|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في وداع العام الهجري بلال صبحي كساب الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. أما بعد: اتقوا الله واعتبروا بما ترون وتسمعون، تمر الشهورُ بعد الشهور والأعوام بعد الأعوام ونحن في سُبات غافلون، وعما خلقنا من أجله لاهون، ومهما عشت يا ابن آدم فإلى الثمانين أو التسعين، وهبْ أنك بلغت المئين، فما أقصرها من مدة وما أقله من عمر، قيل لنوح عليه الصلاة والسلام وقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا: كيف رأيت هذه الدنيا؟ فقال: كداخلٍ من باب وخارج من آخر. فاتقوا الله أيها الناس، وتبصروا في هذه الأيام والليالي فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة حتى تنتهوا إلى آخر سفركم، وكل يوم يمر بكم فإنه يبعدكم عن الدنيا ويقربكم من الآخرة، فطوبى لعبد اغتنمَ حياته وأيامَه بما يقربه إلى ربه ومولاه، وطوبى لعبد شغلها بالطاعات واتعظ بما فيها من العِظات، وطوبى لعبد تفكَّر بما يراهُ من تقلب الليل والنهار ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44]. عباد الله: إن جُمعتكم هذه هي آخر جُمعةٍ من هذا العام الهجري، فبعد أيام قلائل نودع عامـًا بأكمله بما فيه من أفراحٍ وأتراح، وأخبارٍ وأحوال، فهنيئًا لمن أحسن فيه واستقام، وويل لمن أساء وارتكب الحرام، فهلمَ بنا نتساءل عن هذا العام كيف قضيناه؟ ولنفتش كتاب أعمالنا كيف أمليناه؟ فإن كان خيرًا حمدنا الله وشكرناه وازددنا من الصالحات، وإن كان شرًا تُبنا إلى الله واستغفرناه واستدركنا ما بقي في العمر بالطاعات. عباد الله: كم يتمنى المرء ويفرح بتمام شهره ومرور عامه ليحصل على الراتب الشهري أو التعديل السنوي، والله إن فرحه بانقضاء الشهر والعام إنما هو فرحٌ بنقص عمره ودنو أجله، نعم والله أنه فرحٌ باقتراب فراقه لأهله وانتقاله لقبره، فإنما هي صفحات نطويها من أعمارنا، وخطواتٌ نقترب بها لقبورنا، ثم ماذا ؟! ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62]. إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطعها ![]() وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ ![]() فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا ![]() فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ ![]() عباد الله: احمدوا الله أنكم ما زلتم في هذه الدنيا الفانية، وعلى الأعمال الصالحة قادرون وتزودوا من الباقيات الصالحات ﴿ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ [البقرة: 223]. عباد الله: لنتذكر بانقضاء العام تغير الأحوال وتبدل الحال، فكم وُلِدَ في هذا العام من مولود، وكم مات فيه من حي كان موجودًا، وكم استغنى فيه من فقير وافتقرَ من غني، وكم عَز فيه من ذليل وذَلَ فيهِ من عزيز. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26 ، 27]. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه أن ربي رحيم ودود. الخطبة الثانية الحمد لله منشئ الأيام والشهور، ومفني الأعوام والدهور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أن لا إلـه إلا الله الغفور الشكور، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واستدركوا ما فات بالتوبة واستقبلوا ما بقي بالعمل الصالح، فإن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة، وأيامكم معدودة، وأعمالكم مشهودة. قال صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». أيها الناس: حاسبوا أنفسكم اليوم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]. عباد الله: هل تفكرتم فيمن كان معنا في الأعوام الماضية؟ أين هم الآن؟ لقد استبدلوا بظهر الأرض بطنــًا، وبالأهلِ عملًا، وبالأُنس وحشة، وإنكم والله إليهم سائرون، وبمنازلهم ساكنون، وعما قليل ستُسألون، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]. أتيتُ القبورَ فناديتها ![]() فأينَ المُعَظَّمُ والمُحتقَر ![]() وأينَ المُدِلُّ بسلطانِه ![]() وأين المُزكَّى إذا ما افتخر ![]() تفانوا جميعًا فما مُخبرٌ ![]() وماتوا جميعًا ومات الخبر ![]() تروحُ وتغدو بُنَاتُ الثّرى ![]() فتمحوا محاسنَ تلكَ الصور ![]() فيا سائلي عن أُناسٍ مضوا ![]() أما لكَ فيما مضى مُعتَبر؟ ![]() أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]. هذا وصلوا وسلموا على خير البرية؛ كما أمركم الله تعالى في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |