|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أسباب دفع العقوبات أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، إنّ تدبر القرآن الكريم الذي يقود للعمل هو أعظم حكمة لنزول القرآن، وإنَّ مِن تدبر القرآنِ وتَتَبُّعَ ما ذكره الله من عقوبات وقعت على أمم مضت بسبب انحرفها عن منهج الله، سيجد أن هذه العقوبات كثيرة ومتنوعة، وقد أمرنا الله بأخذ العبرة والعظة؛ قال سبحانه: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران:137]. أمرنا بأخذ العبرة والعظة حتى لا نقع فيما وقعوا فيه؛ فيحل علينا ما حل بهم. وذكر سبحانه الأسباب التي إذا أخذ بها الأفراد والمجتمعات والأمم رُفِعت عنهم العقوبات ودفعت. إخوة الإيمان، إنَّ الأمة في الأزمنة المتأخِّرة تعرَّضَتْ لعقوبات ربانية - ونراها في ازدياد-، نحن نعيش مرحلة صعبة، ومن تَدَبَّرَ حالَ الأمة وحالَها مع هذه الأزمات يأخذه الخوف والعَجَب، وإن المخرج من هذه الفتن لن يكون إلا بالعمل بكتاب الله وسنة رسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففيهما النور والهدى، ولعلنا في هذه الخطبة أن نقف مع أهم تسعة أسباب لدفع هذه العقوبات من خلال تدبر آيات كتاب الله: السبب الأول لدفع هذه العقوبات: الإيمان بالله وبوعده، وقد وعد سبحانه أن أي أمة آمنت بالله حق الإيمان ولم تفرط بهذا الإيمان الذي هو سر قوتها ونصْرِها على أعدائها، وَعَدَها بالنجاة وقت الأزمات، فقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس:103]. السبب الثاني: الإصلاحُ والدعوةُ إلى الله؛ ومحاربة الفساد؛ قال سبحانه: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود:116-117]، وتدبروا معي: قال الله [مصلحون] ولم يقل [صالحون]، فالمطلوب منا أيها الإخوة الكرام الصلاح والإصلاح، ولا يكفي الصلاح لدفع العقوبات بدون إصلاح، فالواجب علينا جميعا أن نسعى جهدنا في صلاح أنفسنا وإصلاح غيرنا وفق هدي قدوة الصالحين المصلحين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. السبب الثالث لدفع العقوبات: البعد عن الغفلة، وعدم الأمن من مكر الله، وعدم السير وراء اللهو والعبث، وذلك يكون بالثبات على طاعة الله؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾[الأعراف:95-99]. ويقول سبحانه مبينا أن الغفلة والنسيان سبب من أسباب العقوبة: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾[الأنعام:44] يقول التابعي المفسر قتادة – رحمه الله -: بغت القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغِرّتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، إنه لا يغتر إلا القوم الفاسقون. السبب الرابع: التوبة، والاستغفار من الذنوب، والإقلاع عنها، فرادى وجماعات، والحذر الحذر من المجاهرة بما يغضب الله، فإن المعاصي نذير شؤم على الأمة كلها؛ يقول - جل وعلا -: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾[الأنفال:33]، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار؛ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار. والرسول صلى الله عليه وسلم لما سألته زوجه - رضي الله عنها - فقالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: [نعم،إذا كثر الخبث]، والخبث هو كل ما يغضب الله من المعاصي والموبقات. رواه البخاري. السبب الخامس لدفع العقوبات: الدعاء، والتضرع، والاستغاثة بالله؛ فإن الله لا يرد من سأله: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل:62]، ويقول سبحانه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر:60]، والله سبحانه قد بين أن سبب هلاك بعض الأمم أنها تركت التضرع واللجوء إلى إليه وقت الأزمات والحاجات، فقال سبحانه: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[الأنعام:43]. السبب السادس: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ يقول - جل وعلا -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾[الأعراف:165]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ] صحيح سنن الترمذي للألباني، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا] رواه البخاري. إخوة الإسلام، فلنحيي هذه شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ حتى ننجو جميعا؛ نحييها في بيوتنا وأعمالنا وأسواقنا وفي حياتنا كلها، ولنقف صفاً واحداً ضد من يريد خرق سفينة مجتمعنا، ولنساند الجهات الرسمية في ذلك. السبب السابع: رفع الظلم، ونشر العدل، وإعطاء الحقوق إلى أهلها، جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾[هود:102]. والأمم الماضية كانت تمارس أنواعاً من الظلم أعظمها وأخطرها الشرك بالله - عز وجل - فأهلكهم الله بظلمهم، فقال سبحانه: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾[الكهف:59]. اللهم عافنا؛ وتجاوز عنا، ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا ولا بما فعله السفهاء منا. أقول ما تسمعون، واستغفر الله... الخطبة الثانية السبب الثامن لدفع العقوبات: وحدة الصف والكلمة، وعدم التفرق والتشرذم؛ بل إن الفرقة والتنازع هي عقوبة في ذاتها، فلنكن مع بعضنا كالبنيان المرصوص، ولنعمل بوصية ربنا حيث قال: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا... ﴾[آل عمران:103]. والله سبحانه قد نهانا عن التفرق، وبين لنا أنه منهج الضالين من الأمم، وبين أنه سبب عظيم للضعف وتسلط الأعداء، فقال سبحانه: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.. ﴾[الأنفال:46]. السبب التاسع: عدم الغرور والعجب، والتفاخر، والتكبر، والتعالي على الخلق؛ فإن الله سبحانه أنزل عقوبةً بأفضل الخلق بعد الأنبياء وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بسبب عجبهم بكثرتهم، فقال - جل وعلا -: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة:25]. وهذا قارون أهلكه الله وهو في أُبّهةِ مجده، وفي قِمّة غطرسته، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾، إلى أن قال سبحانه: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص:76-81]. وأنزل الله سخطه بقوم عاد لأنهم اغتروا وتكبروا بقوتهم، ونسوا أن الذي أعطاهم القوة هو القوي العزيز سبحانه، فقال - جل وعلا -: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾[فصلت:15]. وإننا - والله! - لمّا نسمع ما يتبجح به أعداء الله من اليهود والنصارى، ونرى غطرستهم وكِبرهم وخيلاءهم نقول إنها والله البشارة بقرب زوال ملكهم ومجدهم. اللهم أعز الإسلام والمسلمين... اللهم قنا شر الفتن... اللهم وفقنا وأهلينا ومجتمعاتنا وبلاد المسلمين لطاعتك، وجنبنا معاصيك، واحفظنا بحفظك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |