طوبى لمن كان للخير مفتاحاً - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المبالغة في تشقيق العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كشف الأستار بشرح قصة الثلاثة الذين حبسوا في الغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 3 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (اللطيف، الخبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          {يغشى طائفة منكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حتى لا تفقد قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          وفاة ملكة جمال الكون! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حقوق الحيوان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-07-2019, 05:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي طوبى لمن كان للخير مفتاحاً

طوبى لمن كان للخير مفتاحاً



الشيخ عبدالله بن محمد البصري







أَمَّا بَعدُ:


فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].





أَيُّهَا المُسلِمُونَ:


في كُلِّ يَومٍ، بَل في كُلِّ سَاعَةٍ وَلَحظَةٍ، يَفقِدُ النَّاسُ قَرِيبًا أَو حَبِيبًا، وَيُشَيِّعُونَ جَارًا أَو صَدِيقًا، وَتَرَاهُم يَبكُونَ عَلَيهِ أَيَّامًا وَيَحزَنُونَ، ثم مَا يَلبَثُونَ أَن يَنسَوا ذَلِكُمُ المَيِّتَ، وَيَطوُوا صَفحَتَهُ وَلا يَذكُرُوهُ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ ثَمَّةَ أُنَاسًا تَمُرُّ السَّنَوَاتُ عَلَى مَوتِهِم، ثم مَا تَزَالُ القُلُوبُ تَكتَوي بِحَرَارَةِ فَقدِهِم، وَالأَفئِدَةُ تَذُوقُ مَرَارَةَ رَحِيلِهِم، وَالأَعيُنُ تَذرِفُ الدَّمَعَ كُلَّمَا ذُكِرَت أَسمَاؤُهُم، فَلِمَاذَا يَكُونُ هَذَا وَذَاكَ؟! يَكُونُ هَذَا وَذَاكَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ لأَنَّ القِيمَةَ الحَقِيقِيَّةَ لِكُلِّ إِنسَانٍ، تُقَدَّرُ بِعِظَمِ الثَّغرِ الَّذِي كَانَ يَسُدُّهُ، وَذِكرَاهُ تَمتَدُّ مِن بَعدِهِ بِطُولِ مَا خَلَّفَهُ لِلنَّاسِ مِن نَفعٍ، وَالنَّاسُ في ذَلِكَ يَتَفَاوَتُونَ تَفَاوُتًا عَظِيمًا، حتى لَكَأَنَّمَا هُم مَخلُوقُونَ مِن عَنَاصِرَ شَتًّى، وَلَيسُوا لأَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، فَإِنسَانٌ يَكُونُ فَقدُهُ رَزِيَّةً عَلَى أُمَّةٍ بِأَكمَلِهَا، وَآخَرُ يُصَابُ بِهِ بَلَدٌ وَمُجتَمَعٌ، بَينَمَا لا يَتَجَاوَزُ الحُزنُ عَلَى بَعضِ الأَشخَاصِ بَيتَهُ وَأُسرَتَهُ، بَل وَثَمَّةَ مَن قَد يُفرَحُ بِمَوتِهِ وَتُسَرُّ الأَنفُسُ بِفِرَاقِهِ.







لَعَمرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقدُ مَالٍ

وَلا شَاةٌ تَمُوتُ وَلا بَعِيرُ




وَلَكِنَّ الرَّزِيَّةَ فَقدُ شَهمٍ

يَمُوتُ بِمَوتِهِ خَلقٌ كَثِيرُ









إِنَّ في الأُمَّةِ عُلَمَاءَ تَحيَا بهمُ القُلُوبُ، وَتُنَارُ بِسِيَرِهِمُ الدُّرُوبُ، وَتُهدَى بِعِلمِهِمُ النُّفُوسُ، وَيُفَرَّقُ بِرَأيِهِم بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَفِيهَا عُبَّادٌ مُتَبَتِّلُونَ، وَزُهَّادٌ مُتَّقُونَ، يُقتَدَى بهم وَيُؤخَذُ عَنهُم، وَيَجِدُ النَّاسُ فِيهِمُ الأُسوَةَ الحَسَنَةَ وَيَأنَسُونَ بهم، وَفي الأُمَّةِ أَجوَادٌ مُحسِنُونَ، وَأَسخِيَاءُ مُنفِقُونَ، يَبحَثُونَ عَنِ الخَيرِ في مَظَانِّهِ وَمَوَاطِنِهِ، وَيُقَدِّمُونَ مِمَّا أَعطَاهُمُ اللهُ وَيُضَحُّونُ، وَيَبذُلُونَ في كُلِّ سَبِيلٍ تُرضِيهِ وَيُؤثِرُونَ، وَفِيهَا دُعَاةٌ مُصلِحُونَ، وَآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ مُخلِصُونَ، وَنَاهُونَ عَنِ المُنكَرِ مُحتَسِبُونَ، وَفي الأُمَّةِ في المُقَابِلِ مَن يُقَلِّبُ كَفَّيهِ، أَو يَنظُرُ زَهوًا في عِطفَيهِ، أَو يُقَدِّمُ رِجلاً وَيُؤَخِّرُ أُخرَى، أَو يُقَطِّعُ عُمُرَهُ بِالأَمَانيِّ وَالرَّجَاءِ وَالشَّكوَى، لا يُرجَى خَيرُهُ وَلا يُؤمَنُ شَرُّهُ.





أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ في الأُمَّةِ رِجَالاً مُبَارَكِينَ أَينَمَا كَانُوا، إِن دُعُوا إِلى خَيرٍ أَجَابُوا، وَإِن سُئِلُوا فَضلاً أَعطَوا، يَمنَحُونَ العِلمَ لِطَالِبِهِ، وَيَجُودُونَ بِالمَالِ لِسَائِلِهِ، يَبذُلُونَ الشَّفَاعَةَ الحَسَنَةَ وَلا يَبخَلُونَ بِالجَاهِ، وَيُقَدِّمُونَ الرَّأيَ وَلا يَمنَعُونَ المَشُورَةَ، وَلا يَتَوانَونَ وَلا يَتَرَدَّدُونَ، في تَقدِيمِ مَا يَملِكُونَ مِن نَفعٍ لِغَيرِهِم، وَفي المُقَابِلِ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّ في الأُمَّةِ مَن هُوَ بَخِيلٌ شَحِيحٌ لَئِيمٌ، مَنَّاعٌ لِلخَيرِ مُعتَدٍ أَثِيمٌ، مَقبُوضُ الكَفِّ عَنِ العَطَاءِ، مَصرُوفُ الهِمَّةِ عَنِ المَكَارِمِ، رِعدِيدٌ خَوَّارٌ جَبَانٌ، جَامِعٌ لِلمَالِ مَانِعٌ لِلخَيرِ، يُندَبُ لِلخَيرِ فَلا يَنتَدِبُ لَهُ، وَيُدعَى لِلبِرِّ فَلا تَسخُو بِهِ نَفسُهُ، لَيسَ فِيهِ حَمِيَّةٌ لِدِينٍ، وَلا غَضَبٌ لانتِهَاكِ حُرمَةٍ، وَلا غَيرَةٌ عَلَى عِرضٍ، وَلا رَحمَةٌ لِمِسكِينٍ، إِن طُلِبَ مِنهُ مَالٌ قَالَ: لا أَجِدُ، وَإِن رُجِيَت مُسَاعَدَتُهُ قَالَ: لا أَستَطِيعُ، وَإِنِ ابتُغِيَ مِنهُ رَأيٌ قَالَ: لَيسَ عِندِي وَقتٌ. فَأَمَّا الأَوَّلُونَ البَاذِلُونَ، فَيَظَلُّ أَحَدُهُم حَيًّا وَإِن طَالَ في بَطنِ الأَرضِ مُقَامُهُ، وَيُذكَرُ اسمُهُ وَإِن غَابَ عَنِ الأَعيُنِ جِسمُهُ، وَأَمَّا الآخَرُونَ البَاخِلُونَ، فَمَا أَحَدُهُم إِلاَّ كَسَقطِ المَتَاعِ وَحَقِيرِهِ، إِنْ حَضَرَ لم يُعرَفْ، وَإِنْ مَاتَ لم يُفقَدْ، وَإِنْ ذُكِرَ لم يُمدَحْ، بِلْ يَذهَبُ فَلا يُؤبَهُ بِهِ، وَيَمُوتُ ذِكرُهُ قَبلَ مَوتِ جَسَدِهِ.





أَيُّهَا المُسلِمُونَ:


لَقَد جَادَ نَبِيُّكُم وَإِمَامُكُم بِعُمُرِهِ المُبَارَكِ لأُمَّتِهِ، حَتى إِنَّهُ مَا كَادَ يَبلُغُ السِّتِّينَ مِن عُمُرِهِ الشَّرِيفِ، إِلاَّ كَانَ مُعظَمُ صَلاتِهِ في اللَّيلِ جَالِسًا، وَذَلِكَ بَعدَ أَن حَطَمَهُ النَّاسُ وَتَزَاحَمُوا عَلَيهِ، وَجَعَلَ يَقضِي مُعظَمَ وَقتِهِ لِنَفعِهِم، يَذهَبُ مَعَهُم وَيَأتي، وَيَصحَبُهُم حَاجًّا وَمُعتَمِرًا وَمُجَاهِدًا، وَيُصَلِّي بهم وَيُعَلِّمُهُم، يَرَونَهُ في المَسجِدِ وَالسُّوقِ، وَيَحضُرُ مَعَهُم في المَقبَرَةِ، يَجِدُونَهُ في السِّلمِ وَالأَمنِ وَأَيَّامِ السُّرُورٍ، وَلا يَفقِدُونَهُ في الحَربِ وَالخَوفِ وَلا سَاعَاتِ الحُزنِ، وَعَلى نَهجِهِ سَارَ أَصحَابُهُ وَأَتبَاعُهُ في القُرُونِ المُفَضَّلَةِ، مِمَّنِ اتَّصَفُوا بِالصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ، وَكَانَت لهم الأَعمَالُ الجَلِيلَةُ، فَجَاهَدُوا وَبَذَلُوا، وَدَعَوا وَصَبَرُوا، وَصَدَعُوا بِالحَقِّ وَمَا ضَعُفُوا، وَسَخَّرُوا لِخِدمَةِ دِينِهِم كُلَّ مَا مَلَكُوا، خَضَّبُوا الخُدُودَ بِدِمُوعِ الخُشُوعِ، وَجَرَت عَلَى نُحُورِهِم دِمَاءُ الشَّجَاعَةِ وَالإِقدَامِ، وَلم تَزَلِ الرَّايَةُ بَعدَهُم تُرفَعُ حِينًا بَعدَ حِينٍ، كُلَّمَا مَاتَ إِمَامٌ خَلَفَهُ آخَرُ، فَظَفِرَتِ الأُمَّةُ في كُلِّ عَصرٍ وَمِصرٍ، بِأَئِمَّةٍ مُبَارَكِينَ وَعُلَمَاءَ مُوَفَّقِينَ، وَمُجَاهِدِينَ مُسَدَّدِينَ وَأَجوَادٍ مُنفِقِينَ، كَانُوا مَفَاتِيحَ لِلخَيرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، سَبَّاقِينَ لِلفَضلِ مُبَادِرِينَ بِالبِرِّ، حَتى إِذَا وَصَلَ النَّاسُ إِلى أَعقَابِ الزَّمَنِ وَمُتَأَخِّرِ الوَقتِ، كَثُرَ فِيهِم مَغَالِيقُ الخَيرِ مَفَاتِيحُ الشَّرِّ، الَّذِينَ لا يُذكَرُ لأَحَدِهِم سَبِيلُ خَيرٍ وَلا يُفتَحُ لَهُ بَابُ بِرٍّ، إِلاَّ تَقَاعَسَ وَتَبَاطَأَ وَتَرَاخَى، وَلا تُتَاحُ لَهُ فُرصَةٌ لإِظهَارِ الشَرِّ وَالتَّمَدُّحِ بِالبَاطِلِ، إِلاَّ اشرَأَبَّ لها وَانتَعَشَ، وَتَمَادَى فِيهَا وَانتَفَشَ، وَتَاللهِ مَا كَانَ الأَوَّلُونَ، بِأَكثَرَ مَالاً وَلا أَوفَرَ آلَةً مِنَ المُتَأَخِّرِينَ، وَلَكِنَّ كُلاًّ مِنهُم جَعَلَهُ اللهُ حَيثُ جَعَلَ نَفسَهُ، فَالأَوَّلُونَ جَعَلُوا مِن أَنفُسِهِم مَفَاتِيحَ لِلخَيرِ، فَأَعطَوا وَاتَّقَوا، وَسَاهَمُوا بِنَفعِ عِبَادِ اللهِ بِكُلِّ مَا أَمكَنَهُم، مِن مَالٍ وَعِلمٍ وَعَقلٍ وَقَولٍ وَجَاهٍ وَقُوَّةٍ، فَيَسَّرَهُم اللهُ لِليُسرَى، وَوَسَّعَ لهمُ آفَاقَ الخَيرِ، وَفَتَحَ لهم مَجَالاتِ البِرِّ، وحَبَّبَهُم إِلى عِبَادِهِ، فَأَثنَوا عَلَيهِم وَشَكَرُوهُم، وَدَعَوا لهم وَذَكَرُوهُم، بِخِلافِ كَثِيرٍ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ، مِمَّن جَعَلُوا أَنفُسَهُم مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، فَجَمَعُوا وَمَنَعُوا، وَبَخِلُوا وَاستَغنَوا، وَكَذَّبُوا بِالحُسنى وَتَوَلَّوا، فَيُسِّرُوا لِلعُسرَى وَضَاقَت نُفُوسُهُم، وَلم تَنشَرِحْ صُدُورُهُم، وَهَكَذَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّهُ مَا أَرَادَ عَبدٌ لِنَفسِهِ الخَيرَ وَتَصَدَّى لأَعمَالِ الخَيرِ، وَبَذَلَ نَفسَهُ وَوَقتَهُ وَمَالَهُ في ذَاتِ اللهِ، إِلاَّ أُعِينَ وَسُدِّدَ وَوُفِّقَ، وَتَيَسَّرَ لَهُ كُلُّ عَسِيرٍ وَانفَتَحَ لَهُ كُلُّ مُغلَقٍ، وَرُزِقَ مِنَ العِلمِ وَالحِلمِ وَالصَّبرِ، مَا لم يَكُنْ يَستَطِيعُهُ مِن قَبلُ، وَلا أَعرَضَ مَخذُولٌ عَن رَبِّهِ وَصَدَّ وَثَنى صَدرَهُ، إِلاَّ أَعرَضَ اللهُ عَنهُ وَزَادَهُ خِذلانًا وَضِيقًا وَعُسرًا، عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ المَعُونَةَ تَأتي مِنَ اللهِ عَلَى قَدرِ المَؤُونَةِ، وَإِنَّ الصَّبرَ يَأتي مِنَ اللهِ عَلَى قَدرِ البَلاءِ " رَوَاهُ البَزَّارُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَينِ عَلَيهِمَا جُنَّتَانِ مِن حَدِيدٍ مِن ثُدِيِّهِمَا إِلى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنفِقُ فَلا يُنفِقُ إِلاَّ سَبَغَت أَو وَفَرَت عَلَى جِلدِهِ حَتى تُخفِيَ بَنَانَهُ وَتَعفُوَ أَثرَهُ، وَأَمَّا البَخِيلُ، فَلا يُرِيدُ أَن يُنفِقَ شَيئًا إِلاَّ لَزِمَت كُلُّ حَلَقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا فَلا تَتَّسِعُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّكُم وَاجِدُونَ في هَذَهِ الدُّنيَا فُرَصًا لِلخَيرِ فَلا تُضِيعُوهَا، وَمُتَعَرِّضُونَ لِفِتَنٍ فَلا تَغشَوهَا، وَكُونُوا مَفَاتِيحَ لِلخَيرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَلا تَكُونُوا مَغَالِيقَ لِلخَيرِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، فَقَد قَالَ نَبِيُّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلخَيرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلخَيرِ، فَطُوبى لِمَن جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيرِ عَلَى يَدَيهِ، وَوَيلٌ لِمَن جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيهِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبانيُّ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ فَوَاتِحَ الخَيرِ وَخَوَاتِمَهُ وَجَوَامِعَهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ، وَالدَّرَجَاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ.





أَمَّا بَعدُ:


فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الخَيرَ مَرضَاةُ اللهِ، وَالشَّرَّ سَخَطُهُ، وَإِذَا رَضِيَ سُبحَانَهُ عَن عَبدٍ جَعَلَهُ مِفتَاحًا لِلخَيرِ، إِن رُئِيَ ذُكِرَ الخَيرُ بِرُؤيَتِهِ، وَإِن حَضَرَ حَضَرَ الخَيرُ مَعَهُ، لا يَعمَلُ إِلاَّ الخَيرَ، وَلا يَنطِقُ إِلاَّ بِالخَيرِ، بَلْ وَلا يُفَكِّرُ إِلا في الخَيرِ وَلا يُضمِرُ إِلاَّ خَيرًا، فَالنَّاسُ مِنهُ في أَمَانٍ، وَهُوَ في رَاحَةٍ وَصَفَاءِ نَفَسٍ وَاطمِئنَانٍ، فَطُوبى لَهُ! وَأَمَّا الآخَرُ فَنَعُوذُ بِاللهِ مِن حَالِهِ، لا يَنطِقُ إلا بِشَرٍّ وَلا يَعمَلُ إِلاَّ شَرًّا، وَلا يُفَكِّرُ إِلاَّ في شَرٍّ وَلا يُضمِرُ إِلاَّ شَرًّا، فَهُوَ مِفتَاحُ شَرٍّ فَوَيلٌ لَهُ! أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَكُونُوا عَلَى الخَيرِ أَعوَانًا، إِن أَحسَنَ النَّاسُ فَأَحسِنُوا، وَإِن دَعَوكُم لِلخَيرِ فَأَجِيبُوا، وَإِن أَسَاؤُوا فَاجتَنِبُوا إِسَاءَتَهُم وَانصَحُوهُم، وَإِذَا وَجَدتُم مَشرُوعَ بِرٍّ أَو بَرنَامَجَ مَعرُوفٍ أَو سَبِيلَ إِحسَانٍ، فَسَارِعُوا وَسَابِقُوا وَنَافِسُوا، وَلْيَكُنْ لِسَانُ حَالِ أَحَدِكُم كَمَا قَالَ نَبيُّ اللهِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84] وَحَذَارِ حَذَارِ مِن أَن يَترُكَ أَحَدُكُم المُسَاهَمَةَ في الخَيرِ، ثم يَصُدَّ النَّاسَ عَنهُ وَيُنَفِّرَهُم مِنهُ، فَإِنَّهُ يَكفِي المَرءَ مِنَ الشَّرِّ أَن يَجمَعَ بَينَ إِطَالَةِ اللِّسَانِ وَتَقصِيرِ الإِحسَانِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " أَنسَابُكُم هَذِهِ لَيسَت بِمَسَبَّةٍ عَلَى أَحَدٍ، كُلُّكُم بَنُو آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ لم تَملَؤُوهُ، لَيسَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضلٌ إِلاَّ بِدِينٍ وَتَقوَى، كَفَى بِالرَّجُلِ أَن يَكُونَ بَذِيًّا فَاحِشًا بَخِيلاً " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَرَحِمَ اللهُ امرَأً وَجَدَ خَيرًا فَدَعَمَهُ وَشَجَّعَهُ، أَو كَفَّ عَن شَرٍّ وَمَنَعَهُ " وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ ".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.32 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]