لمحة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 569 - عددالزوار : 70515 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 16779 )           »          بين الوحي والعلم التجريبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 9096 )           »          حين تتحول الحماسة إلى عبء بين الجاهل والعالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          نعمة الأمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 32249 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2909 )           »          منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          واجبات الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-07-2020, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,153
الدولة : Egypt
افتراضي لمحة

لمحة (1)



مصطفى صلاح محمد








أريد أن أفترضَ افتراضًا، لنقلْ: إن هناك أسرةً ما، الأبُ فيها قد بلغَ من الكبر عتيًّا، قد تناوشتْهُ الأمراض فأنهكته، واعترته العلل فأقعدته، الضغطُ والسكر، الكبدُ والمرارة، المعدة والقولون، الأعصابُ والأطراف... إلخ.



قد أصابتْه عدَّة جلطات، في المخ تارةً، وفي القلب تارةً، يدخلُ على إثرها المستشفى، ويُحجزُ في عنايتها المركّزة، ليكتبَ الله له عمرًا بعدها فيخرج.



ثم لا تمر عدّة أيّام حتى يستيقظَ الأبناءُ ليجدوه قد فارقتْ روحُه بدنَه، ولبَّى نداء ربّه.



تخيّل الآن وقعَ مصيبة موته على أبنائه وذويه، وأهله وجيرانه، احفظ ذلك جيدًا ثم تأمّل موقفنا التالي:

صبيٌّ صغير لَم يتجاوزِ الخامسةَ عشرةَ، وجهه كأنّه نضارة الحياة، وعيناه بهجتها، ويداه رونقها، لعبُه سعادة، وكلامُه نشاط، وضحكتُه تملأ الأفق، أفقَ والديه على الأقل، تلمسُ روعةَ الحياة وجمالهَا على بشرتِه الطريّة، وترى أنّ قسوة المعيشة محتملةٌ، وأن ظلفَ الكسبِ مقبول. إذا رأيتَه يتحرّكُ بخفةٍ هنا وهناك، ينثرُ عطرًا، ويبهجُ قلبًا، ويطربُ طيفًا، ويشبعُ روحًا.



جمالٌ يمشي على قدمين، أبٌ حنون، أمّ عطوف، أسرةٌ هانئة، حياةٌ مستقرة، مستقبلٌ يبدو للجميع مشرقًا.



ويأتي اليوم الذي يُرفعُ فيه فلذةُ الكبد، ونبضُ الفؤاد على أكتافِ الرجال، ميْتًا، فاقدًا الحياة، أو فاقدةً له الحياة، شاخصًا البصر، مكسوًّا بدمائه، ملتحفًا بلحمه وعظامه مختلطين؛ حادثة، نسمع عن ذلك كثيرًا.



الآن كيف يكون وقع المصيبة الثانية؟

تخيّلها في عقلك وقارنها بالموقف الأوّل.



لا يحتاجُ الأمرُ لكبيرِ عقلٍ ورحيبِ خيالٍ كي نتخيّلَ أن الموقفَ الثاني وقعُه أمرّ، وأثرُه أشد، وما يتعلقُ به وبما بعده أليم، قد تصيبُ الأمَّ لوثةٌ، والأبَ صدمةٌ، والجيران ذهلةٌ، تغدو الحياة بعدهُ كئيبةً، وتمرُّ اللحظاتُ بطيئةً، وتُكسى الحياةُ ظلامًا، وتُملأ الكؤوس يأسًا.



وذلك لأن الأمر غير متوقع بالمرة؛ لذا كان أثره على القلب شديدًا مزلزلاً مهلكًا.



في حين أن الموقف الأول، يكونُ أثرُه ضعيفًا، ووقعُه واهنًا؛ حدثَ شيءٌ توقعَه الناس، بل وكانوا ينتظرونه!



ماذا أريد أن أقول؟

لو أنّ الشاب حين يجلس مع خطيبته مثلاً، ويرسمانِ طريقًا مفروشًا بالورود، معطّرًا بالياسمين، مرسومًا بالآمال، مزركشًا بالأحلام.



هو: سأحملك على كفوف الراحة.

هي: سترى سعادتك معي كيف تكون.



هو: حياتنا ستكون ناعمة، هادئة، لا يعكّر صفوَها معكّر، ولا تشوبها شائبة ضيق أو هموم.

هي: حياتنا ستكون سلسة، لا منغّص فيها، ولا مُثبّط.



هو: سأظل أحمل لك حبًّا، يدوم للأبد.

هي: وأنا كذلك.

... إلخ



هذا الكلام جميل، لكنّه ليس واقعيًّا على الإطلاق؛ فالحياة لا تخلو من كدر، ولا تنتهي من مشاكل، ونفس الإنسان تملّ، حتى الشيء الجميل، والاستقرارُ يولّد أحيانًا نفورًا، فلو قلنا: إن هذين الخطيبين الحالمين الآملين، قد تزوّجا، وهبطا على أرض الواقع فلامسا حقيقة الحياة، وما فيها من صفو وكدر، وراحة وتعب، ويأس وأمل، فكيف تكون ردّة الفعل؟



أعرف أناسًا قد عاشوا مثلَ هذا الوهم، وهم الآن يُقنعون أنفسَهم أو يتظاهرونَ أنهم مُقنعين لأنفسهم، أن حياتَهم على ما يرام، وأنه ليس بالإمكان أكبر مما كان!



تراه يتكلم، الكلام حروفه تكوِّن جملاً سعيدة، ولكنّك تلمحُ في صداها كآبةً، وحين يسكتُ ترى لمحات من الحزن تكسو وجهَه الفينة بعد الأخرى.



ما المشكلة إذا جلس الخطيبان وقررا معًا أن الحياة سعيدةً، لكنها لا تخلو من كدر؟

هو: لا قدّر الله لنا المشاكل، لكنّها واردة، أليس كذلك؟

هي: بلى.



هو: حسنًا، فإذا واجهتْنا مشكلةٌ ما، فكيف سنتصرّف؟ نريد أن نعدّ العدة من الآن، ونتفق على آلية تصرُّفِنا حيالها.

هي: نضع يدًا على يد، وكفًّا على كف، ونقف للمشكلة مجابهين حتى نحلّها.



هو: هذه أحلام، المشكلة لا تكون مشكلة إلا لأنها مدمّرة.

هي: مدمّرة؟!



هو: نعم، قد نختلفُ مثلاً، فكيفَ سنضع يدًا على يد، وكفًّا على كف؟

هي: تختلفُ عقولنا، لكنّ قلوبَنا واحدة.



هو: قلوبنا واحدة؟

هي: نعم، لنتّخذ هذا مبدأ، لنجعلَ الحياة تتسعُ لاختلافِنا، لكنّها تضيق على قلْبَينا فقط.



هو: ما أجملَ كلامَكِ وأروعه!

هي: وما أحكمَ طرحَكَ وما أكبره!



هو: لكن قد تواجهنا مشاكل أخرى.

هي: لنتناقش فيها لنرى كيف نحلّها.

هو:...



ليجلسَ الخطيب إذا مع خطيبته أو الزوج مع زوجته، ليحدّثها عن جمال الحياة والسعادة والهناء، لكنّه كذلك لا ينسى أن يحدّثها عن سوادها وكآبتها وشقائها، وأن هذا يحدث.



ولا يكون هذا من قبيل التشاؤم، أو من قبيل "توقّع البلاء قبل وقوعه".



بل من قبيل رسمِ الحياة، التي يختلطُ فيها الحب والكره، والأمل واليأس، والنعمة والبؤس.




لنتوقع حدوثَ المشاكل، فلا نُفاجأ بها، بل نستقبلها بابتسامة العارف، ونقف أمامها متسلّحين بأسلحة، أعددناها مُسبقًا، سيوفًا قاطعة، ودروعًا جامدة، وقلوبًا ثابتة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 134.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 132.93 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]