|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حي على العلم محمد بن حسن أبو عقيل الحمد لله الذي علَّم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على معلم البشرية محمدِ بنِ عبدِ الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد: فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، وشكره، ولنعلم أنَّ العلمَ أشرفُ ما رغبَ فيه الراغب، وأفضلُ ما طُلب وجَدَّ فيه الطالب، وأنفعُ ما كسِبه واقتناه الكاسب، يقول الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. يقول السعدي – رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: (هذه مقابلة بين العامِلِ بطاعةِ اللّهِ وغيرِه، وبين العالمِ والجاهل، وأنَّ هذا من الأمور التي تَقرَّرَ في العقول تبايُنُها، وعُلِمَ عِلْمًا يقينًا تفاوتُها، فليس المُعرِضُ عن طاعةِ ربِّه، المُتَّبِعُ لهواه، كمنْ هو قانتٌ أي: مُطيعٌ للّه بأفضلِ العباداتِ وهي الصلاةُ، وأفْضلِ الأوقاتِ وهو أوقاتُ الليل..﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ﴾ ربَّهم ويعلمُونَ دينَه..، وما له في ذلك من الأسرارِ والحِكَم ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ شيئًا من ذلك؟ لا يستوي هؤلاء ولا هؤلاء، كما لا يستوي الليلُ والنهارُ، والضياءُ والظلامُ، والماءُ والنار.﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ ﴾ إذا ذُكِّروا ﴿ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾؛ أي: أهلُ العقولِ الزَّكيةِ الذكية، فهم الذين يُؤثِرونَ الأعلى على الأدنى، فيؤثِرونَ العلمَ على الجهل، وطاعةَ اللّهِ على مخالفتِه، لأنَّ لهم عُقولًا تُرشِدُهم للنَّظرِ في العواقب، بخلافِ من لا لُبَّ له ولا عَقل، فإنه يَتِّخذُ إلهَهُ هواه" ويقول القرطبي – رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]؛ أي: في الثوابِ في الآخرةِ وفي الكرامةِ في الدنيا، فيرْفَعُ المؤمنَ على منْ ليس بمؤمنٍ، والعالِمَ على من ليس بعالِم. وقال ابنُ مسعودٍ –رضي الله عنه-: مدَحَ اللهُ العلماءَ في هذه الآية، والمعنى أنه يرفعُ اللهُ الذين أوتوا العلمَ على الذين آمنوا ولم يُؤتوا العلمَ درجاتٍ أي: درجاتٍ في دينِهم إذا فَعَلوا ما أُمِروا به". ويقول السعدي – رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾: "فكُلُّ منْ كانَ باللّهِ أعلم، كان أكثرَ له خشية، وأوجبتْ له خشيةُ اللّهِ الانكفافَ عن المعاصي، والاستعدادَ للقاءِ مَنْ يخشاه، وهذا دليلٌ على فضيلةِ العلم، فإنَّهُ داعٍ إلى خشيةِ اللّه، وأهلُ خشيتِهِ هم أهلُ كرامتِه، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾. عباد الله: وفي الحديث الذي رواه مسلم يقولُ –صلى الله عليه وسلم-: ".. وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ.. "؛ صحيح مسلم الحديث: 2699. وعنْ أهميِّةِ تعلُّمِ مُختلفِ العلومِ وأثرِها على المُتعلمِ يقول الشافعيُّ –رحمه الله-: "من تعلَّمَ القرآنَ عَظُمَتْ قيمتُه، ومن نظرَ في الفقه نبُلَ مِقدارُه، ومنْ تعلَّمَ اللغةَ رَقَّ طبعُة، ومن تعلمَ الحسابَ جَزُلَ رأيُه، ومن كتبَ الحديثَ قويتْ حُجتُه، ومن لم يصُنْ نفسَهُ لم ينْفعْه عِلمُه" [ صفة الصفوة - ابن الجوزي ] الطبعة الثانية، 1399 – 1979 (2/254). عباد الله: "فينبغي لمنْ زَهِدَ في العلم: أن يكونَ فيه راغبًا، ولمنْ رغِبَ فيه: أن يكونَ له طالبًا، ولمن طلبه: أن يكونَ منه مُستكثِرًا، ولمن استكثرَ منه: أن يكونَ به عاملًا". [ أدب الدين والدنيا للماوردي صـ ٨٧ ]. وعلى طالبِ العلم أنْ يَقصِدَ بطلب العلمِ وجهَ اللهِ تعالى بنيِّةٍ خالصةٍ وعزيمةٍ صادقةٍ، واثقًا بتيسيرِ اللهِ، يقول صلى الله عليه وسلم: "مَن تعلَّمَ علمًا مما يُبتَغَى به وجهُ الله، لا يتعلمُه إلا ليصيبَ به عرضًا من الدنيا لم يجدْ عَرفَ الجنةِ " صححه الألباني، وأخرجه أبو داود (3664)، وابن ماجه (252)، وأحمد (8457). فاتقوا الله – عباد الله- واعلموا أنَّ شيمةَ العالمِ العملُ بما علِم، " قال أبو الدرداء رضيَ الله عنه: أخوفُ ما أخافُ إذا وقفتُ بين يدي اللهِ أنْ يقولَ: قد علِمتَ فماذا عَمِلتَ؟، وكان يقول: خيرٌ من القولِ فاعلُه وخيرٌ من الصوابِ قائلُه، وخيرٌ من العلمِ حاملُه، وقال بعضُ العلماء: ثمرةُ العلمِ أنْ يُعملَ به وثَمرةُ العملِ أنْ يُؤجرَ عليه " أدب الدنيا والدين 1/ 76، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم إنه تعالى جوادٌ كريم، ملكٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمدُ للهِ رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين. أما بعد؛ فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى والحرصِ على العلمِ ومتابعةِ أولادِكم فيما يَتعلَّقُ بتعليمِهم وتربيتِهم، فقد كان السلفُ الصالحُ - رضيَ الله عنهم- أولَ ما يهتمونَ به تجاهَ الطفلِ هو أن يعلِّمُوهُ القرآنَ الكريمَ والحديثَ الشريفَ، ثم يعلمونَه بقيةَ العلوم، وكانوا يغرسونَ في نفوس أطفالِهم الأدبَ مع العلم ممتثلين لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ"؛ صحيح مسلم الحديث 2553. وكانوا رضيَ اللهُ عنهم يحرصونَ على ربطِ العلمِ بالعمل ؛ لأنَّ العلمَ شجرةٌ تُثمِرُ كلَّ خُلقٍ جميلٍ وعملٍ صالحٍ ووصفٍ محمود، والعلمُ النافعُ يُثمرُ الخشيةَ والتواضعَ وينفعُ صاحبَه في حياتِه ويُفيدُه بعد مماتِه". فاتقوا الله عبادَ الله، وصلوا وسلموا على من بعثَه اللهُ رحمةً للعالمين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين المهديين أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارضَ عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، اللهم اجعلْ هذا البلدَ آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفِّقْ المسلمين للعودة إلى دينك القويم، اللهم أصلح قادتهم وعلماءهم وشبابهم ونساءهم. اللهم وفق وليَّ أمرِنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى، وهيِّءْ له البطانةَ الصالحةَ يا رب العالمين. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والسداد، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |