القول البديع في علم البديع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         بيان فضل القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شوق وهيام إلى البلد الحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عماد الحاضر، وأمل المستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أسرى بدر ومدرسة التربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وصية الإمام أبي حنيفة ليوسف السَّمْتي يوم تخرُّجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          المسجد الأقصى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أدركته صلاة الجماعة ولم يكن متوضئا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          فضل الصلاة في مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كف عن الشكوى وابدأ العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حول قوامة الرجال ، وولايتهم على النساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2022, 07:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (1/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل


المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن تبعه ووالاه إلى يوم الدين.

أما بعد:
فمنذ أن وفقني الله في العثور على نسخة مخطوطة من كتاب "القول البديع في علم البديع"، للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي، وأنا أُمَنِّي النفس بالتفرغ لتحقيقها ونشرها؛ ليقف القارئ الكريم على أنموذج من مؤلَّفات الشيخ مرعي لم يكن معروفًا به من قبل، فقد عُرف عن هذا الإمام كثرةُ مؤلَّفاته في الفقه، والحديث، والعقيدة، ومع إسهامه بالتأليف في موضوعات اللغة العربية من لغةٍ، ونحو، وتصريف، وبلاغة، فلم يُقيَّض لهذه الكتب أن تكون في متناول الباحثين.

ولهذا حرَصتُ على البحث عن نسخةٍ أُخرى من كتاب "القول البديع"، فوفَّقني الله للحصول عليها، وما أن شرعت في تحقيق الكتاب، حتى صادفتْني عقبةٌ كأداء، وهي وجود عدد كبير من الشَّواهد الشعرية لم أتمكَّن من معرفة قائليها، مع ما بذلته من جهدٍ في البَحث والتنقيب في دواوين الشعر ذات الصبغة البديعيَّة، أمثال: "ديوان البستي"، و"ديوان ابن نباتة"، و"ديوان ابن سناء الملك"، و"ديوان الميكالي"، وغيرهم، مع أنِّي استطعت - بفضل الله - عزو كثير مما أورده المؤلف دون عزو، إلا أنَّ وجود أكثر من ثمانين شاهدًا لم أتمكَّن في بادئ الأمر من معرفة قائليها، مع ما بذلتُه من جهد، كان سببًا في التفكير بالانصراف عن إتمام تحقيق الكتاب، وانصرفت إلى أعمالٍ أُخرى، فأنجزتُها بفضل الله وتوفيقه، وعاودني الحنين إلى إتمام الكتاب، وشرعت في تقليب المصادر المخطوطة بعد أنِ استنفدت البحثَ في المطبوعة، ومع ذلك فقد قلَّبتُ كثيرًا من كتُب البديع المخْطوطة.

وفي يومٍ رغب إليَّ أحد أقاربي في طلَب الشَّفاعة له في موضوعٍ له علاقة بإحْدى المؤسَّسات التعليميَّة، وكرِهت تحقيق طلبه؛ لأنَّ ذلك سيأخذ مني وقتًا خصَّصتُه للبحث عن شواهد كتاب مرعي، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[1]، فذهبتُ مع قريبي إلى صديق عزيز، وأستاذ فاضل - أحسن الله إليه، ورفع درجاته - إذْ إنَّه أنصف قريبي وحقَّق له طلبه، جعل الله ذلك في موازين حسناته، وما أن علمتْ والدته - وهي جدة عليٍّ لأمه - حتى هاتفَتْني وأسمعتني من الدعاء لي ولذلك الصديق الكريم ما أثْلج صدري، وطلبتُ منها - وهي امرأة أحسَبُها صالحة، والله حسيبها - طلبت منها أن تدعو لي بأن ييسر الله أموري، فألحَّت بالدعاء بذلك، وودعتها مولِّيًا وجهي شطر قسم المخطوطات في جامعة الملك سعود، فطلبت - كالعادة - مجموعة من الكتب، كان أوَّلها كتاب: "زهر الربيع في شواهد البديع"، لابن قرقماس المصري، وكانت المفاجأة السارة لي أن وجدت في أول الكتاب عددًا من الأبيات التي كانت مجهولة القائل، وكلَّما قلَّبت أوراق المخطوط، ظهر لي مزيدٌ من الأبيات التي كنت أبحث عنها، وتبيَّن لي أنَّ المؤلف مرعيًّا الحنبلي أفاد كثيرًا من شواهد هذا الكتاب، التي نظمها مؤلِّفه ابن قرقماس المصري!

وحمدت الله - عزَّ وجلَّ - على توفيقه، وعلمت أنَّ هذا التيسير كان من توفيقه - جل وعلا - أوَّلاً، ثمَّ من دعاء المرأة الصالحة، ولم يكن لي أن أشغل القارئَ الكريم بِهذه الحكاية الخاصَّة، لولا رغبتي في التحدُّث بنعمة الله عليَّ، والتأكيد على أنَّ فِعْل الخير والدَّعوة الصَّالحة من الأسباب المعينة على تَجاوز العقبات.

وحين أقدِّم هذا الكتاب محقَّقًا، فإنِّي آمل أن أكون ممَّن أسهم في نشر تراث أسلافنا على وجه مرضٍ مقبول، فقد حرصت على التَّعليق على نص المؤلف بما يخدم القارئ الكريم، ملتزمًا بقواعد التَّحقيق العلمي، وقدَّمتُ دراسة مختصرة تحدَّثت فيها عن المؤلف، واقتصرت على الإيجاز في ذلك؛ لكثرة المترْجِمين له، وأحلْتُ على مصادر ترجمته، ولأني لن آتي بجديد في ترجَمته، كما اقتصرت في عرْض مؤلَّفاته على ما ألَّفه في علوم العربية فحسْب، مع أنَّ مؤلفاته ترْبو على المائة كما أشار مترْجِموه.

كما تحدَّثت في الدراسة عن الكتاب، فوثَّقت نسبته إلى المؤلف، وحققت نص عنوانه، وأوضحت منهج المؤلف فيه، وبيَّنت قيمة الكتاب العلميَّة من خلال تقويمي لعمل المؤلف في مفهومه للبديع، وطريقة عرضه لأبوابه، وترتيبه لها، وموقفه من المصطلح البديعي، وتعريفه للنوع، وتقسيمه له، وشواهده وأمثلته، ثم رصدت مصادره التي اعتمد عليها، سواء ما صرح به أم ما أفاده دون تصريح.

وهأنا - أيُّها القارئ الكريم - أقدم لك الكتاب، مع يقيني أن كل عمل بشري يَعْتوره النقصُ؛ لذلك آمل أن يتكرم عليَّ أحبتي القُرَّاء بما يرونه نقْصًا لأتمه، أو خطأ لأصوبه، أو خللاً لأسدده، أو عوجًا لأقوِّمه.

وقبل الختام:
أحمد الله - جل وعلا - على نعمه التي لا تحصى، ومننه التي لا تنسى، كما أدعوه - سبحانه - أن يُجزل المثوبة لكل من أفدتُ منه واسترشدت برأيه، من الأساتذة الفضلاء، والزملاء الكرام، وأخصُّ بالشكر الأخَ العزيز الدكتور/ حسن بن محمد الحفظي، الذي أفدتُ منه في تَحديد أوْزان ما أشْكل عليَّ من أشْعار في هذا الكتاب، والزَّميل الكريم الدكتور/ عبدالله بن صالح العريني، على تكرُّمه بقراءته، وتزويدي ببعض ملحوظاته، كما أشكر أخويَّ الكريمين: أبا عبدالرحمن عبدالله بن محمد الصامل، وأبا عبدالعزيز ملاقي بن علي الصامل، على مساعدتهما لي في مقابلة النُّسختين، وأدعو الله العليَّ القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحْبِه أجْمعين.

الدراسة:
أوَّلاً: المؤلف: مرعي الحنبلي:
- اسمه ونسبه، ومولده ووفاته.
- مؤلفاته.
- عقيدته ومذهبه.

ثانيًا: كتابه "القول البديع في علم البديع":
- توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف.
- تحقيق اسم الكتاب.
- سنة تأليف الكتاب.
- تقويم الكتاب:
- القيمة العلمية للكتاب.
- مفهوم البديع عند المؤلف.
- طريقة عرض فنون البديع عند المؤلف.
- طريقة ترتيب فنون البديع عنده.
- المصطلح.
- التعريف.
- التفريق بين المتشابهات.
- التقسيم.
- الشواهد والأمثلة.
- الإيطاء وجناس القافية عند المؤلف.
- مصادره.

أولاً: المؤلف:
هو مرعي[2] بن يوسف بن أبي بكر بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي، أحد أكابر علماء الحنابلة في مصر.

ولد في (طور كرم) بفلسطين، وإليْها ينسب حين يقال: الكرمي، رحل إلى مصر فأقام بها واشتغل بالتَّدريس والتأليف، حتى مات فيها - رحمه الله - في شهر ربيع الأول سنة 1033هـ، وذكر ابن حُميد[3] في "السحب الوابلة" أنه رأى بخط شيخ مشايخه محمد بن سلوم نقلاً، أنَّ وفاتَه ضحْوة يوم الأربعاء، لخمس بقيت من ذي القعدة سنة 1032هـ.

مؤلفاته:
رصد المترجمون للمؤلِّف عددًا من الكتب، زادت على سبعين كتابًا[4]، وأشار[5] الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين أنه دوَّن في مذكَّراته كتُبًا للمؤلف، لم يذكرها من ترْجَم له، شارفت مائة كتاب.

ولن أعدِّد كتبه؛ لأنَّ عملي سيكون تَكرارًا لعمل أولئِك الأفاضل الذين رصدوا مؤلَّفاته؛ بل سأقتصر على الحديث عن كتبه اللغوية والأدبية فحسب، وهي:
1- بديع الإنشاء والصفات والمكاتبات والمراسلات، وهو من كتُب الإنشاء والمراسلات، فيه توجيهات للكتَّاب، طبع طبعة قديمة[6].

2- تسكين الأشواق بأخبار العشَّاق، ولعله مجموعة من أخبار العشاق كما يوحي عنوانه، فلا أعرف عنه غير ذكر البغدادي[7] له.

3- دليل الطالبين لكلام النحويين، وهو كتاب في النحو كما يظهر[8].

4- الغزل المطلوب في المحب والمحبوب، وهو كتاب يشمل مجموعة كبيرة من شعر المؤلف، وقد وقفت على نسخة مخطوطة[9] منه، خرجتُ منها بعض شعره الذي أورده في كتاب "القول البديع"، ولم أقِف على مَن ذَكر هذا الكتاب باسمه قبْلي، ومع أنَّه ورد آخر الكتاب العبارة التالية: "تمَّ الديوان المبارك بحمد الله وتوفيقه"، إلاَّ أنِّي أراه لم يشتمِل على كل شعر المؤلف؛ لأنَّه وردت بعض الأبيات في "القول البديع" نسبَها المؤلف لنفسه، لم ترِدْ في هذا الديوان، فلعله اقتصر فيه على أشْعار الغزل كما يوحي عنوانه!

5- قرة عين الودود بمعرفة المقصور والممدود، ذكره البغدادي[10].

6- القول البديع في علم البديع، وهو هذا الكتاب.

ومن هذا الغرض يتبين أن المؤلف (مرعيًّا) - رحمه الله - شارك في التأليف بعلوم العربية كلها من لغة، وتصريف، ونحو، وبلاغة، وأدب.

عقيدته ومذهبه:
وُصِف - رحمه الله - بأنه سلفي العقيدة، حنبلي المذهب في الفروع، ينافح ويدافع عن مذهبه وعقيدته، عاشقًا لهما، يدل على ذلك أنه ألف في التوحيد "أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات"، وقد اختار فيه مذهب السلف وارتضاه، وأيَّده بالنقول الضافية عن الأئمَّة الذين لهم قدم راسخة في هذا الباب، ممَّن هم مشهود لهم بالاستقامة والسداد، وجودة الفهم وحسن الاستنباط[11].

ومع هذا الثناء، فإنَّ المؤلف - رحمه الله وعفا عنَّا وعنه - وقع في بعض المخالفات، مثل ما حصل منه حين استشْهد بآية الاستِواء في باب التورية، ولا يُعْفيه أنه تابَعَ أولئك الذين نقل عنهم بعض مادَّة كتاب "القول البديع"؛ لأنه كان بالإمكان ألاَّ يذكر تلك الآية، وقد علقت عليها في موضعها.

كما أنَّ الأخ العزيز الدكتور/ عبدالرحمن بن سليمان العثيمين علَّق على أحد الأبيات التي ذكرها ابن حميد في ترجمة مرعي، وهو قوله:

أَشْكُوكَ لِلمُصْطَفَى زَيْنِ الوُجُودِ وَمَنْ أَرْجُوهُ يُنْقِذُنِي مِنْ هَجْرِ مَنْ هَجَرَا

قال الدكتور عبدالرحمن العثيمين - حفظه الله -: "هذا فيه سوء أدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعلُّق بغير الله، هذا إذا لم تَكُنْ من الغزل الصوفي المقيت، والشعر الإشاري الرمزي، وفيه من الانحراف ما لا يخفى"[12].

قلت: وفي ديوانه "الغزَل المطلوب" من هذه العيِّنة ما يلفت النظر - عفا الله عنا وعنه.

ثانيًا: كتاب "القول البديع في علم البديع":
توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف:
لم يشكِّك أحدٌ في نسبة هذا الكتاب لمرعي بن يوسف الحنبلي، ولكن بعض الَّذين ترجموا له لم يذكروا هذا الكتاب من ضمن ما ذكروه من مؤلَّفاته، كما فعل المحبِّي في "نفحة الريحانة"[13].

وكذلك بعض الأفاضل الذين حقَّقوا بعض كتبه، فإنَّهم لم يذكروه مع ما ذكروا من كتبه كما فعل عبدالله عمر البارودي، الذي حقَّق "دليل الطالب لنيل المطالب"[14]، وأبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان الذي حقَّق "تحقيق البرهان في شأن الدخان الذي يشربه الناس الآن"[15].

وهذا الأمر لا يعد دليلاً على التَّشكيك في نسبة الكتاب للمؤلِّف؛ لأنَّ الذين يترجمون له لا يزعُمون أنهم يستقصون كل كتبه؛ فإنهم يذكرون ما يعرفونه أو يقفون عليه، وعدم معرفتهم، أو عدم اطِّلاعهم ليس دليلاً على التشكيك في نسبته، وكذلك الحال بالنسبة للمحققين، فليس كل محقق مطالبًا بتعداد جميع مصنفات المؤلف إلا إن صَرَّح بذلك، وألزم نفسه به.

ومع ذلك فإني أرْغب في ذكر أدلَّة ثبوت نسبة الكتاب لمرعي الحنبلي؛ حتى لا يكون هناك بادرة شك عند القارئ الكريم، ومن هذه الأدلة:
1- إجماع النسختين المخطوطتين على نسبة الكتاب لمرعي الحنبلي في صفحتي الغلاف، وفي مقدمة الكتاب التي صُدِّرت بـ: قال شيخنا العلاَّمة ... مرعي بن يوسف الحنبلي.

2- ما ورد في ثنايا الكتاب من استِشْهاد المؤلِّف بشعره الذي ذكره بعض المترجمين له، وورد في ديوانه المسمى "الغزل المطلوب في المحب والمحبوب" كما ستراه في ثنايا الكتاب.

3- ذِكْرُ عددٍ من المترجمين لمؤلِّف هذا الكتاب ضمن مؤلفاته، ومن هؤلاء: العامري في "النعت الأكمل"[16]، وابن حميد في "السحب الوابلة"[17]، وذكره إسماعيل البغدادي في "إيضاح المكنون"[18].

4- ذِكْرُ بعض المحققين لعدد من كتبه هذا الكتابَ من مصنفاته، ومنهم: شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لكتاب "أقاويل الثقات"[19]، والدكتور نجم عبدالرحمن خلف في تحقيقه لثلاثة من كتُبِه هي: "الشهادة الزكية"[20]، و"الكواكب الدرية"[21] و"مسبوك الذهب"[22].

تحقيق اسم الكتاب:
ورد لهذا الكتاب عنوانان يختلفان في كلمة واحدة فحسب:
الأول: "القول البديع في علم البديع"، جاء في صفحة الغلاف للنسخة التي اتخذتُها أصلاً.

الثاني: "القول البديع في فن البديع"، جاء في صفحة غلاف النسخة الثانية.

والذي أراه أن العنوان الأوَّل هو اسم الكتاب؛ للأسباب التالية:
1- ورد هذا العنوان في النُّسخة التي نقلت عن نسخة المؤلف.

2- ورد هذا الاسم صريحًا في النسختين معًا في مقدمة المؤلف، حين قال: "وسميته: القول البديع في علم البديع".

3- مجيء هذا العنوان في عدد من مصادر ترجمة المؤلف؛ مثل: "النعت الأكمل" للعامري[23]، و"السحب الوابلة" لابن حميد[24]، و"إيضاح المكنون" لإسماعيل البغدادي[25].

4- لأنَّ المؤلف أراد بكلمة (البديع) المعنى الاصطلاحيَّ عند المتأخرين، الذين جعلوه ثالثًا لعلمي المعاني والبيان؛ بدليل تصْريح المؤلِّف بأنَّه علم، حين أراد تعريفَه، وتقسيمَه إلى لفظي ومعنوي، واقتِصاره إلى حدٍّ ما على فنون البديع الاصطلاحية.

5- ولأن العنوان الثاني (القول البديع في فن البديع) لم يَرِد إلاَّ في صفحة عنوان النسخة الثانية، وهي النسخة التي فيها شيء من التحريف، كما أنَّ هذا العنوان كُتب بخط مغاير لما كتبت به بقيَّة النسخة، ويضاف إلى ذلك أنَّ الاسم الأوَّل ورد في مقدِّمة النسخة الثانية؛ مما يؤكد حصول التحريف في العنوان الثاني.

6- ومع أنه يرد وصْف البديع بأنَّه فن، كما حصل من المؤلِّف نفسِه في باب الاكتفاء، إلاَّ أنَّني أرى المناسب لمنْهَج المؤلِّف أن يوصف بالعِلم لا بالفنِّ؛ لأنَّ الفنَّ يصلُح وصْفًا حين تكون الدِّراسة تطبيقيَّة، تنظر إلى فنون البديع في النُّصوص، وتتأمَّل حسن مواقِعِها، أما حين تكون الدراسة تنظيريَّة - كما هو حال الكتاب - فإنَّ الأنسب له وصفه بالعلم، والله تعالى أعلم.

سنة تأليف الكتاب:
لا مجال للاجتِهاد في تحديد سنة تأليف الكتاب؛ إذ ورد في آخر المخطوط بنسختيْه أنَّ مؤلفه أنْهاه بخطه بالجامع الأزهر في أواسط ربيع الأول عام 1030هـ؛ ولذلك فهذا الكتاب يُعَدُّ من أواخر ما كتبه المؤلف - رحمه الله.

تقويم الكتاب:
القيمة العلمية للكتاب:
لم يَدَّعِ المؤلف في مقدمته أنه سيأتي بما لم تأتِ به الأوائل، بل أشار إلى أنَّ هذا المؤلَّف مشاركة منه في تدوين "فرائد في معرفة أنواع البديع، وفوائد في غاية التهذيب والترصيع"، وصرَّح بمراعاته للاختصار في العرْض والتمثيل، ومع ذلك فيمكن إجْمال ما يتميز به الكتاب في الآتي:
1- أنَّه أوَّل كتاب تراثي أفرد (البديع) بمعناه الاصطلاحي بمؤلَّف خاص، ولم يسبقه - فيما أعلم - إلاَّ ابنُ جابر الأندلسي (780هـ) في بديعته المسمَّاة "الحلة السيرا في مدْح خير الورى"، التي اقتصر فيها على نظم البديع الاصطِلاحي كما هو في كتاب القزويني، وقد شرح هذا البديعيَّةَ ابنُ مالك الرعيني (779هـ) في كتابه: "طراز الحلة وشفاء الغلة".

2- أنَّه يكشِف عن مشاركة مرعي الحنبلي في التَّأليف البلاغي، وهذا الأمر يَخفى على كثير من المؤرخين للبلاغة العربية.

3- أنَّ المؤلِّف أفاد من مصادر، منها مصادر غير معروفة عند كثير من المشتغلين في علم البلاغة، مثل كتاب "زهر الربيع في شواهد البديع"، لابن قرقماس، ولا يزال الكتاب مخطوطًا.

كما أنَّه نقل عن مصادر لم تَحظ بشيءٍ من الانتِشار، كما هو حال كتاب النواجي "الشفا في بديع الاكتفا".

4- أنه يُعدُّ إضافة إلى إسهام الحنابلة في التأليف البلاغي، وهم من أقل أصحاب المذاهب الأربعة مشاركة في التَّأليف البلاغي، والذي أعرفه من مؤلَّفاتهم:
- "الشعار في علوم الأشْعار"، لسليمان بن عبدالقوي الطوفي (716هـ)، لدي منه نسخة مخطوطة، وقد شرعت في تحقيقه.
- "حسن التوسُّل إلى صناعة الترسل"، لشهاب الدين محمود الحلبي (725هـ) كتاب مطبوع محقق.
- "التوصل بالبديع إلى التوسل بالشفيع"، لعز الدين الموصلي (789هـ)، لدي منه نسخة مخطوطة.
- بديعيَّة عيسى بن حجاج (807هـ)، وهي بديعيَّة على طريقة صفي الدين الحلي، إلاَّ أنَّها رائية، ولا أعرف عنها إلاَّ ما ذكره المترجمون[26].
- "بديع المغاني في علم البيان والمعاني"، لعز الدين المقدسي (846هـ)، ولا أعرف عنْه إلاَّ اسمه الذي أورده ابن مفلح[27]، وابن حميد[28].

5- أنه من الكتب البلاغية القليلة التي تكاد تخلو من مخالفة معتقد أهل السنة، ولم أقف - في هذا الكتاب - إلاَّ على مخالفتين: واحدة في باب التورية، علقت عليها في موضعها، والأخرى استشهاده ببيتٍ لابن الفارض في باب الاكتفاء دون أن يعلِّق عليه.

أمَّا التساهل في الاستِشْهاد ببعض الأمثلة المشتمِلة على شيء من الغزل، فمع كثرتِها لم ألحظ شيئًا نابيًا، أو لفظًا مكشوفًا.

مفهوم البديع عند المؤلف:
مع أنَّ المؤلِّف صرَّح في مقدمته بأنَّه سيقتصر على البديع الاصطلاحي، أكَّد ذلك: تسميته لكتابه "القول البديع في علم البديع"، ونقْله لتعريف البديع عن السَّعد التفتازاني، وتقْسيمه للبديع إلى لفظي ومعنوي.

مع ذلك كله، فإنَّ المؤلِّف لم يلتزم بالاقتِصار على فنون البديع الاصطلاحي؛ إذ ذكر عددًا من الألوان البلاغيَّة لا تدخل في مفهوم البديع الاصطلاحي، مثل: الإطناب والإسهاب[29]، مع أنه ذكر ذلك استِطْرادًا، ومعلوم أنَّ الإطناب من علم المعاني، كما ذكر القسَم والدعاء[30]، وهما من علم المعاني أيضًا.

كذلك ذكر الكناية[31] والتَّمثيل[32]، وهما من علم البيان.

ولعلَّه انساق وراء ابن أبي الإصبع، الَّذي حشد في كتاب "تحرير التحبير" أكْثَرَ من عِشْرين ومائة نوعٍ، جلُّها يندرِج في مفهوم البديع الاصطِلاحي، ومنها ما يدخُل في مفهوم عِلْم البيان عند المتأخِّرين، وفيها عدد يمكن تصنيفه ضمن موضوعات علم المعاني، وإن كان ابن أبي الإصبع لا ضيرَ عليْه في ذلك؛ لأنَّ مفهوم البديع عنده عامٌّ شامل، يكاد يكون مساويًا لمفهوم البلاغة عند المتأخرين، فإنَّ الضير يقع على مرعي الحنبلي؛ إذ أدخل في البديع ما ليس منه.



وللموضوع تتمة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-03-2022, 07:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (1/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل



طريقة عرض فنون البديع عند المؤلف:
التزم المؤلف - رحمه الله - بِذِكْر لفظة (باب) قبْل جلِّ الفنون التي ذكرها، إلاَّ أنَّه خالف ذلك حين جعل (تأكيد المدح بما يشبه الذَّمَّ) بابًا، فلمَّا انتهى منه، قال: ومنه، ثم ذكر[33] (تأكيد الذم بما يشبه المدح)، وهما بابان عند البلاغيين.

وفي آخر الكتاب، وبعد أنِ انتهى من باب الاستخدام، قال: "ومن أنْواع البديع" ثم ذكر[34]: نفي الشَّيء بإيجابه، والسلب والإيجاب، والتَّرشيح، ولعلَّه تنبَّه لها بعد أنِ انتهى من كتابه ثم أضافها.

أمَّا إدراجه بعض الفنون على أنَّها أقسام لبعض الأنواع البديعيَّة، مع أنَّها وردت عند عدد من البلاغيِّين منفصِلة، فهذا كثيرٌ عنده، سأشير إليْه بعد قليل حين أتحدَّث عن تقسيمه للأنواع البديعيَّة.

طريقة ترتيب فنون البديع عنده:
ليس للمؤلِّف طريقة محدَّدة في ترتيب فنون البديع، وتقديم بعضها على بعض، اللَّهُمَّ إلا فصل البديع اللفظي عن المعنوي.

ومع ذلك، فقد كان يعرض بعض الفنون المتقاربة بجوار بعض، كما في الجمع والتفريق والتقسيم، أو التَّكميل والاحتِراس.

المصطلح:
عُنِي المؤلف في بعض المواضع بذِكر مصطلحات أُخْرى للفن البديعي الذي يتحدث عنه، ولم يكن يوازن بين هذه المصطلحات، أو يرجِّح بعضها؛ فقد ترجَّح عندي أنَّه في ذِكْرِه لتلك المصطلحات كان متأثِّرًا بابن أبي الإصبع، وابن قرقماس.

وكنت أظن أنَّ المؤلِّف سيناقش بعض المصطلحات التي أبدى بعضُ البلاغيين اعتراضَه عليها، كما حصل من بهاء الدين السبكي في مصطلح (التشريع)، إلاَّ أنِّي لم أجد للمؤلف مناقشة، على الرَّغم من إسهامه الكبير في التَّأليف في الموضوعات التشريعية.

التعريف:
دأب المؤلِّف على اختيار التعريفات السَّهلة الواضحة الموجزة التي تحدد مفهوم النوع البديعي.

وقد يورد - أحيانًا - تعريفاتٍ يفهم منها أنَّها خاصَّة بالشعر، ومع ذلك يذكر لها أمثلة من القرآن الكريم، كما حصل في بابي: التخْيِير[35] والاتِّساع[36]، وكان عليه إمَّا إعادة صياغة التعريف، أو الالتزام بدلالته وعدم التَّمثيل لذلك النوع بالشعر.

التفريق بين المتشابهات:
ينبِّه المؤلف - رحمه الله - على وجود تشابه بين بعض الفنون البديعية، ويبين الفرق بينها، كما هو الحال في:
تفريقه بين: التوشيح والتصدير[37]، والإيضاح والتفسير[38]، والتكميل والتتميم[39]، والتهكم والهجاء[40]، والهزْل الَّذي يُراد به الجدّ والتهكُّم[41].

وقد يشير إلى التَّشابُه دون أن يذكر التَّفريق بينها، كما حصل في باب التقسيم[42]؛ إذ ذكر أنه يشبه التفويف، ولم يبين ما بينهما من فرق.

وقد تتداخَلُ عنده بعضُ الأنواع، كما حصل بين التَّضْمين والعقد، أو الاقتباس والتضمين، وربَّما كان ينطلق من رؤيته في أنَّهما يندرجان في باب واحد.

التقسيم:
مع أنَّ كتابه مختَصَر، إلاَّ أنَّه حرص على تَحديد أقسام كثير من الأنواع، كما حصل في التوشيع؛ إذْ قسَّمه إلى: ما دلالته لفظيَّة، وما دلالته معنويَّة.

وتقسيمه للتَّورية، وللإفراط بالصِّفة، والتَّضمين.

وقد ينطلق في هذا التقسيم من رؤيته في جَمع عدد من الفنون البديعيَّة في باب واحد، كما حصل في باب التَّضمين؛ إذْ جعل منه: الاقتِباس، والرَّمْز، والإيداع، والاستِعانة، والتلميح، وهذا ملحظ جيد من المؤلف - رحمه الله - إذْ إنه جمع للأنواع التي يمكن أن تنضوي تحت باب واحد.

الشواهد والأمثلة:
مع صغر حجم الكتاب، وتصريح المؤلِّف برغبته في الاختصار، إلاَّ أنَّه يشتمل على عدد طيب من الشواهد والأمثلة: من كتاب الله العزيز، ومن حديث المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه - ومن أقوال العرب وأشعارهم، ويمكن تدوين الملحوظات التالية على شواهده وأمثلته:
1- أنه - كغيره من المؤلفين - يقتصر على جزء من الآية حين يذكرها، ويقتصر على موضع الشاهد فحسب.

2- قلَّة استشهاده بالحديث مع اشتِغاله بعلومه، والأنكى من ذلك أنَّه قد يعتمِد في ذكر شاهد من الحديث على نقْله عن كتاب بلاغي، كما حصل في نقْلِه عن ابن أبي الإصبع المصري.

3- لم يَحرص المؤلِّف على نسبة كثير من الشَّواهد لأصحابها، وقد عانيت من ذلك كثيرًا، حتَّى يسَّر الله لي معرفة المصادر التي اعتمد عليها دون أن يصرِّح بها.

ومن الغريب أنَّه قد يسمِّي الممدوح بالأبيات، ولا يسمِّي صاحب الأبيات، كما حصل في باب (المخلص)؛ ولعلَّ السبب أنَّها لابن قرقماس، الَّذي أكثر من الاستِشْهاد بشعره دون أن يُسَمِّيه؛ خشية أن يؤدِّي ذلك إلى اكتشاف مصدره! أو لعلَّه لسبب آخر لا أعلمه.

4- كثرة استشهاده بشعر ابن قرقماس، وفد أفاد ذلك من كتاب "زهر الربيع"، الَّذي ألَّفه ابن قرقماس وضمَّنه من شعره شواهدَ على جُلِّ فنون البديع، بل إنَّ المؤلف - رحمه الله - كان يستند إلى أشعار ابن قرقماس، فينثُر بعضها، ويجعلها أمثلة مصنوعة، ويأخذ موضع الشاهد من بعضها ويعيد نظمها، ويبدو لي أنَّ كلَّ الأبيات التي لم أتمكَّن من معرفة قائلها إمَّا أن تكون لابن قرقماس، أو تكون للمؤلِّف؛ لأنَّه تصرَّف في نظْمِها بعد أن أفاد من شعر صاحبه فيها.

5- حين يلقي القارئ نظرة على أصْحاب الشواهد الشعرية - بعد أن يسَّر الله لي معرفة معظمِها - فإنَّه يستطيع الحكم على جودتِها الفنِّيَّة بصفة عامَّة؛ لأنَّها تضمنت شواهد لفحول الشعراء في العصور المختلفة، إلاَّ أنَّ بعضها - وبخاصَّة أبيات ابن قرقماس - يظهر على كثير منها التكلُّف والصنعة.

6- قد يعتمد على أحد مصادره في نقل الشاهد، ولكنَّه يغيِّر في الشاهد تغييرًا يفقد البيت صحَّة الاستشهاد به، كما حصل في باب التَّوليد؛ إذ غيَّر لفظة في بيت ابن أبي الإصبع هي موضع الشَّاهد.

وقد يتصرَّف المؤلف في نقل مناسبة الشاهد؛ لرغبتِه في مخالفة المصْدر، كما حصل في باب الهجاء في معرض المدْح، إذ ذكر بيتَي ابن سناء الملك:



لَوْ شَاءَ مِنْ رِقَّةِ أَلْفَاظِهِ أَلَّفَ مَا بَيْنَ الهُدَى وَالضَّلالِ
يَكْفِيكَ مِنْهُ أَنَّهُ رُبَّمَا قَادَ إِلَى المَهْجُورِ طَيْفَ الخَيَالِ



وسكت عن ذكر المناسبة، مع أن مصدره الذي اعتمد عليه جعل البيتين في وصف (قوَّاد)! وربَّما أراد التورُّع في ترك ذلك، وقد بيَّنت في التحقيق أنَّ المناسبة التي ذكرها ابن أبي الإصبع غير صحيحة؛ فالبيتان في وصْف صديق مصلح، وليس في قوَّاد، بدليل أنَّ البيت الذي قبلهما:


لِي صَاحِبٌ أَفْدِيهِ مِنْ صَاحِبٍ حُلْوُ التَّأَنِّي حَسَنُ الاحْتِيَالِ



وقد ورد نصٌّ في ديوان ابن سناء الملك يبيِّن أنَّ المناسبة في صديق مصلح، وعلى هذا فلا يصح الاستِشْهاد بهذه الأبيات في هذا الباب؛ فليست في الهجاء كما زعَم ابن أبي الإصبع وتابَعَه المؤلِّف.

7- كثرة شواهد الغزل، وخلوها من المعاني الفاحشة، والألفاظ النابية، إلاَّ في مواضع يسيرة، مما فيه تغزُّل بالغلمان.

الإيطاء وجناس القافية عند المؤلف:
عرض المؤلف - رحمه الله - في مقدمة حديثه عن الجناس، للحديث عن الإيطاء، وذكر رأي مَن قال: إنَّ الإيطاء من عيوب القوافي، وإن اختلف معنى الكلمة، وعقَّب على ذلك بقوله: "وهذا يؤدِّي إلى سد باب كبير من أبْواب البلاغة، وهو غالب الجناس المماثل"[43].

وهذا الموقف من المؤلِّف ممَّا يُحْمَد له، بل إنَّ هذه الظَّاهرة تعدُّ نوعًا مستقلاًّ من أنواع الجناس، سمَّاه المظفر العلوي: تجنيس القوافي، وذكر له[44] شواهدَ كثيرةً لم يعبها أحد من النقاد؛ بل إن المظفر أورد أبياتًا منسوبة للخليل بن أحمد نفسه، قافيتها كلمة (الغروب)؛ ممَّا يدحض الرَّأي المنسوب للخليل بأنَّه يرى أنَّ إعادة الكلمة يكون إيطاء، وإنِ اختلف معناها!

وحين يطَّلع القارئ على كثيرٍ من القصائد التي اشتملت على بعض الألفاظ المشتركة، ومجيء صورة الكلمة واحدة، ولها دلالات متعدِّدة كما في كلمة (العجوز)[45]، أو (عين)[46]، أو (الهلال)[47]، أو (دار)[48]، حين يفعل ذلك، يعلم أن ذلك مما يعد من مظاهر ثراء اللغة وجمالها، وهذا يتَّفق مع رأي المؤلف مرعي حين ذكر أن جَعْلَ ذلك من الإيطاء يسد بابًا كبيرًا من أبواب البلاغة.

مصادره:
أفاد المؤلف من مصادر متعددة، فصرَّح بالنقْل عنْها والإحالة عليْها، كما أفاد بصورة خاصَّة من مجموعة من المصادر لم يصرح بالنقْل عنها، ولم يشر إلى أخذه منها، وبيان ذلك على النحو التالي:

أوَّلاً: المصادر التي صرَّح بذكرها:
التزم المؤلف - رحمه الله - بذِكْر اسم العالِم الذي أخذ رأيَه، أو أحال عليْه، دون أن يحدِّد اسم الكتاب، إلاَّ في موضع واحد حين سمَّى كتاب "التلخيص" للخطيب القزويني؛ ولهذا فسأعرض من أشار إليهم، مرتَّبين حسب تواريخ وفيَاتهم.

1- الخليل بن أحمد (175هـ): نقل[49] رأيه في الإيطاء، حيث جعل المؤلف ذلك مقدمة للحديث عن الجناس.
2- أبو الحسن الأخفش (215هـ): ذكر[50] رأيه في الإيطاء كذلك.
3- عبدالله بن المعتز (296هـ): ذكر[51] تسميته لتأكيد المدح بما يشبه الذم.
4- أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (386هـ): أحال[52] عليه في موضعين في بابي: الجناس، والازدواج.
5- أبو الفتح عثمان بن جني (392هـ): ذكر[53] رأيًا له ممن تحدَّث عن المدح في صورة الذم.
6- الحسن بن رشيق (463هـ): أورد[54] تعريفه للاكتفاء.
7- ابن القطاع (515هـ): ذكر[55] تغليط ابن القطاع لرأي الخليل في الإيطاء.
8- جار الله الزمخشري (538هـ): نقل قوله: "ولا نرى بابًا في البيان أدق، ولا ألطف من هذا الباب (يعني: التورية)، ولا أنفع منه، ولا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات في كلام الله - تعالى - وكلام رسوله، وكلام أصحابه"[56].
9- أبو يعقوب السكاكي (626هـ): أحال المؤلف على قوله في باب التوجيه: "ومنه متشابهات القرآن"[57].
10- ضياء الدين بن الأثير (637هـ): ذكر[58] تسميته للتشريع توشيحًا.
11- ابن أبي الإصبع المصري (654هـ): أورد[59] تعليقه على أحد شواهد الاطراد.
ومع أنَّ المؤلف اكتفى بالإحالة على ابن أبي الإصبع مرَّة واحدة، إلاَّ أنَّه أفاد منه في مواضعَ كثيرةٍ في كتابه، كما سنعرف بعد قليل.
12- بدر الدين بن مالك (686هـ): نقل[60] عنه تعريفًا للإدماج.
13- الخطيب القزويني (739هـ): وهذا الموضع الوحيد الذي يُحيل على كتاب، إذ قال في حديثه عن أقسام التورية: "وفي "التلخيص" ضربان"[61].
14- سعد الدين التفتازاني (791): نقل[62] عنه تعريفه لعلم البديع.
15- بدر الدين الزركشي (794هـ): ذكر[63] تعليقه على روايته أحد الأحاديث التي ذكرها شاهدًا على الاكتفاء.
هذا ما نصَّ المؤلِّف على ذكره من العلماء الَّذين أفاد منهم، وقد يكتفي بذكر اسم فئة من العلماء، كأن يقول: علماء البديع[64]، أو أهل البديع[65]، أو أهل العروض[66]، أو كما هو عند النحويين[67]، أو وعليه إجماع المفسرين[68].

ومع تصْريح المؤلف - رحمه الله - بتلك الأسماء، إلاَّ أني رجَّحت في ثنايا التَّحقيق أنَّ رجوعه لبعضهم لم يكن مباشرًا، وبخاصَّة ما يتشابه فيه مع ابن أبي الإصبع المصري.

ثانيًا: المصادر التي يومئ إليها دون أن يحددها، وذلك باستخدامه عبارات عامة:
فهو حين يذكر النوع البلاغي، ويورد له مصطلحات أخرى، فإنه كثيرًا ما يعبِّر بمثل قوله: ويسمى كذا[69]، أو يقال له كذا[70]، أو وسمَّاه بعضهم كذا[71]، أو قيل: ولا يقال في القرآن سجع[72].

وقد لحظتُ أنَّه في مثل هذا النوع من الإحالات كان متابعًا بشكل واضح لأحد رجلين، إمَّا: ابن أبي الإصبع المصْري، أو ابن قرقماس، كما سنعرف لاحقًا - إن شاء الله.

ثالثًا: المصادر التي اعتمد عليها دون تصريح منه بالأخذ عنها[73]:
1- ابن أبي الإصبع المصري (654هـ)، ومع أنَّ المؤلِّف لم يصرح بالإحالة عليه إلا مرَّة واحدة، إلاَّ أنَّه أفاد منه بصورة واضحة جلية، بل إنَّ ابنَ أبي الإصْبع - وبخاصَّة في كتابه "تحرير التحبير" - يُعَدُّ أهمَّ مصادرِه؛ إذ أخذ عنْه في مواضع كثيرة مثل أبواب: الإيضاح، والإشارة، والإرداف، والتتبيع، والتكميل، وحسن البيان، والاتباع، والنوادر، والتهكم، والشماتة، والهزل الذي يراد به الجد، والكناية، بل إنَّ ما أوْرده المؤلِّف في خاتمتِه يكاد يكون تلخيصًا لما ذكره ابن أبي الإصبع في باب التَّهذيب والتأديب، ولا يعني هذا أنَّ المؤلِّف كان متابعًا لابن أبي الإصبع حذو القذَّة بالقذَّة، فقد يأخذ عن ابن أبي الإصبع ويزيد عليْه، كما في أبواب: التخيير، والتوجيه، والتورية، وتأكيد المدح بما يشبه الذم، ورد العجُز على الصدر.

وقد يعيد ترْتيب أفكار الموضوع، وينتقي من ابن أبي الإصبع ما يلائِمُه، كما في باب التَّفسير، وقد يتَّفق مع ابن أبي الإصبع في عنوان الباب، ويَختلف عنه في مضمونه، كما في باب التفريع، وباب السجع.

ولم يقتصر المؤلِّف على ذكر الفنون البديعيَّة التي وردت عند ابن أبي الإصبع فحسب؛ بل ذكر غيرها مما لم يرد عند ابن أبي الإصبع، مثل: التَّجريد، والاكتفاء، ومن مظاهر الاختلاف بينه وبين ابن أبي الإصبع أنَّهما لم يتَّفقا في ترتيب عرْض الفنون البديعية؛ لأنَّ منهج المؤلف الاقتصار أوَّلاً على البديع الاصطلاحي، وثانيًا لأنَّه بدأ بعرض البديع اللفظي أوَّلاً، ثم عرض فنون البديع المعنوي.

2- محمد بن قرقماس (882هـ) أفاد منْه المؤلِّف، وبخاصَّة من كتابه "زهر الربيع في شواهد البديع"، وأهم مظاهر الإفادة منه هي:
- البدء بالبديع اللفظي، وقد ظهر لي من متابعة كتاب ابن قرقماس أنَّه متأثِّر - أعني ابن قرقماس - بابن مالك الرعيني في كتابه "طراز الحلة"، وهو من أشْهر الذين بدؤوا بالبديع اللفظي.

- تقسيم الجناس وأمثلته، فتأثرُ المؤلف به واضح جدًّا، وحين يلقي القارئ الكريم نظرة سريعة على تحقيق باب الجناس يُدْرِك ذلك التأثر.

- نقله لجل مادَّة مراعاة النظير، وباب التورية من كتاب ابن قرقماس.

- أخذه كثيرًا من شعر ابن قرقماس الذي مثل به في كتابه "زهر الربيع" على عددٍ من فنون البديع، بل كان المؤلِّف - رحمه الله - ينثُر بعض أبيات ابن قرقماس كما أثبتُّ ذلك في التحقيق، وقد أحصيتُ أكثر من ثَمانين شاهدًا شعريًّا أخذها عن ابن قرقماس.

3- شمس الدين محمد النواجي (859هـ)، وقد اتَّكأ المؤلف في باب الاكتفاء على ما ورد في كتاب النواجي "الشفا في بديع الاكتفا"، وأفاد منه كذلك في حديثه عن الإيطاء وعلاقته بالجناس.

4- جلال الدين السيوطي (911هـ)، أفاد المؤلِّف منه في بديعيَّته المسماة "نظم البديع في مدح الشفيع"، وبخاصَّة في الاستشهاد ببعض أبيات البديعيَّة في أبواب: المواربة، والسلب والإيجاب، والترشيح.

5- ابن مالك الرُّعيني (779هـ)، تشابه ما ورد عند المؤلف في بعض الأبواب مثل: الإدماج، والطباق، ومراعاة النظير، والاحتباك والتجريد، وغيرها مع ما ورد في كتاب "طراز الحلة وشفاء الغلة" لابن مالك الرعيني، وبخاصَّة في ذكر المصْطلحات الأخرى للفن البديعي، وهذه المعلومات المتشابهة وردت في كتاب "زهر الربيع" لابن قرقماس؛ لذلك أرى أنَّ تأثُّر المؤلف بكتاب الرعيني لم يكن مباشرًا، بل إنَّه أخذ ذلك بواسطة كتاب ابن قرقماس، والله أعلم.

التحقيق:
النسختان المعتمدتان في التحقيق:
وفقني الله في الحصول على نسختين مخطوطتين لهذا الكتاب:
أُولاهما: نسخة مصوَّرة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض برقم 156/7، وهي مصورة عن نسخة مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم 137 بلاغة.

وتقع في تسع وعشرين ورقة، في كلِّ صفحة منها خَمسة وعشرون سطرًا، تتراوح كلمات السطر بين تسع كلمات، وأرْبَع عشرة كلمة، وخطّها نسخ معتاد.

وهذه النسخة بخط محمد بن محمد بن محمد العبادي كما هو مدون في صفحة الغلاف، يقول: "في نوبة كاتبه وواقفه الفقير محمد بن محمد بن محمد العبادي المجلد - عفا الله عنه بمنّه".

وهي نسخة تامة، خالية من السقط والتحريف، وتكتسب أهميتَها أنَّها منقولة عن نسخة المؤلف؛ إذ صرَّح كاتبُها في آخر المخطوط أنَّها: "كتبت من خطِّ مؤلِّفه - رحمه الله رحمة واسعة"، وقوبلت على نسخة المؤلِّف، وصحِّحت عليْها، واستدرك كاتبُها بخطِّه ما حدث من سقط بعض الحروف، أو تصويب بعض الكلِمات.

ويوجد في حواشي بعْضِ صفحاتها تعليقات بخط مغاير، ويظهر لي أنَّها لبعض من انتقلت النُّسخة إلى حوْزَتهم، وهذه النقول نصوص من بعض الكتُب في تعريف بعْضِ الأنواع البديعيَّة، وذكر أمثلة لها، وأحيانًا تنقل أمثلة من تلك المصادر هي عينها الأمثلة التي وردت في المخطوط.

أمَّا تاريخ نسْخِها، فلم أتمكَّن من تحديدِه، لكنِّي أظنُّه بعد وفاة المؤلِّف؛ لما يوحي به نصُّ النَّاسخ من الترحُّم على المؤلف - رحمهما الله.

كما أني أكاد أجزم أنها كتبت قبل النسخة الثانية، التي سأصفها بعد قليل؛ لما يومئ إليه نوع الخط الذي كتبت به.

وأخيرًا: فإنَّ وجود هذه النسخة في مكتبة عارف حكمت، يُضْفِي عليْها قيمةً علميَّة؛ لأنَّه من المعروف في أوساط المحقِّقين أنَّ هذه المكتبة تتميز باقتناء النسخ النفيسة.

لذلك كله؛ فإني قد اتخذت هذه النسخة أصلاً في التحقيق.

وثانيتهما: نسخة مصوَّرة عن نسخة مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 3346، وهي نسخة أصليَّة تقع في ثمانٍ وثلاثين ورقة، في كلِّ صفحة منها واحد وعشرون سطرًا، تتراوح كلمات السطر بين ثماني كلمات وعشر كلمات.

وهذه النسخة بخطِّ بكر بن أحمد بن حمَّاد النابلسي، وصرَّح في آخر المخطوط أنه فرغ "من كتابتها في يوم الجمعة المبارك السادس [والعشرين][74] من شهر [ذي][75] القعدة، الذي هو في سنين سنة ألف ومائتين وثمانية وستين".

وهذه النسخة فيها شيء من التَّحريف والسقط اليسير، ويظهر أنَّ كاتبها - عفا الله عنه - لم يكن طالبَ علمٍ متمكِّنًا؛ فأخطاؤه الإملائيَّة والنَّحوية كثيرة، وما نقلتُه لك آنفًا - أيُّها القارئ الكريم - ممَّا دوَّنه الناسخ في آخر المخطوط يكشف عن ذلك.

ومع هذا، فقد أسهمتْ هذه النسخةُ في مساعدتي بصحَّة قراءة النص، وتصويب ما غمض عليَّ في بعض المواضع؛ بسبب عدم وضوح الكتابة، أو تداخل بعض الأحرف.

منهج التحقيق:
1- اتخذت أقدم النسختين أصلاً؛ لتمامها، ولأنها نُقلتْ عن نسخة المؤلف، وقابلتُ النسخة الثانية عليها.
2- عزوت الآيات إلى سورها، وحدَّدت أرقامها.
3- خرجت الأحاديث من كتُب الحديث ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
4- وثَّقت النصوص، وأحلْتُ على مواضع الآراء في مظانها.
5- نسبت الشواهد والأمثلة الشِّعْرية لأصحابِها، وقد عانيت في هذا الأمر كثيرًا؛ لتأخُّر زمن المؤلِّف، حتى يَسَّر الله لي نسبةَ جُلِّ الشواهد، وبقِي عدد قليل لم أتمكَّن من معرفة أصحابها، فوثَّقت بعضَها بذكر المصادر التي أوردَتْها، وبقي أقلُّ من القليل لم أستطع معرفة قائليها، ولم أعثر عليها في المصارد.
6- ترجمت للأعلام ترجمات مختصرة تبيِّن الاسم، وسنة الوفاة، وما يشتهر به، ثمَّ أحلْتُ على بعض مصادر ترجمته.
7-وضعت مجموعةً من الفهارس في آخِر الكتاب للآيات، والأحاديث، والآثار، والشعر، وثبتًا بالمصادر والمراجع، ثم فهرس الموضوعات.





ـــــــــــــــــ
[1] سورة البقرة؛ الآية: 216.
[2] انظر ترجمته في:
"السحب الوابلة" 3/1118- 1125، "النعت الأكمل" 189- 196، "نفحة الريحانة" 2/244- 250، وجلُّ كتبه المحقَّقة تصدَّر بذكر ترجمته من قبل المحققين الأفاضل، ومن أكثرها استيعابًا ترجمة محقق "أقاويل الثقات" 32- 41، ومحقق "مسبوك الذهب" 13-22، ومحقق "تحقيق البرهان" 16/25.
[3] انظر: "السحب الوابلة" 3/1125.
[4] انظر "السحب الوابلة" 3/1119- 1221، وانظر مقدمة تحقيق "مسبوك الذهب" 15-22.
[5] "السحب الوابلة" 2/1225.
[6] سنة 1326هـ بمطبعة التقدم العلمية بمصر.
[7] "إيضاح المكنون" 1/286.
[8] السابق 1/479.
[9] تقع في 31 ورقة، وهي في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض، برقم 1942 ف.
[10] "إيضاح المكنون" 2/ 225.
[11] انظر مقدمة المحقق لكتاب "تحقيق البرهان" ص20.
[12] "السحب الوابلة" 3/1123.
[13] "نفحة الريحانة" للمحبي 2/244- 250.
[14] "دليل الطالب"، لمرعي (مقدمة المحقق) ص5.
[15] "تحقيق البرهان"، لمرعي (مقدمة المحقق) ص52، ذكر أنه اكتفى بما رصده مَن حقق "أقاويل الثقات"، و"الشهادة الزكية".
[16] "النعت الأكمل"، للعامري، 191.
[17] "السحب الوابلة"، لابن حميد 3/1119- 1120.
[18] "إيضاح المكنون" للبغدادي 2/247.
[19] "أقاويل الثقات"، لمرعي الحنبلي، مقدمة المحقق.
[20] "الشهادة الزكية"، لمرعي الحنبلي، مقدمة المحقق، ص16.
[21] "الكواكب الدرية"، لمرعي الحنبلي، مقدمة المحقق، ص26.
[22] "مسبوك الذهب"، لمرعي الحنبلي، مقدمة المحقق، ص20.
[23] "النعت الأكمل" 191.
[24] "السحب الوابلة" 3/1119- 1120.
[25] "إيضاح المكنون" 2/247.
[26] انظر "السحب الوابلة"، 2/804.
[27] "المقصد الأرشد"، 2/174.
[28] "السحب الوابلة"، 2/547.
[29] ص158.
[30] ص204.
[31] ص179.
[32] ص191.
[33] ص202.
[34] ص210، 211.
[35] ص169.
[36] ص170.
[37] ص100.
[38] ص147، 148.
[39] ص151.
[40] ص176.
[41] ص178.
[42] ص141.
[43] ص56.
[44] "نضرة الإغريض"، 93.
[45] "أنوار الربيع"، 1/161- 164.
[46] السابق، 1/165- 168.
[47] السابق، 1/168 - 171.
[48] السابق، 1/171.
[49] انظر ص54.
[50] كذلك انظر ص58.
[51] انظر: ص201.
[52] انظر: ص60، ص95.
[53] انظر: ص175.
[54] ص102.
[55] ص57.
[56] ص181، 182.
[57] ص173.
[58] ص91.
[59] ص133.
[60] انظر: ص136.
[61] ص183.
[62] ص52.
[63] ص104.
[64] انظر: ص104.
[65] ص106.
[66] ص111.
[67] ص111.
[68] ص210.
[69] انظر مثلاً: ص120، 194، 203.
[70] ص171، 181.
[71] ص135، 167.
[72] ص88.
[73] ترتيب ذكرها وفق كثرة اعتماد المؤلف عليها، وليس بحسب وفاة أصحاب المصادر.
[74] في النسخة (والعشرون).
[75] في النسخة (ذو).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-03-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (2/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل




قال [شيخنا العلامة، المحقق الفهامة، محقِّق ما اندرس من العلوم بأبدع إحياء، مجلِّي ما انحبس عن الأفهام من العلوم مبتديًا][1]: قال العبد الفقير إلى الله - تعالى - مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي[2]:

الحمد لمن أبدع الكائنات، فهو البديع، رفيع الدرجات، ذي العرش، معلِّم البديع[3]، والصلاة [والسلام][4] على مَن حاكت[5] ألفاظه الدراري، لمَّا حاكتْ[6] نسج زهر الربيع[7]، وعلى آله وأصحابه الذين هم أفصح وأصفح[8]، وأرجح وأجرح[9] في القَول والفعل، والعقل والخطب المنيع، ما خفق جناح النجاح، فلاحَ فلاحُ التقسيم والتنويع.

وبعد:
فهذه فرائد في معرفة أنواع البديع، وفوائد في غاية التَّهذيب والتَّرصيع، مراعيًا في ذلك الاختِصار، وإلى ذلك ميْل نفوس الأخيار، وما كان قصدي من هذا أن أدون اسمي في ديوان المصنِّفين، ولا أن أدرج ذِكْري في طبقات المؤلِّفين، بل القصد رياضة الطبيعة، وامتِحان الجِبِلَّة والقريحة، مع رجاء الغفران، ودعاء الإخوان.

[وأسميته][10] "القول البديع في علم البديع".

اعلم أنَّ البديع إنَّما يبحثُ [فيه][11] عن وجوه تحسين الكلام، بشرط أن يكون بعد رعاية مطابقته لمقتضى الحال، ووضوح الدلالة؛ لأنه إنما يعدُّ محسِّنًا بعد ذلك، وإلاَّ فقد قال الشيخ سعد الدين[12]: الاعتناء بوجوه تحسين الكلام دون رعاية مطابقته لمقتضى الحال، ووضوح الدلالة، بمنزلة "تعليق الدُّرِّ على أعناق الخنازير"[13].

وأنواع البديع كثيرة جدًّا تزيد على المائتين[14]، وهأنا أذكر ما تيسَّر ذكره مع رعاية الاختصار في التمثيل.

وعلم البديع منحصر[15] في فنَّين: لفظي ومعنوي:
فاللفظي: ما تعلَّق تحسينه بالألفاظ[16]، كالجناس ونحوه، والمعنوي: بالمعاني.

والمتعلق باللفظ أنواع، ونبدأ[17] به؛ لأن اللفظ وسيلة إلى المعنى، وحق الوسيلة أن تكون متقدمة.

ومن العجب أن الخليل بن أحمد[18] - واضع علم العروض - ذهب[19] في علم القوافي[20] إلى منع إعادة الكلمة التي فيها الروي في بيت آخر، سواء اتفق المعنى كرَجُلٍ ورَجُلٍ، أم اختلف[21] كثغر الفم، وثغر دار الحرب، وسمَّاه إيطاء[22]، وجعله من عيوب القوافي[23]، وهذا يؤدي إلى سدِّ باب كبير من أبواب البلاغة[24]، وهو غالب الجناس المماثل [1أ/1ب] أحد قسمي التَّام.

ولذلك ردَّ عليه أئمَّة البلاغة، وخالفوه[25]، وغلَّطه ابن [القطَّاع][26] وغيره[27] قائلين: إن الإيطاء مخصوص بإعادة الكلمة بلفظها ومعناها قبل سبعة أبيات أو عشرة[28]، إلا أن الأخفش[29] يقول[30]: إذا كان أحدهما معرَّفًا والآخر نكرة، فليس بإيطاء.

وإنما كان عيبًا؛ لدلالته على ضعف طبع الشاعر، وقلَّة مادته؛ حيث قصر فكره، وأحجم طبعه عن أن يأتي بقافية أخرى، فاسترْوح إلى الأوَّل، مع ما جُبِلت عليه النفوس من معاداة المعادات.

وأمَّا إذا أُعيدت بلفظها دون معناها، فليس بإيطاء كقولي[31] من مطلع قصيدة:

يَا سَاحِرَ الطَّرْفِ يَا مَنْ مُهْجَتِي سَحَرَا كَمْ ذَا تَنَامُ وَكَمْ أَسْهَرْتَنِي سَحَرَا[32]

قالوا[33]: لوقوعه كثيرًا في أشعار الفصحاء، ودلالته على غزارة مادة الشاعر، وقوَّة ملكته، واقتداره على اقتناص المعاني المختلفة، بالألفاظ المتفقة، حتى جعلوه من محاسن الكلام، وسمَّوه تجنيسًا.


[باب الجناس
[34]]


إذا تقرر هذا، فالجناس - ويقال التجنيس - قال الرماني[35]: "هو بيان المعاني بأنواع من الكلام، يجمعها أصل واحد"[36]، واشتراك المعاني في ألفاظ متجانسة، أو الجناس بين اللفظين: هو تشابههما في اللفظ، وهو سبعة أنواع: تام، وناقص، ومحرَّف [أو][37] مصحَّف، ومقلوب، ومضارع، ولاحق، وملحق بالجناس.

وهذه السبعة تنقَسم نَحو ستِّين[38] نوعًا:
النوع الأول: الجناس التَّام:
وهو أن يتفق اللفظ حروفًا، وعددًا، وهيئة، وترتيبًا، ونوعًا: اسمًا، أو فعلاً، أو حرفًا.

وهو قسمان: مفرد ومركب، وكلٌّ منهما أنواع:
فالمفرد: إن اتفقَّت فيه الكلِمتان فيما مرَّ مع اختِلاف المعنى - بخلاف: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}[39] - فتام مماثل، نحو: خال، وخال، لخال الخد، وأخي الأم، واستوى طعام زيد لمَّا استوى راكبًا، ونحو: "أَظَبْيَ النَّقَا أَبَارِقٌ بِثَغْرِك؟[40]"، وقع الجناس بين همزة النداء في ظبي، وهمزة الاستفهام في بارق.

ونحو: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}[41]، ولا اعتبار بزيادة (أل) في مثل ذلك [1ب/2أ].

ونحو: ممَّا جرى دمعي جرى[42]، عن وجْهِه أسفر والصَّبح قد أسفر.

والظَّاهر أنه لو اتَّفق النوع وكان مع أحدهما ضمير - أنَّه تام مماثل لا مستوفى، نحو:

يَا خَلِيلَيَّ سَلا إِنْ كانَ قَلْبِي قَدْ سَلا[43]

وإن اتَّفقتْ فيه الكلِمتان دون النَّوع، كاسم وفعل، فتام مستوفى، ويقال له: جناس التغاير، والتجنيس المطلق، نحو:
(يحيا لدى يحيى)[44].

ونحو: وضعتُه في فيَّ، وجئت إلى إلى زيد، أي: نِعَمِه، ونحو: علَّ زيدًا علَّ؛ أي: اعتلَّ، ونحو: يعجبني أنَّ زيدًا أنَّ[45] - من الأنين.

والمركَّب نوعان: ملفوف، ومرفو:
فالملفوف: ما تركب من كلمتين تامتين.
والمرفو: ما تركب من كلمة وبعض أخرى.

وكلٌّ قسمان: ملفوف مفروق، وملفوف مشتبه، ومرفو مفروق، ومرفو مشتبه.

فالملفوف المفروق، نحو: الخيل تجري بي من تجريبي[46]، ونحو: إنْ كُنْتَ تُريدُ بالجَفَا تَهْذِيبي، فاقْطَعْ برِضاكَ ألسُنًا تَهْذِي بِي[47].

فهو ملفوق؛ لتركبه من كلمتين تامتين، فإن (تهذي): من الهذيان كلمة، و(بي) جار ومجرور كلمة.

ومفروق؛ لاختلافهما في صورة الكتابة، ونحو:

كُلُّكُمْ قَدْ أَخَذَ الجَا مَ وَلا جَامَ لَنَا

مَا الَّذِي ضَرَّ مُدِيرَ [الجَا = مِ][48] لَوْ جَامَلَنَا[49]أي: عاملنا بالجميل.

والملفوف المشتبه: ما اشتبه خطًّا، نحو: من لم يكن ذا هبة، فدولته ذاهبة[50]، ونحو:

لَسْتَ تَاجَ العَارِفِينَا أَنْتَ تَاجُ العَارِ فِينَا[51]


من العار.

ونحو: لسربي سِر بي[52]، وحلالي حلا لي[53]، ونحو: أوحشنا شخصك مذ فارقنا، والدمع في العيون مذ فار قنا[54]، ونحو:

بِالوَصْلِ قَدْ جَادَ لَنَا مِنْ بَعْدِ مَا جَادَلَنَا[55]

فإن كان مركب الجزأين، فجناس التلفيق، نحو: مِن عَدمي، منع دمي[56]، ونحو: قال لي: ما لك؟ قلت: خُذْ مالَك.

ومما اشتمل على الجناسين نحو:

يَا حَادِي عِيسِهِمْ لِسِرْبِي سِرْ بِي إِنْ كُنْتَ شَفِيقْ
قَدْ زَادَ مِنَ الغَرَامِ عُجْبِي عُجْ بِي فَالدَّمْعُ طَلِيقْ
إِنْ كَانَ دَنَا فِرَاقُ صَحْبِي صِحْ بِي، لا صَبْرَ أُطِيقْ
بِاللَّهِ وَإِنْ قَضَيْتُ نَحْبِي نُحْ بِي، فِي كُلِّ فَرِيقْ[57]

والمرفوُّ المفروق: نحو: عندما صرت قُلامهْ، رمت الأحداقُ لامهْ[58].

فهو مرْفوٌّ؛ لأنَّ لامه رفيت بالقاف من الأحْداق، حتَّى جانست قُلامه، ومفروق؛ لاختِلافهما في صورة الكتابة، ونحو: [2أ/2ب].

يَا مَنْ بِأَلْحَاظِهِ المَرْضَى أَرَاقَ دَمِي وَمَنْ إِلَيْهِ بِإِتْلافِي سَعَى قَدَمِي[59]

والمرفوُّ المشتبه: نحو: ما صفَّ أوراقْ[60] مذ صفا أو راقْ، مرفوّ؛ لأنَّ راق رُفي بأو، حتى جانس أوراق، ومشتبه؛ لاتحاد صورة الكتابة، ونحو:
نُحُولِي وَأَشْجَانِي لِحَالِي فَوَاضِحُ وَأَمَّا افْتِضَاحِي فِي الغَرَام فَوَاضِحُ[61]

النوع الثاني: الجناس المحرَّف والمصحَّف:
ويدخلان في سائر أنواع الجناس، فالمحرف: ما اتفقتْ فيه الكلمتان دون الشكل، والمصحف: ما اتفقت فيه الكلمتان دون النقط.

فالمحرَّف نحو: البدعة شَرَك الشِّرْك[62].

ونحو: الجاهل إما مُفْرِطٌ وإمَا مُفَرِّطٌ[63]، والحرف المشدَّدُ في حكم المخفف، وقوله - تعالى -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُنْذَرِينَ}[64].

والمصحف: نحو:

زُرْتُ حِبِّي فِي سَحَرْ فِي رَوْضِ زَهْرٍ وَشَجَرْ[65]

وقد اجتمعا في قولهم: "جُبَّةُ البُرد، جُنَّةُ البَرْد"[66]، وقوله - تعالى -: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}[67]، وقوله - عليه السلام -: ((يتكلم بما لا يَعْنِيه، ويبخل بما لا يُغْنيه))[68].

وأقسام المحرف خمسة:
- مفرد، كما مرَّ.
- ومحرف مركب مرفو مفروق، نحو:

وَشَادِنٍ خَصْرُهُ قَدْ صِيغَ مِنْ عَدَمِ مُمَنَّعٍ لا يَرَى فِي الحُبِّ مَنْعَ دَمِي[69]

- ومحرف مركب مرفو مشتبه، نحو:
فَانْظُرْ إِلَى الوَرْدِ مَا أَحْلاهُ حِينَ حَكَى مَا فِي الخُدُودِ دَمَ الغَادَاتِ مِنْ خَجَلِ[70]

لأن ما التعجبيَة رُفِيَتْ بالدال من ورد، حتَّى جانست دمًا، ومثله: "في الورد ما يحكي دما"[71].

- ومحرف مركب ملفوف مفروق، نحو: "جاء منصور من صور"[72]، ونحو:

غَزَالٌ نَفُورٌ عِنْدَمَا مَالَ جِيدُهُ رَوَى عَنْ دُمَى الجَرْعَاءِ حُسْنَ التَّلَفُّتِ[73]

ودُمَى: جمع دُمْية، وهي الغزالة[74] الصغيرة.

- ومحرَّف مركب ملفوف مشتبه: نحو:

لا صَبْرَ فِي بَوَاطِنِ قَوْمٍ تَحُلُّ بِوَاطِنِ[75]

ملفوف؛ لأنَّ واطن الثاني لفظ مستقل، اسم موضع[76]، وباء الجرِّ حرف مستقل دخل عليه، ومشتبه صورة ومحرف؛ لاختلاف حركة الباء.

النوع الثالث: الجناس الناقص:
ويقال التجنيس الزائد باعتبار الكلمة الأخرى، فناقص حرفٍ من الآخر مطرف، وحرفين مذيَّل، ومن الأوَّل أو الوسط غير مطرف وغير مذيَّل، ويسمى الجناس [2ب/3أ] المكتنف في اسمين، أو فعلين، أو مختلفين.

فناقص الآخر، نحو: شاكر شاكٍ[77]، وجادل وجاد[78]، وراحل راح[79]، وأكلت من سمن[80].

وناقص الأول: نحو: مساق وساق[81]، و"صَفَا حسنُه لمن وَصَفَا"[82]، "وصال عليَّ طالب وصال"[83]، ولعلَّ زيدًا علَّ؛ أي: اعتلَّ، ونحو:

صَبْرِي لِوَصْلِكَ لا سَبِيلَ إِلَيْهِ لِي إِلاَّ إِذَا الْتَقَتِ الثُّرَيَّا بِالثَّرَى[84]


وفي المفروق: نحو:

إِنْ قُلْتُ هَا نَدَمِي يَوْمًا أَهَانَ دَمِي[85]

والوسط: جدِّي جهدي، وصليت خلف من خالف، وسال وسل[86]، وهام [وهمَّ][87] مِن هَمَّ به، ونحو:
غَدَا قَلْبِي - وَحَقِّ اللهِ - ذَائِبْ إِذَا أَسْدَلْتِ هَاتِيكَ الذَّوَائِبْ

[88]
وناقص حرفين فأكثر: نحو:
عَوَاذِلُ مِنْ فَرْطِ البَهَا كَالبَهَائِمِ[89]

ونحو: رقرق دمعي حين رق جسمي[90]، ونحو: حمى وحمايل[91].

ونحو هذا: مسا مساكين[92]، ونحو سل وسلسل[93].

ومن الأول: نحو بال وبلبال[94]، ونحو:

وافى لمَّا فاء[95]، أي: رجع، ونحو: مذ صال قطع أوصال[96].

ومن الوسط: نحو دلال ودل[97]، وحاول وحل، ونَمَّام ونَمّ[98].

النوع الرابع: الجناس المقلوب:
ويقال[99] تجنيس العكس: وهو أن تختلف الكلمتان في ترتيب الحروف تقديمًا وتأخيرًا، وهو إمَّا قلب الكلِمة بأسْرِها، نحو: قلم وملق، وحتف وفتح[100]، وحلب وبلح، ولحم ومحل.

أو الوسط نحو: أفْصَح وأصْفَح[101].

أو الآخر نحو: قلب وقبل، وأرحام [و][102] أرماح، أو غير الوسط[103]، نحو: بَرْقٍ وقُرب[104]، وربح وحِبْر[105].

أو غير الآخر[106] نحو: جنس [و][107] نجس، وهند ونهد[108].

وإذا وقع أحد متجانسي القلب أول البيت، والآخر آخره، سمِّي - حينئذٍ - مقلوبًا مجنَّحًا؛ لأن اللفظين بمنزلة جناحين للبيت[109]، نحو:

لاحَ أَنْوَارُ الهُدَى مِنْ كَفِّهِ فِي كُلِّ حَالْ[110]

ونحو:
مَاجَ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْدَافُهُ مُهَفْهَفٌ يَسْعَى بِكَأْسٍ وَجَامْ[111]

النوع الخامس: الجناس المضارع:
وهو ما اختلف بحرف، لكن بشرط أن يكون حرف الاختلاف مشابهًا لمخالفه بالخط، أو مقاربًا له في المخرج.

- في اسمين نحو: طاعن ظاعن[112]، وجائر وجابر، ونحو: نافث نافذ[113]: الثاء والذال اتَّفقا في المخرج، ونحو: ليلٌ دامس، وطريق طامس[114]، و{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[115]، و((الخيل معقود بنواصيها الخير))[116]؛ لتقارب الدَّال [3أ/3ب] والطاء، والهاء والهمزة، واللام والراء.

- أو فعلين، أو مختلفين، نحو: نَهَرَ وبَهَرَ[117]، وشَعَلَ وشَغَلَ[118]، وراح وراج.

النوع السادس: الجناس اللاحق:
وهو ما اختلف بحرف غير مشابهٍ لمخالفه خطًّا، ولا مقاربًا له مخرجًا، نحو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[119]، وتفرحون وتمرحون[120]، وبدر وبحر، [ونحو][121]: {جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ}[122]، وحرف الاختلاف إمَّا في أوَّل، أو وسط، أو آخر، في اسْمين، أو فِعْلين، أو مختلفين، نحو: دمع وهمع، ونبال ونكال[123]، وترتيب وتركيب، وصادح وصادع[124]، ونحو: عاد وجاد[125]، ونحو:
تُغَرِّبُ فِي أَلْحَانِهَا وَتُغَرِّدُ[126]

ونحو: حمل وأمل[127]، ونفر ونهر[128]، وأسل وأسر[129].

النوع السابع: الملحق بالجناس:
وهو شيئان[130]:
أحدهما: أن يجمع اللفظين الاشتقاقُ، وهو توافق الكلِمَتين في الحروف الأصول، مع الاتفاق في أصل المعنى، نحو: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ}[131]، مشتقَّان من قام يقوم.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-03-2022, 07:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (2/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل


وهو أربعة:
- مشتقٌّ حقيقي كما مر.

- ونحو صديق وصدوق[132]، ويسمَّى جناس الاشتقاق.

- ومشتق غير حقيقي، ويسمَّى[133] المطلق، نحو: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِينَ}[134]، الأول من القول، والثاني من القِلى، ونحو:
جَرَّعَتْنَا الغَمَامَ بِالجَرْعَاءِ[135].

- ومشوش نحو: سرور وسعود، وغبون وغموم[136]، فإن قلتَ: مختلف الوسط فاتَ اتفاق آخره، أو مختلف الآخر فاتَ اتفاق وسطه، فيبقى الناظر متحيرًا؛ فلهذا سمي مشوشًا.

ونحو:
مُحَرَّفُ الطَّبْعِ حَيْثُ القَلْبُ مُحْتَرِقٌ[137]
فإن التاء لو فقدت منه، لكان جناسَ تصحيف، ولو كانت القاف فاء، لكان جناسًا ناقصًا.

وإذا ولي أحد المتجانسين أيُّ تجانس، كان سمي الجناس مزدوجًا ومكرَّرًا ومردَّدًا، نحو: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}[138] من اللاَّحق: ومن طلب شيئًا وجدَّ وَجَدْ.

يتبع في العدد القادم

ـــــــــــــــ
[1] ما بين المعقوفتين من نسخة (ب).
[2] انظر ترجمته في مقدمة الدراسة.
[3] لعل المؤلف - رحمه الله - أراد التنبيه على موضوع الكتاب، وأنه في البديع، وقوله عن الله - عز وجل -: مُعلِّم البديع، استنادًا على ما ورد في قوله – سبحانه -: {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]، والله أعلم.
[4] في الأصل والصلات، وما دُوَّن من نسخة (ب)، وإن كنت لا أستبعد أن المؤلف يريد الصلات؛ جريًا على عادته في التجنيس.
[5] حاكت - هنا - بمعنى شابهت.
[6] وحاكت - هنا - من الحياكة: وهي النسيج والخياطة، وتحسين أثر الصنعة في الثوب، انظر: "القاموس المحيط" (حيك)، ويقصد بها أن ألفاظه نسجت أحسن القول وأجمله.
[7] لعل فيه إشارة إلى كتاب "زهر الربيع"، لابن قرقماس، الذي اكتشفت أن المؤلف أفاد منه كثيرًا في الأمثلة.
[8] أصفح: أكثر صفحًا وعفوًا، فالصفوح: هو الكريم العفو، انظر: "القاموس المحيط" (صفح).
[9] أجرح: لعلها من جرح كمنع؛ أي: اكتسب، فيكون المعنى تفضيل الصحابة فيما اكتسبوه في أقوالهم وأفعالهم، وفي المواقف الحاسمة، انظر: "القاموس المحيط" (جرح).
[10] وفي الأصل: (وأسميه)، ولعلها تحريف عن أسميته، وفي الثانية: (وسمية).
[11] من (ب)، وهي ساقطة في الأصل.
[12] هو سعد الدين التفتازاني: مسعود بن عمر بن عبدالله (712 - 791هـ)، وصفه أحد الباحثين بأنه فيلسوف الماتريديَّة، له ثلاثة كتب في البلاغة: "المختصر"، و"المطول"، وكلاهما على تلخيص القزويني، والكتاب الثالث شرح فيه القسم الثالث من مفتاح السكاكي.
انظر: "بغية الوعاة" 2/285، و"الماتريدية وموقفهم من الصفات" 1/294.
[13] انظر قول التفتازاني في "المختصر"، "مختصر الدسوقي على مختصر المعاني" (ص505)، وفي "المطول" 416، وفيه كتعليق الدرر، ولعله خطأ طباعي، وذكر السيوطي هذا القول دون عزو للتفتازاني، انظر: "عقود الجمان" 104.
أقول: لعل سعد الدين التفتازاني أخذ هذه العبارة من قول الشاعر:

إِنِّي وَتَزْيِينِي بِمَدْحِيَ مَعْشَرًا كَمُعَلِّقٍ دُرًّا عَلَى خِنْزِيرِ

انظر: "أسرار البلاغة"، 200، تحقيق/ محمود شاكر.
[14] بدأ ابن المعتز بذكر أنواع البديع، وكانت عنده ثمانية عشر نوعًا، وزاد قدامة أنواعًا أخرى، فصارت عنده عشرين، ووصلت عند أبي هلال العسكري إلى سبعة وثلاثين نوعًا، وبلغت عن التيفاشي سبعين، ثم جاءت عند ابن أبي الإصبع في "بديع القرآن" خمسة وتسعين، وزاد عليها في "تحرير التحبير"، فصارت عشرين ومائة نوع، وضمَّن الحلي "بديعيَّته" أربعين ومائة نوع، وتسابق البديعيُّون بعد ذلك في الزيادة، فذكر الآثاري في بديعياته الثلاث أكثر من مائتي نوع، (انظر ما قاله السيوطي في "عقود الجمان"، 105).
والبديع عند أولئك عام، يشمل فنون البلاغة الثلاثة، ومما ساعد على التزيد من العدد أنَّ كثيرًا منهم يجعل النوع الواحد أقسامًا، فيكون كل قسم بمثابة نوع بلاغي، كما هو الحال في الجناس مثلاً.
ومن المناسب هنا أن أذكر أنَّ أنواع البديع لا تنحصر، فكل نوع من التحسين يخترعه الكتَّاب أو الشعراء، يصبح نوعًا بديعيًّا، وقد ألف الشوكاني رسالة طريفة في هذا الباب سماها: "الروض الوسيع في الدليل المقنع على عدم انحصار علم البديع"، لديَّ منه نسخة مخطوطة، تكرم بإحضارها إليَّ الأخ العزيز فضيلة الدكتور/ عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر؛ إذ طلبتُ منه ذلك حين سافر لليمن؛ ليحضر نسخًا مخطوطة من كتاب "الطراز" الذي عمل تحقيقه، أجزل الله له المثوبة، ولعل الله ييسر تحقيقها.
[15] انحصاره في قسمين: لفظي ومعنوي، وفق ما استقر الرأي عليه عند الخطيب القزويني، ومَن تبعه، ومنهم المؤلف، وبعضهم جعله ثلاثة أقسام: لفظي، ومعنوي، ولفظي معنوي، ومن هؤلاء: بدر الدين بن مالك في "المصباح"، انظر: "المصباح" 159- 161، 162، 246، وشرف الدين الطيبي في "التبيان"، انظر: "التبيان" 283.
[16] يعلق كثير من البلاغيين على هذه العبارة بقولهم: أولاً وبالذات (انظر: تلخيص الخطيب وشروحه في شروح "التلخيص" 4/285)، وغرضهم ألا يستبعد المعنى، وإنما المقصود بالدرجة الأولى هو اللفظ.
[17] البدء بالجناس اللفظي مخالف لمدرسة الخطيب القزويني التي تبدأ بالمعنوي، ولكن المؤلف مرعيًا سبقه في تقديم اللفظ عددٌ من البلاغيين، منهم: ابن جابر في "الحلة السيرا"، وابن مالك الرعيني في "طراز الحلة"، وابن قرقماس في "زهر الربيع".
[18] هو أبو عبدالرحمن: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي (100-175هـ)، عبقري اللغة العربية، كان إمامًا في اللغة والنحو، وهو الذي استنبط علم العروض، انظر: "وفيات الأعيان" 2/244- 248.
[19] نَسَبَ هذا القول - وهو جعل إعادة الكلمة بلفظها ومعناها، أو بلفظها دون معناها من الإيطاء - للخليل عددٌ من العلماء منهم:
1- الرماني (388هـ) فيما حكاه عنه الدماميني في "العيون الغامزة على خبايا الرامزة"، ص272.
2- التبريزي (502هـ) في "الكافي في العروض والقوافي" 162.
3- ابن القطاع (515هـ) في "المختصر": "الشافي في علم القوافي"، تحقيق أ. الدكتور/ صالح العايد، ص89.
4- الشنتريني (550هـ) في "المعيار في أوزان الأشعار"، 127- 128.
5-الدماميني (827هـ) في "العيون الغامزة على خبايا الرامزة" 272.
6- العيني (855هـ) في شرحه على منظومة ابن الحاجب في العروض والقوافي، انظر: "الإرشاد الكافي على متن الكافي في علمي العروض والقوافي"، للسيد محمد الدمنهوري، ص103.
7- النواجي (859هـ) في "الشفا في بديع الاكتفا"، ص40.
[20] لعله يعني كتابه في العروض الذي ذكره المترجمون، انظر مثلاً: "وفيات الأعيان" 2/244.
[21] ومن العلماء مَن يرى أنَّ الخليل لا يجعل ما اختلف معناه من الإيطاء، ومنهم:
1- الأخفش (215هـ)، حكى ذلك عنه التبريزي في "الكافي" 162، والدماميني (827هـ) في "العيون الغامزة" 272، وانظر قول الأخفش: في كتابه "القوافي" 63، قال فيه: "وزعموا ... وهذا ينكر".
2- ابن جني (392هـ) الذي ضعَّف الحكاية السابقة عن الخليل، التي نسب له فيها أنه يجعل ما اختلف معناه من الإيطاء، انظر: "العيون الغامزة" ص272.
3- وكُتب تعليق في المخطوط (النسخة الأصلية) نصه: "وهذا عند الخليل مخصوص باتِّحاد النوع؛ كاسمين، أو فعلين، أما مع الاختلاف فلا يكون إيطاءً، كقول الشاعر:

لَيْسَ يَرُدُّ الزَّمَانُ مَا ذَهَبَا وَلَوْ بَذَلْنَا فِي رَدِّهِ ذَهَبَا

قلت: ومما يرجِّح أنَّ الخليل لا يجعل ما اختلف معناه من الإيطاء، ما جاء في كتاب "العين" 7/468 (وطأ)، و"تهذيب اللغة" 14/50، ونصُّه: "الإيطاء: اتفاق قافيتين على كلمة واحدة... فإن اتفق المعنى ولم يتفق اللفظ، فليس بإيطاء، وإذا اختلف المعنى واتَّفق اللفظ، فليس بإيطاء أيضًا".
[22] الإيطاء: أصل الإيطاء أن يطأ الإنسان في طريقه على أثر وطء، فيعيد الوطء على ذلك الموضع، فكذلك إعادة القافية، انظر: "الكافي"، للتبريزي، 162.
[23] جلُّ الذين تحدَّثوا عن عيوب القوافي، جعلوا الإيطاء منها، ولكنَّهم اختلفوا في جعْل ما اختلف معنى منه أو لا، غير أبي عمْرو بن العلاء، فلا يراه عيبًا، انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري، 14/50.
[24] انظر - غير مأمور - حديثي عن الإيطاء وجناس القافية، في قسم الدراسة.
[25] ممن خالف الرأيَ المنسوب للخليل في جعله ما اختلف في المعنى من الإيطاء:
1- المبرد (285هـ) في أخبار ضرورة الشعر، انظر: مجلة عالم الكتب مج16 ع5 ص444.
2- الصاحب بن عباد (385هـ) في "الإقناع"، 82.
3- ابن جني (392هـ) في "مختصر القوافي" 32، 33.
4- ابن رشيق (463هـ) في "العمدة" 1/559.
5- الزنجاني (660هـ) في "معيار النظار" 1/101.
6- السجلماسي (كان حيًّا سنة 704هـ) في "المنزع البديع"، 492.
[26] ورد في النسختين معًا (ابن القطان)، ومع أنَّ ذلك غير مستبعد؛ لأني وقفت على اثنين ممن يعرف بابن القطان لهما تأليف في العروض والقوافي.
أحدهما: هبة الله بن الفضل بن عبدالعزيز بن القطان (558هـ)، له مختصر في العروض، انظر: "وفيات الأعيان" 6/53، و"مفتاح السعادة" 1/174.
وثانيهما: علي بن محمد بن عبدالملك الكتامي أبو الحسن ابن القطان (628هـ)، من كتبه: "مقالة في الأوزان"، انظر: "شذرات الذهب" 5/128، ولم أقِفْ على ذينك الكتابين، ولكنِّي أرجح أن المقصود ابن القطاع؛ للأسباب التالية:
1- أن ابن القطاع غلط الخليل صراحة في كتابه "الشافي" 89، حيث قال: "فإذا اتفق اللفظ واختلف المعنى لم يكن إيطاءً... إلاَّ عند الخليل وحده، وهو غلط".
2- أن النص الذي أورده المؤلف - مرعي - من قوله: ومن العجب أن الخليل... إلى نهاية قول الأخفش، يكاد يكون مطابقًا لما ورد في كتاب "الشفا في بديع الاكتفا"، للنواجي، 41- 42، وقد ورد عند النواجي ابن القطاع؛ مما يرجح أنَّ النَّصَّ عند مرعي قد اعتوره التصحيف.
3- أنَّ التصحيف بين العين والنون وارد، إذا علمنا أن النسخة الأصلية في تحقيقنا نسخة منقولة عن نسخة المؤلف، وليست هي.
[27] ذكرت في التعليق قبل السابق بعض الذين خالفوا الرأيَ المنسوب للخليل.
[28] ممن نص على ذلك: الشنتريني (550هـ)، قال: "بعد سبعة أبيات أو أكثر"، "المعيار"، 127.
[29] هو أبو الحسن: سعيد بن مسعدة المجاشعي، المعروف بالأخفش الأوسط (215هـ)، له كتاب في العروض، وكتاب في القوافي، انظر في ترجمته: "وفيات الأعيان"، 2/380- 381.
[30] نسب هذا القولَ للأخفش كلٌّ من: التبريزي (502هـ) في "الكافي" 162، والشنتريني (550هـ) في "المعيار" 128، والدماميني (827هـ) في "العيون الغامزة" 272، والنواجي (859هـ) في "الشفا" 41.
[31] ورد البيت منسوبًا لمرعي الحنبلي في ترجمته في كتاب "النعت الأكمل" 194، وذكر القصيدة، كما ورد في مقدمة تحقيق كتاب "مسبوك الذَّهب في فضل العرب، وشرف العلم على شرف النسب"، لمرعي الحنبلي، ص13.
[32] يلحظ أن كلمة (سحر) تكرَّرت في بيت واحد، مرة في آخر الصدر، والأخرى في آخر العجز، والإيطاء أن تتكرر الكلمة في القافية مرَّتين، اللَّهمَّ إلاَّ إن كان المؤلف جعل الشَّطر بمثابة البيت! فإن كان، فهو عجيب، وإن لم يكن، فاستشهاده به أعجب، وهو ضعيف.
[33] ممن قال ذلك الأخفش في "القوافي"، انظر 64، وممن أورد نماذج له المظفر العلوي في "نضرة الإغريض"، 89 - 95.
وانظر ما ذكرته في الحديث عن تجنيس القوافي والإيطاء في قسم الدراسة.
[34] زيادة من المحقق؛ لينسجم مع بقية الأبواب.
[35] هو أبو الحسن علي بن عيسى، كان يعرف بالإخشيدي، وهو بالرماني أشهر (386هـ)، إمام في العربية، علامة بالأدب، وهو من المعتزلة، انظر ترجمته: في "بغية الوعاة"، 2/180- 181.
[36] انظر تعريف الرماني في رسالة "النكت في إعجاز القرآن" (ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 99).
[37] في الأصل (و) والصَّواب من (ب)؛ لأن المؤلف جمع المحرف والمصحف بقسم واحد، وهو الثاني عنده، ولو بقيت الواو لصارت أكثر من سبعة.
[38] ممن جعلها ستين ابن جابر الأندلسي، وابن مالك الرعيني، انظر: "طراز الحلة وشفاء الغلة" 94.
[39] سورة القمر: 46.
[40] قول نثره مرعي من بيت من الطويل، لابن قرقماس المصري، يقول فيه:

أَظَبْيَ النَّقَا وَالرَّقْمَتَيْنِ أبَارِقٌ بِثَغْرِكَ أَمْ وَادِي العَقِيقِ بَدَا لِيَا

انظر: "زهر الربيع" 12ب.
[41] سورة الروم: 55.
[42] أخذه المؤلف من قوله في مقطوعة له:

يَا مُنْيَتِي هَجَرْتَنِي مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ قَدْ جَرَى
أَنْتَ الَّذِي ظَلَمْتَنِي وَمِنْكَ دَمْعِي قَدْ جَرَى
وَزَادَ شَوْقِي وَالجَوَى دَمْعِي جَرَى مَمَّا جَرَى

انظر: "الغزل المطلوب في المحب والمحبوب"، 20ب.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-03-2022, 07:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (3/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل



باب رد العجز على الصدر


ويسمَّى[1] التصدير، وهو في النَّثر: جعْل أحد اللَّفظين المكرَّرين، أو المتجانسين، أو الملحقين بِهما في أوَّل الفقرة والآخر في آخرها، نحو: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}[2]، ونحو: سائل اللئيم يرجع ودمعه سائل، ونحو: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[3]، ونحو: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِينَ}[4].

وفي النَّظم هو: إعادة اللَّفظ في آخِر البيت [3ب/4أ] بعد ذِكْره في أوَّله، ويسمَّى تصدير الطَّرفين، أو في حشْو النِّصف الأوَّل ويسمَّى تصدير الحشْو، أو في آخر النِّصف الأوَّل ويسمَّى تصدير القافية، أو أوَّل النِّصف الثَّاني ويسمى تصدير الطَّرفين، وكل منهما إمَّا أن يتكرَّر لفظًا ومعنًى، أو لفظًا لا معنًى، أو معنًى لا لفظًا، أو لا لفظًا ولا معنًى، نحو:

قَمَرِيٌّ عَذَّبَ قَلْبِي بِالقِلَى بِالقِلَى عَذَّبَ قَلْبِي قَمَرِي[5]

ونحو:
سَرِيعٌ إِلَى ابْنِ العَمِّ يَشْتِمُ عِرْضَهُ وَلَيْسَ إِلَى دَاعِي النَّدَى بِسَرِيعِ[6]

ونحو:
فَتَيَّمَنِي فِي النَّاسِ خَالٌ تَخَالُهُ غَزَالاً نَشَا بَيْنَ البَرِيَّةِ فِي النَّاسِ[7]

ونحو:
حَيِّ عُرْبًا بِالخَيْفِ مِن حَيِّ لَيْلَى واقْرِ عَنِّي السَّلامَ هِنْدًا وَلَيْلَى[8]

ونحو:
طَالَ فَرْعُ الحَبِيبِ لَمَّا رَأَيْنَا أَصْلَهُ فِي الجََمَالِ أَطْيَبَ أَصْلِ[9]

- ومن المكرَّر لفظًا لا معنى[10] نحو:
بَدْرٌ بَدَا فِي قُبَا لَدَى حُنَيْنٍ وَبَدْرٍ[11]

ونحو:
عَصَيْتُ فِي الخَالِ مِنْهُ يَا صَاحِ عَمًّا وَخَالا[12]

ونحو:
كَمْ شُدَّ رَحْلٌ فَوْقَ أَعْلَى غَارِبِ فِي حُبِّ بَدْرٍ عَنْ عُيُونِيَ غَارِبِ
أَرْخَى عَلَى الأَعْطَافِ مِنْهُ ذَوَائِبًا لِشِفَا قُلُوبٍ فِي هَوَاهُ ذَوَائِبِ[13]

ونحو:
أَمَّلْتُهُمْ ثُمَّ تَأَمَّلْتُهُمْ فَلاحَ لِي أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ فَلاَحْ[14]

ومن المكرر معنى لا لفظًا نحو:
تَعَشُّقُ المَرْءِ عُيُونَ المَهَا يُشْعِرُ أَنَّ الظَّبْيَ مَعْشُوقُهُ[15]

ونحو:
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَشْرَبْ مِنَ الغَيْظِ جَرْعَةً فَلَيْسَ سِوَى التَّوْبِيخِ والعَتْبِ مَشْرَبُ[16]

ونحو:
بِهِ مَرَّ لِي زَمَنٌ ذَاهِبٌ فَمَنْ لِي بِعَوْدِ الَّذِي قَدْ ذَهَبْ[17]

ونحو:
وَقَدْ كَانَتِ البِيضُ البَوَاتِرُ فِي الوَغَى بَوَاتِرَ وَهْيَ الآنَ مِنْ بَعْدِهِ بُتْرُ[18]

وفيه تأمل[19].
- ومن المكرَّر لا لفظًا ولا معنى نحو:

مَاجَ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْدَافُهُ مُهَفْهَفٌ يَسْعَى بِكَأْسٍ وَجَامِ[20]

وهذا النَّوع من ردِّ العجُز على الصدر يصحّ بالجناس المقلوب، والمحرف واللاَّحق والمضارع والناقص، نحو[21]:
وَلَقَدْ سَارَ رَكْبُهُ بِفُؤَادِي وَبِقَلْبِي مِنْ ذَلِكَ الرَّكْبِ كَرْبُ[22]

ونحو:
تَيَّمَ قَلْبِي رَشَأٌ فَاتِنٌ [4أ/4ب] أَغرُّ أَحْوَى لَحْظُهُ فَاتِرُ
لِلسِّحْرِ مِنْ مُقْلَتِهِ نَافِثٌ لَكِنَّهُ عَنْ مَضْجَعِي نَافِرُ[23]


باب السجع

وهو توافُق الفاصلتَين في الحرْف الأخير، وهو أربعة:
- مطرف: وهو أن تَختلف الفاصِلتان في الوزْن دون الروي، نحو: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[24]، فإنَّ الوقار والأطْوار مختلِفان وزنًا متَّحدان رويًّا، ونحو:

مَنْ لِي بِمُسْتَقْتَلٍ بِالرُّمْحِ مُعْتَقَلٍ لِلقَتْلِ لا مُهْمِلٌ يَوْمًا ولا مَهَلُ[25]

فآخر كل فاصلة منه موافقة للأُخرى في الرويِّ دون الوزن.

- ومتوازٍ: وهو ألا يكون في القرينة ولا أَكْثرها مثل ما يقابلُه من الأُخْرى في الوزن والتقْفية، أي التَّوافق في الحرف الآخر، نحو: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}[26]؛ لاختِلاف سرر وأكواب في الوزن والتقْفية، وقد يَختلف الوزْن فقط، نحو: {وَالمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالعَاصِفَاتِ عَصْفًا}[27]، وقد تَختلِف التَّقفية فقط، نحو: حصل النَّاطق والصَّامت، وهلك الحاسِد والشَّامت.

- ومشطر: وهو جعْل كلٍّ من شطرَي البيت على سجعتين، نحو:

تَدْبِيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِمٍ لِلَّهِ مُرْتَغِبٍ فِي اللَّهِ مُرْتَقِبِ[28]

ونحو:
أَفْدِيهِ مِنْ قَمَرٍ مَا زَالَ فِي خَفَرٍ كالغُصْنِ فِي مَيَدٍ وَالظَّبْيِ فِي غَيَدِ[29]

- والمرصَّع: وهو أن تكون كلُّ لفظة في البيت موافقةً لقرينتِها وزنًا ورويًّا، ونحو:
فَالخَدُّ والثَّغْرُ ذَا صُبْحٌ وَذَا فَلَقُ وَالقَدُّ وَالشَّعْرُ ذَا رُمْحٌ وَذَا غَسَقُ[30]

فالخد في مقابلة القد، والروي الدَّال، والثغر في مقابلة الشَّعر، والرَّوي الرَّاء، وصبح في مقابلة رمح، وفلق في مقابلة رمح، وفلق في مقابلة غسق.
والتَّرصيع الكامل: أن يقع الاتِّفاق فيه بين جَميع قرائنِه نحو:

كَالبَحْرِ مُقْتَحِمًا وَالبَدْرِ مُلْتَئِمًا وَالفَجْرِ مُبْتَسِمًا والزَّهْرِ مُخْتَتِمَا[31]

ونحو:
فَنَحْنُ فِي جَذَلٍ وَالرُّومُ فِي وَجَلٍ وَالبَرُّ فِي شُغُلٍ وَالبَحْرُ فِي خَجَلِ[32]

ونحو: يطبعُ الأسجاعَ بجواهرِ لفظِه، ويقرعُ الأسماعَ بزواجر وَعْظِهِ[33].

قيل[34]: وأحسن السَّجع ما تساوَت قرائِنُهُ، نحو: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[35] [4ب/5أ]، ثمَّ ما طالتْ قرينتُه الثَّانية نحو: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[36]، أو قرينته الثالثة، نحو: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ}[37]، ولا يحسن أن تكون أقصر منها قصرًا كثيرًا؛ لأنَّ السمع قدِ استوفى أمدَه في الأوَّل بطوله، فإذا جاء الثَّاني أقْصَر منْه كثيرًا بقِي الإنسان عند سماعِه كمَن يريد الانتِهاء إلى غاية فيعثر عنها، ويُغتفر الفصل القليل، نحو: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ}[38].

قيل[39]: ولا يُقال في القُرآن سجع رعايةً للأدب، بل فواصل، وإن احتيج لسكون الأعْجاز سكنت نحو: "ما أبعد ما فاتْ، وما أقرب ما هو آتْ"[40].

باب التوازن

ويقال الموازنة[41]، وهو تساوي الفاصِلتين في الوزن دون التقفية، نحو: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}[42] تساويا في الوزن لا التقفية؛ إذ الأُولى على الفاء والثَّانية على الثَّاء، ولا عبرة بتاء التَّأنيث في القافية، ونحو: {وَآتَيْنَاهُمَا الكِتَابَ المُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}[43] وهو قسمان:
- مماثل: وهو ما اتَّفقتْ فيه جَميع ألفاظ القرينة، أو الغالب مع ألْفاظ الأخرى في الوزن دون الرَّوِي، فهو أعمُّ من تسجيع التَّرصيع؛ إذْ كل ترصيع توازن، ولا عكس لاشتِراط الرَّوي في التَّرصيع دون التَّوازن، نحو:

كَالغُصْنِ في مَيَلٍ والزَّهْرِ فِي تَرَفٍ وَالبَدْر فِي غَسَقٍ وَالظَّبْيِ فِي غَيَدِ[44]

فغصن في مقابلة زهر، وبدر في مقابلة ظبي، وميل في مقابلة ترف، وغسق في مقابلة غيد، فاتَّفقت كل قرينة مع أختِها وزنًا لا رويًّا.

- وغير مماثل: وهو ما اتَّفقت فيه آخر لفظة من الأخرى فقطْ، واختلف ما عدا ذلك، نحو:

فَقَدُّهُ غُصُنٌ مِنْ فَوْقِهِ قَمَرٌ وَثَغْرُهُ دُرَرٌ قَدْ زَانَهُ شَنَبُ[45]

الشَّاهد قمر ودرر، واختلف ما عدا ذلك.
باب التصريع

وهو ضرْبان: عروضي وبديعي:
فالعروضي[46]: عبارة عن استِواء عروض البيت وضربه وزْنًا وإعرابًا وتقفيةً، بشرط أن تكون العروض قد غيرت عن أصلها، لتلحق الضَّرب في زنته.

والبديعي كذلك، لكن بلا شرْط، وكثيرًا ما يأتي [في] [47] أوَّل القصائد، وقد يأتي في أوَّل القصيدة مضمَّنًا، ويأتي التَّصريع في أثنائها، ولا يحسن غالبًا إلاَّ عند استئناف معنى غير الأوَّل كقول امرئ القيس[48] [5أ/5ب]:

أَلا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ البَالِي وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كَانَ في العُصُرِ الخَالِي[49]

وكقوله:
أَلا إِنَّنِي بَالٍ عَلَى جَمَلٍ بَالِ يَقُودُ بِنَا بَالٍ وَيَتْبَعُنَا بَالِ[50]


باب التشريع[51]


بالشين المعجمة من شرعت الخيمة إذا رفعتَ أطنابها، ليدْخلها الهواء، ويسمَّى[52] ذا القافِيتَين، وسمَّاه ابن الأثير[53] بالتَّوشيح[54]، والتَّوشيح عند غيره[55] هو الإرْصاد - وسيأتي - وهو: بناء البيْت على قافيتين يصحُّ المعنى بالوقْف على كلٍّ منهُما، نحو:

يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ إِنَّهَا شَرَكُ الرَّدَى، وَقَرَارَةُ الأَكْدَارِ
دَارٌ مَتَى مَا أَضْحَكَتْ فِي يَوْمِهَا أَبْكَتْ غَدًا، بُعْدًا لَهَا مِنْ دَارِ[56]

فإن وقفت على (الردى)، فالبيْت من الضَّرْب الثاني من الطويل، وإن وقفت على الأكْدار فهو من [الكامل][57]، ونحو:
مَنْ لِي بِظَبْيٍ أَغْيَدٍ فِي حُبِّهِ قَدْ ضَاعَ عَقْلِي، وَهْوَ مَعْ ذَا هَاجِرِي
مَاذَا عَلَيْهِ فِي الهَوَى لَوْ أَنَّهُ يَأْتِي لِوَصْلِي، فِي ظَلامٍ عَاكِرِ[58]

فهو من الكامل، فإذا أسقطت من الأول: "وهو مع ذا هاجري"، ومن الثاني: "في ظلام عاكر" صار من الكامل المجْزوء غير المرفَّل، ونحو:
يَا مَنْ دُمُوعُ عُيُونِهِ أَوْدَتْ بِهِ مِمَّا يَنُوحُ، عَلَى ثَرَى أَحْبَابِهِ
الصَّبْرُ أَجْمَلُ فِي الهَوَى مِنْ أَنْ يُرَى صَبًّا يَبُوحُ، بِسِرِّهِ مِمَّا بِهِ[59]


باب التزام ما لا يلزم

وهو أن يلتزم النَّاثر أو الشَّاعر قبل الرويِّ ما لا يلزَمُه من حرفٍ مخصوص، أو حركةٍ مَخصوصة نحو[60]: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}[61]، ونحو: {فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}[62]، فمجيءُ الهاء فيهِما لزوم ما لا يلزم؛ لصحَّة السَّجع بدونها، نحو: فلا تنهر ولا تسخر، ونحو: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}[63]، ونحو:

الحُبُّ يُغْنِيكَ عَنْ كَأْسٍ طَرِيقَتُهُ إِذَا تَأَمَّلْتَ فِيهَا إِبْنَةَ العِنَبِ
بِأَغْيدٍ ثَغْرُهُ الوَضَّاحُ رِيقَتُهُ كَالشَّهْدِ مَمْزُوجَةً بِالرَّاحِ وَالشَّنَبِ[64]


الالتزام فيه مصرع[65] [5ب/6أ].




يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-03-2022, 07:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (3/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل



باب الازدواج

وهو أن يأتي المتكلِّم بكلمات مزْدوجة، وأكْثر ما يقع في أسماء مثنَّاة، نحو:
وَكَانَا جَمِيعًا شَرِيكَيْ عِنَانٍ رَضِيعَيْ لَبَانٍ خَلِيلَيْ صَفَاءْ[66]


ونحو:

خُودًا إِذَا أَقْبَلَتْ لِلوَصْلِ وَابْتَسَمَتْ وَلَّى الظَّلامُ وأَبْكَتْنِي مِنَ الفَرَحِ[67]

فالمزواجة بيْن أقبلت وابتسمت، وولَّى وأبكت.

ومن الازْدواج نوع يُؤْتَى فيه بكلمتين اتَّحدتا لفظًا ومعنى، نحو:

أَبْدَانُهُنَّ وَمَا لَبِسْ نَ مِنَ الحَرِيرِ مَعًا حَرِيرْ
أَرْدَانُهُنَّ وَمَا مَسِسْ نَ مِنَ العَبِيرِ مَعًا عَبِيرْ[68]

وليس بجناس لاتِّفاق المعنى خلافًا[69] للرماني؛ حيث عدَّ الازدواج تَجْنيسًا، وذكر منه قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}[70].
باب التسميط

وهو جعْل بعض مقاطع الأجْزاء أو كلها في البيت على سجع يخالف قافية البيت، نحو:
هُمُ القَوْمُ إِنْ قَالُوا أَصَابُوا وَإِنْ دُعُوا أَجَابُوا وَإِنْ أَعْطَوْا أَطَابُوا وَأَجْزَلُوا[71]


ومنه نوع يسمَّى تسميط التَّقطيع: وهو جعْل جميع أجزاء البيْت على رويٍّ مخالف لقافيتِه، نحو:

وَأَسْمَرٍ مُثْمِرٍ بِمُزْهِرٍ نَضِرٍ مِنْ مُقْمِرٍ مُسْفِرٍ عَنْ مَنْظَرٍ حَسَنِ[72]


باب التطريز

وهو ذكر جمل من الذَّوات غير مفصَّلة، ثمَّ يخبر عنها بصفات مكرَّرة بِحسب العدد، نحو:
كَأَنَّ الكَأْسَ فِي يَدِهَا وفِيهَا عَقِيقٌ فِي عَقِيقٍ فِي عَقِيقِ[73]

ونحو:
فَثَوْبِي وَالمُدَامُ وَلَوْنُ خَدِّي شَقِيقٌ فِي شَقِيقٍ فِي شَقِيقِ[74]

ونحو:
أُمُورُكُمُ بَنِِي خَاقَانَ عِنْدِي عُجَابٌ فِي عُجَابٍ فِي عُجَابِ
قُرُونٌ فِي رُؤُوسٍ فِي وُجُوهٍ صِلابٌ فِي صِلابٍ فِي صِلابِ[75]



باب التوشيع

وهو أن يؤتى باسم مثنًّى في حشْو العجُز، ثم يفصَّل، ويجعل الأخير القافية، ومنْه في الحديث: ((يَشيب ابنُ آدم ويشيب معه خصلتانِ: الحِرْص وطول الأمل))[76]، ونحو:
قَدْ خَدَّدَ الدَّمْعُ خَدِّي مِنْ تَذَكُّرِكُمْ وَاعْتَادَنِي المُضْنِيَانِ الوَجْدُ وَالكَمَدُ [6أ/ 6ب]
وَنَامَ عَنْ مُقْلَتِي نَوْمِي لِغَيْبَتِكُمْ وَخَانَنِي المُسْعِدَانِ الصَّبْرَ وَالجَلَدُ[77]

ومنه ما أنشده الإمامُ ابن دقيق العيد[78]:
أَهْلُ المَنَاصِبِ فِي الدُّنْيَا وَرِفْعَتِهَا أَهْلُ الفَضَائِلِ مَرْذُولُونَ بَيْنَهُمُ
قَدْ أَنْزَلُونَا لأَنَّا غَيْرُ جِنْسِهِمُ مَنَازِلَ الوَحْشِ فِي الإِهْمَالِ عِنْدَهُمُ
فَمَا لَهُمْ فِي تَوَقِّي ضُرِّنَا نَظَرٌ وَلا لَهُمْ فِي تَرَقِّي قَدْرِنَا هِمَمُ
فَلَيْتَنَا لَوْ قَدَرْنَا أَنْ نُعَرِّفَهُمْ مِقْدَارَهُمْ عِنْدَنَا أَوْ لَوْ دَرَوْهُ هُمُ
لَهُمْ مُرِيحَانِ مِنْ جَهْلٍ وَفَرْطِ غِنًى وَعِنْدَنَا المُتْعِبَانِ العِلْمُ وَالعَدَمُ[79]

الشَّاهد في الأخير، وناقضه أبو الفتح البسْتي[80] بقوله:
إِنَّ المَرَاتِبَ فِي الدُّنْيَا وَرِفْعَتِهَا عِنْدَ الَّذِي حَازَ عِلْمًا لَيْسَ عِنْدَهُمُ
لا شَكَّ أَنَّ لَنَا قَدْرًا رَأَوْهُ وَمَا لِقَدْرِهِمْ عِنْدَنَا قَدْرٌ وَلا لَهُمُ
هُمُ الوُحُوشُ وَنَحْنُ الإِنْسُ شِيمَتُنَا نَقُودُهُمْ حَيْثُ مَا شِئْنَا وَهُمْ نَعَمُ
وَلَيْسَ شَيءٌ سِوَى الإِهْمَالِ يَقْطَعُنَا عَنْهُمْ فَإِنَّهُمُ وِجْدَانُهُمْ عَدَمُ
لَنَا المُرِيحَانِ مِنْ عِلْمٍ وَمِنْ عَدَمٍ وَفِيهِمُ المُتْعِبَانِ الجَهْلُ وَالحَشَمُ[81]

وقد صدقَ - والله - وأجاد وأحسن.
باب التوشيح

ويسمَّى[82] الإرْصاد والتَّسهيم، وهو أن يكونَ فيما تقدَّم من البيت ونحوِه دليلٌ على آخِرِه، فكأنَّه أرصد الكلام لمعرفة آخِرِه، وهو قسمان: ما دلالتُه لفظيَّة، وما دلالته معنويَّة، فاللفظيَّة نحو: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[83]، وقوله: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}[84].

ونحو:

إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ[85]

ونحو:
لَقَدْ صَادَ الأُسُودَ غَزَالُ خِشْفٍ أَلا فَاعْجَبْ لِمَا صَنَعَ الغَزَالُ[86]

والمعنويَّة نحو: {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا} الآية[87]، فقوله "اصطفى" دلَّ على أنَّ الفاصلة العالمين بالمعنى؛ لأنه يُعلم من جهة المعنى أنَّ لوازم اصطِفاء شيءٍ كوْنه مُختارًا على جِنْسه، وجِنْس هؤلاء العالمين.
ونحو:

أُتُنْكِرُ سُقْمِي فِي هَوَاهَا وَحُبِّهَا لَهُ مِنْ دَمِي وَاللَّحْمِ شِرْبٌ وَمَأْكَلُ[88]

فإذا سمِعْت السُّقم وهو انتِهاك الجسد، وسمِعْت ما بعده من دمِي واللَّحم [6ب/ 7أ] علِمْت أنَّ القافية شِرْب ومَأكل، وأنشد بعضُهم عند ابن عبَّاس[89]:

تَشِطُّ غَدًا دَارُ جِيرَانِنَا[90]

فقال ابن عبَّاس:

وَلَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبْعَدُ
فقال: وهكذا - والله - قلتُ، فقال ابن عباس: وهكذا يكون.

وربَّما التبس التَّوشيح بالتَّصدير، والفرْقُ بيْنهُما أنَّ دلالة التَّصدير لا تكون إلاَّ لفظيَّة.


ــــــــــــــــــــ
[1] وممّن سمّاه التصدير: الحاتمي في "حلية المحاضرة" 1/162، وابن رشيق في "العمدة" 1/571، وأسامة بن منقذ في "البديع" 85، ونسب ابن أبي الإصبع تسميته بالتَّصدير للمتأخرين، انظر: "بديع القرآن" 36، و"تحرير التحبير" 116.
[2] سورة الأحزاب؛ الآية: 37.
[3] سورة نوح؛ الآية: 10.
[4] سورة الشعراء؛ الآية: 168.
[5] من الرمل، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 17ب.
[6] من الطويل، ورد دون عزو في "البديع"؛ لابن المعتز 48، وكتاب "الصناعتين"؛ لأبي هلال 386، و"تحرير التحبير"؛ لابن أبي الإصبع 116، و"حسن التوسل"؛ لشهاب الدين الحلبي 214، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجة 1/255، ونسبه العباسي في "معاهد التنصيص" 3/242؛ للمغيرة بن عبدالله بالملقب بالأقيشر.
[7] من الطويل وهو لابن قرقماس، زهر الربيع 17ب.
[8] من الخفيف ورد دون عزو في "نفحات الأزهار"؛ للنابلسي 49، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 17ب.
[9] من الخفيف، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 18ب.
[10] وهذا ما يجتمع فيه التصدير والجناس.
[11] من المضارع، وقد ورد دون عزو في "نفحات الأزهار"؛ للنابلسي 48، وهو لابن قرقماس، وقبله قوله:
وَقَدْ أَطْلَقَ الدَّمْعَ مِنِّي وَرَامَ فِي الحُبِّ أَسْرِي



انظر: "زهر الربيع" 18أ.


[12] من مجزوء المنسرح، وهو لابن قرقماس، وقبله قوله:
بِي مِنْ بَنِي التُّرْكِ ظَبْيٌ يَا صَاحِ عَمًّا وَخَالا



انظر: "زهر الربيع" 18ب.

[13] البيتان من الكامل، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 18ب.
[14] من السريع، ورد دون عزو في "نفحات الأزهار" 50، وورد منسوبًا للحريري في "الإيضاح" 6/106، والرَّاجح - والله أعلم - أنَّه للأرجاني؛ لأنَّه ورد في "ديوانه" 1/296 من قصيدةٍ يَمدح فيها الوزير شَمس الملك عُثْمان بن نظام الملك، وورد معزوًّا للأرجاني في: "التبيان"؛ للطيبي 498، و"الدُّرّ النَّفيس"؛ للنواجي 3ب، و"معاهد التَّنصيص" 3/277، و"أنوار الرَّبيع" 3/102.
[15] من السريع، ورد دون عزو في "نفَحات الأزْهار" 48، وهو لابن قرقماس، وبعده قوله:
وَنَاصِبِ الأَشْرَاكِ مِنْ هُدْبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ القَلْبَ مَوْثُوقُهُ



انظر: "زهر الربيع" 19أ.

[16] من الطويل، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 19أ.
[17] من المتقارب، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 19أ.
[18] من الطويل، وهو لأبي تمام، انظر: ديوانه 4/83، وورد معزوًّا له في "روضة الفصاحة"؛ للرازي 228، و"حسن التوسل" 219، و"التبيان"؛ للطيبي 498، و"معاهد التنصيص" 3/289، و"نهاية الأرب" 7/112، و"أنوار الربيع" 3/104، و"نفحات الأزهار" 50.
[19] تعقيبه يَعْني أنَّه يضعف الاستشهاد به، ولم يبين السبب.
[20] البيت لابن قرقماس، وقد مرَّ تخريجه في شواهد الجِناس المقلوب المسمَّى بالمجنَّح.
[21] ورد في النسختين (ونحو) والصواب إسقاط الواو.
[22] من الخفيف، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 20أ.
[23] البيتان من السريع، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 20 أ.
[24] سورة نوح؛ الآيتان: 13- 14.
[25] من البسيط، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 21ب.
[26] سورة الغاشية؛ الآية: 13- 14.
[27] سورة المرسلات؛ الآيتان: 1 - 2.
[28] من البسيط، وهو لأبي تمَّام من قصيدة يَمدح بها المعتصم، ويذكر فتح عمورية، انظر "ديوان أبي تمام" 1/58، وورد البيت في جلِّ المصادر البلاغيَّة شاهدًا على التشطير، انظر مثلاً: "تحرير التحبير" 308، و"الإيضاح" 6/112، و"طراز الحلة" 239، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 1/381، 2/412، و"معاهد التنصيص" 3/291.
[29] من البسيط، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 22أ.
[30] من البسيط، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 22أ.
[31] من البسيط، وهو لابن قرقماس، من أبْيات يمدح بها ابن حَجَر، وقبله قوله:
أَفْدِي الشِّهَابَ أَبَا العَبَّاسِ مِنْ رَجُلٍ أَضْحَى بِهِ حَجَرُ الإِسْلامِ مُسْتَلَمَا



انظر: "زهر الربيع" 22ب.

[32] من البسيط، وهو لأبي الطَّيِّب المتنبِّي، "شرْح ديوان المتنبي"؛ للعكبري 3/80، و"تحرير التحبير" 299، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجة 2/412، و"معاهد التَّنصيص" 3/291.
[33] هذا القول للحريري يصِفُ وعظ أبي زيد، ذكره في "المقامة الصنعانيَّة"، انظر: "مقامات الحريري" 18، وورد هذا القول منسوبًا للحريري في "الطّراز"؛ للعلوي 2/274، و"شرح التلخيص"؛ للبابرتي 679، و"الإيضاح"؛ للقزويني 6/107.
[34] ممَّن قال ذلك: القزويني في "الإيضاح" 6/108، ونصُّ المؤلِّف قريبٌ من نَصِّ القَزْويني فلعلَّه أخذه عنْه.
[35] سورة الواقعة؛ الآيات: 28 - 30.
[36] سورة النجم؛ الآيتان: 1 - 2.
[37] سورة الحاقة؛ الآيتان: 30 - 31.
[38] سورة الفيل؛ الآيتان: 1 - 2.
[39] قضيَّة خلافيَّة، أوْسعها العُلماء بحثًا، وأفْرَدها بعضُ الأفاضل بمؤلَّف خاص، مثل كتاب "الفاصِلة في القرآن الكريم"؛ للأستاذ محمد الحسناوي، عرض بالتفصيل لهذه المسألة.
[40] لعلَّها مأخوذة من خُطْبة قس بن ساعدة الشَّهيرة: "من عاش مات، ومَن مات فات، وكلُّ ما هو آتٍ آت"؛ انظر: "جَمهرة خُطَب العرَب" 1/28، وانظر: "شرْح التَّلخيص"؛ للبابرتي 680.
[41] وممَّن سمَّاه الموازنة: ابن رشيق في "العمدة" 1/598، والتبريزي في "الوافي" 265، وابن الأثير في "المثل السائر" 1/414، وابن أبي الإصبع في "التحرير" 386.
[42] سورة الغاشية؛ الآيتان: 15 - 16.
[43] سورة الصافات؛ الآيتان: 117- 118.
[44] من البسيط، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 21أ.
[45] من البسيط، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 21أ.
[46] التصريع العروضي هو: تقْفية المصراع، (الشطر) الأول، انظر: "العمدة"؛ لابن رشيق 1/324- 325.
[47] ساقط من الأصل، وهو في ب.
[48] هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي (80 ق. هـ) من أشْهر شعراء العصر الجاهلي من أصحاب المعلقات، انظر: "الشِّعر والشعراء" 1/111- 142.
[49] من الطويل، انظر: ديوان امرئ القيس 27، و"تحرير التحبير" 305، و"الإيضاح" 6/113.
[50] من الطويل، وهو أيضًا لامْرِئ القيس، انظر: "ديوان امرئ القيس" 380، وانظر: "تحرير التحبير" 306.
[51] انتقد بهاء الدين السُّبْكي هذا المصطلح، فقال: "وهي عبارة لا يناسب ذكرها، فإنَّ التَّشريع قد اشتهر استعماله فيما يتعلق بالشَّرع المطهر، وكان اللاَّئق اجتنابها" عروس الأفراح، "شروح التلخيص" 4/461.
[52] وممَّن سمَّاه بذلك: رشيد الدين الوطواط في "حدائق السحر" 157، وممَّا يؤخذ على هذا المصطلح أنَّه لا يصلح إلاَّ لما كان الخيار فيه بين قافيتين فحسب، ولو زاد الخيار إلى ثلاثٍ لما كان المصطلح منطبقًا عليه.
[53] هو نصر الله بن محمَّد بن محمد الشَّيباني الجزري، المعروف بابن الأثير الكاتب (558 - 637هـ) وزير كاتب، له عددٌ من المؤلَّفات في البلاغة والنَّقد، من أشهرها: "المثَل السَّائر في أدَب الكاتِب والشَّاعر"، و"الجامع الكبير في المنظوم"، وغيرهما، انظُر ترْجَمته في: "وفيات الأعيان" 5/389 - 397.
[54] ورد ذلك عند ابن الأثير في كتابه "المثل السائر" 3/257، وفي "الجامع الكبير" 242.
[55] ممَّن جاء عنده التَّوشيح بمعنى الإرْصاد: الخطيب القزونيي في "الإيضاح" 6/24، وابن مالك الرُّعيني في "طراز الحلَّة" 407.
[56] البيتان من الكامل، وهُما للحريري، ذكرهما في المقامة الشِّعْرية ذات الرقم 23 في مقاماته، وانظر: "تحرير التحبير" 523، و"روضة الفصاحة" 270، و"شرْح الكافية البديعيَّة" 113، و"طراز الحلة" 266، و"الإيضاح" 6/114- 115، و"شرح التلخيص"؛ للبابرتي 683، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 2/266، و"شرح عقود الجمان"؛ للسيوطي 155، و"معاهد التنصيص" 3/299.
[57] في الأصل الضَّرب الثاني منه، والتصويب من (ب).
[58] البيتان من الرجَز، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 24 أ.
[59] البيتان أيضًا في الكامل، وردا دون عزو في "نفحات الأزهار" 118، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 24أ.
[60] لقد تابع المؤلِّفُ بعضَ البلاغيين في التمثيل لهذا النوع بآيات كريمة، وإني أرى أنه من الأدب ألاَّ يمثّل له بآيات خشية الوقوع في محْذور؛ لأنَّ ما يوصف به الشَّاعر أو الناثر من التِزامهما بما لا يلزم لا يصحُّ أن يقال في جنب الله، تعالى الله عن ذلك.
[61] سورة الطور؛ الآيتان: 1 - 2.
[62] سورة الضحى؛ الآتيان: 9 -10 .
[63] سورة الانشقاق؛ الآيتان: 17 - 18.
[64] البيتان من البسيط، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 22ب.
[65] يعني أنَّ الالتِزام في صدْرَي البيتَين وفي عجُزِهما.
[66] من المتقارب، وهو لأبي تمَّام من قصيدة يَرْثِي بها خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني، انظر: "ديوان أبي تمَّام" 4/10، وانظر: "تَحرير التَّحبير" 452، و"أنوار الرَّبيع" 3/232.
[67] من البسيط، هو لابْنِ قِرْقماس، انظر: "زهر الربيع" 22ب.
[68] البيتان من مجزوء الكامل، وهُما لابْنِ الرُّومي، والرواية في ديوانه 3/6 مختلفة؛ إذ ورد في الدِّيوان:
أَبْشَارُهُنَّ وَمَا ادَّرَعْ نَ مِنَ الحَرِيرِ مَعًا حَرِيرْ
وَجَمَالُهُنَّ وَمَا لَبِسْ نَ مِنَ الحَبِيرِ مَعًا حَبِيرْ
وَنَسِيمُهُنَّ وَمَا مَسِسْ نَ مِنَ العَبِيرِ مَعًا عَبِيرْ



ويظهر أنَّ المؤلِّف اعتمدَ على ما ورد في "تحرير التحبير"؛ لابن أبي الإصْبع 452؛ لتطابُق الروايتين.

[69] ذكر الرمَّاني الازدِواج في باب التجنيس، وذكر منه الآيةَ الَّتي أوْردها المؤلف، انظر: النُّكت في إعْجاز القُرآن (ثلاث رسائل ص99) ولعلَّ الرمَّاني حين فعل ذلك انطلق من المفهوم العامِّ للتَّجانُس بمعنى التَّشابُه والتَّشاكُل، وكان هذا المفهوم قبل مرحلة استِقْرار المصطلحات.
[70] سورة البقرة؛ الآية: 194.
[71] من الطويل، وهو لمروان بن أبي حفصة، انظر: شعر مروان بن أبي حفصة 88، وانظر: كفاية الطالب 157، وتحرير التحبير 295، وحسن التوسُّل 273.
ويلحظ أنَّ الاستِشهاد بهذا البيت يصح إذا لم يعتد بواو الجماعة، فلو اعتدّ بها لم ينطبق عليه التعريف، لاتِّفاق أجْزاء البيت بانتهائِها بتلك الواو.

[72] من البسيط، وهو لابن أبي الإصبع المصري، انظر: "تحرير التحبير" 295 - 296، وانظر: "خزانة الأدب"؛ لابن حجة 2/431.
[73] من الوافر، ورد دون عزو في "تحرير التَّحبير" 315، و"حسن التَّوسُّل" 274، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 2/305، و"نهاية الأرب" 7/148، وظننْتُ أنَّه لابْنِ الرُّومي؛ لأنَّ ابن أبي الإصبع ذكر قبله أبياتًا لابن الرومي، ثم قال وقوله، ولكنَّني لم أعْثُر عليه في ديوان ابن الرومي.
قلتُ: ورد في ديوان المعاني لأبي هلال العسكري مسبوقًا بقوله: قلت 1/307، فلعلَّه للعسكري، وقد جاءت رواية ديوان المعاني:

كَأَنَّ الكَأْسَ مِنْ يَدِهِ وَفِيهِ عَقِيقٌ فِي عَقِيقٍ فِي عَقِيقِ



[74] من الوافر، وقد ورد في حسن التَّوسُّل دون عزو، وقال ابنُ أبي الإصبع حين ذكره في "تَحرير التحبير" 315: "وَأنا أشكُّ هل هو لأبي نُوَاس أو ابن المعتز"؛ ولهذا ذكره ابن حجَّة في "خزانة الأدب" (2/ 305)، منسوبًا لابن المعتز، وورد في مقدمة "ديوان أبي نواس" (ص25) نشر محمد فريد، وورد عن النَّابلسي في "نفحات الأزْهار" 258 منسوبًا للمهلّبي الوزير.
وَوَرد في ديوان أبي العبَّاس أحمد بن محمد الدَّارمي (399هـ) بيتٌ شبيه به:

فَثَوْبِي وَالمُدَامُ وَلَوْنُ خَدِّي قَرِيبٌ مِنْ قَرِيبٍ مِنْ قَرِيبِ



انظر: "حسن التوسُّل"، حاشية المحقق 274 ، ولم أقفْ عليه في ديوان ابن المعتز.

[75] البيتان من الوافر، وهما لابن الرومي، انظُر: "ديوان ابن الرومي" 1/411، وانظر: "تحرير التحبير" 314، و"حسن التوسل" 274، و"شرح الكافية البديعية" 198، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجة 2/305، و"نهاية الأرب" 7/148، و"نفحات الأزهار" 259.
[76] قال العجلوني في "كشف الخفاء" 2/396 رقم الحديث 2254: "رواه الشيخان عن أنس مرفوعًا، وفي لفظ: ((يشيب ابن آدم ويشبُّ منه خصلتان))، ويظْهر أنَّ المؤلِّف نقله عن ابن أبي الإصبع، انظر: "تحرير التحبير" 316.
[77] البيتان من البسيط، ذكرَهُما ابن أبي الإصبع مع أرْبعة أبيات أُخْرى دون عزو، انظر: "تحرير التحبير" 316 - 317، ووردا كذلك دون عزو في "حسن التوسل" 275، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجة 1/372، و"نهاية الأرب" 7/148، و"نفحات الأزهار" 144.
[78] هو سراج الدين موسى بن علي بن وهب القشيري (641- 685هـ)، المعروف بابن دقيق العيد من فقهاء الشافعية، انظر ترجمته في "فوات الوفيات" 3/442- 450.
[79] الأبيات الخمسة من البَسيط، وردت في شعر ابن دقيق العيد، انظر: "ابن دقيق العيد، حياته وديوانه" 183، وانظر: "الغيث المسجم"؛ للصَّفدي 1/146- 147.
[80] هو أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين البستي (400هـ) من كتَّاب الدولة السامانية في خراسان، من شعراء البديع المشهورين، انظر ترجمته في "وفيات الأعيان" 3/376- 378.
[81] لم أعثُر عليْها في ديوان أبي الفتح البستي، طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق.
[82] وممَّن يسمِّيه بذلك: القزويني في "الإيضاح" 6/24، والرعيني في "طراز الحلة" 407.
[83] سورة العنكبوت؛ الآية: 40.
[84] سورة الواقعة؛ الآية: 64.
[85] من الوافر، وردَ في "الإيضاح" 6/26 دون عزو، وهو لعمرو بن معدي كرب، انظر: "معاهد التنصيص" 2/226، وانظر: "معجم الشُّعراء"؛ للمرزباني 209، وكتاب "الصناعتين" 279.
[86] من الوافر، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 31أ.
[87] سورة آل عمران؛ الآية: 33.
[88] من الطويل، لم أقِف على معرفة قائله.
[89] هو أبو العباس عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي (3ق هـ - 68هـ) حبْر الأمة، لازم الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه الأحاديث، ودعا له بأن يفقِّهه في الدين ويعلِّمه التأويل، انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" 3/62 - 64.
[90] البيت من المتقارب، وهو لعمر بن أبي ربيعة، انظر: ديوانه 72، وقد روى القصة ابن أبي الإصبع في "تحرير التحبير" 299، ويظهر أنَّ المؤلف نقَلَها عنه، وانظر: "حُسْن التَّوسُّل" 260، و"خزانة الأدب" 1/223، و"نهاية الأرب" 7/138، و"معاهد التنصيص" 2/238، و"نفحات الأزهار" 236.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-03-2022, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (4/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل



باب الاحتباك[1]

وهو أن تَحْذِفَ من الأوَّل ما أثبتَّ نظيره في الثاني ومنَ الثَّاني ما أثبتَّ نظيرَه في الأوَّل؛ كقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}[2]، حذَف عليهم لإثْبات نظيرِه وهو عليْهِنَّ، وحذف لهُم الإثبات نظيره وهو لهنَّ، وقوله: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ}[3]، حذَف من الأوَّل مؤمنة نظير كافِرة في الثَّاني، ومن الثَّاني تُقاتل في سبيل الشَّيطان نظير في سبيل الله.

ونحو:

وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ[4]

حذَف من الأوَّل انتِفاضة، ومن الثَّاني هزَّة.
باب الاكتفاء

عَرَّفه ابنُ رشيق[5]: هو أنْ يدُلَّ موْجود الكلام على محذوفِه[6]، و هو ما دلَّ عليْه بدلالةٍ لفظيَّة، وهو نوع من الإيجاز، لكنَّه أخصُّ منه؛ إذِ الإيجاز ما دلَّ عليه بدلالةٍ إمَّا لفظيَّة، نحو: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}[7]؛ أي: صالحةٍ بدليل (أن أعيبَها)، وأنَّه قرئ[8] كذلك، أو عقليَّة نحو: {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ}[9]؛ أي: أهلها؛ لامتِناع توجُّه السُّؤال لها عقلاً، فكلُّ اكتِفاء إيجازٌ ولا عكْس، وقيل[10]: إنَّهما متَّحدان، وعلى تسليمِه فالإيجاز من مباحث عِلم المعاني، والاكتِفاء من مقولات فنِّ البديع، ولا يعترض على أهل فنٍّ باصطِلاح غيرِهم، فمن الاكتِفاء قولُه تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ}[11]؛ أي: والبرد حذفه اكتِفاءً، وقوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَى}[12]؛ أي: لكان هذا القرآن، وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[13]؛ أي: أعْرَضوا، وقوله: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا}[14]، أي: فأرسلوني إلى يوسف لأسْتَعْبِره الرؤيا، فأرسلوه فأتاه فقال: أيُّها الصديق، وحديث [7أ/7ب] البخاري[15] عن نافع[16] عن ابنِ عمر[17]: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[18] قال يأتيها في...، قال الزركشي[19]: كذا[20] الرواية، وكأنَّه أسْقَط الباقي وهو الدُّبر لاستِنْكاره، ومِن الغريب أنَّ عُلماء البديع[21] مثَّلوا لِلاكتِفاء الَّذي هو من مَحاسن الكلام بما منع بعضَه جماهيرُ[22] النُّحاة، كحذْف الفاعل في قوله:
فَقُلْتُ لَهُمْ لَوْ كُنْتُ أَضْمَرْتُ تَوْبَةً وَعَايَنْتُ هَذَا فِي المَنَامِ بَدَا لِي[23]

أي: نقْضُها، وحذْف المجرور في قولِه:
.... .... .... ..... إِنْ غَابَ عَنْ إِنْسَانِ عَيْنِي فَهْوَ فِي[24]

أيْ في قلبي، وقوله:
أَذْكُرُ ثَغْرًا لَهَا فَأَسْكَرُ مِنْ وُرُودِ خَدٍّ لَهَا فَأَرْتَعُ فِي[25]

أي من خمر في روض، وحذف الصِّلة[26] في قوله:
وانْفَعْ صَدِيقَكَ إِنْ صَدَقْتَ وِدَادَهُ وَادْفَعْ عَدُوَّكَ بِالَّتِي فَإِذَا الَّذِي[27]


وحذف مجزوم لم في قوله:
أَنا مُحِبُّكَ حَقًّا إِنْ كُنْتَ فِي القَوْمِ أَوْ لَمْ[28]


والجواب: أنَّ ذلك لا يُخرجه عن كوْنِه بديعًا وأنَّه من المحسِّنات، لكن لا يُوصَل إليْه إلاَّ بارتِكاب ذلك المحْظور عند النُّحاة دون أهل البديع؛ لأنَّ البديعيَّ إنَّما يبحث عن وجوه تَحسين الكلام بعد رعاية مطابقتِه لمُقْتَضَى الحال كما مرَّ[29].

وقد أُولع المتأخِّرون[30] بهذا النوع، وخلطوه بالتَّورية، فحسن في الذَّوق، ولطُف في السَّمع، وبالغوا حتَّى حذفوا بعضَ الكلِمة نحو:

يَا مُتْهِمِي بِالسُّقْمِ كُنْ مُنْجِدِي وَلا تُطِلْ رَفْضِي فَإِنِّي عَلِي (ل)
أَنْتَ خَلِيلِي فَبِحَقِّ الهَوَى كُنْ لِشُجُونِي رَاحِمًا يَا خَلِي (ل)[31]


ونحو:
مَنْ عَاذِرِي فِي عَاذِلٍ يَلُومُ فِي حُبِّ رَشَا
إِذَا طَلَبْتُ وَصْلَهُ قَالُوا كَفَى بِالدَّمْعِ شَا (غِلا) أو (هِدا)[32]

ونحو:
أَقُولُ وَقَدْ جَاءَ الغُلامُ بِصَحْنِهِ عُقَيْبَ طَعَامِ الفِطْرِ يَا غَايَةَ المُنَى
بِعَيْشِكَ حَدِّثْنِي بِصَحْنِ قَطَايِفٍ وَبُحْ بِاسْمِ مَنْ تَهْوَى وَدَعْنِي مِنَ الكُنَى[33]

ونحو:
نَوَاعِيرٌ نَعَتْ لِي رَشًا لِلْقَلْبِ رَاعِي
فَهَامَ القَلْبُ مِنِّي عَلَى حُسْنِ النَّوَاعِي (ر)[34]

ونحو:

طِيبُ نَشْرٍ قَدْ أَتَانَا مِنْكُمُ يَا لَقَوْمِي إِنَّ هَذَا النَّشْرَ طَيْ [7ب/18]
قَرُبَتْ نَحْوِي، وَقَالَتْ: يَا تُرَى أَنْتَ حَيٌّ فِي هَوَانَا قُلْتُ: مَيْ [35] (ت)


ومنه[36]:

عَنْ دَمِي خَدُّكَ هَذَا العَنْدَمِيُّ سَلْهُ وَاحْكُمْ بَيْنَنَا يَا مُؤْتَمنْ
قَالَ مَا هَذَا دَمِي؟ قُلْتُ فَمَا؟ قَالَ هَذَا صِبْغَةُ اللَّهِ وَمَنْ[37]


ونحو:
يَا ذَوَاتِ الخَالِ قَلْبِي مُفْتَتَنْ آهِ مِنْ خَالٍ بِقَلْبِي قَدْ سَكَنْ
جَاءَ كَالسَّائِلِ دَمْعِي وَإِذَا صَدَقَ السَّائِلُ لا أَفْلَحَ مَنْ[38]

ونحو:
لا تَحْمِلَنْ إِهَانَةً مِنْ صَاحِبٍ وَإِنْ عَلا
فَمَنْ أَتَى فَمَرْحَبًا وَمَنْ تَوَلَّى فإِلَى[39]

ونحو:
وَأَعْجَبُ مَا أُحَدِّثُ عَنْهُ أَنِّي فُتِتْتُ بِهِ وَلا يَدْرِي بِأَنِّي[40]

ونحو:
وَجْهٌ يَفُوقُ الهِلالَ حُسْنًا ويُخْجِلُ البَدْرَ إِنْ تَجَلَّى
يَقُولُ فِي الحَالِ مَنْ يَرَاهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ[41] [الله][42]

ونحو:
يَا جَاهِلاً عَابَ شِعْرِي فَكَدَّ قَلْبِي وَآلَمْ
عَلَيَّ نَحْتُ القَوَافِي وَمَا عَلَيَّ إِذَا لَمْ[43]

ونحو:

أَمَا الغُصْنُ مِنْ مَاءِ الشَّبِيبَةِ مُرْتَوٍ فَيَا خَصْرَهُ المَمْشُوقَ لِمْ تَشْتَكِي الظَّمَا
حَمَى ثَغْرَهُ عَنِّى بِصَارِمِ لَحْظِهِ فَلَوْ رُمْتُ تَقْبِيلاً لِذَاكَ اللَّمَى لَمَا[44]


وأشعارهم في ذلك كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية وتمرين.
باب التضمين

وهو عند النَّحويين[45]: إعْطاء فعلٍ معنى فعلٍ آخَر، نحو: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا}[46]؛ أي: خسِرتْ؛ ولهذا انتصب المفعول به.

وعند أهْل العروض[47]: أن يكون معنى البَيْت متوقِّفًا على الَّذي بعده، وهو من عيوب القافِية نحو:

وَهُمْ وَرَدُوا الجِفَارَ عَلَى تَمِيمٍ وَهُمْ أَصْحَابُ يَوْمِ عُكَاظَ إِنِّي
شَهِدْتُ لَهُمْ مَوَاطِنَ صَادِقَاتٍ شَهِدْنَ لَهُمْ بِصِدْقِ الوُدِّ مِنِّي[48]


وعند أهل البديع[49]: أن يضمِّن كلامَه شيئًا من كلامِ غيرِه.

فإن كان التَّضمين بيتًا أو أكْثر فاستِعانة؛ لأنَّه اسْتعان به، كقولي من قصيدة:

تَأَخَّرَ لا ذَنْبًا جَنَاهُ وَلا أَتَى وَحُقَّ لَهُ أَنْ يُنْشِدَ الآنَ مَعْلَمَا
كَأَنِّيَ مِنْ أَخْبَارِ (إِنَّ) وَلَمْ يُجِزْ لَهُ أَحَدٌ فِي النَّحْوِ أَنْ يَتَقَدَّمَا[50]

وإن كان التَّضمين نصفَ بيتٍ فأقلّ، فإيداع ورفو؛ لأنَّه أوْدع [18أ/8ب] شِعْره كلامًا آخر ورفاه به، ولا بدَّ من التَّنبيه على أنَّه ليس من شِعْره إلاَّ أن يكون مشهورًا عند أهْل هذا الشَّأن، كقولي من قصيدة:
فَمَالَتْ وَقَدْ قَالَتْ مَعَ الغَيِّ وَالصِّبَا (هَوَى كُلِّ نَفْسٍ أَيْنَ حَلَّ حَبِيبُهَا)[51]

وقولي:
وَفِي مَذْهَبِي أَنْ لَيْسَ فِي الحُسْنِ مِثْلُهُ وَأَنِّي لَهُ فِي مَذْهَبِ الحُبِّ ذَاهِبُ
فَتَقْلِيدُهُ حُبِّي وَعِشْقِيهِ مَذْهَبِي (وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ)[52]

وإن كان من القُرآن أو الحديث أو غيرِهما فاقْتِباس، بشرْطِ قطْعِ النَّظَر عن كونه بلَفْظِ المقتبس منه، فلا يَضير تغيير[53] ألفاظِ القُرآن أو نقْلها من معنًى إلى معنًى آخَر في الاقتِباس، نحو:
قَدْ كَانَ مَا خِفْتُ أَنْ يَكُونَا إِنَّا إِلى اللَّهِ رَاجِعُونَا[54]

ونحو:
حَسَنَاتُ الخَدِّ مِنْهُ قَدْ أطَالَتْ حَسَرَاتِي
كُلَّمَا سَاءَ فِعَالاً قُلْتُ إِنَّ الحَسَنَاتِ[55]

ونحو:
قَالَ لِي إِنَّ رَقِِيبِي سَيِّئُ الخُلْقِ فَدَارِهْ
قُلْتُ دَعْنِي وَجْهُكَ الجَنْ نَةُ حُفَّتْ بِالمَكَارِهْ[56]

ونحو:
بِرُوحِي أُفَدِّي كَالغَزَالِ مُحَدِّثًا إِلَى حُسْنِهِ لَحْظِي لَعَمْرُكَ مُرْسَلُ
وَصَبْرِي عَلَيْهِ ذَابِلٌ مِثْلُ طَرْفِهِ وَنَوْمِيَ مَرْفُوعٌ وَدَمْعِي مُسَلْسَلُ[57]

وإن جعل معنى الشِّعْر نثرًا فهو الحَلّ؛ لأنَّه حلَّ معناه نثرًا بعد أن كان نظْمًا، وإن كان فيه إشارة إلى قصَّة، أو شعر مشْهور، أو مثَل سائر، فتلْميح بتقديم اللام على الميم، أو تمْليح بتقديم الميم، ورُدَّ بأنَّ التَّمليح الإتْيان بالشَّيء المليح كالتَّشبيه والاستِعارة، نحو:
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَأَحْلامُ نَائِمٍ أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَّكْبِ يُوشَعُ[58]

إشارة إلى قصَّة يوشع - عليه السَّلام - ووقوف الشَّمس له.

وكقولي:

يَرُومُ العَاذِلُونَ سُلُوَّ شَمْسٍ نَأَتْ عَمْدًا وَقَدْ زَادَ الوِدَادُ
أَيُمْكِنُ فِي الغَرَامِ سُلُوُّ صَبٍّ يَحِلُّ لِسَمْعِهِ بَانَتْ سُعَادُ[8ب/9أ][59]

ونحو:
رُحْتُ أَبْكِي بِرَبْعِ مَيِّتِ صَخْرٍ لَمْ يُجِبْنِي كَأَنَّنِي الخَنْسَاءُ[60]

إشارة إلى الخنْساء[61] الَّتي ضُرِبَ بِها المثَل؛ لكثْرة مراثِيها في أَخيها صَخْر.

وإن كان فيه التَّنبيه على ما أخذته منْه، من قُرآن أو حَديثٍ أو مثَل، بنحو قال أو يقول، ما لم يشتهر، فهو العقد، نحو:

لَقَدْ قَالَ رَبُّكَ فِي ذِكْرِهِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ[62]

ونحو:
فَلَقَدْ يَقُولُ المُصْطَفَى خَيْرُ الوَرَى العُسْرُ شُؤْمٌ وَالسَّمَاحُ رَبَاحُ[63]

وكقوله:
يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الأَسَنّ وَطَالِبًا عِلْمَ السُّنَنْ
هَلاَّ اشْتَغَلْتَ فِي الصِّبَا الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنْ[64]

باب حسن الابتداء والختام والمخلص

ينبغي للمتكلِّم التأنُّق - أي: المبالغة في الحُسْن - في ثلاثةِ مواضع، أحدُها: الابتداء؛ لأنَّه أوَّل ما يقْرع السَّمع، فيأتي فيه بِما يُناسب المقام، ويسمَّى براعة الاستِهْلال، كقولِه في التَّهْنِئة:

بُشْرَى فَقَدْ أَنْجَزَ الإِقْبَالُ مَا وَعَدَا وَكَوْكَبُ السَّعْدِ فِي أُفْقِ العُلا صَعِدَا[65]

وقوله في دار:
قَصْرٌ عَلَيْهِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ خَلَعَتْ عَلَيْهِ جَمَالَهَا الأَيَّامُ[66]


وقوله في المراثي:

عِشْ مَا تَشَاءُ فَإِنَّ آخِرَهُ الفَنَا والمَوْتُ مَا لا بُدَّ عَنْهُ وَلا غِنَى[67]


ونحو:

هَلْ إِلَى أَنْ تَنَامَ عَيْنِي سَبِيلُ إِنَّ عَهْدِي بِالنَّوْمِ عَهْدٌ طَوْيلُ[68]


ونحو:

لمَسْتُ بِكَفِّي كَفَّهُ أَبْتَغِي الغِنَى وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي
فَلا أَنا مِنْهُ مَا اسْتَفَادَ ذَوُو الغِنَى أَفَدْتُ وَأَعْدَانِي فَأَتْلَفْتُ مَا عِنْدِي[69]

وإذا نظرتَ إلى فواتح السُّور رأيتَها على أحسن أسلوب من البلاغة والتفنُّن في الفصاحة.

ثانيهما: المخلص:
وهو أن يتخلَّص النَّاظم أو النَّاثر من معنًى إلى آخَر بِأَلْطف عبارة، كأن يتخلَّص من غزَل، أو فخْر، أو وصْف روْضٍ، أو طلَل بال، أو رَبْع خالٍ إلى مدْح، أو هجْو، أو وصْف حرب، أو غير ذلك، وهو من أجلِّ المحاسن، ودليلٌ على رسوخ [9أ/9ب] القدَم في البلاغة، وقدِ اعْتنى به المتأخِّرون دون العرب؛ لا لِعَجْزهم، بل كانوا يؤْثِرون عدم التكلُّف، ولا يرتكِبون من فنون البديع إلاَّ ما خَلا عن التعسُّف، وإلاَّ فَهُم أهلُ هذا الشَّأن، والسَّابقون بالمعاني الحِسان، نحو:

أَجِدَّكِ مَا تَدْرِينَ أَنْ رُبَّ لَيْلَةٍ كَأَنَّ دُجَاهَا مِنْ قُرُونِكَ يُنْشَرُ
سَرَيْتُ بِهَا حَتَّى تَجَلَّتْ بِغُرَّةٍ كَغُرَّةِ يَحْيَى حِينَ يُذْكَرُ جَعْفَرُ[70]

فانظُر إلى هذا المخلص السَّهل الذي لا يشعُر سامعه إلاَّ وقد وقع في المعنَى الثَّاني، مع سهولة الألفاظ، وكقوله في مدْح منْصور:
لَمَّا رَأَتْ أَدْمُعِي جَادَتْ سَحَائِبُهُ وَدُرُّهُ لِنِظَامِ العِقْدِ مَنْثُورُ
قَالَتْ فَدَيْتُكَ كَمْ جُودٍ؟ فَقُلْتُ لَهَا مَقَالَةً مَا بِهَا مَيْنٌ وَلا زُورُ
إِنَّ البَخِيلَ لَمَخْذُولٌ وَإِنْ كَثَُرَتْ أَنْصَارُهُ وَحَلِيفُ الجُودِ مَنْصُورُ[71]

ثالثُها: الختام:
وهو أن يأتِي في كلامِه بأحسن خاتِمة، فإنَّها آخِرُ ما تبقى من الأسماع، وربما حُفِظتْ دون سائر الكلام، وربَّما جَبَرَت ما سبق من التَّقْصير وإلاَّ كان بالعكْس، وربَّما أنسي المحاسن كقَوْل بعضِهم[72] في آخر كتاب وصيَّة على أيتام مات والدُهم: لا زال مولانا عاقلة الدَّهر إن جُنِيَ على أوليائِه وَدَاهُم[73]، ولا عدِموه منعمًا إن سألوه أعْطاهم، وإن لم يسألُوه بداهم، وكقوْل أبي نواس[74] في خصيب[75] عامل مصر:

أَنْتَ الخَصِيبُ وَهَذِهِ مِصْرُ فَتَدَفَّقَا فَكِلاكُمَا بَحْرُ
لا تَقْعُدَا بِي عَنْ مَدَى أَمَلِي شَيْئًا فَمَا لَكُمَا بِهِ عُذْرُ
وَيَحِقُّ لِي إِذْ صِرْتُ بَيْنَكُمَا أَلاَّ يَحِلَّ بِسَاحَتِي فَقْرُ[76]


وقوله فيه أيضًا:
وَإِنِّي جَدِيرٌ إِذْ بَلَغْتُكَ بِالمُنَى وَأَنْتَ بِمَا أَمَّلْتُ مِنْكَ جَدِيرُ
فَإِنْ تُولِنِي مِنْكَ الجَمِيلَ فَأَهْلُهُ وَإِلاَّ فَإِنِّي عَاذِرٌ وَشَكُورُ[77]

وكقول أبي تمَّام في فتح عمُّورية:
إِنْ كَانَ بَيْنَ لَيَالِي الدَّهْرِ مِنْ رَحِمٍ مَوْصُولَةٍ وَذِمَامٍ غَيْرِ مُنْقَضِبِ
فَبَيْنَ أَيَّامِكَ اللاَّتِي نُصِرْتَ بِهَا وَبَيْنَ أَيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ[78]

وكقول المتنبي لسيف الدَّولة وقد ذكر الخيل [9ب/10أ]:
فَلا هَجَمْتَ بِهَا إِلاَّ عَلَى ظَفَرٍ وَلا وَصَلْتَ بِهَا إِلاَّ إِلَى أَمَلِ[79]


وقوله:
فَلا حَطَّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجًا وَلا ذَاقَتْ لَكَ الدُّنْيَا فِرَاقَا[80]


وقوله:

أَخَذْتَ عَلَى الأَرْوَاحِ [81] كُلَّ ثَنِيَّةٍ مِنَ العَيْشِ تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ وَتَحْرِمُ
فَلا مَوْتَ إِلاَّ مِنْ سِنَانِكَ يُتَّقَى وَلا رِزْقَ إِلاَّ مِنْ يَمِينِك يُقْسَمُ[82]


وجميع خواتم السور في غاية الحسن ونهاية الكمال لمن تدبَّر.

ــــــــــــــــــــــ
[1] لإبراهيم بن عمر البقاعي (885هـ) كتاب اسمه (الإدراك لفن الاحتِباك)، ذكره في "نظم الدُّرر" 1/225، وانظر: "مجلة آفاق الثقافة والتراث" س3، ع9، المحرم 1416هـ.
[2] سورة البقرة؛ الآية: 228.
[3] سورة آل عمران؛ الآية: 13.
[4] من الطويل، ورد في "طراز الحلَّة"؛ للرعيني دون عزو، وعزاه شهاب الدين الحلبي في "حسن التوسل" 164؛ لأبي صخر الهذلي، وانظر: "نهاية الأرب" 7/75، وانظر: "شرح ديوان الهذليين" 2/95 مع اختلاف في رواية الشطر الأول، وانظر: "خزانة الأدب"؛ للبغدادي 3/254، وانظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" 3/271، فقد ذكر عددًا من المصادر ورد البيت فيها.
[5] هو الحسن بن رشيق القيرواني (390- 463هـ) شاعر، كاتب، ناقد، له عددٌ من المصنَّفات البلاغيَّة والنقديَّة منها: العمدة، وقراضة الذهب، والأنموذج، انظر: وفيات الأعيان 2/85- 89.
[6] جعله ابن رشيق نوعًا من المجاز والإيجاز، ووصفه ابن رشيق بقوله: "يحذفون بعض الكلام لدلالة الباقي على الذاهب"، انظر: العمدة 1/433.
[7] سورة الكهف؛ الآية: 79.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-03-2022, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع


[8] قراءة أبي بن كعب - رضي الله عنه -، وقيل: قرأ بها ابن مسعود - رضي الله عنه -، انظر: تفسير الطبري 8/265، وانظر: روح المعاني 8/333.
[9] سورة يوسف؛ الآية: 82.
[10] لم أقف على الرَّأي الذي ألْمح إليه المؤلف، والحق أنَّ الاكتِفاء أخص من الإيجاز، وليس مساويًا له.
[11] سورة النحل؛ الآية: 81.
[12] سورة الرعد؛ الآية: 31.
[13] سورة يس؛ الآية: 45.
[14] سورة يوسف؛ الآية: 46.
[15] هو أبو عبدالله محمد بن إسماعيل (194- 256هـ)، له كتاب "الجامع الصحيح" المعروف بصحيح البخاري، أصح كتاب في الحديث، كان آيةً في الحِفْظ، قام برحلات طويلة لجمع الحديث، وكان له منهج دقيق في قبول الأحاديث، انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/4- 36.
[16] هو أبو عبدالله نافع بن عمر المدني (117هـ) من أئمَّة التابعين في المدينة، مولى عبدالله بن عمر، كثير الرواية للحديث، انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 5/367- 368.
[17] هو أبو عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطَّاب (10ق هـ - 73هـ) صحابي جليل، روى أكثر من ألْفين وخمسمائة حديث، وهو آخِر من توفي بمكَّة الصَّحابة، انظر: وفيات الأعيان 3/28- 31.
[18] سورة البقرة؛ الآية: 223.
[19] هو محمد بن بهادر بن عبدالله الزَّركشي (745- 794هـ) عالم بفِقْه الشَّافعيَّة والأصول، له كتاب البرهان في علوم القرآن، وله عددٌ من الكتُب في الحديث، انظر: الأعلام للزركلي 6/286.
[20] انظر الحديث عن هذه الرِّواية في: فتْح الباري 8/189، أمَّا قول الزركشي فلم أقف عليه.
[21] ممن مثل بذلك: ابن حجة الحموي في "خزانة الأدب" 1/284، النواجي في "الشفا في بديع الاكتفا" 35، وابن معصوم في "أنوار الربيع" 3/77.
[22] الفاعل عمدة في الجملة وهو المسند إليه، ولذلك يمنع النحاة حذْفَه؛ لأنَّه لا فِعْلَ بلا فاعل، وجعلوا من أحْكامِه أنَّه لا بدَّ منه، انظر: كتاب سيبويه 1/23، 79، وانظر: أوضح المسالك 232، وانظر: خزانة الأدب للبغدادي 10/479 - 480.
[23] من الطويل، وهو لمحمَّد بن الحسين الكاتب (320هـ) المعروف بكشاجم، انظر: ديوانه ص326، وانظر: الشفا في بديع الاكتفا 35/50.

[24] عجُز بيت من الرَّجَز، لشرف الدِّين ابن الفارض، وصدره:
مَا لِلنَّوَى ذَنْبٌ وَمَنْ أَهْوَى مَعِي .... .... .... ....


انظر: "ديوان ابن الفارض"، وانظر: "خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 1/284، 452، و"الشفا في بديع الاكتفا" 35، و"أنوار الربيع" 3/77، ولعلَّ ابن الفارض يرْمُز في هذا البيت إلى الحلول والاتِّحاد الذي عُرِف عنْه اعتِقاده!
[25] من المنسرح، وهو لجمال الدين بن نباتة المصري، وقبله:

أَضْنَى الَّتِي تَاجُهَا وَقَامَتُهَا كَأَنَّهُ هَمْزَةٌ عَلَى أَلِف


انظر: "ديوان ابن نباتة المصري" 334، وانظر: "خزانة الأدب"؛ لابن حجة 1/284، و"الشفا في بديع الاكتفا" 35، 57.
[26] المقصود صلة الموصول؛ لأنَّ بعْض البلاغيِّين يَستَعْمِل مصطلح الصِّلة للجارِّ والمَجرور.
[27] من الكامل، ذكره ابن معصوم في "أنوار الربيع" مع بيت قبله دون عزو 3/79، ونسبه النواجي لبرهان الدين القيراطي، انظر: "الشفاء"؛ للنواجي 36، ولا يخفى على القارئ الكريم أنَّ المحذوف يمكن تقديره بعد بالتي فيكون: بالتي هي أحسن بعد الذي فيعرف، من قوله تعالى: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [سورة فصلت: 34].
[28] من المجتث، أورده السيوطي في "جنى الجناس" دون عزو 135، وهو لصلاح الدين الصفدي، انظر: "جنى الجناس" 134، وانظر: "خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 1/59 نقلاً عن "جنى الجناس"، و"الشفا في بديع الاكتفاء"؛ للنواجي 36، 62، و"معاهد التنصيص" 3/212، و"نفحات الأزهار" 15، والمحذوف يقدَّر بقوْلِنا: أو لم تكن.
[29] يشير المؤلِّف إلى ما ورد في تعريفه لعِلْم البديع.
[30] ومن يطَّلع على كتاب "الشفا في بديع الاكتفا"، ويقْرأ شواهدَه يدرك صحَّة ما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله.
[31]البيتان من السَّريع، ذكرهما النَّواجي منسوبين لغرس الدين خليل بن بشارة، انظر: "الشفا" 95 - 96، والصَّواب الذي يدل عليه البيْتان أنَّ قائلهما اسمه عليّ، ويُخاطب شخصًا اسمه خليل؛ ولِهذا فإنِّي أرى أن ما ذكره كلٌّ من ابْنِ حجَّة والسُّيوطي في "الخزانة" 1/290، وفي "شرْحِ عُقُود الجمان" ص137 هو الصواب؛ إذْ نسباهُما لصدر الدِّين علي بن الآدمي يُخاطب خليل بن بشار، وقد أيَّد ابن معصوم في "أنوار الربيع" 3/89 - 90 نسبتَهما لصدر الدين بن الآدمي، وانظر البيتين معزوَّين لابن الآدمي في "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر"؛ للسخاوي ص777- 778، و"إنباء الغمر" 7/136- 137، و"الضوء اللامع" 6/9.
والشَّاهد في البيتين، آخر كلِمة في البيت الأوَّل حذفت منها اللام فأصبحت كلمة "علي" مورِّيًا الشاعر بها باسمه، وباسم علي - رضي الله عنه - المرشح بكلمة رفضي، وحذف اللام أيضًا من آخر كلمة في البيت الثاني مورِّيًا بها باسم خليل المخاطب إذا قدرت اللام المحذوفة، وبالخالي من الهموم، بترشيح كلمة شُجُوني، وكأنَّه إشارة للمثَل: "ويلٌ للشجي من الخلي".
[32] البيتان من مجزوء الرجز، ذكرَهما السيوطي في "جنى الجناس" 251 دون عزو، وهما لأبي الفتح قابوس بن وشكمير، انظر: "الشفا"؛ للنواجي 39، 83، 85، و"الدر النفيس" له 103ب.
والشَّاهد في البيتين الكلِمة الأخيرة من البيت الثاني (شا)، فإنَّ الشَّاعر اكتفى بها فاستقام الوزن والقافية، وحذف الشاعر بقية الكلمة التي يمكن تقديرها بـ: (شاهدًا) أو (شاغلاً).
[33] البيتان من الطويل، وهما لجمال الدين بن نباتة، انظر: ديوانه، وانظر: "الشفاء"؛ للنواجي 87، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجة 1/290، 2/163، والشاهد في آخِر كلمة من البيت الثاني (الكنى)، فإنَّ الشَّاعر قد ورّى بها بالكنية بترشيح من كلِمة (اسم) قبلها، وبلفظ الكُنافة بعد تقدير المحذوف، بترشيح من كلمة قطايف.
[34] البيتان من مجزوء الهزج، وهما لأبي الفضْل بن قدوة بن أبي الوفا، انظر: "الشفاء"؛ للنواجي 92، و"نفحات الأزهار"؛ للنابلسي 85، والشَّاهد آخر كلمة من البيت الثاني، فإنَّ أصلها النواعير، كما جاء في المخطوط حين قدر المحذوف بحرف الراء.
[35] البيتان من الرَّمَل، وهما لصدر الدين علي بن الآدمي، انظر: "الشفا"؛ للنواجي 93، وروايته فيها زيادة بيت يظهر لي أنَّه بين البيتين، وهو قوله:

يَوْمَ تَوْدِيعِي لأَحْبَابِي غَدًا ذِكْرُ مَيٍّ شَاغِلٌ عَنْ كُلِّ شَيْ


ففي هذا البيت يتَّضح اسم ميّ التي رشَّح بها الشَّاعر التَّورية؛ لأنَّ الشَّاهد في آخر كلمة من البيت الثاني (مي)؛ لأنَّ الشَّاعر ورَّى بها عن اسم مي التي وردت في البيت الآنِف الذكر، وبكلمة (ميت) التي حذف منها التاء اكتفاءً، بترْشيحٍ من كلمة حيّ.
[36] ومنْه - أي من الاكتفاء - ولم يقُل المؤلف: ونحو كما فعل حين عرض الأمثلة السابقة؛ لأنَّه بدأ بذكر نوع آخر الحذْف فيه أكْثر من حرف.
[37] البيتان من الرَّمَل، وردا في "الشفا في بديع الاكتفا" 70 دون عزو، والشاهد آخر البيت الثاني إذ التقدير (وَمَنْ أحسن من الله صبغة)، يشير الشاعر إلى قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} سورة البقرة؛ الآية: 138.
[38] البيتان من الرمل، وردا دون عزو في "الشفا للنواجي" 70، والشَّاهد في آخر البيت الثاني، إذ التقدير لا أفلح من كذب.
[39] البيتان من مجزوء الرَّجز، وهما لابن الوردي، انظر: "الشفا في بديع الاكتفا" 73، والشاهد في آخر البيت الثاني، ولعلَّ التَّقدير: "ومن تولَّى فإلى حيثُ ألْقت رحلَها أمُّ قشعم"، ولم أقف عليْهِما في ديوان ابن الوردي.
[40] من الوافر، وهو لجمال الدين بن مطروح، انظر: "الشفا"؛ للنواجي 71، والشَّاهد ما حُذِف في آخِر البيت الثاني، ويُمكِن تقديره: "ولا يدْري بأنِّي فتنت به".
[41] البيتان من وزْنٍ مُستحْدث، وهما لسراج الدِّين بن الورَّاق، انظر: "الشفا في بديع الاكتفا"؛ للنواجي 54، والشَّاهد ما حذفه الشَّاعر في آخِر البَيْتِ الثَّاني من كلمة التوحيد.
قلتُ: إن جاز الحذْف فيما سبق، فإنِّي أراه في هذا الموضع خطيرًا جدًّا؛ لأنَّ كلمة التوحيد ينبغي أن تنزَّه عن مثل هذا، وإن كان الإجماع - عند المسلمين - منعقِدٌ على تقدير المحْذوف بلفْظ الجلالة، فالأولى اجتناب ذلك - والله أعلم.
[42] زيادة من المحقِّق.
[43] البيتان من مجزوء المنسرح، نسبهما النواجي في "الشفا" 57 لأبي الحسَن النَّحْوي، وهذا لا يُعين على معرفة القائل، ولكن ابن معصوم في "أنْوار الربيع" 3/74- 75 يوضِّح أنَّهما لأبي الحسن الباخرزي، والشاهد ما حذف في آخر البيت الثاني، ويمكن تقديره بـ (وما عليَّ إذا لم تفهم البقر)، وهو مستفاد من قول أبي الطيب.

عَلَيَّ نَحْتُ القَوَافِي مِنْ مَعَادِنِهَا وَمَا عَلَيَّ إِذَا لَمْ تَفْهَمِ البَقَرُ


[44] البيتان من الطويل، نسبها النواجي في "الشفا" 94 و"الدر النفيس" 65ب للشَّيخ سعد الدين محمد بن عربي، والشَّاهد ما حُذِف في آخِر البيت الثاني، ويُمكن تقْديره بـ: لما تمكَّنتُ، أو لما استطعتُ، أو نحوهما.
[45] انظر مثلاً: "الخصائص"؛ لابن جني 2/208- 310.
[46] سورة القصص؛ الآية: 58.
[47] انظر مثلاً: "الوافي في العَروض والقوافي"؛ للتبريزي 249.
[48] البيتان من الوافر، وهُما للنَّابغة الذُّبياني، انظر: ديوانه 199 (ط دار الفكر)، وديوان النَّابعة شرْح الطَّاهر بن عاشور 253، وانظر: "الوافي"؛ للتِّبريزي 248، و"الكافي في علم القوافي"؛ لابن السراج الشنتريني 131، و"الشفا"؛ للنواجي 48.
[49] انظر مثلاً: "تحرير التحبير" 140- 142، و"طراز الحلَّة"؛ لابن مالك الرعيني 336- 355.
[50] البيْتان من الطَّويل، ويظهر أنَّ البيت الأوَّل لمرعي، والبيت الثاني هو المستعان به، ولم أعْرِف قائِله، وكذا لم أقِف على البيت الأوَّل في ديوان مرعي المخطوط الذي بين يدي.
[51] هذا البيت من الطَّويل، وهو من قصيدة مطلعها:

أَلا إِنَّ نَفْسِي أَصْلُ دَاهَا طَبِيبُهَا وَدُونَ مُنَاهَا حَالَ قَسْرًا رَقِيبُهَا


انظر: "الغزل المطلوب" 11ب.
[52] البيتان من الطويل، من قصيدة لمرعي مطلعها:

لَقَدْ لامَنِي العُذَّالُ فِيمَنْ أُحِبُّهُ وَقَالُوا مَقَالاً وَهْوَ لا شَكَّ كَاذِبُ


انظر: الغزل المطلوب 11أ، وانظر: النعت الأكمل 195، وعجُز البيت الثاني هو المضمّن، هو من قول الشاعر:
تَعَشَّقْتُهَا شَمْطَاءَ شَابَ وَلِيدُهَا وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ


[53] هذا تساهُلٌ في التَّعبير من المؤلِّف - عفا الله عنه.
[54] من مخلع البسيط، ذَكَر الخَطيب القزْويني أنَّه لبَعْض المغاربة، قالَه عِنْدَ وفاة بعْضِ أصحابِه، انظر: "الإيضاح" 6/138، ونقل العبَّاسي في "معاهد التنصيص" 4/139 عن صاحب "قلائد العقيان" أنَّه قيل في الرئيس أبي عبدالرحمن محمَّد بن طاهر، دخل عليه الوزير أبو العلاء بن أزرق، وهو يقول... البيت.
وورد في ديوان أبي تمام أنه في رثاء ابنِه 4/677، وجعله المحقِّق مع القسم المشْكوك في نسبته إليه.
[55] البيتان من مجْزوء الرمل، وهما لبرهان الدين القيراطي، انظر: "الشفا"؛ للنواجي 79، و"الدر النفيس"؛ للنواجي 134ب، و"شرح عقود الجمان"؛ للسيوطي 136 - 137، وانظر: "خزانة الأدَب"؛ لابن حجَّة 1/287، 474، و"أنوار الربيع"؛ لابن معصوم 3/80- 81.
[56] البيتان مجزوء الرَّمَل، وهُما للصَّاحب بن عباد، انظر: "ديوان الصاحب" 230، وانظر: "التبيان"؛ للطيبي 418، و"الإيضاح"؛ للقزويني 6/138، و"معاهد التَّنصيص" 4/110، و"نفحات الأزهار" 243.
[57] البيتان من الطويل، وهما لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 24ب.
[58] من الطويل وهو لأبي تمام، وانظر: "ديوانه" 2/320، وانظر: "تحرير التحبير" 564، و"التبيان"؛ للطيبي 433، و"معاهد التنصيص" 4/194، و"نفحات الأزهار" 185.
[59] لم أجدها في ديوانه "الغزل المطلوب".
[60] من الخفيف وهو لابن قرقماش، انظر: "زهر الربيع" 26أ.
[61] هي تماضر بنت عمْرو بن الشَّريد السُّلَميَّة (00- 24هـ) أشهر شواعر العرب، جُلُّ شِعْرِها في رثاء أخيها صخر، أسْلَمَتْ وحثَّت بنيها الأرْبعة على الجهاد في سبيل الله، فماتوا جميعًا في معركة القادسية، انظر ترجمتها في: "الشِّعْر والشعراء" 1/350 - 351، وانظر: "الأعلام"؛ للزركلي 2/69.
[62] من المتقارب، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 25ب، والشّطر الثاني هو جزء من الآية 85 من سورة هود، أو 183 من سورة الشعراء.
[63] من الكامل، وهو لابن قرقماس، انظر: "زهر الربيع" 25ب.
[64] لم أتمكَّن من معرفة القائل، وهما من مجزوء الرجز، والشَّاهد هو الشَّطر الثاني من البيت الثاني (الصيف ضيعتِ اللبن) وهو مثل مشهور، انظر: "مجمع الأمثال"؛ للميداني 2/68.
[65] من البسيط، وهو لأبي محمَّد الخازن في تهنئة بموْلود، انظر: "التبيان"؛ للطيبي 457، و"الإيضاح"؛ للقزويني 6/149، و"معاهد التنصيص" 4/321.
[66] من الكامل، وهو للأشجع السلمي، انظر: كتاب "الصناعتين" 433، و"المثل السائر" 2/239، و"كفاية الطالب" 52، و"التبيان"؛ للطيبي 458، و"الإيضاح"؛ للقزويني 6/149، و"معاهد التنصيص" 4/225.
[67] من الكامل، وهو للشَّيخ جمال الدين عبدالصمد بن إبراهيم البغدادي الحنبلي (765هـ)، المعروف بابن الخضري، انظر: "الكواكب الدرِّية في مناقب المجتهِد ابن تيمية" 201- 202؛ للمؤلف مرعي الحنبلي.
[68] من الخفيف، وهو لإسْحاق بن إبراهيم الموصلي، انظر: "ديوانه" 165، وانظر: "تحرير التحبير" 168، و"حسن التوسل" 252، و"نهاية الأرب" 7/134.
[69] البيتان من الطويل، وهما لمحمد بن الخياط في المهدي، انظر: كتاب "الصناعتين" 200، و"أمالي المرتضى" 1/522، و"تحرير التحبير" 172، و"جوهر الكنز" 222 نسبه للخياط المكي.
[70] البيتان من الطويل، وهما لمسلم بن الوليد في يحيى بن خالد، انظر: "ديوان صريع الغواني" 316، وانظر: كتاب "الصناعتين" 456، و"تَحرير التَّحبير" 435، و"حسن التوسل" 254، و"الإيضاح" 6/152.
[71] الأبيات من البسيط، وهي لابن قرقماس؛ "زهر الربيع" 23ب.
[72] لم أتمكَّن من معرفة القائل.
[73] وداهم: من دفع الدية.
[74] هو الحسن بن هانئ بن عبد الأشهل الحكمي بالوَلاء (146- 198هـ) شاعِر مطْبوع، له شعر كثيرٌ في المُجُون، كان فصيحًا عالمًا باللُّغة، انظر ترجمته في: "وفَيات الأعيان" 2/95 - 104.
[75] لعلَّه عبدالله بن محمد بن الخصيب (348هـ) من قضاة مِصر، كان فاضِلاً وجيهًا عارفًا بالأدب، أو لعلَّه ابنه محمَّد الذي تولَّى القضاء بعده، وتوفِّي في السنة نفسها، انظر: "الولاة والقضاة" 492 - 493، وانظر: "فوات الوفيات" 2/95 - 104.
[76] الأبيات من الكامل، انظُر: "ديوان أبي نواس" 326 (صادر) البيت الأوَّل فحسب، وهو آخر أبيات القصيدة، وكذا "معاهد التنصيص" 4/272 أخذها المؤلف عن "تحرير التحبير" فهي مطابقة لروايته، انظر: "تحرير التحبير" 618.
[77] البيتان من الطويل، انظر: "ديوان أبي نواس" 100 - 101، وانظر: "تحرير التحبير" 618، و"الإيضاح" 6/153، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 2/502، و"معاهد التنصيص" 4/268، و"نفحات الأزهار" 341.
[78] البيتان من البسيط، انظر: "ديوان أبي تمام" 1/73، وانظر: "تحرير التحبير" 618، و"الإيضاح" 6/153.
[79] من البسيط، انظر: "ديوان أبي الطيِّب" 2/43، وشرح "ديوان المتنبي"؛ للعكبري 3/42، وانظر: "تحرير التحبير" 620.
[80] من الوافر، وهو لأبي الطيِّب، انظر: "شرح ديوان المتنبِّي"؛ للعكبري 3/303، وانظر: "تحرير التحبير" 619، و"التبيان"؛ للطيبي 466، و"الإيضاح" 6/154، و"خزانة الأدب"؛ لابن حجَّة 2/502، و"معاهد التنصيص" 4/273.
[81] رواية الديوان "الأعداء".
[82] البيتان من الطويل، وهُما لأبي الطيب في سيف الدولة، انظر: "شرح ديوان المتنبي"؛ للعكبري 3/362، وانظر: "تحرير التحبير" 620، وقد تضمَّن البيْتان مبالغةً مذمومةً، فالحياة والموت والرِّزْق بيد الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-03-2022, 07:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (5/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل





الفن الثاني في البديع المعنوي




وهو ما يرجع إلى تَحسين المعنى أوَّلاً وبالذَّات، وإن كان فيه ما يفيد تحسين اللفظ أيضًا كما أن اللفظي كذلك.





باب المطابقة




وتسمَّى[1]: الطباق، والتَّطبيق، والمقاسمة، والتَّكافُؤ، والتَّضادّ، وهي الجمع بين الشَّيء وضِدِّه كاللَّيل والنَّهار، والسَّواد والبياض في اسمين، نحو: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ}[2]، أو فعلين نحو: {يُحْيِي وَيُمِيتُ}[3]، أو مختلفين نحو: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}[4]، أو حرفين نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[5] وهي المطابقة الخفية، فإن (لها) يقتضي أن يكون ملكًا تحت اليد، و(عليها) يقتضي العلو فكسبها تحت يدها، وما جنته عليها.

والطباق المعنوي كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي}[6]؛ لأنَّ القصاص الموت، فكأنه قال: الموت حياة، فهو طباق معنوي، وكذلك نحو: بدر وبحر لكون البدر يفهم منه العلو، والبحر يفهم منه السفل ونحوه:






أَغْرَقَ الدَّمْعُ مُقْلَةً أَدْخَلَتْنِي نَارَ وَجْدٍ مِنَ الجَوَى ذَاتَ وَقْدِ[7]




فإن أغرق ليس ضدًّا لأدخل إلاَّ باعتبار متعلقه وهو النار؛ لأن من دخلها احترق، والاحتراق ضد الغرق.

وإيهام المطابقة: وهو ما تقابل فيه اللفظ دون المعنى، نحو:






ضَحِكَ الصُّبْحُ فَأَبْكَى مُقْلَتِي حِينَ وَلَّى نَافِرًا عَنْ مَضْجَعِي[8]




فإنَّ الضَّحِك هنا ليس ضدَّ البكاء؛ لأنَّه كناية عن الضَّوء وكثْرته، والبكاء منسوب للمُقْلة فلا تضادَّ بين كثر وبكى، إلاَّ أنَّه من جهة اللَّفظ يوهم المطابقة، ونحو:





لا تَعْجَبِي يَا سَلْمُ مِنْ رَجُلٍ ضَحِكَ المَشِيبُ بِرَأْسِهِ فَبَكَى[9]




أي: الرجل: [10أ/10ب].

والملحق بالمطابقة: نحو: {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[10]؛ فإنَّ الرَّحمة وإن لم تكن مقابلة للشدَّة؛ لكنَّها مسبّبة عن اللين الذي هو ضدّ الشدَّة، ونحو:






إِذَا جَفَانِي بَذَلْتُ الرُّوحَ مُعْتَذِرًا لَهُ وَأَصْفَحُ عَنْهُ كُلَّمَا ظَلَمَا[11]




فالصفح ليس بينه وبين الظلم تضاد، وإنَّما ضدّ الظلم العدل، لكن الظلم جرم عظيم يستحق المؤاخذة.

وطباق السلب: وهو الجمع بين فعل مثبت ومنفي، أو أمر ونهي، بخلاف ما مرَّ، فإنه طباق إيجاب، نحو: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا}[12]، ونحو: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}[13]، ونحوه:






جَهِلَتْ سَلْمَى ومَا جَهِلَتْ سُوءَ حَالِي فِي مَحَبَّتِهَا
عَلِمَتْ قَتْلِي وَمَا عَلِمَتْ أَنَّهُ مِنْ نَبْلِ مُقْلَتِهَا[14]





واعلم أنَّ ما مَرَّ مطابقة غير مقابلة.

والمقابلة: أن تذكر لفظيْن أو أكثر، فإذا فرغت ذكرت الأضداد؛ كقوله تعالى: {كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ}[15]، وقوله: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}[16]، والأكثر نحو:






مَا أَحْسَنَ الدِّينَ والدُّنْيَا إِذا اجْتَمَعَا وأَقْبَحَ الكُفْرَ والإِفْلاسَ بِالرَّجُلِ[17]




ونحو:





صُبْحُ اللِّقَا وَبَيَاضُ القُرْبِ غَالَهُمَا لَيْلُ القِلَى وَسَوَادُ البُعْدِ فَارْتحَلا[18]




فالمقابلة بين صُبْح ولَيْل، ولِقاء وقِلى، وبياض وسواد، وقُرْب وبُعْد.

ونحو:






لمَّا شَكَوْتُ إِلى لَيْلَى وَقَدْ هَجَرَتْ وَجْدِي إِلَيْهَا وَسُهْدِي فِي دُجَى الظُّلَمِ
قَالَتْ أَزُورُكَ فَافْرَحْ بِالوِصَالِ وَنَمْ فَلَمْ تَزُرْنِي ولَمْ أَفْرَحْ وَلَمْ أَنَمِ[19]





فقابل ثلاثةً لثلاثة، وهي مطابقة في النفْي.





باب مراعاة النظير




ويسمَّى[20]: التناسُب، والائتلاف، والتوفيق والمؤاخاة، وهو: ذكر لفظَيْن متناسبَيْن لا على جهة التضاد؛ ليخرج المطابقة، وهو أربعة أنواع:
المتناسب: وهو ذِكْر الشَّيءِ مع ما يناسبه؛ كالشَّمس والقَمر، والسَّحاب والمطر، ونحو:






قَدْ صَادَ قَلْبِي بِأَرْضِ التُّرْكِ ظَبْيُ نَقًا سُلْطَانُ حُسْنٍ بِآفَاقِ الجَمَالِ سَمَا
البَدْرُ طَلْعَتُهُ مِنْ شَعْرِهِ غَسَقٌ بِهِ تَنَفَّسَ صُبْحُ الثَّغْرِ فَابْتَسَمَا[21][10ب/11أ]






فالمناسبة بين ترك وسلطان، وأرْض وسماء، وسماء مع بدر، وغسق مع صبح[22].

والتفويف: وهو ذِكْر المتناسبَيْن في جُمل مُسْتوِية المقدار، أو قريبة الاستِواء.

سُمِّي بذلك من قولِهم: ثوب مفوف، وهو الذي فيه خطوط مستوية نحو:






رَشْقٌ بِلا أَسْهُمٍ، طَعْنٌ بِلا أَسَلٍ نَارٌ بِلا شُعَلٍ، زَهْرٌ بِلا شَجَرٍ[23]




ونحوه:





هِلالٌ إِذَا مَا لاحَ، غُصْنٌ إِذَا انْثَنَى نَسِيمٌ إِذَا مَا رَاحَ، بَدْرٌ إِذَا بَدَا[24]




وتشابُه الأطراف: وهو أن يَختم الكلام بِما يناسب المعنى المبتدأ به، نحو: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ}[25]، فإنَّ اللَّطيف يُناسب كوْنه غير مدرك، والخبير يناسب كوْنَه مدْرِكًا، ونحو: لم يَخَف الملوك، وتخافُه الملوك؛ لأنَّه لا ذنبَ له، ويصْدَع بالحقِّ، ونحو: {فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ}[26].

ومنه إعادة لفظ القافية في أول البيت الذي يليها، كقوْلِ ليلى[27] تمدح الحجَّاج[28]:






إِذَا نَزَلَ الحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً تَتَبَّعَ أَقْصَى [دَائِهَا][29] فَشَفَاهَا
شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ العُضَالِ الَّذِي بِهَا غُلامٌ إِذَا هَزَّ القَنَاةَ سَقَاهَا
سَقَاهَا فَرَوَّاهَا بِشُرْبِ سِجَالِهِ دِمَاءَ رِجَالٍ يَحْلِبُونَ صَرَاهَا[30]





وإيهام النظير: وهو ذكر معْنيين غير متناسبَيْن بلفظَيْن متناسبَيْن، نحو: {الشَّمْسُ وَالقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ}[31]؛ أي: النَّبات الَّذي لا ساق له، والشَّجر ما له ساق، فالنجم بهذا المعنى لا تناسب بينه وبين الشمس والقمر، لكنه قد يكون بمعنى الكوكب فيناسبهما، ونحو:





تَعَشَّقْتُهُ والمََيْلُ كَالغُصْنِ دَأْبُهُ وَقَدْ قَلَّ صَبْرِي مِنْ عَظِيمِ صُدُودِهِ
يَلُومُ أَبِي، وَالخَالُ وَالعَمُّ ضَائِعٌ كَمِسْكٍ حَوَاهُ مَاءُ وَرْدِ خُدُودِهِ[32]





فالخال يناسب العمَّ، لكن المراد خال الوجنة بدليل نسبة تضوُّع المسك إليه.

قلت: وهذا الباب والذي قبله [11أ/11ب] عندي الأولى ذِكْرُه في البديع اللَّفظي؛ لأنَّ تعلُّقه باللفظ أظْهر كما فعلت في الإرْصاد[33].







باب المشاكلة




وهي ذكر الشيء بلفظ غيره؛ لوقوعه[34] صحبته تحقيقًا أو تقْديرًا، فالأوَّل كقوله:





قَالُوا اقْتَرِحْ شَيْئًا نُجِدْ لَكَ طَبْخَهُ قُلْتُ اطْبُخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصَا[35]




أي: خيِّطوا، فذكر الخياطة بلفظ الطبخ؛ لوقوعها صحْبة الطَّبخ، ونحو:





وَاطْعَنْ بِقَامَاتِ القُدُودِ وَبِالأَسَلْ[36]




فالطَّعْن لا يكون بالقامات، لكنَّه ذكر مُشاكلة، ومثله:





عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَماءً بَارِدًا[37]




ونحو: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[38]، إن لم يُرِد بالنَّفس الذات[39].

والثاني نحو: {صِبْغَةَ اللهِ}[40]؛ أي: تطهير الله النُّفوس بالإيمان، فعَبَّرَ عن التطهير بالصبغ؛ لوقوعه معه في التقدير؛ لأنَّ النَّصارى كانوا يغمسون أولادَهم في ماء أصفر يسمُّونه المعمودية، ويقولون: الغَمس فيه تطهير لهم، ويقول مَن غمس ولده، الآن صار نصرانيًّا حقًّا.






باب العكس




ويسمَّى التبديل، وهو تقدُّم جُزْءٍ في الكلام ثم تأخُّره، فيقع بين المتضايِفَين، نحو:






فَاقْصِدْ رِيَاضَ الرُّبَا بِالخَيْفِ وَاسْقِ بِهِ رُبَا الرِّيَاضِ بِوُدٍّ مِنْكَ مُنْسَجِمِ[41]




ونحو: (عادات السَّادات سادات العادات)[42].

وبين العامل والمضاف إليه، نحو:






فَاحْمَرَّ بَعْدَ بَيَاضٍ خَدُّ ذِي خَجَلٍ وَابْيَضَّ بَعْدَ احْمِرَارٍ كَأْسُ سَاقِينَا[43]




وهو عجيب؛ لأن فيه رد الفعل مضافًا، والمضاف فعلاً.

وبين متعلقي فعل، نحو: {يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ}[44].

وبين طرفي جملتَيْن، نحو: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[45].

وبين فعل وفاعل، نحو: قام زيد، وزيد قام.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-03-2022, 07:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (5/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل





باب الرجوع



وهو العود على الكلام السابق بالنَّقْض، كأن يثبت المنفي أو ينفي المثبت؛ لنكتة تزيد المعنى حسنًا تلحقه بالبلاغة، بخلاف ما لو كذب فقال: قمت، ثم صدق فقال: ما قمت، وكذا لو رأى طائرًا ظنَّه حمامًا، فقال: هذا حمام، ثم رجع فقال: ليس بحمام؛ لخلوِّه عن النكتة [11ب/12أ]، فما فيه النكتة نحو:




قِفْ بِالدِّيَارِ الَّتِي لَمْ يُعْفِهَا القِدَمُ بَلَى وَغَيَّرَهَا الأَرْوَاحُ وَالدِّيَمُ[46]




أثبت دروسها بعد نفْيِه؛ لنكتة إظهار التدلُّه والتحيُّر، ونحو:





مِنْ بَعْدِ مَا رَحَلَتْ كَالنَّوْمِ عَنْ نَظَرِي هَذَا ومَا رَحَلَتْ عَنْ قَلْبِيَ الكَلِفِ[47]




نفي الرحيل بعد إثباته؛ لاختلاف الجهة: أي إن كانت رحلت عن عيني فما رحلت عن قلبي، ولا يخفى ما فيه منَ الحسن، فمدار هذا الباب على نكتة حسنة تبيِّن بلاغة المتكلِّم.





باب
الاستطراد




مصدر استطرد الفارس لقرْنِه في الحرب، وذلك بأن يفرَّ من بين يديْه يوهم الانْهِزام، ثم يعطف عليْه على غرَّة منه، وهو ضرب من المكيدة.

واصطلاحًا[48]: أن يكون المتكلِّم في مدح أو غيره، فيتوهَّم السامع أنَّه مستمرٌّ فيه، ثم يخرج منه إلى غيره؛ لمناسبة بينهما مصرِّحًا باسم المستطرد به آخر كلامه، وبه يفارق المخلص.

وهو ثلاثة أنواع:
استطراد غير مقصود لا تقوية لما قبله، نحو:





بِالرُّوحِ أَفْدِي غَادَةً ذِي عَادَةٍ بِالهَجْرِ لَيْسَ تَرَى لَدَيْهَا مَرْحَمَهْ
يُلْهِيكَ خُلْفُ حَدِيثِهَا وَوُعُودِهَا عَنْ خُلْفِ عُرْقُوبٍ وَكِذْبِ مُسَيْلِمَهْ[49]





انتقل من التغزل إلى هجاء عرقوب بخلف المواعيد، وإلى هجاء مسيلمة بالكذب حيث ادَّعى النُّبوَّة.

واستطراد غير مقصود، وفيه تقوية لما قبله، كقوْلِ بعضهم يمدح ابن حَجَرٍ[50] العسقلاني:





أَيَا حَبَّذَا النِّيلُ المُبَارَكُ جَاريًا بِمِصْرَ كَجَرْي النِّيلِ مِنْ عُلَمَائِهَا
وَإِلاَّ كَجُودِ العَسْقَلانِيِّ مَنْ غَدَا شِهَابًا لِذِي العَلْيَا بِأُفْقِ سَمَائِهَا[51]





الاستِطْراد ذكر ابن حجر ومدح نواله، وفيه تقْوية لمدح علماء مصر؛ لأنَّه منهم، وغير مقصود؛ لأنَّ ابتداء الكلام لم يَكُن لمديحه.

واستطراد مقْصود وهو قليل، ويليق أن يسمَّى إيهام الاستطراد، كقوله في ابن حجرٍ أيضًا:





إِنْ يَبْتَسِمْ ثَغْرُ الشَّرِيعَةِ وَالنَّدَى يَوْمًا فَذَلِكَ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ [12أ/12ب]
هُوَ جَامِعٌ عِلْمَ الحَدِيثِ وَحَافِظٌ وَمُفَرِّقٌ أَمْوَالَهُ فِي النَّاسِ[52]





فهو مقصود؛ لأنَّ أوَّل جملة تركَّبت مقصودة لمديحه؛ إذْ عند التَّصريح بذِكْره يفهم أنَّه المراد من أوَّل اللَّفظ.





باب الاطِّراد




مصدر اطَّرد الماء وغيره إذا جرى من غير توقُّف ولا انقطاع، واصطِلاحًا[53]: ذكر الممدوح وآبائه على الترتيب، بلا تكلُّف بألفاظ سهلة بلا فاصل غير يسير، بنحو صفة مشهورة، وتركه أولى كقول بعضهم:





مَنْ يَكُنْ رَامَ حَاجَةً بَعُدَتْ عَنْ هُ وَأَعْيَتْ عَلَيْهِ كُلَّ العَيَاءِ
فَلَهَا أَحْمَدُ المُرَجَّى ابْنُ يَحْيَى بْ نِ مُعَاذِ بنِ مُسْلِمِ بْنِ رَجَاءِ[54]





قال ابن أبي الإصبع[55]: إنَّ هذا البيت أحسن ما يوجد لولا الفصْل بالمرجَّى، يعني أنَّه ليس بصفة، وإنَّما أتى بها للحشْو فعيب عليه[56].

ونحو:





بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الطَّوَافِ سُعَاةٌ إِذْ رُمِينَا بِزَيْنَبٍ وَالرَّبَابِ
ابْنَتَيْ هَاشِمِ بْنِ عَبْد ِمَنَافٍ ابْنِ زَيْدِ بْنِ[57] قُصَيِّ بْنِ كِلابِ[58]





فقُصَيّ من الصفات التي اشتهر بها زيد، فاغتُفِر الفصل بها.





باب الاستتباع




وهو أن يذكر مدحًا أو ذمًّا، ثم يستتبع به معنًى آخر من جنسه، فلا يجوز استتباع المدح بذم وعكسه، نحو:




وَظَبْيٍ مِنَ الأَتْرَاكِ نَابَتْ لِحَاظُهُ وَحَاجِبُهُ عَنْ قَوْسِهِ وَسِهَامِهِ
وَيَبْسِمُ عَنْ دُرٍّ نَضِيدٍ كَأَنَّمَا تُنَظَّمُ مِنْ مَنْثُورِ دُرِّ كَلامِهِ[59]





مدح ثغره بابتِسامه عن الدر، ثمَّ استَتْبع مدْحَه بالفصاحة والبلاغة الحاكية للدُّرر لعذوبة منطقه.

ونحو:





نَهَبْتَ مِنَ الأَعْمَارِ مَا لَوْ حَوَيْتَهُ لَهُنِّئَتِ الدُّنْيَا بِأَنَّكَ خَالِدُ[60]




مدحه بالشَّجاعة على وجهٍ استَتْبع مدْحَه بكونه سببًا لصلاح الدنيا ونظامها.





باب التفريع




من فرعت الشيء تفريعًا، وضبط بالغين المعجمة، كأن المتكلم فرغ باله من الحكم الأول للثاني، وهو أن ترتب حكمًا على صفة، ثم ترتب ذلك الحكم بعينه [12ب/13أ] على صفة أخرى، كقوله:




أَحْلامُكُمْ لِسِقَامِ الجَهْلِ شَافِيَةٌ كَمَا دِمَاؤُكُمُ تُبْرِي مِنَ الكَلَبِ[61]




وقول ابن المعتز[62]:




كَلامُهُ أَخْدَعُ مِنْ لَحْظِهِ وَوَعْدُهُ أَكْذَبُ مِنْ طَيْفِهِ[63]






باب الإدماج




وسمَّاه بعضهم[64] التعليق، وبعضٌ[65] التَّضعيف، وبعضٌ[66] جعله [مع][67] الاستِتْباع واحدًا، وهو مصدر أدمجت الشَّيء في الشَّيء إذا أدرجتَه فيه، وهو أن يذكر المتكلِّم معنًى ثمَّ يدمج معنًى آخَر ولا يقصده، فإن قصَدَهُ فلا بدَّ أن يوهم أنَّه لم يُرِد قصْده، وقال ابن مالك[68]: أن يقصد معنًى فيدْمجه في كلامِه من غير قصْدٍ يظهر على قائلِه[69]؛ كقوله تعالى: {وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ}[70]، سِيقت الآية لبيان أنَّ نفقة المرْضِع على الوالد، وأدْمج فيها أنَّ الولد لأبيه لا لأمِّه، وقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[71]، سيقت الآية لبيان منَّة الأمِّ على الولد، وأدمج فيها أنَّ أقلَّ الحمل ستَّة أشهر؛ لأنه يسقط من الثلاثين حولاً الرَّضاع، بدليل {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[72]، ومنه:




أَبَى دَهْرُنَا إسْعَافَنَا فِي نُفُوسِنَا وَأَسْعَفَنَا فِيمَنْ نُحِبُّ وَنُكْرِمُ
فَقلْتُ لَهُ نُعْمَاكَ فِيهِمْ أَتِمَّهَا وَدَعْ أَمْرَنَا إِنَّ الأَهَمَّ المُقَدَّمُ[73]





أدْمج في التَّهْنِئة شكْوى الدَّهر، ونحو:




وَصِفَا لِي ثَغْرَ الحَبِيبِ فَإِنِّي ذُو اشْتِيَاقٍ إِلَى النَّقَا وَالعَقِيقِ[74]




أدمج في قوله: (وصفا لي ثغر الحبيب) صِفَته بالنَّقا والعقيق.





باب اللف والنشر




وهو ذكر متعدِّد على التَّفصيل أو الإجْمال، ثمَّ ذِكْر ما لكلٍّ من هذا المتعدِّد من غير تعيُّن ثقةً بأنَّ السَّامع يردُّه إليه، فإن ذكر مرتَّبًا فهو المرتَّب، وإلا فهو المشوَّش، نحو: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}[75]، ونحو: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}[76] الآية، ونحو: [13أ/13ب].




فَالغُصْنُ وَالوَرْدُ ثُمَّ البَدْرُ فِي غَسَقٍ يَا صَاحِ قَدِّيَ خَدِّي طَلْعَتِي شَعَرِي[77]




ونحو:




كَيْفَ أَسْلُو وَأَنْتِ غُصْنٌ وَحِقْفٌ وَغَزَالٌ لَحْظًا وَقَدًّا وَرِدْفَا [78]




والحِقْف جمعه أحْقاف، وهو النَّقا من الرَّمل، ونحو هو شَمس وأسدٌ وبَحر جودًا وبهاءً وشجاعة.

والمجمل لا يتصوَّر فيه ترتيب ولا عكس، نحو: لي منه ثلاثة بدر وغصن وعضب، ونحو: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}[79]، فضمير قالوا لأهْلِ الكِتابين؛ أي قالت اليهود: لن يدخل الجنَّة إلاَّ مَن كان هودًا، وقالتِ النَّصارى: لن يدخل الجنَّة إلاَّ من كان نصارى، فلفَّ؛ لعدم اللَّبس ثقةً بأنَّ السَّامع يرد إلى كلٍّ ما زعَمَه؛ للعلم بتضليل كلِّ فريق صاحبه.

ومن غريب اللَّفِّ والنَّشْر أن يذكر متعدِّدًا ثمَّ يذكر ما لكلٍّ من آحاد، نحو: الرَّاحة والتَّعب والعدْل والظُّلم قد سدَّ من أبوابها ما كان مفتوحًا، وفُتِح من طرُقِها ما كان مسدودًا.






باب الجمع




هو أن يجمع بين متعدِّد لفظًا أو حكمًا في حكم، نحو: {المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا}[80]، ونحو:




إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغَ وَالجِدَهْ مَفْسَدةٌ لِلمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ[81]




ونحو: زيد وعمرو وبكر ومحمد كِرام، وفي المتعدد حكمًا هؤلاء الأربعة كرام، ونحو:




سَلامَةُ المَرْءِ فِي دُنْيَاهُ أَرْبَعَةٌ القُنْعُ وَالصَّمْتُ ثُمَّ الحُكْمُ والأَدَبُ[82]






باب التفريق




وهو إيقاع تباين بين أمرين من نوع في المدْح أو غيره، نحو:




مَا نَوَالُ الغَمَامِ وَقْتَ رَبِيعٍ كَنَوَالِ الأَمِيرِ يَوْمَ سَخَاءِ
فَنَوَالُ الأَمِيرِ بِدْرَةُ عَيْنٍ وَنَوَالُ الرَّبِيعِ قَطْرَةُ مَاءِ[83]





أوْقع التباين بين النوالين، ونحوه:




إِنْ شَبَّهُوا بالنَّبْل أَلْحَاظَهُ يَوْمًا فَقَدْ جَاؤُوا بِأَمْرٍ عَجِيبْ
فَالنَّبْلُ قَدْ تُخْطِئُ فِي رَمْيِهَا وَهَذِهِ مِنْ غَيْرِ رَمْيٍ تُصِيبْ[84]





أوْقع التفريق بين الرمْيَين.





باب التقسيم




وهو ذِكْر متعدِّد ثمَّ إضافة ما لكلٍّ إليْه على التعيين، قيل[85]: وبهذا [13ب/14أ] القيْد خرج اللَّفُّ والنشر، والحقُّ أنَّ ذِكْر الإضافة كافٍ؛ إذ ليس في اللَّفِّ والنَّشر إضافة ما لكلٍّ إليه، بل يذكر فيه ما لكلٍّ حتَّى يضيفه السَّامع إليه ويردَّه، نحو:




وَلا يُقِيمُ عَلَى ضَيْمٍ يُرَادُ بِهِ إِلاَّ الأَذَلاَّنِ عَيْرُ الحَيِّ والوَتِدُ
هَذَا عَلَى الخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ وذَا يُشَجُّ فَلا يَرْثِي لَهُ أحَدُ[86]





ونحو:




وَأَسْمَرَ خَطِّيٍّ بِكَفٍّ مُهَفْهَفٍ لَهُ رُمْحُ قَدٍّ تَزْدَهِيهِ النَّوَاظِرُ
فَهَذَا لِطَعْنِ الضِّدِّ وَالنَّقْعُ ثَائِرٌ وَهَذَا لِطَعْنِ الصَّبِّ وَالظَّعْنُ سَائِرُ[87]





الشَّاهد رمح وقدّ، فلو قيل: هذا لطعن قوم، وهذا لطعْن قومٍ لم يكن تقسيمًا، وتقسيمُه إضافة ما لكلٍّ إليه على التعْيِين.

ومنه أن تذكر الشيء وما يناسبه، ثم الشيء وما يناسبه إلى آخر ما تُريد، وهو نظير التَّفْويف، نحو:





يَقُولُونَ صِفْ قَدَّ الحَبِيبِ وَلَحْظَهُ وَوَجْنَاتِهِ وَالثَّغْرَ قُلْتُ لَهُمْ قُرُّوا
فَقَدٌّ وَلا رُمْحٌ، وَلَحْظٌ وَلا ظَبْيٌ وَخَدٌّ وَلا وَرْدٌ، وَثَغْرٌ وَلا دُرُّ[88]




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 278.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 272.47 كيلو بايت... تم توفير 5.86 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]