|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مسائل فقهية معاصرة في الصيام 1-3 د. محمد بن هائل المدحجي الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فتحدثنا عن الأحكام المتعلقة بالمُفطِّرات المتعلقة بالمنافذ المعتادة وغير المعتادة في الفم . لنأت إلى المسائل المتعلقة بما ليس بمنفذ كالجلد: الجلد يمكن أن تَتَشرَّب منه المواد إلى داخل الجسد، مثلاً: يمكن أن يضع الإنسان دهناً، فهذا الدهن يَتَشرَّب عبر الشعيرات الدموية الموجودة في الجلد إلى داخل البدن، والإنسان قد يدخل مثلاً في بركة يسبح فيها، فالماء يغطي جسده، فهل هذا يعد من المُفطِّرات؟ أولاً: بالنسبة للماء ليس مُفطِّراً إذا لامس الجلد، فالإنسان يتوضأ ويغتسل وهو صائم، وهذا ليس مُفطِّراً باتفاق أهل العلم، كما أن الأطباء يقولون: إن الجلد لا يشرب الماء، وإنما يشرب الدهن إذا وُضِع على الجلد، وأيضاً الدهن باتفاق أهل العلم، ولو تَشرَّبَه الجسد فإنه ليس مُفطِّراً، فإن الناس كانوا يَدَّهِنون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالادهان، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حذر الناس من الادهان أثناء الصوم، فاتفق أهل العلم إلى أن الادهان والمواد التي تدخل عبر الجلد ليست مُفطِّرة . ومثل ذلك فيما يتعلق بالمسائل المعاصرة: هناك لصقات جلدية طبية، تستخدم في علاج بعض الأمراض كأمراض الذبحة الصدرية أو ارتفاع الضغط، حيث يحتاج الجسد إلى أن يتناول هذه المادة الدوائية ببطء ولمدة زمنية طويلة، بناءً على ما ذكرناه، هذه اللصقات الطبية العلاجية وإن كان الدواء يدخل من خلال الجلد إلى الجسد، فهذه ليست مُفطِّرة لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما . أيضاً هناك لصقات النيكوتين التي تستخدم لهؤلاء المدخنين الذين يرغبون في ترك التدخين، فمن الوسائل هذه اللصقات التي تعطي شيئاً من النيكوتين بكمية قليلة مستمرة كمرحلة لترك التدخين، هذه أيضاً ليست مُفطِّرة، إذا استخدم الإنسان مرهماً جلدياً دوائياً في الجلد فهذا ليس مُفطِّراً، ومثل ذلك فيما يتعلق بالنساء المساحيق التي تستخدمها النسوة في الوجه في الخدود، حتى في الشفتين، هذه كلها ليست مُفطِّرة، وإن كان الذي في الشفتين ينبغي الحذر من عدم ابتلاع شيء منه وإدخاله إلى الجوف . هناك مسألة مختلفٌ فيها بين العلماء المتقدمين: وهي إذا ما وضع الإنسان شيئاً على رأسه، فوجد طعمه في حلقه، الآلية واحدة: هي تَشرُّب عبر مسامات الجلد، لكن هذه المرة عبر مسامات الجلد الموجودة في الرأس، فإذا وضعت المرأة مثلاً حناء أو دهناً زيتاً في رأسها، فوجدت الطعم في الحلق، فهل هذا مُفطِّر أو ليس مُفطِّراً؟ جمهور الفقهاء يقولون: لا فرق بين مسام الجلد الموجودة في الرأس أو في سائر الجسد هذه ليست مُفطِّرة، المالكية رحمهم الله هم الوحيدون الذين قالوا بأن مسامات الجلد التي في الرأس تختلف، لأنه بينها وبين الجوف منفذ، وعليه لو وجد الطعم في حلقه فإنه يفطر، والصحيح هو مذهب الجمهور: أن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، وكما أن الإنسان يغتسل ويلامس الماء رأسه وليس مُفطِّراً، وكان الناس يدهنون في أجسادهم ورؤوسهم في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد أي تحذير، ولا أي منعٍ من النبي صلى الله عليه وسلم فالصحيح أن هذا ليس مُفطِّراً، وعلى ذلك: لا حرج على المرأة في وضع شيءٍ على رأسها، حمام زيت أو مثلاً لو وضعت حناء أو غير ذلك، هذا كله ليس مُفطِّراً لو كانت المرأة صائمة . من المسائل كذلك: الحقن التي يتم تناولها عن طريق الجلد، وكذا عن طريق العضل أو الوريد، ما حكم هذه الحقن؟ الحقن أحياناً تكون عضلية كبعض اللقاحات، التطعيمات، خافضات الحرارة، بعض أدوية الحساسية، هذه تؤخذ عن طريق العضل، أيضاً يمكن أن تؤخذ الحقن تحت الجلد، وأبرز مثال للحقن الجلدية: هي أدوية السكر، سواءً انخفاض السكر أو ارتفاع السكر، في حالات ارتفاع السكر يكون المريض يتناول إبر الأنسولين، وفي حال انخفاض السكر يأخذ حقنة تحتوي على هرمون الجلوكوجين أو الجلوكوجون، هذه أبرز أمثلة الحقن الجلدية . أيضاً هناك حقن وريدية تعطى عبر الوريد كبعض المضادات الحيوية لينتفع بها الجسد سريعاً، أحياناً تعطى مواد صبغية من أجل التصوير، هذه كلها ما دامت ليست مُغذِّيةً، سيأتي الحديث عن الحقن المُغذِّيَة، ما دامت ليست مُغذِّيةً فليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، ليس فيها صورة الأكل والشرب: الإدخال عبر الفم أو الأنف إلى الجوف، وليس فيها معنى الأكل أو الشرب الذي هو التَّغَذِّي، هذه ليست غذاءً لا تُعطى للمريض ليستغني بها عن الطعام والشراب، بل هي أدوية وعلاجات . هنا إشكالان: الأول: في بعض المواد الدوائية، خاصة التي تعطى عن طريق الوريد، هذه تحتوي على نسبة من الماء ولا بد، فهل هذا يعد مُفطِّراً؟ الجواب: لا، لأن هذا الماء الموجود هو لحمل المادة الدوائية، فهي تابعٌ غير مقصود، ودائماً المسألة التي نقيس عليها ما يبقى في الفم من أثر الماء بعد المضمضة، شيءٌ يسيرٌ تابعٌ غير مقصود فلا يُفطِّر، هنا لا يأخذ الإنسان الدواء من أجل الماء الذي فيه ليَتغَذَّى به لا، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، وأخذه من أجل الدواء، وهذا الماء اليسير إنما هو حاملٌ لهذه المادة الدوائية، فهذا ليس مُفطِّراً . نأتي إلى الهرمون الذي يعطى في حال انخفاض السكر في الجسم: الجلوكوجون، هذا إذا أخذ يرفع السكر في الدم، سيأتي معنا أن الإبر المُغذِّيَة التي تحتوي على سكر مُفطِّرة، لأن السكر يَتغذَّى به البدن، طيب! وهذه هي تعطى في حالات انخفاض السكر، فهل هي مُفطِّرة؟ الجواب: لا، لأنها لا تحتوي على سكر، هي تحتوي على هرمون يعمل في الجسد من خلال تحويل الجلوكوجين الموجود في الكبد إلى سكر، فهو لا يضيف سكر إلى الجسد، وعليه ليس مُفطِّراً، المُفطِّر هو الحقن المُغذِّيَة . قبل أن أتحدث عن المغذية، وبمناسبة ذكر الأدوية التي تعطى لمرضى السكر: مَجْمَع الفقه الإسلامي في قرارٍ مستقل بشأن مرضى السكر، قَسَّمَهم إلى أربعة فئات، بحسب الحالة المرضية لكل قسم، وبَيَّنُوا الأوصاف المعروفة عند الأطباء، هذه فئة (أ) فئة (ب)، قَسَّمُوا مرضى السكر إلى أربعة أقسام وفق تقسيم الأطباء، لذلك المريض لا بد يرجع إلى الطبيب ليعرف من أي قسمٍ هو، فقالوا: أن القسم الأول والثاني يحرم عليهم الصيام، لأن وضعهم الصحي خطير بحيث إذا حصل انخفاض للسكر في الجسد، قد يدخلون في إشكالات وغيبوبة وربما يصل الأمر إلى الوفاة، فهؤلاء قالوا: يحرم عليهم الصوم، وهم الذين يتحقق حصول الضرر إذا صاموا أو يغلب على الظن حصول المرض إذا صاموا خاصةً إذا كانوا لوحدهم، لا يوجد أحد حولهم، بحيث يقوم بإنقاذهم إذا حصل المكروه . أما الفئة الثالثة والرابعة، فقالوا: بأنه يمكنهم أن يصوموا، بل يجب عليهم أن يصوموا لعدم وجود الضرر مع الصوم، بل قد يستفيدون . كل الذي ذكرناه من الحقن العضلية والجلدية والأمثلة التي ذكرناها للوريدية، هذه غير مُغذِّيَة فليست مُفطِّرة، هناك نوع من الحقن الوريدية معروف لدى الجميع، هو عبارة عن مُغذِّي يُعطى للإنسان، المغذيات المعروفة التي تعطى للمريض في المستشفى بعد العمليات في حال الجفاف إذا تَعرَّض للشمس فقل الماء وقلت الأملاح في جسده، يعطى هذه المُغذِّيَات، هذا مُغذِّي يمكن الاستغناء به عن الطعام والشراب، يحتوي على ماء وأملاح وسكر، فيحصل بهذا المحلول تَغذِّي البدن، يمكن أن يستغني به عن الطعام والشراب ولفترات طويلة أيضاً . الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلات، فإن الصائم منع من الطعام والشراب الذي يحصل به تَغَذِّي بدنه، فهذه المُغذِّيات التي يحصل بها تَغَذِّي بدنه، فهذه المغذيات التي يحصل بها تَغَذِّي بدنه تفطر الصائم كالطعام والشراب . من المسائل الشائكة والشائكة جداً: هل هي مُغذِّية أو ليست مُغذِّية، هل هي مُفطِّرة أو ليست مُفطِّرة؟ مسألة: نقل الدم، هل نقل الدم مُفطِّر أو ليس مُفطِّراً؟ شخص حصل له نزف بسبب حادث أو بسبب حالة مرضية عنده، يحتاج إلى نقل دم وهو صائم، فهل نقل الدم يفطر به الصائم أو لا؟ هذه من المسائل الشائكة التي اختلف فيها الفقهاء المعاصرون اختلافاً كبيراً جداً، حتى إن مَجْمَع الفقه الإسلامي لَـمَّا درس هذه المسألة لم يتخذ فيها قراراً، أَجَّل النظر لصعوبتها، فمن العلماء من قال: بأن نقل الدم مُفطِّر، وهذا هو رأي الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، قالوا: لأن خروج الدم من الجسد يضعفه، فدخول الدم يُقويه، وعليه: فيكون مُفطِّراً، ولأن غاية الطعام والشراب أنه يستحيل إلى دم، هذا ما يقوله الفقهاء المتقدمون، لكن العلم لا يقول هذا، فالطعام والشراب لا يستحيل إلى دم . فعلى أي حال: الحجة الأولى أقوى: أن خروج الدم يضعف البدن، فدخوله يقوي البدن، إذاً: ينافي الصوم، إذاً: هو كالطعام والشراب، فيكون مُفطِّراً، هذا قول . الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه كان يقول بهذا القول ثم رجع إلى القول الثاني، قال في كتابه المشهور: مجالس شهر رمضان، قال: كنت أقول بهذا، ثم تَبيَّن لي أن الأصل صحة الصوم وأنه لا يوجد دليل على أن نقل الدم من المُفطِّرات، الذين يقولون بأن نقل الدم من المُفطِّرات قالوا: إن الجسد لا يَتَغذَّى بالدم، فالدم هو الوسيط الذي ينقل الطعام والشراب إلى سائر الجسد، هو بذاته ليس غذاءً، لا يمكن لشخص يحتاج إلى طعام وشراب أن تنقل له دماً ليستغني به عن الطعام والشراب، إذاً: ليس أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل ولا الشرب، لأنه لا يحصل به التَّغَذِّي . نحتاج أن نُرجِّح بين القولين، أولاً أقول: إن مكونات الدم أربعة: هناك كريات الدم الحمراء، كريات الدم البيضاء، البلازما، والصفائح الدموية، كريات الدم البيضاء: وظيفتها الرئيسة المناعة للجسد، مقاومة الأمراض، الحمراء: هي الوسيط الذي ينقل الغذاء والأكسجين، الصفائح الدموية: تساعد في حال إيقاف النزيف، البلازما: هي الوسط الذي يحمل هذا كله ويحافظ على توازن ضغط الدم . فهذه المكونات أحياناً تُنْقَل منفردة، يعني: لا يلزم أن يُنْقَل الدم بكل مكوناته، بعض المرضى يحتاجون لنقل كريات بيضاء فقط أو حمراء فقط أو صفائح دموية فقط أو بلازما فقط، فمن نُقِلت له المكونات الثلاثة الأول لا إشكال أنه لا يفطر، أعني: كريات الدم الحمراء فقط أو البيضاء فقط أو الصفائح الدموية فقط، إنما الإشكال لمن تُنقَل له البلازما أو الدم كله بكل مكوناته، وبالتأكيد سيحتوي على البلازما . لماذا، ما المشكلة مع البلازما؟ البلازما تُشكِّل 55% من الدم، و 95% منها عبارة عن ماء، فنلاحظ أنه وفق هذه المعادلة أغلب مكونات البلازما ماء، فيصبح أغلب مكونات الدم عبارة عن ماء، والماء يحصل به تغذي البدن، فهنا مشكلة! ما دام الماء مُغذِّياً والبلازما تحتوي على الماء، إذاً: هي مُفطِّرة . الذين لا يُفطِّرون قالوا: إن الماء الموجود في البلازما ليس من أجل أن يستفيد به البدن، لذلك لا يُمتَص داخل الجسد، فلا يحصل به التَّغَذِّي، إنما هو يحافظ على سيولة الدم . أعيد المعلومة السابقة: البلازما تُشكِّل 55% من مكونات الدم، و 95% منها عبارة عن ماء، فالذين لا يُفطِّرون قالوا: هذا الماء لا يُمتَص في الجسد ولا يستفيد منه ولا يحصل به التَّغَذِّي إنما هو للحفاظ على سيوله الدم . وهذا لا شك أنه تعليل قوي ومقنع أيضاً، ولكن بعد ذكر هذا الخلاف كله، أقول: الأحوط لمن نُقِل له دمٌ بكل مكوناته، أو نُقِلَت له البلازما فقط، الأحوط له أن يُفطِر، لأنه مريض ويجوز له الفطر، وحتى يقضي فيقع صيامه بيقين، أما إن كان ممن يحتاج إلى نقل متكرر للدم ويصعب عليه القضاء، فلا شك في قوة من قال بأن نقل الدم ليس من المُفطِّرات، وكلا القولين قوي، والأحوط كما تقدم القضاء . والله أعلم وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |