من نعم الابتلاء بالمرض - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 250 - عددالزوار : 4502 )           »          خطبة جمعة عن الهواتف والإنترنت ووسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          خطبة الاستسقاء 1447 هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          في ظلال آية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          بلزوم الاستغفار والدعاء يدوم الخير والرخاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الجنة ونعيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          ظاهرة كسب المال الحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          من الفائز؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الداخلون الجنة بغير حساب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الذين يصلي عليهم الله وتصلي عليهم الملائكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 07:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,889
الدولة : Egypt
افتراضي من نعم الابتلاء بالمرض

من نعم الابتلاء بالمرض

د. صغير بن محمد الصغير

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70-71].


أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الإخوة: كان أيوب عليه السلام من ذرية إبراهيم الخليل، وقد أنعم الله عليه بمال وفير وأهلٍ وذرية، فكان شاكرًا لأنعم الله، قائمًا على طاعته لا يغفل عن ذكره، حتى ضرب به المثل في الإيمان والعمل الصالح، ثم شاء الله أن يبتليه ليختبر صبره وصدقه، ففقد ماله كله، ثم فقد أولاده وأهله، ثم أصيب في جسده بمرض شديد طال أمده حتى قيل إن لحمه تساقط ولم يبقَ إلا عظمه وعصبه، ولم يبقَ معه أحد سوى زوجته التي كانت تخدمه وتصبر معه رغم قسوة الحال. استمر هذا البلاء سنين طويلة، اختلفت الروايات في عددها فقيل ثلاث سنين، وقيل سبع، وقيل ثمانية عشرة سنة. ومع شدة ما نزل به من ضرٍّ وألم، لم يصدر منه إلا الدعاء والرضا، ولم يتذمر أو يسخط على قضاء الله، بل كان يقول: "اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت، وأنت أرحم الراحمين"، فصار مضرب المثل في الصبر الجميل.

وحين بلغ البلاء غايته دعا ربه بقوله كما في القرآن الكريم: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾، فاستجاب الله له وأمره أن يركض برجله، فانفجر له عين ماء باردة يغتسل بها ويشرب منها، فشفاه الله مما به من ضرّ، وردّ عليه عافيته وجماله وقوته، ثم أعاد إليه أهله وماله ومكانته، وزاده أضعافًا مما كان عنده من قبل، حتى روي أنه أمطر عليه الله جرادًا من ذهب وهو يجمع منه فرحًا بنعمة الله.

كانت نتيجة ابتلاء أيوب عليه السلام أن رفع الله مقامه بالصبر والثبات، وجعله آية للمتقين، وقدوة لكل من ابتُلي في مال أو جسد أو أهل. دلّت قصته على أن البلاء ليس غضبًا من الله، بل قد يكون امتحانًا لصدق الإيمان، وأن الفرج يأتي بعد الصبر مهما طال الأمد، وأن الله قادر على أن يبدّل الضرّ إلى نعمة، واليأس إلى أمل، كما قال تعالى في ختام القصة: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ.


أيها الإخوة: إن المرض بلاءٌ يبتلي الله به عباده لحكمةٍ بالغة ورحمةٍ خفية، فهو في ظاهره ألمٌ وضعف، لكنه في باطنه نعمةٌ تطهّر القلوب وتغسل الذنوب وتعيد للروح صفاءها.

حين يمرض الإنسان، يوقن أن القوة لله وحده، وأن الشفاء بيده لا بيد الأطباء، كما قال تعالى على لسان خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِذَا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفِينِ[الشعراء: 80]. عندها يدرك العبد معنى التوكل الحق، ويشعر بقرب الله أكثر من أي وقتٍ مضى، فيدعوه بصدقٍ ويستشعر رحمته في كل لحظة ضعف.


أيها الإخوة: إن المرض ليس عذابًا، بل تطهير ورحمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر الله بها من خطاياه"[1] فكل وجعٍ هو مغفرة، وكل دمعةٍ في سبيل الصبر ترفع صاحبها درجةً في الجنة.

وربما كتب الله لعبده منزلةً عالية لا يبلغها بعمله، فيبتليه بمرضٍ ثم يصبر فيبلّغه الله تلك المنزلة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو ماله أو ولده ثم صبّره على ذلك حتى يُبلّغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى"[2].

وفي المرض يتعلم المؤمن أن العافية نعمةٌ لا تُقدّر بثمن، وأنها من أعظم ما يغفل عنه الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ".[3]

فحين تضعف القوى، وتثقل الخطى، يتذكر المرء كم كان غنيًّا بعافيته، وكم كان في غفلةٍ عن شكرها، فيرجع إلى الله تائبًا شاكرًا راضيًا.

ومن سنن التعامل مع المرض في الإسلام أن يصبر العبد ولا يجزع، فإن الصبر زاد المؤمن في البلاء، والله يحب الصابرين. قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].

كما يُستحب أن يحسن العبد ظنه بالله في كل حال، فيعتقد أن الله أرحم به من نفسه، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

ومن السنة كذلك أن يستعمل الدواء والأسباب المشروعة من الطب المباح، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: "تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء".[4]

ويُشرع للمريض أن يكثر من الدعاء، خاصة بالأدعية النبوية مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا"[5] وأن يتوضأ ويصلي على قدر استطاعته، فإن العبادة في المرض أعظم أجرًا وأصدق إخلاصًا.

ومن السنن الجليلة أن يحمد المريض ربه على كل حال، فيقول كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الشدائد: "الحمد لله على كل حال"[6]، لأن الحمد في البلاء عبادة عظيمة تدل على الرضا بالقضاء.

ويُستحب أيضًا أن يستر المريض مرضه قدر الإمكان ولا يكثر الشكوى للناس، بل يناجي ربه ويفوض أمره إليه، فذلك أدعى للقبول وأقرب للسكينة.


أيها الإخوة: المرض مدرسةٌ يتعلم فيها القلب معنى الصبر والرضا، ويعرف فيها الإنسان حجمه الحقيقي أمام عظمة الخالق، فيتذلل له ويخضع، ويستشعر نعمة الإيمان حين يرى الألم سببًا في قربه من ربه. وربما كان المرض رسالة حبٍ من الله إلى عبده، يطهره بها من ذنوبه، ويهيئه للقاءٍ طيبٍ معه، فالله أرحم بعباده من أنفسهم، وما نزل بلاءٌ إلا لحكمة، ولا أصاب ألمٌ إلا وفي طيّاته لطف.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله....

أيها الأخ المبارك:إذا أصابك المرض، فلا تجزع، وقل كما قال الصالحون: "اللهم اجعل هذا المرض طهورًا لنا، ورفعةً في درجاتنا، وسببًا في رضوانك".

واعلم أن العافية ستعود، وأن الوجع لن يدوم، وأن الله وعد فقال: ﴿ فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا] الشرح: 5-6]، فاثبت على الصبر، وابتسم في وجه البلاء، فإن وراء الألم فرحًا، وبعد الصبر جنةً ورضا.

ولنعلم أيها الأحبة أنّ من السنن زيارة المريض، فهي حقٌ من حقوق المسلم على أخيه، وفيها تذكير بالآخرة، وتثبيت للمريض، ودعاء له بالشفاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله ناداه منادٍ: بأن طِبت وطاب ممشاك، وتبوأتَ من الجنة منزلًا".[7]

وصلوا وسلموا على خير البرية، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] الأحزاب: 56 [.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[1] رواه البخاري (5641)، ومسلم (2573).

[2] رواه أبو داود (3090)، وأحمد (22338)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1625).

[3] رواه البخاري (6412).

[4] رواه أبو داود (3855)، والترمذي (2038)، وابن ماجه (3436)، وأحمد (18454)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7934).

[5] رواه البخاري (5743)، ومسلم (2191).

[6] أخرجه ابن ماجه (3803)، والطبراني في المعجم الأوسط (6663)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (378)، عن عائشة أم المؤمنين، وصححه الألباني.

[7] رواه الترمذي (2008)، وابن ماجه (1443)، وحسنه الألباني.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.89 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]