
08-10-2025, 10:31 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,200
الدولة :
|
|
فشل الكبار.. تساقط للصغار!
فشل الكبار.. تساقط للصغار!
- الكبار يمثلون -غالبا- القدوة والنموذج الذي يجب أن يتبعه الناس ويحتذوا به، والقدوة مهمة في بناء المجتمعات وغرس القيم الفاضلة؛ فإذا فشل الكبار في ذلك، أصبحوا قدوات سيئة، قد تؤدي إلى الضياع والانحراف والهزيمة؛ فيتساقط بفشلهم الصغار!
- وفي الحديث عن القدوات تبرز ثلاث حالات من القدوات والتابعين لهم: الأولى: (قدوة حسنة وتابع حسن)، أي إن هناك انسجاما بين الكبار والصغار، والثانية: (قدوة حسنة وتابع مخالف للقدوة)؛ وهنا نحن أمام فشل جزئي وتعثر في التقدم، والثالثة: (قدوة سيئة وتابع سيئ)، وهذا يُنتج فشلا محققا وتساقطا كبيرا.
- ففي الحال الأولى: يُعدُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - القدوة المثلى الواجبة الاتباع، وقد أمر الله -تعالى- باتباعه؛ فقال -جل وعلا-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزاب:21)؛ بل جعل طاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ملازمة لطاعته -جل وعلا-؛ وذلك من أجل ضمان تماسك المجتمع المسلم ونجاحه؛ فقال -تعالى-: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(النساء:80)، وقال -جل شأنه-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)، بل علّق النبي - صلى الله عليه وسلم - دخول الجنة على طاعته؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قيل يا رسول الله، ومن يأبى؟ قـال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».
- ويُشبِّه النبي - صلى الله عليه وسلم - المجتمع المسلم بالبنيان الذي يشدّ بعضه بعضا، مشيرا بذلك إلى قوة العلاقة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض؛ فيقول - صلى الله عليه وسلم -: «المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أصَابِعَهُ». فإذا لم يتكاتف المسلمون من أعلاهم إلى أدناهم، ينهار المجتمع، ويتفرق الأفراد، وتضعف الأمة.
- أما في الحال الثانية: فقد تمثلت في معركة (حُنين).. فبعد الانهزام المبدئي للمسلمين -بسبب الإعجاب بالنفس والكثرة- ضاقت الأرض بما رحبت على جيش المسلمين، وهرب من هرب؛ فقال - تعالى واصفا هذه الحال-: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} (التوبة:25). هنا أطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - النداء الأخير للمعركة، وهو قوله: «أنا النبي لا كذب»؛ لبيان قيمة عظيمة في التعامل مع الناس وهي الصدق وثبات القدوة؛ لئلا ينفرط عقد التابعين؛ فرجع القوم فقاتلوا وثبتوا وهكذا انتصروا.
- أما الحال الثالثة: فتمثلت في غرق فرعون ومن معه، بعد أن نجّى الله موسى -عليه السلام- ومن معه، فبعد مرحلةٍ طويلةٍ من الطغيان والاستعلاء في الأرض، ظهرت اللحظة الحاسمة في الصراع بين الحق والباطل، وفشل فرعون في اتباع الحق؛ فساق قومه معه إلى الغرق والتهلكة، قال - تعالى-: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً} (يونس:90).
- فإذا لم يثبت الكبار على الحق ويتمسكوا به، يسقط الصغار، وتكون العاقبة وخيمة؛ فالقدوات في المجتمعات هم صمام الأمان، ونجاحهم يقي الأمة من شرور التخبط والتشرذم.
اعداد: سالم الناشي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|