|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هداية القرآن: الموانع والأسباب مرشد الحيالي فمن المعلوم أن الله أنزل القرآن على عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم لهدف هو من أسمى الأهداف، ولغاية هي من أشرف الغايات، ألا وهي هداية الناس أجمعين، وإخراجهم مما هم فيه من الظلمات إلى النور، وليرشدهم إلى العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة، والعلوم النافعة التي تحفظهم من مزالق الشهوات والشبهات، فيعمروا الأرض وينشروا الخير، ويبنوا العمران، وتتحقق فيهم الخلافة الصالحة. ولم يختلف المسلمون من الرعيل الأول في هذه الحقيقة الناصعة، فقد حدَّدوا الغاية التي من أجلها أُنزل القرآن، وأخذوا يتلونه ويدرسونه، ويبحثون عن مكنون كنوزه وعلومه، واستخراج ما فيه من علوم وحكم وآداب؛ ولذا أثر القرآن في حياتهم تأثيرًا واضحًا جليًّا، ظهر أثره على أخلاقهم، وسلوكهم، وعلومهم، وفهومهم، حتى أعطاهم الله سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة، ووصلت الأمة الإسلامية في عهدهم إلى أوج قوتها، ومجدها، ورفعتها، وما زالت آثار تلك الحضارة الممتدة إلى اليوم تشهد بعلوِّ كعبهم وتفوقه، بدليل قيام جامعات غربية على أساس ما بنَوْه وأسسوه من علوم ونظريات. إلا أن المسلمين في عصورنا أعرضوا عن هداية القرآن وحقيقة ما أنزل لأجله، وأخذوا يستخدمونه لأغراض لا تمت له بصلة، وشاعت فكرة تقديس القرآن واحترامه من جهات ضيقة، قد لا تكون لها صلة بقواعد الشريعة الغراء، حتى وصلوا إلى ما هم فيه اليوم من ضياع وتفرق، وانحلال وتكالب الأعداء من كل صوب وحدب، ينهبون خيراتهم، ويسلبون بلادَهم الواحدة تلو الأخرى، ولا شك أن هناك أسبابًا أدت إلى ذلك، وهو ما سنبحثه ونوضحه في تلك السطور القليلة، والكلمات اليسيرة؛ عسى أن يكون باعثًا ذلك على النهوض من جديد لأجل الاهتداء بنور القرآن، والاستضاءة بآياته، ومن ثم العمل به، وتطبيقه على مستوى الأفراد والجماعات، وبالله التوفيق. ومن تلك الأسباب ما يلي: أولًا: اعتقاد المسلم أنه غير مخاطب بالقرآن: وهو من أعظم البليَّات والمصائب، وسبب هذا الاعتقاد الفاسد ما يردِّده بعض العلماء من أن بعض الآيات كآيات التنديد بالمشركين، وعباداتهم لها، وما يرتكبونه من بدع وانحرافات: أنها خاصة بمن نزلت بهم لا تتجاوز غيرهم، نعم هناك آيات خاصة، لكن من الخطأ الفاضح أن يُفهَم من هذا الكلام ما يفصل المسلمين عن كتاب ربهم، حتى يصير كلُّ وعيد نزل باليهود والنصارى والمشركين منصرفًا إليهم لا يتناول غيرهم، فيفقد المسلمون حينئذٍ الاعتبار والاهتداء بالقرآن؛ ولهذا نرى المسلمين لا يتعظون بالقرآن وأحكامه ووعيده وتخويفه، ويحسبون أن كل من تلفَّظ بكلمة التوحيد، وحرَّك بها لسانه من غير قيام بحقوقها كافية لنجاته من عذاب الآخرة، ولو مارَسَ الشرك الجليَّ كعبادة القبور والتوسل بالأموات، ويضاف إلى هذا السببِ وجودُ أدعياء العلم من أهل التقليد، والذين لم يستضيئوا بنور العلم، والذين حالوا بين المسلمين وبين كتاب ربهم، حيث يقول هؤلاء: إنه لا يمكن لأحد أن يفهم القرآن إلا العلماء الفطاحل من أهل اللغة والدين، بل إن الذين يفهمونه ويفسرون كلامه انقرضوا، وذهب زمانهم، ولن يخلفهم أحد؛ لما لهم من الصفات العلمية كالإحاطة بالعلوم والفنون؛ كمعرفة الناسخ من المنسوخ، والمكي من المدني إلى غير ذلك مما موجود في مظانه، فيبقى المسلم حينئذٍ حائرًا محرومًا من هداية القرآن ونوره، فإذا قرأ مثلًا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 194]، وقوله تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وقوله: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22]. وغير ذلك من الآيات المحذِّرة من الشرك، المنددة بهم، قال له هؤلاء: إنها خاصة بالمشركين في عهد التنزيل، وأوهموهم أن المشركين إنما كانوا يعبدون الحجارة المنحوتة من الحجر، وأن هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله، أما دعاء الصالحين وطلب الغوث من جنابهم، والالتجاء إليهم، فليس من هذا ولا قريبًا منه، ويُفهِمون العوام بل وطلاب العلم أن التوحيد المطلوب هو الاعتقاد بوجود الرب - وهو نفسه الذي أقر به المشركون -، فلو أقر المسلم بهذا التوحيد، ولو كان يدعو غير الله من نبيٍّ، أو ولي، أو صالح، فهو مؤمن مستحق لدخول الجنان، ومزاحمة السابقين مع الحسان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثانيًا: التقليد وعدم الاستقلالية في فهم القرآن: والتقليد الأعمى يصدُّ عن سبيل الله، ويؤدي إلى هجر القرآن والعمل به، والسبب كما أسلفنا هو وجود بعض الرؤساء المقلدين في عصرنا ممن حرَّموا على المسلمين الاهتداء مباشرة بالقرآن، والاستدلال به، إلا وفق شروط تعجيزية من الإحاطة بجميع العلوم، حتى قال قائلهم: (من قال: إني أعمل بالكتاب والسنة، فهو زنديق)[1]، وليس هذا فحسب، بل الأعجب أن أصبح هؤلاء يحاربون كلَّ من يدعو إلى القرآن؛ لئلا تتوجه الأمَّة إلى الله، وتعرف الحق من غير طريقهم، فيفقدوا مراكزهم وسلطانهم، وبعض ما يصل إلى جيوبهم من دراهمَ معدودة. نعم، لا نريد من الناس أن يكونوا كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد والثوري والطبري رحمهم الله تعالى، لكن نريد من المسلمين أن يتدبَّروا كتاب ربهم كلٌّ حسب طاقته، ومبلغ علمه، فيعملوا به في حياتهم، وألا يؤْثروا كلامَ غيره عليه، وأن يتعود المسلم على الاستقلالية في فهم المعنى بما يملكه من معلومات صحيحة عن الإسلام، ومعاني العقيدة ولو إجمالًا، ومحاولة دراسة الواقع على ضوء القرآن وسنة الله في خلقه، والاستفادة من معالم القرآن في الحياة العملية؛ لئلا يضل عن الطريق وينحرف عن الجادة، ومن كان أميًّا لا يُحسِن القراءة فإنه يطلب من يقرأ له القرآن ليُفهِمَه الواجب عليه فيعمل به، هذا هو السبيل الذي يعرف المسلمون به عقيدتَهم، ويمنحهم الحياة الطيبة الكريمة السعيدة؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]. ثالثًا: التكبر واتباع الهوى: التكبر هو غَمْطُ الحق، وعدم الخضوع له، وهو جرثومة من شأنها أن تمنع صاحبها من رؤية الحق، والانصياع له، ولو كان واضحًا وضوح الشمس، وقد بيَّن الله بأن جزاء المتكبرين أن يصرف عنهم النظر والاستلال عن الحق؛ لعدم انتفاعهم به؛ قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]. والغفلة هي الغفلة المطبوعة المانعة من أسباب العلم لا العارضة، فهؤلاء غافلون عن الآيات الكونية والشرعية، لا يعطونها حقَّها من التدبر والتأمل؛ وذلك لانشغالهم عنها بالأهواء المضلة، والتعصب الأعمى المقيت لمن يقلدونه، وقد يسلب الله عن المتكبر المتبِعِ لهواه ما عنده من الآيات ولو كان حافظًا لها، عالمًا بقواعدها وإحكامها، قادرًا على بيانها، إلا أنه لم يعمل بعلمه؛ بسبب إعراضه عن الهدى، والنظر المؤدي إليه قال تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 175، 176]. رابعًا: التشدد في إقامة الحروف ومخارجها: إلى الحد الذي يصرف عن فهم القرآن وتدبُّر معانيه، وقراءة الألفاظ، وإخراج الحروف من مخارجها وحده لا يكفي في حصول الهداية بالقرآن، ما لم يقترن به الإذعان والتصديق والعمل؛ لأن الفهم من باب التصور، وهو خيال، ما لم يتفاعل معه المسلم، وقد سمعنا من يجيد القراءة بالأحكام وضبط الحروف، ويجعل أمر العباد وشؤونهم إلى أصحاب القبور من أولياء وصالحين، فكيف لمثله أن يحصل له هداية؟! نسأل الله السلامة! دفع شبه: نقل العلامة ابن الجوزي رحمه الله بسنده إلى عبدالله ابن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: سمعت أبي يقول: رأيت ربَّ العزة عز وجل في المنام، فقلت: يا رب ما أفضل ما يتقرب به إليك المتقربون؟ فقال: كلامي يا أحمد، قال: قلت: بفهم أو بغير فهم؟ فقال: بفهم وبغير فهم)[2]. وهي تدل بظاهرها على أن الفهم غير شرط في تلاوة كتاب الله، فنقول في توضيح رؤيا الإمام ما يلي: 1- قد اختلف العلماء في رؤية الله في المنام، والراجح أنه يُرى مثالًا لا حقيقة، فيراه المؤمن حسب إيمانه وتقواه، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام[3]، وذكره في مواضع عدة من كتبه وفتاويه لا مجال لذكرها في هذه العجالة. 2- قوله: "بفهم أو بغير فهم" يخالف ما جاء في الآيات الدالة في وجوب تدبر القرآن، وأن المقصود من التلاوة الفهمُ والعمل؛ قال الله جل جلاله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وهذا يدل على أن الثمرة المقصودة من التلاوة هي الفهم، والذي يؤدي إلى العمل لأنه فرع عنه، قال بعض السلف: (أُنزِل هذا القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملًا)[4]. وهو يدل على أن التلاوة بفهم وتدبُّر أعظم بكثير من تلاوة بغير فهم، بل بينهما درجات. 3- رؤيا الإمام أحمد تخالف روايته، وقد تقرَّر في علم الحديث أن العبرة بما يرويه الراوي لا بما يراه أو يعمل به، فقد يرى خلاف ما يرويه نسيانًا أو خطأً، أو يتأول، فهو غير معصوم، والله تعبَّدنا باتباع كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا إذا كان رأيًا فكيف إذا كان رؤيا منام؟ ومن المعلوم أن رؤيا المنام لا ينبني عليها حكم شرعي؛ لأن الأحكام مصدرها القرآن والسنة، وإجماع السلف رضي الله عنهم. 4- قد يقول قائل: إنها رؤيا الإمام أحمد إمام أهل السُّنة، وهي ليست عابرة، فنقول ما قاله سيد العقلاء علي بن أبي طالب: (الحق لا يُعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله)، وهو الذي من أجله جاهد الإمام أحمد، وتحمَّل أنواع البلاء والفتن، وأوذي في سبيل ذلك حتى رفع الله به لواء السُّنة. وأخيرًا فعلى تقدير صحة الرؤيا فنقول: قوله: "بفهم أو بغير فهم" قد لا ينافي حصول ثواب التلاوة، وإن لم يفهم القارئ المعنى، لكن أين ذلك من القراءة المترسلة التي يقف عندها القارئ ويتدبر معاني القرآن، ومواعظه، وأحكامه، ووعده ووعيده؟[5]. بدع تمنع الاهتداء بالقرآن: كلما امتدَّ الزمان، وبعد الناس عن آثار النبوة والرسالة، قلَّ العلم، وفشا الجهل، وظهرت البدع والخرافات، يقول صلى الله عليه وسلم:((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسا جهالًا، فسُئلوا، فأفتَوا بغير علم فضَلُّوا وأضَلوا))[6]، ولا يقاوم البدع ويرد على أهلها إلا العلماءُ، فإذا اختفى العلم والعلماء أتيحت الفرصة للبدع أن تظهر وتنتشر، وبسبب ذلك انتشرت في دنيا المسلمين بدعٌ وضلالات صرفتهم عن الاهتداء بالقرآن، والانتفاع من آياته ونوره، وأبعدتهم عن فهم معانيه وتدبر آياته والعمل بأحكامه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |