الحديث الثامن عشر: السماحة في البيع والشراء والقضاء

[ابوالوليد المسلم]

الحديث الثامن عشر:
السماحة في البيع والشراء والقضاء

الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحِم الله رَجُلًا سَمْحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقْتَضَى» [صحيح][1].



الشرح:

معنى الحديث: (رحِم الله رَجُلًا): هذا دعاء بالرحمة لكل من اتصف بالسماحة في بيعه وشرائه واقتضائه الثمن؛ أي: أخذ الديون، سواء كان رجلًا أو امرأة، والتنصيص على الرجل خرج مخرج الغالب.

(سَمْحًا إذا باع)؛ أي: سهلًا في بيعه، فلا يشدِّد على المشتري في سعرها، ويضع عنه من ثمنها، وفي رواية عند أحمد والنسائي من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه : «أدخل الله عز وجل الجنة رجلًا كان سهلًا مشتريًا وبائعًا..»[2].

(وإذا اشترى)؛ أي: سهلًا إذا اشترى، فلا يجادل ولا يماكس في سعرها، بل يكون سهلًا مسامحًا.

(وإذا اقْتَضَى)؛ أي: يكون سمحًا سهلًا حال طلب دَيْنِه من غريمه، فيطلبه بالرفق واللطف لا بالعنف، وفي رواية عند ابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه زيادة: «سمحًا إذا قضى»[3]؛ أي: سمحًا سهلًا حال قضاء الديون التي عليه، فلا يُماطل ولا يتهرب مما عليه من الحقوق، بل يَقضيها بسهولة وطيب نفس، فهؤلاء الأصناف الأربعة دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة متى كانوا متسامحين في بيعهم وشرائهم، وقضاء ما عليهم، واقتضاء ما لهم من ديون على غيرهم.

معاني الكلمات:

سمحًا: سهلًا جوادًا سخيًّا.
اقتضى: طلب قضاء حقِّه.

من فوائد الحديث:

• استحباب المسامحة في البيع والشراء؛ وذلك بأن يترك كل من البائع والمشتري ما يسبب ضجرَ الآخر وإزعاجه.

• الحث على الليونة في طلب قضاء الحقوق، واستحباب التنازل عن شيء منها.

[1] رواه البخاري (2-57) برقم (2076). والترمذي، برقم (1320). وابن ماجه (2-742) برقم (2203) باختلاف يسير. وأحمد، (23-26) برقم (14699) مطولًا. والبيهقي، برقم (11297).

[2]رواه أحمد (1/ 470) و النسائي في السنن الكبرى (6/ 91) وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 107).

[3]رواه ابن حبان (11/ 267)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 585).