المرض والتقصير في الدراسة

[ابوالوليد المسلم]

المرض والتقصير في الدراسة
أ. شروق الجبوري


السؤال:

♦ الملخص:
شابٌّ رسَب في سنوات الدراسة كثيرًا، وأُصيب بالقولون العصبي، ولم يُشْفَ منه، وأصبح مُقصِّرًا في صلاته بعد المحافظة، مع أنه شخصٌ طيبٌ، ويَفعَل الخير، وهو يريد حلًّا.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا شابٌّ ابتُلِيتُ في دراستي منذ أكثر مِن 4 سنوات، فلم أنْجَح، وقد أصبَحتُ في العَقد الثالث مِن عمري، وأنا في مرحلة مهمة من دراستي بعد الثانوية.


أُصبتُ بالقولون منذ 4 سنوات، وفقدتُ أملَ الشفاء منه بعد عدة محاولات علاجية؛ مثل الحجامة والرُّقية والأدوية، ولم يَعُد أمامي إلا التأقلمُ مع المرض، وتركُ العديد مِن الوجبات، وممارسةُ الرياضة، والتحكمُ في نفسيَّتي، ومع ذلك فإن النتائج ليستْ إيجابية أو مُفرحة كثيرًا.


لم أعُد أستطيع الإمساك بالقلم، أو مراجعة دروسي، أو التركيز داخل الحصة، ولا أَعرِفَ ما السبب، أشعُر بالحزن الشديد والكآبة والإحباط، وقد أصبَح إيماني متذبذبًا إلى درجة أني قد أُصلي يومًا، وآخر لا أُصلي، وقد أُصلي كلَّ صلوات اليوم، وفي يوم آخر أُصلي صلاةً واحدةً فقط.


أعلَم أني سأعود إلى صلاة الفجر، لكني أنكسِر، وأعود ثم أَنكسِر، وهذا ما يَحصُل لي دائمًا، لقد انهزَمتُ أمام البلاء وتحطَّمتُ، ودخلَ اليأسُ والإحباطُ أعماقي، ولا أدري ما الحل؟


أرى أن هذا البلاء فوق طاقتي، لكن قد تكون لي أمور أحتسبها عند الله، فأنا كما يقولون عني: شخص طيبٌ، وأعمَل أحيانًا أعمالًا أراها في نفسي كبيرةً، وإن شاء الله هي كبيرة عند الله، وقد تكون مُعوِّضةً تقصيري بإذن الله، وسببًا للفرج.



الجواب:

ابني الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، يُسعدنا أن نرحِّب بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يُسدِّدَنا في تقديم ما ينفعُك وينفعُ جميع المستشيرين.

أجد يا بُني - في كلمات وعبارات تضمَّنتها رسالتُك - أن تفسيراتٍ سلبية مِن قِبَلك لمواقف مررتَ بها، قد تسبَّبتْ في حالة يأس واضحٍ لديك، فالإخفاق الدراسي الذي واجهتَه في السنوات الأخيرة، لا بُد أن تتمَّ مواجهتُه بنظرة تقييمٍ ونقدٍ علمي وتربوي؛ لتتعرَّفَ مِن خلالها على أسبابه، وبالتالي يُمكنك علاجُها وتجاوزُها بوصفِها معضلةً دراسية، بينما أجد أنك ترى في هذه المشكلة التربوية (بلاءً)، وتَشحَذ تفكيرك تُجاه تساؤلٍ: (ما الحكمة من ذلك؟)، وهو بالتأكيد قد دفَعك إلى مشاعر يأسٍ قد تصِل إلى مرحلة القنوط والعياذ بالله تعالى!

ولذلك تجد يا بُني أنك تشكو من اليأس، وفي الوقت نفسه أجد أن لومَك لذاتك بسبب التقصير في الصلاة كبيرٌ، وأنك تَشعُر بالرضا والسعادة في إسعاد الآخرين؛ بُغية القربِ من الله تعالى.

ولذا فإن تجاوزك لمشكلتك الحاليَّة، لا يُمكن تحقيقُه إلا من خلال تغيير نظرتك في تفسير الوقائع، وانتقالك من التفسير المظلم إلى التفسير المنطقي والواقعي، وهو ما يُحتِّم عليك التعرفَ على أسباب إخفاقك الدراسي الذي ربما يكون بسبب تراخٍ منك في الاجتهاد، أو عدم اتِّفاق التخصصِ الجامعي مع ميولك وقدراتك الشخصية، أو غير ذلك من المسبِّبات التي ربما تَستدعي تشاورَك مع أحد المختصين التربويين في الكلية.

ولا شكَّ أن اتِّباعك هذا النهجَ في حل هذه المشكلة - وغيرها من المشكلات الحياتية - سيضع قدميك على الطريق السليم في التعامل مع المعضلات وحلِّها، ويُبعدك عن الأفكار والمشاعر السلبية التي تَسبَّبتْ لك في عرَضٍ جسماني، وهو القولون العصبي، وستَرى أن أعراض هذا المرض ستزول مع زوال هذه الأفكار والمشاعر بإذن الله تعالى.

وأخيرًا أسألُ الله تعالى أن يُصلح شأنك كلَّه، ويُرشدَك لِما فيه الخير في الدارين، ويَنفَعَ بكَ، وسنكون سعداءَ بسماع أخبارك الطيبة.