لباس الصلاة وزينتها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 135369 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5493 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8168 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-03-2021, 07:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي لباس الصلاة وزينتها

لباس الصلاة وزينتها
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي




الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ -، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِأَخْذِ الزِّينَةِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، وَتَشْمَلُ الزِّينَةُ هُنَا أُمُورًا عِدَّةً، مِنْهَا:

1- أَنْ يَتَجَمَّلَ عِنْدَ دُخُولِهِ لِكُلِّ مَسْجِدٍ.



2- أَنْ يَتَجَمَّلَ عِنْدَ كُلِّ سُجُودٍ لِلَّهِ، وَلَو كَانَ خَارِجَ المَسْجِدِ فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي أَيِّ مَكَانٍ يُصَلِّي فِيهِ.



3- وُجُوبُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ؛ حَيْثُ قَالَ: (فَأَخْذُ الزِّينَةِ فِي الصَّلَاةِ حَقُّ اللهِ وَلَو كَانَ وَحْدَهُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا، وَلَو كَانَ وَحْدَهُ، وَيَسْتُرُ فِي صَلَاتِهِ مَا يَجُوزُ لَهُ إِبْدَاؤُهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلرِّجَالِ، مِثْلَ: الْمَنْكَبَينِ (الْكَتِفَينِ)؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ)، رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ. وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ كَشْفُ الْمَنْكَبَينِ لِلرِّجَالِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُؤْمَرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَتْرِ عَوْرَةِ الْفَخْذِ وغَيرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مَكْشُوفَ الْفَخْذَينِ، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي البَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ تَغْطِيَةُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ. وَصَلَاةُ الرَّجُلِ بَادِيَ الْفَخْذَينِ مَعَ القُدْرَةِ عَلَى الْإِزَارِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِسَتْرِ الْمَنْكَبَينِ، وَيُبَاحُ لَهُ كَشْفُ الْفَخْذِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَجَمَّلَ لَهُ)، وَقَد أَمَرَ الْمُصَلِّي بِالطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ وَالطِّيبِ، وَأَنْ تُتَّخَذَ المَسَاجِدُ فِي البُيُوتِ وَتُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ، فَيُسْتَتَرُ فِي الصَّلَاةِ أَبْلَغَ مِمَّا يَسْتَتِرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ؛ وَلِذَا أُمِرَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْتَمِرَ فِي الصَّلَاةِ). هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِهِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مُطَوَّلًا فِي الْفَتَاوَى. وَالْأَدِلَّةُ الصَّرِيحَةُ وَالْوَاضِحَةُ أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، فَيَجِبُ أَنْ تُغَطَّى السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ وَالْفَخْذُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ مِنَ الْعَوْرَةِ)) حَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ، وَصَحَّحَهُ السُّيُوطِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِ أَصْحَابِهِ: ((غَطِّ فَخْذَكَ فَإِنَّ الْفَخْذَ عَوْرَةٌ))، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ بَعْدَمَا تَوَسَّعَ فِي تَخْرِيجِهِ فِي الْإِرْوَاءِ، وَذَكَرَ طُرُقَهُ ثُمَّ قَالَ: فَإِنَّ بَعْضَهَا يُقَوِّي بَعْضًا مِمَّا يَطْمَئِنُّ القَلْبُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ، لَاسِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَ بَعْضَهَا الْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَحَسَّنَ بَعْضَهَا التِّرْمِذِيُّ. وَمَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُعْطِي لِلْحَدِيثِ قُوَّةً يَرْقَى بِهَا لِدَرَجَةِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ البَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ: (وَهَذِهِ أَسَانِيدٌ صَحِيحَةٌ اِحْتَجُّوا بِهَا، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ وَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ؛ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ))، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. وَعَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ))، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


عِبَادَ اللهِ، إِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي أَصَحِّ أَقْوَالِ أَهْلِ العِلْمِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَرَى الوُجُوبَ، لِأَمْرِهِ جَلَّ وَعَلَا بِأَخْذِ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَمَا نَرَاهُ الْآنَ مِنْ ظَاهِرَةٍ مُشِينَةٍ بَدَأَتْ تَتَفَشَّى فِي بَعْضِ مَسَاجِدِنَا تَنُمُّ عَنْ تَسَاهُلٍ وَاضِحٍ، وَاِسْتِهَانَةٍ تُدْمِي القَلْبَ مِنْ بَعْضِ أَبْنَائِنَا -وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاهُمْ لِرِضَاهُ - مِنْ حُضُورِ بَعْضِهِمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِسَرَاوِيلَ، بَعْضِهَا لَا يَصِلُ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَبَعْضهَا قَدْ يغطي الركبة وَلَكِنَّهُ عِنْد ركوعه أَو سُجُوده يظْهر جُزْء من فخذه، بَل وَبَعْضهم إِذَا كشفها قَدْ يُفتن بِهِ بَعْض المفتونين خَاصَّة إِذَا كَانَ الكاشف من الغلمان الَّذِينَ لم يُناهزوا الْحُلُمَ، فَكَيْفَ رَضِيَ آبَاؤُهُمُ وَأُمَّهَاتُهُمْ بِأَنْ يُعَرِّضُوا أَبْنَاءَهُمْ لِلْفِتَنِ؟!



عِبَادَ اللهِ، لَا أَظُنُّ أَنَّ هُنَاكَ اِسْتِهَانَةً مَرَّتْ مِنْ قَبْلِ فِي تَغْطِيَةِ الْفَخْذِ كَالْاِسْتِهَانَةِ الَّتِي نَرَاهَا الآنَ، وَهَذِهِ الظَّاهِرَةُ الْمَعِيبَةُ لَمْ نَرَهَا فِي بَعْضِ المَسَاجِدِ فِي بِلَادِ الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ، فَكَيْفَ تَرَى بِمَهْبَطِ الوَحْيِ، وَحَامِيَةِ حِمَى التَّوْحِيدِ؟! وَعَلَى أَبْنَائِنَا أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ فَوْرًا وَأَلَّا يُقَلِّدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا فِي الخَيْرِ.

لِمِثْلِ هَذَا يَذُوبُ القَلْبُ مِنْ كَمَدٍ *** إِنْ كَانَ فِي القَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ

وَإِنَّكَ لَتَتَسَاءَلُ: هَذَا الشَّابُّ الَّذِي خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَمَامَ نَاظِرَيِّ وَالِدَيْهِ دُونَ أَنْ يُغَطِّيَ فَخْذَهُ أَوْ لَبِسَ لِبَاسًا يُغَطِّي بِالْكَادِ رُكْبَتَيْهِ، هَلْ وَضَعَ الصَّلَاةَ فِي حِسَابَاتِهِ؟ أَوْ جَعَلَهَا عِنْدَهُ مُعْتَبَرَةً؟ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا سَتْرَ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَتُدْرِكُهُ وَهُوَ خَارِجُ الْمَنْزِلِ. فَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَأَئِمَّةِ المَسَاجِدِ أَنْ يُنَبِّهُوا النَّاسَ لِخَطَرِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الْخَطِيرَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْحِلَ الدَّاءُ وَيَصْعُبَ الدَّوَاءُ.


عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِأَخْذِ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَهُنَاكَ – مَعَ الْأَسَفِ - مَنِ اسْتَهَانُوا بِذَلِكَ، فَتَرَاهُمْ يَأْتُونَ إِلَى المَسَاجِدِ بِمَلَابِسَ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُقَابِلُوا بِهَا وُجَهَاءَ القَوْمِ، أَوْ أَنْ يَذْهَبُوا بِهَا إِلَى مُنَاسَبَاتِهِمْ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ، فَهُمْ يَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ اللهِ، يُوَقِّرُونَ النَّاسَ وَلَا يُوَقِّرُونَ اللهَ، وَهُمْ قِلَّةٌ وَللهِ الحَمْدُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِم أَنْ يُقْلِعُوا عَنِ الحُضُورِ لِلْمَسَاجِدِ بِمَلَابِسَ لَا تَلِيقُ بِبُيُوتِ اللهِ، فَبَعْضُهَا أَزْيَاءٌ رِيَاضِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يذْهبَ بِهَا لِعَمَلِهِ أَو لِلزِّيجَاتِ، وَعَلَى بَعْضِهَا شِعَارَاتٌ وَدِعَايَاتٌ غَيْرُ لَائِقَةٍ، وَأْسْمَاءُ تَشْغَلُ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ عَنِ الخُشُوعِ. فَاللهُ يُنَادِي عِبَادَهُ أَنْ يَأْخُذُوا عِنْدَ عِبَادَتِهِ الزِّينَةَ الَّتِي خَلَقَهَا مِنْ أَجَلِّهِمْ لِيَتَجَمَّلُوا بِهَا، فَهُوَ أَوْلَى مَنْ يُتَجَمَّلُ لَهُ. وَالزِّينَةُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَزِمَ بِهَا المُسْلِمُ كُلٌّ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الَّذِي تَعَارَفُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِبَاسُهُمْ فِي الْمَحَافِلِ وَالْمَجَامِعِ.

عِبَادَ اللهِ، هُنَاكَ تَسَاهُلٌ وَاضِحٌ مِنَ الْبَعْضِ فِي أَخْذِ الزِّينَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ مَقْصُورًا عَلَى الْمَسَاجِدِ؛ بَلْ حَتَّى فِي البُيُوتِ، فَإِنَّ بَعْضَ الرِّجَالِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ نَفَلٍ أَوْ فَائِتَةٍ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي فُنْدُقِهِ؛ صَلَّى بِأَيِّ ثَوْبٍ اِتَّفَقَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ ثَوْبَ نَوْمٍ أَوْ بِيَجَامَةً، أَوْ يَلِفُّ فُوطَةَ اسْتِحْمَامٍ عَلَى جَسَدِهِ. وَلَيْسَ الأَمْرُ مُتَعَلِّقًا بِمَسْأَلَةِ صِحَّةِ صَلَاةٍ أَوْ عَدَمِهَا، فَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَيِّ ثَوْبٍ، غَيْرِ نَجِسٍ، سَاتِرٍ لِلْعَوْرَةِ صَحِيحَةٌ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ أَخْذِ الزِّينَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ. وَبَعْضُهُمْ إِذَا حَانَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْاِسْتِرَاحَاتِ صَلَّى بِمَلَابِسِ السِّبَاحَةِ، وَقَدِ اِلْتَصَقَتْ بِجَسَدِهِ وَوَصَفَتْهُ، وَفِيهَا مِنَ الْمِيَاهِ مَا تُفْقِدُهُ خُشُوعَهُ، وَيُلَوِّثُ الْأَرْضَ، نَاهِيكَ أَنْ بَيَّنَ هَذِهِ الْمَلَابِسَ وَالزِّينَةَ خَرْطُ الْقَتَادِ. فَلِمَاذَا الْاِسْتِهَانَةُ فِي الزِّينَةِ عِنْدَ لِقَاءِ اللهِ، فَالَّلائِقُ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَتَجَمَّلَ وَيَتَطَيَّبَ عِنْدَ الصَّلَاةِ، خَاصَّةً عِنْدَ الْحُضُورِ لِلْمَسَاجِدِ، وَتَتَأَكَّدُ فِي الْجَمْعِ وَالْأَعْيَادِ، وَلِيَحْرِصَ قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ عَلَى الِّلبَاسِ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الزِّينَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ الْأَبْيَضَ، وَيُفَضِّلُهُ وَيَحُضُّ عَلَى أَنْ يَلْبَسَهُ الْأَحْيَاءُ، وَأَنْ يُكَفَّنَ بِهِ الأَمْوَاتُ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُلَاقُونَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الْبَيَاضَ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ (المَلَائِكَةِ الَّذِينَ نَصَرُوا الرَّسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ)، وَلأَنَّ المَيِّتَ عِنْدَ مَوْتِهِ يُلَاقِي المَلَائِكَةَ؛ لِذَا جَاءَ التَّفْضِيلُ لِهَذَا الَّلوْنِ الْأَبْيَضِ، قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ عُثَيْمِينْ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وَالْأَبْيَضُ خَيْرٌ مِنَ غَيْرهِ مِنْ جِهَةِ الْإِضَاءَةِ وَالنُّورِ، وَمَنْ جِهَةِ أَنَّهُ إِذَا اِتَّسَخَ أَدْنَى اِتِّسَاخٍ ظَهَرَ فِيهِ فَبَادَرَ إِلَى غَسْلِهِ، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَيَشْمَلُ الثِّيَابَ وَالْقُمُصَ وَالْأُزُرَ وَالسَّرَاوِيلَ، فَإِنَّ اِتِّخَاذَهَا مِنَ الْبَيَاضِ أَفْضَلُ، وَلَو لَبِسَ مِنْ لَوْنٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ)، اِنْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ. اللهمَّ أعنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ!

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ:

فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى..


عِبَادَ اللهِ، وَالْخِطَابُ بِأَخْذِ الزِّينَةِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الرِّجَالِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا يَشْمَلُ النِّسَاءَ أَيْضًا، فَعَلَيْهِنَّ إِذَا صَلَّيْنَ فِي البُيُوتِ أَنْ يَتَجَمَّلْنَ وَيَتَطَيَّبْنَ وَيُغَطِّينَ أَجْسَادَهُنَّ؛ لِقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ))، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتُرُ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ بَدَنِهَا، مَا عَدَا الوَجْهَ، وَاِخْتَلَفُوا فِي الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُمَا، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ، فَعَلَى المَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَأْخُذَ الزِّينَةَ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ، وَمَنِ ذَلِكَ أَنْ تُبَالِغَ فِي سَتْرِ جَمِيعِ بَدَنِهَا مَا عَدَا الوَجْهَ، وَمَنِ زِينَتِهَا أَيْضًا أَنْ تَلْبِسَ قَمِيصًا سَابِغًا يُغَطِي الْبَدَنَ، وَخِمَارًا يُغَطِّي الرَّأْسَ وَالْعُنُقَ، وَجِلْبَابًا وَهُوَ الْمِلَاءَةُ، أَيْ الْمِلْحَفَةُ الَّتِي تَلْتَحِفُ بِهَا المَرْأَةُ، وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: (اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ)، وَالدِّرْعُ هُوَ الْجَلَّابِيَّةُ. وَعَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَجْتَنِبَ الِّلبَاسَ الَّذِي يُجَسِّمُ وَيَصِفُ جَسَدَهَا كَالْبِنْطَالِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي الزِّينَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَلَو صَحَّتْ صَلَاتُهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهَا أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ، وَإِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَارِجَ بَيْتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ فَعَلَيْهَا اِجْتِنَابُ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ الْفَاتِنَةِ وَالطِّيبِ.

عِبَادَ اللهِ، لَيْسَ عَيْبًا أَنْ يُخْطِئَ الْمَرْءُ أَوْ يُقَصِّرُ؛ لَكِنَّ الْعَيْبَ أَنْ يَتَمَادَى.

أَيُّهَا الشَّبَابُ إِذَا كَانَ صَاحِبُكَ أَثَّرَ عَلَيْكَ فَاِسْتَهَنْتَ بِأَخْذِ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ تَقْلِيدًا لَهُ؛ فَاِرْجِعْ عَنْ فِعْلِكَ وَكُنْ قُدْوَةً لَهُ وَلِغَيرِهِ بِأَخْذِ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَاِجْتِنَابِ السَّرَاوِيلِ الْقَصِيرَةِ، وَالْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ الْمُعَارِضَةِ لِلْأَخْلَاقِ. جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ هُدَاةً مَهْدِيِّينَ.


الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 90.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.07 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.90%)]