الشعر كوثيقة تاريخية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ثمار الطاعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حقيقة زهد العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الذنب.. وعقوبته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حُسن الخُلُق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          منزلة "الصِّدق" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيف تتحمَّل أذى الآخرين ؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المصارحة... تقوّم النفوس وتقوّي العلاقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إدارة الوقت: أبعاد ثقافية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          سلاحُ "الثِّقةِ" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 31-10-2022, 08:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,875
الدولة : Egypt
افتراضي الشعر كوثيقة تاريخية

الشعر كوثيقة تاريخية


عبد اللطيف المعاني







تعد الوثائق ذات الحمولة الثقافية ذات أهمية كبيرة في بناء النص التاريخي، فهي ذخائر حية تحفظ ذاكرة الشعوب بمختلف تحولاتها الحضارية، والفكرية، والسياسية، والاقتصادية. ويعد الشعر من أهم هذه الوثائق.

فالقصيدة بنية لغوية مركبة يكشف تفاعل عناصرها عن موقف الشاعر[1]،فالشعر ذاكرة وبوح وانفعال وموقف وتجسيد. ولغة خاصة. وخيال يحمل التمرّد على الواقع ليسبح بالمراد والمتمنَّى. ينحو نحو الجمال، ويسعى لدغدغة المشاعر وإثارتها، كما يقوم بتسجيل الملاحم والبطولات، وتوثيق مجريات المجتمع وأحداثه الاجتماعية، وما يتخلله من تفاصيل، وبهذا المعنى فإن علاقة الشعر مع التاريخ هي علاقة وثيقة.



1- شعر أيام العرب وقيمته التاريخية:


لم يكن الشعر العربيُّ القديم، بمعزلٍ عن تأريخ الأحداث والموقف منها، وإعادة صياغتها، وهذا ملاحظٌ لدى الشعراء بشكل جليّ فقد تميزت حياة العرب قبل الإسلام بكونها حياة حربية تقوم على سفك الدمـاء. وكان الشِّعر لا يزدهر إلاَّ في الحرب، لذلك فإنَّ القبائلَ العربية التي لم يكن بينها حروب، ولم تعرف بوقائع وأيام لم يزدهر فيها شعر يقول ابن سلام: "وإنَّما كان يكثر الشعرُ بالحروب التي بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويُغَار عليهم، والذي قلل شعر قريش أنَّه لم يكن بينهم نائرة، ولم يُحاربوا، وذلك الذي قلل شعر عمان..."[2]




فقد أدت الكلمة دورًا مشرفًا في جميع وَقائع القوم، فكان الشعر العربي منذ أقدم العصور يُواكِب المعارك والأيام والحروب، وكان للشعراء دورٌ في المعارك لا يقلُّ عن دور الفرسان فيها. فكانوا يحرِّضون على القتال، ويذكون رُوحَ الحَمِيَّة والحماسة، ويشجعون المقاتلين، ويَستَثِيرون الهمم والعزائم، ويذكرون الأمجاد والأحساب.



وإذا ما انتَهت المعركة رَثَوا أبطالَها وفرسانَها، وافتخروا بما حقَّقه الجيش من انتصار، وما أَوقَع في جند العدو من هزائم، واتَّخذ الشعراء من ذلك كله وسائلَ فخر ودعاية.



وقد بلغ من مشاركة هذا الشعر في المعركة أنْ صار وثيقةً تاريخية مهمَّة عند المؤرخين والباحثين والدارسين، عند تَسجِيل أيام العرب وحروبها، بل هو من أهم الوثائق في هذا الميدان. وسنتناول هنا بعضا من أيام العرب لنرى كيف تفاعل الإبداع الشعري مع الحدث التاريخي.



1-1 شعر حرب البسوس.

نشبت حرب البسوس بين بكر وتغلب، وكلتاهما من ربيعة، وما تذكره الوثائق التاريخية حول أسباب هذه الحرب، أن كليبا قتل ناقة البسوس مما جعل جساساً يقوم بقتله لكن استقراء الوثائق التاريخية يكشف عن أسباب أخرى بعضها اجتماعي يعود إلى طبيعة التنظيم القبلي في المجتمع الجاهلي فالنص التاريخي يصّور كليبا ملكًا قويًا شديداً و يشير إلى سيطرته المطلقة في إقليمه المحلي. "لما فض كليب بن ربيعة جموع اليمن في خزازى وهزمهم اجتمعت عليه معد كلها وجعلوا له قسم الملك وتاجه ونجيبته وطاعته، وغبر بذلك حينا من دهره ثم دخله زهو شديد وبغى على قومه لما هو فيه من عزة وانقياد معد له، حتى بلغ من بغيه، أنه كان يحمي مواقع السحاب، فلا يرعى حماه، وإذا جلس لا يمر أحد بين يديه إجلالًا له، ولا يحتبي أحد في مجلسه غيره، و لا يغير إلا بإذنه، ولا تورد إبل أحد مع إبله، ولا توقد نار مع ناره، ولم يكن بكري ولا تغلبي يجير رجلاً ولا بعيراً ولا يحمي حمى إلا بأمره..."[3]، كما أنه يبرز أهمية المياه للقبيلة العربية، فالوسط الطبيعي الصحراوي يجعل القبيلة ترتحل طلبا للماء، بل تقاتل غيرها من القبائل للاستحواذ على مصادر الماء"...ثم ظعن ابنا وائل بعد ذلك; فمرت بكر على نهي يقال له شبيب، فنفاهم عنه وقال: لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على نهي آخر يقال له الأحصى، فنفاهم عنه وقال لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على بطن الجريب فمنعهم إياه، فمضوا حتى نزلوا الذنائب، وأتبعهم كليب وحيه حتى نزلوا عليه، فمر عليه جساس ومعه ابن عمه عمرو بن الحارث بن ذهل، وهو واقف على غدير الذنائب، فقال له: طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشاَ! فقال كليب: ما منعناهم من ماء إلا ونحن له شاغلون. فقال له هذا كفعلك بناقة خالتي، فقال له: أوقد ذكرتها! أما إني لو وجدتها في غير إبل مرة لاستحللت تلك الإبل، أتراك مانعي أن أذب على حماي! فعطف علية جساس فرسه فطعنه برمح"[4] ويبين المصدر التاريخي كذلك طبيعة نفسية الإنسان الجاهلي فهو معتز بنفسه لا يقبل أن يشاركه أحد مكانته ولو في المشاعر والأحاسيس" حدث مرة أن دخل كليب على امرأته جليلة فقال لها فقال هل تعلمين على الأرض أمنع مني ذمة؟ فسكتت، ثم أعاد عليها الثانية فسكتت، ثم أعاد عليها الثالثة فقالت: أخي جساس وندمانه ابن عمه عمرو المزدلف بن أبي ربيعة بن ذهل ابن شيبان.



فسكت كليب ومضت مدة، وبينما هي تغسل رأسه وتسرحه ذات يوم إذ قال لها من أعز وائل؟ قالت أخواي جساس وهمام. فنزع رأسه من يدها وخرج. وكانت لجساس خالة اسمها البسوس بنت منقذ جاءت ونزلت على ابن أختها جساس... ولها ناقة خوارة ومعها فصيل لها فلما خرج كليب غاضبا من قول زوجه جليلة رأى فصيل الناقة فرماه بقوسه فقتله..."[5]



وتستمر الرواية التاريخية في إبراز دور العامل النفسي فيما قام به كليب "ثم إن كليبا أعاد القول على امرأته فقال من أعز بني وائل؟ فقالت أخواي! فأضمرها في نفسه وأسرها وسكت، حتى مرت به إبل جساس وفيها ناقة البسوس، فأنكر الناقة، ثم قال: ما هذه الناقة؟ قالوا لخالة جساس. فقال: أو بلغ من أمر ابن السعدية أن يجير علي بغير إذني؟ إرم ضرعها يا غلام، فأخذ القوس ورمى ضرعها فاختلط دمها بلبنها."[6]

كما يحضر عامل آخر يعد من القيم الجاهلية وهو حفظ الجوار، فحينما رأت البسوس ما حل بناقتها وهي في جوار ابن أختها أنشدت[7]



أيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل

فإني في قوم عن الجار أموات



ودونك أذواذي إليك فإنني

محاذرة أن يغدروا ببنياتي



لعمرك لو أصبحت في دار منقد

لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي







مما جعل جساسا يطلب منها السكوت ويعدها بالانتقام، ولذلك سميت هذه الأبيات بالموثبات لأن البسوس لما أنشدتها أوغرت الصدور[8]،وهنا يظهر دور الكلمة في نشوب حرب البسوس.



إذا كانت الوثيقة التاريخية قد كشفت السياق الاجتماعي والنفسي الذي كان وراء مقتل كليب، فإن الإبداع الشعري سيكشف عن آثار هذه الحرب النفسية. فبكاء المهلهل أخاه كليبا يبرز مدى عمق الأثر الذي خلفه هذا الحادث في نفسيته ومن ذلك قوله:[9]



أن في الصدر من كُلَيْب شجونا

هَاجِسَاتٍ نَكَأْنَ مِنْهُ الْجِرَاحَا



أَنْكَرَتْنِي حَلِيلَتِي إذْ رَأَتْنِي

كاسفَ اللونِ لاَ أطيقُ المزاحا



يَا خَلِيلَيَّ نَادِيَا لِي كُلَيْباً

وَاعلما أنهُ ملاقٍ كفاحا



يَا خَلِيلَيَّ نَادِيا لِي كُلَيْباً

وَاعْلَمَا أَنَّهُ هَائِماً مُلْتَاحَا



يَا خَلِيلَيَّ نَادِيَا لِي كُلَيْباً

قبلَ أنْ تبصرَ العيونَ الصباحا



ويحَ أمي وَويحها لقتيلٍ

مِنْ بَنِي تَغْلِبٍ وَوَيْحاً وَوَاحَا



يَا قَتِيلاً نَمَاهُ فَرْعٌ كَرِيمٌ

فقدهُ قدْ أشابَ مني المساحا



كيفَ أسلو عنِ البكاءِ وَقومي

قَدْ تَفَانَوْا فَكَيْفَ أَرْجُو الْفَلاَحَا










يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 160.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 158.85 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.07%)]