ليلة القدر خير من ألف شهر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4969 - عددالزوار : 2082080 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4547 - عددالزوار : 1353997 )           »          معالم الأخوة في الله‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          رعاية الأسرة المسلمة للأبناء شواهد تطبيقية من تاريخ الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الخطوات الثلاثون نحو السعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غير المسلمين في المجتمع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          بين سجود الاقتراب وسجود الاغتراب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف تجزع والله معك؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          خطوات التربية الإيجابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الدولة العثمانية الفعليين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-03-2024, 03:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي ليلة القدر خير من ألف شهر

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر

د. محمود بن أحمد الدوسري

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: لِلَّهِ تَعَالَى نَفَحَاتٌ وَرَحَمَاتٌ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، تِلْكُمُ اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ الْمَلِيئَةُ بِالْبَرَكَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَالَّتِي تَعُودُ عَلَى الْعِبَادِ بِالْخَيْرِ الْكَثِيرِ، وَالْأَجْرِ الْكَبِيرِ، وَالْمُوَفَّقُ مَنْ وُفِّقَ لِلْقِيَامِ بِوَاجِبِهَا وَحَقِّهَا، وَمِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَبَرَكَاتِهَا، وَأَحْكَامِهَا:
أَنْ سُمِّيَتْ سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ بِسُورَةِ الْقَدْرِ، وَسُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِعَظِيمِ قَدْرِهَا، وَشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا فِي ذَاتِهَا، وَأَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ فِيهَا لَهُ قَدْرٌ وَمَكَانَةٌ وَمَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابًا ذَا قَدْرٍ عَظِيمٍ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاخْتَصَّ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أُمَّةً ذَاتَ قَدْرٍ عَلَى بَاقِي الْأُمَمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدُّخَانِ: 3]. فَجَاءَ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ، وَالْبَرَكَةُ تَعْنِي: كَثْرَةَ الْخَيْرَاتِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: (أُنْزِلُ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى ‌بَيْتِ ‌الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلًا بِحَسْبِ الْوَقَائِعِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً).

وَاللَّهُ تَعَالَى يُقَدِّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ؛ مِنَ الْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْمَقَادِيرِ: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدُّخَانِ 4]؛ أَيْ: فِيهَا يُقْضَى وَيُفْصَلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى الْكَتَبَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ أَمْرٍ مُحْكَمٍ؛ مِنَ الْآجَالِ، وَالْأَرْزَاقِ وَغَيْرِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ، لَا يُبَدَّلُ، وَلَا يُغَيَّرُ.

وَالْعِبَادَةُ فُضِّلَتْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [الْقَدْرِ: 3]؛ أَيِ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ – لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَفَضِيلَةُ الزَّمَانِ إِنَّمَا تَكُونُ بِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ، وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ‌يُقَسَّمُ ‌الْخَيْرُ ‌الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي أَلْفِ شَهْرٍ). وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ، وَوَاسِعِ عَطَائِهِ عَلَى الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.

وَالْمَلَائِكَةُ تَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى الْأَرْضِ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [الْقَدْرِ: 4]؛ أَيْ: تَهْبِطُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ، وَيَنْزِلُونَ إِلَى الْأَرْضِ، وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ مَنْ يَدْعُو.

وَهِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ وَخَالِيَةٌ مِنَ الشَّرِّ وَالْأَذَى، وَتَكْثُرُ فِيهَا الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ، وَأَعْمَالُ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ، وَتَكْثُرُ فِيهَا السَّلَامَةُ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَا يَخْلُصُ الشَّيْطَانُ فِيهَا إِلَى مَا كَانَ يَخْلُصُ فِي غَيْرِهَا، فَهِيَ سَلَامٌ كُلُّهَا: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 5].

وَإِنَّ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ يَقُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَمَنْ أَحْيَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَارُسِهِ؛ تَصْدِيقًا بِفَضْلِهَا، وَابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، مُحْتَسِبًا الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى قِيَامِهَا؛ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ، وَمَحَا سَيِّئَاتِهِ.

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَتْ أَيْضًا: «كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ؛ شَدَّ مِئْزَرَهُ [كِنَايَةً عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ بِالسَّهَرِ فِي الْعِبَادَةِ]، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ [لِيُصَلُّوا مِنَ اللَّيْلِ]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَتُسْتَحَبُّ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَاتِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ الْأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَائِدَتَانِ: الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْكِنُ أَنْ يَشْعُرَ شُعُورًا ذَاتِيًّا شَخْصِيًّا بِمُلَاقَاتِهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَالْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِنْ شَعَرَ بِذَلِكَ؛ فَخَيْرُ مَا يَدْعُو بِهِ هُوَ هَذَا الدُّعَاءُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»).

وَتَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَكُونُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَخُصُوصًا فِي أَوْتَارِهَا: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ؛ فَلاَ يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ وَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ‌أَرْبَعِينَ ‌قَوْلًا؛ وَمِنَ الْأَقْوَالِ: ‌أَنَّهَا ‌فِي ‌أَوْتَارِ ‌الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ).

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بَاقِيَةٌ وَمَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَهَذَا مَحَلُّ إِجْمَاعٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ: ‌عَلَى ‌وُجُودِهَا ‌وَدَوَامِهَا إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ). وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ مُتَنَقِّلَةٌ، وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً فِي لَيْلَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنْ كُلِّ عَامٍ؛ فَمَرَّةً تَكُونُ لَيْلَةَ "إِحْدَى وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "خَمْسٍ وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "سَبْعٍ وَعِشْرِينَ"، وَمَرَّةً تَكُونُ فِي لَيْلَةِ "تِسْعٍ وَعِشْرِينَ"، فَهِيَ بِهَذَا مَجْهُولَةٌ لَا مَعْلُومَةٌ، وَأَرْجَى الْأَقْوَالِ: أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ "سَبْعٍ وَعِشْرِينَ".

وَالِاخْتِلَافُ فِي الْأَقْطَارِ وَالْبُلْدَانِ وَاقِعٌ فِي بِدَايَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ؛ فَاللَّيَالِي الْوَتْرِيَّةُ – فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ، قَدْ تَكُونُ زَوْجِيَّةً – فِي بُلْدَانٍ أُخْرَى؛ فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي كُلِّ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَأَخْفَى اللَّهُ تَعَالَى وَقْتَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِئَلَّا يَتَّكِلَ الْعِبَادُ عَلَى هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَيَدَعُوا الْعَمَلَ وَالْعِبَادَةَ فِي سَائِرِ اللَّيَالِي، فَكَانَ إِخْفَاؤُهَا حَافِزًا لِلْعِبَادِ لِبَذْلِ الْجُهْدِ، وَالْجِدِّ وَالْعَمَلِ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ، وَمُضَاعَفَتِهِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي أَوْتَارِهَا.

وَقَدْ تُكْشَفُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌وَقَدْ ‌يَكْشِفُهَا ‌اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ، أَوْ الْيَقَظَةِ؛ فَيَرَى أَنْوَارَهَا، أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَمْرُ). وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌فَإِنَّهَا ‌تُرَى، وَيَتَحَقَّقُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَنِي آدَمَ كُلَّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ؛ كَمَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ، وَإِخْبَارُ الصَّالِحِينَ بِهَا، وَرُؤْيَتُهُمْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ).

وَثُبُوتُ أَجْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَاصِلٌ لِمَنْ قَامَهَا "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"؛ سَوَاءً عَلِمَ بِهَا أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلَا يُشْتَرَطُ – فِي حُصُولِ ثَوَابِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ – أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ عَالِمًا بِهَا، وَلَكِنْ مَنْ قَامَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ كُلَّهَا؛ فَإِنَّهُ – فِي الْأَغْلَبِ - قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا".

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَتَرْكَ إِحْيَاءِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْحِرْمَانُ الْكَبِيرُ، وَالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلاَ يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.27 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]