية[15]. والذي يظهر من هذه التعريفات السابقة أن تعريف الحنفية أشملها؛ لأنه جمع حدود الطلاق، ومنع من دخول غيره فيه، ويتضح ذلك فيما يلي: 1- فرق التعريف بين حل القيد شرعا، وحسًّا. 2- أخرج العتق، والفسخ عن تعريف الطلاق، فكلاهما حلٌ لقيد النكاح، ولكنَّ الأول حل قيد غير شرعي، والثاني له ألفاظ غير ألفاظ الطلاق. 3- اشتمل على نوعي الطلاق البائن، والرجعي. تعريف الحيض: الحيض لغة: السيلان، يقال: حاض المال إذا سال، و: حاضت المرأة إذا سال دمها[16]، ويقال: اسْتُحيضَتِ المرأة إذا استمرَّ بها الدم بعد أيامها، فهى مستحاضة[17]. وحاضت المرأةُ تحيض حيضا، ومحيضا، ومحاضا، فهي حائِضٌ، والجمع حُيَّض، وحوائِض، والحَيْضَةُ المرة الواحدة، والحِيضَةُ بالكسر الاسم، والجمع الحِيَضُ[18]. الحيض شرعا: تنوعت تعريفات الفقهاء للحيض، وعند تأملها نجدها مُتفقة في المعنى. عرفته الحنفية بأنه دم يَنفضه رحم امرأة سليمة عن داء، وصغر[19]. قولهم: «رحم امرأة»: أخرج به الرُّعَاف، والدماء الخارجة من الجراحات، ودم المستحاضة؛ فإنها دم عِرق لا دم رحم، وقولهم: «سليمة عن داء»: أخرج به دم النفاس؛ فإن النفساء في حكم المريضة، وقولهم: «وصغر»: أخرج به الدم الذي تراه الصغيرة قبل أن تبلغ؛ فإنه ليس بمعتبر في الشرع[20]. وعرفته المالكية بأنه دم خارج بنفسه من فرج المرأة الممكن حملها عادة غير زائدة على خمسة عشر يوما من غير مرض، ولا ولادة[21]. قولهم: «خارج بنفسه»: أخرج به ما خرج بجرح في الفرج، وقولهم: «من فرج المرأة»: أخرج به الخارج من غير الفرج كالدبر، وقولهم: «الممكن حملها عادة»: أخرج به الخارج من الصغيرة دون البلوغ، واليائسة، وقولهم: «غير زائدة على خمسة عشر يوما»: أخرج بهمما زاد على ذلك، فإنه يكون استحاضة، وقولهم: «من غير مرض»: أخرج به الخارج بسبب مرض غير الاستحاضة، وقولهم: «ولادة»: أخرج به دم النفاس[22]. وعرفته الشافعية بأنهالدم الخارج من فرج المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة في أوقاتمعلومة[23]. قولهم: «على سبيل الصحة»: أخرج به الاستحاضة، وقولهم: «من غير سبب الولادةفي أوقات معلومة»: أخرج به النفاس[24]. وعرفته الحنابلة بأنه دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة[25]. قولهم: «دم طبيعة»: أي جِبلة، وخِلقة، وسجية، وقولهم: «يخرج مع الصحة»: أخرج به الاستحاضة، وقولهم: «من غير سبب ولادة»: أخرج به النفاس، وقولهم: «من قعر الرحم»: أي بيت منبت الولد ووعائه، وقولهم: «يعتاد أنثى إذا بلغت»: أي ليس بدم فساد، بل خلقه الله لحكمة غذاء الولد وتربيته وهو مخلوق من مائهما، وقولهم: «في أوقات معلومة»: في الغالب من كل شهر ستة أيام، أو سبعة إن لم تكن حاملا، ولا مرضعا؛ لأنه لا مصرف له إذن، فإذا حملت انصرف ذلك بإذن الله إلى غذائه[26]. تحرير محل النزاع: اتفق أهل العلم على أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته أثناء حيضها[27]. كما اتفقوا على أن طلاق السنة إنما هو في المدخول بها، وأما غير المدخول بها فليس في طلاقها سنة ولا بدعة، وإنَّ أمر الله عز وجل، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في الطلاق للعدة هو طلاق المدخول بها من النساء، فأما غير المدخول بها فلا عدة عليها، ولا سنة، ولا بدعة في طلاقها[28]. قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع أهل العلم على أن طلاق السنة أن يطلقها طاهرا في قُبل عدتها، وهي طاهر من حيضة لم يكن طلقها فيها، ولا جامعها في ذلك الطهر[29]. وقال أيضا: أجمع أهل العلم على أن من طلق زوجته، ولم يدخل بها تطليقة أنها قد بانت منه، فلا تحل له إلا بنكاح جديد، ولا عدة له عليها[30]. ولكنهم اختلفوا في وقوع طلاق الحائض المدخول بها على ثلاثة أقوال. وسبب اختلافهم: هلالشروط التي اشترطها الشرع في الطلاق السني هي شروط صحة وإجزاء، أو شروط كمال وتمام؟ فمن قال: شروط إجزاء، قال: لا يقع الطلاق الذي عدم هذه الصفة. ومن قال: شروط كمال وتمام، قال: يقع، ويندب إلى أن يقع كاملا[31]. أقوال أهل العلم في وقوع الطلاق في الحيض: القول الأول: طلاق الحائض يقع. القائلون به: الحسن البصري[32]، وسفيان الثوري[33]، وعطاء بن أبي رباح[34]، والأوزاعي[35]، والليث بن سعد[36]، والحنفية[37]، والمالكية[38]، والشافعية[39]، والحنابلة[40]، وأبو ثور[41]، ............................ وابن المنذر[42]، وأهل مصر[43]، وأهل الشام[44]، وجمهور الفقهاء، ونُسبَ إلى الصحابةرضي الله عنهم، والتابعين[45]. الأدلة التي استدلوا بها: أولا: القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة:229]. وجه الدلالة: لم يخصص الله سبحانه وتعالى طلاقا دون طلاق، فدل على أنهاتحسب[46]. أجيب بأننا لا نسلِّم لكم بدخول الطلاق المحرَّم المنهي عنه تحت هذه الآية[47]. ثانيا: السنة النبوية: 1-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمعَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ»[48]. وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر رضي الله عنهما أن يراجع امرأته، فدل علىوقوعالطلاق؛ لأن الرجعة لا تكون إلا بعد الطلاق[49]. أجيب بأن المراد بالمراجعة في هذا الحديث: الرد الحسي إلى الحالةالتي كان عليها أولا، وليس معناه: الرجعة بعد الطلاق[50]. نُوقشَ من وجهين: أحدهما: أن الرجعة بعد ذكر الطلاق تنصرف إلى رجعة الطلاق[51]. الثاني:أن الحمل على الحقيقة الشرعية مقدم على الحقيقة اللغوية اتفاقا[52]. 2- في رواية: قَالَ ابنُ عمرَ رضي الله عنهما: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا كَانَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا؟, قَالَ: «لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ، وَتَكُونُ مَعْصِيَةً»[53]. أجيب بأن الحديث فيه نكارة، وبعض رواته متكلَّمفيهم[54]. 3-عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهماعَنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَ، فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا»، قَالَ: فَرَاجَعْتُهَا، ثُمَّ طَلَّقْتُهَا لِطُهْرِهَا، قُلْتُ: فَاعْتَدَدْتَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ الَّتِي طَلَّقْتَ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: «مَا لِيَ لَا أَعْتَدُّ بِهَا، وَإِنْ كُنْتُ عَجَزْتُ وَاسْتَحْمَقْتُ»[55]. وجه الدلالة: أن ابن عمر رضي الله عنهما صاحب الواقعة، وقدحسبها تطليقة[56]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |