التقاء المحدثين من مقاصد الحج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         يوم الرحمة والعتق والتجلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حتى يكون حجنا مبرورا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مضامين خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          لغير الحاج.. كيف نستقبل يوم عرفه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الأدب بين زخارف الأقوال وعبودية ذي الجلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          عيد الأضحى المبارك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 233 - عددالزوار : 27504 )           »          مؤسسة تكوين الفكر العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 355 )           »          اليهود قرآننا يلعنهم وأفعالهم تفضحهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          العليم القدير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-06-2023, 06:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,483
الدولة : Egypt
افتراضي التقاء المحدثين من مقاصد الحج

التقاء المحدثين من مقاصد الحج
أبو عاصم البركاتي المصري

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ سيدنا محمد، عليه وآله وصحبه؛ أما بعد:
فقد كان الحج قديمًا مقصدَ العلماء والمحدثين؛ وذلك للفوز بالحُسْنَيَينِ؛ أداء الفرض، وسماع الحديث من محدِّثي الأمصار والبُلدان، فيلتقي التلاميذ بأشياخهم لغرضٍ شريف، ومقصد مُنيف؛ وهو خدمة الأمة بصيانة مصادرها التشريعية من الوحيين؛ قرآنًا وسُنَّة؛ وذلك بنقل الحديث النبوي، فهذا يحدِّث وذاك يتحمل عنه، وما كان لقاء المشارقة بالمغاربة، ولا أهل الشام بأهل اليمن والحجاز غالبًا إلا في الحج، وهذا أغناهم عن كثير من تجشُّم العَنَتِ والمشاقِّ في الرحلة لتحمُّل الحديث، وإن كان للرحلة في طلب العلم فضلٌ عظيم لا يُنكَر، دلَّت عليه النصوص من القرآن والسنة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 27، 28]، والمنافع: منافع الدنيا بالتجارة، والتعارف والتآلُف، ومنافع الآخرة بالعفو والمغفرة، وتقديم الهَدْيِ، وتحصيل العلم.

وفي هذا البحث نذكر بعض المحدثين، وكيف أنهم جعلوا من مقاصد الحج التحمل والأداء للحديث النبوي الشريف، ونبين حرصهم على ذلك؛ فهذا:
عبدالرزاق بن همام الصنعاني رحمه الله يحدِّث بمكة، ويأخذ الحديث بالمدينة عن مالك بن أنس رحمه الله:
ورد عن عبدالرزاق الصنعاني قال: "قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فمضيت فطُفْتُ وتعلقت بأستار الكعبة، وقلت: يا رب، ما لي؟ أكذَّاب أنا؟ أمدلِّس أنا؟ قال: فرجعت إلى البيت فجاؤوني"[1].

وعن عبدالرزاق قال: "حججت، فقدمت المدينة للدخول على مالك بن أنس، فحجبني ثلاثة أيام، ثم أذِن للناس، فدخلت معهم، وإذا به جالس على الخزِّ يتقلب في فرش الحرير، فقلت: حدثني معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن في جهنم رحًى تطحن جبابرة العلماء طحنًا))، فقال مالك: من هذا الذي يروي عن معمر؟ فقلت: أنا عبدالرزاق بن همام، فقال: يا أبا بكر، وإنك لَهو، والله ما علمت بقدومك، ولو علمت لتلقيتك، ثم أخرج إليَّ كُتُبه فكتبت منها ثم رحلت"[2].

الليث بن سعد المصري وسماعه للحديث أثناء الحج بمكة:
قال ابن بكير: "حج الليث بن سعد سنة ثلاث عشرة، فسمع من ابن شهاب بمكة، وسمع من ابن أبي مليكة، وعطاء بن أبي رباح، وأبي الزبير، ونافع [مولى ابن عمر]، وعمران بن أبي أنس، وعدة مشايخ في هذه السنة"[3].

وورد أن الليث بن سعد قال: "جئت أبا الزبير [المكي]، فأخرج إلينا كُتُبًا، فقلت: سماعك من جابر؟ قال: ومن غيره، قلت: سماعك من جابر؟ فأخرج إليَّ هذه الصحيفة"[4].

وقال ابن بكير: "قال الليث: دخلت على نافع فسألني فقلت: أنا رجل من أهل مصر، قال: ممن؟ قلت: من قيس.

قال ابن رفاعة، قال أو رجل من قومه، قال: الليث؟"[5].

شعبة بن الحجاج وسؤاله عبدَالله بن عطاء في الحج:
وهذه قصة لشعبة بن الحجاج تبين مدى حرصه على التثبت من الحديث في الحج؛ أخرج ابن حبان في "المجروحين" (1 /33) بسنده إلى نصر بن حماد (أبي الحارث الوراق)، قال: "كنا بباب شعبة ومعي جماعة، وأنا أقول لهم: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن عطاء، عن عقبة بن عامر في الوضوء[6]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلطمني شعبة لطمة ودخل الدار، ومعه عبدالله بن إدريس، قال: ثم خرج بعد ذلك وأنا قاعد أبكي، فقال لعبدالله بن إدريس: بعدُ هو يبكي؟ فقال عبدالله: إنك لطمت الرجل، فقال: إنه لا يدري ما يحدث، إني سمعت أبا إسحاق يحدث بهذا الحديث عن عبدالله بن عطاء، فقال لأبي إسحاق: من عبدالله هذا؟ فغضب، فقال مسعر [بن كدام]: إن عبدالله بن عطاء حيٌّ بمكة، قال: فخرجت من سَنَتِي إلى الحج ما أريد إلا الحديث، فأتيت مكة، فسألت عن عبدالله بن عطاء، فدخلت عليه، فإذا فتًى شابٌّ، فقلت: أي شيء حدثني عنك أبو إسرائيل؟ فقال لي: نعم، قلت: لقيت عقبة؟ قال: لا، ولكن سعد بن إبراهيم حدَّثَنِيه، قال: فأتيت مالك بن أنس وهو حاج، فسألته عن سعد بن إبراهيم، فقال لي: ما حج العام، فلما قضيت نسكي مضيت إلى المدينة، فأتيت سعد بن إبراهيم، فسألته عن الحديث، فقال لي: هذا الحديث من عندكم خرج، فقلت له: كيف؟ قال: حدثني زياد بن مخراق، قلت: دمر على هذا الحديث، مرة كوفي، ومرة مكي، ومرة مدني، قال: فقدمت البصرة، فأتيت زياد بن مخراق، فسألته عن الحديث، فقال: لا ترده، فقلت: ولِمَ؟ قال: لا ترده، فقلت: ليس منه بدٌّ، قال: حدثني شهر بن حوشب، قلت: دمر على هذا الحديث[7]، والله لو صح هذا الحديث كان أحب إليَّ من أهلي ومالي".

الإمام أحمد بن حنبل ولقاءاته في الحج:
وورد عن أحمد أنه قال: "خرجت إلى سفيان بن عينية في سنة سبع وثمانين ومائة إلى مكة، فقدمناها وقد مات الفضيل بن عياض، قال: وهي أول سنة حَجَجْتُ فيها، وأقمت بمكة سنة سبع وتسعين، وخرجنا سنة ثمانٍ وتسعين، وأقمت سنة تسع وتسعين ومائة عند عبدالرزاق [يعني باليمن]، قال: وحججت خمس حجج، منها ثلاث راجلًا، أنفقت في إحداهن ثلاثين درهمًا، وفي رواية: عشرين درهمًا"[8].

ويقول محمد بن الفضل البزاز: "حججت مع أحمد بن حنبل، ونزلنا في مكان واحد، فلما صليت الصبح، دُرتُ المسجد، فجئت إلى مجلس سفيان بن عيينة، وكنت أدور مجلسًا مجلسًا؛ طلبًا لأحمد بن حنبل، حتى وجدت أحمد عند شاب أعرابي وعلى رأسه جمة، فزاحمته، حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبدالله، تركت ابن عيينة وعنده الزهري وعمرو بن دينار وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما الله به عليم، فقال لي: اسكت، فإن فاتك حديث بعلوٍّ تجده بنزول، ولا يضرك في دينك ولا في عقلك، وإن فاتك عقلُ هذا الفتى أخاف ألَّا تجده إلى يوم القيامة، ما رأيت أحدًا أفقه في كتاب الله عز وجل من هذا الفتى القرشي، قلت: من هذا؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي"[9].

الإمام علي بن المديني وسماعه من سفيان بن عيينة أثناء الحج:
قال الترمذي في "سننه" (5/ 163): "قال أبو مزاحم السمرقندي: سمعت علي بن المديني يقول: حججت حجةً وليس لي همة إلا أن أسمع من سفيان [بن عيينة]، يذكر في هذا الحديث الخبر حتى سمعته يقول: حدثنا عمرو بن دينار، وقد كنت سمعت هذا من سفيان من قبل ذلك، ولم يذكر فيه الخبر.

والمعنى أن سفيان حدَّث به، فقال حدثنا عمرو بن دينار، وكان يرويه قبل ذلك بالعنعنة، والحديث في قصة موسى والخضر عليهما السلام".

الإمام جعفر الباقر يحج ليلقى أهل الحديث:
قال أبو جعفر محمد بن علي: "إنه ليزيدني في الحج رغبةً لقاء عمرو بن دينار؛ فإنه كان يحبنا ويفيدنا"[10].

أيوب السختياني ولقاءاته بالمحدثين في الحج:
يقول أيوب السختياني: "إن مما يزيدني رغبة في الحج وحضوره أن ألقى إخوانًا لي فيه، لا ألقاهم في غيره"[11].

عبيدالله بن عمر يتحرى لقاء المحدثين من أهل العراق بالحج:
قال أيوب بن سليمان بن بلال: "قلت لعبيدالله بن عمر: أراك تتحرى لقاء العراقيين في الموسم، قال: فقال: والله ما أفرح في سنتي إلا أيام الموسم، ألقى أقوامًا قد نوَّر الله قلوبهم بالإيمان، فإذا رأيتهم ارتاح قلبي، منهم أيوب"[12]؛ منهم: أيوب يقصد: أيوب السختياني إمام المحدثين.

هارون الرشيد رحمه الله يطلب الحديث لأبنائه أثناء الحج:
ولما حج هارون الرشيد أرسل إلى سفيان بن عيينة، فأمره أن يحدِّث بنيه، فقال: يا أمير المؤمنين، قد سألني الناس فامتنعت عليهم، ولكني أجلس لبنيك وللناس، فقال: نعم، فلما جلس صاح به الناس: سألناك الجلوس لنا فأبيتَ علينا، فلما جاءك المال والجائزة جلست، فقال للمستملي: أنصتهم لي، فصاح المستملي: صه صه، فسكت الناس، فأخرج سفيان بن عيينة رأسه إليهم، وقال: حدثني الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما شيء أحل وأطيب من ثلاثة: صَدَاق الزوجة، والميراث، وما أتاك الله به من غير مسألة، فإنه رزق ساقه الله إليك))، والله ما جئت هذا الرجل ولا سألته شيئًا من ماله، ولو وجه إليَّ شطر ماله لقبِلته، ثم أدخل رأسه ولم يحدثهم في ذلك الموسم بشيء"[13].

الإمام الأوزاعي يطلب العلم والحديث أثناء الحج:
قال الأوزاعي: "حججت، فلقيت عبدة بن أبي لبابة، فقال لي: هل لقيت الحكم [بن عتيبة]؟ قلت: لا، قال: فالْقَهُ، فما بين لَابَتَيها أفقهُ منه"[14].

وقال عون بن حكيم: "حججت مع الأوزاعي، فلما أتى المدينة، وأتى المسجد، بلغ مالكًا مَقْدَمُه، فأتاه فسلَّم عليه، فلما صليا الظهر، تذاكرا أبواب العلم، فلم يذكر بابًا إلا ذهب عليه الأوزاعي فيه، ثم صلوا العصر فتذاكرا، كل يذهب عليه الأوزاعي فيما يأخذان فيه، حتى اصفرت الشمس، أو قرب اصفرارها، ناظَرَه مالك في باب المكاتبة، والمدبر، فخالفه فيه"[15].

أمير الحج يريد أن يكتب عن أبي عبدالله سفيان الثوري:
عن مفضل بن مهلهل قال: "حججت مع سفيان [الثوري] فوافينا بمكة الأوزاعيَّ، فاجتمعنا في دار، وكان على الموسم عبدالصمد بن علي، فدقَّ داقٌّ البابَ، قلنا: من ذا؟ قال: الأمير.

فقام الثوري فدخل المخرج، وقام الأوزاعي فتلقاه، فقال له: من أنت أيها الشيخ؟ قال: أنا الأوزاعي، قال: حياك الله بالسلام، أما إن كتُبك كانت تأتينا فنقضي حوائجك، ما فعل سفيان؟ قال: فقلت: دخل المخرج، قال: فدخل الأوزاعي في إثره، فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك، فخرج سفيان مقطبًا فقال: سلام عليكم، كيف أنتم؟ فقال له عبدالصمد: أتيت أكتب عنك هذه المناسك، قال: أولًا أدلك على ما هو أنفع لك منها؟ قال: وما هو؟ قال: تَدَعُ ما أنت فيه، قال: وكيف أصنع بأمير المؤمنين؟ قال: إن أردت كفاك الله أبا جعفر[16]، فقال له الأوزاعي: يا أبا عبدالله، إن هؤلاء ليس يرضَون منك إلا بالإعظام لهم، فقال: يا أبا عمرو، إنا لسنا نقدر أن نضربهم، وإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى، قال مفضل: فالتفت إليَّ الأوزاعي، فقال لي: قم بنا من ها هنا، فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالًا، وإن هذا ما يبالي"[17].

الإمام البخاري يطلب الحديث بمكة:
وقال البخاري: "ثم خرجت مع أمي، وأخي أحمدَ إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها، وتخلَّفت في طلب الحديث"[18].

قال محمد بن أبي حاتم: "سمعت أبا عبدالله محمد بن إسماعيل يقول: ثم خرجت مع أبي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها، وتخلفت في طلب الحديث، فلما طعنت في ثماني عشرة سنة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيدالله بن موسى، وصنفت كتاب (التاريخ) إذ ذاك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة، وقلَّ اسم في (التاريخ)، إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب"[19].

العلماء من الأمصار يسألون عن عبدالله بن لَهِيعَةَ أثناء الحج:
هذا الإمام مالك بن أنس يسأل عن ابن لهيعة، ويود لو أن ابن لهيعة قصد الحج حتى يلقاه؛ فعن إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر، قال: "أنا حملت رسالة الليث إلى مالك، وأخذت جوابها، فكان مالك يسألني عن ابن لهيعة، فأخبره بحاله، فقال: ليس يذكر الحج؟ فسبق إلى قلبي أنه يريد السماع منه"[20].

وهذا الإمام سفيان الثوري رحمه الله يقول: "حججت حِججًا لألقى ابن لهيعة"[21].

وهذا عبدالرحمن بن مهدي عليه رحمة الله يود السماع من عبدالله بن لهيعة رحمه الله؛ قال محمد بن معاوية: "سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول: وددت أني سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث، وأني غرمت مودًى؛ كأنه يعني: ديةً"[22].

وهذا ابن ملاس يلتقي بابن عيينة أثناء الحج:
وجاء في "سير أعلام النبلاء" للذهبي (12/ 354)، في ترجمة ابن ملاس أبي جعفر محمد بن هشام الدمشقي، قال: "ولقيت ابن عيينة اثنتين وتسعين ومائة لما حججت، وكثُر الناس عليه، فلم أكتب عنه".

حرص الطلاب على لقاء المحدثة كريمة بنت أحمد الْمَرْوَزِيَّة:
راوية صحيح البخاري:
وجاء في "تاريخ الإسلام" للذهبي (10/ 195: "قال أبو جعفر محمد بن علي الهمذاني: حججت سنة ثلاث، فنعيت إلينا كريمة [بنت أحمد بن محمد بن حاتم، المروزية] في الطريق، ولم أدركها".

الحافظ السلفي وابن السمعاني يطلبان العلم من ابن أبي ذر الهروي راوي صحيح البخاري:
وجاء في "تاريخ الإسلام" للذهبي (10/ 794): أن الحافظ السلفي، قال: "اجتمعنا أنا وأبو مكتوم بن أبي ذر[23] في عرفات سنة سبع وتسعين، لما حججت مع والدي، فقال لي الإمام أبو بكر محمد بن السمعاني: اذهب بنا إليه نقرأ عليه شيئًا، فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، وإذا دخلنا إلى مكة نسمع عليه، ونجعله من شيوخ الحرم، فاستصوب ذلك، وقد كان ميمون بن ياسين الصنهاجي من أمراء المرابطين رغِب في السماع منه بمكة، واستقدمه من سراة بني شبابة، واشترى منه صحيح البخاري، أصل أبيه الذي سمعه منه بجملة كبيرة، وسمعه عليه في عدة أشهر، قبل وصول الحجيج".

ومن النماذج المعاصرة للتعليم والتدريس أثناء الحج:
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله عليه:
كان من عادة سماحة الشيخ رحمه الله أنه يتوجه إلى مكة لأداء الحج في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة تقريبًا، ويمكث في مكة شهرًا كاملًا لأداء الحج وإلقاء الكلمات، وإنجاز الأعمال الخاصة بالحج، ونحو ذلك.

وإذا وصل إلى مِنًى جلس في المصلى حتى يصلي الظهر، ثم يلقي كلمة، ثم يدخل خيمته، وتُقرَأ عليه بعض المعاملات، وتُقرَأ عليه الصحف الصادرة ذلك اليوم، ثم يتغدى، ويصلي العصر بالناس، ويلقي كلمة توجيهية يبين خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم.

ثم يدخل خيمته ويقرأ ما تيسر من المعاملات والكتب، ثم يأخذ قسطًا من الراحة حتى يحين وقت أذان المغرب، فيقوم للصلاة، وبين المغرب والعشاء يجلس في المصلى يلقي كلمة، ثم تُوجَّه إليه الأسئلة المكتوبة والشفوية فيجيب عنها، والناس حاضرون يستمعون.

وبعد العشاء من ذلك اليوم يكون لديه موعد لإلقاء محاضرة في بعض المخيمات، إما في معسكر الأمن العام، أو الحرس الوطني، أو في بعض مخيمات الجاليات، أو في بعض حملات الحج.

وإذا لم يكن لديه موعد لإلقاء محاضرة جلس في خيمته، وعُرِض عليه ما تيسر من كتب متعلقة بالحج، أو شيء من المعاملات حتى الساعة العاشرة والنصف تقريبًا، ثم يبيت تلك الليلة في مِنًى.

وإذا صلى الفجر يوم التاسع من ذي الحجة؛ يوم عرفة، ألقى كلمة بعد الصلاة، وبيَّن خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم، وأوصاهم بالعناية بالحج، وتجنب كل ما يبطله، أو ينقص ثوابه، ثم يجيب على الأسئلة[24].

الشيخ محمد بن صالح العثيمين يحرص على تعليم الحُجَّاج وتدريسهم:
يروي الشيخ الأستاذ الدكتور سامي بن محمد الصقير تفاصيلَ عن حياة العلامة الراحل، ويقول في هذا الصدد: "إن شيخنا رحمه الله خلال موسم الحج يأتي إلى مكة في أواخر ذي القعدة من كل عام؛ حيث يقوم بإلقاء الدروس بعد كل من صلاة الفجر، وصلاة المغرب بالمسجد الحرام، وبعد صلاة العصر بالمسجد القطري، وذلك يوميًّا، وكان حريصًا على نفع الحجاج، ولا سيما بيان العقيدة الصحيحة وما يحتاج إليه المسلم لعبادة ربه، ثم في أيام الحج يمكث في مخيمه في مِنًى، وكانت له دروس بعد كل صلاة، ويعقبها إجابة عن أسئلة السائلين والمستفتين".

ويضيف: "كان رحمه الله قد يخصص وقتًا لإجابة المستفتين عن طريق الهاتف الثابت؛ رغبة في نفع من لا يتمكنون من الوصول إليه لسؤاله، من خلال رقم هاتف في مخيم مِنًى، ورقم هاتفي لسكنه في مكة".

ويتابع: "شيخنا ابن عثيمين رحمه الله بعد موسم الحج كان يتوجه لمحافظة جدة، فيلقي دروسًا للحجاج في مدينة الحجاج يحثهم على التمسك بالدين الإسلامي، والحرص على العقيدة، ومن أهم ما تميز به الشيخ رحمه الله في الواقع بموسم الحج أنه يحرص على التيسير عن الناس قدر الإمكان؛ اقتداءً بقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((يسِّروا ولا تعسروا، وبشِّروا ولا تنفروا))؛ ولذلك تجد أن فتاوى شيخنا رحمه الله - لا سيما ما يتعلق بالمناسك - تتميز بالتيسير على وفق الضوابط الشرعية، والقواعد المرعية".

كما يروي ابنه عبدالرحيم بن محمد بن عثيمين أنه رحمه الله: "نعم الموجه والمربي لأبنائه؛ فكان حريصًا على توجيههم دينيًّا، ويأتي من أبرزها الحرص على الصلوات، وأداء الطاعات، وكان ينصحنا دائمًا بالتقرب إلى الله، وكثرة العمل الصالح".

وقال: إنه كان يرافق والده رحمه الله في بعض مواسم الحج، "فكان رحمه الله يبدأ برنامجه اليومي من أذان الفجر، وحتى الساعة الثانية عشرة ليلًا، وكانت ما بين فتاوى ولقاءات وزيارات، وتكون راحته بعد الظهر لمدة قرابة نصف ساعة إلى ٤٥ دقيقة".

ويضيف: "في أيام مشعر مِنًى طيلة وقته يكون مشغولًا بالفتاوى والدروس والمواعظ، وكنت حينها في أول مراحل شبابي، وأشعر بالإرهاق في الوقت الذي كان والده الشيخ رحمه الله يملك الهمة والنشاط أكثر من الشباب"[25].

هذا ما تيسر، والله وحده من وراء القصد.

[1] الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي، ص: 357، المكتبة العلمية - المدينة المنورة.

[2] تاريخ دمشق لابن عساكر (36/ 179) وفيه إبراهيم بن عبدالله بن همام؛ قال ابن عساكر: إبراهيم بن عبدالله كذاب، ولا أصل لهذا الحديث من حديث معمر عن الزهري.

[3] تاريخ بغداد (14/ 524)، وتاريخ دمشق (50/ 351)، والمعرفة والتاريخ للفسوي (1/ 166).

[4] المعرفة والتاريخ للفسوي (1/ 166)، وإنما يتثبت من سماعه من جابر؛ لأن أبا الزبير متهم بالتدليس، سيما عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه.

[5] المعرفة والتاريخ للفسوي (1/ 166).

[6] ولفظه: ((من توضأ فأحسن الوضوء، دخل من أي أبواب الجنة شاء))، وصح من طريق أخرجه مسلم (234) عن عقبة بن عامر بلفظ: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلُغ - أو فيُسبغ – الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبدالله ورسوله، إلا فُتِحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)).

[7] قال ذلك لضعف شهر بن حوشب عند المحدثين.

[8] "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان" لسبط ابن الجوزي (15/ 104).

[9] "الجرح والتعديل" (7/ 1130)، وشرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى لأبي شامة، ص: 49.

[10] تاريخ الإسلام (3/ 470) طبعة د/ بشار عواد، دار الغرب الإسلامي.

[11] أخبار مكة للفاكهي (2/ 363).

[12] حلية الأولياء لأبي نعيم (3/4).

[13] بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبدالبر، ص: 32.

[14] المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 794)، تاريخ الإسلام للذهبي (7/ 346).

[15] الرواة عن مالك للرشيد العطار، ص: 324، وسير أعلام النبلاء (7/ 130).

[16] أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي.

[17] تفسير سفيان الثوري، ص: 23، تاريخ بغداد (10/ 219).

[18] "سير أعلام النبلاء" (12/ 395)، "طبقات الشافعية" (2/ 5)،"هدي الساري"، ص: 478.

[19] تاريخ الإسلام (6/ 140)، تحقيق د/ بشار عواد.

[20] تهذيب الكمال (2/ 728)، السير للذهبي (8/ 17).

[21] تاريخ دمشق لابن عساكر (32/ 143).

[22] سير أعلام النبلاء (8/ 17).

[23] أبو مكتوم هو عيسى بن أبي ذر الهروي، أبوه صاحب نسخة أبي ذر الهروي المشهورة لصحيح البخاري.

[24] مستفاد من كتاب جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله، للشيخ محمد الحمد.

[25] تقرير بعنوان: الصقير، يروي محطات من حياة العلامة الشيخ ابن عثيمين في الحج، نقلته من موقع الأستاذ الدكتور سامي بن محمد الصقير حفظه الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.09 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]