|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إنْ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ , ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيئَاتِ أَعْمالِنَا, مَنْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلل فَلا هادي لهُ ،وأشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا الله وَحَدهُ لا شَرِيكَ له،وأشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبدُه وَرَسُولهُ , اللهم صلِّ وسَلِمْ وبَارِكْ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ , ومَنْ تَبِعَهمْ بإحسان إلى يومِ الدينِ أما بعدُ , فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله ُعليه وسلم , وشرَّ الأمور محدثاتهُا , وكلَّ محدثة بدعة , وكلَّ بدعة ضلالة،وكلَّ ضلالة فى النار . الحديث الرابع والعشرون عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا،يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ ُكّلكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ،يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُالذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْلَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْأَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَاعِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)[165] رواه مسلم. الشرح حديثنا اليوم أخواتي الفاضلات أحد الأحاديث القدسية العظيمة ، التي يرويها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جل وعلا ، فهيا بنا نعيش مع هذاالحديث ، ونستظل بفيئه ، وننهل من عذبه الصافي.هذا الحديث جامع شامل، و من أبرز الأحاديث التي تبين سعة فضل الله ورحمته وعطفه بعباده. وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً. "قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث "عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل. والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِِّهِ عزّ وجل. لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع. وقد اختلف العلماء في لفظ الحديث القدسي: هل هوكلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه،واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ على قولين: القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله،لاسيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانةً وأوثقهم روايةً. القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ،وذلك لوجهين: الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً ومعنى،كان أعلى سنداً من القرآن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة؛،كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى:( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس من ربك)النحل: الآية102 ، وقال: (نَزَلَبِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء. الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله،لم يكن بينه وبين القرآن فرق، لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة: 1-أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته ،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله تعالى بمجردقراءته، فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات، والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشرحسنات. 2- أن الله عزّوجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية. 3- أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل، كما قال سبحانه( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9، والأحاديث القدسية بخلاف ذلك، ففيها الصحيح والحسن، بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أوموضوعاً. 4-أن القرآن لاتجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية، فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث القدسي بالمعنى والأكثرون على جوازه. 5-أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية. 6- أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح،بخلاف الأحاديث القدسية. 7- أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح، بخلاف الأحاديث القدسية. 8- أن القرآن ثبت بالتواترالقطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت لم يكفر،أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم . أبو ذرهو جندب بن جنادة من غفار رضي الله تعالى عنه كما جاء في حقه: أصدق من أقلَّت الغبراء وأظلّت الخضراء. الخضراء : يعني السماء لخضرتها. الغبراء : الأرض لغبرة لونها او لما فيها من الغبار. و من أزهد الناس في الدنيا رضي الله تعالى عنه. لقد بدأ الحديث بإرساء قواعد العدل في النفوس ، وتحريم الظلم والعدوان ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه( يا عبادي) يتكررهذا النداء في هذا الحديث عشر مرات، وكل جملة تدل على الرفق والعطف والرحمة من المولى سبحانه وتعالى. فالأولى فيها (يا عبادي) وهو تنبيه، كأنه يقول: استمعوا،وأصغوا لما أقول، توجهوا إليّ وادنوا مني فأنتم عبادي. وهو المولى سبحانه، برحمته وبشفقته وبلطفه يعلمنا ويحذرنا من الظلم. وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة. "إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي": الظلم لغة: وضع الشيء في غير محله. وهو مجاوزة الحد أو التصرف في حق الناس بغير حق. وهو مستحيل على الله تعالى. ومعنى حرمت الظلم على نفسي : أي لا يقع مني، تعاليت عنه وتقدست. منعت وتنزهت عن أن أظلم، مع أنه لا يسأل عما يفعل.أي منعته مع قدرتي عليه. فالظلم مناف لكمال الله تعالى وعدله ، فلذلك نزّه الله تعالى نفسه عن الظلم فقال:"إني حرمت الظلم على نفسي" فلفظ الحديث صريح في أن الله عز وجل منع نفسه من الظلم لعباده وهو صريح في القرآن الكريم أيضاً، قال تعالى(وما أنا بظلام للعبيد)ق : 29 وقال أيضا:(وما الله يريد ظلما للعباد)غافر : 31( وَلايَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) الكهف:49 قال بعض العلماء : معناه لا ينبغي لي ولا يجوز لي كما قال تعالى(وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) فلا يظلم أحداً لا بزيادة سيئة ولا بنقص حسنة كما قال:تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) طه:112 و الظلم نوعان: الأول: ظلم النفس، كما في قوله تعالى وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) هود: الآية101. وأعظمه الإشراك بالله، قال تعالى( إن الشرك لظلم عظيم) لأن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق وعبده مع الله تعالى المنزه عن الشريك. ويلي ظلم الإشراك بالله المعاصي والآثام الصغيرة والكبيرة، فإن فيها ظلماً للنفس بإيرادها موارد العذاب والهلاك في الدنياوالآخرة. الثاني : ظلم الإنسان لغيره، وقد تكرر تحريمه والتحذير منه في أحاديث النبي، ففي الصحيحين، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي قال : "إن الظلم ظلمات يوم القيامة". "وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً"أي صيّرته بينكم محرماً. وكما حرّم الله الظلم على نفسه ، حرّمه على عباده،فحرم على كل إنسان أن يظلم غيره، ونهاهم أن يتظالموا فيمابينهم وحذّرهم أن يقعوا فيه ، لعواقبه الوخيمة على الأمم ، وآثاره المدمرة على المجتمعات، وما ظهر الظلم بين قوم إلا كان سببا في هلاكهم ، وتعجيل العقوبة عليهم ، كما قال سبحانه في كتابه العزيز(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)هود : 102 "فَلا تَظَالَمُوا"هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي فبناء على كونه محرماً لا تظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |