|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة عن وجوب العدل في كل شيء سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي الحمد لله الذي أوجَب العدل في كل الأحوال، وحرَّم الظلم في الدماء والأعراض والحقوق والأموال، وأشهد أن لا إله إلا كامل الأوصاف وواسع النوال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي فاق جميع العالمين في العدل والفضل والإفضال، اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه خير صحب وأشرف آل، أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى واعلموا أن مدار التقوى على القيام بالعدل في حقوق الله وحقوق العباد، فإن التوحيد غاية العدل، والشرك أعظم الظلم وأشنع الفساد، إذا كان الله هو الذي خلَقك ورزَقك، وعافاك وأعطاك، فمن العدل الواجب أن يكون معبودك، وإليه ترجع في رغباك ورهباك، فمن أظلم ممن سوى المخلوق الناقص الفقير بالرب الغني الكامل القدير، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]. قد أمر الله ورسوله بالعدل بين الناس في جميع الحقوق، ونهى عن الظلم والجور والفسوق، بالعدل تعمر الأسباب الدينية والدنيوية، ويتم التعاون على المصالح الكلية والجزئية، والعدل واجب في الولايات كلها والمعاملات، وهو أن تؤدي ما عليك كاملًا كما تطلبه تامًّا من كل الجهات، فمتى عدل الرعاة والمعاملون في المعاملات صلحت الأمور، واتسعت دائرة الأسباب والتجارات، ومتى رفع من المعاملة روح العدل والأمانة، وحلَّ محلَّه البخسُ والغش والتطفيف والخيانة، فمنع الإنسان ما عليه واستوفى ماله: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [المطففين: 1 - 5]، ويل لهم مما يترتب على البخس والتطفيف من العقوبات، وما يرفع بذلك من الخيرات والبركات، وما يتوقف بسببه كثير من المعاملات النافعات، كل معاملة فقدت العدل، فهي معاملة ضارة؛ قال تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منَّا مَن غشَّنا)[1]، فالغش والمعاملات الجائرة ليست من الدين، وصاحبها متعرض لعقوبة رب العالمين. والعدل يكون في الحقوق الزوجية، فعلى كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف، فمتى قام كل منهما بما عليه التأمت الزوجية، وتَمَّ لهما حياة سعيدة طيبة، وحصلت الراحة وحلت البركة، ونشأت العائلة نشأة حميدة، ومتى لم يقُم كلٌّ منهما بالحق الذي عليه، تكدَّرت الحياة، وتنغصت اللذات، وطال الخصام وتعذر الوئام؛ قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته، فالإمام راع على الناس، ومسؤول عن رعيَّته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية على بيت زوجها هي مسؤولة عن رعيتها، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"[2]، فذكر صلى الله عليه وسلم الولايات كلها كبارها وصغارها، وأخبر أن من تولَّى ولاية، فهو مسؤول عنها، وهل عدل فيها وسلك المأمور به، فله الثواب، أو ظلم فيها وجار، فعليه العقاب، العدل تقوم به الولايات، وتصلح به الأفراد والجماعات، وتمشي به الأحوال في كل الأوقات. سلك الله بنا وبكم سبيل العدل والإنصاف، وأعاذنا وإياكم من الجور والاعتساف، وبارك لي ولكم في القرآن العظيم. "الفواكه الشهية في الخطب المنبرية" [1] أحمد (3 /466). [2] البخاري في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2278)، مسلم الإمارة (1829)، الترمذي الجهاد (1705)، أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2928)، أحمد (2 /121).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |