|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاعتبار في قصة أصحاب الكهف ساير بن هليل المسباح إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها المسلمون: إن من السنن المأثورة التي تتابع الناس على فعلها، قراءة سورة الكهف يوم الجمعة. هذه السورة التي ذكر الله تعالى فيها غرائب القصص التي كانت على غير ما ألِفه الناس من الحكايات والمرويات، ثلاث قصص لا تدري أيتها أغرب من الأخرى: أصحاب الكهف، وموسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج. وعمدة هذه القصص الثلاث هي قصة أصحاب الكهف؛ ولهذا سميت السورة بهذا الاسم. الفتيان الذي آوَوا إلى الكهف؛ هربًا بدينهم من قومهم الكافرين، فلبثوا في كهفهم ثلاثمائةٍ سنين، وازدادوا تسعًا. إن أحد جوانب هذه القصة هو الفرار بدين الله من الظالمين، ومن ديار الظالمين إلى مكان يعبدون الله فيه بأمان، هذا جانب من القصة؛ وهو جانب معروف. وهناك جانب آخر قلَّ من يلتفت إليه، وهو جانب رئيسي في القصة، حريٌّ بكل مؤمن أن يقف عنده، وينظر لنفسه وحياته في ضوئه. يقول الله تعالى في الآية الثانية عشرة من السورة: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾ [الكهف: 12]، هذه الآية هي روح القصة ولبها؛ كما قال تعالى في الآية الحادية والعشرين: ﴿ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ﴾ [الكهف: 21]. هناك حزبان، وهناك نزاع في قضية، نزاع في البعث واليوم الآخر، نزاعٌ ليس على ما كان عليه حياة هؤلاء الفتيان المؤمنين، إنما هو نزاع نشأ بعد غيابهم بأكثر من ثلاثمائة سنة. فكان ما حدث لهؤلاء الفتية من طول مدة اللبث والتغير في هيئاتهم وأجسامهم؛ كما قال الله: ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ [الكهف: 18]، فكانوا بكل ما مروا فيه إنما هم دليل على حل نزاعٍ، وفك خصامٍ يقع بعدهم. فما قيمة الحياة الدنيا التي نُقيم لها أعظم الأوزان، هل تظن أن حياتك أهم من حياة هؤلاء الفتيان الذين ذكرهم الله في كتابه، وكانوا مجرد دليل على خلاف سيحدث بعدهم؟ ارجع إلى نفسك واسألها: هل تستحق الحياة هذه الخصومات التي تعيشها، وهذه الحروب التي تخوضها؟ تظن أن حياتك أهم حياة، وأن شخصك أهم الأشخاص، تظن أن الناس منشغلة بك وبأخبارك. ما تدري لعلك لا تُذكر بعد موتك، بل لعلك تُذكر في قضية هامشية، كدليل على أمر لا يستحق. هذا إن ذُكرت، وقد لا تُذكر مطلقًا، كما هو الشأن في كثير ممن عاش على هذه الأرض، ثم انقضت حياته بكل ما فيها من خصومات وأحداث ومعارك، فارفق بنفسك وخلصها من أمراض الكبر والظلم، والوهم الكبير، واعبد الله كما أمرك، وكن رفيقًا مع عباد الله، يكُنِ الله رفيقًا بك. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وإثم وخطيئة؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره إلى يوم الدين؛ أما بعد: أيها المسلمون: ينبغي لكل فرد أن يراجع نفسه، ويقف معها وقفات وينظر في شأنه، وشأن من حوله، هل تستحق هذه الحياة هذه العداوات القائمة، وهذه النزاعات المستمرة؟ فهو يخرج من نزاع إلى آخر، ومن خصامٍ إلى غيره، كل حين يخسر أخًا، أو يفقد صديقًا، أو يعادي قريبًا. والحقيقة الواضحة أن هذه الحياة متاع، وأن الآخرة هي دار القرار. هدانا الله وإياكم معرفة الحق والتزامه، ومعرفة الباطل واجتنابه. اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المجاهدين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك حبك، وحب عمل يقربنا إلى حبك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم احفظنا بحفظك، ووفقنا إلى طاعتك، وارحمنا برحمتك، وارزقنا من رزقك الواسع، وتفضل علينا من فضلك العظيم، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم أصلح إمامنا ولي أمرنا، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وفجور الفاجرين، واعتداء المعتدين. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |