الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 156 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5115 - عددالزوار : 2393062 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4703 - عددالزوار : 1698518 )           »          تنبيه وتحذير من عصابات الدجل أو الابتزاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          فرص وكنوز ليالي الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          الصدقة على النفس كل يوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          خطورة الغش وأهم صوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 424 - عددالزوار : 20021 )           »          عولمة الرذيلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          القدوة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-12-2025, 07:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 409 الى صــ 420
الحلقة(1)



[ ص: 409 ] باب الترغيب في تعلم الناسخ والمنسوخ.

1 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن جعفر بن أبي داود الأنباري ، بالأنبار، قال: حدثنا يحيى بن جعفر ، قال: حدثنا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، قال: دخل [ ص: 410 ] علي بن أبي طالب رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يذكر الناس، فقال: ليس برجل يذكر الناس ولكنه يقول: أنا فلان ابن فلان فاعرفوني، فأرسل إليه أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا قال: فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه.

2 - قال: أبو جعفر ، وحدثنا محمد بن جعفر ، قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى ، قال: حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: انتهى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رجل يقص فقال: "أعلمت الناسخ من المنسوخ؟" قال: لا قال: "هلكت وأهلكت".

[ ص: 411 ]

3 - أبو جعفر قال: وحدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا ابن ديسم ، قال: حدثنا سليمان ، قال: حدثنا شعبة ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: مر علي بن أبي طالب رضي الله عنه برجل يقص فقال "أعرفت الناسخ والمنسوخ؟" قال: لا قال: "هلكت وأهلكت".
4 - قال: أبو جعفر ، وحدثنا بكر بن سهل ، قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قول الله تعالى: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا قال: "المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحرامه وحلاله وأمثاله" [ ص: 412 ] [ ص: 413 ] [ ص: 414 ]

5 - قال: أبو جعفر ، حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى ، قال: أخبرنا أبو نعيم ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال: مر ابن عباس بقاص يقص فركله برجله وقال: " أتدري ما الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا قال: "هلكت وأهلكت".

[ ص: 415 ]

6 - قال: أبو جعفر ، وحدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا ابن ديسم ، عن موسى ، عن أبي هلال الراسبي ، قال: سمعت محمدا ، وحدثت عنه، قال: قال حذيفة: " إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم منسوخ القرآن وذلك عمر ، ورجل قاض لا يجد من القضاء بدا، ورجل متكلف فلست بالرجلين الماضيين وأكره أن أكون الثالث ".

[ ص: 416 ]

7 - قال: أبو جعفر ، وحدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا ابن ديسم ، عن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء ، عن أبي البختري ، أن عليا ، عليه السلام دخل مسجد الكوفة فرأى قاصا يقص فقال: "ما هذا؟" فقالوا: رجل محدث، قال: " إن هذا يقول: اعرفوني سلوه هل يعرف الناسخ من المنسوخ؟ " فسألوه فقال: لا، فقال: "لا تحدث".
باب اختلاف العلماء في الذي ينسخ القرآن والسنة.

للعلماء في هذا خمسة أقوال:

فمنهم من يقول: ينسخ القرآن القرآن والسنة وهذا قول الكوفيين.

[ ص: 417 ] ومنهم من يقول: ينسخ القرآن القرآن، ولا يجوز أن تنسخه السنة وهذا قول الشافعي في جماعة معه وقال قوم: ينسخ السنة القرآن والسنة.

[ ص: 418 ] وقال قوم: تنسخ السنة السنة ولا [ ص: 419 ] ينسخها القرآن والقول الخامس: قاله محمد بن شجاع قال: الأقوال قد تقابلت فلا أحكم على أحدها بالآخر قال أبو جعفر: وحجة أصحاب القول الأول في أن القرآن ينسخ بالقرآن والسنة قول الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية.

[ ص: 420 ] وقد أجمع الجميع على أن القرآن إذا نزل بلفظ مجمل ففسره رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه كان بمنزلة القرآن المتلو فكذا سبيل النسخ واحتجوا بآيات من القرآن تأولوها على نسخ القرآن بالسنة ستمر في السور إن شاء الله عز وجل واحتج من قال: لا ينسخ القرآن إلا قرآن بقوله تعالى: نأت بخير منها أو مثلها ، وبقوله تعالى: قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي وأصحاب القول الأول يقولون: لم ينسخه من قبل نفسه ولكنه بوحي غير القرآن وهكذا سبيل الأحكام إنما تكون من قبل الله تعالى.

8 - وقد روى الضحاك ، عن ابن عباس ، نأت بخير منها "نجعل مكانها أنفع لكم منها وأخف عليكم أو مثلها في المنفعة أو ننسها يقول: أو نتركها كما هي فلا ننسخها".





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-12-2025, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 421 الى صــ 440
الحلقة(2)



واحتج أصحاب القول الثالث في أن السنة لا ينسخها إلا سنة بأن السنة هي المبينة للقرآن فلا ينسخها، والحجة عليهم أن القرآن هو المبين نبوة رسول [ ص: 421 ] الله صلى الله عليه وسلم والآمر بطاعته فكيف لا ينسخ قوله؟ وفي هذا أشياء قاطعة قال الله عز وجل فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار فنسخ بهذا ما فارق النبي صلى الله عليه وسلم المشركين.

9 - قال أبو جعفر: ومن هذا أن بكر بن سهل حدثنا قال: حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال: أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن اليهود، جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن رجلا منا وامرأة زنيا فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟" قالوا: نجلدهم ويفضحون فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها للرجم فذهبوا فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل رجل منهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفعها فإذا فيها آية الرجم قالوا: صدق يا محمد، إن فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما قال عبد الله بن عمر: فرأيته يجنئ على المرأة يقيها الحجارة.

[ ص: 422 ] حكى أهل اللغة أنه يقال: جنأ فلان على فلان إذا أكب عليه ومنه الحديث:

[ ص: 423 ] 10 - أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه جنأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وقبل بين عينيه وقال: "طبت حيا وميتا".

قال أبو جعفر: وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا من قبل أن ينزل عليه في الزناة شيء ثم نسخ الله جل وعز فعله هذا بقوله تعالى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم وما بعده.

باب أصل النسخ واشتقاقه.

" اشتقاق النسخ من شيئين:

أحدهما: أنه يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته وحلت محله، ونظير هذا فينسخ الله ما يلقي الشيطان والآخر من نسخت الكتاب إذا نقلته من نسخة، وعلى هذا الناسخ والمنسوخ.
وأصله أن يكون الشيء حلالا إلى مدة ثم ينسخ فيجعل حراما أو يكون حراما فيجعل حلالا أو يكون محظورا فيجعل مباحا أو مباحا فيجعل محظورا، يكون هذا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والإباحة والمنع.

باب النسخ على كم يكون من ضرب.

أكثر النسخ في كتاب الله جل وعز على ما تقدم في الباب الذي قبل هذا أن يزال الحكم بنقل العباد عنه مشتق من نسخت الكتاب ويبقى المنسوخ متلوا.

قال أبو جعفر:

11 - كما حدثنا محمد بن جعفر الأنباري ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، قال: حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ما ننسخ من آية قال: "نزيل حكمها ونثبت خطها".

[ ص: 429 ] ونسخ ثان قال أبو جعفر:

12 - كما حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا ابن ديسم ، قال: حدثنا أبو عمرو الدوري ، عن الكسائي ، وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته قال: " في تلاوته فينسخ الله ما يلقي الشيطان قال: يزيله فلا يتلى ولا يثبت في المصحف" قال أبو جعفر: " وهذا مشتق من نسخت الشمس الظل، وقد زعم أبو عبيد أن هذا النسخ الثاني قد كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم السورة فترفع فلا تتلى ولا تكتب واحتج أبو عبيد بأحاديث صحيحة [ ص: 430 ] السند وخولف أبو عبيد فيما قال، والذين خالفوه على قولين.

منهم من قال: لا يجوز ما قال ولا يسلب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن بعدما نزل عليه واحتجوا بقوله جل وعز ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك [ ص: 431 ] [ ص: 432 ] والقول الآخر أن أبا عبيد قد جاء بأحاديث إلا أنه قد غلط في تأويلها لأن تأويلها على النسيان لا على النسخ.

وقد تأول مجاهد ، وقتادة أو ننسها على هذا من النسيان وهو معنى قول سعد بن أبي وقاص وفيه قولان آخران:

[ ص: 433 ] 13 - أحدهما: عن ابن عباس قال ما ننسخ من آية "نرفع حكمها" أو ننسها نتركها فلا ننسخها، وقيل ننسها نبيح لكم تركها.

[ ص: 434 ] وعلى قراءة البصريين (ننسأها) أحسن ما قيل في معناه أو نتركها ونؤخرها فلا ننسخها ونسخ ثالث، وهو من نسخت الكتاب لم يذكر أبو عبيد إلا هذه الثلاثة.

وذكر غيره رابعا فقال: تنزل الآية وتتلى في القرآن ثم تنسخ فلا تتلى [ ص: 435 ] في القرآن ولا تثبت في الخط ويكون حكمها ثابتا.

14 - كما روى الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، قال: خطبنا عمر بن [ ص: 436 ] الخطاب رضي الله عنه قال: "كنا نقرأ الشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة".

[ ص: 437 ] [ ص: 438 ] قال أبو جعفر: وإسناد الحديث صحيح إلا أنه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة ولكنه سنة ثابتة وقد يقول الإنسان: كنت أقرأ كذا لغير القرآن والدليل على هذا أنه قال: [ ص: 439 ] 15 - ولولا أني أكره أن يقال: زاد عمر في القرآن لزدتها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-12-2025, 08:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 441 الى صــ 450
الحلقة(3)




باب الفرق بين النسخ والبداء.

الفرق بين النسخ والبداء أن النسخ تحويل العباد من شيء قد كان حلالا فيحرم أو كان حراما فيحلل أو كان مطلقا فيحظر أو كان محظورا فيطلق أو كان مباحا فيمنع أو ممنوعا فيباح إرادة الصلاح للعباد وقد علم الله جل وعز العاقبة في ذلك وعلم وقت الأمر به أنه سينسخه إلى ذلك الوقت فكان المطلق على الحقيقة غير المحظور فالصلاة كانت إلى بيت المقدس إلى وقت بعينه ثم حظرت فصيرت إلى الكعبة وكذا قوله جل وعز إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة قد [ ص: 442 ] علم الله جل وعز أنه إلى وقت بعينه ثم نسخه في ذلك الوقت وكذا تحريم السبت كان في وقت بعينه على قوم ثم نسخ وأمر قوم آخرون بإباحة العمل فيه، وكان الأول المنسوخ حكمة وصوابا ثم نسخ وأزيل بحكمة وصواب كما تزال الحياة بالموت وكما تنقل الأشياء فلذلك لم يقع النسخ في الأخبار لما فيها من الصدق والكذب؟.

وأما البداء فهو ترك ما عزم عليه كقولك: امض إلى فلان اليوم ثم تقول: لا تمض إليه فيبدو لك عن القول الأول وهذا يلحق البشر لنقصانهم وكذا إن قلت: ازرع كذا في هذه السنة ثم قلت: لا تفعل، فهذا البداء فإن قلت: يا فلان ازرع فقد علم أنك تريد مرة واحدة، وكذا النسخ إذا أمر الله جل وعز بشيء في وقت نبي أو في وقت يتوقع فيه.

نبي فقد علم أنه حكمة وصواب إلى أن ينسخ وقد نقل من الجماعة من لا يجوز عليهم الغلط نسخ شرائع الأنبياء من لدن آدم صلى الله عليه وسلم إلى وقت نبينا صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا علامات الأنبياء وقد غلط جماعة في الفرق بين النسخ والبداء كما غلطوا في تأويل [ ص: 443 ] أحاديث حملوها على النسخ أو على غير معناها.

باب ذكر بعض هذه الأحاديث.

16 - قال أبو جعفر: فمن ذلك: ما حدثنا بكر بن سهل ، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال: أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة قالت: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات فنسخن خمسا معلومات يحرمن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن".

[ ص: 444 ] فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث، ولم يروه عن عبد الله سواه وقال: رضعة واحدة تحرم وأخذ بظاهر القرآن قال الله جل وعز وأخواتكم من الرضاعة .

وممن تركه أحمد بن محمد بن حنبل ، وأبو ثور وقالا: "يحرم ثلاث رضعات" ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

17 - "لا تحرم المصة ولا المصتان".

[ ص: 445 ] [ ص: 446 ] قال أبو جعفر وفي الحديث لفظة شديدة الإشكال وهي قولها: "فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن" فقال بعض جلة أصحاب الحديث: قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر فلم يذكرا هذا فيه وهما القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ويحيى بن سعيد الأنصاري.

[ ص: 447 ] وممن قال بهذا الحديث، وأنه لا يحرم إلا خمس رضعات الشافعي ، فأما القول في تأويل "وهن مما يقرأ من القرآن" فقد ذكرنا رد من رده ومن صححه قال: الذي يقرأ من القرآن وأخواتكم من الرضاعة .

[ ص: 448 ] فأما قول من قال: إن هذا كان يقرأ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظيم؛ لأنه لو كان مما يقرأ لكانت عائشة رحمها الله قد نبهت عليه ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الذين لا يجوز عليهم الغلط وقد قال الله جل وعز إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وقال جل وعز إن علينا جمعه وقرآنه ولو كان بقي منه شيء لم ينقل إلينا لجاز أن يكون مما لم ينقل ناسخا لما نقل فيبطل العمل بما نقل ونعوذ بالله من هذا فإنه كفر ومما يشكل من هذا.

ما رواه الليث بن سعد ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال:
18 - قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والنجم إذا هوى فلما بلغ أفرأيتم اللات والعزى قال: "فإن شفاعتهن ترتجى" فسها فلقيه المشركون والذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا فقال لهم: "إنما ذلك [ ص: 449 ] من الشيطان" فأنزل الله جل وعز وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان الآية".

19 - وقال قتادة: قرأ "فإن شفاعتهن ترتجى وإنهن لهن الغرانيق العلا".

قال أبو جعفر: الحديثان منقطعان والكلام على التأويل فيهما قريب:

[ ص: 450 ] فقال قوم: هذا على التوبيخ أي تتوهمون هذا وعندكم أن شفاعتهن ترتجى، ومثله وتلك نعمة تمنها علي وقيل: شفاعتهن ترتجى على قولكم، ومثله فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي ومثله أين شركائي أي على قولكم وقيل: المعنى والغرانيق العلا يعني الملائكة ترتجى شفاعتهم فسها، يدلك على هذا الجواب.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-12-2025, 08:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 451 الى صــ 460
الحلقة(4)



[ ص: 451 ] وقيل: إنما قال جل وعز ألقى الشيطان في أمنيته ولم يقل: إنه قال كذا فيجوز أن يكون شيطان من الجن ألقى هذا أو من الإنس ومما يشكل من هذا الحديث في أن قوله جل وعز وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله .

نسخه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
.

[ ص: 452 ] وهذا لا يجوز أن يقع فيه نسخ؛ لأنه خبر ولكن التأويل في الحديث؛ لأن فيه لما أنزل الله جل وعز وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله اشتد عليهم ووقع بقلوبهم منه شيء عظيم فنسخ ذلك: [ ص: 453 ] لا يكلف الله نفسا إلا وسعها أي نسخ ما وقع بقلوبهم أي أزاله ورفعه ومن هذا المشكل قوله جل وعز والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب .

ثم نسخه ومن يقتل مؤمنا متعمدا وهذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ؛ لأنه خبر ولكن تأويله إن صح نزل بنسخته والآيتان واحد يدلك على ذلك وإني لغفار لمن تاب وآمن .

ومن هذا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته .

20 - قال عبد الله بن مسعود: نسخها فاتقوا الله ما استطعتم
[ ص: 454 ] أي نزل بنسخها وهما واحد والدليل على ذلك.

21 - قول ابن مسعود: حق تقاته : أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى قال أبو جعفر: فهذا لا يجوز أن ينسخ؛ لأن الناسخ هو المخالف للمنسوخ من جميع جهاته الرافع له المزيل حكمه، وهذه الأشياء تشرح بأكثر من هذا في مواضعها من السور إن شاء الله.

باب السور التي فيها الناسخ والمنسوخ.

فأول ذلك السورة التي تذكر فيها البقرة.


[ ص: 455 ] 22 - قال أبو جعفر: ، حدثنا بكر بن سهل ، قال: حدثنا أبو صالح ، قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: "فكان أول ما نسخ الله جل وعز من القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله جل وعز أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود بذلك فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم صلى الله عليه وسلم فكان يدعو الله جل وعز وينظر إلى السماء فأنزل الله جل وعز قد نرى تقلب وجهك في السماء إلى قوله جل وعز فولوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله جل وعز قل لله المشرق والمغرب وقال فأينما تولوا فثم وجه الله وقال الله جل وعز وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه " [ ص: 456 ] قال ابن عباس: ليتميز أهل اليقين من أهل الشك والريبة".

[ ص: 457 ] قال أبو جعفر: فهذا يسهل في حفظ نسخ هذه الآية ونذكر ما فيها من الإطالة كما شرطنا.

23 - فمن ذلك ما قرئ على أحمد بن عمرو ، عن محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما هاجر ستة عشر شهرا".

24 - قال أبو جعفر: ، وحدثنا جعفر بن مجاشع ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، قال: حدثنا ابن نمير ، قال: حدثنا يحيى بن حماد ، قال: حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرف إلى الكعبة".

[ ص: 458 ] 25 - قال أبو جعفر: وفي حديث البراء "صلى ستة عشر أو سبعة عشر شهرا".

[ ص: 459 ] 26 - وروى الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، قال: "صرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في جمادى" وقال ابن إسحاق: "في رجب" وقال.

الواقدي: "في النصف من شعبان"
قال أبو جعفر: وأولاها بالصواب القول الأول؛ لأن الذي قال به أجل، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول فإذا صرف في آخر جمادى الآخرة إلى الكعبة صار ذلك ستة عشر شهرا كما قال ابن عباس وأيضا فإذا صلى إلى الكعبة في جمادى فقد صلى إليها فيما بعدها فعلى قول ابن عباس إن الله جل وعز كان أمره بالصلاة إلى بيت المقدس ثم نسخه.

[ ص: 460 ] وقال غيره: بل نسخ فعله ولم يكن أمره بالصلاة إلى بيت المقدس ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع آثار الأنبياء قبله حتى يؤمر بنسخ ذلك.

وقال قوم: بل نسخ الله جل وعز قوله فأينما تولوا فثم وجه الله بالأمر بالصلاة إلى الكعبة.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب الأول وهو صحيح عن ابن عباس والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس وإنما أخذ التفسير عن مجاهد ، وعكرمة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-12-2025, 08:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 461 الى صــ 473
الحلقة(5)






وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق.

27 - وحدثني أحمد بن محمد الأزدي ، قال: سمعت علي بن الحسين ، يقول: سمعت الحسين بن عبد الرحمن بن فهم ، يقول: سمعت أحمد بن حنبل ، يقول بمصر: "كتاب التأويل عن معاوية بن صالح لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف به ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلا".

[ ص: 463 ] فأما أن تكون الآية ناسخة لقول الله جل وعز فأينما تولوا فثم وجه الله فبعيد؛ لأنها تحتمل أشياء سنبينها في ذكر الآية الثانية.
باب ذكر الآية الثانية من هذه السورة.

قال الله جل وعز : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم فللعلماء في هذه الآية ستة أقوال: قال قتادة: "هي منسوخة" ، وذهب إلى أن المعنى صلوا كيف شئتم فإن المشرق والمغرب لله فحيث استقبلتم فثم وجه الله جل وعز لا يخلو منه مكان كما قال جل وعز ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الآية.

[ ص: 464 ] 28 - وقال ابن زيد: "كانوا أبيحوا أن يصلوا إلى أي قبلة شاءوا؛ لأن المشارق والمغارب لله جل وعز" فأنزل الله جل وعز فأينما تولوا فثم وجه الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هؤلاء يهود قد استقبلوا بيتا من بيوت الله تبارك وتعالى" يعني بيت المقدس فصلوا إليه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليه بضعة عشر شهرا فقالت اليهود: ما اهتدى لقبلته حتى هديناه فكره النبي صلى الله عليه وسلم قولهم ورفع طرفه إلى السماء فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء .

قال أبو جعفر: فهذا قول.

29 - وقال مجاهد ، والضحاك في قوله جل وعز فأينما تولوا فثم وجه الله معناه أينما تولوا من مشرق أو مغرب فثم وجه الله التي أمر بها وهي استقبال الكعبة فجعلوا الآية [ ص: 465 ] ناسخة، وجعل قتادة ، وابن زيد الآية منسوخة.

30 - وقال إبراهيم النخعي: "من صلى في سفر في مطر وظلمة شديدة إلى غير القبلة ولم يعلم فلا إعادة عليه فأينما تولوا فثم وجه الله " والقول الرابع أن قوما قالوا: لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي صلى عليه وكان يصلي إلى غير قبلتنا فأنزل الله جل وعز ولله المشرق والمغرب .

[ ص: 466 ] والقول الخامس أن المعنى ادعوا كيف شئتم مستقبلي القبلة وغير مستقبليها فأينما تولوا فثم وجه الله يستجب لكم

والقول السادس من أجلها قولا وهو أن المصلي في السفر على راحلته النوافل جائز له أن يصلي إلى القبلة وإلى غير القبلة.

قال أبو جعفر: وهذا القول عليه فقهاء الأمصار ويدلك على صحته أنه:

[ ص: 467 ] 31 - قرئ على أحمد بن شعيب ، عن محمد بن المثنى ، وعمرو بن علي ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الملك ، قال: حدثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على دابته وفي ذلك أنزل الله فأينما تولوا فثم وجه الله ".

32 - قال: وأخبرنا قتيبة ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به".

[ ص: 468 ] قال أبو جعفر: والصواب أن يقال: ليست الآية ناسخة ولا منسوخة لأن العلماء قد تنازعوا القول فيها وهي محتملة لغير النسخ وما كان محتملا لغير النسخ لم يقل فيه ناسخ ولا منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها فأما ما كان يحتمل المجمل والمفسر والعموم والخصوص فعن النسخ بمعزل ولا سيما مع هذا الاختلاف.

وقد اختلفوا أيضا في الآية الثالثة.

[ ص: 469 ] باب ذكر الآية الثالثة من هذه السورة.

قال الله جل وعز : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين .

قال أبو جعفر: أما ما ذكر في الحديث:

33 - "والصلاة الوسطى وصلاة العصر" فيقال: إن هذا نسخ أي: رفع، [ ص: 470 ] ويقال: إن هذه قراءة على التفسير أي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر. [ ص: 471 ] فأما وقوموا لله قانتين فمن الناس من يقول: القنوت القيام.

ومنهم من يقول بحديث عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

34 - "كل قنوت في القرآن فهو طاعة".

[ ص: 472 ] وقال قوم: وقوموا لله قانتين ناسخ للكلام في الصلاة.

قال أبو جعفر: وهذا أحسن ما قيل.

35 - كما قرئ على أحمد بن شعيب ، عن سويد بن نصر ، عن عبد الله بن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحارث بن شبيل ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن زيد بن أرقم ، قال: "كنا نتكلم في الصلاة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم أحدنا بحاجته حتى نزلت وقوموا لله قانتين فنهينا حينئذ عن الكلام ".

قال أبو جعفر: وهذا إسناد صحيح وهو موافق للقول الأول إن القنوت الطاعة أي: وقوموا لله مطيعين فيما أمركم به من ترك الكلام في الصلاة فصح أن الآية ناسخة للكلام في الصلاة.

[ ص: 473 ] قال أبو جعفر: فهذا ما في هذه السورة من الناسخ والمنسوخ من أمر الصلاة وهي ثلاث آيات، والآية الرابعة في القصاص.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-12-2025, 08:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 474 الى صــ 480
الحلقة(6)







باب ذكر الآية الرابعة.

يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم في هذه الآية موضعان أحدهما الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فيه خمسة أقوال منها:

36 - ما حدثناه عليل بن أحمد ، قال: حدثنا محمد بن هشام السدوسي ، قال: حدثنا عاصم بن سليمان ، قال: حدثنا جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس: [ ص: 474 ] الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال: " نسختها وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ".

37 - وروى ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: "كان الرجل لا يقتل بالمرأة ولكن يقتل الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة فنزلت أن النفس بالنفس .

قال أبو جعفر: فهذا قول.

[ ص: 475 ] 38 - وقال الشعبي: نزلت في قوم تقاتلوا فقتل بينهم خلق فنزل هذا لأنهم قالوا: لا نقتل بالعبد منا إلا الحر ولا بالأنثى إلا الذكر.

39 - وقال السدي: نزلت في فريقين وقعت بينهم قتلى فأمر النبي صلى [ ص: 476 ] الله عليه وسلم أن يقاص بينهم ديات النساء بديات النساء وديات الرجال بديات الرجال.

والقول الرابع قول الحسن البصري ، رواه عنه قتادة، وعوف، وزعم أنه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:

40 - هذا على التراجع، إذا قتل رجل امرأة كان أولياء المرأة بالخيار إن شاءوا قتلوا الرجل وأدوا نصف الدية وإن شاءوا أخذوا نصف الدية فإذا قتلت امرأة رجلا فإن شاء أولياء الرجل قتلوا المرأة وأخذوا نصف الدية وإن شاءوا أخذوا الدية كاملة، وإذا قتل رجل عبدا فإن شاء مولى العبد أن يقتل الرجل ويؤدي بقية الدية بعد ثمن العبد، وإذا قتل عبد رجلا فإن شاء أولياء الرجل أن يقتلوا العبد ويأخذوا بقية الدية وإن شاءوا أخذوا الدية.

والقول الخامس: إن الآية معمول بها يقتل الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى بهذه الآية ويقتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، والحر [ ص: 477 ] بالعبد، والعبد بالحر لقوله جل وعز ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نقله الجماعة: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" وهو صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

41 - كما قرئ على أحمد بن شعيب ، عن محمد بن المثنى ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن قيس بن عباد ، قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلنا: هل عهد إليك نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس؟ قال: لا إلا ما في كتابي هذا، فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه "المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم، لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده، من أحدث حدثا فعلى نفسه ومن آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

[ ص: 478 ] قال أبو جعفر: فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين في الدماء شريفهم ووضيعهم وحرهم وعبدهم وهذا قول الكوفيين في العبد خاصة فأما في الذكر والأنثى فلا اختلاف بينهم إلا ما ذكرناه من التراجع والموضع الآخر قوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف الآية قيل: هي ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل من القصاص بغير دية.

42 - كما حدثنا أحمد بن محمد بن نافع ، قال: حدثنا سلمة ، قال: حدثنا عبد [ ص: 479 ] الرزاق ، قال: أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال: " كان القصاص في بني إسرائيل ولم تكن الدية فقال الله جل وعز لهذه الأمة فمن عفي له من أخيه شيء قال: والعفو أن تقبل الدية في العمد، فاتباع بالمعروف من الطالب ويؤدي إليه المطلوب بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة عما كتب على من كان قبلكم " قال أبو جعفر: يكون التقدير فمن صفح له عن الواجب عليه من الدم فأخذت منه الدية، وقيل: عفي بمعنى كثر من قوله جل وعز حتى عفوا .

[ ص: 480 ] وقيل: كتب بمعنى فرض على التمثيل، وقيل: كتب عليكم في اللوح المحفوظ وكذا كتب في آية الوصية وهي الآية الخامسة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18-12-2025, 08:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 481 الى صــ 487
الحلقة(7)




باب ذكر الآية الخامسة.

قال الله جل وعز كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين في هذه الآية خمسة أقوال: فمن قال: إن القرآن يجوز أن ينسخ بالسنة، قال: نسخها:

43 - "لا وصية لوارث".

[ ص: 481 ] ومن قال من الفقهاء: لا يجوز أن ينسخ القرآن إلا قرآن قال: نسختها الفرائض.

[ ص: 482 ] 44 - كما حدثنا علي بن الحسين ، عن الحسن بن محمد ، قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قوله جل وعز الوصية للوالدين والأقربين .

قال: " كان ولد الرجل يرثونه وللوالدين والأقربين الوصية فنسخها للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ".

[ ص: 483 ] 45 - وقال مجاهد: " نسختها يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين الآية.

والقول الثالث قاله الحسن قال:

46 - "نسخت الوصية للوالدين وثبتت للأقربين الذين لا يرثون" ، وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

47 - وقال الشعبي ، والنخعي: "الوصية للوالدين والأقربين على الندب لا على الحتم".

[ ص: 484 ] والقول الخامس: إن الوصية للوالدين والأقربين واجبة بنص القرآن إذا كانوا لا يرثون.

قال أبو جعفر: وهذا قول الضحاك ، وطاوس.

48 - قال طاوس: "من أوصى لأجنبيين وله أقرباء انتزعت الوصية فردت إلى الأقرباء".

49 - وقال الضحاك: "من مات وله شيء ولم يوص لأقربائه فقد مات عن معصية لله جل وعز".

50 - وقال الحسن: "إذا أوصى رجل لقوم غرباء بثلثه وله أقرباء أعطي الغرباء ثلث الثلث ورد الباقي على الأقرباء".

[ ص: 485 ] قال أبو جعفر: فتنازع العلماء معنى هذه الآية وهي متلوة فالواجب أن لا يقال: إنها منسوخة؛ لأن حكمها ليس بناف حكم ما فرضه الله جل وعز من الفرائض فوجب أن يكون كتب عليكم إذا حضر أحدكم الآية.

كقوله كتب عليكم الصيام .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-12-2025, 08:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 488 الى صــ 503
الحلقة(8)



باب ذكر قوله جل وعز كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .

وهي الآية السادسة.

[ ص: 488 ] قال أبو جعفر: في هذه الآية خمسة أقوال:


51 - قال جابر بن سمرة: "هي ناسخة لصوم يوم عاشوراء" ، يذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم يوم عاشوراء فلما فرض صيام شهر رمضان نسخ ذلك فمن شاء صام يوم عاشوراء ومن شاء أفطره.

وإن كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي قتادة:

52 - "صوم يوم عاشوراء يكفر سنة مستقبلة".

[ ص: 489 ] 53 - وقال عطاء: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "كتب عليكم صيام ثلاثة أيام من كل شهر".

قال أبو جعفر: فهذان قولان على أن الآية ناسخة.

[ ص: 490 ] 54 - وقال أبو العالية ، والسدي: هي منسوخة؛ لأن الله جل وعز كتب على من قبلنا إذا نام بعد المغرب لم يأكل ولم يقرب النساء، ثم كتب ذلك علينا فقال جل ثناؤه كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ثم نسخه بقوله جل وعز أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم وبما بعده.

والقول الرابع: إن الله جل وعز كتب علينا الصيام شهرا كما كتب على الذين من قبلنا وأن نفعل كما كانوا يفعلون من ترك الوطء والأكل بعد النوم ثم أباح الوطء والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر.

[ ص: 491 ] والقول الخامس: إنه كتب علينا الصيام وهو شهر رمضان كما كتب صوم شهر رمضان على من قبلنا.

55 - قال مجاهد: كتب الله جل وعز صوم شهر رمضان على كل أمة.

[ ص: 492 ] 56 - وقال قتادة: كتب الله جل وعز صوم شهر رمضان على من قبلنا وهم النصارى.

قال أبو جعفر: وهذا أشبه بما في الآية، وفيه حديث يدل على صحته قد مر قبل هذا غير مسند ثم كتبناه مسندا.

57 - عن محمد بن محمد بن عبد الله ، قال: حدثنا الليث بن الفرج ، قال: حدثنا معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، قال: حدثني أبي، عن قتادة ، عن الحسن ، عن دغفل بن حنظلة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان على النصارى صوم شهر فمرض رجل منهم فقالوا: لئن الله جل وعز شفاه لنزيدن عشرا، ثم كان ملك آخر فأكل لحما فأوجع فاه فقالوا: لئن الله جل وعز شفاه لنزيدن سبعا، ثم كان ملك آخر فقال: لنتمن هذه السبعة الأيام ونجعل صومنا في الربيع" قال: فصار خمسين ".

[ ص: 493 ] قال أبو جعفر: أما قول عطاء: إنها ناسخة لصوم ثلاثة أيام فغير معروف وقول من قال: إنه نسخ منها ترك الأكل والوطء بعد النوم لا يمتنع، وقد تكون الآية ينسخ منها الشيء كما قيل في الآية السابعة.

باب ذكر الآية السابعة.

قال جل وعز وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون .

قال أبو جعفر: في هذه الآية أقوال أصحها أنها منسوخة،
سياق الآية يدل على ذلك والنظر والتوقيف من رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

58 - كما قرئ على أحمد بن شعيب ، عن قتيبة بن سعيد ، قال: حدثنا بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن يزيد، مولى سلمة بن الأكوع ، عن سلمة بن الأكوع ، قال: " لما نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من شاء منا صام ومن شاء أن يفتدي فعل حتى نسختها الآية التي بعدها ".

[ ص: 495 ] 59 - قال أبو جعفر: ، حدثنا علي بن الحسين ، عن الحسن بن محمد ، قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قول الله تبارك وتعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال: " كان الرجل يصبح صائما أو المرأة في شهر رمضان ثم إن شاء أفطر وأطعم مسكينا فنسختها فمن شهد منكم الشهر فليصمه " قال أبو جعفر: فهذا قول.

60 - وقال السدي وعلى الذين يطيقونه كان الرجل يصوم من رمضان ثم يعرض له العطاش فأطلق له الفطر وكذلك الشيخ الكبير والمرضع يفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكينا فمن تطوع خيرا فأطعم مسكينين فهو خير له.

[ ص: 496 ] 61 - وقال الزهري فمن تطوع خيرا صام وأطعم مسكينا فهو خير له.

وقيل: المعنى الذين يطيقونه على جهد.

قال أبو جعفر: الصواب أن يقال: الآية منسوخة بقوله جل وعز فمن شهد منكم الشهر فليصمه ؛ لأن من لم يجعلها منسوخة جعله مجازا وقال المعنى: يطيقونه على جهد أو قال: كانوا يطيقونه فأضمر كان وهو مستغن عن هذا وقد اعترض قوم بقراءة من قرأ "يطوقونه" ، "ويطوقونه"، [ ص: 497 ] ولا يجوز لأحد أن يعترض بالشذوذ على ما نقله جماعة المسلمين في قراءتهم وفي مصاحفهم ظاهرا مكشوفا وما نقل على هذه الصورة فهو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله جل وعز ومحظور على المسلمين أن يعارضوا ما تثبت به الحجة أنه من عند الله بالظنون والأوهام والشذوذ، وما لا يوقف منه على حقيقة.

غير أن العلماء قد احتجوا بهذه الآية وإن كانت منسوخة؛ لأنها ثابتة في الخط وهذا لا يمتنع، فقد أجمع العلماء على أن قوله جل وعز واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم أنه منسوخ، [ ص: 498 ] وثبتوا منها شهادة أربعة في الزنا فكذا وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين .

وإن كانت منسوخة ففيها غير حجة وذلك أنه قد أجمع العلماء على أن المشايخ والعجائز الذين هم لا يطيقون الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة فلهم الإفطار، وقال ربيعة ، ومالك: لا شيء عليهم إذا أفطروا غير أن مالكا قال: لو أطعموا عن كل يوم مسكينا مدا كان أحب إلي، وقال أنس بن مالك ، وابن عباس ، وقيس بن السائب ، وأبو هريرة عليهم الفدية.

[ ص: 499 ] وهو قول الشافعي اتباعا منه لقول الصحابة وهذا أصل من أصوله، وحجة أخرى فيمن قال: عليهم الفدية: إن هذا ليس بمرض ولا هم مسافرون فوجبت عليهم الفدية لقول الله جل وعز وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين .

والحجة لمن قال: لا شيء عليهم أنه من أفطر ممن أبيح له الفطر فإنما عليه القضاء إذا وصل إليه وهؤلاء لا يصلون إلى القضاء، وأموال الناس محظورة إلا بحجة يجب التسليم لها ولم يأت ذلك ومما وقع فيه الاختلاف أيضا الحبلى والمرضع إذا خافتا على ولديهما [ ص: 500 ] فأفطرتا فمن الناس من يقول: عليهما القضاء بلا كفارة هذا قول الحسن ، وعطاء ، والضحاك ، وإبراهيم ، وهو قول أهل المدينة وقول ابن عمر ، ومجاهد عليهما القضاء والكفارة وهو قول الشافعي.

[ ص: 501 ] وقول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة عليهما الفدية ولا قضاء عليهما والحجة لمن قال عليهما القضاء بلا كفارة أن من أفطر وهو مأذون له في الفطر فإنما عليه يوم يصومه كاليوم الذي أفطره وحجة من قال: عليهما القضاء والكفارة أنهما أفطرتا من أجل غيرهما فعليهما القضاء لتكملا العدة وعليهما الكفارة لقول الله جل وعز وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين وحجة من قال: عليهما الفدية بغير قضاء الآية أيضا وليس في الآية قضاء فاحتج العلماء بالآية وإن كانت منسوخة وكان بعضهم يقول: ليست بمنسوخة، والصحيح أنها [ ص: 502 ] منسوخة والآية الثامنة ناسخة بإجماع.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-12-2025, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 504 الى صــ 511
الحلقة(9)



باب ذكر الآية الثامنة.

قال الله جل وعز أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية.

61 - قال أبو العالية، وعطاء: هي ناسخة لقوله جل وعز كما كتب على الذين من قبلكم .


[ ص: 504 ] وقال غيرهما: هي ناسخة لفعلهم الذي كانوا عليه.

62 - حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا جعفر بن مجاشع ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك ، قال: حدثنا زهير ، قال: حدثنا أبو إسحاق ، عن البراء "أن الرجل منهم كان إذا نام قبل أن يتعشى في رمضان لم يحل له أن يأكل ليلته ومن الغد حتى نزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .

نزلت في أبي قيس وهو ابن عمرو أتى أهله وهو صائم يعني بعد المغرب قال: هل عندكم من شيء؟ فقالت له امرأته: لا تنم حتى أخرج فألتمس لك شيئا فلما رجعت وجدته نائما.

[ ص: 505 ] فقالت: لك الخيبة، فبات وأصبح صائما إلى ارتفاع النهار فغشي عليه فنزلت وكلوا واشربوا الآية.


63 - وقال كعب بن مالك: وكان الناس في رمضان إذا نام أحدهم بعد المساء حرم عليه الطعام والشراب والنساء فسمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فأتى منزله فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت فقال: ما نمت فوقع عليها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن الآية.

[ ص: 506 ] فاتفقت الأقوال أنها ناسخة إما بفعلهم وإما بالآية فذلك غير متناقض.

[ ص: 507 ] وفي هذه الآية ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد .

64 - قال الضحاك: كانوا يجامعون وهم معتكفون في المساجد، فنزلت - [ ص: 508 ] يعني - هذه الآية.

65 - وقال مجاهد: كانت الأنصار تجامع يعني في الاعتكاف.

قال الشافعي: فدل أن المباشرة قبل نزول الآية كانت مباحة في الاعتكاف حتى نسخ بالنهي عنه، والله جل وعز أعلم.
واختلف العلماء في الآية التاسعة، والصحيح أنه لا نسخ فيها.

[ ص: 509 ] باب ذكر ما في الآية التاسعة.

قال جل وعز وقولوا للناس حسنا .

66 - قال سعيد ، عن قتادة،: "نسختها آية السيف".


67 - وقال عطاء "قولوا للناس كلهم حسنا".

68 - وقال سفيان: وقولوا للناس حسنا "مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر".

وهذا أحسن ما قيل فيها لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض من الله جل وعز كما قال ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فجميع المنكر النهي عنه فرض، والأمر بالمعروف من الفرائض فرض.

[ ص: 510 ] 69 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأطرن عليه أطرا أو ليعمنكم الله منه بعذاب".

[ ص: 511 ] فصح أن الآية غير منسوخة وأن معنى وقولوا للناس حسنا ادعوهم إلى الله جل وعز كما قال جل ثناؤه ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18-12-2025, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,337
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس


كتاب الناسخ والمنسوخ
أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس
- 1430 هـ - 2009 م
الناشر: دار العاصمة
من صـ 512 الى صــ 518
الحلقة(10)






والبين في الآية العاشرة أنها منسوخة.

[ ص: 512 ] باب ذكر الآية العاشرة.

قال جل وعز يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا .

70 - قرئ على عبد الله بن الصقر بن نصر ، عن زياد بن أيوب ، عن هشيم ، قال: حدثنا عبد الملك ، عن عطاء ، يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا قال: "كانت لغة الأنصار في الجاهلية فنزلت هذه الآية".

قال أبو جعفر: فنسخ هذا ما كان مباحا قوله، وكان السبب في ذلك أن اليهود كانت هذه الكلمة فيهم سبا فنسخها الله جل وعز من كلام المسلمين لئلا تجد اليهود بذلك سببا إلى سب النبي صلى الله عليه وسلم.

[ ص: 513 ] 71 - قال مجاهد: راعنا خلافا.

وهذا ما لا يعرف في اللغة".

ومعنى راعنا عند العرب فرغ لنا سمعك وتفهم عنا ومنه أرعني سمعك.

قال أبو جعفر: ولراعنا موضع آخر تكون من الرعية وهي الرقبة، وأما قراءة الحسن "راعنا" بالتنوين فشاذة ومحظور على المسلمين أن يقرؤوا بالشواذ أو أن يخرجوا عما قامت به الحجة مما أدته الجماعة.والبين في الآية الحادية عشرة أنه قد نسخ منها.

[ ص: 514 ] باب ذكر الآية الحادية عشرة.

قال الله جل وعز ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير .

72 - حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا جعفر بن مجاشع ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، قال: حدثنا حسين ، قال: حدثنا عمرو ، قال: حدثنا أسباط ، عن السدي ، فاعفوا واصفحوا قال: " هي منسوخة نسختها قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ".

[ ص: 515 ] قال أبو جعفر: وإنما قلنا: إن البين أن منها منسوخا وهو فاعفوا واصفحوا لأن المؤمنين كانوا بمكة يؤذون ويضربون فيتفلتون على قتال المشركين فحظر عليهم وأمروا بالعفو والصفح حتى يأتي الله جل وعز بأمره فأتى الله بأمره ونسخ ذلك.

والبين في الآية الثانية عشرة أنها غير منسوخة.

[ ص: 516 ] باب ذكر الآية الثانية عشرة.

قال جل وعز وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .

73 - قال ابن زيد: " هي منسوخة نسخها وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة "
وعن ابن عباس: "أنها محكمة".

74 - روى عنه ابن أبي طلحة وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا قال: "لا تقتلوا النساء والصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده فمن فعل ذلك فقد اعتدى".

[ ص: 517 ] قال أبو جعفر: وهذا أصح القولين من السنة والنظر.

75 - فأما السنة:

فحدثنا أبو جعفر قال: حدثنا بكر بن سهل ، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال: أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فكره ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان" وهكذا، يروى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتب:

76 - لا تقتلوا النساء والصبيان والرهبان في دار الحرب فتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .

والدليل على هذا من اللغة أن فاعل يكون من اثنين فإنما هو من أنك [ ص: 518 ] تقاتله ويقاتلك فهذا لا يكون في النساء ولا في الصبيان ولهذا قال من قال من الفقهاء: لا يؤخذ من الرهبان جزية لقول الله جل وعز قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وليس الرهبان ممن يقاتل.

فصار المعنى: وقاتلوا في طريق الله وأمره الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا فتقتلوا النساء والصبيان والرهبان ومن أعطى الجزية فصح أن الآية غير منسوخة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 187.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 181.85 كيلو بايت... تم توفير 5.86 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]