مسائل فقهية معاصرة في الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-02-2020, 02:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي مسائل فقهية معاصرة في الصيام

مسائل فقهية معاصرة في الصيام 1-3
د. محمد بن هائل المدحجي



الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


فتحدثنا عن الأحكام المتعلقة بالمُفطِّرات المتعلقة بالمنافذ المعتادة وغير المعتادة في الفم .
لنأت إلى المسائل المتعلقة بما ليس بمنفذ كالجلد: الجلد يمكن أن تَتَشرَّب منه المواد إلى داخل الجسد، مثلاً: يمكن أن يضع الإنسان دهناً، فهذا الدهن يَتَشرَّب عبر الشعيرات الدموية الموجودة في الجلد إلى داخل البدن، والإنسان قد يدخل مثلاً في بركة يسبح فيها، فالماء يغطي جسده، فهل هذا يعد من المُفطِّرات؟
أولاً: بالنسبة للماء ليس مُفطِّراً إذا لامس الجلد، فالإنسان يتوضأ ويغتسل وهو صائم، وهذا ليس مُفطِّراً باتفاق أهل العلم، كما أن الأطباء يقولون: إن الجلد لا يشرب الماء، وإنما يشرب الدهن إذا وُضِع على الجلد، وأيضاً الدهن باتفاق أهل العلم، ولو تَشرَّبَه الجسد فإنه ليس مُفطِّراً، فإن الناس كانوا يَدَّهِنون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالادهان، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حذر الناس من الادهان أثناء الصوم، فاتفق أهل العلم إلى أن الادهان والمواد التي تدخل عبر الجلد ليست مُفطِّرة .
ومثل ذلك فيما يتعلق بالمسائل المعاصرة: هناك لصقات جلدية طبية، تستخدم في علاج بعض الأمراض كأمراض الذبحة الصدرية أو ارتفاع الضغط، حيث يحتاج الجسد إلى أن يتناول هذه المادة الدوائية ببطء ولمدة زمنية طويلة، بناءً على ما ذكرناه، هذه اللصقات الطبية العلاجية وإن كان الدواء يدخل من خلال الجلد إلى الجسد، فهذه ليست مُفطِّرة لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما .
أيضاً هناك لصقات النيكوتين التي تستخدم لهؤلاء المدخنين الذين يرغبون في ترك التدخين، فمن الوسائل هذه اللصقات التي تعطي شيئاً من النيكوتين بكمية قليلة مستمرة كمرحلة لترك التدخين، هذه أيضاً ليست مُفطِّرة، إذا استخدم الإنسان مرهماً جلدياً دوائياً في الجلد فهذا ليس مُفطِّراً، ومثل ذلك فيما يتعلق بالنساء المساحيق التي تستخدمها النسوة في الوجه في الخدود، حتى في الشفتين، هذه كلها ليست مُفطِّرة، وإن كان الذي في الشفتين ينبغي الحذر من عدم ابتلاع شيء منه وإدخاله إلى الجوف .
هناك مسألة مختلفٌ فيها بين العلماء المتقدمين: وهي إذا ما وضع الإنسان شيئاً على رأسه، فوجد طعمه في حلقه، الآلية واحدة: هي تَشرُّب عبر مسامات الجلد، لكن هذه المرة عبر مسامات الجلد الموجودة في الرأس، فإذا وضعت المرأة مثلاً حناء أو دهناً زيتاً في رأسها، فوجدت الطعم في الحلق، فهل هذا مُفطِّر أو ليس مُفطِّراً؟
جمهور الفقهاء يقولون: لا فرق بين مسام الجلد الموجودة في الرأس أو في سائر الجسد هذه ليست مُفطِّرة، المالكية رحمهم الله هم الوحيدون الذين قالوا بأن مسامات الجلد التي في الرأس تختلف، لأنه بينها وبين الجوف منفذ، وعليه لو وجد الطعم في حلقه فإنه يفطر، والصحيح هو مذهب الجمهور: أن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، وكما أن الإنسان يغتسل ويلامس الماء رأسه وليس مُفطِّراً، وكان الناس يدهنون في أجسادهم ورؤوسهم في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد أي تحذير، ولا أي منعٍ من النبي صلى الله عليه وسلم فالصحيح أن هذا ليس مُفطِّراً، وعلى ذلك: لا حرج على المرأة في وضع شيءٍ على رأسها، حمام زيت أو مثلاً لو وضعت حناء أو غير ذلك، هذا كله ليس مُفطِّراً لو كانت المرأة صائمة .
من المسائل كذلك: الحقن التي يتم تناولها عن طريق الجلد، وكذا عن طريق العضل أو الوريد، ما حكم هذه الحقن؟ الحقن أحياناً تكون عضلية كبعض اللقاحات، التطعيمات، خافضات الحرارة، بعض أدوية الحساسية، هذه تؤخذ عن طريق العضل، أيضاً يمكن أن تؤخذ الحقن تحت الجلد، وأبرز مثال للحقن الجلدية: هي أدوية السكر، سواءً انخفاض السكر أو ارتفاع السكر، في حالات ارتفاع السكر يكون المريض يتناول إبر الأنسولين، وفي حال انخفاض السكر يأخذ حقنة تحتوي على هرمون الجلوكوجين أو الجلوكوجون، هذه أبرز أمثلة الحقن الجلدية .
أيضاً هناك حقن وريدية تعطى عبر الوريد كبعض المضادات الحيوية لينتفع بها الجسد سريعاً، أحياناً تعطى مواد صبغية من أجل التصوير، هذه كلها ما دامت ليست مُغذِّيةً، سيأتي الحديث عن الحقن المُغذِّيَة، ما دامت ليست مُغذِّيةً فليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، ليس فيها صورة الأكل والشرب: الإدخال عبر الفم أو الأنف إلى الجوف، وليس فيها معنى الأكل أو الشرب الذي هو التَّغَذِّي، هذه ليست غذاءً لا تُعطى للمريض ليستغني بها عن الطعام والشراب، بل هي أدوية وعلاجات .
هنا إشكالان: الأول: في بعض المواد الدوائية، خاصة التي تعطى عن طريق الوريد، هذه تحتوي على نسبة من الماء ولا بد، فهل هذا يعد مُفطِّراً؟ الجواب: لا، لأن هذا الماء الموجود هو لحمل المادة الدوائية، فهي تابعٌ غير مقصود، ودائماً المسألة التي نقيس عليها ما يبقى في الفم من أثر الماء بعد المضمضة، شيءٌ يسيرٌ تابعٌ غير مقصود فلا يُفطِّر، هنا لا يأخذ الإنسان الدواء من أجل الماء الذي فيه ليَتغَذَّى به لا، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، وأخذه من أجل الدواء، وهذا الماء اليسير إنما هو حاملٌ لهذه المادة الدوائية، فهذا ليس مُفطِّراً .
نأتي إلى الهرمون الذي يعطى في حال انخفاض السكر في الجسم: الجلوكوجون، هذا إذا أخذ يرفع السكر في الدم، سيأتي معنا أن الإبر المُغذِّيَة التي تحتوي على سكر مُفطِّرة، لأن السكر يَتغذَّى به البدن، طيب! وهذه هي تعطى في حالات انخفاض السكر، فهل هي مُفطِّرة؟ الجواب: لا، لأنها لا تحتوي على سكر، هي تحتوي على هرمون يعمل في الجسد من خلال تحويل الجلوكوجين الموجود في الكبد إلى سكر، فهو لا يضيف سكر إلى الجسد، وعليه ليس مُفطِّراً، المُفطِّر هو الحقن المُغذِّيَة .
قبل أن أتحدث عن المغذية، وبمناسبة ذكر الأدوية التي تعطى لمرضى السكر: مَجْمَع الفقه الإسلامي في قرارٍ مستقل بشأن مرضى السكر، قَسَّمَهم إلى أربعة فئات، بحسب الحالة المرضية لكل قسم، وبَيَّنُوا الأوصاف المعروفة عند الأطباء، هذه فئة (أ) فئة (ب)، قَسَّمُوا مرضى السكر إلى أربعة أقسام وفق تقسيم الأطباء، لذلك المريض لا بد يرجع إلى الطبيب ليعرف من أي قسمٍ هو، فقالوا:
أن القسم الأول والثاني يحرم عليهم الصيام، لأن وضعهم الصحي خطير بحيث إذا حصل انخفاض للسكر في الجسد، قد يدخلون في إشكالات وغيبوبة وربما يصل الأمر إلى الوفاة، فهؤلاء قالوا: يحرم عليهم الصوم، وهم الذين يتحقق حصول الضرر إذا صاموا أو يغلب على الظن حصول المرض إذا صاموا خاصةً إذا كانوا لوحدهم، لا يوجد أحد حولهم، بحيث يقوم بإنقاذهم إذا حصل المكروه .
أما الفئة الثالثة والرابعة، فقالوا: بأنه يمكنهم أن يصوموا، بل يجب عليهم أن يصوموا لعدم وجود الضرر مع الصوم، بل قد يستفيدون .
كل الذي ذكرناه من الحقن العضلية والجلدية والأمثلة التي ذكرناها للوريدية، هذه غير مُغذِّيَة فليست مُفطِّرة، هناك نوع من الحقن الوريدية معروف لدى الجميع، هو عبارة عن مُغذِّي يُعطى للإنسان، المغذيات المعروفة التي تعطى للمريض في المستشفى بعد العمليات في حال الجفاف إذا تَعرَّض للشمس فقل الماء وقلت الأملاح في جسده، يعطى هذه المُغذِّيَات، هذا مُغذِّي يمكن الاستغناء به عن الطعام والشراب، يحتوي على ماء وأملاح وسكر، فيحصل بهذا المحلول تَغذِّي البدن، يمكن أن يستغني به عن الطعام والشراب ولفترات طويلة أيضاً .
الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلات، فإن الصائم منع من الطعام والشراب الذي يحصل به تَغَذِّي بدنه، فهذه المُغذِّيات التي يحصل بها تَغَذِّي بدنه، فهذه المغذيات التي يحصل بها تَغَذِّي بدنه تفطر الصائم كالطعام والشراب .
من المسائل الشائكة والشائكة جداً: هل هي مُغذِّية أو ليست مُغذِّية، هل هي مُفطِّرة أو ليست مُفطِّرة؟ مسألة: نقل الدم، هل نقل الدم مُفطِّر أو ليس مُفطِّراً؟ شخص حصل له نزف بسبب حادث أو بسبب حالة مرضية عنده، يحتاج إلى نقل دم وهو صائم، فهل نقل الدم يفطر به الصائم أو لا؟ هذه من المسائل الشائكة التي اختلف فيها الفقهاء المعاصرون اختلافاً كبيراً جداً، حتى إن مَجْمَع الفقه الإسلامي لَـمَّا درس هذه المسألة لم يتخذ فيها قراراً، أَجَّل النظر لصعوبتها، فمن العلماء من قال: بأن نقل الدم مُفطِّر، وهذا هو رأي الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، قالوا: لأن خروج الدم من الجسد يضعفه، فدخول الدم يُقويه، وعليه: فيكون مُفطِّراً، ولأن غاية الطعام والشراب أنه يستحيل إلى دم، هذا ما يقوله الفقهاء المتقدمون، لكن العلم لا يقول هذا، فالطعام والشراب لا يستحيل إلى دم .
فعلى أي حال: الحجة الأولى أقوى: أن خروج الدم يضعف البدن، فدخوله يقوي البدن، إذاً: ينافي الصوم، إذاً: هو كالطعام والشراب، فيكون مُفطِّراً، هذا قول .
الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه كان يقول بهذا القول ثم رجع إلى القول الثاني، قال في كتابه المشهور: مجالس شهر رمضان، قال: كنت أقول بهذا، ثم تَبيَّن لي أن الأصل صحة الصوم وأنه لا يوجد دليل على أن نقل الدم من المُفطِّرات، الذين يقولون بأن نقل الدم من المُفطِّرات قالوا: إن الجسد لا يَتَغذَّى بالدم، فالدم هو الوسيط الذي ينقل الطعام والشراب إلى سائر الجسد، هو بذاته ليس غذاءً، لا يمكن لشخص يحتاج إلى طعام وشراب أن تنقل له دماً ليستغني به عن الطعام والشراب، إذاً: ليس أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل ولا الشرب، لأنه لا يحصل به التَّغَذِّي .
نحتاج أن نُرجِّح بين القولين، أولاً أقول: إن مكونات الدم أربعة: هناك كريات الدم الحمراء، كريات الدم البيضاء، البلازما، والصفائح الدموية، كريات الدم البيضاء: وظيفتها الرئيسة المناعة للجسد، مقاومة الأمراض، الحمراء: هي الوسيط الذي ينقل الغذاء والأكسجين، الصفائح الدموية: تساعد في حال إيقاف النزيف، البلازما: هي الوسط الذي يحمل هذا كله ويحافظ على توازن ضغط الدم .
فهذه المكونات أحياناً تُنْقَل منفردة، يعني: لا يلزم أن يُنْقَل الدم بكل مكوناته، بعض المرضى يحتاجون لنقل كريات بيضاء فقط أو حمراء فقط أو صفائح دموية فقط أو بلازما فقط، فمن نُقِلت له المكونات الثلاثة الأول لا إشكال أنه لا يفطر، أعني: كريات الدم الحمراء فقط أو البيضاء فقط أو الصفائح الدموية فقط، إنما الإشكال لمن تُنقَل له البلازما أو الدم كله بكل مكوناته، وبالتأكيد سيحتوي على البلازما .
لماذا، ما المشكلة مع البلازما؟ البلازما تُشكِّل 55% من الدم، و 95% منها عبارة عن ماء، فنلاحظ أنه وفق هذه المعادلة أغلب مكونات البلازما ماء، فيصبح أغلب مكونات الدم عبارة عن ماء، والماء يحصل به تغذي البدن، فهنا مشكلة! ما دام الماء مُغذِّياً والبلازما تحتوي على الماء، إذاً: هي مُفطِّرة .
الذين لا يُفطِّرون قالوا: إن الماء الموجود في البلازما ليس من أجل أن يستفيد به البدن، لذلك لا يُمتَص داخل الجسد، فلا يحصل به التَّغَذِّي، إنما هو يحافظ على سيولة الدم .
أعيد المعلومة السابقة: البلازما تُشكِّل 55% من مكونات الدم، و 95% منها عبارة عن ماء، فالذين لا يُفطِّرون قالوا: هذا الماء لا يُمتَص في الجسد ولا يستفيد منه ولا يحصل به التَّغَذِّي إنما هو للحفاظ على سيوله الدم .
وهذا لا شك أنه تعليل قوي ومقنع أيضاً، ولكن بعد ذكر هذا الخلاف كله، أقول: الأحوط لمن نُقِل له دمٌ بكل مكوناته، أو نُقِلَت له البلازما فقط، الأحوط له أن يُفطِر، لأنه مريض ويجوز له الفطر، وحتى يقضي فيقع صيامه بيقين، أما إن كان ممن يحتاج إلى نقل متكرر للدم ويصعب عليه القضاء، فلا شك في قوة من قال بأن نقل الدم ليس من المُفطِّرات، وكلا القولين قوي، والأحوط كما تقدم القضاء .

والله أعلم وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-02-2020, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مسائل فقهية معاصرة في الصيام

مسائل فقهية معاصرة في الصيام 2-3

د. محمد بن هائل المدحجي



الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زال الحديث مستمراً مع بعض المسائل المعاصرة التي يُحتاج إلى معرفة مدى تأثيرها، أو حصول الإفطار بها وإفساد الصوم، ومن ذلك: التخدير، والتخدير على نوعين كما هو معلوم: التخدير الجزئي أو الموضعي، والتخدير الكلي أو التام.
بالنسبة للتخدير الجزئي أو الموضعي هذا له أنواع:
النوع المعروف المشهور: هو يتم من خلاله التأثير على النهايات العصبية في منطقة مُعيَّنة، لتفقد الإحساس بالألم، هذه ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناها، فلا يحصل بها تَغذِّي البدن، بل هي تدخل في إطار التداوي، فليست من المفطرات.
وهناك نوع من التخدير ليس شائعاً من خلال الإبر الصينية، بحيث أنها تُحفِّز بعض الغدد لإفراز مواد تُخدِّر (المروفين) تحديداً، فهذا كالسبق تماماً تخدير جزئي فلا يؤثر على صحة الصوم.
لكن الحديث مع التخدير الكلي، والتخدير الكلي يكون إما بإعطاء المادة المخدرة من خلال الوريد، أو من خلال الاستنشاق فتنساب انسياب النفس، والغالب أن يجمع بين الأمرين، إذا كان هناك عملية كبرى تستغرق أكثر من ساعة فالغالب أن يُجمع بين الأمرين جميعاً.
الذي يحصل هنا ليس أن المريض يَتغذَّى بهذا المُخدِّر، فهذا المُخدِّر ليس غذاءً، ليس فيه صورة الأكل والشرب ولا معنى الأكل أو الشرب، وإنما الملحظ المؤثر في هذه المسألة: هو غياب الوعي عن هذا الشخص المريض الذي تم تخديره، ومسألة غياب الوعي هي مسألة المغمى عليه التي يتحدث عنها الفقهاء واختلفوا فيها:
فذهب الحنفية إلى أن الشخص لو أغمي عليه النهار كله فهذا لا يؤثر على صحة الصوم كما لو نام النهار كله، لأنه لو نام النهار كله وكان قد نوى الصيام من الليل صح صيامه بغير خلاف، وأما المغمى عليه فهو ليس كالنائم، لأن النائم إذا أوقظ استيقظ، وأما المغمى عليه فليس هذا شأنه، فالحنفية يقولون: لو نوى الصيام من الليل إذا أغمي عليه من قبل الفجر ولم يفق إلا بعد غروب الشمس فصيامه صحيح.
وأما الجمهور فقالوا: لا بد أن يفيق جزءً من النهار، لكن قال المالكية: لا بد أن تكون إفاقته أغلب النهار، يعني: لا بد أن تكون إفاقته أكثر من نصف النهار.
والأصح والله اعلم ما ذهب إليه الحنفية والشافعية: من أنه يكفي أن يستيقظ ولو لحظة أثناء النهار.
بناءً على هذا الخلاف، وبالنظر إلى الواقع: نحن لا نجد شخصاً في غالب العمليات يمكن أن يبقى مغمى عليه النهار كله ولا يفيق جزءً من النهار، في الغالب تستغرق ساعة أو ساعتين أغلب العمليات في هذه الحدود، ثم يفيق بعد ذلك اللهم إلا العمليات الكبرى جداً التي تستغرق ساعات طويلة، هذه لها شأن آخر.
فمن حيث تأثير الإغماء أو التخدير على الصوم فهذا غير مؤثر، لأنه في الغالب كما تقدم يكون هناك الاستيقاظ في جزء من النهار، لك من جهة أخرى أغلب المرضى الذين يخضعون للتخدير التام لا بد أن يعطوا مُغذِّيات، وتقدم معنا في اللقاء السابق: أن المغذِّيات التي تعطى من خلال الوريد من الجلوكوز أو التي تحتوي على الجلوكوز، يعني: سكر الجلوكوز هذه تعتبر من المُفطِّرات.
لكن التفطير هنا لم يحصل بسبب التخدير، وإنما حصل بسبب إعطاء المُغذِّي ولا تلازم، يعني: قد يحصل تخدير تام مدته عشر دقائق فقط، وفي الغالب لا تُعطى المُغذِّيات إلا إذا كانت العملية ستستغرق أكثر من ساعة هذا بسؤال الأطباء، وعلى ذلك يمكن أن يوجد تخدير تام لمدة قصيرة ولا يكون معه مُغذِّي فيمكن للإنسان أن يكمل صومه.
لكن من حيث الإطار العام لمثل هذا الشخص فهو مريض والمريض يجوز له أن يفطر، لكن كلامنا لو أراد أن يصوم وهو قبل العملية أصلاً صائم وبعد العملية لمدة لا يعطى شيئاً، فلو أراد أن يصوم هل يصح صومه أو لا؟ الجواب: يصح صومه إذا لم يعط شيئاً من هذه المغذيات.
من المسائل أيضاً: مسألة التنظير أو المنظار البطني:
منظار البدن يحتاج إليه تشخيصاً وعلاجاً لتشخيص الأعضاء الداخلية كالزائدة والبنكرياس.. المبايض بالنسبة للمرأة، والعلاج أيضاً فالزائدة استئصالها الآن يتم من خلال هذا المنظار البطني، وقد يكون هناك مواد أيضاً تُدخَل داخل الجسم لكنها ليست مُغذِّية، مثلاً: الزائدة من أجل إزالتها يُحقن الجسم بثاني أُكسيد الكربون ليكون هناك مساحة لينتفخ البطن حتى يستطيع الطبيب أن يتحرك بحرية.
فعلى أي حال: حكم المنظار البطني ينعكس خلاف الفقهاء رحمهم الله في مسألة الجائفة، ما هي الجرح الجائفة؟ هو الجرح الذي يصل إلى تجويف في البدن، قال الحنابلة والشافعية: لو أن شخصاً جرح نفسه جرحاً جائفة، يعني: جرح يصل إلى الجوف، تعمد هذا سواءً بنفسه أو طلب من غيره أن يفعل هذا، قالوا: يُفطِر بذلك، لأن هذه الأداة وإن لم تستقر لكنها وصلت إلى تجويف في الجسم.
وقال الحنفية والمالكية: بأن الجرح الجائفة ليس مُفطِّراً وهذا أصح، نفس الخلاف السابق سينعكس على حكم مثل هذا المنظار، فالصحيح أنه ليس مُفطِّراً .
قبل أن أنتقل: الجائفة التي تحدث عنها الفقهاء تحدثوا عن مسألة أخرى وهي: لو تم إدخال الدواء من خلال الجائفة، يعني: شخص جُرِح ليس كالمسألة السابقة: جرح نفسه بنفسه أو طلب من غيره أن يجرحه، طعنه شخص هذا لا يفطر باتفاق.
فإذا داوى هذا الجرح.. أدخل الدواء من خلال هذا الجرح الجائفة، جمهور الفقهاء يقولون: بأنه يفطر بهذا، وقال المالكية: بأنه لا يفطر وهذا أيضاً هو الصحيح ما دام هذا الدواء ليس مُغذِّياً، لماذا؟ لأن صورة الأكل والشرب ليست موجودة، صورة الأكل والشرب تتحقق من خلال الإدخال عن طريق الفم أو تَعمُّد الإدخال إلى المعدة عن طريق الأنف: « وَبَالِغْ فِيْ الْاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُوْنَ صَائِمَاً » ، معنى الأكل أو الشرب: حصول تَغذِّي البدن، إذا لم تكن هذه المادة مغذية بل مادة دوائية، فهذا لا يعد مُفطِّراً.
قسطرة القلب: أنبوب دقيق يجري مجرى الدم عبر الأوردة ليتم علاج انسدادات الشرايين، إما تشخيصاً أو علاجاً، فهذا أيضاً ليس مُفطِّراً كالمنظار البطني بل أولى من ذلك، فهو ليس مُفطِّراً، وإن كان معه مادة صبغية من أجل التصوير أو نحواً من هذا من المادة التي تضخ، فهذا ليس مُفطِّراً لأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل أو الشرب.
هناك مسألة أخرى وهي مسألة شائكة جداً: وهي مسألة الغسيل الكلوي:
معلوم أن الكلى لها وظيفتها الرئيسية في تنظيف الدم من الأملاح الزائدة ومن الفضلات التي توجد فيه، فإذا حصل قصور في وظائف الكلى بحيث لم تعد تستطيع أن تقوم بهذه المهمة، فهذه سموم موجودة في البدن قد تقضي عليه وقد تؤدي إلى الوفاة، العلاج أحياناً يكون من خلال زراعة الكلية وهذا قد لا يتيسر دائماً، وكثير ممن يعاني من هذه المشكلة المرضية -نسأل الله عز وجل أن يشفي مرض المسلمين- يحتاجون إلى التَّدخُّل لتنقية الدم، هناك طريقتان:
الطريقة المشهورة: هي ما يعرف بالكلية الصناعية، وتسمى أيضاً: التنقية الدموية، هذه تعتمد على إخراج الدم من خلال الوريد عبر قسطرة، يخرج الدم من خلال هذا الأنبوب ليدخل في آلة، هذه الآلة هي التي تقوم بالتنظيف فهي تقوم بدور الكلية، فسميت لذلك: بالكلية الصناعية، هنا الآن مجرى جديد للدم تم فتحه، فعبر هذه الآلة يتم تنقية الدم إضافة مواد إليه، وهذه المواد التي تضاف تحتوي على سكر الجلوكوز وبتركيز عالي أيضاً، ثم يتم إعادة هذا الدم دم نفس الشخص يعود إليه لكنه يعود نقياً.
هؤلاء المرضى يحتاجون إلى أن يقوموا بهذا الغسيل ثلاث مرات أسبوعياً، فهذه ثلاثة أيام يغسلون فيها، وأربعة أيام أخرى لا يغسلون فيها، فما حكم صيامهم في هذه الأيام التي يجرون فيها غسيل الكلى، هل غسيل الكلى يؤثر على صحة الصوم أو لا؟ أكثر الفقهاء المعاصرين يرون أن غسيل الكلى يعتبر مُفطِّراً، ولكن مآخذهم في التفطير مختلفة، فلهم ثلاث مآخذ، يعني البعض يقول: غسيل الكلى مُفطِّر لهذا السبب، والبعض يذكر السبب الثاني، والبعض يذكر السبب الثالث، في بعض هذه الأسباب خلاف، أكثرهم يقول: إن غسيل الكلى مُفطِّرٌ كالحجامة.
الحجامة سيأتي ذكرها تفصيلاً بإذن الله جل وعلا، فيها إخراج للدم من الجسد، ويضعف البدن بسبب هذا، إذا لاحظت إلى مريض غسيل الكلى حين إجراء الغسيل له، تجد أن الضعف الذي يحصل له أكثر بكثير من الضعف الذي يحصل عند الحجامة، فهؤلاء قالوا: كما أن الحجامة مُفطِّرةٌ فغسيل الكلى مُفطِّرٌ من باب أولى لأن الضعف فيه أشد، لكن أولاً: الحجامة كونها مفطرة أو ليست مفطرة سيأتي معنا أنها قضية مختلف فيها، وأن جمهور العلماء لا يرونها مفطرة، والذين يرونها مفطرة هم الحنابلة فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم: « أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ » ، والحنابلة أيضاً يرون أن الحكم خاص بالحجامة وليس بإخراج الدم من أي طريق، وسيأتي أيضاً أن الصحيح هو مذهب الجمهور وأن النهي في قوله صلى الله عليه وسلم: « أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ » ، منسوخ فهذا كان في عام الفتح، والنبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه في حجة الوداع احتجم عليه الصلاة والسلام وهو صائم مُحْرِم.
وعن أنس رضي الله تعالى عنه في الصحيح حينما سئل: هل كنتم تكرهون الحجامة؟ قال: " لا، إلا من أجل الضعف " ، لا شك أن الحجامة تضعف البدن، لكن من جهة كونها مفطرة أو ليست مفطرة قضية مختلف فيها، والأصح أنها ليست مفطرة.
وحتى لو قلنا: بأن الحجامة مفطرة، الذي يبدو أن غسيل الكلى لا يقاس على الحجامة، لأن الدم لا يخرج، هو يخرج ثم يعود مرة أخرى، يعني: لا يخرج بشكل كامل، هو مجرد فتح له مجرى جديد ويعود للبدن مرة أخرى، فهذا السبب فيما يبدوا ضعيف.
بعضهم يقول: مفطرة لسبب آخر: وهو أنه في حكم نقل الدم، الأولون نظروا إلى خروج الدم، والآخرون نظروا إلى دخول الدم، وتقدم معنا: هل نقل الدم مفطر أو ليس مفطراً؟ خلاف كبير جداً ذكرناه أمس، وقلنا: بأن القولين فيه قولة وإن كان الأقرب بأن نقل الدم ليس مفطراً، الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه كان يقول: إن نقل الدم مفطر ثم رجع عن هذا القول وصار يقول: إن الدم ليس غذاءً بل هو ناقل للغذاء، لكن سواءً قلنا بهذا القول أو بذاك، يبدو أيضاً أن هذه المسألة لا تنطبق هنا، لماذا؟ لأنه لم يُنْقَل إلى هذا الشخص دم لا يمكن أن نقول: أنه قد نُقِل إليه دم هذا دمه عاد عليه، فهذا السبب أيضاً فيما يبدو ضعيفاً.
السبب الأقوى: هو هذه المادة التي تضاف إلى الدم والمحتوية على سكر الجلوكوز والتي يتغذى بها البدن، فيما يظهر أن هذا هو السبب الرئيس لكون غسيل الكلى من المفطرات، وعلى ذلك فلا يصوم مريض الكلى في هذه الأيام التي يكون فيها غسيل الكلى، وهو أصلاً سيكون مريضاً ومنهكاً، والمريض رُخِّص له في أن يفطر، ويصوم الأيام الأربعة، وبعد ذلك يقضي لاحقاً.
هناك تقنية أخرى لغسيل الكلى تسمى: التقنية البريتونية، الأولى أشهر وأكثر استخداماً، الثانية ليس فيها خروج الدم ولا دخول الدم، ليس فيها كلية صناعية ليس فيها آلة، وإنما تعتمد على الغشاء البريتوني المُبطِّن للبطن، فيكون المريض وضعت له قسطرة تحت السُّرَّة، وعنده المادة السائل في كيس، من خلال القسطرة إذا رفعه انساب هذا السائل وتَجمَّع في التجويف البريتوني أسفل البطن، هذا سائل فيه أملاح وفيه جلوكوز وفيه ماء.. سوائل متعددة، يُفرِغ هذا السائل ثم يتركه مدة ثمان ساعات يضع هذا الكيس عنده ويمارس عمله بشكل عادي جداً، بعد ثمان ساعات يأتي فيجعل هذا الكيس في مستوى أسفل من البطن بحيث أن السائل سيخرج الآن ويمتلئ هذا الكيس مرةً أخرى، لكن هذه المرة سيمتلئ وهو مُحمَّل بالفضلات التي كانت موجودة في الدم.
فهذا الغشاء قام بدور الكلية الصناعية في تنقية الدم، كثير من الفقهاء المعاصرين لا يرون هذا النوع مفطراً، لأنه لا خروج للدم فيه ولا دخول للدم فيه، لكن تبقى هناك مشكلة أخرى، وهي أن هذا السائل يحتوي على تركيزات أيضاً من سكر الجلوكوز، ويُلَاحظ أن المرضى الذين يستخدمون هذا النوع من التقنية يحصل لهم نوع سِمَن أكثر من النوع الأول، لكن الحقيقة أن السِّمَن الذي يحصل ليس ناتجاً من سكر الجلوكوز، وإنما ناتج من تَشرُّب الجسم للسائل، في الحالة الأولى في الكلية الصناعية يتم إخراج السائل بشكل كلي من خلال تنقية الدم ولا يوجد سوائل تُضَخ كما في هذه الحالة.
على أي حال: كثير من الفقهاء المعاصرين لا يرون هذا النوع من المفطرات وهو قول قوي، لكن المشكلة أن تركيزات السكر الموجودة هي من حيث الأصل نفس تركيزات السكر الموجودة في الجسم، لكن إذا صام الإنسان انخفض مستوى السكر في جسمه، وبالتالي سيحصل امتصاص للسكر من هذا السائل ويستفيد البدن ويفطر بسبب هذا، فهذه التقنية بوضعها الراهن الذي يظهر أنها من المفطرات، ولكن يمكن تطويرها لتناسب المرضى في حال الصيام، يعني: يمكن إنتاج مواد خاصة للصيام يتم تخفيض مستوى السكر فيها بحيث لا يمتصه الجسم، فهذا لو تم فمثل هذه التقنية فعلاً لا تفطر، أما بوضعها الراهن الآن فالظاهر أنها مفطرة.
هذه يستخدمها يومياً ولا يوجد يوم يستغني عنها، في هذه الحالة هو لا يستطيع أن يصوم على الدوام، نقول: إن كان يمكنه أن ينتقل في شهر رمضان أو أحياناً للتقنية الأخرى، بحيث يوجد أيام يمكن أن يصوم فيها، فهنا يفطر ويقضي بعد ذلك في الأيام التي ينتقل فيها إلى الكلية الصناعية، إذا كان لا يمكن هناك طريقة أخرى لهذا النوع من الغسيل البريتوني يتم من خلال آلة أثناء نوم الشخص، إذا نام هذه الآلة تدخل السائل فيمكث ساعة أو ساعتين ثم تشفطه مرة أخرى وتضخ سائل آخر والمريض نائم، في هذه الحالة لا يوجد تأثير على صحة الصوم لأن كل ما يحصل هو في فترة الليل، كما أن الجسم لا يتشرب السكر لأنه في حال إفطار وليس في حال صوم، فإذا كان يتيسر هذا فهو حسن، إذا لم يمكن هذا ولا الذي قبله، فحينئذٍ لا يملك الإنسان إلا أن يفطر ويطعم، لكن أنا أستبعد ألا يكون أمامه إلا هذا النوع من الطريقة لغسيل الكلى.
وأعود وأقول: القول بعدم التفطير بهذه التقنية قول قوي، لأنه قد يقال: بأن الجسم وإن تَشرُّب السكر فإن تَشرُّبه هو تابع غير مقصود، ليس المقصود تغذية البدن بل المقصود تنقيته من الفضلات، ودخول السكر إليه هو تابع غير مقصود، ومن القواعد: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.

وللحديث بقية بإذن الله جل وعلا، والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه وسَلَّم تسليماً كثيراً .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-02-2020, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مسائل فقهية معاصرة في الصيام

مسائل فقهية معاصرة في الصيام 3-3

د. محمد بن هائل المدحجي



مسائل معاصرة عن الخارج من البدن وشروط المفطرات












الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


فتقدم الحديث عن أشياء تخرج من البدن وتؤثر على الصوم، وقلنا: بأن الفطر كما يحصل بما يدخل إلى البدن يحصل بما يخرج من البدن لكن في بعض الأحيان فقط، فيفسد الصوم بخروج المني يقظةً بشهوة بفعل الإنسان، وبتَعمُّد القيء، وتقدم الخلاف في الحجامة هل هي مفطرة أو لا؟
هناك بعض المسائل المعاصرة تتعلق بما يخرج من البدن، وهي مسائل طبية قد يحتاج إلى السؤال عنها ومعرفة أحكامها، من ذلك: تقدمت عملية التلقيح الصناعي لَـمَّا تحدثنا عن خروج المني وكونه من المفطرات، فقلنا: بأنه يُحتَاج في هذه العملية إلى أخذ الحيوانات المنوية من الرجل، وهذا يكون بإخراج المني في الغالب وهذا مُفطِّر، لكن ماذا عن المرأة حينما يتم أخذ البويضة منها من أجل التلقيح الصناعي، لو حصل هذا وهي صائمة هل يؤثر هذا في صحة الصوم، الرجل يفسد صومه كما تقدم، لكن ماذا عن المرأة؟
الجواب: أن استخراج هذه البويضة له طريقان:
الأول: من خلال المنظار المهبلي باستخدام الموجات فوق الصوتية، أو من خلال المنظار البطني فيتم أخذ هذه البويضة من المِبْيَض، تقدم الحديث عن كلا الأمرين، وقلنا: بأن المنظار المهبلي ليس مفطراً ولا يفسد الصوم، وأما ما يتعلق بالمنظار البطني، قلنا: بأن حكمه ينبني على خلاف الفقهاء رحمهم الله في الجائفة إذا جرح الإنسان نفسه أو أمر غيره أن يجرحه جرحاً يصل إلى الجوف وهي الجرح الجائفة، هل يفطر بذلك أو لا؟ وقلنا: بأن الصحيح ما ذهب إليه الحنفية والمالكية بأنه ليس مفطراً، وعلى ذلك فالمنظار البطني ليس مفطراً.
فكذلك هنا من جهة الوسيلة لإخراج البويضة، سواءً من خلال المنظار البطني أو المنظار المهبلي لا يُفطِّر، استخراج البويضة ليس من جنس ما يفطر، يعني: ليس هو كخروج المني دفقاً بشهوة، ولا يكون في ذلك لَذَّة، بل هو أشبه ما يكون بأي عملية جراحية يتم إجراؤها، وعلى ذلك فاستخراج البويضة في حال الصوم لا يفسد صوم المرأة.
مسألة أخرى: المرأة قد تحتاج إلى تنظيف الرحم فيما لو مات الجنين في بطنها، إذا كان موت الجنين بعد أن تبين خلقه، يعني: بعد مضي أكثر من واحد وثمانين يوماً من بداية الحمل، فهذه المرأة لا تصوم إذا خرج منها الدم لأنها نفساء، لكن لو مات الجنين قبل ذلك فهي ليست نفساء، وعلى ذلك لو خرج منها دم فهذا الدم دم فساد لا يعتبر حيضاً ولا يفسد الصوم، فإذا تم إجراء عملية التنظيف لهذه المرأة لإخراج الجنين إذا لم يقذفه الرحم، يتم إخراجه وإخراج الأشياء كالمشيمة ونحوها الموجودة، فهذه العملية إخراج الجنين ليس مفطرا، قد يصاحب ذلك خروج شيء من الدم، تقدم أن هذا الدم ليس نفاساً، وعلى ذلك هو دم فساد لا يؤثر في صحة الصوم.
المرأة قد تُخدَّر قبل إجراء هذا التنظيف، تقدم بأن التخدير لا يؤثر على صحة الصوم ما دام الإنسان سيفيق جزءً من النهار، يبقى أن هذه المرأة قد يحتاج إلى إعطائها المُغذِّيات، فإذا أعطيت المغذي أفطرت بهذا ففطرها بسبب المغذي ليس بسبب التخدير وليس بسبب التنظيف.
من المسائل كذلك: إزالة الشحوم أو شفط الدهون، هذه الآن عمليات موجودة ويتم إجراؤها باستخلاص هذه الدهون من مخازنها تحت الجلد، هذه الدهون والشحوم التي يتم إزالتها ليست من جنس المفطرات الخارجة، يعني: ليست كالمني وليست كالقيء فهي ليست مفطرة، والأصل عدم التفطير إلا بدليل.
الإشكال في مثل هذه العمليات أنه يتم ضخ سائل في منطقة الشفط تزيد ثلاثة أضعاف عن كمية الدهون التي سيتم شفطها من أجل تسهيل عملية إخراج هذه الدهون، وهذا السائل يحتوي على مواد مخدرة وعلى أملاح، عدد من الأشياء التي يتضمنها مثل هذا السائل، هذه السوائل لا يتم امتصاصها فيما يظهر، لا تصل إلى المعدة ولا يتغذى بها البدن، هي فقط لتسهيل عملية إزالة هذه الدهون والشحوم، وعلى ذلك الذي يظهر أن هذه العملية لا يؤثر على صحة الصوم.
مسألة رابعة: أخذ الخِزْعَات من البدن، يعني: العَيِّنَات من الأعضاء من أجل فحصها كما في الاشتباه في بعض أحوال الأورام مثلاً، فيأخذون عَيِّنَة إما بإبرة كما في اشتباه سرطان الثدي مثلاً تؤخذ العينة بإبرة، أو من الأجزاء الداخلية كعَيِّنَة مثلاً من الكبد، هنا سنحتاج إلى التنظير البطني لأخذ هذه العَيِّنَة، فما حكم أخذ هذه العينات؟
واضح أن هذه العَيِّنَات التي خرجت ليست من جنس الأشياء المفطرة، نعم فيما يتعلق بالتنظير البطني لأخذ العينة تقدم ذكر الخلاف في التنظير البطني وأن الصحيح أنه ليس مفطراً، لكن هناك حالة أخذ خِزْعَة من الرئة، في هذه الحالة سيكون المنظار منظار مَعِدِي عن طريق الفم، وتقدم معنا الحديث عن المنظار المَعِدِي وأنه ليس مفطراً لأنه لا يستقر وإنما يدخل ويخرج اللهم إلا أن يُطْلَى بمادة، الغالب في هذا المنظار أنه يُطْلَى بمادة دهنية فيحصل الفطر بها، كذلك يتم وضع المُخدِّر في القصبة الهوائية والذي قد يدخل إلى المعدة أيضاً ففي مثل في هذه الأحوال يكون التفطير حصل لا بالمنظار نفسه ولا بأخذ العينة، وإنما بأخذ هذه المواد دخلت عبر الفم إلى المعدة.
بهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن جميع الجزئيات المتعلقة بالمفطرات، وعَلِّي أُعيد ذكر المفطرات إجمالاً:
هي الأكل والشرب وما كان بمعنى الأكل أو الشرب مما يحصل به تَغذِّي البدن، والجماع، وتَعمُّد إنزال المني يقظةً بشهوة، وتَعمُّد القيء، وتقدم الخلاف في الحجامة، هذه المفطرات حتى تكون مفطرة يحصل أثرها ويفسد الصوم بها لا تكون مفطرة إلا بثلاثة شروط تقدمت الإشارة إليها سريعاً، وهي: أن يفعلها الإنسان وهو عالم عامد ذاكر، فإذا فعلها جاهلاً أو من غير تَعمُّد أو ناسياً فإنه لا يفطر بذلك.
إذاً الشرط الأول: أن يكون عالماً، فإذا كان جاهلاً فقد قال الله جل وعلا: ï´؟ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ï´¾[الأحزاب:5] ، ï´؟ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ï´¾[البقرة:286] ، والجاهل مخطئ، سواءً كان هذا الجهل في الحكم أو في الوقت، فإذا كان الجهل في الحكم كأن لا يعرف أن تَعمُّد القيء من المفطرات مثلاً فهذا يعذر بجهله.
لكن لا يعذر الإنسان بأي جهل، بل إذا وقع منه تفريط في التَّعَلُّم فإنه لا يعذر في هذه الحالة، لذلك يختلف العذر بالجهل من شخص إلى آخر وبحسب المُفطِّر أيضاً، ومدى إمكان وقوع الجهل ممن الشخص به، يعني: لو جاء شخص في الرياض يقول: لا أعرف أن الأكل والشرب من المفطرات، هل تقبلون منه؟ لا يمكن أن يقبل منه عذر الجهل ولو كان صادقاً أنه جاهل، هذا يدل على تفريط عظيم منه، لكن شخص أسلم حديثاً هذا يُتصوَّر منه أن يجهل أن الأكل والشرب من المفطرات، قد يعتقد أنه صيام عن اللحوم مثلاً دون الخضروات، فإذا كان حديث عهدٍ بإسلام يُقبَل منه.
تَعمُّد القيء قد يجهله الإنسان ولو كان في المدينة، الجِمَاع ليس كذلك، لكن إذا كان في بادية بعيدة قد يجهل هذا ويقع في مثل هذا الجهل، فالجهل عذرٌ لكن بحسبه ليس بكل الأحوال.
كذلك الجهل بالوقت، لو أن إنساناً استيقظ نظر إلى الساعة فإذا هي الثالثة وما زال هناك نصف ساعة على الأذان فقام يأكل، فإذا به يُفاجأ بسماع صوت إقامة الصلاة، انتبه إلى الساعة فإذا هي قد توقفت، هذا أكل وشرب بعد طلوع الفجر لكنه جاهل بالوقت يظن بقاء الليل، فهذا الصحيح أن صومه صحيح، جمهور أهل العلم يقولون: عليه القضاء، لكن اختار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول المزني من الشافعية أنه لا يفطر بهذا وهذا هو الراجح: ï´؟ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ï´¾[البقرة:286] ، ويدل عليه حديث عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه.
عدي بن حاتم أسلم متأخراً بعد السنة التاسعة من الهجرة أو في السنة التاسعة من الهجرة، ولما سمع قول الله جل وعلا: ï´؟ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ï´¾[البقرة:187] ، وضع عقالاً أبيض وعقالاً أسود تحت وسادته، فظل يأكل وينظر حتى طلع الفجر، وفي بداية طلوع الفجر لا يمكن التمييز لأنه لم يحصل الإسفار وانتشار الضوء، فطلع الفجر وهو ما زال يأكل حتى انتشر الضوء بمَيَّز بينهما فتوقف، فلما ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم في الصباح تبسم النبي عليه الصلاة والسلام وقال: « إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيْض » ، يعني: وسادتك هذه عريضة جداً كيف أدخلت تحتها الليل والنهار، فبين له أنه ليس المقصود العقال الأبيض والعقال الأسود، بل المقصود أن يتبين الليل من النهار، أو النهار من الليل.
وأيضاً في حديث أسماء في الصحيح قالت: أفطرنا في يوم شديد الغيم، ثم طلعت الشمس، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، لكن يقيد هذا أيضاً بألا يكون قد حصل من الإنسان تفريط، يعني: افترض أنك في البيت تنتظر الأذان فسمعت أذاناً فأفطرت، ثم تبين أن الأذان الذي سمعته أذان المذياع لمنطقة أخرى مثلاً، أو أن المؤذن أخطأ فأذن وما زال هناك دقيقة أو دقيقتين على الأذان، أنت معذور بهذا لو أفطرت، لكن لو جاءك طفل صغير لم يبلغ وقال لك: أَذَّن أَذَّن، وأنت لم تسمع الأذن وقبلت خبره وجعلت تأكل، هذا تفريط لأن مثل هذا الطفل لا يمكن أن يقبل خبره وأنت لم تسمع الأذان ولم تنظر إلى الساعة ولم تَتَحرَّ، في هذه الحالة يجب القضاء، إذاً: يجب أن يكون قد حصل من الإنسان تفريط.
وبالمناسبة: يقول العلماء: إذا شَكَّ الإنسان في طلوع الفجر يجوز له أن يأكل، وإذا شك في غروب الشمس لا يجوز له أن يأكل، إذا شك الإنسان في طلوع الفجر الأصل أن الليل باقٍ والإنسان يجوز له أن يأكل وأن يشرب في الليل، يقول: ربما طلع الفجر أو ربما لم يطلع يجوز الأكل، في آخر الصوم الأصل أن النهار باقٍ حتى يعلم أو يغلب على ظنه أن الشمس قد غربت، فإذا قال: لا أدري ربما الشمس وربما لم تغرب، هو شاك في هذا الأمر، نقول له: لا يجوز لك أن تأكل الآن لأن الأصل أن النهار باق.
إذاً هذا الشرط الأول: أن يكون عالماً.
الثاني: أن يكون عامداً، فلو كان غير مُتعمِّد كأن يطير حلقه غبار فيبتلعه أو يدخل في بركة أو في مسبح ومن غير قصد يدخل الماء إلى جوفه، أو يتمضمض أو يستنشق فيدخل الماء إلى جوفه من غير قصد، أو امرأة تتذوق الطعام بطرف لسانها، وكما تقدم أن هذا جائز للحاجة، فتفاجأ بأن هذا الطعام في حلقها، هذا كله من غير قصد: ï´؟ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ï´¾[الأحزاب:5] ، فهذا لا يؤثر في صحة الصوم.
كذلك إذا كان الإنسان مكرهاً، يعني: لو جاء أشخاص فأمسكوا بك وأدخلوا الماء إلى فمك قسراً أكرهوك على أن تشرب، فهل تفطر بهذا؟ الجواب: لا، الله جل وعلا يقول: ï´؟ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ï´¾[النحل:106] ، هذا في أصل الدين من أكره على قول كلمة الكفر لا يكفر، فما دون ذلك من باب أولى، لذا من أكره على الإفطار ليس فقط ليس عليه إثم بل لا يفسد صومه، لأن فعل المُكْرَه كلا فعل، لنفترض أن رجلاً فاجراً يُكرِه امرأته على الإفطار فأدخل الماء إلى فمها، فنقول لها: أكملي صومك فصومك صحيح، لأن فعل المُكْرَه كلا فعل.
إذاً: عالم عامد.. الأخير: ذاكر، فالناسي لا يؤاخذ بنسيانه: ï´؟ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ï´¾[البقرة:286] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ نَسِىَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ » ، فلا يؤاخذ بهذا فرضاً كان أو نفلاً فيكمل صومه، لكن السؤال هنا وهذا مما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم: إن رأيته يأكل أو يشرب وأنت تعلم بأنه ناس، هل تتركه وتقول: أطعمه الله وسقاه أو تنبهه من أجل حرمة الشهر؟ كونه ليس مؤاخذاً لا يعني أني أنا لستُ مؤاخذاً في تذكيره.
هما قولان لأهل العلم، اختار الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه أنه يجب عليك أن تذكره، واختار الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله إلى أنك تتركه أطعمه الله وسقاه، هذان قولان والأصح أنك تذكره لحرمة الشهر وهو يحب أن تذكره، لا أظن أنه يحب أن يبقى ناسياً فيأكل ويشرب.
هناك قصة لطيفة أختم بها يذكرها بعض أهل العلم، يقولون: رجل عنده عنقود من العنب جعل يأكل منه عنبةً عنبة وهو ناسٍ أنه صائم حتى أتمه إلا عنبة واحدة فتذكر أنه صائم، فقال: إن كنتُ قد أفطرتُ بهذه العنبات كلها سأكمل هذه العنبة، وإذا كنت لم أفطر بكل هذه العنبات فلا أظن واحدة ستؤثر فأكلها، هذا أفطر أو لم يفطر؟ أفطر بهذه العنبة، قد يقول قائل: ألا يُعذر بجهله؟ الجواب: إن الأكل والشرب مما لا يعذر به بالجهل كما تقدم، إلا أن يكون حديث عهد بإسلام.

والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه وسَلَّم تسليماً كثيراً .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.54 كيلو بايت... تم توفير 2.55 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]