المسجد: مكانته وحقوقه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          يوتيوب يقدم الآن رموز qr لمشاركة القنوات.. كيف تحصل عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تعملها إزاى؟.. كيفية إضافة صفحات متعددة إلى مركز التحكم بأيفون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          كيف تضاعف المسافة فى صفحة Word فى 4 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          اختصار جديد بواتساب يضع علامة على الكل كـ"مقروء" لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          Google تعمل على ميزة تساعدك فى العثور بسرعة على المحادثات الجماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-09-2021, 04:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,547
الدولة : Egypt
افتراضي المسجد: مكانته وحقوقه

المسجد: مكانته وحقوقه (خطبة)


















إبراهيم بن فهد الحواس





إِن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتوبُ إِلَيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أدَّى الأمانةَ، وبلَّغَ الرسالةَ، ونصحَ الأُمَّةَ، وجاهد فِي الله حقَّ جهادهِ حَتَّى أتاهُ اليقينُ، أَمَّا بَعْدُ:



فعبادَ الله، اتَّقُوا الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].







عباد َالله، إنهُ المكانُ الأعظمُ شموخًا والأعزُّ قدرًا والأكثرُ هيبةً، ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ 36 ﴾ [النور: 36]، إنهُ المسجدُ يا عبادَ الله، دارُ العبادة وموطِنُ السَّعادة، إنهُ المكانُ الوحيد الذِي يتساوى فيه الغني والفقير، والصغيرُ والكبير، والشريفُ والحقير، تنصهرُ فيه الرُّتَب والمناصب، وتتلاشى فيهِ الأنسابُ والمناقب.







المسجدُ يا عباد الله يقطعُكَ عَنْ سيِّئ الْكَلَام وقبيحِ الآثام، حِصنٌ حصينٌ، مَنْ ولجَ فيهِ فقد عصَمَهُ اللهُ مِن كثيرٍ مِن الفتِن، وأراحَهُ مِن كثيرٍ مِن المِحَن، المسجدُ يجتمعُ فيهِ سُكَّان الأرض بِسُكَّان السَّماء، فيه آياتٌ تُتلَى وأحاديثُ تُروَى، فيهِ تتنزَّلُ السَّكينةُ، وفي أرجائِهِ تُغشَى الرَّحمةُ، المُؤمنونَ يُصلُّون والملائكة يرقبُون.







المسجدُ يا عباد الله هُوَ البُقعةُ الوحيدة الَّتِي يكونُ المُكْثُ فِيهَا أجْرًا، والمُداومةُ عَلَيهَا رِباطًا وصبرًا، المسجدُ هُوَ بيتُ المُؤمِن فِي كُلِّ بلَدٍ ومِصرٍ، لا يُستأذنُ فيهِ عَلَى أحَدٍ، بل هُوَ البيتُ الكبير الذِي يجمعهُم، بهِ يتفقَّدُ المُؤمنونَ بعضهُم البعضَ، فيُوحِّدُون كلمتهُم، ويُجمعون أمرَهُم، ويُعلنون هيبتَهُم، بهِ تترتَّبُ الأوقاتُ، وبدخولهِ تنقطعُ الأصواتُ، لحظاتُهُ هيبةٌ، المشيُ إِلَيهِ حسناتٌ، والانقطاعُ عنهُ حسراتٌ.







بالتوجُّه إِلَيهِ تزولُ الهمومُ، وبالمُكْثِ فيهِ تضمَحِل الغمومُ، فِي أرجائهِ تُسكَبُ العبَرَاتُ، وفي أنحائِهِ ترتفعُ الدَّعواتُ، كم ولجَهُ مِنْ حَسيرٍ مَكروبٍ، فتحقَّق بأمرِ الله المَرغوبُ، واندفع بعوْنِ اللهِ المَرهوبُ.







إِن المسجد يا عباد الله هُوَ الجامعةُ العظيمة الَّتِي علَّمَ فِيهَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أصحابه، حَتَّى تخرَّج فيها قادةُ العالم الَّذِينَ مَلؤوا الدُّنْيَا عدلًا، وعِلمًا وأدبًا فضلًا، وهو القاعدةُ العسكريَّة الَّتِي انطلقت مِنْهَا جيوشُ الرِّسالةِ المُحمديَّة؛ لِتُعلنَ القضاءَ عَلَى مملكةِ فارس وإمبراطورية الرُّوم، وهو مجلسُ الشُّورى الذِي كانَ يَعقدُ فيه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُعاهداتِ فِي السِّلْم والصلح والقتالِ والحرب.







وهو المنبرُ الإعلاميُّ الذِي تُعلَنُ فِيه الأوامرُ الربانيَّة والمراسمُ النبويَّة، وهو الدِّيوانُ الرسميُّ لاستضافةِ الوفودِ واستقبالِ القبائلِ، بل هُوَ المشفَى الذِي كانَ يُمرَّضُ فيه بعضُ أصحابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو المجلسُ الذِي كَانُوا يتحدَّثُون فيه عَنْ أمور دُنياهم وعن أيَّام جاهليتهم فيما لا إثْمَ فيهِ ولا قطيعة.







إِن المسجد يا عباد الله يُمَثِّلُ كُلَّ شيءٍ فِي حياةِ الأُمَّة في عهدِ نبيِّها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَكَذَلِكَ فِي عهد سَلَفِنا الصَّالِح، للهِ دَرُّ المسجد يأوي إِلَيهِ المُؤمِنُ مُنقطعًا عَنِ الحياةِ الماديَّة ومُتحرِّرًا مِن قُيُودِ الهمومِ الدُّنيويَّة، فيجدُ فيهِ مراتِعَ مِن رياضِ الجَنَّةِ ورياحين الفردوس ما تتنشَّطُ بهِ الروحُ، ويستَجم بهِ الفُؤادُ، ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36، 37]، نفعَني اللهُ وإيَّاكُم بكتابِه، وأجَارَنِي وإيَّاكُم مِن أليمِ عقابِه، واستغفرُوا اللهَ إنهُ هُوَ الغفورُ الرحيمُ.








الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ



الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحسانِه، والشُكرُ لَهُ عَلَى توفيقِه وامتنانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تعظيمًا لشأنِه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى رضوانِه، والمُحذِّرُ مِن سخطِهِ ونيرانِه.







عبادَ الله، إِن المُسلِم لَا بُد أن يُراجِعَ نفسَهُ مَعَ علاقتهِ بالمسجد، ومكانة المسجد فِي قلبِه، وحظِّهِ مِن يومِه، ونصيبِهِ مِن اهتمامِه، كيف لا واللهُ يقول: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18]، فإليك أَيُّهَا المُسلِمُ ما تُقيَمُ بهِ نفسَك، وتُذَكِّرُ بهِ قلبَك؛ لعلَّ اللهَ أنْ يتدارَكَك بفضلِهِ ورحمتهِ.







فَمِن ذلك: أنهُ عَلَى المُسلِم أن يحرصَ عَلَى عِمارة المسجد مَعنويًّا، وذلك بالمُحافظةِ عَلَى الصَّلوات الخمس، والحِرصِ عَلَى أداء النَّوافلِ والْمُستحبَّات، وقراءة القُرْآن، والاعتكاف واللبْث فيه، فقد جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث السَّبْعة الذِين يُظلُّهم اللهُ فِي ظِلِّه يوم لا ظلَّ إِلَّا ظِلُّه، وذكر مِنهُم: «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلقٌ بِالمَسَاجِدِ».







نعم قَلْبُهُ مُعَلقٌ بِالمَسَاجِدِ يأنَسُ بها، ويتردَّدُ عَلَيهَا، ويرتاحُ إليها، ويأوي فِيهَا، يَسعدُ فِي أرجائها، ويَهنأُ فِي أفنائِها، كُلَّمَا خرج مِنْهَا اشتاقَ إليها، وكُلَّمَا تأخَّرَ عنها ازدادَ لهفًا إليها، هي بيتُهُ الثَّانِي، وهي مأواهُ الحاني.







ومِمَّا يُقيَمُ علاقتك بالمسجد أَيُّهَا المُسلِمُ: حِرصُكَ عَلَى خِدمة المسجد، وذلك بقَدْر ما تستطيعُه، فتنظيفُ المسجدِ أَوْ تطييبُهُ، أَوْ ترتيبُ مصاحفِهِ أَوْ إغلاقُ أبوابهِ ونوافذِه، أَوْ صيانةُ مُمتلكاتِه، أَوْ التكفلُ بأُجْرَة عاملِهِ، أَوِ الإهداءُ إلى المسجد بآلةٍ نافعة أَوْ لوحةٍ مُذكِّرة، كُلُّهَا سوف تجدُها فِي صحيفتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.







فعن عائشة رَضِيَ اَللَّهُ عَنها قالت: "أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدورِ، وَأَنْ تُنَظفَ وَتُطَيبَ"، فإذا كَانَتْ مساجد الدُّور الخاصَّة يُستَحب تنظيفُها وتطييبُها! فالمساجدُ العامَّة أولى بذلك؛ لأَنهَا تُعتَبرُ رمزًا لأهل الإِسْلَامِ، ومُوطِنًا لأهل الإِيمَان، وملجأً لأهل الإحسان، ويغشَاها الناسُ جميعًا، فهي بيوتُ الله.







وقد جَاءَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قولُه:«عُرِضَت عليَّ أجورُ أُمَّتي، حتَّى القَذاةُ يُخْرِجُها الرَّجلُ مِنَ المسجدِ»، والقذاةُ: هُوَ الشيءُ اليسير كالوسخِ اليسير أَوْ ريشِ الطائر أَوْ التُّراب اليسير يُخرجهُ الرجُلُ مِن المسجد، فيُجازيه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عليه الأجرَ العظيمَ، واعلموا أنَّ خدمةَ المسجدِ والاهتمامَ بهِ وتنظيفَه مِن أجَلِّ الأعمال والقُرُبات.







يدل عَلَى ذلك: عندما قام النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن مجلسِه الذِي ينزلُ فيه الوحيُ، وتُروَى فيه السُّنَّة، وعندهُ أكابرُ الصَّحَابَةِ، وقُرَّاءُ الصَّحَابَة، وعُلماء الصَّحَابَة، وتُجَّار الصَّحَابَة، يا تُرى ما جعل النَّبِيَّ الكريم يقطعُ مجلسَه، ويُنهي حديثَه، ويتركُ أصحابَه؟ إِنمَا جعلهُ يصنعُ ذلك: حينما أُخبِر أنَّ امرأةً سوداء كَانَتْ تُنظِّفُ المسجدَ فماتت، فلم يُخبروه عنها؛ لأَنهَا قد كَانَتْ ماتت فِي الليل، فقام النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسرعًا وذهب إِلَى قبرِها، وصلَّى عَلَيْهَا.







أتدرون لماذا فعلَ ذلك؟ هل كَانَتْ لأَنهَا كَانَتْ تقومُ الليلَ أَوْ كَانَتْ تُنفِقُ الأموالَ فِي سبيل الله، أَوْ كَانَتْ تخرجُ مَعَ المُجاهدينَ فِي سبيل الله؟ لا، بل لأَنهَا كَانَتْ تقُمُّ المسجدَ وتُنظِّفُه.







ومِمَّا يُقيمُ علاقتَكَ بالمسجد أَيُّهَا المُسلِمُ الكريمُ: توقيرُكَ لبيت الله واحترامُهُ وتبجيلُه، ومن ذلك: عدمُ استصحاب الرَّوائح الكريهة أَوْ رائحةُ التدخين الَّتِي تُلوِّثُ أجواءَ المسجد، وتُؤذي مَلائكةَ الله وعبادَ الله، فقد قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما فِي حديثِ ابن عُمَر: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِي: الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا»، وَكَذَلِكَ أصوات الجوَّالات الصَّاخبة الَّتِي تُشتِّتُ أذهانَ المُؤمنين، وتُبدِّدُ خشوعَ المُصلِّينَ.







ومِمَّا يُقيمُ علاقتَكَ بالمسجد أَيُّهَا المُسلِمُ: عدمُ التَّساهُل بالجهر بالأصوات وتبادُل الْأَحَادِيثِ؛ مما يُذهِبُ هيبةَ المكان، ويقتلُ روحانية الزَّمان، والأدهى والأطمُّ ما يتجرَّأُ بهِ بعضُ الناس مِن الغيبةِ والنَّميمةِ والتَّعريض بعباد الله وهم فِي المسجد مِن غيرِ خوفٍ مِن الله أَوْ مُراعاةٍ لقُدسيَّة المكان وشهُود الملائكة، فالمسجدُ لا يصلحُ لسيئ مِنَ الْكَلَام، أَوْ لألفاظٍ بذيئة أَوْ تصرُّفُاتٍ ساقطة.







وقد قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:«إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي المَسْجِدِ، فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً، فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيكَ ضَالتَكْ».








ومِما يجدرُ التنبيهُ عليه: هُوَ عنايةُ الآباء بتربية أبنائهم عَلَى هيبةِ المساجد واحترامها، وعدم اصطحابهم إِلَّا بعد تعريفهم بقَدْرِها وقُدسيَّتِها، ومُراقبتهم فِي حركاتهم وألفاظِهِم داخل المسجد؛ حَتَّى لا يكونوا سببًا فِي أذيَّة عباد الله.







وأختمُ بتوجيهٍ خاصٍّ لأئِمَّة المساجد ومُؤذِّنِيها: وذلك بالعنايةِ بها، فإنَّهَا أمانةٌ بأعناقهِم، قد قلَّدهُم بها ولي الأمر، فليحفظوها مِن كُلِّ ما يُدنِّسُها أَوْ يعبثُ بها، وعليهم أن يعمروها بِالْعِلْمِ النَّافِع؛ بقراءة كُتُب أهل العلم ووعْظ الناس وتعليمهم، فبث العلم هُوَ روحُ المساجد، ونشرُ السُّنَّةِ هُوَ حياتُها، فلينفضوا غُبارَ الكسل، وليجتهدوا، وليُجدِّدوا النِّيَّةَ، واللهُ مَعَ كُلِّ داعٍ إِلَى الخير بحفظهِ وحِراستهِ، ويُبارك لَهُ فِي عِلْمهِ وعمَلهِ وشأنِهِ كُلِّه.







هذَا وصلُّوا وسلِّمُوا عَلَى مَنْ أمَرَكُم اللهُ بالصَّلاة والسَّلام عليه، فَقَالَ - عَزَّ مِنْ قائلٍ عليمًا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].







اللهم أعز الإسلامَ والمسلمينَ وأذل الشـركَ والمشـركين، واحمِ حوزةَ الدِّين، اللهمَّ انصـر المجاهدين الذين يجاهدون لإعلاء كلمتِكَ في كلِّ مكان، اللهمَّ كن لهم عونًا ونصيرًا ومُؤيِّدًا وظهيرًا، اللهمَّ ارحَم المستضعفين من المسلمين في كلِّ مكان، اللهمَّ اجعل ولايتنا فيمَن خافكَ واتَّقاكَ واتَّبَع رضاك، اللهمَّ وفِّق ولِيَّ أمرنا لكلِّ خير، اللهمَّ ارزُقه البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينه عليه.







اللهمَّ اغفرْ لأمَّهاتِنا، اللهمَّ اغفر لآبائنا، اللهمَّ اغفر للمُسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.







اللهمَّ إنا نسألك الهدى والتُّقى والعفاف والغِنى، اللهمَّ إنَّا نعوذُ بك مِنَ الرِّبَا والزِّنَا والزَّلازل والمحن والفِتَن ما ظهَرَ منها وما بطَن، سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عمَّا يصفونَ، وسلامٌ علَى الْمرُسلينَ، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.85 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]