رسائل قلبية إلى المبتلى بالأمراض الروحية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         التواصل الاجتماعي.. ضوابطه وآدابه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          (وداعاً أيها القرآن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          نصائح على طريق النجاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          تكفير الأعيان وأثره في استحلال الدماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الرفيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية- أهميتها.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 2875 )           »          ثلاث مسائل فقهية في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مواسم الخيرات فيما بعد رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          طفلك..وأوقات فراغه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-10-2025, 12:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,922
الدولة : Egypt
افتراضي رسائل قلبية إلى المبتلى بالأمراض الروحية

رسائل قلبية إلى المبتلى بالأمراض الروحية

د. صلاح عبدالشكور

شاء الحكيم الخبير سبحانه أن يبتلي بعض عباده بما يُعرف بالأمراض الروحية، والمقصود بها هي العين والمس والسحر، وهذه الأمراض وإن كانت أسبابها روحية خفية تكتنفها الغموض؛ إلا أن لها أعراضًا حسية مشاهدة، ولها تأثيرات عديدة على المصاب بها، وهذه الأمراض ثابتة شرعًا وحسًّا، أخبر عنها ربُّنا سبحانه في كتابه، وبيَّنها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وهذه الأمراض الروحية غالبًا ما تكون بواسطة الجن حيث يتسلَّط الجنيُّ على الإنسيِّ بسبب أو بآخر، وهو المسُّ، ويقصد به المسّ الداخليّ، ويُسمَّى الجنِّي داخل الجسد تابعًا أو عارضًا.

وكلُّ أصناف الناس عرضةٌ لهذا المرض من الصالح والطالح، والصَّغير والكبير؛ فهذا نبي الله أيوب عليه السَّلام، حكى الله عن مرضه فقال: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41] قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "(بِنُصْبٍ)؛ أي: ضر (وَعَذَابٍ)؛ أي: ألم، وكان الشيطان قد آذاه، ولكن هل هو إيذاء نفسي بأن ألقى في قلبه الوساوس التي أنهكت بدنه، أو أنه إيذاء حسي كما قال بعضهم: إن الشيطان نفث في جسده حتى أصبح جسده كله جدريًّا؛ يعني: حبوبًا ضارة، فالله أعلم يحتمل هذا وهذا".

العين والسحر من أقدار الله:
والسحر من أشدِّ ألوان هذه الأمراض الروحية، فكم تسبَّب السحر في آفات وأمراض وجنون وقطع علاقات وتفريق بين الرجل وزوجته؟! وكم تسبَّب السحر من خيالات وأوهام وآلام نفسية وجسدية وأسقام متواصلة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى، ومن أهم ما يجب الإيمان به لمن ابتُلي بشيء من هذه الأمراض الروحية أن يعلم أنها لا تؤثر بذاتها بل بقدرة الله تعالى وحده وتقديره للعبد، وأن هذه الشياطين والسحرة الفُجَّار ما تسلَّطوا عليه إلا بمشيئة الله وتقديره، وما المس والسحر والعين وغيرها إلا أسباب مجردة لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الحكيم الخبير سبحانه.

والسحر حقٌّ وله تأثير
لكن بما قدره القدير
أعني بذا التقدير ما قد قدَّره
في الكون لا في الشرعة المطهرة

وهذا الموضوع كبير ومتشعِّب، وله تفريعات كثيرة لست بصدد ذكرها في هذه النزهة؛ ولكني أورد جملة من الوصايا والرسائل لكل من ابتلاه الله بهذه الأمراض أو ما شابهها:
أولًا: ثق بالله العظيم سبحانه بأنه مُدبِّر الأمر، وأن الأمر كله لله، ووقوع الضُّر وانكشافه بيد الله وحده، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17] تدبَّر هذه الآية الكريمة وغُصْ في أعماقها، فهي تقول لك: إن أيَّ ضرٍّ يحصل لك فلا يكشفه إلا الذي قدَّره عليك، وكأنها تُوجِّهك إليه سبحانه مباشرة بعيدًا عن كل الأسباب الكاشفة للضر؛ وإن كانت ذا أهمية ومطلوب شرعًا أن تأخذ بها، وقد ينسب الإنسان كشف الضر لغير الله، فينسب انكشاف الضر إلى مهارة الطبيب الذي لجأ إليه، ناسيًا أن مهارة الطبيب وحذقه ومعرفته بعلم الطب هي من نعم الله. أو ينسب أسباب خروجه من كربه ومصيبته إلى ما آتاه الله من علم أو مال، ناسيًا أن الله هو واهب كل شيءٍ، كما فعل قارون الذي ظنَّ أن ماله قد جاءه من تعبه وكدِّه وعلمه ومهارته، ناسيًا أن الحق هو مسبب كل الأسباب، ضُرًّا أو نفعًا، فسبحانه هو الذي يبتلي بالضراء وينعم بالسراء.

رسول الله يُسحَر!
ثانيًا: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ابتُلي بالسحر وعانى منه، فليكن لك في ذلك سلوة، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: «سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفْعَلُهُ، حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي، أتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ: ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قالَ: فِيما ذَا؟ قالَ: في مُشُطٍ ومُشَاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قالَ فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ، فَخَرَجَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: ((نَخْلُهَا كَأنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ))، فَقُلتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقالَ: ((لَا، أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذلكَ علَى النَّاسِ شَرًّا))، ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ»؛ رواه البخاري ومسلم.

تعال معي لنقف على بعض الدروس والعبر من هذا الحديث الشريف:
الوقفة الأولى: رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِر وعانى منه، وكان كما جاء في الحديث يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وفي هذا من الأذى النفسي ما يعرفه من تأمله، ولكنَّ أثر هذا السحر كان محدودًا على جسده وظواهر جوارحه؛ لا على قلبه وعقله واعتقاده صلى الله عليه وسلم، ويكون معنى أنه صلى الله عليه وسلم يُخيَّل إليه أنه كان يفعل الشيء، وما فعله محمول على التخيُّل بالبصر لا بالعقل، وليس فيه ما يطعن بالرسالة. أو حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن- كما في الرواية الأخرى في صحيح البخاري- وكل هذا وقع للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا ولم يتطرَّق شيء منه في أمور الدين والوحي كما أثبت ذلك أهل العلم.

والشاهد أنه إذا كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ابتُلي بشيء من هذه الأمراض الروحية، ففي ذلك سلوة للنفس المصابة بهذه الآفات أن يعرف أنه في درب البلاء، وقد سبقه في ذلك أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، فيعتصم بربِّه ويأخذ من الأسباب ما فيه صلاحه ونجاته مما أصابه.

الوقفة الثانية:عند قول عائشة رضي الله عنها: (حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي) لاحظ كيف التجأ النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه داعيًا سائلًا ربَّه كشف المصاب ورفع البلاء، ليس مجرد دعاء فقط بل قالت عائشة: (دعا ودعا) ما يشير إلى كثرة دعائه، وشدة تضرُّعه وسؤاله ربه، وهو منهج يجب أن تضعه نصب عينيك في بلائك وهو الدعاء بقلب صادق خاشع، والانطراح بين يدي ربِّ العالمين لكشف المصيبة وإزالة الضراء. قال النووي: فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره والالتجاء إلى الله تعالى في دفع ذلك.

الوقفة الثالثة: في قوله صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: ((فقد شفاني الله))، وفي رواية مسلم: ((عافاني الله))، فنسبة الشفاء إلى الله تعالى هدي عظيم، وهو دَأْب الأنبياء والصالحين من عباده، فإذا مَنَّ الله عليك بالشفاء، فانسبه إلى الشافي سبحانه.

الوقفة الرابعة: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب الشرعية والأسباب المادية من الدعاء والبحث عن العلاج وفك السحر بالطرق الشرعية الصحيحة، كما في الحديث، فاجعل هذا النهج النبوي هو منهجك بأن تجمع بين التوكُّل على الله والدعاء مع أخذ الأسباب المشروعة للشفاء وزوال المصاب.

إنما يشفي الله:
ثالثًا: لا تتعلق بالراقي أو الطبيب مهما كان؛ فهو بشر مثلك لا يملك من أمره شيئًا، وتعلَّق بمن بيده مقاليد السماوات والأرض، بعض المصابين بالعين والمس والسحر يظن جهلًا أن الراقي يملك الشفاء، أو أنَّ لديه سرًّا خاصًّا له علاقة بشفائه، ففرق كبير جدًّا بين من يظن أن الرقية سبب شرعي من أسباب الشفاء وبين من يظن أن الراقي يملك الشفاء؛ ولذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ))، قالوا: مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ((هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، ولا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ))؛ رواه مسلم.

ومعنى ((لا يسترقون))؛ أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لمرض كان فيهم، ((ولا يكتوون))؛ أي: لا يطلبون من أحد أن يكويهم، ((ولا يتطيَّرون))؛ أي: لا يتشاءمون، ((وعلى ربهم يتوكلون))؛ أي: يعتمدون على الله اعتمادًا كليًّا، وهذا لا يدل على أن طلب الرقية من الغير محرم أو مكروه؛ ولكن الأفضل والأكمل ألَّا يطلب ذلك من أحد، ويرقي نفسه بنفسه، ويعتمد على الله تعالى في طلب الشفاء.

ثم تأمل في قول الغلام في قصته الشهيرة بين الراهب والساحر، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع، إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدًا إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله.. وفي هذا درس بليغ عظيم في أن الله وحده هو الشافي وبيده وحده الشفاء، وهذا هو لُبُّ التوكُّل على الله تعالى.

وقد يؤذيك ليلك يا جريحُ
ويكسو الدمعُ عينك يستبيحُ
ستنسى الهم مهما طال فاصبر
غدًا يخبو اللهيبُ وتستريحُ
فرَبُّ العرش رحمنٌ لطيفٌ
فكم في صحةٍ قام الطريحُ
فإن أشقتك أحمال الليالي
فكن مستبشرًا فلها ضريحُ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.68 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]