|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فقه الْحَج (1) (التعريف – الحكم – الشروط - الأركان) عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد: فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. عباد الله، الْحَجُّ من شعائر الإسلام مثله مثل الصلاة والصيام، والزكاة والأذان، وغيرها، وقبل الْحَجِّ لا بد من معرفة أحكامه، خاصةً لمن عزم على أداء هذه الفريضة، ومن ليس له عزيمة، فيكفيه أنه يتفقَّه في أحكام الدين؛ عساه أن يبلغ ما سمعه، أو يحفِّزه لأداء هذا المنسِك، فينتفع بفقه الْحَج، والقصد أن نعبُدَ الله عز وجل على بيِّنةٍ وعِلْمٍ، وسنشرع بحول الله في تبسيط فقه الْحَج عن طريق السؤال والجواب، مقتصرين على ما تدعو الحاجة إليه كثيرًا، أو يكثر السؤال عنه، ومن أراد الاستزادة، فعليه بالكتب التي تتناول أحكام الْحَج – إن كان يحسن القراءة والفهم – وإلا فعليه التوجه بالسؤال لأهل العلم؛ قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، ونشرع بحَولِ الله في المقصود. السؤال الأول: ما معنى الْحَجِّ؟ هو في اللغة: القصد، وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بمكة في وقت الْحَج لأداء مناسكه، وأشهر الْحَج هي: شوال، وذو القَعدة، وذو الْحِجَّة. السؤال الثاني: ما حكم الْحَج؟ الْحَج ركن من أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان))[1]، ولكن للأسف يحدث أن تجد أناسًا من كبار السن ولم يحُجُّوا بعدُ، ومنهم من كان غنيًّا صحيحًا ولم يحدِّث نفسه بالْحَجِّ، ولم يقُم بالمشاركة في قرعة الْحَجِّ ولو مرةً واحدةً؛ لتَبْرَأَ ذِمته، وتكون له حُجَّة عند ربه، ومنهم من يبني الدُّور، ويتطاول في البنيان، وينشغل بمشاريع الدنيا الفانية، وله هِمَّة عجيبة في ذلك، لكن لا همة له تدفعه لاستكمال شعيرة وركن من أركان الإسلام، والعجب أن تجد من يبرر تركه للحج بتأويلات باطلة لا مستند لها، سوى اتباع الهوى، وترك أوامر الرحمن، فيبرر تارةً أنه صغير، أو أنه ما يزال متلبسًا ببعض المعاصي التي لا يستطيع مفارقتها بعد الْحَج، وسيترك الْحَج إلى حين كبره، وما درى هذا المسكين أن الموت قد يعجَل إليه، أو أن مرضًا قد يُقْعِده، أو أن قرعةً لن تكون من نصيبه، أو أن فقرًا قد يحل به بعد الغِنى، وما أكثر ما رأينا من هؤلاء! ومنهم من يترك الْحَج بدعوى تفضيل إنفاق الأموال التي سيحج بها على الفقراء والمساكين، ويقولون جهلًا: الْحَجُّ أمام بيتك، فهل حَجَّ النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة؟ ولماذا سافر إلى مكة؟ وهل أمام بيتك كعبة وصفا ومروة لتسعى بينهما؟ وهل في بلادك عرفةُ لتقف بها ومرمى لترمي جمراتك؟ ولماذا أقمت نفسك مشرِّعًا ومبدِّلًا لحدود الله؟ ألَا بئس الفَهمُ وبئس التأويل، ومنهم من يترك الْحَج بدعوى أن أمواله تذهب لجهات معينة، فهل أنت تنفق أموالك خالصةً لوجه الله أم لجهة معينة؟ وهل نترك هذه الشعيرة ونعطلها لهذا السبب؟ أمَا علِمَ هؤلاء أن القائمين على الحرمين يبذلون من الجهود لخدمة ضيوف الرحمن ما الله به عليم؟ فلا يحق لأحدٍ الخلطُ بين عبادات الناس وأمور أخرى. لهؤلاء جميعًا نقول: الْحَجُّ واجب على الفور لمن توفَّرت فيه الشروط - وهو مذهب المالكية - فليبادروا قبل فوات الأوان؛ قال تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وقال: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وهو واجبٌ مرةً واحدةً في العمر، وما زاد على ذلك فهو تطوُّع؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله عز وجل قد فَرَضَ عليكم الْحَجَّ فحُجُّوا، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم، لَوَجَبَتْ، ولَما استطعتم، ثم قال: ذَرُوني ما تركتُكم؛ فإنما هَلَكَ من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتُكم بشيء، فأتُوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فدَعُوه))[2]. فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحْسَنَه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومَن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد:فإذا كان الْحَجُّ واجبًا، يأتي السؤال الثالث: ما هي شروط الْحَج؟ الشرط الأول: الإسلام؛ فلا يجب ولا يصح الْحَج من كافر، الشرط الثاني: العقل؛ فلا يجب على المجنون ولا يصح إن وقع منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفِعَ القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبَر، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ أو يُفيق))[3]، الشرط الثالث: البلوغ؛ ويُعرَف البلوغ بعلاماته أو بوصول سن البلوغ – وإن لم تظهر العلامات - فمن بلغ، يجب عليه الْحَج، وبهذا الشرط نُخرِج الأطفال؛ فالْحَجُّ لا يجب عليهم، وإذا حجَّ به وليُّه فهو تطوع، فإذا بلغ تجِب عليه حِجَّةُ الإسلام، وينوب عنه وليه فيما لا يقدر عليه كرمي الجمرات، ولوليه الأجر إذا صحبه؛ عن كريب رضي الله عنه، ((أن امرأةً رفعت صبيًّا، فقالت: يا رسول الله، ألهذا حَجٌّ؟ قال: نعم، ولك أجر))[4]، الشرط الرابع: الحرية؛ فلا يجب على العبد أو الأسير، فإذا حُرِّر العبد أو أُطلق سراح الأسير، وجب عليه الْحَج، الشرط الخامس: الاستطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، والاستطاعة نسبية فالناس تتفاوت فيها، وتشمل القدرة المالية والبدنية، فمن قدر بماله وبدنه، لزِمه الْحَجُّ، ومن عجز بماله وبدنه، سقط عنه، ومن قدر ببدنه وعجز بماله، سقط عنه، ومن قدر بماله وعجز ببدنه عجزًا دائمًا، يمكنه أن يُنيب عنه في أقوال بعض المذاهب، ومن أقْصَتْه القرعة سقط عنه، ولا مناص من المشاركة كل عام، والمرأة إذا لم تجد مَحْرَمًا، أو كانت في عِدَّةٍ من وفاة زوجها، سقط عنها، وقيل إذا وجدت الرفقة المأمونة، جاز لها الْحَجُّ، ومن له عقد عمل، يطلب الإذن والترخيص من رب العمل؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، ويدخل في القدرة المالية أن يترك لعياله نفقتَهم إلى حين رجوعه، والمرأة لا تطيع زوجها إذا منعها عن حج الفريضة إذا وجدت مَحْرَمًا، وليس له منعُها. السؤال الرابع: ما هي أركان الْحَجِّ؟ للحج أركان لا يتم إلا بها؛ وهي: الركن الأول: الإحرام؛ وهو نية الدخول في النُّسُك بقول أو فعل يتعلقان به، سواء أحْرَمَ الحاجُّ بالْحَج وحده وهو الإفراد، أو بالعمرة والْحَج في نسك واحد وهو القِران، أو أحرم بالعمرة، ثم يُحِل منها، ثم يُحرِم بالْحَج، ويسمى بالتمتع، وهو أكثر ما يفعل الناس اليوم، وسنرى صفته في الخطبة الموالية بحول الله، الركن الثاني: طواف الإفاضة؛ وهو التعبُّد لله بالدوران حول الكعبة بصفة مخصوصة، الركن الثالث: السعي بين الصفا والمروة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158]، الركن الرابع: الوقوف بعرفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الْحَجُّ عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر، ليلةَ جَمْعٍ، فقد تم حَجُّه))[5]، ومن فاته عرفة، فقد فاته الْحَج، لكن من وقع له عارض فوقف قبل أن يطلع الفجر الثاني من يوم النحر، فقد أدرك الوقوف. فاللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، آمين. (تتمة الدعاء). [1] رواه مسلم، برقم: 16. [2] رواه أحمد، برقم: 10607. [3] رواه النسائي، برقم: 3432. [4] رواه مسلم، برقم: 1336. [5] رواه ابن ماجه، برقم: 3015.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |