التواب جل جلاله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 1105 )           »          خمس عشرة فائدة في الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          وقفات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 10975 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 11864 )           »          حفر قناة السويس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 11 )           »          وِرْدُ الخَيْر أدعيةٌ وأذكار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مع نبيين : هارون وموسى عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ضوابط العمل .. الاخلاص ، والموافقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فلسفة حجاب المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-12-2020, 09:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,223
الدولة : Egypt
افتراضي التواب جل جلاله

التواب جل جلاله


د. شريف فوزي سلطان






قال الله تعالى: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37].
وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 104]، وقال تعالى: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3].

معنى الاسم في حق الله:
التواب جل جلاله:
هو الذي يقبل التوبة عن عباده، فما من عبدٍ عصاه وبلغ عصيانه مداه، ثم رغب في التوبة - إلا فتح له أبواب رحمته، وفرح بعودته ما لم يَنَم العبد على فراش الموت، أو تطلع الشمس من مغربها؛ فعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)) [1].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر)) [2].

من الذي تاب إليه فما قبِله؟ من الذي دعاه فما لبَّاه؟ من الذي استغفره فما غفر له؟ من الذي وقف ببابه فطرده؟
فلو أن إنسانًا اتبع هواه أو استجاب لشيطانه، وتمادى في جُرمه وعصيانه، فقتل مائة نفس، وارتكب كل إثم، وأراد التوبة - تاب عليه وبدَّل له سيئاته حسنات؛ قال تعالى واصفًا عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

وجاء أبو طويل - شطب الممدود - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أرأيت من عَمِل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجةً ولا داجة إلا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((فهل أسلمت؟))، قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: ((تفعل الخيرات وتترك السيئات، فيجعلهنَّ الله لك خيرات كُلَّهنَّ)).
قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: ((نعم))، فما زال الرجل يكبِّر حتى توارى [3].

التواب جل جلاله:
إذا أراد العبد أن يتوب وفَّقه للتوبة قبلَها، وقَبِلَها منه وأثابه عليها بعدها، فتوبة العبد محفوفة بتوبتين من الله؛ قال تعالى: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا[4] حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118] [5].

فهو التائب على التائبين أولًا بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب على التائبين بعد توبتهم قبولًا لها وعفوًا عن خطاياهم [6].

التواب جل جلاله:
هو الذي يتوب على عبده ويقبل توبته، وكلما تكرَّرت التوبة تكرر القبول [7].

التواب جل جلاله:
هو الذي يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، وقد صوَّر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى أحسن تصوير حين قال: ((للهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِن أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك، إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)) [8].

وسبب هذا الفرح الإلهي هو أن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه ويطيعوه، وهذا أحب الأشياء إلى الله، فإذا خرج العبد عن الطاعة، فقد خرج عن أحب الأشياء إلى الله، فإذا رجع العبد إلى الطاعة، فقد رجع إلى أحب الأشياء إلى الله، فتزداد إذًا محبة الله له وفرحه به.

وقد ذكر ابن القيم عليه رحمة الله حكاية مُعبِّرة عن هذا المعنى العظيم، فقال: "ذكر بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك بابًا قد فُتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تَضربه وتطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه ودخلت، فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرًا، فلم يجد له مأوى غيرَ البيت الذي أُخرِج منه، ولا من يؤويه غيرَ أُمه، فرجع مكسور القلب حزينًا، فوجد الباب مغلقًا، فوضع خده على عتبة الباب ونام، فخرَجت أمه فلما رأتْه في تلك الحال، لم تملِك إلا أن رمت نفسها عليه، والتزمتْه تُقبِّله وتبكي، وتقول: يا ولدي أين تذهب عني؟ من يؤويك سواي؟ ألم أقل لك: لا تخالفني ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبِلتُ عليه من الرحمة بك والشفقة عليك، وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.

فتأمل قول الأم: "لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جُبلت عليه من الرحمة والشفقة"، وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: ((للهُ أرحمُ بعباده من الوالدة بولدها)) [9].

التواب جل جلاله:
هو الذي يحب أن يتوب عباده ويريد من عباده أن يتوبوا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

فإذا أردت أن تعرف الفرق بين ما يريده الله منك، وبين ما تريده منك صحبة السوء والقنوات الفضائية الهدامة، والمقاطع الفاضحة والإعلام الماكر - فالجواب في هذه الآية.

التواب جل جلاله:
هو الذي يغفر ذنوب التائبين مهما عظُمت وكثُرت؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

التواب جل جلاله:
هو الذي ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، ويقول: ((هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر)) [10].

التواب جل جلاله:
جاء بصيغة المبالغة هكذا (التواب)، وليس من أسماء الله (التائب)؛ لأن المعاصي تأتي من الخلق متكررَّة ومبالغًا فيها، فكان ذلك مناسبًا ليقابل الخطايا الكبيرة والذنوب العظيمة بالتوبة الواسعة.

اقتران اسم الله (التواب) باسمي (الرحيم) (الحكيم):
فأحيانًا يأتي اسم الله (التواب) مقترنًا باسم الله (الرحيم)؛ كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 104].

وفي هذا إشارة إلى أن توبة الله على عباده رحمة منه بهم، وأن رحمته هذه تقتضي ألا يعاقبهم بعد التوبة، وأحيانًا يقترن اسم الله (التواب) باسم الله (الحكيم)؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10].

قال البغوي في تفسير الآية: "جواب لولا محذوف، يعني: لعاجلكم بالعقوبة ولكنه ستر عليكم..." [11]، وفي هذا إشارة إلى أن الله تعالى لا يعاجل أهل المعاصي بالعقوبة، بل يعطيهم الفرصة للتوبة والرجوع، وهذا من حكمته، وأنه تعالى لا يفضَحهم ابتداءً؛ ليكون ذلك عونًا لهم على توبتهم، وهذا كذلك من حكمته سبحانه.

حاجة الخلق إلى التوبة:
لأن التوبة ليست عبادةً يتعبد بها العبد يومًا أو شهرًا، ثم ينساها، بل التوبة موجودة لا تفارقه؛ لأن التوبة ليست خاصة بالعصاة والمذنبين، وإنما هي علامة على طريق الأنبياء والموحدين؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ﴾ [التوبة: 117].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة)) [12].

فإذا كان المعصوم صلى الله عليه وسلم يتوب في اليوم مائة مرة، فكم نحتاج نحن إلى توبات وتوبات، ونحن أصحاب الغفلات والغدرات؟!
وقال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

قال ابن القيم عليه رحمة الله: "هذه الآية مدنية خاطَب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه - أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم، ثم علَّق الفلاح بالتوبة، وأتى بكلمة "لعل" إيذانًا بأنكم إذا تبتُم كنتُم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون، جعلنا الله منهم.." [13].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.59 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]