|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
خطبة المسجد الحرام .. من الإيمان كفّ الأذى وحفظ اللسان
ألقاها الشيخ د. أسامة خياط كانت خطبة الحرم المكي لهذا الأسبوع (والتي كانت بتاريخ 7 جمادى الثاني 1447 هـ الموافق 28 نوفمبر 2025م) بعنوان: (من الإيمان كف الأذى وحفظ اللسان)، التي ألقاها إمام وخطيب الحرم المكي فضيلة الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط -حفظه الله-، وقد تناول في بداية خطبته الوصية الربانية بتقوى الله والتزود منها؛ حيث إن التقوى هي خير الزاد، وكذلك حذر فضيلته من أسباب سخط الله -عز وجل- فقال: فاتقوا الله -عبادَ اللهِ-؛ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}(الْبَقَرَةِ: 281)، واحذروا أسبابَ سخطه، وأنيِبوا إليه، وتوكَّلُوا عليه؛ تَكُنْ لكم العاقبةُ في الدنيا وفي الآخرة. اتباع هدي السلف هداية ورشاد إنَّ في السير على خطى سلف هذه الأمة وخيارها خيرَ مَسلَكٍ لبلوغِ الغايةِ من رضوان الله، ونزول دار كرامته إلى جوار أوليائه والصفوة مِنْ خَلْقِه، وقد وجَّه اللهُ -تعالى- رسولَه المصطفى -صلوات الله وسلامه عليه- إلى انتهاج مناهج سَلَفِه من أنبياءِ اللهِ ورُسُلِه، والاقتداء بهم فيما هداهم اللهُ إليه من الحق، وما أكرَمَهم به من البينات والهدى، فقال عز اسمه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}(الْأَنْعَامِ: 90). خلق الإحسان واجتناب إيذاء المؤمنين إنَّ من أجمل ما اتصَفَ به الصفوةُ من أهل الإيمان كمالَ الحرص على سلوكِ سبيلِ الإحسانِ في كلِّ دُرُوبِه، والحذرَ من التردِّي في وهدة الإيذاء للمؤمنين والمؤمنات، بأيِّ لونٍ من ألوانه، وفي أي صورة من صوره، يَحدُوهم إلى ذلك، ويَحمِلُهم عليه ذلك الأدبُ الرفيعُ والخُلُقُ السامي الذي ربَّاهم عليه ربُّهم الأعلى -سبحانه-؛ حين بيَّن لهم أن الصلةَ بين المؤمنين هي صلةُ أُخُوَّةٍ في الدين؛ فقال -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الْحُجُرَاتِ: 10). معاني الأخوة في الإسلام والأُخُوَّة تعني التضحيةَ بالراحة، وكلِّ محبوب للنفس في سبيلِ قضاءِ حاجةِ المسلمِ، والسعيِ الحثيثِ لتفريجِ كربتِه، وكفالتِه في قضاءِ حوائجِه، وإغاثةِ لهفتِه. الأخوة والحقوق الشرعية والأُخُوَّة تعني التراحمَ والتوادَّ والتعاطفَ، والقيامَ بالحقوق؛ كما جاء في الحديث الذي (أخرجه الشيخان) في صحيحيهما، عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «المسلمُ أخو المسلمِ، لا يَظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومَنْ كان في حاجة أخيه كان اللهُ في حاجته، ومَنْ فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج اللهُ بها عنه كربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَنْ ستَر مسلمًا سترَه اللهُ يومَ القيامةِ». كف الأذى من كمال الإسلام والأخوة أيضًا تعني كف الأذى؛ فالمسلم حقًّا مَنْ كَمُلَ إسلامُه بسلامةِ الناسِ من إيذاء لسانه ويده، وما في حكمهما؛ كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون مِنْ لسانِه ويدِه، والمهاجِرُ مَنْ هجَر ما نهَى اللهُ عنه». أخطر أنواع الإيذاء وإذا كان للإيذاء باللسان واليد دروبٌ شتَّى، وألوانٌ متعددةٌ، لا تكاد تُحصَر؛ فإن مِنْ أقبحِ أنواع الإيذاءِ ما اجتمَع فيه اللسانُ واليدُ معًا؛ كَمَنْ يَصِفُ المؤمنَ بما ليس فيه من صفات السوء؛ يقول ذلك بلسانه، ويخطُّه بيمينه، ليستحكم الأذى، وليشتدَّ وَقعُه، ولِيَصْعُبَ دفعُه، ولذا جاء الوعيدُ الصارخُ والتهديدُ الشديدُ الزاجرُ لكلِّ مَنْ آذى مؤمنًا، فقال فيه ما ليس فيه؛ وذلك فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سُنَنِه بإسناد صحيح، عن عبدالله بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «وَمَنْ قال في مؤمنٍ ما ليس فيه حُبِسَ في رَدْغَةِ الخبالِ حتى يَخُرَجَ ممَّا قال» الحديثَ. و«رَدْغَة الخبال» -يا عباد الله- هي عُصارة أهل النار، وخروجُه ممَّا قال هو بالتوبة عنه، وبأن يستحلَّ ممَّن قال فيه تلك المقولةَ، وإنَّما جاءت هذه العقوبةُ ليجتمع له العذابان: الاصطلاء بحر النار، والتأذِّي بعصارة أهلها؛ أعاذنا اللهُ جميعًا من ذلك. خطر اللّدد في الخصومة إنَّ من أعظم أسباب الإيذاء المفضية إليه: اللَّدَد في الخصومة؛ ولذا كان الألدُّ الخَصِمُ أبغضَ الرجالِ إلى الله، كما جاء في الحديث الصحيح، عن رسول الْهُدَى - صلى الله عليه وسلم -، وجاء التحذير الشديد لِمَنْ خاصَم في باطل وهو يعلمُ؛ وذلك في الحديث الذي أخرَجَه الإمامُ أحمدُ في مُسنَده، وأبوداود في سُنَنِه بإسنادٍ صحيحٍ، عن عبدالله بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: -فذكر الحديثَ وفيه قولُه-: «ومَنْ خاصَم في باطلٍ وهو يعلمُ لم يَزَلْ في سخطِ اللهِ حتى يَنْزِعَ»؛ أي: حتى يتركَ ذلك الذي وقَع فيه من الخصومة بالباطل. آداب المؤمن يتعيَّن على مَنْ جُهِلَ عليه ألَّا يقابلَ ذلك الجهلَ بمثله؛ طاعةً لله -تعالى-، وحَذَرًا من الوقوع فيما لا يَحسُنُ ولا يَجمُلُ بالمؤمن الذي وصفَه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الحديث الذي أخرجَه الإمامُ أحمدُ في مسنده، والترمذي في جامعه بإسناد صحيح، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيءِ»، ولأنَّكَ كما قال بعضُ السلفِ: «لن تُعاقِبَ مَنْ عصى اللهَ فيكَ بخيرٍ مِنْ أن تطيعَ اللهَ فيه». معية الله لمن لا يقابل الإساءة بمثلها وحريٌّ بمن لا يُقابِل الإساءةَ بمثلها، ومَنْ لا يدفع الظلمَ بظلمٍ مثلِه أَنْ يحظى بمعيةِ ربِّه وتأييدِه؛ {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}(الْحَجِّ: 38). واسلكوا مسالكَ الصفوةِ من عباد الله، في سلوك سبيل الإحسان، والتجافي عن سُبُل الإيذاء في كل صُوَرِه؛ تكونوا من المفلحينَ الفائزينَ في جنات النعيم. قواعد السلامة الاجتماعية في السنة النبوية إنَّ في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كان يُؤمِن باللهِ واليومِ الآخِرِ فليَقُلْ خيرًا أو لِيَصْمُتْ»؛ فيه ما يُقِيم قواعدَ السلامةِ الاجتماعيةِ الرشيدةِ، ويُرسي أسسَ الحياة السعيدة. أثر القول الحسن في العلاقات الإنسانية إنَّ القولَ الحسنَ، والكَلِم الطَّيِّبَ أدبٌ عالٍ أخَذ اللهُ به عبادَه جميعًا؛ كما أخبر -عز وجل- عن ذلك بقوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}(الْبَقَرَةِ: 83)، والكلامُ الطيبُ العذبُ يَجمُل مع الأصدقاء والأعداء، وله ثمارُه الحلوةُ معَهم جميعًا؛ فأمَّا مع الأصدقاء فهو يَحفَظ مودتَهم، ويستديم صداقتَهم، ويمنع كيدَ الشيطان أن يُضعِف حبالَهم ويُفسِد ذاتَ بينهم؛ {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}(الْإِسْرَاءِ: 53)، وأمَّا حُسْنُ الكلامِ مع الأعداءِ؛ فهو إمَّا أن يُطفئ خصومتَهم، ويستجلبَ مودتَهم، وإمَّا أَنْ يُخَفِّفَ عداوتَهم ويدفعَ مكيدتَهم؛ {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(فُصِّلَتْ: 34). حسن الخلق أثقل شيء في ميزان المؤمن القولُ الحسنُ طريقٌ مُوصِلٌ إلى نَيْلِ رضوانِ اللهِ، والحظوةِ بالنعيم المقيم، كما يُعبِّر عن ذلك أبلغَ تعبيرٍ قولُ رسولِ الْهُدَى - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ شيءٍ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة مِنْ حُسنِ الخلقِ، وإنَّ اللهَ يَبغَضُ الفاحشَ البذيءَ»(أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح). اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |