|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أكون سعيدة؟ د. عالية حسن عمر العمودي الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيِّه المصطفى، وعلى من سار على دربه واقتفى، أما بعد: فزوال الهموم، وذَهاب الغموم، وجلاء الأحزان، وراحة البال، مطلبٌ لكل إنسان في هذه الحياة، فهي السعادة التي ينشدها كل إنسان، ومن منا لا يبحث عن السعادة ويسعى لها! من منا لا يتمنى أن يستظل بظلِّها من شقاء الدنيا وصعابها! من منا لا يتمنى أن يطيل الوقوف عند محطاتها! أسباب تحقيق السعادة: يعتقد البعض أن السعادة في جمع المال، لكنَّ كثيرًا من الأغنياء لا يشعرون بتلك السعادة وكما قيل: ولست أرى السعادة جمع مالٍ ![]() ولكنَّ التَّقيَّ هو السعيدُ ![]() وتقوى الله خير الزاد ذخرًا ![]() وعند الله للأتقى مزيدُ ![]() وقد يظن البعض أن السعادة في الجاه والسلطان والمناصب والولايات، وهذا فهمٌ وظنٌّ خاطئ أيضًا، فأسباب السعادة تكون في أمور؛ منها: 1- الإيمان والعمل الصالح: قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة النحل: 97]. فالحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح، إن السعادة الحقيقية موجودة في الإخلاص لله، وإقامة الصلاة، وبر الوالدين، والإحسان إلى الفقراء والضعفاء والمساكين. إن السعادة الحقيقية والراحة القلبية موجودة في الفرائض والطاعات، واجتناب الكبائر والموبقات، والحذر من الصغائر والمحقرات، وترك الشهوات والشبهات، وسؤال الله الثبات على الحق حتى الممات. إن قمة السعادة والانشراح وضعها الله- سبحانه وتعالى- في الصلاة؛ يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، "وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر- أي: اشتدَّ عليه- لجأ إلى الصلاة". إن العبد إذا أقبل على ربِّه وتضرَّع إليه، أنزل الله في قلبه السكينة، وقذف في صدره الطُّمَأْنينة، وأنعم عليه بالراحة النفسية، فينعم روحه، وينشرح صدره، وتقر عينه، ويأنس خاطره. 2- الإحسان إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف؛ فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه". إذًا السعادة ينال الإنسان حظًّا منها بقدر ما يقدمها لغيره، بكلمة طيبة أو ابتسامة أو مواساة أو تقديم أي مساعدة. 3- اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وترك الخوف من المستقبل أو الحزن على الماضي، فيصلح يومه ووقته الحاضر، ويجد ويجتهد في ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ"؛ رواه مسلم. 4- الإكثار من ذكر الله؛ فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطُمَأْنينة القلب، وزوال همِّه وغمِّه، قال تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [سورة الرعد: 28]، بذكره سبحانهُ تنقشعُ سُحُبُ الخوفِ والفَزَعِ والهمِّ والحزنِ، بذكره تُزاحُ جبالُ الكَرْبِ والغمِّ والأسى، قالَ إبراهيمُ بن أدهم: نحن في عيْشٍ لوْ علم بهِ الملوكُ لجالدونا عليهِ بالسيوفِ. 5- أن ينظر الإنسان إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو أعلى منه في الرزق والصحة وغيرها، وقد ورد في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَلَّا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ". 6- الطمع في فضل الله والشكر على النعم، يقول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". يقول ابن القيم: سعادة العبد.. إذا أنعم عليه ربُّه شكر، وإذا ابتلاه صبر، وإذا أذنب استغفر". 7- الاهتمام بالجسد؛ بتغذيته وتمرينه رياضيًّا وأخذ الراحة الكافية له وعدم إجهاده بأعمال تفوق طاقته. 8- التخلص من منغصات السعادة؛ وهي: القلق والتوتُّر، والمقارنة مع الآخرين، واللوم والعتاب للنفس وللغير. هذه طريق السعادة، من سلكها شرح الله صدره، ويسَّر أمره، وأذهب هَمَّه، وكشف غَمَّه، وسَدَّد قوله، وبارك له في عمره، ووَسَّع له في رزقه. قصص عن السعادة: 1- يُذكَر أن زوجًا قال لزوجته بغضب: لأشقينَّك، فقالت الزوجة في هدوء وإيمان وعزة: لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني، فقال الزوج في حنق: وكيف لا أستطيع؟ فقالت الزوجة في ثقة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني، أو زينة من الحلي لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون! فقال الزوج في دهشة: وما هو؟ فقالت الزوجة في يقين: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي. 2- مرَّ رجل على آخر وهو كئيب حزين فقال له: إني سائلك فأجبني: هل يحدث في هذا الكون شيء بغير علم الله؟ فقال الرجل: اللهم لا، ثم قال: أينقص من رزقك الذي كتبه الله لك شيء بغير قدر الله؟ فقال الرجل: اللهم لا، فقال: أينقص من أجلك شيء بغير مراد الله؟ فقال الرجل: اللهم لا، فقال له: فعلامَ الحزن؟ 3- رجل كان يعاني الاكتئاب ولم يجد شيئًا يشعره بالسعادة، نصحه أحد أصدقائه بأن يجرب العطاء، في أحد الأيام رأى الرجل طفلًا يتسوَّل في الشارع، فأعطاه بعض المال وابتسم له، شعر فجأةً بفرحة غامرة لا يمكن وصفها، أدرك أن إسعاد الآخرين يمكن أن يجلب له السعادة، واستمر في تقديم المساعدة للناس كلما استطاع. 4- رجل كان يعاني صعوبات كثيرة في حياته، لكنه كان دائم الابتسامة، سأله أحد أصدقائه: "كيف تستطيع أن تبتسم رغم كل هذه المشاكل؟" فأجاب: "أنا أؤمن أن كل ما يحدث لي هو بتقدير الله، وإذا كان الله معي، لا شيء في الدنيا يمكن أن يزعجني". هذه الإجابة جعلت صديقه يدرك أن الإيمان يزرع الطُّمَأْنينة، والسعادة تأتي من القلب المطمئن بالله. هذه القصص تعلمنا أن السعادة لا ترتبط بالثروة أو الظروف المثالية، بل هي اختيار نابع من الرضا، والعطاء، والإيمان، والقدرة على تقدير ما لدينا في حياتنا، فابحث عن السعادة في كل درب، فبذورها مُفَرَّقة، وبعض أبوابها مغلقة، تحتاج منك لطرقها بشغف وحب، فكن سعيدًا وابتسم، واترك الرضا على مُحيَّاكَ يرتسم. هذا وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |