العزة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-02-2021, 12:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي العزة

العزة


الشيخ د. : ناصر بن محمد الأحمد







عناصر الخطبة

1/الحث على العزة 2/شخصية المسلم الحقيقية ومحاولات القضاء عليها 3/بعض آثار عِزّة المسلم 4/بعض المفاهيم المغلوطة حول العزة 5/نماذج رائعة في العزة 6/مصادر استمداد العِزّة 7/العزة الجوفاء 8/عزة أطفال الحجارة في فلسطين 9/الحاجة إلى العزة والتربية عليها 10/أولى الناس بالتحلي بالعزّة 11/مخاطر ضعف العزة


اقتباسبعض الناس قد يفهم أن العزة، هي أن تنظر للآخرين بعين الاحتقار والازدراء، وأن العزة تستلزم البعد عن الناس، وعدم مخالطتهم؛ لأنه يرى نفسه أرفع وأفضل منهم، وهذا خطأ. بل إن المسلم يخالط الناس ويُعاشرهم، وإن كان فيهم أخطاء وتقصير، ويبقى هو…










الخطبة الأولى:


إن الحمد لله …

أما بعد:

قال الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[المنافقون: 8].

وقال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)[فاطر: 10].

وقال سبحانه: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[آل عمران: 139].

هذه النصوص القرآنية الكريمة تحمل توجيهاً للناس جميعاً: أن يطلبوا العزة من الله –سبحانه-، فمن آمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيناً ورسولاً، اعتز بعقيدته، وسما بشخصيته، وأعلن ولاءه لدينه، وتميز في سمته ولباسه، عزةُ العلم والإيمان، وليست عزة الإثم والعدوان.

إن الشخصية الإسلامية، هي الشخصية الإنسانية الوحيدة، التي توسم بأنها سوية في صفاتها، سوية في خصائصها، سوية في آمالها، سوية في طبائعها، سوية في مقاييسها وموازينها.

إن شخصية المسلم، هي الشخصية السوية التي لم تمسخ فطرتها، ولم تشوه جبلتها.

إن الشخصية الإسلامية الحقيقية، هي الشخصية التي تسعى في هذا الكون، لتكون الإنسان الذي شاءه خالق الكون، ومبدع الحياة، وفاطر الإنسان، وجميع الشخصيات الأخرى في هذا العالم غير شخصية المسلم، هي شخصيات منكسة القلب، مشوشة الفكر، لا تعرف طريقها ولا تهتدي سبيلها.

لقد تعرضت شخصية المسلم عبر القرون إلى حملات آثمة غادرة استهدفت إزالتها وتدميرها، كما استهدفت تشويهها ومسخها، وقاد هذه الحملة أعداء الإسلام بما ألقوه من شبهات، وبما جاؤوا به من فلسفات وثقافات، لعلمهم أن المسلم لو تزعزعت شخصيته واهتزت، لا يمكن أن يكون هو المسلم الحق الذي يريده الله.

فهناك حربٌ قوية جداً لإضعاف شخصية المسلم من عدد من الجهات، سخرت إذاعاتها وصحفها وبرامجها، وإليه وجهت الكتاب، وأصحاب الفكر والقلم، وأنفقت في سبيل ذلك أموالاً طائلة، تكفي لإثراء الفقراء، وإزالة أسباب التعاسة عن كثير من البشر، ومحاربة الجهل والمرض، لكن الإنسان يحرص على بث فكره، وحمل الناس عليه، ودعوتهم إليه، حرصاً يصغر أمامه أحياناً بذل نفسه فضلاً عن ماله، وصدق الله العظيم حيث يقول: (كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ)[الأنعام: 108].

ولكن ومع كل هذه المحاولات، وكل هذه التخطيطات ستبقى شخصية المسلم هي الشخصية الفذة في هذا الكون، مهما بذلوا من أسباب، ومهما أَتَوا بوسائل: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8].

إن المسلم عزيز ويجب عليه أن يعتز بإسلامه، وأن يشعر بهذه العزة وهذه الرفعة في قلبه: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون: 8].

مجرد أنك مسلم، هذه وحدها كافية لتكسبك العزة.

فلا اعتزاز بجنس، ولا اعتزاز بلون، ولا اعتزاز بنسب، ولا اعتزاز بلغة، فهي كلها عزة جوفاء، تقوم على شفا جرف هار، تقوم على تصورات خاطئة، وقيم زائلة.

إن اعتزاز المسلم بدينه الذي يحمله بين جنبيه تدعوه إلى إعلان هذا الدين على الملأ، تدعوه أن لا يسر إسلامه، ولا يسر صلاته، ولا يسر عبادته، بل يعلن ذلك على الملأ وعلى الناس: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33].

إن مجرد كون المسلم مسلماً، فإن إسلامه يكسبه هذه العزة؛ روى الحاكم وغيره بسند صحيح: أن حكيم بن حزام ذهب إلى السوق يوماً، فوجد فيها حلة تباع، وكانت حلة نفيسة جميلة، فقال: حلة من هذه؟ قالوا: هذه حلة ذي يزن ملك اليمن.

فاشتراها حكيم -رضي الله عنه-، بخمسين ديناراً، ثم ذهب وأهداها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصعد بها المنبر، فما رُئيت حلة أجمل منها، وهي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فنـزل عليه الصلاة والسلام وألبسها، لحبه وابن حبه؛ أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان عازفاً عن الدنيا، فلبسها أسامة -رضي الله عنه-، وكان آنذاك فتىً صغيراً، وكان رضي الله عنه دميم الخِلقة، وكان أبوه مولى.

فلبسها ونزل بها السوق، فرآه حكيم بن حزام، ولم يكن قد أسلم بعد، فقال له: حلة من هذه؟ فقال: حلة ذي يزن ملك اليمن، فقال له حكيم: أو تلبس أنت حلة ملك اليمن؟ قال: نعم، أنا خير من ذي يزن، وأمي خير من أمه، وأبي خير من أبيه.

انظروا إلى هذه العزة، وكيف كان يشعر بها ذلك الفتى المسلم؟

كان يشعر بأنه أفضل من ذي يزن ملك اليمن؛ لماذا؟

لأنه مسلم وذاك كان كافراً، فأصغر رجل من المسلمين، هو أفضل من ملوك ورؤساء الدول الكافرة كلها، لا لشيء، سوى أن هذا مسلم، وذاك كافر.

إن مجرد كون الرجل مسلماً دون النظر إلى ما يملك، أو إلى ما عنده، أو إلى نسبه، أو إلى أي دولة ينتمي، كونه مسلماً فقط لا يعدله شيء، فهو عزيز عند الله -عز وجل-.

لماذا نريد من كل مسلم أن يشعر بهذه العزة؟

لأنه لو تملّك قلبه هذا الشعور، فهذه العزة كافية؛ لأن تجعله داعية للعالمين، يدعوهم إلى الهدى والرشاد، وهو موقن من جودة بضاعته التي يدعو إليها، ومن صلاحيتها لانتشال الناس، وانتشال الملل الكافرة من الأوحال التي تلطِخ نفوسهم، وتلطِخ قلوبهم ومجتمعاتهم.

إن هذه العزة، تجعله قائداً لركب الإنسانية وإماماً يُهتدى به، ويُقتدى به.

إن هذه العزة، تجعله في مرتبة متقدمة يحمل الراية، وينير الدرب للسائرين: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)[آل عمران: 110].

هذه العزة تجعله لا يخجل من انتمائه لأمة الإسلام، ولا يخجل من عقيدته وشريعته، ولا يخجل من أن يتحدث بلغته لغة القرآن، ولا أن يخجل من لباسه الشرعي، ولا أن يخجل من منظره الإسلامي، الذي يخالف به الكفر وأهله.

هذه العزة، ضرورية ومطلوبة للمسلم، السائر على درب الاستقامة، والدعوة إلى الله، وبدونها لا يستطيع أن يقدم منهجه، ودينه للعالمين، وسيبقى منـزوياً معزولاً عن الحياة، يخشى أن تسلط عليه الأضواء.

إن العزة والاعتزاز بالحق لا يعني الكبرياء والتعالي على الناس، فهذا شيء، وذاك شيء آخر.

بعض الناس قد يفهم أن العزة، هي أن تنظر للآخرين بعين الاحتقار والازدراء، وأن العزة تستلزم البعد عن الناس، وعدم مخالطتهم؛ لأنه يرى نفسه أرفع وأفضل منهم، وهذا خطأ.

بل إن المسلم يخالط الناس ويُعاشرهم، وإن كان فيهم أخطاء وتقصير، ويبقى هو عزيزاً، ولا يستلزم من ذلك أن يتنازل عن شيء من دينه وعقيدته.

فالعزة شيء، والتعالي والتكبر على الناس شيء آخر، فالأول مطلوب، والثاني مرض وإثم، ولا يجوز.

فمن العزة: أن يكون المسلم مع أخيه رحيماً متواضعاً، لا يفخر عليه، ولا يبغي، لكنه مع عدو الدين عزيز قوي، قال الله -تعالى-: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)[الفتح: 29].

إن المسلم إذا اعتز بدينه، وشعر بهذه العزة، وشعر بهذه القوة، والله لو تمكن منه أعداء الإسلام كلهم، فلن يستطيعوا أن يحصلوا منه على شيء؛ لأن هذه العزة موجودة في قلبه، ومهما فُعل به، فالوصول إلى قلبه أمر مستحيل، وإن تمكنوا من جسده، ولو قطعوه إرباً إرباً، أما دينه وعقيدته وعزته، فهي في قلبه، لا يخاف أحداً إلا الله -عز وجل-.

والأمثلة والأحداث في ذلك كثيرة؛ فهذه ماشطة بنت فرعون، كانت ابنة فرعون الصغيرة لها ماشطة، أي امرأة متولية أمر تمشيط شعرها، وكانت هذه الماشطة مؤمنة، ففي ذات يوم وهي تمشط بنت فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت البنت الصغيرة: بسم أبي؛ لأنها كانت تعتقد أن أباها هو الرب، وهو الله؛ لأن فرعون قد رسخ هذه العقيدة عندها كما نشرها بين قومه: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي)[القصص: 38].

وكان يدّعي الألوهية، فقالت الماشطة: لا، بل الله هو ربي وربك، ورب أبيك، فقالت الصغيرة: إذاً أخبر أبي بذلك، قالت: أخبريه، فأخبرت البنت أباها، فطلبها فرعون فسألها، قالت: نعم ربي وربك الله.

فجاء بها فرعون على ملأ من الناس هي وأبنائها الصغار، وقد أوقدت النار على قدر كبير، فأمسك بولدها الأول، وأخذه من فوق كتفها، وألقاه في القدر، فانمحى كالحبة، وسرعان ما تقطع وتمزق وذاب جسده، ثم أخذ بالثاني وهو يجر ويسحب ثوب أمه، وفعل به كالأول.

فقالت له الماشطة: لي عندك طلب، قال: وما طلبك؟ قالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي في قبر واحد!.

الله أكبر، أي قوة في إيمان هذه المرأة؟ امرأة ضعيفة، لكن باعتزازها بدينها، وبقوة إيمانها وعزتها، تتحدى أكبر طاغية في زمانه، ولم يستطع فرعون بكل ما أوتي من قوة، أن يصل إلى قلب هذه المرأة، وإن تمكن من جسدها وأحرقها؟

وهكذا الإيمان يفعل في النفوس، وهكذا عزة المسلم بدينه وعقيدته، تجعله يقف في وجه قوى الأرض كلها، تجعله يتحدى كل أعداء الله؛ لأنه يعلم أنهم لن يصلوا إليه إلا بأمر الله -عز وجل-، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه.

وقصة خبيب ابن عدي -رضي الله عنه- مشهورة، حين أمسك به المشركون من قريش، ثم جاءوا به ليصلبوه ويقتلوه على جذع نخلة في مكة.

التفت رضي الله عنه إلى الذين حوله من الكفار، وكان رضي الله عنه أعزل وحيداً مكبلاً بالقيود.

هل ضعف رضي الله عنه وهو في تلك الحالة، وكان يعلم أنه سيقتل، ويصلب بعد قليل؟

لا، ما ضعف أبداً.

إن عزته بدينه جعلته يقف ذلك الموقف البطولي في التاريخ.

التفت إليهم، واستأذن في صلاة ركعتين، فأُذن له، فقام رضي الله عنه، وصلى تلك الركعتين، ثم قام من صلاته، ونظر إليهم، وقال:

لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا *** قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدي العداوة جاهرٌ *** عليّ لأني في وصالٍ بمضبع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم *** وقربت من جذع طويل ممنع

وكانت قريش قد جمعت له النساء والأطفال ليتفرجوا عليه، وهو يقتل.

وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم *** وقربت من جذع طويل ممنع
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي *** وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فيا رب صبرني على ما يراد بي *** فقد بضعوا لحمي وقد يأس مطمعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه *** وقد هملت عيناي من غير مجزع

يقول رضي الله عنه أنه قد بكى وقد ذرفت عيناه، لكنه من غير خوف من الموت.

وقد خيروني الكفر والموت دونه *** وقد هملت عيناي من غير مجزع
وما بي حذار الموت إني لميت *** ولكن حذاري جسم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع
ولست بمبدٍ للعدو تخشعاً *** ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي

هكذا تكون عزة المؤمن، وهكذا يفعل الإيمان إذا وقر في القلب.

والأمثلة والمواقف في تاريخنا الإسلامي لا عد لها ولا حصر.

وهذا ربعي بن عامر -رضي الله عنه- ضرب مثالاً عجيباً في العزة في معركة القادسية، عندما طلب رستم من سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن يبعث إليه رسولاً يتفاوض معه قبل أن يبدأ القتال، فأرسل إليه المغيرة بن شعبة، فكان مما قاله لرستم: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، ثم بعث إليه سعد رسولاً آخر، وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والحرير، وأظهروا اليواقيت واللآلئ الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلاّ رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق تلك النمارق، فخرقها، فقالوا له: ما جاء بكم؟

قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسَلَنَا بدينه إلى خلقه، لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً، حتى نفضي إلى موعود الله.

قالوا: وما موعود الله؟

قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.

هذا الصحابي الجليل عاش العزة في أسمى معانيها، ربّى الإيمان عزته، فغدت الدنيا حقيرة، ومباهجها صغيرة، والكبراء صغاراً لا يزنون مثقال ذرة.

من أين تُستمد العزة؟

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.26 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]