تعظيم قدر الصلاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 136616 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5543 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8176 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-05-2021, 03:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي تعظيم قدر الصلاة

تعظيم قدر الصلاة


الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي




الخطبة الأولى
إنَّ الْـحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

واعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْـجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّار.

اعْلَمُوا -عِبَادَ اللِه- أَنَّ الصَلَاةَ أَهَمُّ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، فَرَضَهَا اللهُ، عَلَى الأَنْبيَاءِ وَالرُّسُلِ، مِنْ قَبْلُ، فَهِيَ مِنَ الأُمُورِ المُتَّفقِ عَلَيْهَا بَينَ الأَنْبِيَاءِ، فَهَا هُوَ القُرْآنُ يُحَدِّثُنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَهُوَ يَدْعُو رَبَّه: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون ﴾ [إبراهيم: 37].

فَلَمْ يَذْكُرْ إِبْرَاهِيمُ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، عَمَلاً غَيْرَ الصَّلَاةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا عَمَلَ أَفْضَلَ مِنْهَا، وَلَا يُوَازِيهَا. وَلَقَدْ أَثْنَى اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، عَلَى إِسْمَاعِيلَ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54- 55].

وَمِنْ أَهَـمِّيَّتِهَا أَنَّ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَوْصَى بِهَا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، حِينَمَا تَكَلَّمَ فِي الْـمَهْدِ صَبِيًّا، فَقَالَ: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31].

وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، «إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ (وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" (رَوَاهُ الْـحَاكِمُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَأُسْرِيَ بِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَعُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، لِيَتَلَقَى فَرْضَ أَعْظَمِ أَعْمَالِ أَهْلِ الإِسْلَامِ، وَرُكْنِهِ القَوِيمِ، أَلَا وَهُوَ الصَّلَاةُ، مِنَ اللهِ مُبَاشَرَةً وَبِلَا وَاسِطَةٍ، بَيَانًا لِعِظَمِهَا، فِي حِينِ نَزَلَتْ بَقِيَةُ الفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ، بِوَاسِطَةِ الْوَحْيِ.

وَكَانتَ هِيَ آخَرُ وَصَايَاهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ؛ حَيْثُ قَالَ: "الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "، حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. (رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

عِبَادَ اللهِ، وَلَقَدْ أَتَى بَعْدَ هَؤُلَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَالرَّسُلِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَنْ اسْتَهَانُوا بِأَمْرِ الصَّلَاةِ، وَبِقَدْرِهَا. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وَغَيَّا: وَادٍ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، جَعَلَهُ اللهُ مَأْوَى لِمُضِيِّعِيِ الصَّلَوَاتِ، وَمُتَّبِعِي الشَّهَوَاتِ، حَـمَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ وَوَالِدِينَا، وَأَحْـبَابَنَا مِنْهُ.

عِبَادَ اللهِ، اعْلَمُوا بِأَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا يُصَلُّونَ، فَلَمْ يُهْمِلُوا أَوْ يُنْكِرُوا حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ ضَلُّوا فِي كَيْفِيتِهَا، حِينَمَا عَانَدُوا، وَجَحَدُوا نُبوَّةَ مُحُمَّدٍ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَلَا تَنْفَعُهُمْ صَلَاتُهُمْ، وَلَا تُفِيدُهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ [الغاشية: 2-4]، فَهُمْ عَبَدُوا اللهَ، وِفْقَ أَهْوَائِهِمْ، لَاَ وِفْقَ مُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَهْلُ الشِّرْكِ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ لِآلِهَتِهِمْ وَأَصْنَامِهِمْ، فَجَمِيعُ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَةِ، وَالمِلَلِ وَالـنِّـحَلِ الأَرْضِيَّةِ، اتَّفَقَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ، فَهِيَ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ، رَاسِخَةٌ كَالجِبَالِ، لَكِنَّهُمْ مَا بَيْنَ مُشْرِكٍ فِي أَدَائِهَا، أَوْ لِغَيْرِ اللهِ مُؤَدِّيهَا، فَهِيَ لَا تُقْبَلُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهَا لَا تُؤَدَّى إِلَّا إِلَى اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وِفْقَ كِتَابِهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ.

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ جَـمَاعَةً، أَوْ النَّوْمِ عَنْهَا تَكَاسُلًا، مُنْكَرٌ عَظِيمٌ، وَمَعْصِيَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ قَدْ تَصِلُ بِصَاحِبِهَا إِلَى الكُفْرِ الأَكْبَرِ، المُخْرِجِ مِنَ المِلَّةِ، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» (رَوَاهُ النَّسَائِيُ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ العُقَيْلِيُّ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ" (رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، ثَبَّتْنَا اللهُ عَلَى دِينِهِ.

كَمَا أَنَّ فِي تَرْكِهَا مِنْ سُوءِ الخُلُقِ، وَقِلَّةِ المُرُوءَةِ، مَا فِيهِ، فَكَيْفَ يُدْعَى عَبْدُ اللهِ إِلَى بَيْتِ اللهِ فَيَرْفُضُ؟! وَيَأْمُرُهُ اللهُ أَنْ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ فَيَأْبَى؟! وَهُوَ يَسْمَعُ المُنَادِي يُنَادِي حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ؟ هَلْ رَأَيْتُمْ أَسْوَأَ أَخْلَاقًا مِنْ هَؤُلَاءِ؟ يُدْعَوْنَ إِلَى بَيْتِ اللهِ فَيَرْفُضُونَ، وَلَوْ دُعُوا إِلَى جَلَسَاتِ أُنْسٍ، وَلَهْوٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، لَكَانُوا لَهَا مُبَادِرِينَ، وَإِلَيْهَا مُسَارِعِينَ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، حَيْثُ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدْ عِرْقاً سَمِيناً، أَوْ مَرْمَاتَينِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

فَلَوْ دُعِيَ هَؤُلَاءِ المُقَصِّرُونَ، إِلَى عَظْمٍ فِيهِ لَـحْمٌ، أَوْ مَرْمَاتَيْنِ، وَهُمَا: مَا بَيْنَ ظَلْفَيِ الشَّاةِ مِنْ لَحْمٍ، وَقِيلَ: لُعْبَةٌ كَانُوا يَلْعَبُونَهَا، بِنِصَالٍ، لَاسْتَجَابُوا؛ لِـحِرْصِهِمْ عَلَى الشَّيْءِ الحَقِيـرِ، مِنْ مَطْعُومٍ أَوْ مَلْعُوبٍ، وَلَا يَسْتَجِيبُونَ لِـمَا يُحَصِّلُ بِهِ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ، وَمَنَازِلُ الكَرَامَةِ.

عِبَادَ اللهِ: رَبُّوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى الصَّلَاةِ، وَقُولُوا لَـهُمْ كَمَا قَالَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ [لقمان: 17].

فَاسْتَجِيبُوا يَا عِبَادَ اللهِ، لِأَمْرِ اللهِ، وَتَابِعُوا أَوْلَادَكُمْ فِي أَدَائِهَا؛ اسْتِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]؛ فَلَيْسَ هُنَاكَ عِبَادَةٌ حَثَّ النَّبِيُّ -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الآبَاءَ عَلَى أَمْرِ الأَبْنَاءِ عَلَى أَدَائِهَا وَهُمْ صِغَارٌ قَبْلَ التَّكْلِيفِ، بَلْ وَمُعَاقَبَتِهُمْ عَلَيْهَا؛ إِلَّا الصَّلَاةَ؛ وَمَا هَذَا إِلَّا دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِهَا عِنْدَ اللهِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اللهِ، تَأَمَّلُوا وَتَدَبَّرُوا فِي عُقُوبَةِ مَنْ يَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ، حَيْثُ قَال -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آَتِيَانِ، وَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعْ، وَإِذَا آَخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ الحَجَرُ هَاهُنَا، فَيْتَبَعُ الحَجَرَ، فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، حَتَّى يَصُحَّ رَأْسُهُ، كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَمَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى. قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ؟ فَقَالَا لِي: إِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَالثَلْغُ: ضَرْبُ الشَّيْءِ اللَيِّنِ، بِالشَّيءِ اليَابِسِ، فَانْظُرْ -يَا رْعَاكَ اللهُ- عَذَابَ مَنْ نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، مُؤْثِراً الرَّاحَةَ وَالدَّعَةَ عَلَيْهَا؟ فَكَانَ الجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَالمُسْتَمْتِعُ بِالنَّوْمِ هُوَ رَأْسُ الإِنْسَانِ، فَجَاءَ العَذَابُ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْسِ، يَضْرِبُهُ، وَيَفْلِقُهُ، حَتَّى يَنْشَرِخَ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ! مَنْ يَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَ هَذَا العَذَابِ؟
وَفِي الحَدِيثِ إِشَارَةٌ كَأَنَّهَا تَقُولُ: أَيُّهُمَا أَشَدُّ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اللهِ، تُكْرِهُ نَفْسَكَ عَلَى القِيَامِ لِلْصَلَاةِ فِي وَقْتِهَا، مُجَاهِداً لَهَا، مَعَ رَغْبَتِك بِالنَّوْمِ وَالرَّاحَةِ؟ لِتَكُونَ عَاقِبَةُ ذَلِكَ جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، وَمَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ؟ أَوْ أَنْ تُرِيـحَهَا قَلِيلاً فِي الدُّنْيَا، فَتَكُونَ عَاقِبَةُ ذَلِكَ، أَنْ تُضْجَعَ -أَيُّهَا المُفَرِّطُ فِي الصَلَاةِ- رُغْمَ أَنْفِكَ، لَتُعذَّبَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، حَيْثُ تَأْتِي مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، فَيُعَذِّبَانِكَ عَذَاباً سَرْمَدِياً، لَا يَتَوَقَّفُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾ [النبأ: 30].

وَسَوْفَ يُجِيبُ تَارِكُوهَا، بِذُلٍّ وَصِغَارٍ، وَحَسْرَةٍ وَأَلَمٍ، عَنْ سَبَبِ كَوْنـِهِمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، حِينَمَا سُئِلُوا: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42- 43].

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَذُرِّيَاتِنَا وَجَمِيعَ الْـمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ.
الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ.
اللَّهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.


اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ.

الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.


رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 85.94 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]