الطائفة المنصورة وظهور الدين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13984 - عددالزوار : 747062 )           »          التحذير من فتنة النظر إلى نِعمة الكفار وحسن أثاثهم وجمال صورهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الموظف القاتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          النهايات اللائقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          من عظم أمر الله أذل الله له عظماء خلقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          التحذير من بغض أهل البيت بسبب بعض الظالمين منهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          التحذير العظيم من إضاعة الصلوات الخمس والتهاون بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          النَّمَّامُ وَعَمَلُ السَّاحِرِ وَالشَّيْطَانِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تجاعيد الزمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2006, 12:45 AM
الصورة الرمزية سيف الاسلام خطاب
سيف الاسلام خطاب سيف الاسلام خطاب غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: لبنان
الجنس :
المشاركات: 60
افتراضي توحيد الله

هذه عقيدتناتوحيد الله.

أن الله واحد لا شريك له، لا في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته.

فلا خالق غيره، ولا رب سواه، ولا رازق ولا مالك ولا مدبر لهذا الوجود إلا هو، ونوحّد الله في أفعاله سبحانه، كما نوحده بأفعالنا أيضاً.

فنوحده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنا، فلا معبود بحق إلا هو سبحانه فنشهد كما شهد الله لنفسه، والملائكة، وأولوا العلم، قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، مثبتين ما تثبته هذه الكلمة العظيمة من تجريد العبادة لله وحده ولوازمها وواجباتها وحقوقها، نافين ما تنفيه من أنواع الإشراك والتنديد وتوابعه.

ونؤمن بأن الغاية التي خلق الله تعالى الخلق لها؛ عبادته وحده، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

وندعو إلى توحيده سبحانه في جميع أنواع العبادة، من سجود أو ركوع أو نذر أو طواف أو نسك أو ذبح أو دعاء أو تشريع أو غيره... {قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِ العَالَمينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163].

وأمْر الرَّب سبحانه شامل للأمر الكوني والشرعي، وكما أن له وحده سبحانه الحكم الكوني القدري، فهو مدبر الكون القاضي فيه بما يريد وحسبما تقتضيه حكمته، فكذلك نوحده سبحانه في حكمه الشرعي فلا نشرك في حكمه أحداً، ولا نشرك في عبادته أحداً {ألا لَهُ الخَلقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ الله ربُّ العَالَمِينَ} [الأعراف: 54].

فالحلال ما أحله، والحرام ما حرمه، {إنِ الحُكمُ إلاَّ للهِ أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [يوسف: 40]، فلا مشرّع بحق إلا هو سبحانه وتعالى، ونبرأ ونخلع ونكفر بكل مشرّع سواه، فلا نبغي غير الله رباً، ولا نتخذ غيره سبحانه ولياً، ولا نبتغي غير الإسلام ديناً، فإن من اتخذ حَكَماً ومشرّعاً سواه سبحانه، تابعه وتواطأ معه على تشريعه المناقض لشرع الله، فقد اتخذ غير الله رباً، وابتغى غير الإسلام ديناً، قال تعالى: {وَإِنَّ الشَيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]، وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابَاً مِنْ دُونِ الله} [التوبة: 31].

كما نوحّده سبحانه في أسمائه وصفاته، فلا سميَّ له ولا شبيه ولا مثيل ولا ندّ ولا كفء: {قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَد * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَد} [الإخلاص: 1 - 4].

سبحانه تفرّد بصفات الجلال والكمال التي وصف بها نفسه في كتابه، أو وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته، فلا نَصِفُ أحداً من خلقه بشيء من صفاته، ولا نشتق له من أسمائه، ولا نضرب له سبحانه الأمثال أو نشبّهه بأحدٍ من خلقه، ولا نُلحد في أسماء ربنا وصفاته.

بل نؤمن بما وصف سبحانه به نفسه، وبما وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام على وجه الحقيقة لا المجاز، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل: {وَلَهُ المَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمواتِ وَالأرضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [الروم: 27].

فلا ننفي عنه شيئاً مما وصف به نفسه سبحانه، ولا نحرّف الكلم عن مواضعه، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، أو متوهمين بأوهامنا، بحجة التنزيه، فما سلِم في دينه إلا من سَلّم لله عز وجل ولرسوله عليه الصلاة والسلام وردّ عِلم ما اشتبه عليه إلى عالمه، ولا تثبت قدم الإسلام لأحد إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام عِلم ما حُظِر عنه، ولم يقنع بالتسليم فِهْمُه، حَجَبه مرامه عن صحيح الإيمان وخالص التوحيد.

ونؤمن بأن الله أنزل كتابه بكلام عربي مبين، فلا نفوّض علم معاني الصفات وإنما نفوض علم الكيفيات، ونقول: {ءَامَنَّا بِهِ كُلٌ مِنْ عِنْدِ رَبِنَا} [آل عمران: 7].

ونبرأ إلى الله من تعطيل الجهمية، ومن تمثيل المشبهة، فلا نميل إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بل نتوسط ونستقيم كما أراد ربنا بين النفي والإثبات، فهو سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهٌوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]، فمن لم يتوقَّ التعطيل والتشبيه، زلّ ولم يُصب التنزيه.

فنحن في هذا الباب - كما في سائر الأبواب - على ما كان عليه سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة.

ومن ذلك ما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله عليه الصلاة والسلام من أنه سبحانه فوق سماواته، مستوٍ على عرشه، كما قال تعالى: {ءَأَمِنْتُم مَّن فِي السَّماءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فإذا هِيَ تَمُوُر} [الملك: 16].

وكما في حديث الجارية التي سألها النبي عليه الصلاة والسلام: (أين الله؟)، قالت في السماء، قال: (من أنا؟)، قالت أنت رسول الله، قال: (اعتقها فإنها مؤمنة) [2].

وهذا حق لا مرية فيه عندنا، ولكن نصونه كما صانه سلفنا الصالح عن الظنون الكاذبة، كأن يُظن بأن السماء تظله أو تقله، فهذا باطل، اضطرنا إلى ذكره ونفيه وتنزيه الله عنه - وإن لم يتعرض له صراحة سلفنا - شغب أهل البدع وإلزاماتهم الباطلة لأهل السنة، فقد قال تعالى: {وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّمواتِ وَالأرضَ} [البقرة: 255]، وهو سبحانه: {يُمْسِكُ السَّمَواتِ وَالأرضَ أَن تَزُولاَ} [فاطر: 41]، {وَيُمسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأرضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [الحج: 65]، {وَمِنْ آياتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25].

ونؤمن بأنه سبحانه مستو على عرشه، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، ولا نؤوِّل الاستواء بالاستيلاء، بل هو على معناه في لغة العرب التي أنزل الله تعالى بها القرآن ولا نشبه استواءه باستواء أحد من خلقه، بل نقول كما قال الإمام مالك: (الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة).

وعلى هذا نُجري سائر صفاته وأفعاله سبحانه وتعالى، كالنزول والمجيء وغيره مما أخبر به سبحانه في كتابه، أو ثبت في السنة الصحيحة.

ونؤمن بانه سبحانه مع استوائه على عرشه وعلوه فوق سماواته قريب من عباده، كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186].

وفي الحديث المتفق عليه: (أيها الناس أربِعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته).

فهو سبحانه مع عباده أينما كانوا يعلم ما هم عاملون، كما قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]، ولا نفهم من قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ}ح مراد الزنادقة من أنه مختلط بعباده، أو حالٌ ببعضهم أو متحدٌ بهم، ونحوه من عقائد الكفر والضلال، بل نبرأ إلى الله من ذلك كله.

وله سبحانه مع عباده المؤمنين معيّة أخرى خاصة غير المعية العامة، هي معية النصرة والتوفيق والتسديد، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ اَّلذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]، فهو سبحانه مع استوائه على عرشه، وعلوه فوق سماواته، مع عباده أينما كانوا يعلم ما كانوا عاملين، وهو قريب سبحانه ممن دعاه، وهو مع عباده المؤمنين؛ يحفظهم وينصرهم ويكلؤهم، فقربه سبحانه ومعيته لا تنافي علوّه وفوقيتَه، فإنه ليس كمثله شيء في صفاته سبحانه، فهو عليٌّ في قربه قريب في علوّه.

ومن ثمرات هذا التوحيد العظيم، الذي هو حق الله على العباد:

<LI>فوز الموحد بجنة ربه والنجاة من النار كما في حديث معاذ بن جبل.

<LI>ومنها؛ تعظيم الرب وإجلاله بالتعرف إلى صفات كماله وجلاله، وتسبيحه وتنزيهه عن الشبيه أو المثيل.

<LI>ومعرفة سفاهة من اتخذوا من دونه أنداداً أشركوهم معه في العبادة أو الحكم والتشريع.

<LI>وتهافت وسقوط من أشركوا أنفسهم في شيء من ذلك، مع أنهم لم يشتركوا في الخلق، ولا نصيب لهم في الملك أو الرزق او التدبير.

<LI>ومن ذلك تحرّر القلب والنفس من رق المخلوقين.

<LI>وثبات العبد في الحياة الدنيا وفي الآخرة فليس من كان يعبد شركاء متشاكسين، يدعوهم ويشتت خوفه ورجاءه بينهم، ليس هذا كمن وحَّد ربَّه سبحانه وجرَّد له خوفَه ورجاءه وقَصْدَه وإرادته وعبادته.

فاللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على توحيدك حتى نلقاك.

:salam:

التعديل الأخير تم بواسطة سيف الاسلام خطاب ; 02-03-2006 الساعة 12:49 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-03-2006, 01:22 AM
الصورة الرمزية سيف الاسلام خطاب
سيف الاسلام خطاب سيف الاسلام خطاب غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: لبنان
الجنس :
المشاركات: 60
افتراضي الطائفة المنصورة وظهور الدين

لماذا الجهادالطائفة المنصورة وظهور الدينوقد كتب الله تعالى لدينه الظهور والرفعة والغلبة بالحجّة والبيان وبالسيف والسنان، قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون}، وقد جاء صلى الله عليه وسلم ابتلاًء للناس، قال : إنّي مبتليك ومُبتلٍ بك [4].

ومن أجل إقامة الدين وحصول الرفعة والغلبة أرسل الله مع نبيّه الكتاب والميزان والحديد. قال تعالى: {لقد أرسلنا رُسُلَنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصُرُه ورسُلَه بالغيب، إن الله لقويٌّ عزيز}.

فكتابه يهدي إلى الحقّ، والحديد يُقوِّم من خرج عنه، والناس لا يُصلِحُهم إلاّ هذا، ومتى ضعف في الناس أحدُ الأمرين -الكتاب والحديد- حصل الفساد والخراب، قاصلى الله عليه وسلم : بُعِثتُ بالسيف بين يدي الساعة حتّى يُعبَدَ الله وحده.

فكان هذا ميراثه في أمّته: الكتاب الهادي والسيف المانع المقوّم، فكان الناس قسمين: علماء وأهل جهاد، وقد جمع الله هاتين الفضيلتين لخير الخلق بعد الأنبياء وهم الصحابة، قال تعالى: {محمّد رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفّار رحماءُ بينهم تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفّار}.

وقال عليه الصلاة والسلام : ( إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وإنّ الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنّما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍ عظيم وافر ) [5].

فكما أمر الله تعالى نبيّه بالاقتداء في الأنبياء كما قال تعالى {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}، فكذلك أمر الله أمّة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم أن تقتدي به، فأسرع الناسُ في التسابق في أخذ ميراثه وإقامته في أنفسهم وفي الناس.

فمن أقبل على دين الله يريده ويبتغيه علّموه وفقّهوه كما قال عليه الصلاة والسلام : نضّر الله امرءً سمع مقالتي فوعاها وأدّاها كما سمعها [6]، ومن أعرض عنه قاتلوه حتّى يخضع لحكم الله تعالى، كما قال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون}.

وهكذا كان دور أتباع محمّد، وهذا كان عملهم، هداية الخلق إلى الحقّ وتقويم من أعرض وتعدّى، لا عمل لهم في حقيقة الأمر إلاّ هذا، فلمّا توفيّ رسول الله انتشر الصحابة في الآفاق فخرج جيش أسامة لقتال الروم، وخرجت جموع الصحابة لقتال من ارتدّ من العرب عن الإسلام، ثمَّ حملوا هذا الدين للتابعين ثمّ جيلاً بعد جيل.

قال عليه الصلاة والسلام : ( يحمل هذا العلم من كلّ خَلَفٍ عُدولُه، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) [7]، فكان مداد العلماء ودماء الشهداء هما أحبّ ما يتقرّب به إلى الله تعالى، مداد العلماء لهداية الخلق وتعليمهم السنّة وكشف البدعة ونشر الحقّ، ودماء الشهداء من أجل نشر التنزيل وحفظ التأويل، وكلّما أظهر الناس بدعة قام لها العلماء حقّ القيام فأزالوا عنها زيفها ونفّروا الناس منها، وكلما جهل الناس سنّة أظهروها وعلّموها الأمّة، وكلّما خرج عن هذه الأمّة من داخلها من يريد لها شرّاً أو جاء من خارجها ليستبيح بيضتها قاموا له بالسيف حتّى يكسروا له قرنه ويردّوه على عقبيه ويدخلوه حجره.

كذا فعل الصدّيق مع المرتدّين، وكذا فعل عليّ بن أبي طالب مع الخوارج إذ أرسل لهم عبد الله بن عبّاس فناظرهم حتى ردّ أكثرهم ثمّ قاتلهم حتّى قتل منهم مقتلةً عظيمة، وهكذا فعل عمر بن عبدالعزيز معهم، وقد كتب الله تعالى بقاء طائفة منصورة قائمة بالحقّ والهدى وحاملةً للسيف والسنان إلى قيام الساعة.

قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة ). قال: ( فينزل عيسى بن مريم عليه السلام، فيقول إمامهم: تعالى صلّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمّة ). رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله، وفيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله : ( لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوّهم، لا يضرّهم من خالفهم حتّى تأتي الساعة وهم على ذلك ).

وهؤلاء في كلّ وقت غرباء.

وروى الترمذي في سننه وقال: حسن صحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنّ الدين بدأ غريباً، ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنّتي ). وفي رواية أخرى عند غيره قال عنهم: ( الفرّارون بدينهم يجتمعون إلى عيسى عليه السلام )، وفي رواية: ( ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممّن يطيعهم ).

فورّاث النبيّ صنفان:

علماء دعاة إلى الحقّ والهدى، لا يكتمون الناس شيئاً كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للناس ولا تكتمونه}، وقد أنذر من علم علماً أوجبه الله على الناس ثمّ كتمه بأن يلجمه يوم القيامة بلجام من نار كما في الحديث الصحيح.

وصنفٌ آخر هم الذين يحمون هذا العلم ويقيمونه في الناس إذا ملكتهم الأهواء وهم المجاهدون في سبيل الله، وخير الأمرين هو من جمع بين الفضلين، وهذه هي صفة الطائفة المنصورة، فهي طائفة علم وجهاد.

قال عليه الصلاة والسلام : ( ما من نبيّ بعثه الله في أمّة قبلي إلاّ كان له من أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثمّ إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ) [8].

وكان العلماء على الدوام هم حجّة الله على هذه الأمّة، كما كان شأن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في فتنة خلق القرآن، إذ وقف لهذه الفتنة التي كادت تعصف بالأمّة وتخرجها إلى الشرك والكفران موقف الأسد الذي يحمي ذمامه فنصره الله وأيّده، وكما هو موقف علماء المالكيّة من أتباع سحنون في فتنة الباطنيّة العبيدية حين قاتلوهم وكشفوا زندقتهم.

قال الرعينيّ في كتابه: ( أجمع علماء القيروان: أبو محمّد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسيّ، وأبو القاسم بن شبلون، وأبو علي بن خلدون وأبو محمد الطبيقي وأبو بكر بن عذرة: أنّ حال بني عبيد، حال المرتدّين والزنادقة، فحال المرتدّين بما أظهروه من خلاف الشريعة فلا يورثون بالإجماع، وحال الزنادقة: بما أخفوه من التعطيل، فيقتلون بالزندقة ) [9].

وخرج العلماء لقتالهم.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: ( أقام جوهر - الصقلي نائب العبيديين في مصر - القائد لأبي تميم صاحب مصر أبا بكر النابلسي - الإمام القدوة - وقال له: بلغنا أنّك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم، وجب أن يرمي في الروم سهماً وفينا تسعة؟ قال: ما قُلت هذا، بل قلت: إذا كان معه عشرة أسهم وجب أن يرميكم بتسعة وأن يرمي العاشر فيكم أيضاً، فإنّكم غيّرتم الملّة، وقتلتم الصالحين، وادّعيتم نور الإلهية، فشهره ثمّ ضربه ثمّ أمر يهوديّاً فسلخه ) [10].

وقال الذهبيّ: ( وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه. وخطب الإمام أحمد بن أبي وليد الناس قائلاً : جاهدوا من كفر بالله وزعم أنّه ربّ من دون الله، وغيّر أحكام الله وسبّ نبيّه صلى الله عليه وسلم وأصحاب نبيّه، فبكى الناس بكاءً شديداً. وركب ربيع القطّان فرسا ملبساً، وفي عنقه المصحف وحوله جمع كبير وهو يتلو آيات جهاد الكفرة فاستشهد هو وخلق من الناس ).

وهكذا كان شأن الإمام أحمد بن تيمية في بيانه للحق والهدى والسنة، فكشف أهل البدع من متكلّمين وفلاسفة وصوفيّة، وجلّى الحق الذي غشيته زبالات الأهواء أحسن بيان وأجلاه، ثمّ قام مقام المجاهدين فقاتل التتار وحرّض الناس على قتالهم وحضّ ملوك الإسلام عليهم وخوّفهم إن لم يقوموا بواجب الجهاد ضدّ التتار أنّه ومن معه من المسلمين سيبدلونهم ويختارون ملوكاً عليهم غيرهم، ولما التبس على الناس أمر قتالهم وفي أيّ نوع من الأنواع يدخل قتالهم، بيّن أنّ قتالهم هو قتال من امتنع عن شرائع الإسلام، فعاد الحقّ أبلجاً وكشف الله الغمّة وهزم التتار في معركة شقحب (مرج الصفر).

ثمّ ما كان من شأن الشيخ محمّد بن عبدالوهّاب رحمه الله تعالى حين دعا إلى التوحيد والسنّة فعُودي ورُمي عن قوس واحدة.

وهكذا هي سلسلة الدعوة والجهاد، حلقاتها تمتدّ من زمن إلى زمن، لا تنقطع ولا تتوقّف حتّى يومنا هذا.


[4] رواه مسلم .
[5] رواه الترمذيّ وهو حسن .
[6] رواه الترمذي وغيره .
[7] رواه جماعة من الصحابة وصحّحه الإمام أحمد وابن القيّم .
[8] رواه مسلم من حديث عبدالله بن مسعود .
[9] ترتيب المدارك، ج 7/247 .
[10] أنظر سير أعلام النبلاء، 7/148 .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إذا كنا نعلم أن العقل محتاج إلى الدين فهل الدين محتاج إلى العقل؟ أبو محمد المصرى الملتقى الاسلامي العام 5 21-12-2006 11:14 PM
من المسؤول عن نصر الدين عيون الاقصى الملتقى الاسلامي العام 3 03-12-2006 06:48 PM


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.15 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]