حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311345 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041925 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131961 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-03-2021, 07:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم

حديث القرآن عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (1)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي




الجزء الثاني [1]







إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].








أما بعد:



فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.








أيها الناس، ما زال الحديث متصلاً بحديث القرآن الشيِّق عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، وسمعنا في الجمعة الماضية حديث القرآن عن الثناء عليه، وعن تزكية الله له، وعن إنعامه عليه.



واليوم -بعون الله تعالى- سنأخذ جوانب أخرى من حديث القرآن عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام.








عباد الله، ومن حديث القرآن عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: حديثه عن حماية الله له، ودفاعه عنه.



فقد حدثنا القرآن العظيم أن الله تعالى قد تكفل بحراسة رسوله، وتأييده بنصره، ومنعِ أعدائه من أن يصلوا إليه بكيد أو مكر أو خداع أو خيانة أو سوء، وقد دبروا كل ذلك، ولكن الله حال بينهم وبين ما يشتهون من بلوغ ما دبروه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؟








فمن حمايته تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام كما أخبر القرآن الكريم: أنه نجاه يوم الهجرة، حينما اتفقت قريش على قتله، فأرصدت على بابه ليلاً أحد عشر رجلاً ليقتلوه قتلة رجل واحد، ولكن الله أنقذه من مكرهم؛ فقد طمس الله على أبصار أولئك المترصدين حينما خرج رسول الله عليه الصلاة والسلام مخترقًا صفوفهم حتى مضى إلى سبيله سالمًا، وسمى الله تعالى هذا الإنجاء له نصراً منه تفضل به عليه، فقال تعالى[2]: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].








وقال: ﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].








ومن حمايته له: أن الله كفاه خداع الخادعين من المعاهدين الكافرين الذين عاهدوه، وأيده بنصره عليهم، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 62].








ومن حمايته له: أنه كفاه خيانة الأسرى الذين أطلقهم عقب غزوة بدر، حيث لم تصل إليه يد خائن منهم أو من أقاربهم بالضرر، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 71].








ومن حمايته له ونصره إياه: أنه لعن من آذاه بأي بأذى، وتوعد ذلك المؤذي بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]، وقال: ﴿ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 61].








أيها الأحبة الكرام، ومن حماية الله ودفاعه عن رسوله عليه الصلاة والسلام كما تحدث القرآن: أنه كفاه المستهزئين به، فانتقم له منهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ [الحجر: 95]، ذكر ابن إسحاق في سيرته: أن عظماء المستهزئين من قريش كانوا خمسة، فلما تمادوا في الشر، وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء، سلط الله عليهم ما كف استهزاءهم به بإصابة بعضهم بأوجاع شديدة كفّتهم عن الإيذاء، أو نزول ميتة السوء بالبقية الباقية منهم[3]، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ﴾ [الأنعام: 10]. وهذه الآية مصيبةٌ كلَّ مستهزئ برسول الله عليه الصلاة والسلام في كل زمان ومكان.








ومن حماية الله ودفاعه عنه: أن الله جعل مبغضه وعدوه هو الأقل والأذلّ المنقطع دابره[4]، قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر:3]، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت له قريش: أنت حَبْر أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم. قالوا: ألا ترى إلى هذا الصُّنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السِّدانة وأهل السِّقاية؟ قال: أنتم خير منه. قال: فأُنزلت: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾ [سورة الكوثر: 3]"[5]، فذهب أولئك المستهزئون الشانئون إلى الجحيم، وخلفوا وراءهم ذكر السوء.








وكما حصل لأولئك السابقين من المستهزئين مصرع السوء، ولعنة الدنيا والآخرة، حصل لأبي جهل وأبي لهب، فعن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فَجِئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، قال: فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار، وهولاً وأجنحة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضوًا) قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [العلق: 6 - 13] - يعني: أبا جهل- ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ ﴾ [العلق: 14 - 19] [6]. وفي غزوة بدر كانت نهايته البئيسة المعلومة.








وقال تعالى في أبي لهب وزوجته أم جميل اللذين كانا يعاديانه ويؤذيانه: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 1 - 5].








قال شيخ الإسلام: " ومن سنة الله أن من لم يمكَّن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله؛ فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأكرم رسوله فثبت ملكه، فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم، وكسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة ملك. وهذا -والله أعلم- تحقيق لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]، فكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره"[7].








ومن مظاهر دفاع الله عنه وتأييده له عليه الصلاة والسلام: أنه وعده بإعلاء دينه والنصر في الدنيا على أعدائه، كما وعده بالكفاية من كيد خصومه ومكرهم به، فكم قد حاولوا قتله واغتياله والله يحول بينهم وبين ذلك، قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ [الحج: 15]، وقال: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 36]. وكيف يستطيعون غيلته وهو بعين الله وحفظه الذي قال له: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48].








عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بها سيفه. قال جابر: فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتًا فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فها هو ذا جالس). ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم[8].








وعند أحمد بسند صحيح: عن جابر بن عبد الله، قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل، فرأوا من المسلمين غِرة، فجاء رجل منهم يقال له: غورث بن الحارث، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: ( الله )، فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( من يمنعك مني؟) قال: كن كخير آخذ، قال: (أتشهد أن لا إله إلا الله؟)، قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله.








وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا نزل منزلًا نظروا أعظم شجرة يرونها فجعلوها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينزل تحتها، وينزل أصحابه بعد ذلك في ظل الشجر، فبينما هو نازل تحت شجرة وقد علق السيف عليها إذ جاء أعرابي فأخذ السيف من الشجرة ثم دنا من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو نائم فأيقظه فقال: يا محمد، من يمنعك مني؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الله)، فأنزل الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67][9].








وعن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم: (يا أيها الناس، انصرفوا؛ فقد عصمني الله)[10].








بل حتى حماه تعالى من أعين المشركين الخبيثة كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51]، يعني: " لينفذونك بأبصارهم، أي: ليعينونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك؛ لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك، وحمايته إياك منهم"[11].








عباد الله، فانظروا إلى هذه الكفاية التامة، والحماية العامة، من كل كيد ومكر، وإضرار وفتك! فمن تولاه الله برعايته فلن يستطيع أحد أن يصيبه بمكروه لم يرد الله، ولو اجتمع عليه كل من في الأرض، فثقوا بالله ما دمتم من أهل تقواه.








أيها المسلمون، إن دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام لم تُستقبل لدى المشركين بالحب والترحاب، والإقبال والانقياد، بل قوبلت بالإعراض والعناد، والصد والتكذيب والإيذاء، إلا من هداه الله فاستجاب لما جاء به النبي الكريم من الحق.








فلذلك الرفض والعداء والإيذاء والصد والإعراض عن قبول الحق كان رسول الله يغتم ويحزن ، ويزداد خوفه على قومه من العقوبة، وكان هذا حرصًا منه وشفقة عليهم، صلى الله عليه وسلم.








ولكن الله تعالى أحب لنبيه الحبيب أن يكون مطمئن النفس، مرتاح البال، خاليًا من الحزن والغم، كثير الاطمئنان والسكينة والأمان؛ فلأجل هذا:



نهاه سبحانه وتعالى عن الحزن عليهم لما أدبروا عنه ولم يقبلوا عليه، وحين بقوا في كهوف الضلال دون أن يخرجوا إلى نور الإسلام، فقال تعالى: ﴿ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النمل: 70]، ﴿ وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 176].








وسلَّاه تعالى عن حزنه بأن غيره من الرسل قبله قد عانوا ما عانى، ولقوا ما لقي، فقال تعالى: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام: 33، 34]، وقال: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾ [آل عمران: 184]، وبين تعالى له أن حرصه على هدايتهم، وبذله أقصى جهده في انتشالهم من ضلالهم لا يهديهم مادام قد كتب عليهم الضلال، فلا ينبغي له أن يحزن والحال هذه، قال تعالى: ﴿ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [النحل: 37]. وأراحه من حزن عدم تصديقهم لرسالته بأن شهادة الله بصدقه تكفيه شهادة، إضافة إلى شهادة علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، فقال تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43].



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 151.05 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.13%)]