الأمة بين اليأس والأمل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 74 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5027 - عددالزوار : 2173575 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4608 - عددالزوار : 1454556 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 40 - عددالزوار : 10348 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 40 - عددالزوار : 9595 )           »          البشريات العشر الثانية للتائبين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          معركة تشيرمانون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          إلى مَأدُبَةِ الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          من أعلام الإسلام الطفيل بن عمرو الدّوسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          كيف نحاور العلمانيين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-11-2020, 09:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,778
الدولة : Egypt
افتراضي الأمة بين اليأس والأمل

الأمة بين اليأس والأمل


الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق





الحمد لله والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، والقائمين بالقسط من الناس. أما بعد:
الناظر لواقع حال المسلمين يجد بلا شك ما يؤلمه ويؤرقه، فالمسلمون يعانون في جملة ما يعانونه هزائم كثيرة وفتن كبيرة، فهناك أرض محتلة، وهناك فتن داخلية تهدر فيها مقدرات الأمة، والتي تستغل خارجياً، كل ذلك لتحقيق هيمنة تسعى إليها قوى عظمى بهدف جعل قيمهم أو ما يطلق عليه مفهوم العولمة، هو الثابت الذي تنطلق منه تصورات مجتمعاتنا، مفهوم يهدف إلى الاستسلام التام لقيم الغرب وثقافته.

ظلمات بعضها فوق بعض، والمسلم يجد نفسه في خضم هذه المحن عاجز لا يدري ما يفعل، لكن أليس هناك مخرج مما نحن فيه، أليس هناك بارقة أمل، أم أن اليأس والقنوط قدر لا بد من الاستسلام له.

كيف ينظر الإسلام لحالة اليأس وحالة الأمل، وما دورنا نحن في التعامل مع طرفي هذه المعادلة.
إن هذا اللقاء - المبارك إن شاء الله - يشتمل على محورين نتعرض لهما بمزيد بحث بمنظار وحكم الإسلام عليهما وهما: مفهوم اليأس، ومفهوم الأمل، لعل ذلك يكون من الأسباب التي تساعد على بث روح الثقة والطمأنينة وأن الفرج قادم وأن النصر قريب.

وسأبدأ إخوتي بالمفهوم الأول، وبعده أعرج على الثاني.
♦♦♦♦


إخوتي الأفاضل:
حين تضعف الإرادة، وتلين العزيمة، فإن النفس تنهار عند مواجهة أحداث الحياة ومشاكلها التي لا تكاد تنتهي.
وحين يفشل مثل هذا الإنسان في موقف أو مجموعة مواقف، فإنه يصاب باليأس الذي يكون بمثابة قيد ثقيل يمنع صاحبه من حرية الحركة، فيقبع في مكانه غير قادر على العمل والاجتهاد؛ لتغيير واقعه؛ بسبب سيطرة اليأس على نفسه، وتشاؤمه من كل ما هو قادم، قد ساء ظنه بربه، وضعف توكله عليه، وانقطع رجاؤه من تحقيق مراده.


إنه عنصرٌ نفسي سيء؛ لأنه يقعد بالهمم عن العمل، ويشتت القلب بالقلق والألم ويقتل فيه روح الأمل.


إن قصة اليأس والأمل ليست مجرد قصة تتصل بالحالة النفسية للإنسان من خلال نتائجها الإيجابية والسلبية، بل تتصل من خلال كلام الله لتتعلق بالعقيدة، فأن تكون الإنسان الذي يعيش الأمل في عقلك وقلبك يساوي أن تكون مؤمناً، وأن تكون الإنسان اليائس يساوي أن تكون كافراً، وليس من الضروري أن يكون الإيمان والكفر بشكل مباشر فقد يكون بشكل غير مباشر، واليأس والأمل قد ينطلقان بالنسبة للإنسان الذي عاش المعاصي وأحاطت به ذنوبه، وقد تحصل للإنسان الذي يعيش حركة حياته بكل طموحاته وبكل حركتها وفي كل مشاكلها في المرحلة الأولى.


ولنا أن نتساءل: لماذا ربط الله بين الكفر وبين اليأس؟ والجواب بكل بساطة: لأن اليأس يعني عدم الإيمان بقدرة الله مطلقاً، وبالتالي يؤدي إلى الكفر؛ لأن من أسس الإيمان أن نؤمن بالقدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى، كما يتعلق بركن من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقدر خيره وشره، فأن نكون مؤمنين يعني أن لا يتسلل اليأس إلى نفوسنا ولا يدخل قلوبنا.


ما هو اليأس؟!!
اليأس في اللغة: قطع الرجاء، قال ابن حجر –رحمه الله -: (اليأس ضد الرجاء )[فتح الباري: 8/367] ويأتي بمعنى القنوط أيضاً [انظر: ابن فارس مقاييس اللغة:( 6/153) و الجوهري: الصحاح: (3/992)].
واصطلاحاً: قال المناوي: (اليأس: القطع بأن الشيء لا يكون وهو ضد الرجاء ).
وقال العز بن عبد السلام: (اليأس من رحمة الله: هو استصغار سعة رحمته عز وجل ومغفرته وذلك ذنب عظيم ).
وقال الراغب: (هو انتفاء الطمع)
وقال ابن الجوزي:( القطع على أن المطلوب لا يتحصل؛ لتحقق فواته).


والمراد به هنا: قطع الأمل في انتصار الإسلام وأهله، وظهور الدين، واهتداء الناس أو قطع الأمل في ارتفاع ما أصاب المسلمين من فتن ومصائب مزلزلة.

ومن الكلمات ذات الصلة باليأس:
القنوط: هو أشد من اليأس يقول ابن حجر الهيثمي -رحمه الله- (وقد اتفقوا على أن الشخص الذي يئس من وقوع شيء من الرحمة له قد ينضم إليه حالة هي أشد منه وهي التصميم على عدم وقوع الرحمة له وهو القنوط) والظاهر أن القنوط أبلغ من اليأس؛ للترقي إليه في قوله تعالى (وان مسه الشر فيئوس قنوط ).


سوء الظن بالله: وهو أشد من سابقيه من اليأس والقنوط كما قال ابن حجر (وتارة ينضم إليه انه مع عدم وقوع رحمته له يشدد عذابه كالكفار وهذا هو المراد بسوء الظن هنا).


الإحباط: والإحباط في اللغة يشير إلى إبطال مفعول الشيء فيقال - حبط عمله – أي: بطل ثوابه.
والإحباط في علم النفس يشير إلى نفس المعنى تقريباً، فالفرد يحبط عندما تعاق إشباع حاجاته، أو عندما لا يؤدي سلوكه إلى النتائج المطلوبة، أو حتى يؤجل إشباع الرغبات فعلى هذا، فالإحباط: هي المشاعر التي يشعر بها الفرد نتيجة للإعاقة أو الفشل أو الإرجاء وهي مشاعر سلبية تتضمن الضيق والتوسل والقلق وخيبة الأمل.


حكم اليأس:
عدَّ كثير من العلماء القنوط واليأس من روح الله كبيرة من الكبائر، منهم: القرطبي والذهبي، والسيوطي، وابن حجر الهيثمي حيث يقول: (عد هذا كبيرة هو ما أطبقوا عليه، وهو ظاهر، لما فيه من الوعيد الشديد ).


وقد جاءت أحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم تؤكد بأن اليأس من الكبائر منها:
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رجلا قال يا رسول الله: ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله" [رواه الهيثمي وقال: (رجاله موثقون) مجمع الزوائد: (1/104)].


عن فضالة بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ".. ثلاثة لا يسأل عنهم: رجل نازع الله رداءه، فإن رداءه الكبرياء وإزاره العز، ورجل كان في شك من أمر الله، والقنوط من رحمة الله"[ رواه الهيثمي وقال: (رجاله ثقات) مجمع الزوائد: (1/105)].


وعن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: (الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله - وفي رواية - أكبر الكبائر) [رواه الهيثمي وقال: (إسناده صحيح) مجمع الزوائد: (1/104)].


لهذا جاء التحذير من الوقوع في اليأس: سواء على الصعيد الفردي، أو على الصعيد الجماعي:
فعلى الصعيد الفردي يقول تعالى:﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وعلى الصعيد الجماعي يقول تعالى:﴿ وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين ﴾ [آل عمران: 139-141].

ثم يذكرهم بقوم أصابهم من قبل ما أصابهم، فلم يكن ذلك سبباً لدخول اليأس وقطع الأمل إلى نفوسهم، حيث قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران:146].

كما يرد التحذير من اليأس، ببيان أنه من صفات غير المؤمنين بالله تعالى المقرين بكمال علمه وكمال حكمته وقدرته.
يقول تعالى حكاية لقول يعقوب – عليه الصلاة والسلام-:﴿ يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87] ذلك أن الكافرين (لكفرهم يستبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبهوا بالكافرين، ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه) [السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (4/27)].

ولقد نهى الله تعالى وحذر من القنوط الذي هو من معاني اليأس فقال: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ ﴾[الحجر:56].

فلا يقنط إلا هؤلاء (الذين لا علم لهم بربهم وكمال اقتداره، وأما من أنعم الله عليه بالهداية والعلم العظيم، فلا سبيل إلى القنوط إليه؛ لأنه يعرف من كثرة الأسباب والوسائل والطرق لرحمة الله شيئاً كثيراً) [السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (4/27)].

ذلك أن الإيمان يدفع بالمؤمن إلى العلم بقرب الفرج من الله وأن رحمته بعباده آتية فهو الولي الحميد المسيطر على الأقدار كلها ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى:28].

واليأس يعد من الطبائع البشرية التي ابتلي بها الناس؛ ليجدّوا في دفعها، فيصبروا على ما أصابهم من تغير الحال والنعم، ويجتهدوا في دفع هذا القدر بقدر آخر ينزع عنهم هذا المرض الخطير الذي يدمر حيوية الإنسان والأمة في أكثر الأحيان، وفي أحسنها تصاب الأمة وأفرادها بالعجز والشلل الجزئي إن لم تتخلص من هذه الجرثومة.

يقول تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [هود: 9-11].

فهذا إخبار من الله تعالى: (عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة إلى من رحم الله من عباده المؤمنين، أنه إذا أصابته شدة بعد نعمة حصل له يأس وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل، وكفر وجحود لماضي الحال) [تفسير ابن كثير: (3/540)].

ويقول سبحانه ﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾[الروم: 36 – 37].

( يخبر تعالى عن طبيعة أكثر الناس في حالي الرخاء والشدة، أنهم إذا أذاقهم الله منه رحمة من صحة وغنى ونصر ونحو ذلك فرحوا بذلك، فرح بطر لا فرح شكر.. ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَة ﴾ أي حال تسوؤهم وذلك ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ من المعاصي ﴿ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ ييأسون من زوال ذلك الفقر والمرض ونحوه، وهذا جهل منهم وعدم معرفة ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ فالقنوط بعدما علم أن الخير والشر من الله، والرزق سعته وضيقه من تقديره ضائع ليس له محل) [تفسير السعدي: (6/65-66)].

علاج اليأس إجمالاً:
إن اليأس مرض من الأمراض التي تصيب النفوس فتقف عاجزة عن إدراك المعالي ومن هنا فإننا نضع خطوطًا عريضة ونقترح بعض الوسائل التي نرجو أن تكون نافعة في علاج هذه الآفة، ومنها:
1- تعميق الإيمان بالقضاء والقدر بمفهومه الصحيح، وتربية النفس على التوكل على الله، ونعني بذلك أن يعتمد القلب في تحقيق النتائج على الله مع الأخذ بالأسباب المشروعة، وبذل الجهد الممكن للوصول إلى الأهداف المنشودة.


2- تنمية الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات في القيام بالأعمال، وتحمل المسؤولية عن نتائجها بغير تردد ولا وجل.


3- اليقين بالقدرة على التغيير إلى الأفضل في كل جوانب الحياة ومطالعة تجارب الناجحين في شتى الميادين.


4- قراءة قصص الأنبياء والصالحين الذين غير الله بهم وجه الحياة والتعرف على الصعاب والمشاق التي واجهوها بعزم صادق وقلب ثابت، حتى أدركوا مناهم بحول الله وقوته.


5- اليقين بأن الاستسلام لحالة اليأس لن يجني صاحبها من ورائها إلا مزيدًا من الفشل والتعب والمرض، وأن البديل هو السعي والجد وتلمُّحُ الأمل.
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيبُ

وأوطأت المكاره واطمأنت
وأرست في أمكانها الخطوبُ

ولم تر لانكشاف الضر وجهًا
ولا أغنى بحيلته الأريبُ

أتاك على قنوط منك غوثٌ
يمن به اللطيف المستجيبُ

وكل الحادثات إذا تناهت
فموصول بها الفرج القريب


أما أسباب اليأس، فهي عديدة أذكر منها:
السبب الأول: قلة الأتباع وكثرة الأعداء:
فرؤية الناس وقد أعرضوا عن طريق الحق الذي يعتقده الإنسان، والوحشة التي يجدها لانفراده مع قلة الناس، والغربة التي يعاني منها في مجتمعه مع كثرة المخالفين له المناهضين لمنهجه قد تسمح لليأس بأن يتغلغل في داخله.

وهذا السبب إنما ينتج عن أمور منها:
الجهل بحقيقة أن الهادي هو الله تعالى وحده، الذي لو شاء لهدى الناس جميعاً، إذ الكافرون لا يزالون على غيهم وإعراضهم مع نوالي الآيات، قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [ الرعد:31].

قال الشيخ السعدي – رحمه الله – عند تفسيره لهذه الآية: (فليعلموا أنه قادر على هدايتهم جميعاً، ولكنه لا يشاء ذلك، بل يهدي من يشاء ويضل من يشاء (ولا يزال الذين كفروا) على كفرهم لا يعتبرون ولا يتعظون، والله تعالى يوالي عليهم القوارع التي تصيبهم في ديارهم، أو تحل قريباً منهم وهم مصرون على كفرهم) [تفسير الكريم الرحمن: (4/55) ].

عدم التصور الواضح لطبيعة السير إلى الله تعالى، وهو أن شأن طريق الحق قلة أهله، وأن شأن طريق الباطل كثرة أهله، وشواهد ذلك من القرآن والسنة وسير الرسل غير منحصرة ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام:116].

السبب الثاني: استمرار المحنة، وتأخر النصر:
حيث يرى المسلم المسلمين وقد اشتدت بهم المحن والأرزاء، فلا يكادون يخرجون من محنة إلا ويدخلون محنة أعظم وأخطر، بل ربما كان المرء نفسه يعاني من محنة خاصة في نفسه وأهله وخاصته، يقول الله تعالى:﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف:110].

( يخبر تعالى أنه يرسل الرسل الكرام، فيكذبهم القوم المجرمون اللئام، وأن الله تعالى يمهلهم ليرجعوا إلى الحق، ولا يزال الله يمهلهم حتى إنه تصل الحال إلى غاية الشدة منهم على الرسل، حتى إن الرسل – على كمال يقينهم وشدة تصديقهم بوعد الله ووعيده – ربما أنه يخطر بقلوبهم نوع من الإياس، ونوع من ضعف العلم والتصديق، فإذا بلغ الأمر هذه الحال ﴿ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ﴾ وهم الرسل وأتباعهم ﴿ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ أي: ولا يرد عذابنا عمن اجترم، وتجرأ على الله) [تفسير السعدي: (4/32) ].

إن الرسل قد استأخر عنهم النصر، ولكنه جاءهم بعد جهاد ومجاهدة وصبر ومصابرة من قبلهم﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام:34] فلم يستسلموا لليأس والقنوط لعلمهم بأن والامتحان والابتلاء سنة من سنن هذا الدين قال تعالى: ﴿ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [العنكبوت:1-4].



يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 165.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 163.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.04%)]