قوة الابتسامة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         7 خضراوات تحتوي على فيتامين سي أكثر من البرتقال.. هتنور وشك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          طريقة عمل حواوشى ميكس باللحم والدجاج من الشيف شربينى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          لو شعرك طويل وبيتشابك.. 5 طرق هتساعدك على فكه بدون ألم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصفات طبيعية لعلاج حب شباب فروة الرأس.. مشكلة مزعجة حلولها بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          لو ناوى تشترى أو تجدد عفش بيتك.. أبرز تريندات الأثاث موضة 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طريقة عمل الدجاج الصينى.. بدل ما تاكليه من بره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          خطة سهلة بمكونات طبيعية لتنظيف المطبخ.. خطواتها بسيطة ونتيجتها ممتازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح الرقبة.. مكوناتها متوفرة فى مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طريقة عمل تشيز كيك البارد بالقهوة بدون فرن.. لذيذة وخفيفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          روتين للعناية بالبشرة بدون منتجات.. 8 خطوات تمنحك إشراقه طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-03-2021, 11:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,474
الدولة : Egypt
افتراضي قوة الابتسامة

قوة الابتسامة


أحمد بن عبد الله الحزيمي



الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، ربَّنَا لَكَ الْحَمْدُ كَمَا ينبغِي لِجَلاَلِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ لَا نُحْصِي ثناءً عَلَيكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.


وَنَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سيدِنا وَنَبِيِّنَا محمدٍ وَعَلَى آلِ محمدٍ صلاةً وَسَلاَمًا دَائِمَيْنِ مُتَلاَزِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ - أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا نَجَا وَسَعِدَ فِي الْآخِرَةِ وَالأُولَى.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: قَدِمَ فَضَالَةُ بنُ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ وَهُوَ مُشْرِكٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ، فَوَافَقَهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَ يَنْوِي قَتْلَهُ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَفَضَالَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَاذَا كُنْتُ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "اسْتَغْفِرِ اللَّهَ"، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَسَكَنَ قَلْبُهُ، فَكَانَ فَضَالَةُ يَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي حَتَّى مَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْهُ. [رواهُ ابنُ هِشامٍ في السِّيرةِ].


أَيُّهَا الْكرامُ:
حَديثُنَا الْيَوْمَ عَنْ خَصْلَةٍ فِيهَا مِفْتَاحٌ لِلْقُلُوبِ، فِعْلُهَا لَا يُكَلِّفُ شَيئًا، لَا تَسْتَغْرِقُ أَكْثَرَ مِنْ لَمْحَةِ بَصَرٍ، وَهِي حَرَكَةٌ عَضَلِيَّةٌ؛ هَذِهِ الْحَرَكَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَدْرِيبٍ فِي نوادٍ رِياضِيَّةٍ، لَكِنْ أثَرُهَا يَخْتَرِقُ الْقُلُوبَ، يَسْلبُ الْعُقُولَ، يُذْهِبُ الْأحْزَانَ، يُصَفِّي النُّفُوسَ، يَكْسَرُ الْحَواجِزَ مَعَ بَنِي الْإِنْسانِ، أَصْحَابُهَا أَحْسَنُ النَّاسِ مزَاجًا، وأَهْنَؤهُمْ عَيْشًا، وَأَطْيَبُهُمْ نَفْسًا. وَهِيَ فوقَ ذَلِكَ عِبَادَةٌ وَصدقَةٌ، فَعَلَهَا الْحَبيبُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَبَّدَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ. فَهَلْ عَرَفْتُمْ مَا هِيَ إِخوتِي فِي اللهِ؟


إِنَّهَا الاِبْتِسَامَةُ! إِنَّهَا السِّحْرُ الْحَلالُ، وَعُرْبُونُ الصَّفَاءِ، وَرِسَالَةُ الْوُدِّ، وَخِطَابُ الْمَحَبَّةِ، تَقَعُ عَلَى صَخْرَةِ الْحِقْدِ فَتُذِيبُهَا، وَتَسْقُطُ عَلَى رُكامِ الْعَدَاوَةِ فَتُزِيلُهَا، وَتَقْطَعُ حَبْلَ الْبَغْضاءِ، وَتَطْرُدُ وَسَاوِسَ الشَّحْنَاءِ، وَتَغْسِلُ أدْرَانَ الضَّغِينَةِ، وَتَمْسَحُ جِرَاحَ الْقَطِيعَةِ.


الابْتِسَامَةُ هِي اللُّغَةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ لِتَرْجَمَةٍ وَلَا تَتوقَّفُ على تَفْسِيرٍ، إِنَّهَا مِفْتَاحُ الْعُبُورِ لِقُلُوبِ النَّاسِ. الْبَشَاشَةُ هِي طَلاَقَةُ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، تَبْدُو فِي مَلاَمِحِ الْوَجْهِ وَبَسَمَاتِ الشِّفَاهِ، كَمَا تَبْدُو فِي التَّبَسُّطِ وَالتَّحَبُّبِ، وَمُحَاوَلَةِ التَّقَارُبِ وَرَوْعَةِ الاِسْتِهْلالِ.


وَالاِبْتِسَامَةُ - وَحْدُهَا - عَطَاءٌ، وَتَدُلُّ عَلَى نَفْسٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْبَذْلِ للآخرِينَ وَالاهْتِمَامِ بِالنَّاسِ وَالْفَرَحِ لِفَرَحِهِمْ وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي كُلِّ أَحْوالِهِمْ.


إِنَّ الاِبْتِسَامَةَ فِي وُجُوهِ الآخَرِينَ لَا تُكَلِّفُ شيئًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهَا وَزْنٌ كَبِيرٌ، وَأهَمِّيَّةٌ بَالِغَةٌ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيهَا مِنْ آثَارٍ عَظِيمَةٍ طَيِّبَةٍ فِي النَّاسِ.


وَالْاِبْتِسَامَةُ تَزِيدُكَ قُرْبًا مِمَّنْ تُحِبُّ؛ وَبِذَلِكَ يَأْنَسُ النَّاسُ إِلَيكَ.
الْاِبْتِسَامَةُ تَقْضِي عَلَى الْحُزْنِ وَالْكَرْبِ.


وَالْاِبْتِسَامَةُ تُؤَلِّفُ الْقُلُوبَ، فَإِذَا قَابَلْتَ الْمُشْكِلَاتِ بِابْتِسَامَةٍ فَقَدْ قُمْتَ بِجُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ حَلِّهَا؛ لِأَنَّكَ تُعِدُّ نَفْسَكَ دَاخِلِيًّا لِمُوَاجَهَتِهَا.


التَّبَسُّمُ فِي الْوُجُوهِ -أَيُّهَا السَّادَةُ- عَمَلٌ بَسيطٌ وَيَسِيرٌ، غَيْرُ مُكَلِّفٍ وَلَا مُجْهِدٍ، وَلَكِنْ لَهُ الأَثَرُ الْكَبِيرُ فِي نَشْرِ الأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُوصِلُ إِلَى مَرْضاةٍ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. يَعْنِي: عِنْدَ إِظْهارِكَ لِأَخِيكَ الْبَشَاشَةَ وَالْبِشْرَ إِذَا لَقِيتَهُ، تُؤْجَرُ عَلَيهِ كَمَا تُؤْجَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ، وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ.


إِخْوَةَ الْإيمَانِ:
لَقَدْ أَرْسَى الْحَبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلُقُ الْبَسمَةِ وَالْبَشَاشَةَ وَعَلَّمَ الإِنْسانِيَّةَ هَذِهِ اللُّغَةَ الْعَالَمِيَّةَ اللَّطِيفَةَ، وَطَبَّقَهَا عَمَلِياً بِنَفْسِهِ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُحِبُّهُ مَنْ رَآهُ، وَيَفْدِيهِ مَنْ عَرفَهُ بِنَفْسِهِ وَأهْلِهِ وَأَغْلَى مَا يَمْلِكُ! بَلْ قَدْ وَصَفَهُ أَصْحَابُ السِّيَرِ: أَنَّه كَانَ بَسَّامَ الْمُحَيَّا. يَقُولُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِاللهِ الْبَجَلِيُّ: "مَا رَآنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا ابْتَسَمَ فِي وَجْهِي" أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَيَصِفُهُ أحَدُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّه أَكَثَرُ النَّاسِ تبسُّمًا؛ يَقُولُ عَبْدُاللهِ بْنُ الْحارِثِ الزُّبَيْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَخْرجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَيَأْتِي إِلَيه الْأعْرَابِيُّ بِكُلِّ جَفَاءٍ وَغِلْظَةٍ، وَيَجْذبُهُ جَذبَةً أَثَّرَتْ فِي صَفْحَةِ عُنُقِهِ، وَيَقُولُ: يا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ حَتَّى فِي حالَةِ الْغَضَبِ، فَمَعَ شِدَّةِ عِتَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، لَمْ تَغِبْ تلكَ الاِبْتِسَامَةُ عَنْه وَهُوَ يَسْمَعُ مِنْهُمْ؛ يَقُولُ كَعْبٌ رَضِيَ اللهُ عَنْه بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اعْتِذارَ الْمُخَلَّفِينَ: فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَ" فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.


بَلْ لَمْ تَنْطَفِئْ هَذِهِ الاِبْتِسَامَةُ عَنْ مُحَيَّاهُ الشَّرِيفِ، وَثَغْرِهِ الطَّاهِرِ حَتَّى فِي آخِرِ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ، وَهُوَ يُوَدِّعُ الدُّنْيا؛ يَقُولُ أَنَسٌ -كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ-: "بَيْنَمَا المُسْلِمُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ!"، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَجِيبًا أَنْ يَمْلِكَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ، وزَوجَاتِهِ، وَمَنْ لَقِيَهُ مِنَ النَّاسِ!


قَيَّلَ لِسَعِيدِ بْنُ الْخُمُسِ: مَا أَبَشَّكَ! قَالَ: "إِنَّه يَقُومُ عَلَيَّ بِرَخِيصٍ"؛ يَعْنِي: أَنَّ الْبَشاشَةَ رَخِيصَةٌ لَا تُكَلِّفُهُ مَالًا وَلَا جُهْدًا، وَإِنَّهَا غالِيَةٌ وَقَيِّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَجْذِبُ الْقُلُوبَ، وَتَقْتَلِعُ أَسْبَابَ الْبَغْضاءِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
أَخُو الْبِشْرِ مَحْبُوبٌ عَلَى حُسْنِ بِشْرِهِ *** وَلَنْ يَعْدِمَ الْبَغْضاءَ مَنْ كَانَ عَابِسَا


وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "أُخْبِرْتُ أَنَّه مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: لِتَكُنْ كَلِمَتُكَ طَيِّبَةً، وَليَكُنْ وَجْهُكَ بَسْطًا، تَكُنْ أَحَبَّ إِلَى النَّاسِ مِمَّنْ يُعْطِيهِمُ الْعَطَاءَ" رواه ابنُ أبي شَيبَةَ وابنُ أبي الدُّنيَا وغيرُهُم.


يَقُولُ أحَدُ عُلَمَاءِ الْبَسمَةِ وَالتَّأْثِيرِ عَلَى الآخَرينَ: إِنَّ قَسَمَاتِ الْوَجْهِ خَيْرُ مُعَبِّرٍ عَنْ مَشَاعِرِ صَاحِبِهِ، فَالْوَجْهُ الصَّبُوحُ ذُو الاِبْتِسَامَةِ الطَّبِيعِيَّةِ الصَّادِقَةِ، خَيْرُ وَسِيلَةٍ لِكَسْبِ الصَّدَاقَةِ وَالتَّعَاوُنِ مَعَ الآخَرينَ، إِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مِنْحَةٍ يُقَدِّمُهَا الرَّجُلُ، وَمِنْ أَرْطالٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمَسَاحِيقِ عَلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ، فَهِي رَمْزُ الْمَحَبَّةِ الْخَالِصَةِ وَالْوِدَادِ الصَّافِي.


وَقَدْ تَوَصَّلَتْ دِرَاسَةٌ قَامَ بِهَا عَدَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ النَّفْسِ وَالْاِجْتِمَاعِ الْأَمْرِيكِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْاِبْتِسَامَةَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ النّجاحِ وَالسَّعَادَةِ؛ وَالاِسْتِقْرارِ النَّفْسِيِّ؛ حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَبْتَسِمُ دَائِمًا هُوَ أَكْثَرُ الْأَشْخَاصِ جَاذِبيَّةً وقُدرَةً عَلَى إقْنَاعِ النَّاسِ، وَهُوَ أَكْثَرُهُمْ ثِقةً بِنَفْسِهِ، وَتُبَيِّنُ أيضاً أَنَّ التَّبَسُّمَ يُسَاعِدُ -بِإِذْنِ اللهِ- عَلَى التَّغَلُّبِ عَلَى تَيَّارَاتِ الضُّغُوطِ الْيَوْمِيَّةِ الَّتِي تَجْلِبُ الْكَثِيرَ مِنَ الْأَمْرَاضِ: كَالْسُّكَّرِيِّ وَالضَّغْطِ وَالتَّوَتُّرِ وَالْقَلَقِ وَالأَزَمَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا.


وَلَا يَظُنُّ أحَدٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنَّ التَّبَسُّمَ فِيه إِنْزالٌ مِنْ مَكَانَتِهِ، وَنَقْصٌ مِنْ هَيْبَتِهِ أَمَامَ الآخَرينَ، فَهَؤُلَاءِ واهِمُونَ يُنَفِّرُونَ أَكْثَرَ مِمَّا هُمْ يُقَرِّبُونَ، فَإِنَّ الْعَابِسَ لَا يُؤذِي إلّا نَفْسَه، وَهُوَ -بِعبُوسِهِ- يَحْرِمُهَا مِنَ الاِسْتِمْتاعِ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ.


اللَّهُمَّ أَدْخِلِ السَّكِينَةَ إِلَى قُلُوبِنَا، وَالْمَحَبَّةَ فِي نُفُوسِنَا، وَالْاِبْتِسَامَةَ فِي وُجُوهِنَا، وَالسَّعَادَةَ فِي بُيُوتِنَا، إِنَّكَ سَمِيعٌ مجُيبٌ.
بَارَكَ اللهُ لي ولكمْ..


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:
فَمِمَّا يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ الْإمَامِ مُوَفَّقِ الدِّينِ ابْنِ قُدَامَةَ، أَنَّه كَانَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ مَعَ الآخَرينَ، وَالَّتِي قَدْ تَسْتَلْزِمُ أَوْ تَجْعَلُ الْإِنْسانَ غَاضِبًا مُكْفَهِرًّا غَضُوبًا إلّا أَنَّه لَمْ يَكُنْ يُنَاظِرُ أحَدًا إلّا وَهُوَ مُبْتَسِمٌ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا الشَّيْخُ يَقْتُلُ خَصْمَهُ بِتَبَسُّمِهِ. يَقُولُ الْإمَامُ الذَّهَبِيُّ مُعلِّقاً: "فَهَذَا هُوَ خُلُقُ الْإِسْلامِ -يَعْنِي التَّبَسُّمُ-، فَأَعْلَى الْمَقَامَاتِ مَنْ كَانَ بَكَّاءً بِاللَّيْلِ، بَسَّامًا بِالنَّهَارِ".


أَخِي الْكَرِيمُ: لَا تَبْخَلْ بِإشاعَةِ أَجْوَاءِ الْأَمَلِ وَالسُّرُورِ، مِنْ خِلاَلِ تِلْكَ الْاِبْتِسَامَةِ الصَّافِيَةِ، الْمُفْعَمَةِ بِالْحُبِّ وَالْعَطْفِ وَالْفَرَحِ، الَّتِي تُطِلُّ بِهَا عَلَى النَّاسِ؛ فَإِنَّه لَا يَنبغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يَبْخَلَ بِهَا على زَوْجَتِهِ، وَالزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَالْأَوْلاَدِ عَلَى أهْلِهِمْ، وَالْأهْلِ عَلَى أَوْلاَدِهِمْ، وَالتَّاجِرِ عَلَى زَبَائِنِهِ، وَالْمُدِيرِ عَلَى مُوَظَّفِيهِ، وَالْمُدَرِّسِ عَلَى طُلّابِهِ، وَالطَّبِيبِ عَلَى مَرْضَاهُ.


إِخْوَةَ الْإيمَانِ: لِنَبْدَأْ رَحْلَةً جَدِيدَةً فِي أُسْلُوبِ حَيَاتِنَا، وَشِعَارُنَا فِيهَا الْبَسمَةُ وَالأُنْسُ، وَإدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى أَنْفُسِنَا وَمَنْ حَوْلَنَا، حادِينَا إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحُبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ" رواه أَبو الشَّيخِ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ.



جعلنا الله وإياكم ممن يُدخلونَ السّرورَ على قلوبِ الآخرينَ، حبّاً وإسعاداً لهم، وتخفيفاً لمعاناتهمْ، وبعثاً للحيويّةِ لديهمْ، إنّهُ مجيبُ الدّعاءِ.


اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأخْلاقِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ للذينَ آمنُوا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.53 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]