|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الطائفة الظاهرة أو الطائفة المنصورة
الطائفة الظاهرة أو الطائفة المنصورة ميسون عبدالرحمن النحلاوي لطالما كانت الطائفة الظاهرة موضعَ جدلٍ ومماحكاتٍ بين الجماعات المتفرقة، في محاولات لاحتكار صفة هذه الطائفة، وكلٌّ يجد نفسه على حقٍّ، وكلٌّ يجد أنه هو الطائفة المنصورة. وهذه المسألة في كل مرة تُعيدنا للتفكير والتساؤل: من تكون هذه الطائفة؟! وعند التأمل في حديثه صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أُمَّتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتيَ أمر الله وهم ظاهرون على الناس))، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطُوبى للغرباء))؛ [وكلاهما روايتا صحيح مسلم]، نجد أن العامل المشترك بينهم هو القلة في العدد، والغربة في الدين. وقلة العدد تدل عليها كلمة طائفة؛ جاء في لسان العرب: "والطائفة من الشيء: جزء منه؛ وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2]؛ قال مجاهد: الطائفة الرجل الواحد إلى الألف، وقيل: الرجل الواحد فما فوقه، ورُوِيَ عنه أيضًا أنه قال: أقلُّه رجل، وقال عطاء: أقلُّه رجلان، يُقال: طائفة من الناس، وطائفة من الليل؛ وفي الحديث: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق))؛ الطائفة: الجماعة من الناس، وتقع على الواحد كأنه أراد نفسًا طائفة، وسُئِل إسحاق بن راهويه عنه فقال: الطائفة دون الألف، وسيبلُغ هذا الأمر إلى أن يكون عدد المتمسكين بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ألفًا يُسلِّي بذلك ألَّا يُعجبهم كثرة أهل الباطل". ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: "هذا الحديث حديث ثابت متواتر من جهة استفاضة ثبوته عند الأئمة، ومُخرَّج في الصحيحين من غير وجه وفي غيرهما، وهذا الحديث فيه تقريرٌ لكون الأمة سيدخلها افتراق واختلاف في مسائل أصول الدين؛ ولهذا وصف عليه الصلاة والسلام هذه الطائفة بأنها الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، وأنهم على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم"؛ [انتهى من شرح حديث الافتراق (1/ 31)]. وعلى هذا؛ فإن الطائفة المنصورة - إذًا - لن تكون حزبًا، ولا جماعة - بمفهوم الجماعات والأحزاب اليومَ - ولا مذهبًا، ولا طريقة، بل هي طائفة، عدد قليل، لا يلزمهم التجمُّع، ولا تؤطُرهم صفة الأحزاب والمذاهب والفِرَقِ. صفة هذه الطائفة: وصفتهم أنهم قائمون بأمر الله، حاملون لواء الدفاع عنه ونصرته في كل الظروف والمناسبات، وأنهم طائفة منصورة ظاهرة، لا يضرهم خِذلانُ العدوِّ والصديق، ولا خذلان مَن ترك نصرتهم ومعاونتهم، وهم كذلك حتى يأتي أمر الله، وقيل: إن أمر الله هنا هو الريح الطيبة تكون قبل قيام الساعة، تقبِضُ أرواح المؤمنين. وأما الزيادة المذكورة في الحديث وهي: ((فقيل: من هم يا رسول الله؟ قال: هم في بيت المقدس))؛ [رواها الإمام أحمد في المسند، وضعَّفها الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة]. وعلى فرض صحة هذه الرواية، فالمراد بذلك: أنها تكون بالشام في بعض الأزمنة، كما سيكون ذلك في آخر الزمان. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والمراد بالذين يكونون ببيت المقدس: الذين يحصرهم الدَّجَّال إذا خرج، فينزل عيسى إليهم فيقتل الدجال"؛ [انتهى، من فتح الباري]. أي: إنهم يكونون في الشام في آخر الزمان، عند ظهور المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجال. فلا يلزم هذه الطائفة أن يكونوا مجتمعين في منطقة معينة، أو بلد واحد، أو مؤطرين تحت مسمًّى واحد، بل هم متفرقون في أرض الله، فلا يُعقَل أن يكون كل الصالحين ممن يتصفون بهذه الصفات في بلد واحد من بلاد الله، أو أن يكونوا حكرًا على جماعة معينة، أو حزب معين. زبدة القول: إن الطائفة المنصورة أو الطائفة الظاهرة هي كلُّ مَن تمسَّك بكتاب الله وسنته تمسُّكًا صادقًا صحيحًا، ونافح عن رسالة الله وذاد عنها، محاربًا كلَّ هوًى في نفسه، وكلَّ كِبْرٍ في قلبه، غيرَ متعبد في محراب المصلحة، منكرًا لها كإله، فلم يحرِّم ولم يحلِّل على هواه، ولم يوالِ ولم يعادِ حسب الظروف والتأويلات، ولم ينصِّب نفسه مشرِّعًا من دون الله. وأخيرًا، فإن صفات هذه الطائفة موجودة في القرآن الكريم، في كل سورة منه تجد لهم عددًا من الصفات، فإذا أردت أن تعرف نفسك أنك منهم أو لست منهم، فاعرض نفسك على كتاب الله. اللهم اجعلنا منهم. اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه. هذا، والله أعلم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |