ما حالك مع الصلاة في رمضان؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1360 - عددالزوار : 139701 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-04-2021, 12:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,134
الدولة : Egypt
افتراضي ما حالك مع الصلاة في رمضان؟

ما حالك مع الصلاة في رمضان؟
الشيخ عبدالله بن محمد البصري


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حُصُولُ التَّقوَى مِن أَجَلِّ الغَايَاتِ الَّتي لأَجلِهَا شُرِعَ الصِّيَامُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وَحَقِيقَةُ هَذِهِ التَّقوَى أَن يَصُونَ العَبدُ جَوَارِحَهُ عَن مَعصِيَةِ اللهِ وَيُلزِمَهَا طَاعَتَهُ، وَمَن صَدَقَ في مَحَبَّتِهِ لِرَبِّهِ - سُبحَانَهُ – وَفي مَحَبَّتِهِ لِرَسُولِهِ، أَوجَبَت لَهُ تِلكَ المَحَبَّةُ مَحَبَّةَ مَا فَرَضَهُ اللهُ عَلَيهِ وَالاهتِمَامَ بِهِ، وَبُغضَ مَا حَرَّمَهُ عَلَيهِ وَالابتِعَادَ عَنهُ، وَقَدَّمَ تِلكَ المَحَبَّةَ عَلَى مَا تُحِبُّهُ نَفسُهُ وَتَشتَهِيهِ، وَتَلَقَّى الأَوَامِرَ وَالنَّوَاهِيَ الشَّرعِيَّةَ بِالرِّضَا وَالتَّسلِيمِ التَّامِّ، وَمَن أَخَلَّ بِشَيءٍ مِمَّا أُمِرَ بِهِ فَتَرَكَهُ، أَو تَهَاوَنَ بِشَيءٍ مِمَّا نُهِيَ عَنهُ فَأَتَاهُ، فَقَد نَقَصَ مِن إِيمَانِهِ الوَاجِبِ بِحَسَبِ ذَلِكَ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65] وَقَالَ -تعالى-: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].



نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ مَحَبَّةَ اللهِ تَقتَضِي فِعلَ الوَاجِبَاتِ وَتَركَ المُحَرَّمَاتِ، وَعَدَمَ الإِخلالِ بِشَيءٍ مِنهَا لِمُجَرَّدِ اتِّبَاعِ هَوَى النَّفسِ أَو إِيثَارِ شَهَوَاتِهَا، وَصَدَقَ القَائِلُ:



تَعصِى الإِلَهَ وَأَنتَ تَزعُمُ حُبَّهُ

هَذَا مُحَالٌ في القِيَاسِ شَنِيعُ



لَو كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعتَهُ

إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطِيعُ





وَلَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - هُوَ أَشَدَّ النَّاسِ حُبًّا للهِ، كَانَ لا يَجِدُ شَيئًا هُوَ أَلَذَّ لِرُوحِهِ وَلا أَهدَأَ لِنَفسِهِ مِن عِبَادَةِ رَبِّهِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " وَجُعِلَت قُرَّةُ عَينِي في الصَّلاةِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَفي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَامَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ: قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: "أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكوُرًا؟".




وَاليَومَ – أَيُّهَا الصَّائِمُونَ – لا يَدرِي مَن يَرَى حَالَ بَعضِ الصَّائِمِينَ، أَهُم يَصُومُونَ طَاعَةً للهِ وَحُبًّا لَهُ وَاستِسلامًا وَتَسلِيمًا، أَم مُجَارَاةً لِمَن حَولَهُم وَحِيَاءً مِنهُم وَتَقلِيدًا؟! وَالأَغلَبُ إِن شَاءَ اللهُ إِذَا أَحسَنَّا الظَّنَّ بِهِم أَنَّهُم يَصُومُونَ طَاعَةً للهِ، وَيُرِيدُونَ مَا عِندَهُ مِنَ الثَّوَابِ، لَكِنَّ مِمَّا يُلحَظُ عَلَى بَعضِهِم هَدَاهُمُ اللهُ، وَهُوَ مِمَّا يُنكَرُ وَلا يُقَرُّ، مَا يُرى مِنَ التَّهَاوُنِ المُستَمِرِّ مِنهُم في بَعضِ الصَّلَوَاتِ تَمَاشِيًا مَعَ هَوَى أَنفُسِهِم، وَهَذَا المُنكَرُ العَظِيمُ الَّذِي يَقعَونَ فِيهِ، لَيسَ في رَمَضَانَ فَحَسبُ، بَل هُوَ طُولَ العَامِ وَلِلأَسَفِ، لَكِنَّهُم بَدَلاً مِن تَركِ صَلاةِ الفَجرِ مَعَ الجَمَاعَةِ في غَيرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُم يَترُكُونَ صَلاةَ الظُّهرِ في رَمَضَانَ، وَقَد يُلحِقُونَ بِهَا صَلاةَ العَصرِ أَيضًا، وَالسَّبَبُ في ذَلِكَ هُوَ تَغيُّرُ وَقتِ نَومِهِم، فَهُم لم يَزِيدُوا عَلَى أَن نَقَلُوا التَّركَ مِن صَلاةٍ إِلى أُخرَى بِحَسَبِ مَا تَشتَهِيهِ نُفُوسُهُم وَيَغلِبُ عَلَيهَا مِنَ النَّومِ، وَفي هَذَا – أَيُّهَا الإِخوَةُ – نَقصٌ وَاضِحٌ في جَانِبٍ عَظِيمٍ، هُوَ لُبُّ الإِسلامِ وَرُوحُهُ، وَهُوَ مَنَاطُ الإِيمَانِ وَعَلَيهِ مَدَارُهُ، أَلا وَهُوَ الاستِسلامُ للهِ وَالانقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالخُضُوعُ لِمُرَادِهِ وَنَبذُ هَوَى النَّفسِ. وَالمُسلِمُ الَّذِي أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ، وَأَخلَصَ عَمَلَهُ للهِ، وَأَرَادَ مَا عِندَ اللهِ، وَخَافَ اللهَ وَرَجَا اللهَ، يَدُورُ مَعَ الأَمرِ وَالنَّهيِ حَيثُ دَارَ، وَلا يَتَرَدَّدُ وَلا يَتَلَكَّأُ، وَلا يَبحَثُ لِنَفسِهِ عَن عُذرٍ البَتَّةَ، وَلَيسَتِ الأَحوَالُ الدُّنيَوِيَّةُ المُختَلِفَةُ، أَو تَغَيُّرُ الأَزمِنَةِ وَاختِلافُ الأَوقَاتِ، هِيَ الَّتي تُملِي عَلَيهِ فِعلَ أَمرٍ مِن أَوَامِرِ رَبِّهِ أَو تَركَهُ وَالتَّهَاوُنَ بِهِ، وَلَيسَ مِزَاجُهُ أَو هَوَى نَفسِهِ، أَو نَشَاطُهَا أَو كَسَلُهَا، أَو إِقبَالُهَا أَو إِدبَارُهَا، هُوَ الَّذِي يُحَرِّكُهُ لِلعَمَلِ أَوِ التَّركِ، وَلَكِنَّهُ رِضَاهُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا رَسُولاً، وَهَذَا الرِّضَا في حَقِيقَتِهِ، لا يَجتَمِعُ أَبَدًا مَعَ اتِّبَاعِ هَوَى النَّفسِ وَالسَّيرِ عَلَى مَا تَشتَهِي، وَالَّذِي هُوَ نَوعٌ مِنَ الضَّلالِ وَعَدَمِ إِخلاصِ التَّوحِيدِ للهِ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].



إِنَّ حَالَ المُسلِمِ الحَيِّ القَلبِ – أَيُّهَا الإِخوَةُ – هِيَ تَتَبُّعُ مَا يُرضِي اللهَ وَالعَمَلُ بِهِ دُونَ تَرَدُّدٍ وَلا تَلَكُّؤٍ، وَالاستِكثَارُ مِمَّا يُقَرِّبُ إِلَيهِ دُونَ كَسَلٍ وَلا تَأَخُّرٍ وَلا تَبَاطُؤٍ، وَهُوَ في مَوَاسِمِ الخَيرِ كَرَمَضَانَ، أَحرَصُ عَلَى ذَلِكَ وَأَصبَرُ عَلَيهِ، خَاصَّةً وَهُوَ يَرَى المُسلِمِينَ عَن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ حَرِيصِينَ عَلَى الخَيرِ مُستَكثِرِينَ مِنهُ، يَتَزَوَّدُونَ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَيُنَوِّعُونَ القُرُبَاتِ، فَمَا أَجمَلَ حَالَ المُسلِمِينَ وَاللهُ – تَعَالى - غَايَتُهُم وَمَقصِدُ قُلُوبِهِم، يَتَّجِهُونَ إِلَيهِ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، لا يَتَحَوَّلُونَ عَنهُ وَلا يَقصِدُونَ إِلاَّ وَجهَهُ، يَرجُونَ رِضَاهُ وَرَحمَتَهُ، ويَبتَغُونَ فَضلاً مِنهُ وَرِضوَانًا وَيَطمَعُونَ في جَنَّتِهِ، تَعرِفُهُمُ المَسَاجِدُ في الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، لا يَترُكُونَ مِنهَا صَلاةً وَلا يَتَأَخَّرُونَ عَن أُخرَى، حَرِيصِينَ عَلَى نَوَافِلِهَا، يُؤَدُّونَ الرَّوَاتِبَ قَبلَهَا وَبَعدَهَا، وَيَركَعُونَ في الضُّحَى مَا تَيَسَّرَ لَهُم مِن رَكَعَاتٍ، وَلا تَفُوتُهُم صَلاةُ القِيَامِ مَعَ الإِمَامِ، فَمِثلُ أُولَئِكَ يَجِدُونَ أَثَرَ حِرصِهِم عَلَى صَلاتِهِم تَوفِيقًا في سَائِرِ العِبَادَاتِ، وَعَونًا لَهُم عَلَى الطَّاعَاتِ، وَإِقبَالاً مِن نُفُوسِهِم عَلَى الصَّالِحَاتِ، وَبَرَكَةً في الأَعمَارِ وَالأَوقَاتِ، فَتَرَى لَهُم نَصِيبًا مِن قِرَاءَةِ كِتَابِ اللهِ، وَمُسَاهَمَةً في تَفطِيرِ الصَّائِمِينَ وَحَظًّا مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَحِرصًا عَلَى الذِّكرِ وَالدُّعَاءِ وَالاستِغفَارِ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت: 45]، وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].



وَهَكَذَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَمَن أَرَادَ أَن يَسلَمَ لَهُ شَهرُهُ، بَل مَن أَرَادَ أَن يَصلُحَ عُمُرُهُ، فَلْيُصلِحْ أَمرَ صَلاتِهِ، وَلْتَكُنْ هِيَ هَمَّهُ، وَلْيَحذَرْ مِنَ الغَفلَةِ عَنهَا لأَيِّ سَبَبٍ كَانَ، وَلا يُلهِيَنَّهُ عَنهَا مَالٌ وَلا وَلَدٌ وَلا لَذَّةٌ وَلا مَتَاعٌ، وَلا يُقَدِّمَنَّ عَلَيهَا عَمَلاً وَلا رَاحَةً وَلا نَومًا وَلا شَهوَةً، فَإِنَّ صَلاحَهَا هُوَ صَلاحُ الدِّينِ وَالدُّنيَا وَالأُخرَى، وَهِيَ أَوَّلُ الفَلاحِ وَخَاتِمَتُهُ، وَبِدَايَةُ الصَّلاحِ وَنِهَايَتُهُ، وَمَدخَلُ التَّوفِيقِ وَمَخرَجُهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ اللهُ – تَعَالى - صِفَاتِ المُؤمِنِينَ المُفلِحِينَ فَقَالَ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ كَانَت أَوَّلُ صِفَاتِهِم ﴿ الَّذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2] وَآخِرُهَا ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9] وَلَمَّا ذَكَرَ صِفَاتِ الإِنسَانِ السَّوِيِّ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 23] ثم خَتَمَ بِالصَّلاةِ فَقَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم يُحَافِظُونَ ﴾ وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ الصَّلاةُ، فَإِن صَلَحَت صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِن فَسَدَت فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَحرِصْ عَلَى إِسلامِ وُجُوهِنَا لِمَا يُرِيدُهُ رَبُّنَا مِنَّا، وَلْنَقتَدِ بِالمُسَابِقِينَ إِلى الخَيرَاتِ، وَلْنُنَافِسْ في الطَّاعَاتِ، وَلْنَحذَرْ هَوَى النُّفُوسِ أَو مُصَاحَبَةَ الغَافِلِينَ، فَقَد قَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَهُوَ إِمَامُ الصَّالِحِينَ: ﴿ وَاصبِرْ نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]. اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّاتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا... وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

♦ ♦ ♦




أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2] وَاعلَمُوا أَنَّ ثَمَّةَ عَمَلاً صَالِحًا جَلِيلاً، قَرَنَهُ اللهُ بِالصَّلاةِ في كِتَابِهِ في كَثِيرٍ مِنَ الآيَاتِ، وَهُوَ مِن أَسبَابِ الفَلاحِ وَالصَّلاحِ وَزَكَاءِ النُّفُوسِ وَطَهَارَتِهَا، وَتَركُهُ مِن أَسبَابِ العَذَابِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، تِلكُم هِيَ الزَّكَاةُ، الَّتي هِيَ الرُّكنُ الثَّالِثُ مِن أَركَانِ الإِسلامِ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5] وَعَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَومِ رَمَضَانَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35] وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُما – قَالَ: أَقبَلَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: " يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ، خَمسٌ إِذَا ابتُلِيتُم بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللهِ أَن تُدرِكُوهُنَّ " وَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ: " وَلم يَمنَعُوا زَكَاةَ أَموَالِهِم إِلاَّ مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَولا البَهَائِمُ لم يُمطَرُوا " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَالطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَد اعتَادَ كَثِيرٌ مِنَ المُسلِمِينَ أَن يُخرِجُوا زَكَوَاتِهِم في رَمَضَانَ، تَحَرِّيًّا لِفَضِيلَةِ الوَقتِ، وَكَفًّا لِلنَّاسِ عَنِ السُّؤَالِ في شَهرِ الخَيرِ.




أَلا فَاحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى إِخرَاجِ زَكَاةِ أَموَالِكُم، وَطِيبُوا بِهَا نَفسًا، وَتَحَرَّوا إِخرَاجَهَا عَلَى الوَجهِ الشَّرعِيِّ المَأمُورِ بِهِ، وَتَلَمَّسُوا أَهلَهَا المُستَحِقِّينَ لَهَا، وَلا تُحَابُوا بِهَا قَرِيبًا أَو صَدِيقًا، وَمَن أَعطَى زَكَاتَهُ لِلمُؤَسَّسَاتِ الَّتي عَيَّنَهَا وَليُّ الأَمرِ لأَخذِ الزَّكَاةِ مِن أَصحَابِهَا وَتَوزِيعِهَا عَلَى مُستَحِقِّيهَا، سَوَاءٌ مِنهَا الرَّسمِيَّةُ أَوِ الخَيرِيَّةُ كَجَمعِيَّاتِ البِرِّ، فَقَد بَرِئَت ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.89 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]