من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4955 - عددالزوار : 2058411 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4531 - عددالزوار : 1326906 )           »          How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-02-2020, 02:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب

من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب 1-2

د. محمد بن هائل المدحجي



الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وأول المُفطِّرات: الأكل والشرب، وما كان بمعنى الأكل أو الشرب، يمكن أن تعدها ثلاث مُفطِّرات إن شئت، وإن شئت عدها شيئاً واحداً، فصورة الأكل والشرب ومعنى الأكل والشرب .

أما صورة الأكل أو الشرب: فالمقصود بها إدخال شيءٍ إلى الجوف إلى المعدة عبر الفم أو الأنف، سواءً كان نافعاً، أو ضاراً، أو لا نافع ولا ضار، معنى الأكل أو الشرب: المقصود بذلك ما يحصل به تَغَذِّي البدن، سواءً دخل إلى الجسد من خلال منفذٍ معتادٍ أو غير ذلك .
ولنأخذ بعض المسائل المتعلقة بهذا المُفطِّر، من خلال المرور على المنافذ المعتادة وغير المعتادة، وننظر المسائل المتعلقة بها، فلنبدأ بالفم، والفم هو المنفذ الرئيس المعتاد لتناول الطعام والشراب.
من المسائل المتعلقة بالفم: بلع الرِّيْق، بلع الريق ليس مُفطِّراً ولا مُحرَّماً على الصائم، حتى لو جمع ريقه ثم ابتلعه، لأن هذا شيءٌ طبيعي من إفرازات الجسد فليس مُفطِّراً، لكن ما حكم بلغ النخامة؟ النخامة معروفة، ومصدرها إما من الصدر أو من الدماغ، فإذا وصلت إلى الفم لا يجوز للإنسان أن يبتلعها صائماً كان أو غير صائم، لأنها شيءٌ مستقذر والواجب إخراجه، فلو افترضنا أن صائماً ابتلع هذه النخامة مُتعمِّداً، هل يُفطِر بهذا أو لا يُفْطِر؟ هذا محل خلافٍ بين أهل العلم، والأقرب والله أعلم أنه لا يُفْطِر بهذا، لأنها كاللعاب من إفرازات الجسد .
المضمضة: ما حكم المضمضة للصائم؟ لَـمَّا جاء عمر رضي الله تعالى عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القُبْلَة، فقال له: « أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ؟! » ، يعني: كما أن المضمضة كالمُقدِّمة للشراب ولا تأخذ حكمه، فكذلك القبلة جائزة وإن كانت مُقدِّمة أيضاً، فكأن النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث، يعني: في كلامه ما يدل أن جواز المضمضة ظاهر جداً بالنسبة للصائم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقيس عليه الآن، وهو يُبيِّن لعمر رضي الله تعالى عنه، فالمضمضة في الوضوء وغيره جائزةٌ للصائم، ولا يُفْطِر بذلك. بعض الناس إذا كان صائماً ربما ترك المضمضة أثناء الوضوء، وهذا خطأ، فبعض أهل العلم يرى وجوب المضمضة، وعليه على هذا القول: سيكون وضوؤه غير صحيح وصلاته غير صحيحة أيضاً، فكيف يترك المضمضة؟! وجمهور العلماء يرون أن المضمضة ومثل ذلك الاستنشاق ليست من الواجبات، لأن الله جل وعلا لم يذكرها في القرآن وهذا القول أصح، لكن تبقى أنها من سنن الوضوء التي لم يكن يتركها النبي صلى الله عليه وسلم، لا وهو صائم ولا وهو غير صائم، إذاً: لماذا يتركها الإنسان؟
إن قال: أنا أخاف من دخول بقايا الماء التي تبقى في الفم عبر الريق إلى الجوف، نقول: هذا من الوسوسة، فإن هذا القدر المتبقي يسيرٌ معفوٌ عنه باتفاق أهل العلم، نعم بالتأكيد سيبقى شيءٌ من أثر هذا الماء في الفم، وربما يدخل شيءٌ منه عبر الريق إلى الجوف، لكن كما يقول العلماء: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فهذا شيءٌ يسيرٌ، دخوله إلى الجوف ليس مقصوداً، مقصود الإنسان أن يتمضمض، والفم له حكم الخارج، ليس مقصوده أن يتناول شيئاً يحصل به تَغَذِّي البدن، وعليه: فلا إشكال في هذا الجزء المتبقي. وقد استفاد من هذه المسألة العلماء المعاصرون في عددٍ من المسائل المعاصرة، كبعض الأدوية التي يتناولها الإنسان مثلاً عن طريق الوريد أو غيره، ويكون فيها نسبة من ماء لكنها نسبة غير مقصودة، فيقولون: بأنها شيءٌ يسيرٌ تابعٌ غير مقصود، كالمتبقي من أثر الماء بعد المضمضة، كما سيأتي بيانه بإذن الله جل وعلا .
على أي حال: المضمضة للصائم ليست محرمة، ولا يحتاج الإنسان بعد المضمضة أن يتفل، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يفعل هذا ولم يأمر به الصائم، لأن القدر المتبقي في الفم هو قدرٌ معفوٌ عنه .
من المسائل المتعلقة بالمضمضة: حكم المبالغة في المضمضة، ومثل ذلك المبالغة في الاستنشاق! الأصل أنه لا يجوز المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: « وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً » ، قال العلماء: ومثل ذلك المبالغة في المضمضة .
لكن لنفترض أن إنساناً بالغ في المضمضة، أو بالغ في الاستنشاق، فدخل شيء من الماء إلى جوفه، فما هو الحكم في هذه الحالة: هل يُفطِر أو لا يُفطِر؟ جمهور العلماء يقولون: بأنه يُفْطِر بهذا، لأنه فعل فعلاً غير مأذونٍ له فيه، وهو المبالغة في المضمضة والاستنشاق، فنجم عن هذا الفعل غير المأذون فيه، وصول الماء إلى جوفه فيُفْطِر بهذا .
وأما الحنابلة رحمهم الله، فقالوا: إنه وإن كان مخالفاً، وربما آثماً بما فعله من المبالغة في المضمضة والاستنشاق، إلا أنه لم يقصد إدخال شيءٍ إلى الجوف، مخالفته كانت في المبالغة، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق لا يلزم منها دخول الماء إلى الجوف بكل حال، بل ربما الغالب أنه لا يدخل شيءٌ إلى الجوف، ولكن هنا من غير قصدٍ منه دخل شيءٌ إلى جوفه، وقد تقدم بأن من شروط المُفطِّرات: أن يفعلها الإنسان مُتعمِّداً، وهذا ليس مُتعمِّداً للفطر فلا يفطر بهذا .
على أي حال: هذه المسألة واضح أن فيها قولان لكل قولٍ حجته، قولان قويان:
الفقهاء المعاصرون اعتمدوا مذهب الحنابلة، ومذهب الحنابلة أَثَّر في كثيرٍ من المسائل المعاصرة كما سيأتي بإذن الله جل وعلا، من ذلك: خذ واحدة تَتَعلَّق بالفم:
الغَرغَرة: الغَرغَرة قد يحتاجها الصائم مثلاً بسبب التهابٍ في حلقه، سواءً غَرغَرة بدواء، أو غَرغَرة بماء وملح، فهذه الغَرغَرة هي مبالغةٌ في المضمضة، هذه مسألتنا، فإذا فعلها الصائم ولم يصل شيءٌ إلى جوفه لا يفطر هذا واضح، لأن الفم له حكم الخارج، كالمضمضة لا يفطر بهذا، لكن لو فعل، تغرغر ووجد الطعم في حلقه، هل يفطر بهذا أو لا؟ على الخلاف المتقدم، يعني: على مذهب الجمهور سنقول: أفطرت، وعلى مذهب الحنابلة سنقول: لم تفطر، وصدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلامي بأن الغَرغَرة لا تفطر الصائم ولو وصل شيءٌ إلى جوفه ما دام أنه يحرص على عدم دخول شيءٍ إلى جوفه .
من المسائل كذلك: تَذوُّق الطعام للصائم إذا كان يحتاج إلى ذلك، لا تفهم أن المقصود أن تأخذ ملعقة شوربة ثم تَتَذوَّقها ثم تبتلعها وتقول: هذه هي المسألة التي أجازها ابن عباس رضي الله تعالى عنه لا، ابن عباس رضي الله تعالى عنه رَخَّص لمن يحتاج لمعرفة ملوحة الطعام مثلاً أن يَتَذوَّقَ ذلك بطرف لسانه، قال العلماء: يتذوق بطرف لسانه ثم يَمُجُّ ما تبقى من أثر الطعام في لسانه، هذا إنما رخص للحاجة، يعني: لمن يحتاج إلى ذلك، هذه ليست رخصة مطلقاً، هي رخصة لمن يحتاج إليه كامرأة في البيت تحتاج أن تعرف وضع الطعام الذي تطبخه، وكذلك مثلاً شخص يعمل في مطعم ويحتاج أن يعرف وضع الطعام، فهذا جائزٌ للحاجة، فمن ليس محتاجاً له لا يجوز له هذا الفعل، وبطرف اللسان فقط .
من المسائل المعاصرة القريبة من هذا: الدواء الذي يأخذه من يصاب بالذبحة الصدرية، الذبحة الصدرية: ألمٌ في الصدر سببه قِلَّة الدم الواصل إلى القلب بسبب ضيق الشرايين التي توصل الدم إلى القلب، فهناك دواء يوضع تحت اللسان، مادة تدعى: نتروجلسرين، توضع تحت اللسان من أجل أن تُمْتَص هذه المادة عبر الشرايين الموجودة في أسفل اللسان، فتُمْتَص سريعاً فتصل إلى القلب سريعاً، يعني: أسرع مما لو ابتلع الحبة الدوائية .
فلو كان صائماً ووضع هذه الحبة تحت لسانه، هل يفطر بهذا أو لا؟ صدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلام بأن ذلك ليس مُفطِّراً، وأظن السبب واضح: أنه لم يبتلع شيئاً، لم يدخل شيئاً إلى المعدة، هو وضع شيئاً في فمه، والفم له حكم الخارج، إذا كان إذا وضع ماءً في فمه لا يفطر فهذا مثله، والامتصاص يتم ليس في المعدة، وإنما يتم في الفم، وعليه: فهذا لا يعد من المُفطِّرات، قد يبقى طعم الدواء في الفم، وأثر الدواء المتبقي في الفم .
فنقول: هذا الأثر المتبقي كما قلنا في الطعام لَـمَّا تَذوَّقَه بطرف لسانه يَمُجُّه، كذلك هذا نقول له: إن بقي أثرٌ للدواء في فمك فمُجَّه حتى تخرج ما تبقى، ولو افترضنا أن شيئاً دخل مع اللعاب إلى الجوف، بحيث وجد طعمه في حلقه، فإنه لا يفطر بهذا، لماذا؟ لأن تقدم معنا أن شرط المُفطِّرات حتى تكون مُفطِّرة: أن يفعلها الإنسان وهو مُتَعمِّد، وهذا لم يَتَعمَّد أن يبتلع هذا الدواء: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5).
والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-02-2020, 02:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب

من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب 2-2
د. محمد بن هائل المدحجي



الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:




فما زال الحديث متصلاً مع المُفطِّرات، وما هو الشيء الذي يعد مُفطِّراً، وما لا يعد مُفطِّراً؟ وبدأنا الحديث عن بعض المسائل المتعلقة بالفم باعتباره المنفذ المعتاد للطعام والشراب.




فمن المسائل المتعلقة: مسألة التَّسَوُّك، هل يجوز للصائم أن يستاك؟ الجواب: نعم، يجوز له أن يستاك بغير خلافٍ بين أهل العلم، وهذا قبل الزوال، يعني: قبل وقت الظهر لا يختلفون في جواز التَّسَوُّك للصائم، وإنما يختلفون في كراهته بعد الزوال، فمن العلماء من يرى أنه مكروهٌ بعد الزوال، سألناهم لماذا؟ فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » ، والتَّسَوُّكُ يزيل هذا الخلوف، لكن الجواب عن هذا: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله وليس عند الناس أولاً، ثم من قال أن مصدره من الفم، بل مصدره من المعدة لخلوها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأت عنه أنه كان يجتنب التَّسَوُّك أثناء الصيام، وقد أفتى معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه بجواز التَّسَوُّك قبل الزوال وبعد الزوال، فالصحيح أنه لا كراهة في استخدام السواك لا قبل الزوال ولا بعده، لكن قد تبقى بقايا في فم الإنسان، حينئذٍ يَتَجنَّب ابتلاعها، ويخرجها من فمه ولا يبتلعها .




نلاحظ أن السواك فيما يقول المعاصرون يحتوي على مواد كيمائية، ذكروا ثمان مواد، هذه المواد تبقى في الفم وربما يدخل شيءٌ منها إلى الجوف عبر اللعاب، وهذا يشبه إلى حدٍ ما ما ذكرناه في موضوع المضمضة، وأنه يبقى أثر الماء أو بقية من ماء في الفم، وربما تدخل إلى الجوف مع الريق، هذا ليس مُفطِّراً ولا إشكال فيه، من جهة أنه تابعٌ ليس مقصوداً، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، يعني: لم يَتعمَّد الذي يستاك أن يدخل شيئاً إلى جوفه، ولم يَتَعمَّد الذي يتمضمض أن يدخل شيئاً إلى جوفه .




وعليه: هذا الذي يدخل إلى جوفه من غير قصد أولاً، هو لم يكن مقصوداً له، للصائم يعني: أن يدخله إلى جوفه، ثانياً: هو شيءٌ يسيرٌ معفوٌ عنه، وهذه المسألة سواءً في المضمضة أو في السواك من المسائل التي استفاد منها فقهاء العصر في عدد من المسائل المعاصرة التي سيأتي بيانها بإذن الله جل وعلا .




استخدام الفرشاة والمعجون: هل هو مثل السواك في الحكم، بحيث أنه لا يحرم على الصائم استخدام الفرشاة والمعجون؟ الجواب: نعم، لأن استخدام الفرشاة والمعجون يكون في منطقة الفم، ومنطقة الفم ليست من الجوف، فالإنسان يتمضمض ولا يُفطِر بهذا، وعليه فاستخدامها جائزٌ للصائم، ما دام أنه يَتجَنَّب إدخال شيءٍ جوفه، لكن هناك فرق بين الفرشاة والمعجون وبين السواك من جهة قوة نفوذ المعجون، فإنه من السهولة بمكان أن يَنْمَاع وأن يدخل مع الرِّيْق إلى الجوف، لذا الأولى تَجَنُّبُه، لكن من جهة الحكم هل هو يعد من المُفطِّرات أو ليس من المُفطِّرات؟ الجواب: أنه ليس من المُفطِّرات، وجائزٌ للصائم، حتى لو فرضنا أنه وجد طعماً في حلقه، فهذا من غير قصدٍ منه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5)، لكن لا يخلو استخدامها من كراهة، خاصةً مع تقدم النهار .




من المسائل كذلك: علاج الأسنان في نهار رمضان، لا يختلف الفقهاء أن الأولى للإنسان أن يُؤخِّر علاج أسنانه إلى ما بعد غروب الشمس، حتى لا يُعرِّض صومه للإفساد، واحتياطاً لصيامه، لكن السؤال: هل يجوز أو لا يجوز؟ هذا السؤال الذي نحتاج له جواباً، وقد يحتاج الإنسان بسبب شدة الألم لعلاج أسنانه، قد لا يستطيع أن ينتظر إلى غروب الشمس، وأيضاً قد لا يجد موعداً لعلاج أسنانه إلا في هذا الوقت، ربما إذا أخذ موعداً غيره قد يأتي هذا الموعد بعد سنة، فيقول: هنا مجال لعلاج أسناني، هل يجوز لي أن أعالج أسناني أو لا؟




اللجنة الدائمة للإفتاء درست هذا الموضوع، ورأت أنه لا إشكال في علاج الأسنان أثناء الصيام، وذكروا ما الذي يمكن أن يحصل من علاج أثناء الصيام، يعني: ما الذي يمكن أن نَتصوَّرَه؟ البنج للثة، الماء الذي تُبَرَّد به آلة الحفر، الدواء الذي يوضع على السن، خلع السن، هذه هي الأشياء التي تُتَصوَّر في علاج الأسنان غالباً.




لو وقفنا معها: أما التخدير الموضعي فسيأتي الكلام على التخدير تفصيلاً، والتخدير الموضعي ليس من المُفطِّرات باتفاق علماء العصر بجميع أنواعه، فهذا التخدير بالبَنْج الموضعي ليس مُفطِّراً، وكما أنه في منطقة الفم فلا إشكال .




أيضاً وضع الماء أو الدواء في الفم، فالفم له حكم الخارج ليس حكم الجوف، وعليه فلا إشكال، يعني: لا يوجد شيء مُفطِّر إلى الآن، ويَتجنَّب ابتلاع شيء وإدخاله إلى جوفه، والطبيب أحرص منك ألا يدخل شيء إلى الجوف، فهم يستخدمون آلات الشفط لهذه السوائل .




خلع السن: الخلع نفسه لا إشكال فيه، إنما الإشكال في الدم الخارج، الدم لا يجوز ابتلاعه لا للصائم ولا لغير الصائم، لأنه محرم الأكل، هو من المحرمات في الأطعمة: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} (الأنعام:145)، فالدم لا يجوز ابتلاعه، لا للصائم ولا لغير الصائم، الطبيب أحرص منك ألا يدخل الدم إلى الجوف، لكن قد يقع أن يدخل الدم إلى جوف الإنسان، ولكن من الواضح جداً أن هذا من غير قصد، وعليه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5)، إذاً: هذا ما دام ليس قاصداً، فلا يُفطِر بمثل هذا ولكن كما تقدم أن الأولى يتجنب مثل هذا خاصة فيما يتعلق بالخلع أثناء الصيام، لأنه حتى بعد الخلع هو يحتاج أن يضع هذه القطنة في موضع الخلع، ويستمر ربما خروج الدم، ففيما يتعلق بالخلع خاصة إذا أمكن تَجنُّبُه وقت الصيام فهو أولى، إن لم يمكن ودخل شيء إلى الجوف، فهذا من غير قصد، فلا يعد مُفطِّراً .




وهذه الآلام التي يشعر بها هو يحتاج إلى مُسكِّن لهذا الألم، لن يستطيع أن يتناول مُسكِّنَاً عبر الفم، فإنه لو تناوله أفطر به، لكن لو أخذ مُسكِّنَاً عن طريق الوريد أو عن طريق العضل، فهذا ليس مُغذِّياً ولا يعد من المُفطِّرات ولا حرج عليه في استخدامه. من المسائل التي تكلم عنها الفقهاء المتقدمون واختلفوا فيها، هل من شرط المُفطِّرات، مُفطِّر الأكل أعني: أن يستقر في المعدة، أو لو دخل ثم خرج لا يفطر بذلك؟ يعني: المثال الذي يضربونه: لو أنه أخذ حصاةً فربطها بخيط، ثم أدخلها ثم أخرجها، هل أفطر بهذا أو لا؟ اختلفوا: جمهور العلماء يرون أنه ما دام قد دخلت فهذا مُفطِّر حتى لو خرجت، الحنفية رحمهم الله يرون بأن هذا ليس مُفطِّراً، فمن شرط المُفطِّر أعني هذا النوع الذي يدخل في باب الطعام والشراب أن يستقر في المعدة .




الفقهاء المعاصرون اعتمدوا مذهب الحنفية في هذه المسألة، قد تقول لي: من هذا الذي سيحضر حصاةً، ثم يقوم بربطها، ثم يفعل مثل هذا الفعل؟ العلماء استفادوا من هذه المسألة من موضوع منظار المعدة، فإن الإنسان قد يكون مصاباً بقرحة في معدته، وربما أبعد من المعدة، فيحتاج لإدخال منظار لتشخيص الحالة، وهذا المنظار يدخل ثم يخرج، فدخوله مُفطِّر على مذهب الجمهور، وعند الحنفية لا يُفطِّر لأنه لا يدخل فيستقر، وإنما يدخل فيخرج فليس مُفطِّراً، وبه صدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلامي: بأن استخدام منظار المعدة ليس مُفطِّراً إذا خلا من إدخال سوائل ونحوها معه، يعني: نفس المنظار ليس مُفطِّراً .




لكن لو افترضنا أن المنظار طُلِي بمادة دهنية وهذا هو الغالب، وأدخل فإن الفطر يحصل، ليس بالمنظار وإنما بهذه المادة الدهنية التي تَعمَّد إدخالها عن طريق الفم، وهي مادة تَنْمَاع وتدخل إلى المعدة وتستقر فيها، فالإفطار ليس بالمنظار وإنما بهذه المادة اللزجة التي طُلِي بها هذا المنظار، وأظن أنه لا يخل استخدام المنظار من إدخال سوائل ليسهل دخول المنظار، فإن كان فالإفطار ليس بالمنظار وإنما بهذه السوائل .




آخر مسألة أذكرها، وهي من المسائل الشائكة والشائكة جداً: مسألة بَخَّاخ الرَّبْو، معروف يستخدمه من عنده ضيق في الشُّعَب الهوائية، يحتاجه لتوسيع هذه الشُّعَب الهوائية، دواء عمله يَتَركَّز على الرئتين، له صور متعددة، من أبرزها البَخَّاخ المعروف الذي إذا أراد أن يستخدمه فإنه يأخذ شهيقاً ثم يَبُخُّ هذه البَخَّة ويأخذ الزفير من أجل إغلاق مجرى الطعام ليفتتح مجرى النَّفَس، حتى تدخل أكبر كمية من الدواء إلى الرئتين، هذا هل هو مُفطِّر أو ليس مُفطِّر؟




مَجْمَع الفقه الإسلامي لَـمَّا درس هذه المسألة في أكثر من دورة، أَجَّلوا النظر فيها، أَجَّلوا اتخاذ القرار فيها، فهي مسألة شائكة ويختلف فيها الفقهاء المعاصرون اختلافاً كبيراً؛ لسبب أن ظاهرها أن الشخص يدخل إلى جوفه شيئاً عن طريق الفم، ونحن تقدم معنا أن من تَعمَّد إدخال شيءٍ إلى جوفه عن طريق الفم، فإنه يُفطِر بذلك، سواءً كان هذا الذي أدخله غِذاءً أو ليس غِذاءً، نافعاً أو ضَارًّ، أو حتى لا نافع ولا ضار فإنه يفطر بذلك، وهذه وجه نظر من يقول بأنه مُفطِّر .




الذي عليه الفتوى أنه ليس مُفطِّراً لأسباب:




أولاً: أن هذا الدواء الذي يؤخذ ليس المقصود إدخاله إلى المعدة، وإنما المقصود إدخاله إلى الرئتين، نعم في غالب الأحوال يدخل جزئٌ منه إلى المعدة، لأن مجرى الطعام لا يغلق بالكلية حين أخذ النَّفَس، فيمكن أن تدخل أجزاء من الدواء إلى المعدة، لكن دخولها إلى المعدة أولاً غير مقصود، ثانياً: هو جزءٌ يسيرٌ أقل من الجزء الذي يدخل المعدة من بقايا الماء التي تبقى في الفم بعد المضمضة .




يعني: هذه العلبة فيها عشرة ملليلترات من الدواء، وتكفي لمائتي بَخَّة، والبَخَّة الواحدة فيها من الدواء نصف عُشْر مليلتر، أغلبها يذهب إلى الرئتين، كم يبقى من الدواء الذي سيذهب إلى المعدة؟ جزء يسير جداً لا يمكن اعتباره مقصوداً، كما أنه لا يحصل به التعذية، والحاجة داعية لاستخدام مثل هذا الدواء .




فالفتوى: أن استخدام هذا الدواء للصائم ليس مُفطِّراً، سواءً أُخِذ عن طريق هذه البَخَّة، وهناك نوع آخر عبارة عن مسحوق، يعني: حبة إذا أخذتها صارت مسحوقاً تعمل بنفس الآلية، وعملها في الرئتين، فأيضاً هذا ليس مُفطِّراً نفس الحكم السابق .




أيضاً إذا تم أخذه في العيادة مع الأكسجين، فكذلك هذا ليس مُفطِّراً لأن الأكسجين كما سيأتي معنا أصلاً ليس مُفطِّراً، لكونه موجوداً في الهواء، ويستنشقه الناس .




والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.08 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]