خطبة صفر 1444 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4965 - عددالزوار : 2070202 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4542 - عددالزوار : 1340300 )           »          تعملها إزاي؟.. كيف تجهز iPhone الخاص بك لنظام التشغيل iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ما الذي يساهم فى إطالة عمر الكمبيوتر المحمول؟.. تقرير يجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          هكذا يمكنك الوصول إلى قائمة "البلوك" على حسابك بفيس بوك.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          كيفية توفير مساحة تخزين الهاتف الذكي دون حذف الصور؟.. تفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيفية قفل الخلايا فى Excel.. وما معناها فى خطوات؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          جوجل تستخدم الذكاء الاصطناعى لتحويل ملاحظاتك النصية إلى بودكاست: وإليك الطريقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تعرف على طرق استعادة جهات الاتصال المحذوفة على جهاز آيفون الخاص بك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيفية العثور على التكرارات فى Excel وإزالتها فى خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-08-2022, 09:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة صفر 1444

خطبة صفر 1444
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا؛ أمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ؛ هُنَاكَ مَنْ يَعْتَقِدُ فِي بَعْضِ الشُّهُورِ اِعْتِقَادَاتٍ جَاهِلِيَّةً، مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، كاِعْتِقَادِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى فِي شَهْرِ صَفَرَ، وَتَشَاؤُمِهِمْ مِنْهُ؛ وَقد حَذَّرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ: "لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ"، قَالَ مَالِكٌ، رَضِيَ اللهُ عَنْه: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ عَامًا، وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَفَرَ». فَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ مِنْ سَاعَاتٍ، أَوْ أَيَّامٍ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ أَصْوَاتٍ، أَوْ حَيَوانَاتٍ، أَوْ رُؤْيَةِ أَقْوَامٍ، وَأَرْقَامٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَكَثِيرٌ مِنَ الضُّلاَّلِ الْغَرْبِيِّينَ يَتشَاءَمُونَ مِنْ رقْمِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَ شَرِكَاتِ الطَّيَرَانِ حَذَفَتْهُ مِنْ تَرْقِيمِ الْمَقَاعِدِ، كَمَا حَذَفُوهُ مِنْ تَرْقِيمِ الْمَصَاعِدِ، وَالْأَدْوَارِ فِي الْبِنَاياتِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَتَشَاءَمُونَ مِنْ نَعِيقِ الْبُومِ، وَمِنْ نَعِيبِ الْغُرَابِ، أَوْ رُؤْيَةِ أَصْحَابِ الْعَاهَاتِ، وَبَعْضُهمْ يَتَشَاءَمُ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ سَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ.

عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ تَخْصِيصَ الشُّؤْمِ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ كُلَّهُ خَلْقُ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَجْعَلُ اللهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، تَطَيُّرَ الْعَبْدِ، وَتَشَاؤُمَهُ سَبَبًا لِحُلُولِ الْمَكْرُوهِ عَلَيْهِ، ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118]، فَإِنَّ مَنْ تَطَيَّرَ عَلَى مَا يَسْمَعُهُ، أَوْ يَرَاهُ؛ حَتَّى يَمْنَعَهُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ قَدْ يُصِيبُهُ مَا يَكْرَهُهُ.

عِبَادَ اللهِ؛ الطِّيَرةُ شِرْكٌ بِاللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا خَوْفٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَدَمُ تَوَكُّلٍ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُهَا غَرَضٌ لِسِهَامِ الشَّرِّ وَالْبَلَاءِ، فَيُسَرِّعُ نُفُوذَهَا؛ لِأنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِالتَّوْحِيدِ، وَالْمُؤْمِنُ قَوِيُّ الْإِيمَانِ يَدْفَعُ تَطَيُّرَهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ؛ كَفَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ تعَالَى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 98 - 100].

وَالتَّشَاؤُمُ مِنَ الاعْتِقَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ بَيْنَ جُهَّالِ الْمُسْلِمِينَ، نَتِيجَةَ جَهْلِهِمْ، وَضَعْفِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ فِيهِمْ، وَمُخَالَطَتِهِمْ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالضُّلَّالِ، وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيهِمْ اعْتِقَادُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ، وَمَا هُوَ شِرْكٌ أَكْبَرُ يُخْرِجُ الْمُسْلِمَ مِنَ الْمِلَّةِ، وَمَا هُوَ شِرْكٌ أَصْغَرُ، وَمَا هُوَ ذَرِيعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ يُنافِي كَمَالَ التَّوْحِيدِ، وَيُوصِلُ إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، الَّذِي لَا يَغْفِرُ اللهُ لِصَاحِبِهِ إِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ، قَالَ اللهُ تعالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].

عِبَادَ اللهِ؛ مَا زَالَ بَعْضٌ مِنَ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ يتَشاءَمُونَ مِنْ شَهْرِ صَفَرَ، وَمِنْ السَّفَرِ فِيهِ، فَلَا يُقِيمُونَ فِيهِ مُنَاسَبَةً، وَلَا فَرَحًا، فَإِذَا كَانُوا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ، اِحْتَفَلُوا فِي الأَرْبِعَاءِ الْأَخِيرِ، اِحْتِفَالًا كَبِيرًا، فَأَقَامُوا الْوَلَائِمَ، وَالْأَطْعِمَةَ الْمَخْصُوصَةَ وَالحَلْوَى، وَهَذَا -وَالْعِياذُ بِاللهِ- مِنَ الْجَهْلِ الْمُوقِعِ فِي الشِّرْكِ، وَمِنَ الْبِدَعِ الشِّرْكِيَّةِ، وهذِهِ الْأُمُورُ لَا تَصْدُرُ إِلَّا مِمَّنْ يَشُوبُ اِعْتِقَادَهُ أُمُورٌ شِرْكِيَّةٌ، الَّتِي يَجُرُّ بَعْضُهَا بَعْضًا كالتَّوَسُّلَاتِ الشِّرْكِيَّةِ، والتَّبَرُّكِ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَالاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ. أَمَّا مَنْ أَنْعَمَ اللهُ علَيهِ بِسَلَامَةِ الْعَقِيدَةِ، وَصِحَّتِهَا، فَإِنَّهُ دَائِمًا مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللهِ، مُعْتَمِدٌ علَيْهِ، مُوقِنٌ بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهَ، وَأَنَّ التَّشَاؤُمَ وَالطِّيَرَةَ، وَاِعتِقَادَ النَّفْعِ أَو الضُّرِّ فِي غِيْرِ اللهِ، وَنَحْوَ ذلكَ؛ كُلُّهُ مِنَ الشِّرْكِ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَشَدِّ الظُّلْمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

وَالتَّشَاؤُمُ مِمَّا يُنَافِي تَحْقِيقَ التَّوحِيدِ، بِتَخْلِيصِهِ وَتَصْفِيَتِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، وَالْبِدَعِ، وَالْمَعَاصِي، فَالشِّرْكُ يُنَافِيهِ بالكُلِّيَّةِ، والبدَعُ تُنَافِي كَمَالَهُ الوَاجِبَ. فَلا يَكُونُ الْعَبْدُ مُحَقِّقًا لِلتَّوْحيدِ؛ حَتَّى يَسْلَمَ مِنَ الشِّرْكِ بِنَوْعَيْهِ، وَيَسْلَمَ مِنَ الْبِدَعِ والْمَعَاصِي. وَلِذَا ذَكَرَ الرَّسُولُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ صِفَاتِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ: «الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكّلُونَ»، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ هُوَ الْأَصْلُ الْجَامِعُ، الَّذِي تَفَرَّعَتْ عَنْهُ هذِهِ الْأَفْعَالُ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ: أَنَّ الطِّيَرَةَ لَا تَضُرُّ إِلا المُتَطَيِّرَ، وَالشُّؤْمَ لَا يَضُرُّ إِلا المُتَشَائِمَ؛ لِأَنَّ شُؤْمَهُ سَيُقْعِدُهُ عَنِ الْعَمَلِ، وَيُصِيبُهُ بِالْيَأْسِ، وَهَكَذَا يَظَلُّ أَسِيرَ الْأَوْهَامِ، وَالشُّكُوكِ، وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، حَتَّى يَجِدَ الدَّجَّالُونَ مِنَ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ وَالْمُنَجِّمِينَ وَقُرَّاءِ الْكَفِّ وَالْفِنْجَانِ مَدْخَلًا إِلَيهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ الاعتِقَادِ؛ فَيَقَعُ فِي الشِّرْكِ، ولَا يَنفَعُهُ هَؤُلَاءِ الدَّجَّالونَ، بَلْ يَسْلِبُونَ أَمْوَالَهُ، ويُفْسِدُونَ تَوْحِيدَهُ، وَلَنْ يَجْنِيَ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ. فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاِحْذَرُوا الشِّرْكَ وَمَدَاخِلَهُ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ أمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ؛ عِلَاجُ الطِّيَرَةِ يَكُونُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تعَالَى، وَالمُضِيِّ فِيمَا عَزَمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ، وَالْبُعْدِ عَنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، وَعَدَمِ الاسْتِسْلَامِ لِخَطَرَاتِهِ، وَالْيقِينِ بِأَنَّ الْأُمُورَ بِيَدِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الْقَدَرَ مَكْتُوبٌ، لَا تَرُدُّهُ الطِّيَرَةُ، وَقَدْ ذكَرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَفَّارَتَهَا لِمْنَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيئًا، فَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: « أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»؛ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْفَأْلُ ضِدُّ الطِّيَرَةِ؛ وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ، فَقَدْ قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ عَدْوَىَ، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ»؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

فَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تُعْجِبُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَالانْبِسَاطِ، وَالْمُضِيِّ قُدُمًا لِمَا يَسْعَى إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الطِّيَرَةِ؛ بَلْ هَذَا مِمَّا يُشَجِّعُ الْإِنْسَانَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ عَلَيْهِ؛ بَلْ تَزِيدُهَ طُمَأَنِينَةً، وَإِقْدَامًا، وَإِقبَالًا. وَالْفَأْلُ فِيمَا يُرْجَى وُقُوعُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَسُرُّ ظَاهِرُهُ.

الطِّيَرَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِيمَا يَسُوءُ، وِإِنَّمَا أَحَبَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفَأْلَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أَمَّلُوا نِعْمَةً مِنَ اللهِ؛ فَهُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا مَا أَمَّلُوا؛ فَقَدْ أَصَابُوا فِي الرَّجَاءِ مِنَ اللهِ، وَطَلَبِ مَا عِنْدَهُ، وَفِي الرَّجَاءِ خَيْرٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إِذَا قَطَعُوا أَمَلَهُمْ وَرَجَاءَهُمْ مِنَ اللهِ؛ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ؟

تَفَاءَلْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ، وَتَوَقَّعِ الْخَيْرَ دَائِمًا، وَسَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ، وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُغْلِقَ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ؛ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: «لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَعَمْ إِذًا». أَيْ: إِذَا أَبَيْتَ إِلَّا مَا ذَكَرْتَ؛ فَنَعَمْ، أَيْ: يَحْصُلُ لَكَ مَا قُلْتَ؛ إِذْ لَيْسَ جَزَاءُ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ إِلَّا حِرْمَانَهَا، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: (فَمَا أَمْسَى مِنَ الْغَدِ إِلَّا مَيِّتًا).

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.23 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]