|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة عن حق الجار د. صغير بن محمد الصغير الخطبة الأولى الحمد لله القائل: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله القائل: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْلِيَصْمُتْ»[1]. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وسلّم تسليما كثيرًا.. أمّا بعد: فيا عباد الله اتقوا الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].. أيها الأحبة: لقد كان الجيران إلى زمن قريب متآلفين يعرف بعضهم بعضًا، يتشاركون في معايشهم وأرزاقهم ويتحمل بعضهم بعضًا، ويحفظ بعضهم جاره إذا غاب، ويدعو بعضهم لبعض في صلواته وخلواته، حتى من شدة قوة علاقاتهم شاهدنا كثيرًا منهم يضع بابًا بينه وبين جاره لسهولة التواصل.. كانوا يدركون عظمةَ برِّ الجار والإحسانِ إليه كما روى الحاكم بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، قَالَ: «كُنَّ مُحْسِنًا» قَالَ: كَيْفَ أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ؟ قَالَ: «سَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِنَّ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ فَأَنْتَ مُسِيءٌ»[2]. أمّا اليوم فللأسف الشديد طغت المدنيةُ المعاصرة والجهلُ بالشريعة وحبُّ الذات حتى أصبح الساكنُ في عمارة واحدة لا يعرف جاره ولا يُسَلِّمُ عليه لو قابله.. ولا يسألُ عنه.. بل ليته يَسلَمُ من أذيته أحيانًا، إذ من أعظم الأذى - والأذى كلُّه شر - أذى الجار.. فكفُّ الأذى عن الجار سبب لتحقيق كمال الإيمان؛ فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ" قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ"[3] رواه البخاري. وفي رواية أحمد: "قِيلَ: وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ:شَرُّهُ"[4]. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَمْ مِنْ جَارٍ متعلقٍ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي فَمَنَعَ مَعْرُوفَهُ"[5] رواه البخاري في الأدب المفرد... فأين من يتأمل هذا من قلّةٍ آذوا جيرانهم بالأصوات المزعجة أو المضايقات بالنظر أو حتى بالجلوس في الطرقات والزوايا إلى ساعات متأخرة من الليل.. وإذا بلغت أذية الجار مبلغا يجعل جاره يفارق بيته لأجل ما يلقى من أذى فالمؤذي على خطر من نزول العقوبة العاجلة به، التي قد تهلكه أو تهلك ولده أو تتلف ماله، قَالَ ثَوْبَانُ رضي الله عنه: "... مَا مِنْ جَارٍ يَظْلِمُ جَارَهُ وَيَقْهَرُهُ، حَتَّى يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، إِلَّاهَلَكَ"[6] رواه البخاري في الأدب المفرد. أقول قولي هذا وأستغفر الله.. الخطبة الثانية الحمد لله.. فيا عباد الله.. اتقوا الله.. كما أنّ ديننا الحنيف ينهى عن أذية الجار فكذلك يُرغب في الصبر على أذاه، وتحمل ما يصدر منه من قول أو فعل فيه أذى، ولا يقابل أذية جاره له بالمثل، فمن فعل ذلك نال محبة الله تعالى؛ كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ.... وذكر منهم: وَرَجُلٌ لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ..."[7] رواه أحمد بإسناد على شرط مسلم. ويجب تربية أهل البيت من زوجة وولد على تعظيم حق الجار، وكف الأذى عنه، ويخبرهم بما في إكرام الجار من عظيم الأجر، وما في أذيته من الوعيد الشديد؛ فإن الأذية قد لا تصدر من الرجل لجاره، ولكن من زوجه أو ولده، ولو وقع ذلك منهم فلا يتساهل به، بل يظهر غضبه عليهم مما وقع منهم من أذية جيرانهم؛ ليعلموا أن هذا الأمر شديد فلا يتهاونون به، والرجل سلطان أهله وولده، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن[8]... اللهم اجعلنا من المحسنين إلى جيرانهم. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. [1] متفق عليه؛ رواه البخاري (6018)، ومسلم (47). [2] صحيح؛ رواه الحاكم في "المستدرك"(1399)، والبيهقي في الشعب (7925)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(1327). [3] صحيح البخاري (6016). [4] رواه أحمد في المسند (14/153). [5] حسن لغيره؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"(111)، وحسنه لغيره الألباني "الصحيحة"(2646). [6] صحيح؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"(127)، وقال الألباني صحيح الإسناد، في "صحيح الأدب المفرد"(ص72). [7] صحيح؛ رواه أحمد في "مسنده"(35/421)، وصححه محققو مسند الإمام أحمد، ط: الرسالة. [8] للاستزادة تنظر خطبة د. الحقيل (فلا يؤذ جاره).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |