|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() المتقون والمعاصي(2/5) أ.د. الشريف حاتم العوني تكلمنا في الأسبوع الماضي عن الفائدة الأولى التي نستفيدها من قوله تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} . ونكمل اليوم فائدتين جديدتين : ثانيا : تَذكُرُ الآيةُ ظُلمَ النفس بعد ذكر الفاحشة في سياق ما يُوجب الاستغفار ، مع أن ظلم النفس اسم شامل لكل معصية : صغرت أو كبرت ، اقتصر ضررها على العاصي أو تعدّاه إلى غيره . مما يعني أن ذكر ظلم النفس بعد ذكر الفواحش والكبائر هو من باب ذكر العام بعد الخاص ، فالكبائر نوع من أنواع ظلم النفس . مما يدلنا على المغزى من ذكر الفواحش ، ومما يعيننا على اكتشاف السر في ذكر الكبائر ، بل في تخصيصها بالذكر ، مع إمكان الاستغناء عنها بلفظ (ظلم النفس) الذي يشملها ! ومن أوضح ما يبين ذلك المغزى ويكشفُ سِرَّ ذلك التخصيص بالذِّكر هو : لتصحيح التصور عن علاقة التقوى بارتكاب الكبائر ؛ ولبيان أن الضعف البشري قد يحط المتقي في لحظة جَذْبِه الطيني ودَفْعِ غريزته الجسديّة من علياء الإيمان والتقوى إلى حضيض التمرّغ في وحل الفواحش ، وأن ذلك (مع ذلك) لا يخرجه عن وصف المتقين ، ما دام يُتبع ذلك بالرجوع إلى ربه والفرار إليه بالاستغفار ! ومن فوائد ذكر ظلم النفس في هذا السياق أيضًا : بيان أن الصغائر تُوجِبُ على المتقين الاستغفارَ منها أيضًا ، وأن المتقين لا يستخفّون بضرورة الاستغفار .. حتى من الصغائر بل العبد محتاج للاستغفار (حاجةَ استحبابٍ لا وجوب) في كل وقت ، حتى بعد الطاعة ؛ لما ينتاب الطاعةَ من تقصير عن حق جلال الله تعالى وعظمته ولا بُدّ ، وإعلانا للعجز عن موافاة الله تعالى حقَّه من الشكر على التوفيق والإعانة على أداء الطاعة ؛ ولذلك كما أمر الله تعالى بالاستغفار عقب أداء مناسك الحج ، في قوله تعالى { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، وكما قال تعالى في الأمر بالاستغفار عقب قيام الليل {ِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ } إلى أن قال تعالى في خاتمة الآية { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} . وكان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يختم صلاته للفريضة بالاستغفار ثلاثا ! فإذا كان الاستغفار مستحبًّا حتى بعد الطاعة ، وهي طاعة تُرضي الربَّ عزّ وجل ، وتُقرِّبُ إليه العبد ؛ فكيف سينزل حُكمُه عن الوجوب بعد مخالفة أمر الله تعالى بالمعصية ، ولو كانت معصيةً صغيرة ! ثالثا : بعد أن ذكر الله تعالى إمكانية مواقعة المتقين للفاحشة وظلم النفس ذكر ما يجعل المتقين أوّابين لله تعالى بطُهر الإيمان وورِقّة طلب المغفرة (الاستغفار) ، فكان هذا الأمر الذي يرفعهم من حضيض المعصية إلى سُمُوّ القُرْب من العليّ سبحانه هو أنهم { ذَكَرُوا اللَّهَ }! نعم .. إنهم فقط { ذَكَرُوا اللَّهَ } !! فلم يقل الله تعالى : تَذكّروا عذابَ الله الأليم وأَخْذَه السريع ، ولا قال الله تعالى : تذكّروا جلالةَ من عَصَوْه ، وعظمةَ سلطانِ من خالفوه .. ولا غير ذلك من دواعي الردع القوية الحقيقية , ومن أسباب الزجر العظيمة . بل اكتفت الآية أن يكون (ذِكْرُ الله) .. مجرّدُ (ذِكْرِ الله) هو أعظمَ رادعٍ وأشَدَّ زاجرٍ . وكفى بذكر الله رادعا عن معصيته ! وكفى بذكر الله زاجرا عن التقصير في حقه سبحانه وتعالى . الأمر حقًّا لا يحتاج أكثر من أن تَذْكُـرَ الله تعالى ، تَذْكُـرَه فقط ؛ لكي تجتنب مخالفةَ أمره . لا تحتاج إلا أن لا تَغْفُلَ عن ذِكْرِه فقط ؛ لكي يدوم أُنْسُك بلذّةِ القُرب بطاعته . فمجرد تذكّر الله تعالى يكفي لاستحضار كل معاني التعظيم حُبًّا ورجاءً وخشية ؛ ولهذا كان كافيًا للعاصي أن يذكر الله لكي يؤوب إلى رشده ويفرّ إلى ربه ! فليست الخشية وحدها هي الرادعة (كما ظنّ بعضهم) ؛ فرُبَّ حياءٍ من مُنْعِم كريمٍ كان أشدَّ في الردع عن مخالفة أمره من خوف عذابه ! ورُبَّ حبٍّ حَجَبَ النفسَ عن كل ما لا يحبه المحبوب أكثر مِن الحَذَرِ مِن عقوبة غضبه! فذِكْرُ الله على كل أنحائه أعظمُ مانعٍ عن معصيته ، وذِكْرُ الله لا يجتمع قط مع غفلة الجهالة عن واجب تعظيمه عز وجلّ ! ولذلك كان الاستغفارُ العاجِلُ السريعُ هو النتيجةَ الـمُـتَـحَـتِّ ـمةَ لمن ذَكَر الله تعالى عقب معصيته { ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ }! وهذا نحو قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـٰئِفٌ مّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}. ونستكمل ذكر فائدة جديدة في مقال جديد بإذن الله تعالى.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() المتقون والمعاصي(3/5) أ.د. الشريف حاتم العوني تكلمنا في الأسابيع الثلاثة الماضية عن بعض الفوائد التي نستفيدها من قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). ونذكر اليوم فائدة جديدة : الفائدة الرابعة : بعد أن ذكر الله تعالى ما يؤول إليه حال المتقين بعد وقوعهم في المعصية، وبعد تذكرهم لربّهم عز وجل ، وأنهم يسارعون إلى الاستغفار بلا تردّدٍ ولا تأخُّرٍ ، ذكر الله تعالى سبب هذه المبادرة إلى الاستغفار والعجلةَ في اللجوء إليه ، فقال تعالى (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه). والمعنى : لا عجب من هذه المبادرة إلى طلب الصفح والغفران ؛ فإنه طلبٌ ممن تفرّد بكرم الصفح والغفران على وجه الحقيقة , وهو الله تعالى . فالآية جاءت على وجه السؤال التقريري (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه)؟, والجواب المعلوم عن هذا السؤال : هو الله تعالى . لكن الغريب أن الآية جاءت وكأنها تمنع وقوع مغفرة الذنوب إلا من الله تعالى ؛ لأنها حصرت غفران الذنوب في غفران الله تعالى . فلقائل أن يقول: ما معنى هذا الحصر؟ ومِن عباد الله من يعفو ويغفر أيضًا (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا)� � فكيف يُـخبَـرُ عن امتناع وقوع الغفران إلا من الله تعالى ، مع وقوعه من بعض خلقه؟! قد يُقال: إن المقصود هو أن الله وحده هو الذي له حق غفرانِ مخالفةِ أمره ؛ فالناس قد يغفرون لمن عصاهم ، لكن معصية الله تعالى لا يغفرها إلا هو وحده . وهذا معنى صحيح في ذاته بغير أدنى شك ، فحقُّ المؤاخذة على المعاصي وغُفرانُها حقٌّ إلهي لا شَراكة فيه لأحد أبدًا ؛ لكن هذا المعنى مع صحته فهو لا ينفع أن يكون هو المقصود في سياق هذه الآية ؛ لأن الآية ليست في سياق الحديث عن كمال ربوبيته عز وجل وانفراده سبحانه بالحكم في خلقه ، حتى يكون هذا هو معنى ذلك الحصر لمغفرة الذنوب . وإنما كان سياق الآية عن بيان سعة رحمة الله وعظيم حلمه وكريم عطائه في الصفح والغفران ، مما لا يجعل لمذنب عذرًا في التأخر عن طلب المغفرة، ولا يُجيز لعاصٍ أن ييأس من رحمة الله تعالى . إذن : فما المقصود من هذا الحصر؟! المقصود : التنبيه على أن الفرق كبيرٌ جدا بين غفران رب العباد للعباد وغفران بعض العباد للعباد ، حتى استحق أن لا يكون لغفران العباد للعباد ذكرٌ ولا له معنى في مقابل مغفرة ربهم ! وهذا استعمالٌ عربيٌّ صحيح ، فأنت تقول : وهل الشجاع إلا عنترة ؟! وهل الجواد إلا حاتم ؟! ولا تعني نفي الشجاعة عمن سوى عنترة، ولا نفي الجود عمن سوى حاتم ؛ ولكنك قد تريد : إنه لا ذِكر لشجاعة أحد أمام شجاعة عنترة، ولا بقاء لـجُود كريمٍ أمامَ جُود حاتم . وكانت مغفرة الله تعالى لذنوب عباده تستحق أن تنفي وجود مغفرة كل من سواه لأسباب كثيرة جدا ، لو لم يكن منها إلا السببَ الحاضرَ في عامة الأذهان لكفى : وهو أن مغفرة عباده لعباده ما كان لها أن تقع بغير إذنه عز وجل ، فهي في الحقيقة مِنّة الله على عباده ، التي أجراها على يدي بعضهم لبعض . فكيف إذا استحضرنا أيضًا : -أن معصية العبد لربه معصية حقيقية ؛ لأنها معصية لمن تجب طاعته بانفراده بالخلق والأمر والربوبية. وأما معصية العبد لغيره من العباد فهي معصية غير حقيقية ؛ لأنها معصية لمن لا تجب طاعته أصلا ؛ إلا بإيجاب الله تعالى لها . فكيف تشابه مغفرة الرب مغفرة العبد ؟! وكيف لا تكون لاغيةً معها ؟! -أن قبح معصية العبد للرب لا تقاربها في القبح ولا تشبهها معصية غيره من خلقه! لأنها معصية للعظيم الذي انفرد بالعظمة الذاتية الأزلية سبحانه وتعالى. فأين يأتي قبح معصية خلقه لخلقه من قبح معصيتهم ربَّهم؟! وكلما عَظُمَ قبحُ المعصية ، عَظُمَ قَدْرُ غُفرانِها . -أن كل غافرٍ من الخلق فَلِغُفْرانِه حُدودٌ ، لو لم تكن إلا حدَّ حياته , وحدَّ انْطواءِ مَحْوِ غفرانه بوفاته ، لكفى أن يكون غفران الخلق لا شيء في مقابل غفران خالقهم عز وجلّ ، الذي لا حدَّ له، ولا يحجبه عن عباده كثرةٌ ولا فُحشٌ ولا عِظمٌ ؛ إلا الشرك والكفر. وهو غفرانٌ لا ينتهي أبدًا ، فهو غفرانٌ أزلي : سَبَـقَ وجود الخلق , وباقٍ بعد فنائهم ، وينتظرهم يوم معادهم , ويصاحبهم في خلودهم في مستقرّ كرامتهم!! فأنَّى يكون لمغفرة من سوى الله تعالى (بعد ذلك) ذكرٌ مع مغفرته سبحانه ! فاللهم مغفرتَك التي لا تُردُّ عن أهل توحيدك!!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |