|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بعض صفات أجسام أهل الجنة دار الأبرار وأهل النار دار الأشرار الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70، 71]. أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين. عباد الله؛ الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى أوَّلَ ما خلقه روحا بعد أن كان طينا وترابا وصلصالا كالفخار، ونفخت فيه الروح فكان آدم، ثم كانت النطفة، ثم كانت العلقة والمضغة، ثم أنشأه الله خلقا آخر، فطور الإنسان، كلُّ طور فيه يختلف عن الآخر، ثم صار جنينا في بطن أمه، ثم بعد ذلك خرج طفلا وغلاما، ومراهقا وفتى شابا، وكهلا وشيخا عجوزا هرما، ثم مات، هل انتهت مسألته؟ في نظرنا أنها انتهت، فلو بحثنا عنه في قبره بعد ثلاثة أيام أو أكثر؛ يختلف حاله عما كان قبل ذلك عندا كان حيًّا على وجه الأرض، وخطبة اليوم هي وعظ وتذكير، أن نتذكر حالنا نحن المسلمين إن شاء الله، وحال غيرنا من الكفار، نعوذ بالله: كيف تكون الأجسام عند رب الأرباب، يوم القيامة في الحشر، في الجنة أو في النار؟ نسأل الله الجنة ونعوذ بالله من النار، فإذن نظرنا إلى حياتنا الدنيا التي نعيشها، نجد حديثا يصف أجسام الخلق وأكثر من حديث!! لكن نأخذ هذا الحديث الذي فيه يصف النبي صلى الله عليه وسلم الرجل السمين الغليظ، الكبير الضخم، ويوم القيامة يوضع في الميزان لا يزن جناح بعوضة والعياذ بالله، هذا هو الكافر، وهو أقبل على الله بجسم عظيم، أكل من نِعم الله، وشرب من نِعم الله، ولم يعبد الله ولم يشكر الله. وإليكم بعضَ صفاتِ أجسامِ أهلِ النار فقد جاء في صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ"، وَقَالَ: اقْرَءُوا: ﴿فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: 105] [1]. فلو تكلَّمنا أو بدأنا بأهل الشرِّ، وأهل الكفر؛ كيف تكون أجسامهم يوم القيامة؟ لو جدنا وصفًا مخيفا مهينا في ضخامة أجسامهم، وكبرها وعظمها؛ ليزداد عذابها وألمها. فانظر إلى ضَخَامَة أَحْجَامِ أَهْلِ النَّار؛ روى الإمام مسلم والترمذي والإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الْكَافِرِ فِي النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ]، [وَغِلَظ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا]، [بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ"] -[الجبار]: مَلِك باليمن له ذراع معروف المقدار.- ["وَضِرْسهُ مِثْلُ أُحُدٍ]، [وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ"] -[َالْبَيْضَاءُ]: جَبَلٌ مِثْلُ أُحُدٍ.- ["وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ]؛ [كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ"] [2]. يعني طرفي كتفيه، عاتقه الأيمن والأيسر، هذه المنطقة ما بينها مسيرة ثلاثة أيام! سُمْكُ جلده اثنان وأربعون ذراعا، -أي واحد وعشرون مترا- بذراع الجبار؛ وهو ملك من ملوك اليمن، كان يضرب المثل بذراعه؛ لأن ذراعه كبير. وضرسه مثل أحد، الضرس مثل الجبل! فكيف الرأس؟ وكيف الجثة؟ وفَخِذُه مثل البيضاء، قالوا: البيضاء أيضا مثل جبل أحد، اسم جبل يساوي جبل أحد، جبل أحد يا عباد الله طوله أكثر من سبعة كيلو مترات طولا، وارتفاعه حوالي ثلاثمائة متر، يحد المدينة من جهة الشمال. ومقعده من النار؛ كما بين مكة والمدينة، المكان الذي يجلس فيه يملأ ما بين مكة والمدينة، مسيرة نحو خمس أو ست ساعات بالحافلة. وعند الإمام أحمد، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَيَعْظُمُ لِلنَّارِ، حَتَّى يَكُونَ الضِّرْسُ مِنْ أَضْرَاسِهِ كَأُحُدٍ" [3]. وعند الإمام أحمد عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله -تعالى- عنهما: [أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ؟!] قُلْتُ: [لَا!] قَالَ: [أَجَلْ وَاللهِ مَا تَدْرِي؛ إنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا، تَجْرِي فِيهَا أَوْدِيَةُ الْقَيْحِ وَالدَّمِ]، قُلْتُ: [أَنْهَارًا؟!] قَالَ: [لَا! بَلْ أَوْدِيَةً]، ثُمَّ قَالَ: [أَتَدْرُونَ مَا سِعَةُ جَهَنَّمَ؟! حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾]؟ [سورة الزمر: 67]، قَالَتْ: [فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟!] فَقَالَ: "هُمْ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ" [4]. إذا نظرنا ما بين المنكبين مسيرة ثلاثة أيام، وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه سبعين خريفا، سبعين سنة، كيف يكون ذلك، وغِلَظ الجلد اثنان وأربعون ذراعا، والضِّرس وما شابه ذلك، الظاهر أن فيها اختلاف؟ نعم! الكفار في العذاب ليسوا سواء، منهم الغليظ جدًّا جدًّا، ومنهم أقلّ من ذلك، ومنهم من يحشر كأمثال الذرِّ إهانة له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالُ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ". والحديث رواه الترمذي، يقول ابن حجر رحمه الله: [وَكَأَنَّ اخْتِلَافَ هَذِهِ الْمَقَادِيرِ -في الطول والعرض والضخامة- مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ تَعْذِيبِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ -في شرح مسلم-: إِنَّمَا عَظُمَ -أي كبر وضخم- خَلْقُ الْكَافِرِ فِي النَّارِ لِيَعْظُمَ عَذَابُهُ، وَيُضَاعَفُ أَلَمُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْبَعْضِ؛ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ -الذي ذكرناه آنفا- "إِنَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالُ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ". [5] قَالَ: وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْكُفَّارَ متفاوتون فِي الْعَذَاب، كَمَا عُلِمَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ] [6]. واعلموا أن الكفار -عافانا الله وإياكم منهم، ومن أعمالهم، ومن كفرهم- ينغمسون انغماسًا في النار مع عذابٍ في الأعضاء، يعني النار كبَحْرٍ يدخله الكافر، ويصلُ إليه عذابٌ على قدر كفره في الدنيا، وبقية الجسم يعذب بأنواع أخرى من العذاب، روى البخاري والإمام ومسلم وأحمد، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ"]، -[الأَخْمَص]: مَا لَا يَصِل إِلَى الْأَرْض مِنْ بَاطِن الْقَدَم عِنْد الْمَشْيِ.- ["يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ"]، -[الْمِرْجَلُ]: الْإِنَاء الَّذِي يُغْلَى فِيهِ الْمَاء وَغَيْره.- ["مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا]، [وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى كَعْبَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى صَدْرِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى أَرْنَبَتِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ اغْتُمِرَ فِي النَّارِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ"]. [7]. عافانا الله وإياكم من جهنم ومن عذابها، اللهم آمين. أهل جهنم هل يتنفَّسون؟ نعم! نفس -والعياذ بالله- كما قال الله عز وجل لهم فيها شهيق وزفير، يصدر أصواتا كصوت الحمار، عندما يخرج نفسه أو يرجعه إلى جوفه، لكن نَفَسُ الكافر الواحد من أهل النار صوَّره النبي صلى الله عليه وسلم؛ تقريبا للأفهام والأبدان، بأنه يحرق ما يزيد على مائة ألف إنسان لو وصل إلى أهل الأرض، فقد أورد أبو يعلى في مسنده، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَفِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَتَنَفَّسَ فَأَصَابَهُمْ نَفَسُهُ، لَاحْتَرَقَ الْمَسْجِدُ وَمَنْ فِيهِ". [8]، نسأل الله السلامة. هؤلاء الناس يتضايقون في جهنم ويقعون في كرب شديد، ويريدون الخروج منها، فيخرجون إلى ما هو أشدّ شرًّا منها، فيتمنون الرجوع مرة أخرى إلى النار؛ لأنها أرحم لهم مما تمنوا ورجوا فيه خِفَّة العذاب، يدلُّ على ذلك ما كان وسيكون هناك؛ بأن يجعل الله عزّ وجلّ عند خروجهم عن النار؛ إلى ساحلها الهوامَّ والحشراتِ، والحياتِ والعقاربَ ونحو ذلك، فإذا خرجوا من النار تناولتهم، فتذهب إلى وجوههم، وتنفث فيها السم، فتتقلَّص وتتلاشى لحوم الوجوه، يذهب لحمها، ويبقى العظم، وتصبح وجوها كالحةً، كما قال الله عز وجل: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾، فلا تبقى لهم شفاه ولا وجوه إلا تقلصت، يؤيد ذلك ما رواه الحاكم بإسناده، عن مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ الرَّهَاوِيِّ -وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ- وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْجُيُوشِ، فَخَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: ["إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامٌّ"]، -[الهَوامّ]: جمع هامَّة، وهي كل ذات سُمٍّ يقتل، وأيضا هي كل ما يدب من الحشرات وإن لم يقتل، لكن يؤذي.- ["إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامٌّ، وَحَيَّاتٌ كَالنَّخْلِ، وَعَقَارِبٌ كَالْبِغَالِ، فَإِذَا اسْتَغَاثَ أَهْلُ جَهَنَّمَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمْ، قِيلَ: اخْرُجُوا إِلَى السَّاحِلِ، فَيَخْرُجُونَ، فَيَأخُذُ الْهَوَامُّ بِشِفَاهِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ وَمَا شَاءَ اللهُ، فَيَكْشِفُهُمْ"، -تذهب بها كلها، فتبقى بلا لحم- "فَيَسْتَغِيثُونَ فِرَارًا مِنْهَا إِلَى النَّارِ، وَيُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبَ، فَيَحَكُّ وَاحِدٌ جِلْدَهُ حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: يَا فُلَانُ! هَلْ يُؤْذِيكَ هَذَا؟! فَيَقُولُ: نَعَمْ! فَيَقُولُ: ذَلِكَ بِمَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ"] [9]. الذين يؤذون المؤمنين في الدنيا بغير ما اكتسبوا له يوم القيامة هذا العذاب يحكُّ جلده، وكم ممن آذى المؤمنين في أعراضهم وفي أموالهم وفي دمائهم، ويؤذي ويستمر في إيذائه ويبرر ذلك بتبريرات باطلة. واليوم أيضا يؤذي المؤمنين أيضا بلسانه، وبإصبعه على الفسبكة، والشبكات العنكبوتية بالطعن في الوقوع في الأعراض وما شابه ذلك. هؤلاء الكفار والعياذ بالله يصيحون ويصطرخون، ويبحثون عن صوت يخرجونه فلا يستطيعون، تنقطع أصواتهم، قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: 36، 37]. ورد عند ابن ماجة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ" [10]. ما يبقى دمع، في رواية أخرى عند الحاكم، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ". -يَعْنِي مَكَانَ الدَّمْعِ-. [11]، مكان الدمع يأتي الدم، نسأل الله السلامة. في هذه الحال؛ ما هي أمانيُّهم وما هي طلباتهم؟ يا عباد الله! أمنياتهم ما ورد عند الطبراني في معجمه الكبير، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: [إنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَدْعُونَ مَالِكًا] -يعني ينادون خازن جهنم-: ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّك﴾. [الزخرف: 77]، فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا، ثُمَّ يَقُولُ: ﴿إنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾، ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: 107]، قَالَ: فَلَا يُجِيبُهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا، -يعني مثل عمر الدنيا ما في إجابة- ثُمَّ يَقُولُ -بعد مضي هذا العمر الطويل-: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: 108]، ثُمَّ يَيْأَسْ الْقَوْمُ، فَمَا هُوَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ، تُشْبِهُ أَصْواتُهُم أَصْوَاتَ الْحَمِيرِ، أَوَّلُهَا شَهِيقٌ، وَآخِرُهُا زَفيرٌ] [12]. هذه بعض النقاط وبعض المواصفات والصفات لأجسامهم وأعمالهم والعياذ بالله. أما صفات أهل الجنة نسأل الله أن نكون منهم، فنأخذ بعضا من صفاتهم، وبعضا من صفات وجوههم، ومنها ما رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي] [أَوَّلُ زُمْرَةٍ"] [الزُّمرة]: الجماعة من الناس-، ["سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ]، [مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ]، [تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ]، [ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً"]. -[الدُّرِّيّ]: النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة -في السماء-، وَقَالَ الْفَرَّاء: هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ. [فتح الباري].- [ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ"]. [13]، هذه بعض صفاتهم. توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |