|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() اليوم العالمي ليتامى الحروب د. محمد ويلالي الخطبة الأولى لا شك أن الأبناء زهرة الحياة الدنيا، وسبب من أسباب سعادتها، والشعور بلذتها. وكما أنهم محتاجون إلينا لتنشئتهم، وحسن القيام عليهم، فكذلك نحن محتاجون إليهم في إدخال السرور علينا، واستمرار الحياة بعدنا، فهم - كما قال الأحنف بن قيس - "ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة". غير أن الحروب الكثيرة، التي صارت تقلق المجتمعات المعاصرة، جعلت فرح الولد بأبيه وأمه مهدداً، واستمرا الحياة الهادئة الهنيئة مهزوزا، حيث كثر الأيتام، وازداد المشردون، وتفاقم عدد المحرومين من نعمة الأب أوالأم، حتى تواطأ العالم على جعل اليوم السادس من هذا الشهر - شهر يناير - يوماً عالمياً ليتامى الحروب، اعترافًا بما تجره النزاعات بين الشعوب والأمم من ويلات ومآس، ترخي بسدولها على المجتمعات، والأسر، والأفراد. لقد كان القرن الماضي (القرن العشرين) قرن الحروب بامتياز، إذ أجمع المؤرخون على أنه أكثر القرون قتلاً وبطشاً، وترميلاً، وتيتيماً، حيث أزهقت أرواح 178 مليون شخص، أسهمت في الحصة الكبرى منها حربان عالميتان، وحرب باردة لا تزال مستعرة إلى الآن. كان نتيجة كل ذلك، مقتل 10 ملايين طفل، وتيتيم مثلهم، وإصابة 4.5 مليون بالإعاقة، وتشريد 12 مليونا، وتعريض 10 ملايين للاكتئاب والصدمات النفسية. ومنذ أن تأسس ما يسمى بالأمم المتحدة سنة1945 بهدف إنهاء الحروب في العالم، اندلعت نحو155 حربا ونزاعاً أهلياً كبيرًا، أدت إلى قتل 23 مليون شخص، وهوضعف كل ضحايا الحروب في القرن التاسع عشر، وسبعة أضعاف ضحايا الحروب في القرن الثامن عشر. واليوم يعاني الأطفال مخاطر يومية حقيقية في أكثر من 50 بلدا مشتعلا بالحروب والنزاعات الأهلية، أغلبها في أفريقيا وآسيا، كان من أبشعها ما جرى بين 1986 و1996، وهي الفترة التي تسمى بالعقد الدامي، بسبب الخراب والقتل، الذي شهدته 35 حربا أهلية وصراعا مسلحا، وبخاصة في أفريقيا، حيث قتل مليونا طفل، وأصيب 6 ملايين طفل بإصابات بالغة أوإعاقات دائمة، ومليون طفل تيتم بفقد الأم أوالأب أوكل منهما، و10 ملايين طفل أصيبوا بأمراض نفسية وعصبية من جراء العنف، الذي شاهدوه خلال الحروب التي مروا بها. واليوم يوجد 20 مليون طفل شردوا من منازلهم بسبب الحروب. وفي العقدين الأخيرين، تم إحصاء مقتل ما يقارب مليوني طفل وربع، بسبب النزاعات المسلحة. و8 ملايين طفل أصيبوا بجروح بالغة، و30 مليون طفل أصيبوا بصدمات نفسية، مع إحصاء 300 ألف طفل يشتغلون مقاتلين في الحروب حالياً. وفي العراق وحدها بلغ عدد الأيتام 5 ملايين بسبب الحرب عليها وأعمال العنف والتخريب، نصف مليون منهم محتاجون إلى العلاج النفسي من وطأة المشاهد الثقيلة التي ارتسمت في أذهانهم. وفي لبنان شكل الأطفال ثلث القتلى والجرحى في الحرب هناك. وفي مثل هذا اليوم الذي نتحدث عنه (اليوم العالمي ليتامى الحروب)، السادس من يناير 2009، استهدفت إسرائيل الأطفال في مدارسهم في حرب غزة بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة، فكان أن تيتم في هذه الحرب القذرة 2000 طفل، ليرتفع عدد الأيتام في غزة وحدها إلى أكثر من 55 ألف طفل. وزاد عدد الأيتام في سوريا خلال الحرب الظالمة الدائرة منذ قرابة ثلاث سنوات، عن 90 ألفا، بعد تسجيل مقتل أكثر من 130 ألفًا شخص إلى الآن، منهم أزيد من 45 ألف مدني، بينهم قرابة 7000 طفل، و5000 امرأة. وأعلنت منظمة اليونيسكوأن النزاعات المسلحة في العالم تَحرم ما يقارب28 مليون طفل من حقهم في التعليم. هذا فضلا عن ملايين آخرين محتاجين إلى الرعاية النفسية، جراء ما شهدوه من صور العنف، والرعب، والتقتيل. هذه الحروب المقيتة، وما يستتبعها من مشاكل، هي المسؤولة عن 132 مليون يتيم في جنوب أفريقيا، وآسيا، وأميركا اللاتينية. وتتوقع التقارير الرسمية الصادرة عن اليونيسيف أن ما يقارب عن 110 ملايين طفل أقل من 15 سنة سينضمون إلى لائحة أيتام الأب والأم بحلول سنة 2015، حيث سيشكلون 15% من مجموع أطفال العالم. أما مخلفات الحروب من المتفجرات، بما فيها الألغام الأرضية، والذخائر غير المنفجرة، التي تبلغ ما بين 65 مليوناً إلى أكثر من 100 مليون لغم في العالم، فقد أودت بمليون شخص منذ 1975، وهي - اليوم - تشكل تهديداً كبيرا للمجتمعات في أكثر من80 بلداً كانت في حالة صراع، يشكل الأطفال فيها 20% على الأقل من الأشخاص الذين تتسبب هذه الأسلحة الحربية المميتة في وفاتهم أوإصابتهم بإعاقات، وهوما يقدر ب 800 طفل يقتلون شهريا بسبب الألغام الأرضية. فهل هذه أخلاق الحرب في عصر التقدم والتحضر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يرسم معالم الحرب الحقيقية ويوصي بعد قتال من لا يحمل السلاح، ولا يقوى على المواجهة؟ يقول صلى الله عليه وسلم:"ألاَ لا تقتُلوا ذرّيَّة؛ كلُّ نسمة تُولد على الفطرة" رواه النَّسائي وهوفي صحيح الجامع. متى تبعثوها تبعثوها ذميميةً ![]() وتضرَ إذا ضرَّيتموها فتضرم ![]() أما المخلفات النفسية لهؤلاء الأطفال، فهي كبيرة وخطيرة، إذ لا تزال مشاهد التقتيل والتخريب ماثلة أمام أعينهم، مما ضاعف الإصابة بأعراض الاكتئاب والاضطرابات النفسية. فانظر كيف يدفع الصغار فاتورة أسلحة الكبار، الذين لا يهمهم سوى تأجيج النعرات، وإذكاء التوترات، تحقيقا لأكبر رقمٍ من تجارة السلاح، التي تسيطر اليوم دولة واحدة على 55% منها، وتتوافر على 3264 رأس نووي، يكفي البعض منها لتدمير العالم كله. وأربع دول كبرى تملك 70 ألف سلاح نووي منتشر في قواعد عسكرية حول العالم، ودولة أخرى تملك 40 ألف طن من السلاح الكيماوي. أما التكاليف المادية لهذه الأسلحة فشيء يفوق التصور. فقد جاء في تقرير الأمم المتحدة لعام 1994 أن الإنفاق العسكري العالمي عام 1992 بلغ 815 مليار دولار، أي ما يعادل دخل 49 % من سكان العالم مجتمعين. "كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ". الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتَيَّةً ![]() تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ ![]() حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا ![]() عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ ![]() شَمْطَاءَ ينكر لونها وَتغيرتْ ![]() مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ ![]() الخطبة الثانية لا يعاني أطفال هذا الزمان من مجرد الحروب ومخلفاتها، بل يعيشون مآسي حقيقية في عالم يضج بالفوضى والاضطراب. فهناك اليوم أزيد من 400 مليون طفل محرومين من المياه الصالحة للشرب، يموت منهم مليون ونصف سنويا، وربع أطفال العالم النامي يعانون من نقص الوزن، وطفل واحد من عشرين يحصل حاليًّا على الدواء، ويموت كل يوم قرابة 000 29 طفل دون سن الخامسة، في 60 بلدا بسبب الفقر، والجهل، وضعف المعدات الطبية، نصفهم يموت بسبب نقص التغذية. وزيد على ذلك 275 مليون طفل يشهدون ما يعرف بالعنف المنزلي. فكيف إذا وضعت هذه الحصيلة بجانب ما يقارب 1.5 مليار إنسان في العالم يعيش تحت خط الفقر، بعد أن كان عددهم 400 مليون عام 1970، و800 مليون عام 1980، مع وجود 100 مليون إنسان يعيشون بلا مساكن، و500 مليون آخرين يعيشون في الأكواخ وبيوت الصفيح، كما أن هناك مليار و300 ألف أمي، ومليار و300 ألف إنسان يعيشون في عالمنا من دون خدمات صحية، ويشربون مياهاً غير صحية، في الوقت الذي نجد فيه 20% من الناس يملكون 80 % من خيرات العالم، و60% من الناس يحوزون على أقل من 5 % من الدخل العالمي، مع تسجيل ألفي مليار مبلغا لديون ما يعرف بالعالم الثالث. هذه حقيقة عالمنا الذي تخفي فيه احتفالات الغربيين برأس السنة الميلادية الصورة البشعة التي يسهمون في رسمها وتلوينها، يحققون متعهم الذاتية، ويتسارعون في توفير حاجاتهم الآنية، ثم لا يأبهون لملايين بني الإنسان، الذين أعيتهم السبل في تحصيل لقمة عيشهم، وبناء مستقبل أبنائهم، ثم يتحدثون بعد ذلك عن اليوم العالمي ليتامى الحروب. قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 204، 205].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |