|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ترشيد الكهرباء والماء رؤية شرعية واجتماعية وتنموية
تُعد دولة الكويت من الدول الخليجية التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على مصادر الطاقة غير المتجددة (النفط) في إنتاج الطاقة الكهربائية والماء العذب، ومع النمو السكاني، وازدهار المشاريع العمرانية والصناعية، زاد الاستهلاك على الكهرباء والماء ازديادا مطردا؛ ما أدى إلى ضغطٍ كبير على الموارد والبنية التحتية، وزيادة في فاتورة الإنفاق الحكومي، وتأثير بيئي سلبي متزايد، وفي هذا السياق، يصبح ترشيد استهلاك الكهرباء والماء ليس خياراً اقتصادياً أو بيئياً؛ بل واجب دينياً ووطنياً يتطلب التزام كل فرد بمسؤولياته نحو الحفاظ على نعم الله وحسن استعمالها، ومن أجل تحقيق العدالة بين الأجيال، والحفاظ على ثروات الأمة، وبناء مجتمع مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية يأتي هذا الملف. ارتفاع معدلات الاستهلاك تحتل الكويت واحدًا من أعلى معدلات الاستهلاك للطاقة والكهرباء؛ حيث يُقدَّر معدل استهلاك الفرد من المياه بنحو 400 - 500 لتر يوميا، وهو ما يزيد عن المتوسط العالمي مرات عدة؛ فيما يُكلِّف إنتاج الكهرباء والماء نسبة كبيرة من الميزانية العامة للدولة، ويستنزف كميات هائلة من الوقود والنفط الخام، ويؤدي الطلب المتزايد على الكهرباء إلى ارتفاع درجات الحرارة المحلية؛ نتيجة انبعاثات محطات التوليد، إلى جانب زيادة الاستهلاك في الطاقة.الأدلة الشرعية على وجوب الترشيد وقد جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية داعية إلى الترشيد؛ كما ورد التحذير من التبذير، وينسحب ذلك على سائر نعم الله -تبارك وتعالى-، سواء كانت مالا أو طعامًا أو ماءً أو طاقة، وقد ربط الله بين إعطاء الحقوق للسائل والمسكين وتحريم التبذير، فالإسراف عدوان على حقوق الآخرين؛ كما في قوله -تعالى-: {وَآتِ ذَا الْحَقِّ حَقَّهُ وَالسَّائِلَ وَالْمَسْكِينَ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (الإسراء: 26)، وقوله -سبحانه-: {وَيَسْأَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} (البقرة: 219) ، كما جعل المسرف قرينا للشيطان! كما في قوله -تعالى-: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}، ويشمل الإسراف المالَ وغيرَه؛ حيث قال -تعالى-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:31)، وقال -سبحانه-: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأنعام:141).وقال -تعالى مادحًا عبادَه المقتصِدين-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67)؛ قال ابن كثير: «أيْ: ولا تسرفوا في الأكل؛ لِمَا فيه من مضرَّة العقل والبَدَن»، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه -رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُوا، وتصدَّقوا، والبسوا، في غير إسرافٍ ولا مَخِيلَة»، وقال عطاءُ بن أبي رباح: «نُهُوا عن الإسراف في كلِّ شيءٍ». وقد دعا الإسلام إلى الوسطية والاعتدال في كل شيء ولا سيما في الإنفاق وعدم الإسراف، وذلك كما في قوله -تعالى-:{«وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67)؛ فالمسلم مأمور بالاقتصاد في كل شيء، ومن ذلك استهلاك الماء والكهرباء، ويشير العلماء إلى أن الإسراف في الإنفاق على النفس دون حاجة، ودون مراعاة الحاجات العامة، محرم شرعًا. ![]() كما أكد علماء الإسلام -عبر العصور- على حرمة الإسراف ووجوب الاقتصاد في الاستخدام؛ فقال الإمام ابن القيم: «الاقتصاد في النعمة أفضل من الإسراف فيها، والإسراف في الحلال مفسدة». وأكدت المجامع الفقهية أن الإسراف في استخدام الموارد العامة كالكهرباء والماء من أنواع التعدي على المال العام، وهو محرم شرعًا، وهذا يشمل حق الأرض والموارد الربانية على الإنسان، والمسلم مطالب ألا يُسرف في استخدامها، وأن يحافظ عليها لغيره من الناس وأبنائه من بعده. الآثار الاجتماعية والاقتصادية للترشيد: 1- تعزيز روح المسؤولية المجتمعية: فالترشيد يعكس وعي المجتمع بمسؤولياته تجاه مقدرات الوطن، ويعزز قيم التعاون والتكافل بين أفراده. 2- الحدّ من الأزمات والخلافات: فالاستخدام الرشيد يقلل من فرص نشوب الأزمات المرتبطة بنقص الموارد، ويحد من التوترات الاجتماعية الناتجة عن التنافس على الخدمات الأساسية. 3- نشر ثقافة القدوة: ذلك أن التزام الأسر والمؤسسات بالترشيد يغرس في النشء سلوكيات إيجابية، ويعزز من ثقافة المحافظة على المال العام. 4- نشر الوعي البيئي والوطني: حيث يعزز الترشيد الشعور بالانتماء الوطني، ويشجع على المشاركة في مبادرات الاستدامة. 5- خفض فاتورة الإنفاق الحكومي: حيث يخفف ترشيد الاستهلاك العبء على موازنات الدولة، ويتيح إعادة توزيع الدعم ليشمل أكثر فئات المجتمع احتياجًا. ومن الجدير بالذكر أن تكلفة إنتاج الكهرباء والماء في الكويت تصل إلى حوالي ملياري دينار كويتي سنويا، ويمكن توفير جزء منها من خلال الترشيد بما يسهم في زيادة قدرة الدولة على الاستثمار الخارجي ، ورفع قيمة الدخل القومي. دور الترشيد في التنمية المستدامة يعدّ الترشيد والاقتصاد أساس الاستدامة؛ حيث يسهم في تقليل الهدر المالي والبيئي، وتمديد عمر البنية التحتية، وتحقيق العدالة بين المواطنين والأجيال القادمة، وتعزيز الأمن الطاقي والمائي الوطني، إلى جانب تقليل الانبعاثات الضارة والحفاظ على البيئة.الآثار التنموية والاستراتيجية يمكن تلخيص الآثار التنموية والاستراتيجية فيما يلي:1- تعزيز الأمن الطاقي والمائي: والترشيد يحقق توازنًا بين الطلب والعرض؛ ويحمي الدولة من أي أزمات محتملة. 2- تشجيع التكنولوجيا النظيفة والمستدامة: فالترشيد يحفز البحث والتطوير في مجالات الطاقة الشمسية وتحلية المياه باستخدام الطاقة النظيفة. 3- تحقيق أهداف التنمية المستدامة: حيث ينسجم الترشيد مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) ولا سيما الهدف 6 (مياه نظيفة) والهدف 7 (طاقة نظيفة)، وكذلك مع أهداف رؤية كويت جديدة 2035. 4- الحد من الانبعاثات والتلوث. 5- تقليل استهلاك الكهرباء: حيث يخفض الترشيد من الانبعاثات الضارة الناتجة عن إنتاج الطاقة، ويسهم في حماية البيئة وصحة المجتمع. 6- تأمين الأمن المائي والكهربائي: فالترشيد يساعد في استمرارية الإمداد الكهربائي والمائي وعدم انقطاع التيار، ولاسيما في أوقات الذروة والأزمات، ويقلل من احتمالات الانقطاع المفاجئ طويل الأمد. دور المؤسسات والمجتمع
![]() دور الجهات المعنية في تعزيز ثقافة الترشيد دور الحكومة والمؤسسات الرسمية:
دور المؤسسات التعليمية:
دور الإعلام:
دور الأفراد والمجتمع المدني:
![]() من وسائل ترشيد الماء:
من وسائل ترشيد الكهرباء:
الترشيد أمانة شرعية ومسؤولية وطنية إن ترشيد استهلاك الكهرباء والماء في الكويت ليس مجرد مشروع اقتصادي أو بيئي، بل هو أمانة شرعية ووطنية؛ ففي الوقت الذي تستخدم فيه الدولة نفطها الثمين لإنتاج الطاقة، فإن التبذير في هذه النعم يعدّ خيانة للمال العام ، وتفريطًا في حق الأجيال القادمة، وقد دعا الإسلام إلى الاقتصاد في الاستخدام، وحذّر من الإسراف، كما أمرنا الله -عزوجل- بشكر النعم، وذلك بحسن استخدامها وعدم إهدارها، ولاغنى لنا عن التحول إلى مجتمع رشيد يدرك قيمة الموارد، ويحافظ على نعم الله، ويسهم في بناء وطن مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، ومن هذا المنطلق ينبغي لكل فرد ومؤسسة أن يجعل من الترشيد سلوكاً يوميا، وأن يسهم في نشر هذه الثقافة في محيطه، تحقيقاً لأمن الوطن وازدهاره.![]() الربيعة: يجب أن يتكاتف الجميع للحفاظ على هذه النعم التي هي عصب الحياة
ومن النعم العظيمة نعمة الكهرباء والماء، ولا شك أن النعم لا تدوم إلا بالشكر، مع استغلالها كما أراد الله -عزوجل-، ومن ذلك أن نستخدمها بالأساليب التي بيّنها الله في كتابه فيما يعود على الإنسان بالنفع، وأما الهدر الذي يعيش فيه كثير من الناس ما هو إلا مخالفة شرعية لدين الله -تعالى- القائل في كتابه العزيز: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31). وقد أقامت جمعية إحياء التراث الإسلامي حملات عدة على مدى السنوات الماضية في هذا المجال، ومنها حملة متكاملة تحت رعاية معالي وزير الطاقة تحت شعار {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (الأنبياء:٣٠)، ضمت العديد من الفعاليات والأنشطة بهدف الترشيد وعدم الإسراف في استهلاك المياه. وأكد الربيعة على ضرورة أن يتكاتف الجميع مع الجهات الرسمية في الدولة؛ من أجل الحفاظ على هذه النعم، التي تعد من عصب الحياة، داعيًا الله -عزوجل- أن يديم علينا النعم، وأن يجعلنا من الشاكرين المحافظين عليها. ودعا الربيعة إلى أن تكون هذه الحملة مستمرة وليست وقتية، وأن نُذكِّر بها في كل وقت، وهي قضية سيتذكرها الجميع، سواء في المساجد عبر الخطب، أو الندوات التي تنظمها مراكز وزارة التربية، وكذلك مايطرح في المنتديات والدواوين؛ لأنها تتكلم عن قضية تمس حياة الناس، سائلين الله أن يوفقنا للاستمرار في المشاركة في مثل هذه الحملات، وأن نسعى لما فيه الخير للبلاد والعباد، وهذا أقل الواجب الذي نقدمه لبلدنا الحبيب بأن نشارك المؤسسات الرسمية والهيئات الخيرية الشعبية في توعية الناس بما أمدنا الله به من وسائل وإمكانيات . والجدير بالذكر أن هذه الحملة تأتي ضمن الأنشطة والفعاليات الصيفية لهذا العام؛ وذلك لما لهذه القضية من الأهمية القصوى؛ فقد أكد ديننا الحنيف على ضرورة الاقتصاد في استهلاك الماء وعدم الإسراف، وتأتي هذه الحملة أيضاً من منطلق ضرورة تضافر الجهود الوطنية والشعبية؛ لصيانة هذه النعمة العظيمة التي هي من أعظم نعم الله علينا. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |