في ظلال آيات الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1074 - عددالزوار : 127156 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-05-2021, 12:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة : Egypt
افتراضي في ظلال آيات الصيام

في ظلال آيات الصيام (1)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي




إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70- 71].



أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، لقد فرض الله تعالى علينا صيام شهر رمضان من كل عام، وأنزل في ذلك خمس آيات متصلة في سورة البقرة، تبيّن حُكمه وأحكامه، وشروطه وآدابه، فما أحسن أن نتفيأ في ظلال هذه الآيات ونتدبرها فنأخذ منها العلم والعمل.


يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. هذه هي الآية الأولى من الآيات الخمس، وقد اشتملت على: نداء ومنادى، وحُكم ومحكوم به، وتاريخِ تشريع، وغايةٍ لهذا التشريع.


فالنداء ﴿ يَا أَيُّهَا ﴾ وهو أسلوب قولي يستدعي انتباهَ السامع؛ حتى يُقبل على المنادي فيسمع ما يقوله.


والمنادى هو ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأهل الإيمان هم المقصودون بهذا الحكم، وليس غيرهم ممن ليس مسلمًا، ولو كان عامًا يشملهم لقال: يا أيها الناس؛ لأن الكافر لا يُطلب منه الصيام حتى يُسلِم، ويشهد شهادة الحق.


والنداء بوصف الإيمان حاثٌّ على الامتثال والعمل؛ إذ إن الإيمان يدعو صاحبه إلى القيام بأعمال الإيمان: عملاً بالأمر، وتركًا للنهي، وتلقّي ذلك بالسمع والطاعة. وقد جاء بعد هذا النداء الأمر بعمل خير ألا وهو الصيام، وما على المؤمن إلا امتثال هذا الأمر.


وقد أتى رجلٌ عبدَ الله بن مسعود، فقال اعهد إليّ، فقال: "إذا سمعت الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأرعها سمعك؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه"[2].


وأما الشيء الثاني في الآية فهو الحكم والمحكوم به؛ فالحكم هو الإيجاب، وقد جاء بلفظ: "كتب" الذي هو صيغة من صيغ الوجوب التي تدل على الفرض والإلزام؛ كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178].


وأما المحكوم بوجوبه فهو الصيام الشرعي الذي هو: " الإِمساكُ عن المفطِّرات، بنيَّة التعبُّد لله تعالى؛ مِن طُلوعِ الفجر إلى غُروبِ الشمس"[3].


وأما التاريخ لهذا التشريع الواجب فهو قوله: ﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾[البقرة: 183]، فعُلِم منه أن الصيام شريعة واجبة في الأمم قبل هذه الأمة، وليست عليها وحدها. وهذا يبين أن عبادة الصيام عبادة صالحة لكل زمان، ولكل أمة.


وقد ساق الطبري بسنده إلى السدي فقال: " أما الذين من قبلنا: فالنصارى، كتب عليهم رمضان، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم، ولا ينكحوا النساءَ شهر رمضان. فاشتد على النصارى صيامُ رمَضان، وجعل يُقَلَّبُ عليهم في الشتاء والصيف. فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صيامًا في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا: نزيد عشرين يومًا نكفّر بها ما صنعنا! فجعلوا صيامهم خمسين"[4]. تحريفًا وتبديلاً لشرع الله تعالى.


وأما الغاية من تشريع الصيام فهي في قوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ فالصيام عبادة شُرعت لهدف عظيم يجلب للمسلم السعادة في الدنيا والآخرة عبر بوابة التقوى؛ فإن الصيام لما كان تصبيراً للنفس على اجتناب المفطّرات التي حرمها الله تعالى على الصائم وقت صيامه، وتصبيراً للنفس على القيام بما يصح به الصيام من الطاعات، وتصبيراً للنفس على تحمل المكاره الناتجة عن ثقل الصيام من تعب وجوع وظمأ وكبح عن شهوات النفس، مع مراقبة لله تعالى وإخلاص له في ذلك؛ كان هذا كله من التقوى التي تعني: "ترك ما حرَّم الله، وأداء ما افترض"[5].


وذكرُ هذه الغاية للصيام يبين أن للصيام أهدافًا وحِكمًا عظيمة من تشريعه، فكما أن التقوى هي غايته الأصلية فإن هناك غايات فرعية أخرى أيضًا؛ فالصيام يربي المسلم على مراقبة الله تعالى والإخلاص له، ويدعوه إلى الإيثار والرحمة، ويُقيمه على صراط الخُلق الفاضل، والمعاملة الحسنة، ويربيه على ضبط النفس والسيطرة عليها، وكبح جماحها في شهواتها وغضبها وسوء تعاملها.


عباد الله، الآية الثانية من آيات الصيام: قول الله تعالى: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184].


وقد احتوت هذه الآية على خمسة أمور: بيان مدة الصيام، وبيان الأعذار المانعة منه، أو التي يشق معها الصيام، وبيان الحكم في حق من كان فيه عذار من هذه الأعذار، والترغيب في الزيادة على الفدية، والحث على أفضلية الصيام على الفدية، أو مع وجود المشقة المحتملة.


فالأمر الأول: أن الصيام الذي فرضه الله تعالى علينا معشر المسلمين إنما هو أيام قليلة، وليس مدة كبيرة؛ ولذلك ذكر المدة ووصْفها بقوله: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184] على جمع القلة؛ تشويقًا للصيام، وترغيبًا في الحرص عليه، قال بعض المفسرين: "وإنما عبّر عن رمضان بأيام وهي جمع قلة، ووصف بمعدودات وهي جمع قلة أيضًا؛ تهوينا لأمره على المكلفين، والمعدودات كناية عن القلة؛ لأن الشيء القليل يُعدّ عداً؛ ولذلك يقولون: الكثير لا يُعَد"[6].


والأمر الثاني في الآية: بيان الأعذار المانعة من الصيام، أو التي يشق معها، فقال تعالى عنها: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾، فذكر تعالى المرض والسفر، فأما المرض الذي يمنع من الصيام فهو الذي يؤدي إلى زيادة الداء، أو تأخير الشفاء، أو يوصل إلى تلف النفس. وليس كل مرض عذراً للفطر، فالمرض اليسير الذي يمكن معه الصوم ولا يوصل إلى نتيجة من النتائج السابقة لا يمنع من الصيام.


وأما السفر فإنه عذر للفطر إذا كان إلى مكان عُدّ في عُرف الناس أنه سفر تقصر فيه الصلاة[7].
وإن استطاع المسافر الصيام في سفره خاصة إذا كان سفره مريحًا لا مشقة فيه فنفضل له الصيام على الفطر؛ أداء لحق الله، ومسابقة إلى الخير؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له في المستقبل.


وهناك صنف آخر من أصحاب الأعذار ذُكروا في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ وهم الذين يتكلفون الصيام ويشق عليهم مشقة غير محتملة؛ كالشيخ الكبير الفاني والعجوز الهرمة، والمريض مرضًا لا يرجى شفاؤه حتى يتمكن من القضاء عند الشفاء. ويلحق بهم المرأة الحامل، أو المرضع، إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما.


والأمر الثالث في الآية: بيان الحكم في حق من كان فيه عذار من هذه الأعذار؛ فأما المريض مرضًا يرجى شفاؤه، والمسافر فإن عليهما القضاء بعد رمضان؛ لقوله تعالى في الآية: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]. فمن أفطر في رمضان لسفر أو مرض شُفي بعده فعليه قضاء ما أفطر من شهر رمضان. ولا يشترط التتابع في القضاء، بل يجوز التتابع والتفريق، كما لا يشترط أن يكون ذلك في شوال، بل يجوز تأخيره ولو إلى شعبان، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون عليّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان)[8]. مع أن المبادرة أفضل، خاصة لمن يريد صيام الست من شوال.


ويلحق بالمريض والمسافر في وجوب القضاء: الحامل والمرضع، فإن عليهما القضاء فقط وليس عليهما فدية مع ذلك، على الصحيح[9].


وأما المريض مرضًا لا يُرجى شفاؤه، والإنسان الكبير في السن فهؤلاء عليهم مع الإفطار إطعام مسكين عن كل يوم أفطروه من رمضان؛ لقوله تعالى في الآية: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾. ومقدار الإطعام: نصف صاع عن كل يوم، ويساوي ذلك كيلو ونصفًا، من غالب الطعام.


وفي قضية الإطعام تنبيهات: أولاً: أنه يجب أن تكون الفدية من الطعام ولا تجزئ من غيره، فلا يصح أن يُعطى المسكين نقوداً إلا إذا اشترى بها طعامًا، ولا تجوز الفدية بملابس أو دواء أو نحو ذلك.

ثانيًا: يجوز الإطعام في رمضان ويجوز بعده. ثالثًا: يجوز أن يُجمع المساكينُ في آخر رمضان وبعده ويُطعَموا عدد ما أفطر المعذور، وكما يجوز جمعهم في وقت واحد يجوز أيضًا تفريقهم، حسب ما يتيسر للمطعم. رابعًا: ولو دعي المسكين إلى البيت أو إلى مطعم فأطعم وجبة كافية، سواء كان ذلك في رمضان أم غيره لكان أفضل.


وأما الأمر الرابع في الآية فهو: الترغيب في الزيادة على الواجب في الفدية، والحث على أفضلية الصيام على الفدية، أو مع وجود المشقة المحتملة. ففي الزيادة على الفدية يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ يعني: " فمن زاد في قدر الفدية تبرعًا منه فهو خير له"[10]. أي: لو أطعم المسكين صاعًا بدل نصف ساعة، أو أعطاه أكثر من وجبة فهو خير. وللحث على أفضلية الصيام على الفدية، أو مع وجود المشقة المحتملة يقول تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: "وصيامكم خير لكم -مع تحمُّل المشقة- من إعطاء الفدية، إن كنتم تعلمون الفضل العظيم للصوم عند الله تعالى"[11].


أيها الأحباب الكرام، تأملوا في هاتين الآيتين الكريمتين كيف رغبنا الله تعالى في الصيام بعدة أمور[12]:
أولاها: أن الصيام لم يُفرض علينا -أمةَ محمد- وحدنا، بل قد فُرض أيضًا على غيرنا من الأمم قبلنا، فيكون لنا بذلك أسوة، وهذا يخفف من ثقل العبادة لوجود القدوة.


ثانيها: أن الصيام عبادة لها غاية حميدة، وفائدة كبيرة، ألا وهي: التقوى، وهذا مما يشجع على القيام بعبادة الصيام.


ثالثها: أنه شُرع أيامًا قليلة، وليس أيامًا كثيرة، وهذا ينشط المسلم على الصيام.


رابعها: أن هذه العبادة الواجبة لا يدخل في حكمها أصحاب الأعذار من مرض أو كبر أو سفر، وإنما تجب على الصحيح القادر المقيم، وهذا مظهر من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده، وتيسير العبادة عليهم.


فلله الحمد على نعمة الإسلام، ولله الحمد على نعمة الصيام، ولله الحمد على هذا التشريع الميسر في جميع الأحكام.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،
أما بعد:
أيها المسلمون، والآية الثالثة من آيات الصيام هي قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].


وفي هذه الآية الكريمة مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ ﴾، وهذا تحديد للزمن الواجب صيامه، بعد أن أُجمل في قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183] ولم تبين الآية السابقة شهرَ الصيام، فجاءت هذه الجملة: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ لتحدد أنه شهر هلالي من شهور السنة القمرية وتخصه من بين شهور السنة الاثني عشر بشهر رمضان. وقد اختار الله تعالى هذا الشهر وشرّفه بالصيام لحكم يعلمها تبارك وتعالى.


وكما اصطفاه سبحانه للصيام فقد اصطفاه أيضًا بمزية أخرى ألا وهي نزول القرآن فيه، وهي المسألة الثانية.


المسألة الثانية: قوله تعالى: ﴿ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾، فقد اجتبى الله تعالى شهر رمضان بنزول القرآن، قال ابن كثير: " يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم... نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ وقال: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ مباركة ثم نزل بعده مفرقاً بحسب الوقائع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا روي من غير وجه عن ابن عباس"[13].


عباد الله، وأما المسألة الثالثة ففي قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، ففيها التصريح بفرضية الصيام بشرطه، بعد تحديد شهره، وهذه الجملة من الآية -على قول جمهور العلماء- ناسخة للتخيير المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، فقد "كان في ابتداء الأمر من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً"[14]، ومما يدل على ذلك حديث سلمة بن الأكواع قال: لما نزلت: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]،كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها[15]. قال ابن كثير: "فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه بقوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصيام، فله أن يفطر ولا قضاء عليه؛ لأنه ليست له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء، ولكن يجب عليه فدية عن كل يوم، وعليه أكثر العلماء[16].


المسألة الرابعة: قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾، فقد ذكر الله تعالى في هذه الجملة من الآية من شروط وجوب الصيام: الإقامة، والسلامة من الأعذار، فقوله: ﴿ شَهِدَ ﴾ أي: حضر في الشهر، أي: لم يكن مسافراً، وهو المناسب لقوله بعده:﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ الخ."[17].


وقوله: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾، فيه شرط السلامة من عذر المرض ووجوب القضاء لمن أفطر لمرض أو سفر.


ووجه إعادة قوله: ﴿ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ مع تقدمه في الآية السابقة: حتى لا يظن ظان أن جميع ما ذُكر في الآية الماضية قد نُسخ كما نُسخ التخييرُ بين الصيام والإطعام مع القدرة، بل الرخصة بالفطر في حق المسافر والمريض باقية، ولكن عليهما وجوب القضاء لا الإطعام[18].


أيها الإخوة الفضلاء، المسألة الخامسة: قوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾، فإن المتأمل في شريعتنا الغراء يجد أنها شريعة ميسرة، مبنية على دفع المشقة والعسر عن المكلف، فبعد أن ذكر الله تعالى بعض أحكام الصيام، خصوصًا الرخصة لأصحاب الأعذار في الفطر كالمريض والمسافر والعاجز، علَّل ذلك بأنه يريد بهذه الأحكام التيسير على عباده ودفع العسر عنهم. ومن نظر في عبادة الصيام وجد مظاهر كثيرة لهذا التيسير فيها، فمنها: ما ذُكر في الآية من مشروعية الفطر للمريض والمسافر والشيخ الكبير وما يلحق بهم من الحامل والمرضع، وكصحة صيام من أكل أو شرب ناسيًا، ومن أصبح جنبًا ولم يغتسل بعد، وكعدم وجوب الصيام على الصبي والمجنون، وعدم جواز الصوم من الحائض والنفساء، إلى غير ذلك من رخص الصيام الشرعية التي ذكرها أهل العلم.


المسألة السادسة: ثم ختم الله تعالى الآية الكريمة بتعليل الأحكام التي ذكرت فيها؛ فذكر سبحانه إكمال العدة، والتكبير لأجل الهداية، والشكر، فقال تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]. فبين سبحانه أنه شرع القضاء بأيام أخر من أجل إكمال عدة رمضان للمريض والمسافر ونحوهما إن أفطرا، ليتم للإنسان أجر رمضان كاملاً.


كما بين تبارك وتعالى أن التكبير الذي معناه: التعظيم والتبجيل جاء لما " أنعم عليكم به من الهداية التي خذل عنها غيركم من أهل الملل الذين كتب عليهم من صوم شهر رمضان مثل الذي كتب عليكم فيه، فضلُّوا عنه بإضلال الله إياهم، وخصَّكم بكرامته فهداكم له، ووفقكم لأداء ما كتبَ الله عليكم من صومه"[19]. " وفي لفظ التكبير عند انتهاء الصيام خصوصية جليلة وهي أن المشركين كانوا يتزلفون إلى آلهتهم بالأكل والتلطيخ بالدماء، فكان لقول المسلم: الله أكبر، إشارة إلى أن الله يُعبد بالصوم وأنه متنزه عن مشابهة الأصنام"[20]. " ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية"[21]. إضافة لما ورد في السنة من استحباب ذلك. وجاء الشكر بعد ذلك تتويجًا للنعم الكثيرة التي منّ بها سبحانه على هذه الأمة فمن تفكر في الهداية لصيام هذا الشهر وتيسير أحكامه وذهاب المشقة عنه كان ذلك أدعى لشكر الله تعالى. قال بعض المفسرين: " فقوله: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا ﴾ علة الأمر بمراعاة العدة، ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا ﴾ علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر،﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ علة الترخيص والتيسير"[22].
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه...


[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 2/ رمضان /1439هـ، 18/5/2018م.

[2] تفسير ابن أبي حاتم (1/ 283).

[3] الشرح الممتع على زاد المستقنع (3/ 5).

[4] تفسير الطبري (3/ 411).

[5] جامع العلوم والحكم (20/8).

[6] التحرير والتنوير (2/ 159).

[7] الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/ 351-352).

[8] متفق عليه.

[9] الشرح الممتع على زاد المستقنع (6/ 350).

[10] التفسير الميسر (1/ 198).

[11] المصدر السابق.

[12] بعض ما ذُكر مستفاد من كلام القفال، ينظر في: تفسير الرازي: مفاتيح الغيب (5/ 63).

[13] تفسير ابن كثير (1/ 268).

[14] تفسير ابن كثير (1/ 267).

[15] متفق عليه.

[16] تفسير ابن كثير (1/ 268) بتصرف يسير.

[17] التحرير والتنوير (2/ 171).

[18] ينظر: التحرير والتنوير (2/ 172).

[19]تفسير الطبري (3/ 478).

[20] التحرير والتنوير (2/ 174).

[21] تفسير ابن كثير (1/ 271).

[22] تفسير الكشاف (1/ 254).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-05-2021, 12:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة : Egypt
افتراضي رد: في ظلال آيات الصيام

في ظلال آيات الصيام (2)


عبدالله بن عبده نعمان العواضي





إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].


أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الصائمون الفضلاء، وقفنا في الجمعة الماضية مع ثلاث آيات من آيات الصيام الخمس في سورة البقرة، وسنقف هذا اليوم - بعون الله - مع الآيتين الأخيرتين من تلك الآيات الخمس.


الآية الأولى قول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].


ففي هذه الآية الكريمة أمران:
الأمر الأول: إذا تأملنا في هذه الآية وجدنا أنها صُدِّرت بالسؤال الذي جرت عادة القرآن بأن يكون صدر جوابه بـ: قل؛ كقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 1]. أو بقوله: فقل؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105]. لكنه في هذه الآية لم يذكر ذلك؛ ولعل سبب ذلك بيان قرب الله تعالى من عبده عند الدعاء، فهو سبحانه لا يحتاج إلى واسطة أحد بينه وبين عبده؛ فلهذا على العبد أن يدعوه تعالى مباشرة. قال بعض المفسرين: " كأنه سبحانه وتعالى يقول: عبدي، أنت إنما تحتاج إلى الواسطة في غير وقت الدعاء، أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك"[2]. فسبحانه من إله قريب يدعوه عبده بأي لسان، ومن أي مكان، فيسمعه سبحانه ويعلمه! عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم[3]؛ إنكم ليس تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنكم تدعون سميعًا قريباً وهو معكم)[4].


والأمر الثاني في الآية: أن الله تعالى ذكر هذه الآية ضمن الحديث عن الصيام ليرشد إلى أهمية الدعاء في زمان الصيام، قال بعض المفسرين: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر" [5]. وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان"[6]. ومما يدل على أهمية الدعاء أثناء الصيام: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر)[7].


عباد الله، إن الصيام من أحسن الأزمان للدعاء، وحال العبد فيه من أحسن الأحوال لذلك، فحينما يعرف المسلم حق هذه العبادة وما ينبغي له فيها فإن روحه تقبل على ربها، فيخشع قلبه، وتستكين جوارحه، فتبدو عليه مخايل الإخبات والإقبال، والخضوع والانقياد، وعندئذ يكون قريبًا من ربه، موقنًا به، فإذا دعاه دعاه بتضرع وإكثار ويقين ورجاء وحسن ظن، وهناك يكون قريب الإجابة.


فما أحوجنا - أحبابي الكرام - إلى الدعاء، وما أفقرنا إلى اللجوء إلى رب السماء؛ إذ ما أكثر الآمال التي نرجو حصولها، والآلام التي نبغي رحيلها!


ومع عظم هذه المطالب إلا أن العجب يقف متحيراً عندما يلجأ أكثر الناس إلى الناس ويدَعون رب الناس، الذي يقول في الحديث القدسي: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)[8].


وإذا ابتُلِيتَ بمِحْنةَ فالبس لها
ثوبَ السكوتِ فإن ذلك أسلمُ

لا تشكوَنَّ إلى العباد فإنما
تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يَرْحَم[9]



أيها المسلم، أكثرْ من الدعاء، ولا تستكثر على الله تعالى؛ فإنك تدعو من لا تنفد خزائنه، ولا ينتهي كرمه، ولا يثقل عليه إلحاح الملحين، بل يفرح بكثرة سؤال عبده له وإلحاحه عليه سبحانه وتعالى.


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، (يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر)[10].

لا تسألنَّ من ابن آدم حاجةً
وسلِ الذي أبوابُه لا تُحجبُ

اللهُ يغضب إن تركتَ سؤاله
وبُنيُّ آدمَ حين يُسئل يغضب[11]



ومتى دعا المسلم بدعوة لم يعجل الله له إجابتها لحكمة يعلمها سبحانه؛ فلا ييأس من الاستمرار رجاء الإجابة، فإن لم يُجب فله ربح آخر أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)[12].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها)[13].


إن الدعاء المستجاب - يا عباد الله - يحتاج إلى شروط وآداب، فمن آداب الدعاء وشروطه: أن يكون الداعي حاضر القلب حال دعائه، مخلصًا لله فيه، موقنًا أنه لن يقضي حاجته سواه، وأن يكون متناولاً للحلال في أكله وشربه ولبسه، وأن يكون المدعو به مباحًا. وما أحسن أن يختار الأوقات المناسبة للدعاء كوقت السحر، وبين الأذان والإقامة، وحال الاضطرار. وأن يختار جوامع الدعاء التي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة.


أيها المسلمون، والآية الأخيرة من الآيات الخمس هي قوله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].


وقد تضمنت هذه الآية مسائل:
المسألة الأولى: الرخصة في معاشرة الزوجة في ليل الصيام دون نهاره فقال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ﴾[البقرة: 187] و" هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين ورفعٌ لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، فإنه كان إذا أفطر أحدهم إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة، فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة"[14]. عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك! فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187]. ففرحوا بها فرحًا شديداً ونزلت: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [15].


وأما قوله سبحانه: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ﴾ [البقرة: 187] فهو يبين أن بعضهم كان يخون نفسه بإيقاعها في معصية الإفضاء إلى زوجته ليالي رمضان وكان ذلك محرمًا قبل النسخ، فرحم الله عباده بنسخ ذلك فتاب على من واقع قبل التحريم، وعفا عنهم بإباحة ذلك وترخيصه ليالي الصيام، فعن البراء رضي الله عنه قال : لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ [16].


وتأملوا - أيها الأحباب الأفاضل - رقيّ الأسلوب القرآني في التعبير عن اللقاء بين الزوجين؛ فقد عبر عن ذلك بالرفث، كما هنا، وعبر عنه بالمباشرة في الآية نفسها في قوله: ﴿ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ﴾ وقوله: ﴿ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ﴾، كما عبر عنه بالمس في قوله: ﴿ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ﴾ [البقرة: 236]، وباللمس في قوله: ﴿ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [النساء: 43]، وبالإفضاء في قوله: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 21]. وهذا يعلمنا استعمال التعبير اللطيف السامي في أقوالنا وكتاباتنا حينما نريد التعبير عما يتعلق بالنساء، ويرشدنا إلى الابتعاد عن الألفاظ الصريحة، والكلمات المثيرة. فإذا كان هذا في الكلمات فمن باب أولى البعد عما يثير الغرائز من الصور والمقاطع والحركات غير اللائقة.


وكذلك انظروا إلى حسن التمثيل البديع للقرب بين الزوجين حينما قال تعالى: ((هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ))، فعبر عن هذا القرب بلفظ اللباس الذي يحمل معنى الستر والحفظ والملاصقة. وهذا يعلم الزوجين أن يكون كل منهما حافظًا لأسرار صاحبه، ساتراً لعيوبه وعوراته.


المسألة الثانية: بينت الآية الكريمة أول زمن الإمساك عن المفطِّرات ونهايته، وذكرت أمد الإباحة لتناولها من وقت الليل. فقال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، يعني: أن الصيام يبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى دخول الليل بتحقق غروب الشمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)[17]. قال بعض المفسرين: " و﴿ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ غاية اختير لها (إلى) للدلالة على تعجيل الفطر عند غروب الشمس؛ لأن (إلى) تمتد معها الغاية، بخلاف (حتى)، فالمراد هنا مقارنة إتمام الصيام بالليل"[18].


والخيط الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود سواد الليل؛ لحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما نزلت: ﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ﴾ [البقرة: 187]. عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار)[19].


وفي قوله: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، إشارة إلى أن من أدركه الفجر وهو على جنابة لم يغتسل منها لم يفسد صومه بل عليه أن يغتسل ويواصل الصيام؛ لأنه "لو لم يجز ذلك لما جاز للصائم مد المباشرة إلى طلوع الفجر، بل كان يجب قطعها مقدار ما يسع فيه الغسل قبل طلوع الفجر"[20]. بل قد جاء التصريح بصحة الصوم مع هذا الفعل في حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم[21].


المسألة الثالثة: أشارت الآية الكريمة إلى استحباب السحور، ففي" إباحته تعالى جواز الأكل إلى طلوع الفجر دليل على استحباب السحور؛ لأنه من باب الرخصة، والأخذ بها محبوب؛ ولهذا وردت السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحث على السحور"[22].
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة)[23].


وقال عليه الصلاة والسلام: (السحور كله بركة فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين) [24]. "وصلاة الله عليهم رحمتهم، وصلاة الملائكة استغفارهم لهم، وهذا ترغيب عظيم فيه"[25].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحور: (هو الغداء المبارك[26])[27].
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها المسلمون، من المسائل التي ذكرتها الآية الكريمة: مسألة الاعتكاف؛ فذكرت أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، وذكرت مبطلاً من مبطلاته ألا وهو إتيان الزوجة حال الاعتكاف، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187].


وقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده؛ لنيل هذا الخير العظيم.


إن المعتكف يتأمل في هذه المدة اليسيرة في حاله ماذا قدم، وماذا سيقدم من الأعمال، فيتفكر في سالف أيامه: فإن كان محسناً يزد في إحسانه، ويعترف بتقصيره تجاه ربه.


وإن كان مسيئاً تضرع إلى الله تعالى ودعاه بغفران ذنبه، وستر عيبه، مع ندم صادق على زمان انقضى في التضييع والعصيان.


ويتفكر في مستقبل أيامه التي يكتنفها المجهول، فيعزم على الجد وترك التفريط والفتور، ويدعو الله تعالى بالتوفيق والسداد في القول والعمل.


فالاعتكاف فرصة للمراجعة والمحاسبة، وفرصة للتزود وشحذ الهمة الإيمانية، وطلب الصواب في قابل الأيام.


والاعتكاف فرصة لتعويض ما ضيع الصائم في أيام رمضان الأولى، فإن كان جرح صومه بمخالطة الناس فلم يسلم صومه من غيبة أو تعدٍّ فالاعتكاف مكان للسلامة والمداواة.


وإن كان فاته القيام فيما مضى فالاعتكاف يعينه على المحافظة على القيام فيما بقي.
وإن كان قد شُغل عن كثرة قراءة القرآن وتدبره فالاعتكاف ظرف كريم لما فاته من ذلك.


ومن المناسبات الحسنة في ترتيب الأحكام في آيات الصيام: أن الله تعالى ذكر مسألة الاعتكاف آخر مسألة من مسائل الصوم لارتباطها بالعشر الأواخر من رمضان[28].


أيها الإخوة الأفاضل، وبعد أن ذكر الله تعالى أحكام الصيام وحِكمه قال سبحانه: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187] أي: هذا الذي بيناه وفرضناه وحددناه من الصيام وأحكامه وما أبحنا فيه وما حرمنا وذكرنا غاياته ورخصه وعزائمه، حدود الله، أي: شرعها الله وبينها بنفسه ﴿ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البقرة: 187] أي: لا تجاوزوها وتتعدوها... ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ ﴾ أي: كما بين الصيام وأحكامه وشرائعه وتفاصيله كذلك يبين سائر الأحكام على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ أي: يعرفون كيف يهتدون وكيف يطيعون"[29].


ومن هذه الجملة الأخيرة من الآية نستفيد أموراً:
الأول: التحذير" من الجرأة على مخالفة الصيام بالإفطار غير المأذون فيه"[30]؛ لأن ذلك مجاوزة لحدود الله التي نهى عن قربانها.
الثاني: أن العبادات تحتاج إلى بيان أحكامها؛ حتى تؤدى على الوجه الصحيح، وعلى من عَلِمها أن يبلّغها من لا يعلمها.
الثالث: أن التقوى لا تتحقق إلا بعد البيان للمأمورات حتى تُمتثل، وللمنهيات حتى تُجتنب.
الرابع: تأملوا بعين التدبر إلى الكلمة التي خُتمت بها آخر آية من آيات الصيام الخمس، وأول آية من آياتها، ستجدون أنها كلمة التقوى، فقال تعالى أولاً: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، وقال أخيراً: ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾.
وهذا يدلنا على أهمية التقوى، وأن الصيام مرتع خصب لاكتسابها وتحصيلها.
فنسأل الله أن يجعلنا من المتقين.


هذا وصلوا وسلموا على القدوة المهداة...


[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 9/رمضان/ 1439هـ، 25 /5 /2018م.

[2] تفسير الرازي (ص: 779).

[3] أي: الزموا شأنكم ولا تعجلوا، وقيل: معناه: كفوا، أو ارفقوا. فتح الباري (1/ 121).

[4] متفق عليه.

[5] تفسير ابن كثير (1/ 273).

[6] التحرير والتنوير (2/ 177).

[7] رواه أحمد وابن حبان والترمذي، وهو صحيح.

[8] متفق عليه.

[9] عيون الأخبار (ص: 232).

[10] رواه مسلم.

[11] المستطرف (2/ 116).

[12] رواه مسلم.

[13] رواه الترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، وهو صحيح.

[14] تفسير ابن كثير (1/ 273).

[15] رواه البخاري.

[16] رواه البخاري.

[17] رواه البخاري.

[18] التحرير والتنوير (2/ 181).

[19] رواه البخاري.

[20] الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي (1/ 367).

[21] متفق عليه.

[22] تفسير ابن كثير (1/ 276).

[23] متفق عليه.

[24] رواه أحمد، وإسناده قوي..

[25] فيض القدير (4/ 137).

[26] قال العظيم أبادي: " والغداء: مأكول الصباح وأطلق عليه؛ لأنه يقوم مقامه. قال الخطابي: إنما سماه غداء لأن الصائم يتقوّى به على صيام النهار، فكأنْ قد تغدى، والعرب تقول: غدا فلان لحاجته إذا بكّر فيها، وذلك من لدن وقت السحور إلى وقت طلوع الشمس". عون المعبود (6/ 337).

[27] رواه ابن حبان، وهو صحيح.

[28] قال ابن كثير: " كان الفقهاء المصنفون يُتبعون كتاب الصيام بكتاب الاعتكاف؛ اقتداء بالقرآن العظيم، فإنه نبه على ذكر الاعتكاف بعد ذكر الصوم. وفي ذكره تعالى، الاعتكاف بعد الصيام إرشاد وتنبيه على الاعتكاف في الصيام أو في آخر شهر الصيام، كما ثبتت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده، أخرجاه من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها" تفسير ابن كثير (1/ 279).

[29] تفسير ابن كثير (1/ 279).

[30] التحرير والتنوير (2/ 184).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.79 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]