|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() وقفة محاسبة في مطلع شهر الخير والبركات (1) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فمع مطلع شهر رمضان المبارك يبدأ المسلم عامًا إيمانيًّا جديدًا، يُحبّب إليه فيه الإيمان ويزين في قلبه، ويُكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، وعندما يقدم شهر رمضان يكون معه تغير في حياة الإنسان عما تعوده، فهو شهر ليس كباقي الشهور، ومع هذا التغير يقف الإنسان ليجدد حياته ويجدد إيمانه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني). وإن المؤمن في هذه اللحظات ينظر في صحيفته ليعلم أين هو؟ وما مدى قربه من ربه، وهل هو على الطريق المستقيم أم أغواه الشيطان إلى سبله وحبائله، فعاش في التيه لا يدري كيف يعود؟! وإن الناصح لنفسه تمر عليه الأوقات أو بعض المواقف فتكون موضع نظره ومحط فكره، بل ربما كانت سببًا في تغيير حياته، فلقد جاءه شهر رمضان، وكان معه في العام الماضي أناس يأكلون ويشربون ويتمتعون بالحياة، كما هو الآن، ولكنه لا يجدهم معه اليوم! قد صرعهم الموت وصاروا في ظلمة القبور تحت الثرى، وقد مُد له في أجله ليدرك رمضان آخر. فهل مِن وقفة محاسبة للنفس؟! فهو الآن بين عمرين: بين عمرٍ قد مضي وبين عمر قد بقي، وكم ممَن أمَّل أن يكون معنا الآن ليشهد هذا الموسم العظيم فخانه الأمل، فصار فيه إلى ظلمة القبر، وكم مِن مستقبل يومًا لا يستكمله، ومؤمل غدًا لا يدركه، فيا أيها الغافل اعرف زمانك، يا كثير الحديث فيما يؤذي احفظ لسانك، يا مسئولًا عن أعماله: اعقل شأنك، يا متلونًا بالزلل اغسل بالتوبة أدرانك، يا مكتوبًا عليه كل قبيح تصفح ديوانك، حاسب نفسك قبل أن تحاسَب، واحذر أن تكون مع الهالكين، وانظر في صحائفك لتمحو هذه الذنوب، واشترِ نفسك ولا تبعها للهوى، واعرف قدر ما ضاع، وابكِ بكاء مَن يدري مقدار الفائت، واعلم أن محاسبة النفس هي طريق السالكين إلى ربهم، وزاد المؤمنين في آخرتهم، ورأس مال الفائزين في دنياهم ومعادهم، فما نجا مَن نجا يوم القيامة إلا بمحاسبة النفس ومخالفة الهوى، فمَن حاسب نفسه قبل يوم أن يحاسب خف في القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومَن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته. قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ مِن نفسه، وكانت المحاسبة من همته"، وقال أيضًا: "لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه". وقال ميمون بن مهران -رحمه الله-: "لا يكون الرجل تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة مِن الشريك لشريكه"، وقد جاء الأمر بمحاسبة النفس في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18). قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم" (تفسير ابن كثير). وقال -تعالى-: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر:8). قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-: "ثم ليسألنكم الله -عز وجل- عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا ماذا عملتم فيه؟ ومِن أين وصلتم إليه؟ وفيم أصبتموه؟ وماذا عملتم فيه؟". وقال ابن القيم -رحمه الله-: "فإذا كان العبد مسئولًا ومحاسَبًا على كل شيء حتى على سمعه وبصره وقلبه، كما قال -تعالى-: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء:36)، فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أن يناقش الحساب". وها هو الغزالي -رحمه الله- يجري حديثًا رائعًا مع النفس يحاسبها فيقول: "يقول -أي العبد- للنفس: ما لي بضاعة إلا العمر، ومتي فني فقد فني رأس المال، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه وأنساني أجلي، وأنعم علي به، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يومًا واحدًا حتى أعمل صالحًا، فاحسبي أنك قد توفيت، ثم قد رددت، فإياك أن تضيعي هذا اليوم، فإن كل نفس مِن الأنفاس جوهرة، ويحك يا نفس إن كانت جراءتك على معصية الله لاعتقادك أن الله لا يراك، فما أعظم كفرك! وإن كان مع علمك باطلاعه عليك فما أشد وقاحتك وقلة حياءك... أتظنين أنك تطيقين عذابه؟ جربي إن ألهاك البطر عن أليم عذابه فاحتبسي في الشمس.... أو قربي أصبعك مِن النار.... ويحك يا نفس كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب، وتظنين أنك إذا مت انفلت وتخلصت وهيهات.... أما تنظرين إلى أهل القبور، كيف كانوا جمعوا كثيرًا وبنوا مشيدًا وأملوا حميدًا، فأصبح جمعهم بورًا، وبنيانهم قبورًا، وأملهم غرورًا... ويحك يا نفس، أما لك بهم عبرة؟ أما لك إليهم نظرة؟ أتظنين أنهم دعوا إلى الآخرة وأنت من المخلدين؟ هيهات هيهات ساء ما تتوهمين.... أما تخافين إذا بلغت النفس منك التراقي؟ فانظري يا نفس بأي بدن تقفين بين يدي الله وبأي لسان تجيبين؟ وأعدي للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، واعملي في أيام قصار لأيام طوال، وفي دار زوال لدار مقامة، اعملي قبل ألا تعملي، وتقبلي هذه النصيحة، فإن مَن أعرض عن الموعظة فقد رضي بالنار، وما أراك بها راضية" (إحياء علوم الدين). واعلم أخي في الله، أنه كلما اجتهدت في محاسبة نفسك اليوم استرحت منها غدًا إذ صار الحساب إلى غيرك، وكلما أهملتها اليوم اشتد عليها الحساب غدًا. قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر"، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18). وقال الحسن البصري -رحمه الله-: "المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله -عز وجل-، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر مِن غير محاسبة". وقال إبراهيم التيمي -رحمه الله-: "مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار آكل مِن زقومها، وأشرب صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لها: ما تشتهين؟ قالت: أشتهي أن أعود إلى الدنيا فأعمل صالحًا، فقلتُ لها: فأنتِ في الأمنية فاعملي". ونحن جميعًا أيها الإخوة الأحباب في الأمنية نعمل، نحن في الأمنية التي يتمناها كل مفرط عند الموت، نحن في الأمنية التي يصرخ بها أهل النار في النار، نحن في الأمنية التي يتمناها كل مَن وقف أمام المليك الجبار، فهلا انتهينا ووقفنا مع أنفسنا وقفة محاسبة ونحن نستقبل هذا الشهر الكريم، وبدأنا حياة جديدة، فحفظنا أبصارنا عن النظر إلى الأفلام والمسلسلات والمباريات، وحفظنا سمعنا عن سماع الأغاني والموسيقى، وحفظنا ألسنتنا عن الغيبة والنميمة والكذب والخوض في الباطل، والخوض في أعراض الناس، والكلام فيما لا يعني وفيما لا يفيد، وحفظنا جوارحنا عن سائر أنواع المحرمات والآفات قبل الفوات؟! والله مِن وراء القصد. ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() أبناؤنا في رمضان (2) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فنرحب بحضراتكم في همسةٍ جديدةٍ مِن همساتنا التربوية، والتي هي بعنوان: "أولادنا في رمضان". ينبغي على كل ولي أمر أن يقدر حجم المسئولية التي كلفه الله بها في تربية أولاده، قال الله -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) (التحريم:6)، وهذه التربية ينبغي أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية فتشمل التربية الجسدية والحركية والنفسية والانفعالية والاجتماعية، وكذلك التربية العقدية والإيمانية والتربية السلوكية والأخلاقية. ويعتبر شهر رمضان مِن أهم المناسبات التي يستطيع ولي الأمر أن يزرع فيه الإيمان في قلب مَن يربيه، وإذا أردنا أن نخرج مِن رمضان بفوائد عظيمة مع أبنائنا، فينبغي أن يُراعَى ما يأتي: أولًا: ينبغي أن يعلم ولي الأمر أن الصيام ليس فرضًا على أولاده قبل سن البلوغ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ..) وذكر منهم: (وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) (رواه أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني)، لكن يجب أن ندرب أبناءنا على الصيام قبل البلوغ. وينبغي على ولي الأمر أن يراعي الفروق الفردية بين الأولاد، فمَن كان بنيانه قويًّا بدأنا في تدريبيه مبكرًا، ومَن كان بنيانه ضعيفًا انتظرنا حتى قوة بنيانه، وقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يصومون ويصوِّمون أطفالهم، فإذا بكوا وأرادوا الفطر أعطوهم اللعب حتى يشغلوهم لوقت الغروب. ثانيًا: تهيئة الأولاد نفسيًّا لموضوع الصيام، وذلك مِن خلال: - الكلام المباشر معهم عن فضل الصيام وما أعده الله للصائمين من الأجر والثواب، وكيف أن الله -سبحانه وتعالى- جعل من أبواب الجنة بابًا يقال له الريان لا يدخل منه إلا الصائمون. - عمل مسابقة ثقافية بين الأولاد عن فضائل شهر رمضان وفضائل الصيام، وكذلك عمل مسابقة فقهية يسيرة عن احكام الصيام بين أفراد الأسرة ورصد جوائز مادية لها. - الاهتمام بعمل زينة وتعليقها في حجرة الأطفال. - ثالثًا: التدرج في الصيام، وتكون البداية بجزء مِن اليوم وليكن أن يصوم ساعتين أو ثلاثة ثم نصف يوم ثم يومًا كاملًا، وإذا أتم صيام يوم بأكمله يشجع ويكافأ على ذلك. رابعًا: الثناء على صيامه أثناء اليوم أمام زملائه، وأمام أهله: كالعم والخال. خامسًا: عمل جلسة تربوية إيمانية أسرية في كتاب مناسب للأطفال، مثل كتاب: "المجالس التربوية" -لكاتب هذا المقال- للمرحلة الإعدادية والثانوية، وكتاب الأساس للأستاذ مصطفي دياب للمرحلة الابتدائية، ويجلس الأب والأم والأولاد معًا، يقرأ الوالد مجلسًا مِن تلك المجالس ثم يناقش معهم حول الدروس المستفادة منها. سادسًا: التركيز مع الأولاد على المشاركة في العبادات الجماعية، ومِن صور ذلك: عمل مقرأة داخل المنزل بعد صلاة التراويح يوميًّا، وكذلك مشاركة الأولاد في صلاة التراويح أو في جزءٍ منها، مع مراعاة عدم فرص هذا عليهم. سابعًا: مشاركة الأولاد مع الكبار في إخراج النفقات والصدقات للفقراء والمساكين، وتوزيع شنط رمضان، وكذلك إخراج زكاة الفطر. ثامنًا: غلق جهاز التلفاز مطلقًا مِن المنزل؛ لأنه يهدم ما نبنيه في أولادنا. وأخيرًا: الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء أن يهدي الله أبناءنا وأبناء المسلمين. ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() كيف أستقبل رمضان مع أسرتي أسماء ماجد (3) ![]() شهر رمضان الكريم، ليس فقط شهر العبادة والفضل من الله، ولكنه شهر تجتمع فيه القلوب والعائلة على سُفرة واحدة، ويجتمعون في بيت واحد، وهنا تجتمع الذكريات الجميلة علينا، فنحن دائماً وأبداً ما نتذكر رمضان ونحن صغار، نتذكره بالزينة وبالطعام والاجتماع مع العائلة، وغيرها من الذكريات الرائعة، فهيا بنا نجدد ذكرياتنا ونصنع أخرى مع عائلتنا وأسرتنا، فهيا بنا نجيب على السؤال الهام الذي يطرحه البعض مع حلول شهر رمضان وهو كيف أستقبل رمضان مع أسرتي، وذلك من خلال عرض العديد من الأفكار الجذابة لذلك. هيا بنا نزيّن البيت قبل دخول شهر رمضان المبارك شهر رمضان المبارك حلوله مختلف، فهو يحمل السعادة والنور في القلوب والعقول، لذلك علينا حُسن استقباله في قلوبنا وعقولنا، وكذلك في منازلنا، وقد عهدنا دائماً منذ الصغر على استقبال رمضان بالزينة، وهناك العديد من الأفكار التي تساعدنا على ذلك. فمن ضمن الأفكار مثلاً تعليق المصابيح الكهربائية على الجدران داخل المنزل، وكذلك وضع العبارات الرائعة مثل ( رمضان كريم ) على الباب، أو على الشرفات والنوافذ. كما نقوم بشراء فانوس رمضان بأحجام مختلفة، ونقوم بإضاءتها بالشموع أو بالمصابيح الكهربائية والقيام بتعليقها في الغرف أو في غرفة المعيشة، أو في الشرفات. تنظيم جدول مواعيد لوقت رمضان شهر رمضان الكريم وقت العبادة، ولابد من استغلال كل ثانية فيه لطاعة الله عز وجل واستغلال هذه الأيام المباركة، لذلك يجب استغلال الوقت من خلال عمل جدول للمواعيد والعزومات، كما يجب تخصيص وقت لقراءة وتلاوة القرآن والعبادات المختلفة وكتابة المواعيد التي نريد أن نقوم بها في الشهر الفضيل، فعلى سبيل المثال نخصص وقت للعبادة وتلاوة القرآن ووقت للترويح عن النفس، ووقت لممارسة الهوايات مع أطفالنا، ووقت للمذاكرة ووقت للقراءة وغيرها من الجوانب الحياتية مع أطفالنا الصغير. تخصيص عدد ساعات نوم معين للأطفال تعاني بعض الأسر من سهر أطفالهم حتى وقت السحور مما يؤثر على جوانبهم الحياتية خاصة في وقت المذاكرة والدراسة، فلا يستطيعون الاستيقاظ مبكراً للمدرسة أو للمذاكرة، لذلك من الافضل تعويد الطفل على النوم مبكراً حتى في وقت رمضان، فلا ينجذب للتلفزيون أو الأنشطة الترفيهية، بل تخصيص وقتا للنوم في الليل للأطفال، وكذلك النوم قبل الإفطار للقيلولة إذا احتاجوا ذلك. تحديد أهداف واضحة للقيام ببعض الأعمال في رمضان إنها من الأمور الضرورية في شهر رمضان المبارك حتى لا يذهب سدى، فإلى جانب العبادة والطاعة، فيمكن استغلال وقت رمضان في المفيد، مثل القراءة، وتخصيص أيام رمضان في بعض الأنشطة القابلة للتحقيق وتحديد الكتب المختلفة التي تريد قراءتها. وعلى سبيل المثال يمكن تحديد الأيام التي تريد استغلال فيها هذه الهواية من خلال عمل جدول معين لهذا النشاط أو غيرها من الأنشطة في شهر رمضان المبارك. شراء بعض الكتب عن رمضان للأطفال الأطفال في حاجة إلى المعرفة، لذلك يمكن معرفتهم برمضان وبالعبادة وطاعة الصيام من خلال المعلومات الدينية التي توجد في بعض الكتب والمطويات التي تناسب عمرهم ليتعرفوا على حكمة الصيام والطاعة، ويمكن في المقابل تطبيق المعلومات هذه بأمور عملية طوال الشهر الكريم، لذلك فهذه فكرة من ضمن الأفكار الرائعة التي تحببهم في هذا الشهر الكريم في عبادة الصيام. مساعدة الأطفال للآباء والأمهات في الأنشطة المنزلية الرمضانية يمكن طلب الأم أو الأب لأطفالهم المساعدة في الأنشطة الرمضانية، وذلك لتعويدهم على المساعدة من ناحية، وكذلك المساعدة في عمل الوجبات والتحضير لها، وحينئذ يمكن للأم أن تحدثهم عن شهر رمضان الكريم وفضائله، وهي فرصة لتحبيبهم في هذا الشهر الكريم، ومعرفتهم الفضل العظيم الذي أعده الله للصائمين وغيرها من المعلومات. كما يمكن للأب القيام بهذا الأمر، بعمل زينة رمضانية ومساعدة أولاده وأطفاله لعمل هذه الزينة، ويحكي لهم عن ذكرياته وهو صغير مثلهم عن شهر رمضان المبارك، وتعليمهم بعض القيم التي تربى عليها في شهر رمضان، فهذه هي الاخرى فرصة لهم كبيرة لجعل هذا الشهر الكريم وايامه الفضيلة عالقة في أذهانهم وقت طويل. تخصيص وقت لزيارة الأقارب والأصدقاء من الضروري للأسرة تخصيص وقتاً محدداً للولائم والعزومات في شهر رمضان، بحيث تخصيص الوقت هذا لا يطغى على الأوقات الثمينة التي توجد في شهر رمضان، فتذكر دائماً أن رمضان شهر العبادة أولاً وأخيراً ويجب استغلال ذلك. هذه كانت مجرد نصائح وأفكار مخصصة لشهر رمضان المبارك والتي تساعدنا على الاستعداد لهذا الشهر الفضيل المبارك، وتنظيم الوقت فيه وتحبيب الأطفال في هذا الشهر وأيامه المليئة بالبركة والطاعة. ![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان (1) كتبه/ إبراهيم جاد (4) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد قال الله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم:54). الشباب كتلة الحماس ومنبع القوة، وشعلة للجد والاجتهاد، وسواعد العمل التي تبنى عليها الأمم، وهم مَن جالوا بهذا الدين أقطار الدنيا -بفضل الله- على مرِّ العصور، ومِن عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مرورًا بصحابته -رضوان الله عليهم- وسلفنا الصالح إلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة، وها نحن على أعتاب شهر المغفرة والمنافسة والجد والاجتهاد وطلب الجنان. ولذا أوجِّه كلامي لنفسي أولًا ثم لإخواني طالبًا محتسبًا لنا ولكم الأجر والمثوبة مِن ربنا -جل وعلا-: أيها الشباب لم يكن أحد أكثر شغلًا ولا همًّا، ولا مسئولية ولا بلاءً ولا صبرًا، مِن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك كله وأكثر لم يكن لأحدٍ مِن البشر همة مثله في رمضان، فكان -صلى الله عليه وسلم- القدوة في الهمة العالية في العبادة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) (متفق عليه). هذا في غير رمضان فما ظنكم في شهر رمضان؟! فاستغلوا القوة في قوة الطاعة والعزم في فعلها، والجهد في الصبر عليها، والاجتهاد في المداومة عليها، فنعم الله تزيد بطاعته، فعن عبد الله بن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني). الفرصة للجميع عظمى ولكم أعظم؛ فأنتم -بفضل الله- أصحاء أقوياء، وغيركم مرضى ضعفاء مسنون عاجزون على أسرة العجز أو أصحاب أعذار عن الصيام والقيام وغيرهم، وأمرنا وأمرهم إلى الله -تعالى- الملِك المدبر. أيها الشباب... زاحموا أهل العلم والفضل بكثرة النوايا وعبادات الخفايا، وترصد النفحات الإلهية في الأيام والليالي الرمضانية؛ فاحتسبوا صومكم وقيامكم وقراءة قرآنكم، وصدقاتكم وذكركم، وإفطاركم لإخوانكم، والسعي في قضاء حوائجكم وغض أبصاركم وحفظ أوقاتكم، وبعدكم عن المسلسلات والأفلام والأغاني، وترككم للغيبية والنميمة، وبركم بوالديكم وسعيكم في الدعوة إلى ربكم -جل وعلا- وإعمار المساجد بالعبادة والقرآن وتعليم الناس والاعتكاف والتهجد والرفق بهم، وصبركم على الأذى وإسعادهم، وغير ذلك، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء" (أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الصيام). وللحديث بقية -بإذن الله-. ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان (2) (5) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فلتعلموا أيها الشباب أن رمضان موسم للغفران والعتق مِن النيران، وزيادة الحسنات وتكفير للذنوب. رمضان فرصة ربما لا تأتي مرة ثانية، وسوف نسأل عن شبابنا، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). وإليكم صور مِن العبادات لسلفكم من الشباب وغيرهم: فعن عبد الله بن مسعود قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قِيلَ: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: "هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ" (متفق عليه)، وحين قام أنس بن مالك يقتدي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قام يصلي من الليل في رمضان؛ تحقيقًا للاقتداء، وطلبًا للثواب العظيم المترتب على قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ لما ورَد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، كان ابن عشرين سنة. وهذه عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، قال القاسم بن محمد: "كنتُ إذا غدوتُ بدأت ببيت عائشة فأسلم عليها، يقول: فدخلت عليها يوماً وهي تصلي وتقرأ قول الله -عزَّ وجلَّ- وتبكي: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) (الطور:27)، قال: فنظرت إليها وانتظرت، فأعادت الآية: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)، قال: فانتظرت مرة ومرتين، فإذا بها تردد الآية وتبكي، قال: فطال عليّ المقام، فذهبت إلى السوق لأقضي حاجة لي، قال: فرجعت فإذا هي قائمة كما هي تبكي وتصلي وتقرأ القرآن!". وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "إنكم لن تلقوا الله -عزَّ وجلَّ- بشيء خير لكم مِن قلة الذنوب". وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ. وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر مِن الحديث ومجالسه أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن. وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين. وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه وكان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة. وقال أبي عوانة: "شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان". وكان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ. وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر ثلاثين ختمة. وكان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثًا، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر. وكان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة. وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق): "وكان مواظبًا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية". هذه نماذج مشرفة لنا شرف أن نحتذي بها، ولنا الفخر أن نكون خلفًا لهم، تلكم هم قدوتنا بعد نبينا -صلى الله عليه وسلم-. أسأل الله في هذا الشهر أن يرضى عنهم، وأن يرزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعتق رقابنا ورقاب آباءنا وأمهاتنا وذرياتنا، وجميع المسلمين مِن النار. ![]()
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() رمضان وتغيير الأولويات (6) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإن مِن أهم معاني التزكية التي تحصل للإنسان كلما اقترب مِن القرآن العظيم واجتهد في العبادة؛ أن تتسع إدراكات القلب ومعارفه وأحاسيسه بالوجود؛ فبدلًا مِن أن يعيش في دائرةٍ غاية في الضيق يدور فيها حول نفسه وأهله وماله وصراعاته وتنافساته، وتنافسات الناس السخيفة، واهتماماتهم الفارغة، يُولد قلبه مِن ظلمات الهوى والطبع والعادات والتقاليد وأوضاع المجتمع؛ ليرى واقعًا حقيقيًّا أمامه في خَلق السموات والأرض، ويرى فيهما ما ذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- مِن أدلة ملكوت الله فيهما؛ فهو يراه وحده -سُبْحَانَه- الذي يُدَبِّر الأمر في هذا المُلك الواسع، الذي نحن فيه كالهباءة والذرة -أو أدنى مِن ذلك- بكل ما عندنا، وهو وحده -سُبْحَانَه- الذي تسمع له السموات والأرض، وتطيع وتخضع وتذل، مع شهود آثار الحب والود الذي يعلمه المؤمن عنها، كما دلَّ عليه قوله -تعالى- عن قوم فرعون: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (الدخان:??)؛ فدَلَّ على أنها تبكي على المؤمن عند فِراقِه الدنيا؛ حزنًا على فوات العبادة التي أحَبَّتها منه، وحَنين الجذع لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دليلٌ على هذا الحُب أيضًا. وهذا التأَلُّه مِن السموات والأرض لربها -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ظاهِرٌ لا يُفَكِّر عاقلٌ في المُنازَعَة فيه؛ أمَا تأملتَ قول الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:258)؛ فلم يُفكر الملك لحظة في محاولة أمر الشمس أن تأتي مِن المغرب بدلًا مِن المشرق؛ فإنه معلوم ضرورة أن الشمس لن تطيعه لا هو ولا أهل الأرض جميعًا، وإنما تطيع أمر إلهها ومعبودها؛ ولذا بهت الذي كَفَـر. ومِن هنا يظهر لك حقيقة قوله -تعالى-: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء:22)؛ قد نفكر في معنى لو كان فيهما أربابٌ إلا الله لفسدتا، ولكن يلزمنا أن نتفكر في معنى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)؛ فإن الطاعة والمحبة حاصلة مِن السماوات والأرض وما فيهن لخالقهما وبارئهما، إضافة إلى معنى تدبير الله لهما ولمَن فيهما؛ إذا انتبه الإنسان لهذا المعنى فإن أولويات حياته تتغير في اتجاه توجهه للحب والطاعة وذوق حلاوة العبادة لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وهذه تغلب أولويات يتصارع الناس حولها مِن المال والجنس والعلاقات الاجتماعية، والسلطة والرياسة، والمُلك والشهرة، فضلًا عن أولويات فِرق الكُرَة، والمسلسلات والأفلام والمسرحيات، والروايات والأغنيات الجديدة والحفلات، فضلًا عن أولويات مَن الذي سيكسب دور الدومينو والشطرنج، والطاولة والبلوت، ومَن الذي سيضع "لايك" على "البوست" أو المقطع، ومَن الذي سيكون الأكثر متابعة! بالتأكيد سوف تتغير الأولويات إذا أيقن الإنسان ووصل إلى اليقين بشهود ملكوت السماوات والأرض؛ فيحصل له نصيبٌ مِن عطية الله لنبيه وخليله إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، التي بَيَّنَها بقوله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام:75)؛ فإن المؤمنين لهم نصيبٌ مِن حال الأنبياء، يتفاوت ما بين نصيبٍ كَوَزن الذرة أو "ميكروجرام" وأقل، ونصيبٍ كالجبال، ونصيبٍ أثقل مِن الأرض كلها، وما وراء ذلك (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) (الإسراء:21)، وهذا أمرٌ ظاهِرُه الوجوب. "قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَتَراءَوْنَ أهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ، كما يَتَراءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغابِرَ في الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أوِ المَغْرِبِ، لِتَفاضُلِ ما بيْنَهُمْ) (رواه البخاري)؛ فكم مِن ملايين السنين الضوئية بيننا وبين الكوكب الغابر البعيد في الأفق؟! تخيل أن هذا القدر حاصلٌ بين أهل الجنة وأصحاب الغرف، وكل ذلك لتفاوت ما وقع في قلوبهم في الدنيا؛ على قدر يقينهم وشهودهم ملكوت السماوات والأرض، وقدر حبهم لربهم وطاعتهم وخضوعهم". وإذا نظرت إلى الناحية الأخرى -أعني حال أهل الكفر والنفاق والعصيان والصد عن سبيل الله وأذية المسلمين، والاعتداء عليهم في دينهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم-: فلتنظر إلى دركاتهم في النار وتفاوتها، وشدة عذابهم على حسب ما قام بقلوبهم وما عملوا مِن أعمال، وعلى حسب ترتيب أولوياتهم في عداوة الدين وأهله. إن هذا النظر يَلزم منه أن يغير الإنسان أولويات حياته، ويعيد ترتيبها؛ ليحقق لنفسه حقيقة العلم لا شكله؛ فكم مِن إنسان عنده شكل العلم، وهيئته هيئة العلماء، وعنده مِن المسائل التي يفحم بها الآخرين أو يتفاخر عليهم بها، وهو خالٍ من حقيقة العلم! تأمل قوله -سُبْحَانَه-: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164). وكذلك مِن أهم الأمور في ترتيب الأولويات: تحصيل حقيقة العبادة لا مجرد شكلها؛ فكم مِن إنسان في صورة العابد يحصي كم ركعة وكم ختمة، ويضرب المضاعفات في أعماله، وليس في قلبه حقيقة العبادة من الحب والذل والافتقار والتضرع لله -عَزَّ وَجَلَّ-! كذلك تحصيل حقيقة الدعوة لا مجرد شكلها: فقد يكون الداعي مُفَوَّهًا، والخطبة بليغة، والإعجاب كثيرًا، ومع ذلك حقيقة الدعوة بالتغيير الحقيقي للإنسان باطنًا وظاهرًا مفقود أو ضعيف الأثر. فرصة رمضان لا تعوض، حتى نستيقظ من سِنَة الغفلة والغرق في بحور هموم الدنيا، ونعيد ترتيب أولويات حياتنا الحقيقية التي هي الحياة عند الله -عَزَّ وَجَلَّ-. والله المستعان. ![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() السعادة في رمضان (7) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فرمضان شهر الرحمة والغفران، والنجاة من النار، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ) (متفق عليه). جاءت الفرصة لتحقيق سعادة العبد في الدارين، وعلى المسلم انتهاز الفرصة؛ لتحقيق تلك السعادة والمسلم الفطن الذي يبدأ رمضان بهمة عالية مع تعلم أحكامه وفضائله، وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "لا تتحقق سعادة العبد إلا باستكمال قوتيه: العلمية والإرادية". أولًا: القوة العلمية النظرية: وهي المتعلقة باعتقاد العبد، ولا تتحقق إلا باستكمال خمسة أحوال: 1- معرفة الله بأسمائه وصفاته: قال الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف:180). قال كبير تلاميذ أبي الحسن: "دخلت على الشيخ وفي نفسي أن أكل الخشن وألّبس الخشن، فقال لي الشيخ: يا أبا العباس، اعرف الله وكن كيف شئت". 2- معرفة الطريق الموصلة إليه: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)، وقال -تعالى- في سورة الفاتحة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2). ويشمل الطريق إلى الله الأسس الآتية: أولًا: المنهج الرباني لإدارة الحياة: مِن تلاوة القرآن، والقيام، وذكر الله، والتبتل، والصلاة في سائر العبادات. ثانيًا: التوكل على الله: قال الله -تعالى-: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) (المزمل:9). ثالثًا: الصبر على الابتلاء وهجر المخالفين. رابعًا: الجحود هو أصل الكفران، فالحذر كل الحذر من الجحود. 3- معرفة آفات الطريق: - الفتور: وهو "داء يصيب السائرين إلى الله؛ أدناه الكسل، وأعلاه الانقطاع". - الغرور: وهو التكبر والإعجاب بالنفس. ومِن أسباب الفتور: السرف، وهو مجاوزة الحد في تعاطي المباحات. قال سليمان الداراني -رحمه الله-: "مَن شبع دخل عليه أربع آفات: فقدَ حلاوة المناجاة، وحرمه الشفاعة على الخلق، وثقلت عليه العبادات، وزادت عليه الشهوات". - مفارقة الجماعة وايثار حياة العزلة: قال الله -تعالى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (الكهف:28)، وقال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ) (رواه ابن أبي عاصم في السنة، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). - دخول جوفه شيء محرم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني). - قلة تذكر الموت والدار الآخرة: قال أبو علي الدقاق: "من أكثر مِن ذكر الموت، أُكرم بثلاث خصال: بتعجيل التوبة، ونشاط في العبادة، وقناعة في القلب". وذكر الموت يقلل كل كثير، ويكثر كل قليل، ويزهد في الدنيا، والإكثار من ذكر الموت هو سبيل المؤمنين وعباد الله المتقين، وهو علاج لقسوة القلب، وإن من أعظم الخذلان أن يموت الإنسان ولا تموت سيئاته، ومِن أعظم المنح أن يموت الإنسان ولا تموت حسناته. 4- معرفة النفس: قال -تعالى-: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:7-10). - إن النفس منبع الأفكار، فإن غلب خيرها شرها واطمأنت إليه؛ فهي النفس المطمئنة، وإن تأرجحت بين الحسنات والسيئات، ولكنها سرعان ما ترجع من الذنب إلى التوبة والاستغفار؛ فهي النفس اللوامة، وإن غلب شرها خيرها فهي النفس الإمارة بالسوء، ومجاهدة النفس الإمارة بالسوء والحرص على استقامتها وعودتها إلى بارئها مِن أوجب الأعمال التي ينبغي للعبد الحرص عليها، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (يوسف:53)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا) (رواه مسلم). - ومِن علاج النفس الإمارة بالسوء: تذكر عظمة الله -عز وجل-، ومراقبته في السر والعلن، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:135). - ومن علاج النفس الإمارة بالسوء: طلب العلم الشرعي. - ومِن علاجها: الاجتهاد في العمل الصالح؛ فهو وظيفة الدنيا وحسنة الآخرة. 5- معرفة عيوب النفس: وعيوب النفس هي: 1- استكشاف الضُر ممَن لا يملكه. 2- الفتور في الطاعة وكثرة الذنوب، وعدم الشعور بلذة الطاعة. 3- رؤية فضله على إخوانه وتوهم النجاة. 4- الغضب والكذب والشح والبخل. 5- الأمن من مكر الشيطان والإصرار على الذنب. 6- الحرص على الدنيا وطلب الرئاسة بالعلم. 7- العجب بالعمل وإحسان الظن بالنفس واتباع الهوى. 8- توهم اللذة عند اقتراف الذنب ونسيان العقوبة وألم المخالفة. القوة العملية الإرادية: وهي تتعلق بالجوارح، وهي تتحقق باستكمال اربعة أحوال: 1- معرفة الحقوق: والحقوق هي أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وأولها: توحيد الله -تعالى- والبراءة من الشرك، وسائر الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، وحق الله يشمل أمره ونهيه، قال -تعالى-: (وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر)، والحقوق تشمل أعمال القلب واللسان والجوارح، وهي عبادات تمثِّل حقوق الله -تعالى-. 2- القيام بالحقوق: هو عبادة الله وحده، وصرف الجميع الأعمال الله -تعالى-؛ إخلاصًا وصدقًا، ومتابعة ومحبة، وتترك المعاصي؛ فإن الله -تعالى- يحب أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، فلا يتصور من العبد الذي امتلأ قلبه بحب الله -تعالى- أن يصر على ارتكاب المعاصي. 3- شهود المنة: قال -تعالى-: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17)، وقال -تعالى- عن أهل الجنة: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:43). - الموفق للطاعة ابتداءً وانتهاءً هو الله: قال -تعالى-: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل:53)، وقال -تعالى-: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (النساء:79)، وقال -تعالى-: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحجرات:17-18). - مشاهدة منة الله عليه توجب للعبد نوعين من العبودية: محبة المنعم، واللهج بذكره. - سيد الاستغفار: (اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) (رواه البخاري). - وعبادة القلب تشمل الخشوع والتوكل والخشية، وغيرها، وعبادة اللسان تشمل تلاوة القرآن والأذكار والنصح للمسلمين، وعبادة الجوارح في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان، والأوامر والنواهي؛ أي: أمره -تعالى- أو نهيه . 4- شهود التقصير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). قال ابن القيم -رحمه الله-: "يحتاج العبد إلى سوء الظن بنفسه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع كمال التفتيش، ويلبِّس على العبد فيرى المساوئ محاسن والعيوب كمالًا، ولا يسيء الظن بنفسه إلا مَن عرفها، ومَن أحسن الظن بنفسه؛ فهو من أجهل الناس بنفسه". وبعد، فهذه مسالك وطرق رمضان، هو وقتها، تكون سببًا في سعادة الإنسان وفوزه ونجاته في الدنيا والآخرة، والله مِن وراء القصد، وهو هادي السبيل. وتقبل الله منا ومنكم، وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته. وصلى الله وسلم على محمدٍ، وآله وصحبه وسلم. ![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() رمضان في زمن الغربة... ولكنه كريم! (8) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ لقد حبا الله الأمة الإسلامية بشهرٍ كريمٍ مباركٍ، وهو نفحة مِن الله -تعالى-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني). وهذا الشهر الكريم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشِّر أصحابه بقدومه فيقول: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) (رواه النسائي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وفضائل هذا الشهر الكريم لا تُعد ولا تحصى، فكفى به فضلًا أنه شهر القرآن وشهر الصيام، وشهر العتق من النيران، (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني). ومِن فضائل رمضان: ما جاء عن طلحة -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: (مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟) قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟) قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني). فاللهم بلغنا رمضان وفى الحديث الصحيح قال -صلى الله عليه وسلم-: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) (متفق عليه). فيا أيها المسلمون... إن شهر رمضان هو أفضل شهور العام، وأيامه معدودة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) (البقرة:183-184)، إشارة إلى سرعة انقضائها. والعجيب أن يأتي علينا رمضان وفي هذا العام، وقد نزل بالناس وباء كورونا، وتم إغلاق المساجد -حتى الحرمين الشريفين- ومنعت العمرة التي كان يحرص المسلمون عليها في رمضان؛ لأنها تعدل حجة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكثير من مظاهر رمضان هذه السنة غير موجودة، وأبرزها صلاة التراويح والسمر بعد العشاء، والزيارات العائلية، وغيرها من الأجواء الرمضانية. ولا شك أن هذا أمر محزن -ولكن من الخطورة بمكان أن يتسلل إلى قلوبنا أن رمضان هذا العام بلا فائدة-، وكيف ترددت هذه الخاطرة الشيطانية على عقولنا؟! وهل جاءكم نبأ من السماء بأن الجنان أغلقت في هذا العام؟! أم أن ابواب النيران لم تغلق في هذا الوباء؟! أم أن الشياطين لم تصفد؟! يبقى أن نقول: في رمضان أبواب الجنان مفتحة، وأبواب النيران مغلقة، والشياطين مقيدة، وما علينا إلا أن نسارع في الخيرات، ونستغل كل لحظات الشهر ونتعرض لرحمات ربنا، ونحافظ على الصلوات في أوقاتها، وكذلك صلاة التراويح، ونجتهد في الدعاء عسى الله أن يرفع عنا البلاء. اللهم بلغنا رمضان وتسلمه منا متقبلًا. ![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() أولادنا في رمضان (9) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فالأولاد مِن أعظم نعم الله علينا، وسبيل لزيادة أعمارنا وأعمالنا، وشهر رمضان فرصة رائعة للتربية الإيمانية. وهذه عشر نصائح لاستغلال شهر رمضان مع أبنائنا: 1- يجب على ولي الأمر تدريب الأولاد على الصيام، بعض الفقهاء يقول التدريب يبدأ من العام السابع قياسًا على الصلاة، وبعض الفقهاء يقول مِن العام العاشر. والصواب: أنه على حسب القدرة والإطاقة، وغالبًا ما يكون في العام العاشر، ومراعاة الفروق الفردية أصل تربوي مهم جدًّا في ذلك. ومِن الأخطاء التي تقع مِن بعض أولياء الأمور: الإهمال في تدريب الطفل علي الصيام بحجة أن الطفل ما زال صغيرًا، والنتيجة قد يعاني ولي الأمر بعد ذلك ليعتاد ابنه الصيام. الثاني: بعض أولياء الأمور يضغط على أبنائه في البدء المبكر في التدريب علي الصيام؛ ليتباهى بذلك، وهذا من الأخطاء التربوية؛ لأن الطفل قد يكره الصيام مطلقًا بسبب ذلك. ولابد من اعتماد مبدأ التدرج في الصيام، وكل محاولة إنجاز هي إنجاز يشجع ويكافأ عليه؛ فمرة يصوم من الفجر للظهر، ومرة مِن الظهر للعصر، وهكذا... مع عمل مكافآت معنوية ومادية. 2- تهيئة الطفل نفسيًّا لاستقبال هذا الشهر الفضيل، وذلك بشرح فضل الطاعات عمومًا والصيام خصوصًا، وكذلك فضائل شهر رمضان، ومن هذه التهيئة المطلوبة مع الأطفال تعليق الزينة داخل المنزل، وعمل لوحات عن فضل رمضان. 3- التشجيع والتحفيز أثناء الصيام من الأهمية بمكانٍ أمام غيره من أهل بيتك، وضيوفك، وأصدقائه. 4- عمل جلسة تربوية أسرية يومية (مع وزوجتك وأبنائك) وذلك في ربع ساعة من اليوم بشرط أن يكون بوقتٍ ثابتٍ محددٍ، وينبغي أن يكون اللقاء فيه حوار ونقاش ويسود عليه جو المرح، ويفضل وجود المشروبات والحلويات المناسبة للأطفال خلال تلك الجلسة مما يشتهيه الطفل حتى يحب هذا اللقاء، واجعل لكل مرحلة عمرية جلسة خاصة بها، ومن الممكن تستعين بكتاب: الجلسات الندية للمرحلة الابتدائية، وكتاب: المجالس التربوية للمرحلة الإعدادية، وكتب: الأساس، والبنيان والبداية للأستاذ مصطفى دياب، وكذلك كتاب: أوقف الشمس، لكل المراحل العمرية. 5- من المهم جدًّا عمل مقرأة للقرآن الكريم لتصحيح التلاوة مع مراعاة أن تكون جلسة مودة وحب مع وجود الحلويات وغيرها، ووضع مكافأة كل أسبوع مثلًا للمنتظم في الحضور، والمتفوق في القراءة، ويتخللها الكلام عن فضل القرآن وثمرات القراءة حتى يتعلق بالأجر والثواب. 6- متابعة صلاة الجماعة (كما لو كانت في المسجد) ويكون فيه أذان يقوم به الأولاد، مع المحافظة على صلاة السنة القبلية والبعدية وختام الصلاة. 7- اجعل لأولادك نصيبًا من الإمامة في صلاة التراويح، والهدف بناء كادر، وإتقان الحفظ والمراجعة. 8- الكلام عن الدعاء وفضله، وتعليم الطفل الدعاء عند الفطر، وتجعله يختار 30 دعوة يدعو بها عند الفطر. 9- جلسة الشروق ولو مرة أو مرتين في الأسبوع لعظيم الأجر. 10- جلسة سمر لحفر الذكريات لإدخال الفرح والسرور عليهم. وختامًا: أغلق جهار التليفزيون تمام، ولا تسمح بفتحه أبدا، مع مناقشة الأبناء في ذلك، وإقناعهم بهذا الأمر؛ لأن التليفزيون سيهدم كثيرًا مما بنيناه. أسأل الله أن يهدي أبناءنا لما فيه الصلاح والرشاد. ![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() رمضان شهر الصيام والصيام مدرسة التقوى كتبه/ أحمد فريد (10) ![]() الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183). فبيَّن -سبحانه وتعالى- لنا في هذه الآية الكريمة أهمية الصيام، وأن الله -عز وجل- فرض علينا الصيام كما فرضه على الأمم السابقة لحاجة كل الأمم إلى شريعة الصيام، ثم أبان الله -عز وجل- عن حكمة فرضية الصيام فقال: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي: تصلون بالصيام إلى التقوى التي هي أعلى المراتب. فإن قال قائل: بأن كل العبادات توصل إلى تقوى الله -عز وجل-؛ لأن العبادة هي الوظيفة، والغاية هي التقوى، كما قال -تعالى- في أول أمر في القرآن في خاتمة الربع الأول من سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21). فكل العبادات توصل إلى تقوى الله -عز وجل-، لكن الصيام مِن بينها له خصوصية بتقوى الله -عز وجل-؛ لأنه يعود على المراقبة لله -عز وجل-، فهو يتكون من نية باطنة لا يطلع عليها أحد إلا الله -عز وجل- وترك لشهوات يستخف بتناولها عادة مِن الطعام والشراب والشهوة، فلا تستطيع أن تحكم على عبد بأنه صائم، كذا قالوا في تعريف التقوى: "هي علم القلب بقرب الرب -عز وجل-". فالله -عز وجل- فوق سماواته، لكنه قريب، وهذا القرب ليس كقرب الشيء المخلوق من الشيء المخلوق؛ لأن الله -عز وجل- ليس كمثله شيء في ذاته أو صفاته، فالتقوى هي استشعار القلب لهذا القرب، والصائم كذلك لولا أنه يستشعر قرب الله -عز وجل- منه أو اطلاع الله -عز وجل- عليه لخلا ولو للحظات وانتهك حرمة الصيام، فالصيام تدريب على تقوى الله -عز وجل-. وقالوا كذلك في تعريف التقوى: "أن تترك ما تهوى لما تخشى"، والصائم كذلك يترك ما يهوى من الطعام والشراب والنكاح لما يخشى من عقوبة الله -عز وجل- إذا انتهك حرمة الصيام، فالصيام مدرسة التقوى. والصيام سر بين العبد وربه؛ ولذا أضافه الله -عز وجل- إلى نفسه الشريفة من بين سائر العبادات، قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي) (متفق عليه). فالأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله -عزوجل- أضعافًا كثيرة بغير حصر عدد، فإن الصيام من الصبر، وقد قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر:10). الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله -عز وجل-، وصبر على محارم الله، وصبر على الأقدار المؤلمة، وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم؛ فالصيام اختصه الله -عز وجل- من بين أعمال العباد وأضافه إليه. قال سفيان بن عيينة -رحمه الله-: "هذا من أجود الأحاديث وأحكمها إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة". وفي إضافة الصيام إلى الله -عز وجل- وجهان: أحدهما أن الصيام مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جُبلت على الميل إليها لله -عز وجل-، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام؛ لأن الإحرام إنما ترك في الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب، وكذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام. وأما الصلاة وإن ترك المصلي فيها جميع الشهوات إلا أن مدتها لا تطول، فلا يجد المصلي فقد الطعام والشراب في صلاته. قال بعض السلف: "طوبى لمَن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره". لما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه في ترك شهوته قدم رضا مولاه على هواه فصارت لذته في ترك شهوته لله لإيمانه باطلاعه وثواب وعقابه، وإذا كان هذا فيما حرم لعارض الصوم من الطعام والشراب ومباشرة النساء فينبغي أن يتأكد ذلك فيما حرم على الإطلاق كالزنا وشرب الخمر، وأخذ الأموال والأعراض بغير حق، وسفك الدماء المحرمة، فإن هذا يسخط الله -تعالى- في كل حال، وفي كل زمان ومكان. الوجه الثاني: أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره؛ ولذلك قيل: لا تكتبه الحفظة. وقيل: ليس فيه رياء، كذا قاله الإمام أحمد والله تعالى يحب من عباده أن يعاملوه سرًّا بينهم وبينه وأهل محبته يحبون أن يعاملوه سرًّا بينهم وبينه بحيث لا يطلع على معاملتهم إياه سواها. ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |