بين يدي سورة العصر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم المصلي إذا عطس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فقه الاحتراز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          سُنّة: عدم التجسس وتتبع عثرات الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          القراءة في فجر الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الصلاة قرة عيون المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          إلى القابضين على جمر الأخلاق في زمن الشح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأخوة في الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من شمائل المروءة وسؤدد النفس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جماليات الدين.. التسبيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          مخادعة " الوقت المناسب " (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-05-2025, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,875
الدولة : Egypt
افتراضي بين يدي سورة العصر

بين يدي سورة العصر


الشيخ عبدالله محمد الطوالة

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ العليِّ الكبيرِ، العزيزِ القديرِ، ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر:3]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى:11].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد:2]... وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، ومصطفاه وخليله، البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المُنيرُ.. صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحابتهِ المغاويرِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم المصير..
أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة:281]..

معاشر المؤمنين الكرام: القرآن الكريم: هو الصراطُ المستقيم والذكرُ الحكيم.. حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، ولا يخلقُ عن كثرة الرد، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، نميرٌ عذبٌ، وموردٌ ثجَّاج، كلما ازدادت البصائرُ فيه تأمُلاً وتفكُرا، زادها هِدايةً وتبصُرا.. ووالله إن سعادةَ العبدِ، وصلاحَ أمرهِ في الدنيا والآخرة، لن تكون إلا بهذا القرآن العظيم، الذي ما إن تمسكنا به فلن نضِلَّ أبداً..

ونحن اليومَ بين يديِّ سورةٍ وأيٌّ سورة، سورةٌ قصيرةٌ في مبناها عظيمةٌ في معناها، سورةٌ محدودة الآيات، واسعة الدلالات، سورةٌ شديدة الإيجاز، قوية البيان والاعجاز.. سورةٌ عجيبة: جمعت في كلماتها المعدودة, خلاصَةَ الدين ومتطلباته، وتضمنت أهداف القرآن وغاياته، وذكرت مراتب الكمال البشري ومآلاته.. ووضعتْ لنا ميزان النجاة من الخسران، وأوضحت سبيل الفوز والرضوان.. سورةٌ يقرؤها أكثرنا في صلاته، لكنه يغفلُ عن دورها في حياته.. سورةٌ محكمة يقول عنها الإمام الشافعي رحمه الله: (لو ما أنزل الله حجةً على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم).. إنها سورة العصر يا عباد الله: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر ﴾ [العصر:1]..

فهيا بنا لنتدبر بعض ما في هذه السور العظيمة من عبرٍ وعظات، ونأخذ منها الدروس والعظات، والوصايا النيرات.. ثم نحرص على تطبيق ما فيها من نصائح وتوجيهات..

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ: (والعصر): افتتاحٌ مشوقٌ بأسلوب قسم، وهو من أساليب التوكيد، يؤذنُ بأهمية ما بعده، فأقسم الله بالعصر، وهو والزمان والدهر، ذو العجائب والعبر، بأيامه ولياليه، وساعاته وثوانيه، أو بعمر الإنسان والزمان الذي سيبقى فيه، وهو ميدان الأعمال، ومضمار التنافس، فمن استثمره في طاعة الله, وعمل فيه بما يرضي الإله, فقد فاز فوزا عظيما، ومن فرط فيه وضيعهُ فقد خسر خسراناً مبيناً..

وأمّا جواب القسم، فبقية السورة الكريمة، والذي بدأ بإنّ: (إنّ الانسانَ لفي خُسر)، وإنّ أداةُ توكيد، (إنّ الانسان) كلُّ انسان، (لفي خسر) أي غارقٌ في الخسارة من كل وجه.. والمعنى: أنّ كلَّ الناسِ حتماً سيخسرون خُسراناً عظيماً، إلا من استثناه الله في بقية الآيات.. فخسارة الجميع متحتمة، لكن خسارة كل انسانٍ على قدر معصيته، فكلما كبرت المعصية كبرت الخسارة.. تأمل: قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء:119]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام:31]، وقال جل وعلا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج:11]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُون ﴾ [المؤمنون:103]، وقال تعالى: ﴿ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُون ﴾ [الجاثية:27].. فالكافر خاسر، والمنافق خاسر، وصاحب الكبيرة خاسر، والمبتدع في دين الله خاسر، والمرابي خاسر، وسافك الدم المعصوم خاسر، وهاتك العرض خاسر، وآكل المال الحرام خاسر، والمغتاب خاسر، والنمام خاسر، ومن شهد كذباً وزورا فهو خاسر، ومن حلف كاذباً فهو خاسر.. ومن قصر في جنب الله فهو خاسر، ومن فرط في أوقاته فهو خاسر، وهكذا فكلٌ سيخسر بقدر معصيته وتفريطه.. ولن ينجو أحدٌ من الخسارة إلا من حقق أربعة متطلبات: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر:3]..

المطلوب الأول: هو الإيمان.. والإيمان قول باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالجوارح والأركان، يزيدُ بالطاعات وينقص بالعصيان.. الإيمان نورٌ يغمر القلب، فيظهر أثره في القول والعمل، والسلوك والخلق.. قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [الزمر:22].. والإيمان الحق: هو الذي يغمر القلب بمحبة الله ورجائه وخشيته، والذين آمنوا حق الإيمان.. هم من امتلأت قلوبُهم يقينًا بلقاء ربهم، وتصديقاً بوعده ووعيده، فلا تزعزعهم الشبهات، ولا تجرفهم الشهوات، يعرفون ربهم بأسمائه وصفاته، ويقدرونه حق قدره، ويؤمنون بملائكة الله وكتبه ورسله، وباليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره.. والقرآن والسنة مليئانِ بالحديث عن الإيمان؛ وعن أعماله، وأسباب حصوله ووسائل زيادته، وعوامل نقصانه، وعن ثمراته وآثاره، وعن ثوابه وجزاء أهله في الدنيا والآخرة؛ وعن كل ما يتعلق به، يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال:2].. وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)..


وثاني متطلبات السورة: (وعملوا الصالحات): هذا هو البرهان ودليل صدق الإيمان، فالإيمان القلبي لوحده لا يكفي، بل لا بد من عملٍ يثبت صدقه.. والعملُ الصالح هو ما وافق الشرعَ، وأُريد به وجهُ الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة ﴾ [البينة:5].. الصلاة نور، والصدقة برهان، والوضوء شطر الإيمان.. فصلاةٌ بخشوع، وصيامٌ بإخلاص، وبرٌّ بالوالدين، وصلة للأرحام، وإحسانٌ إلى الفقراء، وقضاء لحوائج الناس، كلُّها أعمالٌ صالحةٌ.. وكل عمل يُرضي الرحمن، وينفع عباده فهو من الأعمال الصالحة، في الحديث الحسن: قال صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخله على مسلم".. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [البقرة:277]..
أقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

معاشر المؤمنين الكرام: لئن كان الإيمانُ حقٌ، والعملُ الصالحُ حقٌ، فإن من مقتضى الإيمان، أن تحبّ لغيرك ما تحب لنفسك، وإن من أجلِّ الأعمال الصالحة، أن تدل غيرك على الخير وترغبهم فيه، وأن تنهاهم عن الشر وتحذرهم منه.. في الحديث المتفق عليه، قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.".. ولا شك أن الخير لن يُعرَفَ وينتشر، والمنكرَ لن يُهجر ويندثر، إلا بالنصح والتواصي، قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ﴾ [المائدة:2]، وهذا هو المطلوب الثالث: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾، تواصوا وكونوا مشاعلَ هدى، ودعاةَ صلاحٍ وإصلاح.. والتواصي بالحق أن ترى أخاك على خطأ، فتأخذ بيده بلطف، وتذكره بود، وتدلّه على الخير بحكمة وتعظه بالتي هي أحسن.. و"من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله"، ومن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا خيرَ في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قومٍ لا يحبون النصح.".. وفي الحديث المتفق عليه: قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) متفق عليه.. أيها الكرام المباركون: كثيرٌ منا يعرفون الحق لكنهم يسكتون.. وكثيرٌ من يرونَ الخطأ فيتغافلون.. كيف والتواصي بالحق هو صمامُ أمان المجتمعات، ودرعُها الواقي من سيل الشبه والشهوات.. ودليلُ صلاحها وخيريتها، تأمل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران:110]، وما فسدت أمةٌ إلا حين علا صوت الهوى على صوت الهدى.. وكل ذلك خوفاً من التعرض للإحراج والأذى.. وما من خيرٍ يُنال، ولا درجة تُرتقى، إلا بصبرٍ وجلد. وهذا هو المطلوب الرابع: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".. وتأمل ما قاله لقمان لابنه ناصحاً: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [لقمان:17].. اصبر على ما أصابك، فقبول الحق ثقيل، ومواجهة الباطل شاقة.. أصبر وتحمل.. فمن صبر ظفر وأُجر، ومن ثبت نبت، قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:155].. ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب ﴾ [الزمر:10]، فيا لله! ما أعظم الجزاء، وما أكرم العطاء.. وفي الحديث الصحيح: "وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر".. فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران:200].. "اصبروا" على الطاعات، "وصابروا" في مواجهة الشدائد والملمات، "ورابطوا" على الثغور ودافعوا المنكرات، لعلكم تسلمون من الخسران والهلكات، قال ابن القيم رحمه الله: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له."..

ألا فتدبروا أيها المسلمون هذه السورة العظيمة، فما أغزر ما تحويه من معانٍ ودلالات، وما أحوجنا إلى العمل بما تضمنته من أوامر وتوجيهات، وما أحرانا أن نحقق تلك المطلوبات: إيمانٌ صادق، وأعمالٌ صالحة، ودعوةٌ للحق، وصبرٌ وثباتٌ ومصابرة.. فنسلم بفضل الله من الهلاك والخسران، ونفوز بإذن الله بالجِنان والرضوان.. وليسأل كل منا نفسه: أين أنا من هذا الميزان الرباني.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً ﴾ [الكهف:107]..

فيا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد....



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.75 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]