لست ابنتنا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 164 - عددالزوار : 3240 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5092 - عددالزوار : 2335410 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4677 - عددالزوار : 1630838 )           »          كيفية إعداد خطة بحث لطلاب الدراسات العليا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          طرائق وآداب تربية الأولاد على مبادئ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          حكم التعلم والتدريس في الجامعات المختلطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          ملف كامل عن ماسكات البشرة بانواعها المختلفة.محاربة الشيخوخة.البشرة الدهنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          وصفات لتبيض الجسم من المنزل.افضل الوصفات الطبيعية لتبيض الجسم من مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          كيفية العناية بالطفل فى فترة الدراسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          طرق العناية بنظافة الطفل في العام الدراسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-05-2010, 04:10 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
Angry لست ابنتنا

تفضلي يا سيدتي، هذه ابنتك متسمرَّة أمامك، تنظر إلى البعيد المبهم، سليها عن الأسباب التي وراء تصرفاتها!

هكذا ابتدأ السيد شكواه من "رنا" زوجته، ثم استطرد قائلاً: تأكدي يا عمة أنني لَم أخبر أمي أو أختي بما تفعله حرَمي المَصُون؛ لثقتي العظيمة بكم، ولعلمي الأكيد أنني سأجد حلاًّ لديكم.

نظرت السيدةُ بسمة إلى ابنتها العروس (رنا) نظرات عتاب، وقالت باستغراب وضيق:
أكاد أُجَن من تصرُّفاتك هذه، أم إن هذه الاتهامات قيلت افتراءً عليكِ؟
فأومأت رنا برأسها مشيرة إلى صحة ما يخبرُ به سامي زوجها.
ثم أكمل سامي حديثه قائلاً: إن مواقف رنا تنبع منها وتعود عليها، فأنا لا أكاد أصدِّق إصرارها على هذه المواقف، رغم قناعتها الأكيدة بعدم صحتها إطلاقًا، كان يمكن أن أتوقع مواقف أسوأ من ذلك من فتاةٍ أخرى، أما أن تتصرَّف كريمتكم هكذا، هذا الذي لا أكاد أصدقه!
أقبل والد رنا وبصوته المدوي قال: كريمتنا التي لَم تحفظ كرامتنا، أنا أريد أن أعرف: بمَ تفكر ابنتي، وماذا تريد بالضبط؟!
فقال السيد سامي بلهجة حادَّة: إن ابنتكم لم تطلب مني أمرًا عابرًا خاطئًا؛ إذ قد أغفر لها ذلك، فأحاول إفهامها والتفاهُم معها، لكن إلحاحها الغريب عليَّ لتحقيق رغباتها، وجَرِّي أو الجري بي إلى الهاوية يجعلني أتساءل: هل هذه حقًّا ابنتكم؟! ربما تكون كذلك في الحسَب والنسب، لكنها حتمًا ليست ابنتكم في الفكر والخلُق والروح.
لم يستطع والد رنا إخفاء توتُّره واضطرابه، ولَم تستطع أمُّها إخفاء أحاسيس الخزْي والخجَل من تصرُّفات ابنتها تجاه زوجها الذي تكِنُّ له أسرة رنا جميعها كلَّ احترام وتقدير.

أما رنا، فقد ارتدتْ أثواب الاضطراب، فأخذت تُرَدِّد عبارة:
أمسكوا به قبل أن يفلت منكم، ويذرني معلَّقة، دعوه يُطلقني، لا أريده، قلتُ لكم ألف مرة: لا أريده، وغطت وجهها الأصفر الشاحب بكفيها المرتجفتين.
فردَّت أمها عليها: اسكتي أيتها الحمقاء، التي لا تعرف مصلحة نفسها، وتجهل درب سعادتها، ثم التفتت نحو سامي قائلة: أكمل يا بني.
فأكمل سامي حديثه، وقال بصوت خفيض: يؤلمني أن أقف هذا الموقف، ويؤسفني أن أقول: إن ابنتكم تدرك تمامًا ما هي (الممنوعات الشرعية)، وتريدني أن آتي بواحدة على الأقل، فتكرر: يمكنك التلاعُب بحسابات الكمبيوتر، وإعطائي ما تحصل عليه بهذه الشطارة!
رفع والد رنا صوته مقاطعًا: ابنتي أنا، تريد ذلك؟! مستحيل، لا أصدق! ثم التفت نحو زوجته قائلاً: قومي يا امرأة، واستجوبي ابنتك.
ضرب والد رنا كفًّا بكف، وهو يُحَوْقل ويرتجف، وسأل سامي: لكن لِمَ تتصرَّف ابنتي رنا هكذا؟
فأجاب سامي: بالتأكيد أنا لست أقلَّ منك حيرة، لكن ربما خمنت احتمالين لتفسير هذا السلوك الغريب:
أحدهما: أنها تريد الخلاص مني أنا شخصيًّا، ولَم يشجعها أحدٌ على ذلك، ففكرت بافتعال حيلة وأسلوب ماكر؛ لضبطي في قضية أخلاقية، فتلتمس المبررات لدى الآخرين للخلاص مني.
فسأل والدها: وهل تكرهك إلى هذه الدرجة؟
أعتقد ذلك؛ فقد كانت تكرر على مسامعي عبارات: أنا لا أحبك، ولا تعجبني شخصيتك، ولا حتى شكلك، لَم أكن لأريدك؛ لكن أهلي أجبروني على هذا الزواج، كنتُ أحلم بـ.... - وتنظر إلى البعيد، ثم تكمل: المشكلة أنك تسير على صراط مستقيم، يا سيدي (تلحلح) قليلاً.

فأطرق والد رنا رأسه خجلاً، كاتمًا مشاعره الخانقة، مفتعلاً هدوء الأعصاب واتزانها، وسأل: وما هو الاحتمال الثاني؟
أن تكون رنا قد صهرتْ، ثم أعيد تشكيلها ثانية بتأثير موجات التغريب، والتي تعرضتْ لنفخها ونفثها الساعات تلو الساعات على مدى سنوات طوال، حتى غدتْ إنسانة شكلاً فقط، أشعر أحيانًا أنها مريضة، تعرضتْ لعمليات استئصال للقيَم والمبادئ، ولجراحات فكرية عميقة.
وفي الغرفة المجاورة، بدأ صوت رنا وأمها يرتفع تدريجيًّا، حتى غدا بدرجة "الخطاب الجماهيري"؛ فسهل سماعه جيدًا حين قالت الأم: كنت أظن أن الشكوى التي قُدِّمت ضدك من قِبَل مديرة مدرستك محضُ كذب وافتراء، أيتها الخبيثة، كيف تجرُئين على تقليد قوم خسفهم الله، وجعلهم عبرة العصور والدهور؛ لتلاعُبهم بالكيل والميزان.

فأجابت رنا بكبرياء وتعجرف:
اسمعي يا أمي، أنا لَم أولد خبيثة، وأنتم لم تعلِّموني الخبث؛ لكنكم تركتم الأبوابَ مشرعةً أمام الخبيثين والخبيثات، وجعلتم الأبواب موصدة أمام المصلحين والمصلحات، أنت التي سخرت من مديرة مدرستي يوم أن قالت للأمهات: "بين الأسرة المنحلَّة والأسرة التي تتبع منهاجًا تربويًّا، والتي تسمونها (الأسرة العادية) - خطوة انزلاق واحدة، هي الخطوة الأولى فقط، وأي تيار رديء - مهما كان ضعيفًا - يستطيع أن يُسبِّب انزلاقًا للواقف على السفح".
وأنت التي ضحكتِ ملء شدقيك عندما قرأتِ أبياتًا من الشعر كانت مكتوبة على لوحة، مستهلها:
وَمَنْ رَعَى غَنَمًا فِي أَرْضِ مَضْيَعَةٍ
وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ

فقلتِ معلِّقة: ما لنا وللراعي المحنكِ هذا؟! الحَمْقى المغفَّلُون كانوا وما زالوا هم المصلحين حسب اعتقادك.
أطرقت الأم، وجلست وهي تزفر زفرات حرَّى.
بينما أكملت رنا: تفاعلي كيفما شئتِ، سأكمل لكِ مشواري مع الحقيقة أو الوهم، لا أدري، فأنا يا أمي لَم أجد نفسي في الهاوية بين عشية وضحاها؛ لأنني كنتُ أنزلق عكس القوانين، كانت خطوات انزلاقي بطيئة؛ لأنني ابنة أسرة محافظة محترمة؛ لكن هذه الخطوات كانت تخضع لمؤثرات دائمة مستمرة، لا تهدأ، ولا تنام.
والمهم أن صورة سامي لم تعجبني، ولم أتفاعل معها، وأنا المعجبة (بشارل) المغني، (وكاتس) الممثل القدير، ألحانهم وأصواتهم ووجوههم الجميلة، هي التي تملأ دنياي وعالمي الجميل المحلق.
الرجل الصامت الذي تصفونه بالاتزان والوقار، لا يمكنه منحي السعادة بتقطيب جبينه، وإسماعي زفراته وأنينه، والذي يحمل لي ورودَ سعادتي هم شخصياتُ التمثيليات الساخرة، وأصحاب النِّكات الحاضرة، والقفشات الطائرة.
أنا أكره سامي وأمقته؛ بل وأحقد عليه، فليذهب هو وأمثاله إلى الجحيم ويتركني، أريد أن أنفصل عنه، وعن عالمه الجاد الكئيب، وأعود إلى غرفتي هذه، وشاشتي هذه، وكُتُبي وقصصي، ومجلاتي وأشرطتي.

كانت تسير بغرفتها وتتحدث بنشوة الثمل، ثم أمسكتْ وسادتها وقالت مخاطبة: أريد أن أعود إليكِ؛ فأنتِ التي تعرفين أسراري وآمالي وأحلامي.

أقبل والد رنا صوبها، مطأطِئ الرأس، مكفهر الوجه، محمرَّ العينين، منتفخ الأوداج، نظر إلى أم رنا نظرات قاسية متحجرة متفجِّرة بالمعاني، ثم اقترب من رنا ووجَّه إليها صفعة مدوية، وباليد الأخرى رمى لها ورقة طلاقها من سامي، فقالتْ أمها والدموع تخنقها: "أنتِ لستِ ابنتَنا".


أم حسان الحلو
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.20 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]